»ينبغي ان يحدث ذلك لك« عنوان فيلم، لكنه أشبه ما يكون بنبوءة استثنائية أطلقت عام ٣٥٩١، لكننا نلمس صداها اليوم في كل ما حولنا.

لقد »حدث الأمر« وانتهي، هذا ما يمكن ان نقوله الآن ونحن نرى الطريقة التي باتت فيها الصورة تشكل حياتنا، من الصعود الاستثنائي للسينما، إلى الرواج الأكثر استثنائية للشاشة الصغيرة التي باتت تتواجد في البيوت بأعداد تفوق أعداد الغرف واعدد أفراد العائلة، إلى البرامج الحية والميتة التي تحولت إلى حالة من الهوس العام.

ورغم ان حكاية الصورة والحس بأهميتها، أو بخطرها، حكاية قديمة، منذ ان شاهد الروائي العالمي الكبير تولستوي واحدا من أشرطة السينما: »ان هذا الاختراع الجديد الذي له يد تدور سوف يحدث ثورة في حياتنا ـ نحن الكتّاب« هكذا قال، ولكنه لم يفطن إلى تلك الثورة التي سيحدثها هذا الاختراع في حياة القراء أو المواطنين، وقد كان تولستوي على يقين حسب قول موريس بيجا: ان على الكتّاب »منذ اليوم« ان يكيّفوا أنفسهم.

لم يكن تولستوي يتخيل ما سيحدث، وأن اليد الدوارة التي تحرّكها يد بشرية لكي يستمر عرض الفيلم، سيتم استبدالها بأشياء لا يمكن تصورها، وأن الفيلم الذي يُعرض في الصالة المغلقة بين فترة وأخرى سيتحول إلى جزء أساس من حياة البشر في الغرف المضاءة وعلى مدى أربع وعشرين ساعة في اليوم، وعبر مئات المحطات الفضائية المتاحة، وما لم يقدر تولستوي على تصوره في ذلك الزمان البعيد، لم نكن نحن بدورنا قادرين على تصوره، في الزمن القريب، وأعني هنا أواسط السبعينات مثلا.

لكن الصورة، وإن كانت مفردة السينما الأولى، كما الكلمة مفردة اللغة، إلا ان استخدامات الصورة اتسعت بما لا يقاس إذا ما قورنت بالمفردة في اللغة، التي ظلت لغة وفي حدود استخداماتها التي يبدو دائما ان لها سقفا، في حين راحت الصورة تتسع وتتجاوز كل السقوف بما في ذلك سقف خيالنا، ليس كقراء فقط، بل ككتاب. وأصبح السؤال الأكثر ترددا في حياتنا المعاصرة »هل رأيت؟« وقد كان حتى زمن قريب »هل قرأت؟!«

وبالعودة لما »ينبغي ان يحدث ذلك لك«، وقد شاهدتُ هذا الفيلم من زمن طويل، لكنه ترك أثرا استثنائيا في ذاكرتي وظل يمور في داخلي كواحد من أجمل الأعمال السينمائية التي شاهدتها، الأعمال التي تخرج من ركام الفيض الهائل للأفلام، وقد تحولت السينما إلى تجارة، خاضعة لمتطلبات السوق، في معظم حالاتها. بالعودة إلى هذا الفيلم، يتبين لنا ان تلك الفتاة الشقراء النكرة، التي تصل إلى نيويورك، لا تملك من هذا العالم سوى بعض مدخراتها، وترفعها على ذلك الخطيب الأقل من طموحات »شقارها« أو شعرها الأصفر.

فتاة عادية تماما، شبه ساذجة، تلفت نظرها ذات يوم، وهي تعاني من وطأة »الحياة التي لا تليق بها« لوحةُ إعلانات في واحد من ميادين مانهاتن، تلمع الفكرة فورا في ذهنها، وتقرر استئجار تلك اللوحة.

لم تكن تلك الفتاة التي تؤدي دورها جودي هوليدي تعرف أو تتصوّر حجم ذلك التحوّل الذي سيطرأ على حياتها بسبب قرارها هذا، لكنها بدأت خطوتها الأولى، الخطوة التي ستقلب حياتها تماماً.

بعد أيام نرى صورتها الكبيرة تغطي لوحة الإعلانات وتحتها قد سُطر اسمها بخط كبير.

كل من يمر في ذلك الميدان، لا بدّ له من ان يرى تلك الصورة ويقرأ ذلك الاسم، دون ان يعرف تماماً ما الذي يعنيه ذلك، لكن، وفي أعماق كل شخص لا بد ان تتكون صورة لائقة مُكبرة للدور الكبير لامرأة عملت الكثير كي تحتل صورتها قلب هذا المكان!

بفرح وسذاجة تتأمل الشقراء صورتها، ولكن إحساسها بكل ما حولها يبدأ بالتغيّر، إنها معرفة!! إنها أكثر تميزاً من كل أولئك الذين يدورون حولها، ويخطبون ودّها، بما فيهم ذلك الخطيب الطيّب الذي تبدأ صورته بالتضاؤل شيئا فشيئا مع ما أصبحت عليه صورتها.

إنها تنظر للجميع من عل، وقد أصبحت صورتها على هذا المستوى من الارتفاع. الخطوة الكبرى التالية، هي الصراع الذي يبدأ فجأة بين شركات كبرى على استئجار هذه اللوحة نظراً لأهمية موقعها، وهكذا يبدأ البحث عن صاحبة الصورة التي تحولت إلى نجمة لا يعرف أحد عنوانها، أو أي إنجاز من إنجازاتها، وما الذي أهّلها لتحتل هذه المكانة دون نجوم السينما والثقافة والمجتمع وما تقدمه الصناعة من منتجات.

يتألق كاتب السيناريو غارسون كانين والمخرج جورج كيوكور بدفع الأمور إلى درجة أعمق، حين يبدأ رجال الصناعة بالبحث عن هذه الشقراء لإجراء مفاوضات معها، بغية إقناعها بالتنازل عن هذه اللوحة مهما كان الثمن الذي تريده، ولكن الشقراء التي باتت المسافة التي تفصلها عن خطيبها ضوئية، لا تريد المال، بل ما هو أكثر منه »الشهرة«، ولذلك ترفض كل العروض باستثناء ذلك العرض الذي تستطيع بموجبه استبدال تلك اللوحة بعدد كبير من اللوحات في عدد من الأماكن العامة المهمة للغاية، ومن بينها محطات القطارات، المطارات، وغيرها.

ليس ثمة مبرر للحديث هنا عما سيحدث لها، وسيحدث لنا »الجمهور العريض« وقد باتت صورتها أكثر انتشارا، وقد تحولت إلى نجمة كبيرة، مثل أهم نجمات السينما، أهم السياسيين، الشعراء والكتاب، وباتت فرصة اللقاء بها حلما يراود الكثيرين!!

