> لا أقبل أن أدير ضدي الأيمن لمن يضعني علي الأيسر.. وكرامتي فوق كل شيء > رفضت أن أذهب إلي فاتن حمامة لمناقشة «ضمير أبله حكمت» فجاءت إلي في منزلي > لم أكن ناصريا حتي أنقلب علي عبدالناصر والسادات وصفته بأنه «أحمس» في 73 ثم انتقدته لسفره إلي إسرائيل > سيناريوهاتي السينمائية دمها ثقيل علي المنتجين .. «الإسكندراني» دخل «ثلاجة» جهاز السينما فلم يخرج!
يحتفل الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة ومعه كل محبي وعشاق فنه وقلمه في 28 يولية الجاري بعيد ميلاده الخامس والستين متعه الله بالصحة والعمر المديد ليتواصل استمتاعنا بفنه الجميل وتنويرنا بقلمه الجرئ. أسامة أنور عكاشة من القلائل جداً في كل مجالات الإبداع الذين أطلقت عليهم العديد من الألقاب منها «أبو الدراما العربية»، و«فارس الدراما العربية وكاتبها الأول» «نجم نجوم الدراما التليفزيونية علي امتداد العالم العربي»، «عميد الدراما العربية» وغيرها وإذا كانت القمة مسطحة وتتسع للعديد من الكبار ليجلسوا عليها فمن المؤكد أن بها مكاناً خاصاً جداً لا يجلس عليه سوي الرموز. استطاع من أسامة أنور عكاشة وعلي مدي ربع قرن أن يمتع جمهور التليفزيون علي امتداد العالم العربي بمسلسلاته الرائعة التي تصل إلي قرابة 40 مسلسلاً، كشف لنا من خلالها عن العديد من الجوانب الخافية في تاريخنا الحديث، كما نبهنا إلي مظاهر الفساد والانحلال التي تتسلل إلي حياتنا المعاصرة وتحاول أن تصنع لنفسها أرضية صلبة لتصبح قاعدة ذات جذور متينة وراسخة. ولد كاتبنا الكبير أسامة أنور عكاشة في 27 يولية 1941 بمدينة كفر الشيخ وبعد حصوله علي شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الآداب جامعة عين شمس قسم اجتماع وفور تخرجه عام 1962 أرسلته القوي العاملة للعمل مدرساً بمدرسة ديروط الثانوية بمحافظة أسيوط وكانت المفارقة أن اسند له تدريس مادة الفلسفة التي لم يدرسها سوي في مرحلته الثانوية فقط وجاءت النتيجة أن رسب جميع التلاميذ في هذه المادة مما دفعه لتقديم استقالته من التربية والتعليم ليتفرغ إلي حد ما لكتابة القصص الأدبية وبعد سنوات من المعاناة المادية والنفسية بدأ الطريق ينفتح أمامه نحو الدراما التليفزيونية دون أن يعلم أنه طريق المجد والشهرة، وكان أول عمل تليفزيوني له سهرة بعنوان «الإنسان والجبل» وهي قصة أدبية كتب لها السيناريو والحوار كرم النجار وأخرجها صديق عمره وزميل دراسته الجامعية فخر الدين صلاح وعرضت عام 1969، أما أول عمل يقوم بتأليفه وكتابة السيناريو والحوار له خصيصاً للتليفزيون فكان سباعية بعنوان «الإنسان والحقيقة» عام 1975 إخراج فخر الدين صلاح الذي يعود له الفضل في دفع أسامة أنور عكاشة إلي كتابة الأعمال الدرامية وقدما معاً بعد هذه السباعية عدة مسلسلات بدأت بـ «الحصار» ثم «المشربية» وهو المسلسل الذي يعتبره «عكاشة» الولادة الحقيقية له ككاتب دراما تليفزيونية ثم «زهرة البنفسج» الذي عرض في معظم التليفزيونات العربية عام 1980 إلا شاشة التليفزيون المصري وذلك بإصرار من «عكاشة» نفسه لأنه كان يري أنه عمل قاتم، وهو نفس ما فعله مع مسلسل «سلمي» الذي عرض أيضاً في جميع التليفزيونات العربية باستثناء التليفزيون المصري لأنه رأي فيه مطا وتطويلاً من الممكن أن يسيء له كمؤلف وفي عام 1981 عرض لعكاشة مسلسلان أحدهما «الأبرياء» من إخراج