ربما هنا، بالذات، تكمن واحدة من أهم معاني عنوان هذا المحور الخطير »سطوة الصورة«، هذا الأمر الذي بتنا اليوم أسراه بلا منازع. ولذلك كان الأمر يحتاج إلى لملمة تفاصيل ما حدث في المشهد الصغير وأعني هنا »صورتها واسمها« إلى المشهد الواسع وأعني عيون الناس والقناعات التي تشكلت لديهم حول صاحبة الصورة، القناعات العمياء التي لا تخضع لأي مساءلة عقلية، القناعات القارّة التي لا نقاش فيها، القناعات التي تقول »ما دمت تملك صورة بهذا الحجم فإنك بالتأكيد شخص مهم للغاية، إنك نجم مجتمع، واحد من العباقرة الذين يتطلع الجمهور لملامستهم والتبرّك بتوقيعهم الذي يتحول إلى تميمة بشكل أو بآخر.

كان على الشقراء ان تنطق اسمها مرتين، مرة بصورة منخفضة، ومرة بصورة عصبية، حين أعادت تلك المرأة توجيه السؤال لها في واحد من الأماكن العامة الأكثر اكتظاظا. وبمجرد ان حدث ذلك، عم الصمت فجأة، ثم بدأ الهياج العام، الذي لا يوازيه شيء سوى لحظة حدوث زلزال أو حريق مدمر أو وجود قنبلة على وشك الانفجار.

هكذا تندفع الجموع باتجاه مصدر الصوت، للحصول على توقيعها، الجموع التي تصرخ مرددة اسمها بهستيريا مجنونة، كما لو ان كل واحد أو واحدة من الجمهور قد عثر على أحلامه كلها.

حالة الهياج هذه، هي المحصلة النهائية لمسيرة لا يمكن القول إنها طويلة، بين اليوم الأول الذي التمعت فيه الفكرة إلى تحقق هذه الفكرة ومن ثم اتساعها.

إذن، ينبغي ان يحدث لك ذلك بالفعل، ليس لك كصاحب صورة، بل لك أنت مشاهد هذه الصورة، وبغض النظر عن أي معيار، لأن الأمر يحدث في ظل غياب العقل تماما، كما لو ان كل طاقات ذلك العقل غير قادرة على دحض واقعية وسطوة ما تراه العين.

**

كان ذلك الفيلم يرسم بطريقة فذة ما سيؤول إليه حالنا بعد نصف قرن، ويمهد الطريق رحبا لأفلام أخرى وأعمال أدبية أخرى لتأمّل حال البشر في ظل هذه الشرائط التي باتت تملك قدرة استثنائية على جعل العين تنفتح على آخرها وتغلق تماما في آن.

بعد أربعين عاما من »ينبغي ان يحدث ذلك لك« حدث لنا فعلا، ولم تكن هناك مرافعة ضد العنف مثل تلك التي قدمها أوليفر ستون في فيلمه الكبير »قتلة بالفطرة« عام ٤٩٩١ والذي أحدث دويّاً هائلا في العالم، بل وتحوّل الفيلم ذاته ـ وهناك مناطق مربكة فيه إلى أداة قتْل، إذ ارتكبت بُعَيْدَ عرضه مباشرة عشر جرائم قتل في أمريكا وحدها، بل ووصل الأمر إلى دول أوروبية أخرى، لكن »ستون« واحد من أولئك الذين لا بد للمرء من ان يشاهد أفلامهم، وإن كان تأرجح في بداياته في تطرف كبير، اعتذر عنه لاحقا ونعني فيلم »قطار منتصف الليل« الذي اشتغل فيه مع ألن باركر كواحد من كتاب السيناريو، ويمكن ان نلاحظ في »قتلة بالفطرة« الأثر العميق للفيلم الكبير » الجدار« الذي قدمه ألن باركر استنادا لأغنيات »بنك فلويد« والذي رصد فيه تاريخ العنف المدمر الذي اجتاح القرن العشرين. بل يغدو هذا العنف في فيلم ستون القضيب الثاني لسكة الحديد التي سيمضي فوقها مسرعا قطار الجنون الذي سيقوده ميكي وصديقته مالوري خلال أيام وتكون حصيلته ثلاثاً وخمسين جثة، أما الطرف الأول فهو تلك القوة الجهنمية التي باتت وسائل الإعلام تملكها والقادرة على قلب الحقائق وتنصيب الرموز أيا كانت أعمالهم، وتحويل المجتمع بأسره إلى قطيع يتراكض حول ذلك الذي يستطيع ان يوصل صورته إلى برنامج التلفزيون الأهم، أو إلى غلاف المجلة الأهم، كما لو ان بشرا لا صوَرَ منشورة لهم لا قيمة لهم.

يذهب ستون إلى المنطقة الخلفية التي يجري فيها صناعة العنف، وهكذا فإن صاحب البرنامج الأكثر نجاحا في التلفزيون »مجانين أمريكا« على استعداد لفعل أي شيء من أجل ان يكون له هذا البرنامج الناجح، وهو يتعامل مع المجرمين كأبطال شخصيين له، على الأقل، لأنهم أبطال لعبته، وكلما أوغلوا في القتل كلما كانوا أكثر أهمية، أما الجمهور فهو في نظره ـ كما يقول لفني المونتاج الذي يعيد تركيب إحدى اللقطات ـ مجموع المغفلين السلبيين: »هل تعتقد ان هؤلاء المغفلين السلبيين يذكرون أي شيء؟ هذا طعام غير مغذ للدماغ. لملء الفراغ. عَلَف. أي شيء!!«.

لقد تحول جمهور المشاهدين فعلا إلى قطيع لا يصلح له إلا هذا العلف. يقول ستون »كان عند الأقدمين رؤى، أما نحن فعندنا تلفزيون، لقد أردتُ تصوير فكرة العنف ووصف المحيط، وهما جزء منه، والتلفزيون لا يفعل شيئا سوى ان يبث لهم صورتهم الشخصية والجماعية«.

وكما لو ان تاريخ الصورة هو تاريخ العنف نفسه في زمننا الحديث، يعيد ستون إدانة العنف مستخدماً الصورة نفسها، مستدعيا مقاطع خاطفة من أفلام روائية ووثائقية وصور متحركة وأغلفة مجلات، ويحيل أخطر مشهدين في الفيلم يصوران حياة أسرة مالوري إلى حلقتين من برنامج كوميدي لا يتوقف فيه الناس عن الضحك من خارج الكادر وهم يشاهدون مشهد اغتصاب أو مشهد القتل الرهيب للأب والأم على يد ابنتهما وصديقها ميكي. كل شيء يتحول إلى »عرض« وهذا هو الجزء الخطير من سطوة الصورة هنا.

ان الجريمة الحقيقية يمكن ان يتم تأليفها في البرنامج الواقعي بتوفير شروطها ودفعها للأمام عبر تصعيدها، فحين يتمكن ميكي من السيطرة على سلاح أحد حراس السجن ويبدأ فصلا مجنوناً من القتل، تكون مهمة الصحفي الذي يجري معه المقابلة في الزنزانة الواسعة ان يلتقط ما استطاع من صور المعركة، وحين يتاح له ان يوقف ميكي وقد وجه مسدسه إلى أحد رجال الشرطة، يمسك بعدسة الكاميرا التي يحملها المصور المرافق كما لو أنه يقول له: صور هذا أيها الغبي، وحين يتم له ذلك ويندفع ميكي لعناق صديقته في قبلة محمومة فإن المذيعة التي تنقل الأحداث على الهواء مباشرة تبتسم برضى لهذه النهاية السعيدة التي تحققت للقاتل وصديقته القاتلة.

ما يريده الجمهور نهاية سعيدة إذن، حتى للقتلة، لهذا النوع المجنون من القتلة، لأنه لا يريد سوى »العلف« والعلف هنا موجود بوفرة. يقول ستون: »في السابع عشر من شباط ٤٩٩١ بثت محطات التلفزيون الأمريكية خمسة وأربعين برنامجا حول جرائم القتل، وقدمت في هذه البرامج العديد من المقابلات مع القتلة، هذه المقابلات التي يُقبل على مشاهدتها الجمهور بأعداد كبيرة«.

ليس غريبا والحال هذه ان يتحول الصحفي إلى مجرم وأن يبدأ بإطلاق النار باتجاه رجال الشرطة لكي يحمي بطلي برنامجه »ميكي ومالوري« لكي تكون هناك حلقات أخرى بوجود دماء أكثر تدفقاً، وأن يعلن أنه يحس بأنه قد تحرر أكثر حين بدأ بممارسة القتل وغدا أمام الكاميرا بطلا من أبطال الجريمة وقد اكتفى دائما بدور المحاور. وليس غريبا أيضا ان يتحوّل ذلك المحقق الذي يتابعهما إلى قاتل أيضا، ومغتصب، وهو يسعى للقبض عليهما. وليس غريبا ان يتحول الجمهور إلى ضحايا تتمنى الموت على يد ميكي لأنه مشهور. كما لو أنه حين يقوم بقتلك مجرم مشهور تصبح مشهورا بالضرورة، أو يكون لك من الشهرة نصيب لم تستطع تحقيقه ببقائك على قيد الحياة. ولذلك لا يتورع الجمهور في مقابلات تلفزيونية مع الصحفي نفسه ان يقول على لسان أحد أفراده: إنهما رائعان.

ويقول آخر موجّها كلامه للمجرمَين: أنتما الأفضل في عالم القتل.

وترفع فتاة شقراء جميلة جذابة يافطة كتبتْ عليها: أقتلني ميكي.

يعمل التلفزيون هنا على تأليف »الجريمة« وقد تجاوز دوره القديم المتمثل في تقديمها، وهكذا تتحول الصورة إلى أداة طيعة لمن يريد الذهاب بها إلى هذا الحد، الذي ليس هو الأقصى! ففي فيلم آخر لباري لفينسون »واغ ذا دوغ« يتم تأليف حرب في الأستوديو للتغطية على فضيحة جنسية تطال الرئيس قبل أسبوعين من موعد إجراء الانتخابات، فيستعين مستشاره كونراد برين - دي نيرو، بالمنتج الهوليوودي »ستانلي موتس ـ هوفمان« لاختراع التفاصيل ومن بينها سير الإشاعات والنفي المصاحب لها عن التحركات العسكرية، لقطات الفيديو حول اللاجئين، تصاعد الشعور الوطني، ثم الموقع الذي ستشتعل فيه هذه الحرب المخترعة، فيكون ألبانيا. وينجح سيناريو هليري هنكن وديفيد ماميت المقتبس عن رواية عنوانها »البطل« للكاتب لاري بينهارت في تقديم صورة خطيرة عما يمكن ان تقوم به الصورة من وظيفة مضادة لكنهها، باعتبار الصورة هي الحقيقة، إذ يتم تحويلها هنا إلى أداة كذب، وهكذا يمضي الجمهور لمتابعة وقائع حرب على شاشة التلفزيون لا وجود لها على أرض الواقع، من خلال هذه الهندسة الإعلامية الشيطانية.

لا يوجّه الفيلم أصابع الاتهام للسياسة، التي تبدو دائماً، مستعدة لفعل أي شيء في سبيل مصالحها، بل أيضا إلى أولئك الذين يحتكرون قوة الصورة ويسخرونها لتكون في خدمة أصحاب النفوذ.

الأيام البحرينية في 6 أغسطس 2006

 

ضوء ...

فيلم صهيوني أثناء المجازر في لبنان

عدنان مدانات 

كان هناك فيلم تعرضه قناة فضائية عربية متخصصة بعرض الأفلام. شاهدت من الفيلم مقطعاً واحداً من بضع دقائق كانت كافية لإثارة اشمئزازي منه. كان هذا المقطع يلخص الفيلم كله، فلا يحتاج المرء أن يشاهد ما كان قبله وما سيجيء بعده وإلى ما ستؤول نهايته. وفي هذا المقطع من الفيلم ثمة مواطنون دانماركيون يستنفرون همتهم وهمة من حولهم لإنقاذ المواطنين اليهود القاطنين في العاصمة الدنماركية، بعدما علموا بأن القوات الألمانية المحتلة للدنمارك قررت اعتقال يهود المدينة جميعهم في منتصف الليل تماما. وكان الدنماركيون الذين لم يكن أمامهم سوى بضع ساعات فقط لإنقاذ اليهود جميعهم، مستعدين للتضحية بأنفسهم وأولادهم ويدركون مدى المخاطر التي ستهددهم من قبل القوات النازية في حال ساعدوا، كما خططوا، اليهود على الهرب إلى بر الأمان في السويد المجاورة.

لم أتابع بقية أحداث الفيلم بعد أن توقفت مشاهدتي لهذا المقطع بسبب فاصل إعلاني سمح لي بمعرفة عنوانه وهو “معجزة في منتصف الليل”. في ما بعد بحثت في الموسوعة السينمائية على الإنترنت عن أية معلومات عن الفيلم فتبين لي أنه مصنف تحت بند فيلم تلفزيوني وأنه من إنتاج عام 1998. لم اعثر على مقالات عن الفيلم، بل عثرت على مجرد تعليق مقتضب من بضعة أسطر كتبه أحد المشاهدين يلخص فيه موضوع الفيلم ويصل في نهايته إلى استنتاج محدد بعبارة تقول: “كان يمكن لهذا الفيلم أن يكون جيداً لولا أن هذا الغباء غير الواقعي دمره”.

اهتممت بمعرفة معلومات عن هذا الفيلم، ولكن من دون أن أهتم بمشاهدته حتى النهاية، فقط لأنه استفز مشاعري حين تعثرت به فيما كنت أتنقل بين المحطات الفضائية في لحظة استراحة من الاستغراق حتى الألم في متابعة أخبار المجازر “الإسرائيلية” التي كانت ترتكب في اللحظة نفسها ضد لبنان وشعبه العزيز، وتنقلها الفضائيات العربية في بث حي مباشر بالصوت والصورة، بما فيها الفضائية الإعلامية الإخبارية التي تنتمي، ويا للمفارقة الرهيبة، إلى نفس المجموعة الفضائية التي تنتمي إليها قناة الأفلام تلك.

إذن، كان هذا الفيلم الغبي غير الواقعي يبث في اللحظة نفسها التي تعرض فيها المحطة الإعلامية مشاهد مأساوية مباشرة آنية عن آلام المهجرين في لبنان ضحايا القصف “الإسرائيلي” الهمجي الواقعي الحقيقي. وهذا يعني بالنتيجة وجود تناقض صارخ بين سياسة القناة الإعلامية وسياسة القناة الفيلمية، على الرغم من أن أساس الإدارة واحد.