فخر الدين صلاح والثاني «وقال البحر» إخراج محمد فاضل في أول تعاون بينهما وفي حين رفضت الرقابة وقتها عرض الأول علي شاشة التليفزيون المصري بحجة أن به اسقاطات سياسية ضد رئيس الجمهورية فإن الثاني عرض وحقق نجاحاً جماهيرياً ونقد مدوياً، كما يعتبره مؤلفه نموذجاً لأدب الدراما التليفزيونية ثم عرض له في عام 1984 مسلسل «أبواب المدينة» الذي أثار ردود أفعال جيدة جداً فطلب منه كتابة جزء ثان له رغم أن مسلسلات الأجزاء لم تكن موجودة أو معروفة حتي ذلك الوقت وبالفعل كتبه وعرض عام 1985، ثم توالت الأعمال ومنها «عابر سبيل» و«الشهد والدموع» الذي حقق شهرة كبيرة لمؤلفه بل أنه كان بداية شهرة ونجومية لمؤلف الدراما في مصر والوطن العربي وقد أذيع علي جزئين الأول «14 حلقة» عام 84 والثاني «16 حلقة» عام 85 وكان هذا العمل هو التعاون الأول بينه وبين المخرج إسماعيل عبد الحافظ الذي أخرج له بعده أشهر مسلسلاته وهو خماسية «ليالي الحلمية» التي تعد الأفضل والأشهر في تاريخ الدراما التليفزيونية علي مستوي العالم العربي ككل ومسلسل «الحب وأشياء أخري» الذي يعد أول تعاون له بين عكاشة وأنعام محمد علي ثم «رحلة أبو العلا البشري» و «عصفور النار» والاثنان من إخراج محمد فاضل الذي أخرج له أيضاً مسلسلات «الراية البيضاء» و «أنا وأنت وبابا في المشمش» ثم «ضمير أبلة حكمت» لأنعام محمد علي و«أرابيسك» لجمال عبد الحميد الذي أخرج له بعد ذلك الجزء الأول والثاني من مسلسل «زيزينيا» وإلي جانب المسلسلات السابقة يحفل تاريخ عكاشة بالعديد من المسلسلات الأخري الناجحة منها «النوة» إخراج محمد فاضل الذي أخرج له أيضا مسلسل «ومال زال النيل يجري»، ومسلسلات «أهالينا» و«أمرأة من زمن الحب» لإسماعيل عبد الحافظ و«أميرة في عابدين» أحمد صقر و«كناريا وشركاه» و«أحلام في البوابة» حتي وصل عدد ما كتبه أسامة أنور عكاشة إلي قرابة 40 مسلسلاً إلي جانب عشرات السهرات وخمسة أفلام سينمائية وأربع مسرحيات. خمسة أفلام سينمائية المكانة الكبيرة التي يشغلها أسامة أنور عكاشة كأهم وأشهر كاتب دراما تليفزيونية تكاد تختفي في السينما التي لم يعرض له علي شاشتها سوي خمسة أفلام فقط إضافة إلي سيناريو فيلم سادس ينتظر الدخول إلي حيز التنفيذ منذ عدة سنوات بعنوان «الإسكندراني» عن قلة كتابته لأعمال سينمائية يقول «عكاشة» أن ذلك يعود لأكثر من سبب أولها الأزمة المزمنة التي عانت منها السينما في الربع قرن الأخير وثنانيها أن سيناريوهات أفلامي تعتبر من السيناريوهات «اللي دمها ثقيل» علي منتجي السينما، فأول سيناريو سينمائي كتبته كان بعنوان «الباب الأخضر» ولكنه لم ينفذ حتي الآن، بعده كتبت سيناريو فيلم «كتيبة الإعدام» الذي يعد أول فيلم سينمائي من تأليفي وأخرجه الراحل عاطف الطيب ولكنه لم يعرض إلا بعد عرض فيلم «تحت الصفر» الذي كتبته وأخرجه عادل عوض وهذا الفيلم أعتبره تجربة سلبية لأنني استجبت أنا والمخرج لضغوط المنتج الذي استعجل تصوير الفيلم ولم يهيئ له ظروف انتاج جيدة، أما ثالث أفلامي التي عرضت سينمائياً فهو «الهجامة» إخراج محمد النجار والرابع «الطعم والسنارة» إخراج محمد حسيب وهذا الفيلم لم يعرض سينمائياً لأنه من إنتاج التليفزيون أما أخر فيلم سينمائي عرض لي فهو «دماء علي الأسفلت» إخراج عاطف الطيب. واتوقف في الحديث مع عكاشة عند المخرج الراحل عاطف الطيب كونه