استدعت هذه المفارقة مجموعة أفكار بعضها ذات علاقة بالسينما وارتباطها بالسياسة، وبشكل أدق ذات علاقة بتوظيف السينما في خدمة الدعاية السياسية، والمقصود هنا بالذات الدعاية الصهيونية، وبعضها الآخر، وهذا ما يعنيني في هذه اللحظة، يتعلق بسياسة برمجة العروض في القنوات الفضائية وتحديدا المتخصصة في عرض الأفلام السينمائية. وكان أول سؤال تبادر إلى ذهني هو: هل برمجة الأفلام ذاتية وطنية أم تفرض من الخارج؟ وإن كانت ذاتية وطنية، فمن هذا الخبير السينمائي في هذه المحطة العربية من حيث المنشأ، الخبير المطلع على كل ما أنتجته صناعة السينما الأمريكية من أفلام، القادر على اختيار وبرمجة عروض الأفلام، والذي استطاع نبش هذا الفيلم التلفزيوني القديم، ونقله من رفوف المستودعات ليبثه في هذا الزمن بالذات من خلال شاشة موجهة للجمهور العربي، فيتحدى به مشاعر الألم الناتجة عن مأساة اللبنانيين والمترافقة مع الغضب الشديد على “الإسرائيليين”، أي المشاعر المزدوجة الاتجاه، المهيمنة في نفس الفترة على عواطف وأفكار المشاهدين العرب؟

تمثل هذه المفارقة خلاصة لمجمل توجهات برامج عروض الأفلام الأجنبية الأمريكية في القنوات الفضائية العربية، الأفلام التي هي في غالبيتها، كما هو معلوم، تنتمي إلى نوع أفلام الحركة أو أفلام التشويق البوليسية، وهي توجهات ذروتها دعائية سياسية وفكرية وقاعدتها ترويجية لنمط من الأفلام الترفيهية الاستهلاكية الخالية، في معظمها، من القيمة الفنية الإبداعية ومن الرسالة الأخلاقية، بل ذات الأخلاق المضادة، المضادة على الأقل، لمجتمعاتنا العربية.

بعيداً عن السياسة المباشرة، يمكننا تلمس هذه المفارقة في مجال اجتماعي وأخلاقي مغاير يمكن إدراكه من خلال المقارنة التالية: تمتلئ معظم الأفلام التي تبثها الفضائيات المتخصصة بالأفلام بالسباب البذيء ذي التعبير الجنسي المباشر، وهو سباب تحاول أن تتحايل عليه القنوات، أو بتعبير أدق تحاول أن تتحايل على جماهير مشاهديها، وجلهم يعرفون الإنجليزية أو يتقنونها بدرجة أو بأخرى، وما عادت الكلمات الملفوظة المراد تمويهها بخافية عليهم، عن طريق ترجمتها إلى كلمات وتعبيرات مخففة مواربة، فالكلمة التي يسمعها المشاهدون وتدل على الفعل الجنسي تترجم بكلمة “علاقة”، والشتيمة الجنسية المباشرة تتحول إلى كلمة “تباً” والكلمات الدالة على الخمر تتلخص في كلمة “شراب”، وما شابه ذلك من بدائل تجاور الأصل ولا تلغيه. والمفارقة هنا، كما أوضحها لي ناقد صديق يحمل الجنسية الأمريكية ومتخصص في السينما الأمريكية، أن هذه الأفلام التي تكتظ بمثل هذه الشتائم الجنسية البذيئة المباشرة التعبير التي تصدّر إلى الخارج لا تعرض في قنوات البث التلفزيوني الأمريكية المفتوحة الموجهة لعموم المشاهدين في أمريكا، بل تعرض فقط في القنوات التي يمكن مشاهدتها فقط للمشتركين بما يعرف بتلفزيون “الكابل”، وكي يجري عرضها في القنوات المفتوحة للعامة يتم تجهيز نسخة تخضع للدوبلاج الذي يستبدل بالكلمات البذيئة أخرى أخف وطأة على الأخلاق العامة. وهذا الصديق ذكر لي مثالا من تاريخ السينما الأمريكية يتعلق بفضيحة تسببت في مشكلة ارتبطت بالفيلم الشهير “ذهب مع الريح” الّذي أنتج في العام ،1939 ترتبت عليها مضاعفات جزائية مالية، وذلك بسبب شتيمة بسيطة خالية من البذاءة تلفظ بها كلارك جيبل بطل الفيلم وهي كلمة “اللعنة”. وكانت هذه الواقعة المرة الأولى التي تستخدم فيها الشتيمة في السينما الأمريكية والتي مهدت لهذه الممارسة لاحقا ومن دون ضوابط، باستثناء حصر البث التلفزيوني بالمشتركين.

يمكن النظر إلى المثال المتعلق بعرض الفيلم الصهيوني النزعة في هذا الزمن بالذات على انه مجرد حالة فردية ومصادفة غير حميدة، كما يمكن النظر إليه باعتباره جزءا من سياسة توزيع للأفلام منهجية.

الخليج الإماراتية في 7 أغسطس 2006

ألف وجه لألف عام - «صائد الغزلان» لمايكل تشيمنو:

الحرب وحماقات البشر

إبراهيم العريس  

إذا كان ثمة أمور كثيرة يمكن اعتبارها مشرّفة للفن السابع، الفن الأكثر تقدمية والأكثر إنسانية في طول القرن العشرين وعرضه، على رغم كل شيء، فإن مما يشرف هذا الفن في بعده الأميركي هو انه عرف كيف يقف دائماً ضد الحروب. ليس دائماً ضد حرب محددة، ولكن ضد الحروب عموماً، بوصف الحرب – في نهاية الأمر – فعل قتل وتدمير للإنسان بصرف النظر عمن ينتصر فيها أو يُهزم. وكثر يتناسون، عادة، هذه الحقيقة ليأخذوا على سينما أميركية يتخيلونها لأنفسهم بأنفسهم كونها مجدت الحروب والبطولات الحربية. هذا قد يكون صحيحاً، لكننا نعرف ان من بين معظم الأفلام الحربجية التي حققت في هوليوود، كانت نادرة تلك التي عاشت حقاً واعتبرت تحفاً. هذه الأفلام نظر اليها على انها شرائط مغامرات ودعاوة ايديولوجية. أما الأخرى، الأكثر أهمية، والأكثر بقاء وبالتالي تأثيراً في تاريخ السينما وتاريخ الفن عموماً فكانت أفلاماً ضد الحرب، ضد القتل وتقف الى جانب الانسان. وحسبنا أن نذكر هنا أن واحداً من أوائل الأفلام «الحربية» التي حققت بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية كان «خبزنا كفاف يومنا» الذي صور بؤس الجنود العائدين من الجبهة... بؤسهم على رغم انتصارهم في تساؤل واضح هو: هل ثمة في الحرب من منتصر حقاً؟