مخرجاً أخرج فيلمين من بين أفلامه الخمسة وأسأله: تعاونك مع عاطف الطيب في فيلمين من مجموع أفلامك الخمسة هل كان ذلك مصادفة أم توافق ،فيقول عكاشة ليس مصادفة ولكنه توافق لأن المخرج الراحل عاطف الطيب من أكثر المخرجين السينمائيين في مصر إحساساً بالدراما مع وجود وجهة نظر خاصة به فعاطف الطيب في كل أفلامه لم يكن يهتم بالتكنيك أو جماليات الصورة قدر أهتمامه بالقضية التي يتناولها الفيلم مماجعلني استمتع بالعمل معه، كما أنه في الفيلمين اللذين قدمناهما معاً لم ينفذ شيئاً منفصلاً عني فكان بيننا تشاور دائم في كل ما يخص الفيلم وفي اختيار الممثلين حتي في الأدوار الصغيرة رغم أنني في السينما ليس لي قوة الضغط لاختيار الممثل كما هو الحال بالنسبة للمسلسلات التليفزيونية وقد كان هناك فيلم سينمائي ثالث بيننا عن الفساد في اثنين من أهم مؤسسات المجتمع وهما الجامعة والقضاء ولكن للأسف هذا المشروع لم يكتمل لوفاته التي أصابني بصدمة شديدة جعلتني لا أستطيع تكملة الفيلم لأنني أعتبره شريكاً فيه. أعود وأسألة عن سيناريو فيلم «الإسكندراني» لماذا لم ينفذ حتي الآن رغم أنه جاهزا منذ ما يزيد علي ست سنوات فيقول «عكاشة» سيناريو فيلم الإسكندراني كتبته منذ حوالي 15 سنة ويعد أحد السيناريوهات القليلة التي قمت بطباعتها في كتاب وكان ذلك عام 1992، ورغم أنه قد حصل علي موافقة الرقابة إلا أنه مازال منذ سنوات مركوناً بجهاز السينما ولا أعرف متي سيظهر للجمهور رغم أنه كان متفقاً علي أن يكون من باكورة الأعمال التي ينتجها جهاز السينما منذ بداية انشائه منذ خمس سنوات. أنا والمسرح كتب أسامة أنور عكاشة خمس مسرحيات عرضت اثنتان منهما علي خشبة المسرح الخاص ومثليهما علي خشبة مسرح الدولة بينما لا تزال الخامسة في انتظار العرض عن تجربته مع مسرح القطاع الخاص ومسرح الدولة يقول أسامة أنور عكاشة.. عرض لي علي خشبة المسرح الخاص مسرحيتان هما «الأتون وسيادته» و«البحر بيضحك ليه» وأنا أعترف بأنني أخطأت عندما اتجهت لتقديمها علي مسارح القطاع الخاص لأن القطاع الخاص له قوانينه الخاصة به وهذه القوانين لا تتفق مع المسرحيتين فكانت النتيجة فشلهما. أما عن تجربتي مع مسرح الدولة والتي بدأت بمسرحية «الناس اللي في التالت» التي عرضت علي خشبته منذ ثماني سنوات فأنا سعيد بها بما حققته من نجاح نقدي وجماهيري وأحب أن أشير إلي أن هذه المسرحية كنت قد كتبتها عام 1991 بعد إلحاح من محمود الحديني عندما كان يتولي رئاسة المسرح القومي وبعد أن كتبتها أعطيتها «للحديدي» الذي أرسلها للرقابة للموافقة علي عرضها ولكن الرقباء كتبوا عليها ترجأ لعدم المواءمة» ولم يكتبوا تقريراً يمكن الرد عليه أو استئنافه.. وفي فترة تولي حمدي سرور رئاسة الرقابة تم عرض المسرحية مرة أخري علي الرقابة وفي هذه المرة تم رفض المسرحية نهائياً فطبعتها في كتاب صدر عام 1994 .. وعندما تولي محمود الحديني رئاسة البيت الفني للمسرح عاد للمسرحية مرة ثالثة وحاول الحصول علي موافقة الرقابة لعرضها وذلك أثناء تولي علي أبو شادي رئاسة الرقابة «قبل أن يخرج منها ثم يعود إليها ثانياً منذ بضع سنوات» لكنه كان يتهرب ولم تخرج المسرحية إلي العرض وتحصل علي موافقة الرقابة إلا في فترة تولي الدكتور مدكور ثابت رئاسة الرقابة. أما المسرحية الثانية التي عرضت لي علي مسرح الدولة فهي «في عز الظهر» وكان عرضها علي خشبة المسرح القومي منذ ثلاث سنوات، كما أن هناك مسرحية ثالثة بعنوان «أولاد الذين» من المنتظر عرضها علي مسرح الدولة خلال الفترة المقبلة وسوف يخرجها المخرج الشاب محمد عمر الذي سبق أن أخرج لي «الناس اللي في التالت» و«في عز الظهر». فاتن حمامة في منزلي كان لأسامة أنور عكاشة تجربة وحيدة وفريدة مع سيدة الشاشتين الكبيرة والصغيرة فاتن حمامة وهي مسلسل «ضمير أبلة حكمت» الذي عرض بداية التسعينيات وكان من المفترض أن يجمعهما مسلسل تاني إلا أن ظروف مرض «عكاشة» وسفره لأمريكا لإجراء عملية تغيير شرايين في القلب حالت دون ذلك يقول أسامة أنور عكاشة تجربتي مع فاتن حمامة تجربة مختلفة وفريدة من نوعها فبعد تعاوني مع المخرجة القديرة أنعام محمد علي في مسلسل «الحب وأشياء أخري» وما حققه من نجاح جماهيري ونقدي طلبت من أنعام أن نتعاون معاً مرة أخري وهو ما رحبت به جداً، ولأنني أعلم أن المرأة هي محور، اهتمامات انعام محمد علي كمخرجة، كتبت لها ملخصاً لمشروع مسلسل بعنوان «ضمير أبلة حكمت» وقد تصادف أن السيدة فاتن حمامة في هذا التوقيت تريد أن تقدم مسلسلاً للتليفزيون خاصة أن آخر أعمالها في ذلك الوقت وهو الفيلم التليفزيوني «حكاية وراء كل باب» الذي أخرجته لها أنعام محمد علي قد مضي عليه سنوات.. ويضيف «عكاش» وقد علمت من أنعام أن فاتن حمامة اتصلت بها وقالت لها إنها تريد أن تقوم ببطولة مسلسل تليفزيوني وأنها تفضل أن يكون هذا المسلسل تأليف أسامة أنور عكاشة، فأخبرتها أنعام أنها بالفعل لديها ملخص مسلسل لي بعنوان «ضمير أبلة حكمت» فطلبته لقراءته وعقب أن انتهت من ذلك أبدت لأنعام اعجابها به ورغبتها في القيام ببطولته، فاتصلت بي أنعام وأخبرتني أن فاتن حمامة معجبة جداً بملخص «ضمير أبلة حكمت» وأنها تريد أن نذهب أنا وهي إلي منزلها لمناقشة العمل، ويضيف عكاشة وبالرغم من حبي وتقديري الكبيرين لفاتن حمامة إلا أنني أبلغت أنعام محمد علي أنه طالما أنها هي التي تريدني لمناقشة تفاصيل المسلسل فإن منزلي مفتوح في أي وقت لاستقبالها والترحيب بها وبالفعل جاءت فاتن حمامة إلي منزلي بصحبة أنعام محمد علي وأنا أعتبر أن حضور فاتن حمامة إلي منزلي تشريف كبير سعدت به جداً واتفقنا نحن الثلاثة أنا وفاتن وأنعام علي الخطوط العريضة للمسلسل وبدأت كتابة السيناريو ثم بدأ التصوير واعتقد أن المسلسل عند عرضه لاقي نجاحاً كبيراً علي المستويين النقدي والجماهيري. النقد وتصفية الحسابات علي الرغم من أن جميع الأعمال الدرامية لأسامة أنور عكاشة قد حظيت بالنجاح الجماهيري والإقبال الكبير علي مشاهدتها عند عرضها لأول مرة أو إعادة عرضها لمرات أخري وما صاحب ذلك من إشادة نقدية كبيرة لأغلبها إلا أن القليل منها مثل «زيزينيا» و«لما التعلب فات» قد تعرض للنقد العنيف وهو ما كان يرفضه «عكاشة» بل أنه كان شرساً في رده علي منتقديه حتي بات يبدو أنه لا يقبل سوي كلمات الاطراء والمديح ويرفض النقد وعن ذلك يقول «عكاشة» أنا لا أرفض النقد بل أقبله بصدر رحب خاصة عندما يكون نقداً «بجد» مبنياً علي منهج علمي يضع من خلاله الناقد يده علي مناطق القصور ومناطق الجمال في العمل الفني، لأنه يوضح العمل للجمهور ولمؤلفه وأنا كمؤلف أستفيد من النقد كمايستفيد منه الجمهور أيضاً، أما الذي لا أقبله هو أن يتحول النقد التي تصفية حسابات وشتيمة وتوجيه اتهامات بالباطل