> غير ان السينما الحربية الأميركية، كان عليها أن تنتظر انقضاء حرب فيتنام، أو مرور سنوات على بداياتها، حتى تقوم بانتفاضتها الكبرى، الانتفاضة التي عبر فيها كبار المبدعين عن موقف معادٍ تماماً للحرب، ولا سيما للحرب الظالمة التي شنتها أميركا ضد فيتنام، وستنتهي - كما نعرف – بإخفاق أميركي تام. سينما حرب فيتنام كانت الامتحان الأكبر والأصعب الذي خاضه السينمائي الأميركي بحثاً عن براءته وإنسانيته. ويقيناً ان هذا السينمائي نجح – غالباً – في امتحانه. صحيح انه كانت هناك أفلام مجدث الحرب والعدوانية الأميركية، لكنها كانت نادرة، ولعل أشهر علاماتها الفيلم السخيف «القبعات الخضر» لجون واين. لكن هذا الفيلم وقبضة من أفلام اخرى مماثلة له، لم يكن سوى الاستثناء الذي أكد القاعدة: القاعدة التي فحواها ان السينما الأميركية كانت صاحبة فضل كبير في فضح عدوانية الجيش الأميركي والتنديد بالنزعة العسكرية للسلطات الأميركية المتعاقبة. نقول هذا ونفكر طبعاً بأفلام لبيتر واتكنز («ميدان العقاب») وفرانسيس فورد كوبولا («حديقة الحجر» و «يوم الحشر الآن») وأوليفر ستون («بلاتون») ثم «سترة معدنية» لستانلي كوبريك. ومع هذا يظل الفيلم الأشهر عن حرب فيتنام وقسوتها، ليس على ضحاياها فقط، بل على «جلاديها» أيضاً، فيلم مايكل تشيمنو («صائد الغزلان»). ذلك أن هذا الفيلم – وأكثر، ربما، من أي فيلم آخر، عرف كيف يصور معاناة الإنسان – كل إنسان – أمام الحرب – كل حرب – من خلال تجربة جنود أميركيين انتزعوا من حياتهم الهادئة وحبيباتهم وديارهم ليرسلوا الى ما يبعد ألوف الكيلومترات ليقتلوا أناساً لم يسبق لهم أن آذوهم أبداً.

> ذلك هو الدرس الأساس الذي أراد مايكل تشيمنو أن ينقله الى متفرجيه بقوة وعنف وإن بقدر لا يستهان به من الالتباس أيضاً. الالتباس الذي جعل كثراً يسيئون فهم الفيلم، ما أثار في وجهه – في ذلك الحين، أي في أواخر سنوات السبعين من القرن العشرين – ألف ضجيج وضجيج.

> «صائد الغزلان» هو، وقبل أي شيء آخر، فيلم لا يؤمن بالأسود والأبيض. أو لنقل بالأحرى انه، إن دنا منهما فإنه يضع الضحايا من الفريقين في كفة والجلادين في كفة أخرى. وبالنسبة الى الفيلم، الضحايا ليسوا فقط من الفيتناميين المعتدى عليهم، أميركياً، بل ثمة ضحايا أميركيون أيضاً. ثمة ضحايا من بين أولئك الشبان الذين تنتزعهم لعبة الأمم والجيواستراتيجيات من براءتهم لتحولهم مجرمين قتلة. وفي ذلك الوقت المبكر كان من الصعب على المتلقين في العالم ان يفهموا هذا البعد. ومن هنا شكل «صائد الغزلان» صدمة حقيقية. والفيلم يبدأ من بلدة صغيرة في ولاية بنسلفانيا الأميركية تدعى «كلايتون». في تلك البلدة يعيش رفاق ثلاثة من الطبقة العاملة عيشاً هادئاً بين مصنع التعدين، حيث عملهم، والغابات حيث يصطادون الغزلان. انهم مايكل ونيك وستيفن الذين بالكاد يعرفون شيئاً عن العالم خارج ديارهم. ومن بينهم ها هو ستيفن يستعد للاقتران من حبيبته انجيلا الحامل منه. والكل يستعد لحفل الزواج ولا سيما صديقان آخران للمجموعة هما ستان وأكسل. لكن حرب فيتنام كانت بدأت تلوح في الأفق. وها هم الرفاق يجندون مثل غيرهم من الشبان الأميركيين لنلتقي بهم معاً بعد زمن وقد غاصوا في المستنقع الفيتنامي... بل أكثر من هذا: ها هم الرفاق الثلاثة أسرى لدى الفيتكونغ. وهؤلاء يمارسون عليهم، كجنود اميركيين معتدين شتى انواع التعذيب بما في ذلك جعل الواحد منهم مستعداً لقتل رفيقه لكي ينجو. بعد ذلك يتمكنون من الهرب... لكن الثمن كان باهظاً... وليس فقط على الصعيد الجسدي. بعد هربهم سنلتقيهم بين سايغون وديارهم، أو سنلتقي من يبقى منهم، ذلك أن ستيفن كان قد فقد ساقيه، فيما فشل نيك في متابعة طريقه الى أميركا هالكاً في عاصمة فيتنام الجنوبية. أما مايكل فإنه يبقى وحده شاهداً – متورطاً – على ما حدث. انه الوحيد الذي يعود حقاً الى الديار... لكنه، أيضاً، الوحيد الذي يعيش كي يدفع الثمن. والثمن لن يطفو أول الأمر على السطح، بل سيكون متمسكاً بعمق أعماقه: ألماً داخلياً يعتصره الى الأبد، مكبلاً حياته ممسكاً في كل لحظة بخناقه، كاشفاً إياه أمام نفسه في لحظات وحدته. ان مايكل يرمز هنا – طبعاً – الى أميركا التي اعتقدت نفسها منتصرة في حرب فيتنام، لكنه يمثلها في الحقيقة في وهدة هزيمتها. بالنسبة الى مايكل لا يعود شيء كما كان في السابق، براءته انتهت. حياته انتهت. روحه انتهت. حتى وإن بقي منه الجسد يتمتع بما يمكن من ملذات الحياة، ولكن – حتى هنا – على حساب آلام رفاقه. ان بقاء مايكل نفسه يبدو وكأنه يطرح السؤال الخالد عن أي مجد للمنتصر؟ وهل الانتصار شيء آخر غير السير فوق جثث الآخرين كل الآخرين... بل على جثث الرفاق أكثر مما على جثث الأعداء؟

> تلكم هي الأسئلة الأساسية الحادة والشائكة التي يطرحها مايكل تشيمنو في هذا الفيلم. ولأن الزمن الذي عرض فيه هذا الفيلم كان لا يزال زمن شعارات رنانة وصراخ نصر مدوٍّ، ازداد سوء التفاهم من حول «صائد الغزلان» حدة وخطورة. ذلك ان القوى المتنوعة من حول الحروب، سواء أكانت أميركية «عدوانية» أو تقدمية «منددة بالعدوان والامبريالية التي تشنه»، كانت لا تزال متمسكة بيقينات قاتلة. أما تشيمنو، وكما كان يجدر بالفنان الحقيقي أن يكون، فكان لا يرى أي يقين. كان القلق والسؤال عالمه وهاجسه. لكنه مع هذا عرف في الفيلم كيف يوازن بين القسوة والعاطفة، في شريط عرف في نهاية الأمر كيف يقول وحده، كل تلك الحرب بل كل الحروب. وهو، بدلاً من أن يستعرض أهوال الحرب في مناخاتها الصاخبة، آثر أن يصور أهوالها الداخلية، تأثيراتها في الروح. ومن هنا كان «صائد الغزلان» عملاً قاسياً حقيقياً وصادقاً. والحقيقة ان هذا لا يمكننا اكتشافه إلا على ضوء ما آلت اليه الحروب اللاحقة، حروب كل أنواع العدوانيات والحماقات والمغامرات، التي لم تتوقف عن الاندلاع في هذا العالم، مجددة رعب التاريخ بعد أن كان واحد من المفكرين المستعجلين تنبأ مع انتهاء الحرب الباردة، بأن التاريخ قد انتهى، زاعماً أن لا مكان للحروب وأهوالها في عالم اليوم والغد. ويقيناً ان هذا المفكر فهم كل شيء إلا حماقة البشر... تلك التي كان مايكل تشيمنو (مواليد 1943) من الذين أدركوها باكراً.