فهنا لا أترك من يقوله لأنني لا أقبل أن أدير خدي الأيمن لمن يصفعني علي خدي الأيسر.. باختصار أنا أقبل النقد الموضوعي حتي لو اختلفت مع كاتبه وهناك من انتقدوني فنياً ولم أغضب منهم وهناك من مدحني في عمل وهاجمني في أخر لأنه من حق كل ناقد أن يكون له رأيه في العمل الفني دون مجاملة طالما أن هذا الرأي في صميم العمل وفي إطار وحدود النقد وقواعد النقد المتعارف عليها، ولكن أن يقول ناقد ما إن أسامة أنور عكاشة أفلس ولم يعد لديه جديد يقدمه فهذا كلام ليس له صلة بالنقد ولا أقبله لأن كرامتي فوق كل شيء. بين ناصر والسادات وإذا كان «عكاشة» قد عرف كما سبق بناصريته فإنه قد عرف أيضاً بكرهه للسادات لدرجة التطرف في هذا الكره.. أسامة يدافع عن ذلك ويقول أنا لست متطرفاً في كراهيته للرئيس الراحل أنور السادات ولكن أقول رأيي فيما اتخذه من قرارات ككاتب والكاتب ضمير أمته.. والسادات في فترة حكمه لم يسيء لي في شيء ولم يضطهدني ولم يدخلني السجن. بعد حرب أكتوبر 73 قلت عن السادات إنه يشبه «أحمس» الذي طرد الهكسوس من مصر وهو أيضاً طرد الإسرائيليين من سيناء التي هي جزء أصيل وعزيز من مصر.. ولكني مثل معظم المثقفين اختلفت معه في ذهابه إلي القدس وتوقيعه لاتفاقية سلام مع الإسرائيليين، إذن أنا انتقد عملية السلام التي قام بها السادات وعندما انتقد شيئاً يكون ذلك لأنني أكرهه. ومن البديهيات التي رسخت في أذهان جمهور وعشاق فن أسامة أنور عكاشة منذ سنوات طويلة أنه «ناصري» الهوي والمزاج والانتماء لكنه منذ سنوات وتحديداً منذ أن انضم لكتيبة كتاب المقال في جريدة «الوفد» بدأ الشعور ينتاب البعض بأنه قد انقلب علي «ناصريته» والناصريين وأن هناك تحولات جذرية أخذت طريقها إلي فكرة مما عرضه لانتقادات شديدة بل وقاسية من بعض الناصريين يقول أسامة أنور عكاشة، أنا لم أكن ناصرياً حتي أنقلب علي عبد الناصر، ولم أقل من قبل في أي مناسبة أنني ناصري ولكن أنا أحب عبد الناصر لأنه كان بطلاً قومياً وعندما أكتب عن فترة حكمه فأنا أشهد شهادة حق عن فترة عشتها، فأنا دائماً أدافع عن إيجابيات عبد الناصر ولكن في نفس الوقت أدين السلبيات التي وقعت في فترة حكمه وذلك لأنني لست درويشاً في حضرة عبد الناصر.. كما أنني لا أغير في مبادئي الفكرية ولا أتحول عن ثوابتي. تشيكوف وموباسان المتابع لمقالات أسامة أنور عكاشة يري أنه دائم الإشادة بالأدب الروسي علي حساب أدب الدول الأخري، كما أنه يعتبر الأديب الروسي «تشيكوف» الأب الأكبر لفن القصة القصيرة في العالم رغم أن معظم نقاد الأدب خاصة الأكاديميين يصفون «موباسان» الفرنسي بأنه هو وليس تشيكوف الأب الأكبر للقصة القصيرة في العالم، يقول عكاشة أولاً بالنسبة للأدب الروسي فهو له مكان متميز ليس فقط عندي بل عند كل الأدباء المصريين والعرب وكل أدباء مصر «تربوا» علي الأدب الروسي فهو أحب وأقرب الينا من أدب الأمم الأخري أما بالنسبة لإشادتي بتشيكوف فذلك لأن هذا الأديب تجتمع فيه صفات يخلو منها أدب الأخرين وهو أكثر إنسانية من غيره والأكثر عظمة وجمالاً فهو مسرحي وقصاص عملاق وأنا أسعد بأن أصف نفسي بأني «تشيكوفي». جريدة القاهرة في 1 أغسطس 2006 |
سينما الثورة.. من يجرؤ على الإنتاج؟ محمد جمال يقوم قانون الشعوب على الاستدعاء الدائم والنداء المستمر لقائد فذ أو ذكرى قومية لا تسقط مع الزمن.. تشحذ القوي، وتبعث فى الأجساد التى هدّها الجلوس أمام التليفزيون.. روحاً وثابة وعزماً جديداً فى معركة عمرها عمر الحياة، خاصة عندما تتجدد الآلام هذه الأيام وما تقوم به المقاومة الإسلامية الباسلة تحت قيادة البطل حسن نصرالله، فى ذكرى ثورة يوليو الخالدة.. والتى تتزامن هذا العام مع مرور خمسين عاماً على تأميم قناة السويس أطرح على السينمائيين سؤالاً واحداً: هل ضمائركم مستريحة تجاه تعتيم العلامات والرموز المضيئة فى تاريخ مصر؟ وهل انجازات ثورة يوليو التى قدمت لكم على طبق من فضة ألقابكم الجديدة.. كانت مجرد زنزانة فى معتقل كبير يقف عليه سجان ممثل - كما ادعى مؤخراً المدعو ميشيل شلهوب - عمر الشريف - فى تنظيراته السياسية الغريبة عن مصر ورمزها ناصر! لقد تنافس البعض فى تشويه الثورة فى سلسلة من الأفلام أتذكر منها الكرنك.. و البريء، و احنا بتوع الأوتوبيس، وآه ياليل يا زمن! فيما اكتفى البعض بالتشويه الأدبي.. وادعاء البطولات بالكتب، والصحف، والمقالات.. والضحية جيل جديد ربما لم يقرأ الحقائق.. ولكنه يشعر بالحنين للزعيم والأب - جمال عبدالناصر ، العابر للأجيال.. والمتجدد فينا بروح العصر.. وإذا كنا نحتفى اليوم بذكرى الثورة.. وذكرى التأميم.. فسوف أطرح على الأصدقاء السينمائيين بعض الاقتراحات التى أرى فيها رد الاعتبار للتاريخ ورموزه فى مصر أولها إنتاج فيلم عن افتتاح السويس يؤرخ لذلك اليوم المثير 71 نوفمبر 9681.. الذى شهد افتتاح القناة بحضور المغامرين، والأفاقين، والطامعين فى بذخ الخديو إسماعيل وعلى رأسهم الإمبراطورة أوجيني.
هذه
الفترة وشخصياتها وثراؤها الدرامى وأدوارها كلها ألا تثير خيال
السينمائيين.. بدلا من الأفلام الهزلية التى أصابت الجميع بالأنيميا
السينمائية! خاصة إذا علمنا أن السينما العالمية بصدد إنتاج فيلم عن دنشواى
التى مرّ عليها مائة عام.. فى الوقت الذى انشغلنا فيه بإنتاج أفلام الكوميديا السياسية من عينة ظاظا رئيس جمهورية! واعتبرناها فتحاً ديمقراطياً! واقعة أخرى بأبطال آخرين..وهى واقعة تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956.. ألا تصلح للمعالجة السينمائية والفنية لأكثر من مرة وعدم الاكتفاء برائعة محفوظ وفاضل وزكى ناصر 56 ألا يكفى هذا. لنسج الخلفيات الإنسانية للعالم ولمصر فى هذا الوقت الذى شهد استقلال الهند والصين وغيرهما من البلاد التى انضمت إلى حركة عدم الانحياز فى باندونج عام 1955؟ تأميم القناة.. كقرار وطنى أكد على حرية مصر الاقتصادية.. فى مواجهة شروط الإذعان السياسى التى حاول البنك الدولى فرضها على مصر لتمويل بناء السد العالي، من أجل إعادة الشركة العالمية لقناة السويس البحرية إلى سابق عهدها الذى كانت فيها مصر ملكا بكسر الميم للقناة، وليست القناة ملِكا لمصر! قرار تاريخى يحتاج إلى معالجة فنية تصلح كوثيقة تؤرخ للأجيال ما فعله جمال عبد الناصر واستنكره البعض تحت زعم أن مصر كانت ستسترد القناة ولم تكن بحاجة إلى الدخول فى مواجهة مع القوى العالمية مع العلم أنه كانت توجد خطط عالمية لمد الامتياز على الشركة لفترة كان مقرراً لها أن تنتهى عام 1908.. وهو المشروع الذى اغتال بسببه بطرس غالى باشا فى 20 فبراير 1910 لموافقته على مد الامتياز مقابل دفع تعويض لمصر، واشراكها فى الأرباح!! قناة السويس.. لاتزال مادة خصبة لأى إبداع فنى خاصة بعدما تردد عن نية إسرائيل بحفر