الحياة اللبنانية في 5 أغسطس 2006

 

عالمنا في صورة

محاولة نقدية سينمائية تتخطى حدود المشاهدة الساكنة

عدنان الفضلي 

مثلها مثل باقي الفنون السمعية والبصرية ، تطورت السينما كثيرا وتغيرت أنماطها واختلفت مضامينها بحسب التغييرات التي طرأت على العالم وهذا يعني ان للسينما خاصية هضم المتغيرات المتسارعة التي تتناسب طرديا مع تقدم العالم حضاريا وتكنولوجيا انسانيا . فمنذ تجربة الأفلام الصامتة وحتى آخر التطورات الحاصلة اليوم ، كان للفن السابع محطات إبداعية عديدة مرت بها أجيال وساهمت بها أخرى ، فتركت بصماتها الواضحة تاركة للأجيال اللاحقة متابعة الرحلة من اجل إيصال الرسالة الإنسانية لهذا الفن النبيل . ولو أردنا استرجاع الذاكرة والعودة إلى مراحل تطور السينما ، لابد لنا من التوقف عند بعض الأفلام التي بقيت راسخة في أذهان جمهور المتلقين مثيرة جدلا واسعا في مضامينها ومستواها الفني ، ذلك للوقوف على ثراء وتنوع اتجاهات السينما المعاصرة ورؤى مخرجيها ، وهذا ما فعله الناقد السينمائي (احمد ثامر جهاد) في كتابه الجديد (عالمنا في صورة) والصادر مؤخرا عن دار الشؤون الثقافية ، لكن بالتركيز على سينما اليوم . في هذا الكتاب الذي يتكون من 176 صفحة والمتضمن قراءات لبعض الأفلام الشهيرة والمهمة في السينما الأمريكية ، استطاع الناقد ان يمنحنا أدوات تذوق سينمائي واليات تلقي فاعلة نستطيع من خلالها التعمق في قراءة الخطاب السينمائي المتفرد والمذيل بتواقيع مخرجين متميزين .

في القسم الأول من هذا الكتاب الذي تضمن قراءات لأفلام معروفة لدى الجمهور مثل – ( SURVIVING PICASO ) و ( BIRDY ) و ( ENGLISH PATIENT ) واخرى غيرها كانت قد سيطرت على عروض أعوام التسعينيات وما تلاها وتركت بصمتها في ذاكرة المتلقي ، نرى كيف منحنا الناقد ( احمد ثامر جهاد ) جهدا تنظيريا وقراءات إبداعية استطعنا من خلالها ان نعيد تذوق تلك الأفلام عبر اقامة حوار سينمائي معها ، لربما لم يتأتى لنا تفحصها كما هي بنظر الناقد . ففي الفلم الأول والمتعلق بحياة الفنان التشكيلي العالمي ( بابلو بيكاسو ) كانت هناك التقاطة فنية أوصلنا إليها الناقد تشير إلى ( ان تصميم المخرج آيفري وعزمه على تناول مرحلة محددة من حياة بيكاسو تمتد بين عامي 1943 – 1953 له ما يبرره بمعيار الصعوبة اللازمة التي تواجهها السينما إذا ما أرادت التصدي لحياة العظماء والمشاهير ) تلك إشارة منهجية لفكرة منطقية جدا ، بغيابها سنلاحظ ان سلسلة أفلام طويلة لن تكون كافية لتوثيق حياة ذلك الفنان العظيم الذي شغل العالم وما زال شاغلهم . وعن فيلم ( بيردي ) للمخرج الشهير ألان باركر تحدث الناقد قائلا : - لا يتكلم" آلان باركر " عن حرب بعينها ، بالرغم من ان خلفية أحداثه كانت " حرب فيتنام " إنما يضع الحرب صفة نوعية طاغية تنال من كل ما هو جميل وانساني في عالمنا الراهن ، وثيمة الحرب تبدو إلى حد بعيد لازمة موضوعية متغيرة في معظم أعمال ( باركر ) تؤشر بحضورها إلى مجمل متغيرات عالمنا الواقعي المضطرب سياسيا وأخلاقيا .

ويستمر الناقد في قراءاته للعديد من الأفلام عبر تأويلات يتمكن منها بحكم انخراطه الجاد في هذا الحقل الجمالي والفكري الخصب . حيث نطالع في مكان آخر من الكتاب وفي قسمه الأول أيضا ، رؤى نقدية اخرى تتحدث عن الجزء الأشهر من سلسلة أفلام حرب النجوم عبر تعبير جميل اطلقه عنها حينما سمى المدخل إلى دراسته ( التكنولوجيا تعانق الميثولوجيا ) ، ويستشهد الناقد بعدد من الأفلام ، متطرقا إلى أسباب اختيار الجزء الأول من ثلاثية ( حرب النجوم – تهديد الشبح ) : ( EPISODE 1 PHANTOM MENACE ) للقب الفيلم الأليق بنهاية القرن العشرين بعد عرضه في مهرجان كان – 1999 حيث جاء في حديثه عن سلسلة أفلام " حرب النجوم " ومخرجها ( جورج لوكاس ) ما يلي :

- اللافت للنظر ان لوكاس انتظر مرور عشرين عاما على إنجاز الجزء الأول من حرب النجوم ليتسنى له كتابة حربه الجديدة بأفضل صورها ، محتلا بذلك مكانة الأسطورة الحديثة للسلاسل السينمائية .