قناة فى صحراء النقب لمنافسة قناة السويس.. حتى وإن كان ذلك من المستحيل جغرافيا واقتصادياً! مثلما تبدو ثورة يوليو.. وزعيمها أيضا كمادة خصبة بالدراما التاريخية.. ليلة الثورة مشهد مغادرة الملك فاروق فى زى صيفى لأدميرال فى البحرية إلى منفاه! وعلى الصعيد العالمى كان المسرح يقف عليه ممثلون صانعو دراما تاريخية ونستون تشرشل فى بريطانيا.. محمد مصدق فى إيران.. وفى بريطانيا وبعد أسبوع واحد وجه الضباط الأحرار انذاراً إلى الإنجليز.. وتتوالى الأحداث.. والوقائع.. والتى بلغت ذروتها فى الفترة من 1955 حتى 1965 فترة التغير الاجتماعى الكثير! رغم أن مسلسل رأفت الهجان وقبله دموع فى عيون وقحة وبعدهما مسلسل أم كلثوم قد فجروا المخزون الوطنى العاطفى فى الشارع العربى بأكمله.. وإذا كان فيلم مثل الصعود للهاوية والذى سبق توقيع معاهدة السلام قد أثار ولايزال الجدل.. لأن قضيته مستمرة.. فالملفات الوطنية تكفى لتقديم الثورة.. ورمزها من منظور مختلف.. مثال ذلك عملية سوزانا أو فضيحة لافون نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيل بنحاس لافون.. وهى أول قضية جاسوسية وتخريب تمت فى الإسكندرية قام بها يهود من الإسكندرية والقاهرة عام 1954.. لم تحظ بأى معالجة سينمائية خاصة وأنها تفتح الملف الشائك لتبادل الأسرى والجواسيس.. بين مصر وإسرائيل لاتزال من الملفات المسكوت عنها سينمائياَ! إن السينما المصرية لاتزال تعيش على أمجاد الناصر صلاح الدين، و جميلة بوحريد و أرض السلام، ورد قلبى و ميرامار و الهارب و على من نطلق الرصاص ولكنها ومن خلال أبنائها سواء النجوم أو كتاب الدراما أو المنتجين.. أسقطوا من ذاكرتهم.. مراحل كثيرة للنضال الوطني.. ورموزاً كبيرة يتقدمهم جمال عبدالناصر.. الذى نستدعيه اليوم.. ليس من باب الهرولة إلى الماضى لنندب حظنا فى الحاضر.. بل لنستدعى هويتنا ونتجدد فى حماسنا.. ونعيد النظر إليه ونتأمل هذا الأب الحنون الحازم الذى كان ولايزال.. طويلاً كسنبلة فى الصعيد. جميلاً كمصنع صهر الحديد العربي المصرية في 30 يوليو 2006
أدركت الثورة وقائدها قيمتها.. فكان العصر الذهبى للسينما منى الغازى منذ ظهور السينما فى العالم وزيادة شعبيتها أدرك رجال السياسة أن ذلك الضوء الفضى الذى يحمل الصورة سيكون له دورا كبيرا فى توجيه الرأى العام والتأثير فى الشعوب، ومن هنا كان استخدامها كوسيلة دعاية فى الحرب العالمية الثانية من كلا الجانبين. أدرك الملك وأعوانه والجيش المحتل أهمية السينما ولكنهم اتخذوا الموقف العكسى فتركوها دون دعم ودون توعية وبدأت خطورتها حين دخل مجال الإنتاج السينمائى الاقتصادى الوطنى طلعت حرب، وبدأت السينما تحمل بعض الملامح الخاصة وتدعم بفكر المقاومة، الأمر الذى جعل القصر الملكى يقيم قلما لمراقبة الأفلام وجعله تابعا لوزارة الداخلية حتى تم تقنينه بصدور قانون الرقابة عام 1947 الذى وضع مجموعة من القيود الصارمة وعشرات التحريمات تبدأ من الإساءة للعرش وتنتهى عند استخدام أسماء الأسرة العلوية، وبالتالى أصبحت السينما لا تتعرض فعليا لقضايا الوطن سواء الداخلية او الخارجية إلا بعض المحاولات مثل فيلم فتاه من فلسطين تأليف وإنتاج وبطولة عزيزة أمير، وفيلم نادية أول إخراج لفطين عبد الوهاب، وفيهم تم استخدام العدوان الصهيونى على فلسطين كخلفية للأحداث. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت الخسائر وانهارت الشركات، وبقيام ثورة يوليو وضعت الدولة السينما على قمة اهتماماتها بشكل خاص وكانت الخطوة الأولى بإنشاء وزارة الثقافة ثم صندوق دعم السينما تلا ذلك رصد الجوائز المالية لأفضل الأفلام، وفى عام 1955 تم إلغاء قانون الرقابة السابق ووضع قانون جديد يعطى هامش اكبر من الحرية، كما بدأ تدعيم عملية التسويق والعرض للأفلام داخل البلاد وخارجها، وذلك بإنشاء مؤسسة دعم السينما عام 1957 كما تم فتح باب القروض للسينمائيين مع ضمان الدولة لهم وتدعيم تصوير الأفلام التى تحتاج لامكانات عسكرية وحربية، وفى عام 1961 وبصدور القوانين الاشتراكية تحولت مؤسسة دعم السينما إلى مؤسسة ذات شركات تسعى فى مجملها إلى الإنتاج والتسويق محليا وخارجيا. فى تلك الفترة ظهرت على الساحة بقوة نوعيات جديدة من الأفلام كالفيلم الحربى والفيلم السياسى وقد تحول الكثير من السينمائيين نتيجة للكبت السياسى السابق للثورة الى الانطلاق معها لمهاجمة العهد السابق، وبشكل تدريجى بدأ المستوى الفنى فى الارتقاء وبدأت موضوعات قوية تظهر على الشاشة فتم تناول الاستعمار فى مجموعه من الأفلام مثل مصطفى كامل، و يسقط الاستعمار و الكيلو 99 وفى بيتنا رجل وغيرها، كما تم تناول القضية الفلسطينية فى فيلمى ارض السلام و سمراء سيناء وتم تناول الثورة فى أفلام الله معنا إخراج احمد بدرخان الذى منعته الرقابة عام 1952 بعد قيام الثورة مباشرة حتى صرح بعرضه جمال عبد الناصر عام 1955، وفى فيلم رد قلبى أعاد عز الدين ذو الفقار ترديد نفس النغمة مع توضيح للعلاقة بين الثورة وحرب فلسطين، كما تم تناول الإقطاع والفساد فى أفلام صراع فى الوادى و أرضنا الخضراء و الفتوة و الخرساء، وظهرت حرب الجزائر فى فيلم جميلة بو حريد، كما بدأ الاتجاه إلى الأدب فظهرت أعمال توفيق الحكيم وطه حسين ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي، ومولت الدولة وساندت إنتاج أفلام الحرب والمقاومة مثل فيلم بور سعيد وسجين أبو زعبل وحب من نار والسمان والخريف ولا تطفئ الشمس، وقد تعرض اغلبهم لتحليل العلاقات بين أفراد الشعب فى فترة الحرب. وبالرغم من ذلك كله فلم تخل الساحة من ظهور أفلام نقدية موجهه إلى الثورة وزعيمها، غير أن أى معوقات كانت تقابل هذه النوعية من الأفلام كانت تنتهى عند الزعيم جمال عبد الناصر، الذى كان يأمر بالعرض، فنجد على سبيل المثال فيلم المتمردون للمخرج توفيق صالح والذى يشكك عبر أحداث الفيلم فى صلاحية القيادة السياسية وعجزها عن التعبير عن مصالح الشعب فى أقصى نقد وجه للنظام واتهام السلطة بانسلاخها عن الجماهير التى ساندتها ودعمتها، بل يعلن إنها تحولت إلى قيادة مستبدة تبحث عن مصالحها وراحتها ورفاهيتها وافتقاد رجال الثورة لرؤية ثورية منهجية، وبرغم ذلك فقد صرح عبد الناصر بعرضه، ثم جاء المخرج حسين كمال بفيلم شيء من الخوف ليشكك فى شرعية النظام ويعلن أن: جواز عتريس من فؤاده باطل وترفضه الرقابة ويعود عبد الناصر ويصرح بعرضه ويقول جملته الشهيرة: إحنا مش عصابة.. ولا أنا رئيس عصابة.. ولو كنا كده يبقى نستاهل الحرق هذا هو جمال عبد الناصر وعلاقته بالسينما، وهذه هى السينما الحقيقية التى كانت. العربي المصرية في 30 يوليو 2006
|
نحتفل معه بعيد ميلاده الخامس والستين أسامة أنور عكاشة .. «تشيكوفي» عنيد يثير الجدل حامد حماد |