ويستمر الناقد في قراءاته المتنوعة للعديد من الأفلام التي قدمها كعينات تتمتع بدقة الاختيار ووظفها عبر اشتغال نقدي متمكن . تطالعنا عبر القسم الثاني من كتابه قراءات متنوعة عن تجارب عديدة تناولتها السينما العالمية في فترات مختلفة ، حيث نجده وقد ابتدأ بـموضوع ( عن السينما والحرب والخطاب الأيديولوجي ) وفيه يستشهد بفيلم المخرج ستيفن سبيلبرغ المعروف ( إنقاذ الجندي رايان ) الحائز على خمس جوائز أوسكار من ضمنها جائزة افضل مخرج . ويأخذ الناقد ببعض أسباب نجاح ذلك الفيلم من خلال استعراض بعض مشاهده وخصائصه. لتتواصل الموضوعات والقراءات ، حتى نكون بمواجهة الحديث عن الإيقاع والتشويق في الفيلم السينمائي ، وجاء فيه (ان المشاهد ومنذ البداية هو الرقيب والحكم على تتالي المشاهد وتصاعدها ، لكنه يفاجأ على الدوام باستلاب قدراته على التصديق المنطقي ، متأثرا إلى أقصى حد ومستسلما لوهم الاكتشاف الذي يبث فيه بوصفه مشاهدا عالما بكل شيء بالقياس للشخصيات الضائعة في متاهة الفيلم). وفي قراءة محاورة أخرى يتناول الناقد صورة (البطل الأمريكي) وفي نيته إيضاح مسالة مهمة عبرت عنها السينما الأميركية عبر اشتغالات عديدة في أفلام هوليودية أنتجت خصيصا للتعبير عن اتجاهات سياسية وأيدلوجية معينة . حيث يقول الناقد ( من جهته ضحى الفيلم الأمريكي – نوعا من الأفلام – بالفن والحقيقة والإنسان ، محتفظا بهيمنة أيديولوجية تسمح بالتطابق معها بوصفها اللافن ، اللا تاويل ) . كما احتوى القسم الثاني من الكتاب على دراسات وقراءات اخرى امتازت بذات التنوع والجاذبية في سعيها لتأكيد مقولة ان السينما ليست متعة عابرة كما يتصور البعض .

أخيرا نستطيع ان القول ان ما احتواه الكتاب من قراءات ودراسات يعد وجبة غنية تمزج بدراية واضحة وأسلوبية هادئة الخطاب السينمائي بالثقافي وتمنح المشاهد فرصة تطوير آليات استقباله وتأويله للنص السينمائي بسحره وهيمنته .

القصة العراقية في 6 أغسطس 2006

 

الخيال العلمي في التلفزيون

انتصار الغريب

ان بيئة عرض الأفلام السينمائية ليست هي السينما فقط ، خصوصا الخيال العلمي ، في واقع الحال ظهر جهاز التلفاز كمنافس خطير الى جانب السينما وكان القائمين على صناعة أفلام الخيال العلمي يعانون من قلة ظهور تلك الافلام على الشاشة الصغيرة مع وجود الغزو الهائل من الأفلام الكلاسيكية والعادية المستهلكة . اتجه السينيمائيين بعد ذلك الى محاولة اكتشاف طرق جديدة لجذب المشاهدين نحو أفلام الخيال العلمي مع انتشار أساليب الحيل والخدع السيمية مثل فيلم " قادم من الفضاء الخارجي " وفيلم " الحشرة " ، في حقيقة الأمر لم تحقق أفلام الخيال العلمي منذ بداية ظهورها الأول على شاشة التلفزيون النجاح المتوقع من قبل المشاهدين الا بعد مرور عقود طويلة من الزمن بعد أن وصلت صناعة تلك الافلام درجة كبيرة من التطور التقني القادر على صناعة الابهار وجذب المشاهدين بسرعة البرق كذلك وجود ذلك التنوع الهائل من القصص المقدمة .

كانت الأفلام التي تعرض في التلفزيون تشكل قاعدة عريضة لدى المشاهدين كما ساعدت على بناء مفاهيم سينمائية جديدة مبتكرة حول أفلام الخيال العلمي ومع مرور السنوات ساعد التلفزيون على ارساء قواعد أفلام قواعد الخيال العلمي، كما نزعت معظم الافلام المعروضة في التلفزيون الى تصوير البيئات الخيالية مثل فيلم "الشفق الأحمر" وفيلم الحدود الخارجية وسلسلة أفلام المستقبل الشهيرة "ستار تريك" ، التي حققت شهرة واسعة عبر أنحاء العالم وأصبح المسلسل المفضل لدى غالبية المشاهدين على مدى عقود من الزمن ، كان الظهور الأول لسفينة ستار تريك في التلفزيون عام 1966 في تلك الأيام كانت رحلات الفضاء متواصلة الى القمر والكواكب الأخرى وقد تزامن عرض المسلسل مع ارسال عدد من الرحلات المكوكية الى الفضاء الخارجي ونال طاقم السفينة ستار تريك شهرة واسعة وهم على التتالي الكابتن الشحاع كيرك ، الكابتن سلوك ، سكوتي ، شيكو ، أورا ، بونس أم كوي، شوالو وامتدت علاقتهم مع مشاهدي التلفزيون على مدى أكثر من أربعين عاما ، كان المشاهدين يترقبون ظهور مغامرة جديدة للسفينة الفضائية بمزيد من اللهفة والشوق ولقد امتلك منتج المسلسل "رودن بيري" الموهبة الفائقة على صنع مشاهد فضائية تتميز بانها ذات حس فني مذهل ، كانت طاقم السفينة يقوم بمغامرة جديدة في كل حلقة محاولة للتوغل في الفضاء الخارجي واكتشاف المستقبل ، ثم ترحل بهم الى كواكب بعيدة عن سطح الأرض حيث الأماكن والمخلوقات الغريبة في اخراج مبهر ورائع للمخرج وليم شانتر .

بعد تلك الموجة من المسلسلات والأفلام السيمية القوية الجودة ، مثل مسلسل ستار تريك أو فيلم الشفق الأحمر والحدود الخارجية ، لم تظهر قصص بنفس الجودة وأسلوب الابتكار أو تصنع قاعدة جماهيرية عريضة ناجحة مثل مسلسل رجل الستة ملايين دولار عام 1972 الذي قام بطولته النجم الشهير ستيف أوستن وحقق المسلسل لدى عرضه نجاها باهرا وهو يصور الرجل السوبر الذي يقوم بأعمال خارقة تفوق العادة ، واستمدت بعض أحداثه من تراجيديا افريقية قديمة ، حول رائد فضاء يلقى مصرعه في حادث اصطدام تتعرض له مركبته الفضائية ثم يتم تغيير ملامح وجهه باستخدام معدات جراحية متطورة وأساليب بيولوجية متفوقة للغاية ، في نهاية العملية يتحول الى رجل سوبر فائق القوة يختلف عن البشر ويتمتع بقدرات على العدو بسرعات فائقة ثم أنتج فيلم السوبرمان الذي قام ببطولته النجم المعروف "كريستوفر ريفي" أصبح حلم الملايين من مشاهدي التلفاز وقد استغلت شركات الدعاية والاعلان ملصقات الفيلم للدعاية عن منتجاتها ، وذلك في كافة أنحاء أميركا حيث حققت أرباحا طائلة من وراء ذلك الفيلم الناجح من ناحية أخرى انتج فيلم المرأة البيولوجية التي تحولت مغامراتها الى سلسلة مستمرة من الحلقات التلفزيونية استمرت حتى عام 1978 ، في بريطانيا بدأت شركات الانتاج ايتكار سلسلة تضاهي النجاح الي حققه مسلسل ستار تريك ، المحاولات تمخضت في النهاية عن انتاج مسلسل "الفضاء 1999 " عرض للمرة الأولى عام 1975 ولكنه فشل في تحقيق النجاح المطلوب واستعادة أمجاد ستار تريك وحقق نجاحا ضئيلا بالقياس الى مسلسلات أخرى ولم يستمر عرضه لفترة طويلة في أميركا ولم يكن سوى نسخة مقلدة لم تضف شيئا ، حيث عرضت نفس المجسمات أو مايشبه المدارات الفضائية ، المجرات ، سطح القمر ، السفن الفضائية التي تحلق بين الكواكب ثم تواصلت المحاولات لانتاج سلسلة فضائية ناجحة أثمرت أخيرا عن انتاج فيلم " الرجل المرئي" عام 1975 ، استغرق عرض الحلقة الاولى نصف ساعة تقريبا وحقق النجاح المطلوب ، يصور شخصية الرجل المرئي وهو يظهر ثم يختفي ويحارب الجريمة في الخفاء ومع تزايد أعداد الجرائم في أميركا أصبح العنف ظاهرة ملحوظة تتسم بها غالبية المجتمعات المتطورة ، ثم انتج فيلم رجل الجوزاء وفيلم رجل من أطلنطا عام 1976 وهو يتحدث عن تراجيديا اغريقية قديمة اتسمت بالتشويق والاثارة رغم أن شخصيات الفيلم كانت تفتقر للجماليات المطلوبة لنجاح القصة والقدرة على الاقناع ، ولكن فيلم رجل من أطلنطا يصور تراجيديا أسطورية بقالب جديد ، مثلا تصوير مشهد العاصفة في ولاية كاليفورنيا وسرعان ما بدأت العاصفة تهدأ وترحل السفينة بالاتجاه الصحيح ثم يظهر فجأة مخلوق ذو عيون خضراء متوهجة ، دليل على ضياعهم في جزيرة مفقودة ، تم الاستعانة بمؤثرات الكمبيوتر لاظهار مشهد السفينة وهي تتعرض للعاصفة ، مع ظهور قدرات المنتج مارك هاري الذي أضاف معالجات مدهشة للفيلم ، ان حبكة الرواية الأصلية وبالاستعانة بالمؤثرات الخاصة التي استخدمت في صناعة الفيلم كانت كافية لتحقيق التشويق المطلوب للمشاهد العادي.

ظهرت بعد ذلك سلسلة أفلام تلفزيونية مثل آلين ، أعماق المدينة ، يوم الحساب عام 1970 وفلم رجل من أطلنطا ، ويدور عن جزيرة خرافية تقع في المحيط الأطلسي غربي جبل طارق ، زعموا أنها غارت في أعماق المحيط ثم ظهر منها كائن خرافي بعد سنين طويلة ، استخدمت السينما قصص الأساطير في انتاج أفلام تلفزيونية وسينمائية عديدة منها فيلم "وقت النفق" عام 1966 محاولة لاعادة صقل المفاهيم الجديدة حول الأساطير القديمة والغوص في أسرار الماضي القديم لمحاولة اكتشاف المجهول ، يصور فيلم "وقت النفق" حريق يقع في مدينة شيكاغو الشهيرة ، ومحاولات انقاذها من قبل الطيار ، ثم عرض فيلم الرحلة المدهشة عام 1977 عندما يكتشف المسافرون أنفسهم داخل مثلث برمودا الغامض الذي يبتلع السفن والطائرات ، في رحلة بين الماضي والحاضر ، والمستقبل كلها تجتمع في خطوط موازية للعوالم الأخرى الغامضة أثناء اجتيازهم للطرق المتعرجة في مثلث برمودا في محاولة لاكتشاف غموض تلك البقعة المجهولة . عام 1976 أنتج ميشال أندرسون فيلم هروب لوجان الشهير الذي يصور قصة خيالية عن هروب البطل لوجان الى كوكب آخر بعد تعرضه لمطاردة من قبل البوليس القاتل في محاولة للتخلص من قوانين المدينة الجائرة التي تؤدي الى الموت ، كانت السلسلة منطقية نوعا ما من خلال مزجها للأسطورة والتراجيديا في آن واحد والتي تزامنت مع استخدام المؤثرات الخاصة لتصوير هروب ثلاثة شبان الى مدينة المستقبل في سلسلة مغامرات مثيرة وشيقة ، كان هروب لوجان يبدو وكأنه أسطورة حقيقية من خلال تصوير التراجيديا بالخيال الانساني بمعاني واضحة ملموسة .

لقد كانت أفلام الخيال العلمي التي صورت للتلفزيون امتدادا لفيلم أوديسا الفضاء ولكن مع استخدام تقنيات متطورة جديدة بالنظر الى ارتفاع تكاليف الانتاج عن السابق ، نتذكر فيلم آفورياز الذي انتج عام 1973 في احتفال مهيب من الفانتازيا الرائعة على يد المخرج المبدع "ستيفن سبيلبيرج. وفيلم ميتروبوليس الذي أنتج عام 1960 "ظل في الأرض ويصور مشكلة الانسان الذي يحكم من قبل الفاشية والديكتاتورية المريعة مع انتشار حركات المعارضة وتصوير معاناة الانسان في هذا العالم الضائع . وفيلم "الخالد" عام 1969 ومدة عرضه 74 دقيقة ويصور أسطورة الطائر وهي تعبير عن سلسلة قصيرة تصور حياة رجل امتلك قوة خارقة جعلته يمتلك دما نادرا ، جعلته في حصانة ضد الأمراض الخطيرة ، وفيلم "رجل يريد أن يعيش الى الأبد" ويتحدث عن رجل مصاب بمرض القلب ويجرى له تخطيط في القلب ويكتشف بأن قلبه عاطل وعديم الفائدة وتجرى له عملية زرع قلب جديد وأخذ نص الفيلم عن رواية بعنوان "مزرعة القلوب" والفيلم من اخراج جون ترنت . لقد تطورت أفلام الخيال العلمي المصورة للتلفاز في فترة السبعينات ومنتصف الثمانينات مثل "حرب الحب" عام 1970 للكاتب المبدع ديفيد كيدل وومن اخراج جورج فرود عام 1971 انتج فيلم "الأرض-2" وهو فيلم تلفزيوني تكلف أموالا طائلة ويشكل امتداد لفيلم "أوديسا الفضاء" ومستمد من رواية تقع تحت عنوان "الرحلة المقدسة" للكاتب زينا هندرسون ، وكتب السيناريو جورج ديفيز وادوارد كار خراجور ويتحدث عن المعلم كيم دارلي الي اكتشف مدينة في أعماق الوادي وعودة الغرباء لاستعمار الأرض لسنوات طويلة ، ونتذكر فيلم "الطفل الأخير" عام 1971 وفيلم "موت ليلة باردة" ويدور حول ثلاثة علماء يحاولون اجراء اختبارات على القرود في المعمل الواقع في القطب المتجمد الشمالي كما أنتجت أفلام صورت مزج الأسطورة الميثولوجية بالخرافة في اطار من الخيال العلمي مثل الفيلم الشهير "حرب العوالم" للكاتب الشهير هوارد كورش الذي يصور انتشار غزو الأطباق الطائرة والقوم الغرباء لكوكب الأرض في اطار تطورات العصر الحالي .

لقد أمتعت أفلام الخيال العلمي جمهور التلفزيون في عقد السبعينات والثمانينات مع مواصلة التطورات العلمية والتكنولوجية والتي تومئ بنبوءات جديدة شكلت مادة خصبة لأفلام الخيال العلمي في العقود القادمة .

القصة العراقية في 6 أغسطس 2006

 

سينماتك

 

غياب الوعي في زمـــن الأعين المشرعـــة «١ ــ ٢»

إبراهيم نصر الله:

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك