وُلد الفنان طارق هاشم فى بغداد عام 1960. درس الإخراج السينمائى والمسرحى فى معهد الفنون الجميلة متخصصاً فى " التصوير، والمونتاج، والإخراج المسرحي، والتمثيل". ونال دبلوماً فنياً فى الإخراج المسرحى من المعهد ذاته عام 1981. وحينما تلقفته عجلة المنفى واصل دراسة تخصصه الأول "الإخراج المسرحي" فى المعهد العالى للفنون المسرحية والسينمائية فى بلغاريا عام 1986، ثم نال درجة الماجستير فى التخصص ذاته ومن المعهد ذاته عام 1992. أنجز طارق هاشم منذ تخرجه وحتى الآن نحو إثنى عشر فيلماً من الأفلام الروائية والتسجيلية، الطويلة والقصيرة، نذكر منها "كاظم عبد" ، "كربلاء"،"نشيد الإنشاد"، "أنيوتا"، "يوم القدر"، "تحت سماء نوربغوكذ"، "بين النمل والناس"، "زينب" هذا إضافة إلى فيلمه التسجيلى ذائع الصيت "16 ساعة فى بغداد "، وقد حاز هذا الفيلم جائزة "الصقر الذهبي" فى مهرجان الفيلم العربى الرابع فى روتردام عام 2004. وفى أثناء تواجده فى مهرجان روتردام الدولى التقته "العرب"، وحاورته فى أبعاد تجربته الفنية، وفيما يلى نص الحوار. تحريض المخيّلة * تميل إلى إنجاز أفلام قصيرة مُلغزة، فيها تحديات كبيرة للمخرج مثل فيلم "كاظم عبد" هل لك أن تتوقف عند هذا النمط من الأفلام التى تحرض المخيلة، وتستفز الذهن، وتجعل المتلقى مشاركاً فى صنع الحدث؟ - طبعاً هذه تجربة خاصة واستثنائية، فعندما كنت طالباً كان يدرّسنى بروفيسور مشاكس، ومتمكن فى فنه، ويتوفر على خبرة واسعة ومثيرة فى آن معاً، كنت محظوظاً، ومستمتعاً، لأن هذا الأستاذ لا يعلمك الحرفة تعليماً مدرسياً، وإنما يعطيك مفاتيح العمل الفني، ويحرّض عندك عنصر الخيال. ذات مرّة طلب منا هذا الاستاذ أن ننجز فيلماً وثائقياً عن شخصية مألوفة نعرفها، ولكن يجب ألا نعّرفها! كأن نقول ماذا تعمل هذه الشخصية، وما هو مصيرها؟ وما إلى ذلك، وعليك أن تقدمها من خلال الصورة، ومن خلال مفرداتك التى تستعملها بحيث يستطيع المشاهد أن يتعرف على هذه الشخصية، وما هو أصلها، أو ماذا تعمل، وما هو مصيرها؟ أنا اشتغلت على لاعب كرة قَدم عراقى اسمه "كاظم عبد" وحتى عنوان الفيلم أعطيته اسم "كاظم عبد" ولكن هل يعرف المتلقى الأوروبى منْ هو "كاظم عبد"؟، بالطبع، كلا. وكان شرط الاستاذ الأساسى فى هذا الفيلم هو انعدام الحوار، كتلك الحوارات الموجودة فى الأفلام الوثائقية التى تتحدث عن شخصية ما نتعرف عليها من خلال سيرتها الذاتية أو منجزاتها الفنية أو الفكرية أو العلمية. لقد اخترت "كاظم عبد" وهو لاعب كرة قدم مشهور فى العراق، غير أنه لاعب غير محظوظ بسبب الأوضاع السياسية فى العراق، لذلك قرر الهروب من العراق، وفى المنفى أصبح مربياً للخنازيز، بينما أصبح ملعب الكرة القديم زريبة للخنازير، وهذه الزريبة هى ملعبه الجديد على الصعيد المجازي. وفى لحظة من لحظات إعداد هذا الفيلم سألته عن المشكلات الشخصية التى تواجهه، وما هى طبيعة معاناته فى تربية الخنازير، وللخنزير صفات ودلالات كثيرة يمكن توظيفها والإفادة منها. فقال إذا هرب الخنزير من الزريبة فلا يستطيع أحد أن يرجعه إلى هذا المكان. وأضاف أنا منشغل يومياً بسلوكيات هذا الخنزير، لأننى أخشى مثلاً أن يعبر على مزرعة الجيران، ويدمرها بالكامل. "المعروف عن الخنازير أنها حيوانات خبيثة بحق فإذا ما أرادت أن تدمر مزرعة بالكامل فإنها تقف صفاً واحداً، ثم تنطرح أرضاً، وتبدأ بالتدحرج من بداية المزرعة وحتى نهايتها إلى أن تصبح المزرعة أثراً بعد عين.". اخترت هذه اللحظة، لأننى أردت أن أعيد يوماً من أيامه من خلال إشارة تحتاج إلى شيء من الانتباه. لقد ربطت بين معلق رياضى يعلق على مباراة لكرة القدم وهو يستمع من خلال الراديو إلى التعليق الرياضي، بينما تتوزع صوره الرياضية الملصقة على جدران غرفته، تلك الصور التى يعتز بها لأن هذه اللعبة الرياضية هى التى تهيمن على حياته. لقد ربطت بين لاعب كرة قدم شاب، قوي، وحيوي، وبين هروب الخنزير، ولكن بطريقة فنية مثيرة، فصوت المعلّق الرياضى فى المذياع يرتبط مع هروب الخنزير من جهة، وصوت المذياع يرتبط ثانية معه فى مكانه الجديد وهو يحاول أن يعيد الخنزير الهارب إلى الزريبة، كما يذكّره صوت المعلق الرياضى بجمهوره السابق، بينما يتألف جمهوره الجديد من الحيوانات المؤلفة من ديكة ، ودجاج، وخراف، وماعز، وكلاب. هذه المقارنة وحدها لا تكفي، فلا بد من لعبة فنية تلفت الانتباه إلى سياق العمل الفنى المركّب. فعندما ينجح فى إعادة الخنزير إلى الزريبة يصرخ المعلق الرياضى "كوووول" وكأنه حقق هدفاً جميلاً لا يمكن للمشاهدين أن ينسوه. ومن خلال هذه المفارقة لا بد أن يعرف المشاهد بأن الشخص الذى أتحدث عنه هو لاعب كرة قدم، وليس سائساً فى الزريبة كما هو حاله الآن. هذه المفارقة فيها مرارة، ولكن فيها نوع من التحدى الذى أريد من خلاله أن أكشف شيئاً غائباً قد لا يخطر من البال من خلال التركيز على شيء آخر بعيد تماماً، لكن شبكة الدلالات الداخلية هى التى توصلك إلى اللغز إن صح التعبير. هذا البناء الدلالى المعقد هو الذى مرّننى منذ البداية على ألا أعتمد على السرد أوالتقريرية. المدقق لهذا العمل سيكتشف أن هذه التفاصيل التى اعتمدت عليها فى الفيلم موجودة فى الواقع، ولكن الجانب الفنى يكمن فى الصياغة، وطريقة عرض المشكلة بآلية بصرية مرهفة تضع العمل كله فى إطار الدراما السينمائية المتواشجة مع فن الصورة. فمادة فيلم " كاظم عبد " مأخوذة من الواقع، وقد تحولت إلى واقع إبداعى مختلف، لكنها فى الأصل واقعية، وقد حولتها اللعبة الفنية إلى عمل فنى شديد الجمال. العمل الآخر الذى طلبه منى هذا البروفيسور أن أنجزه كان فيلماً قصيراً عن عملية انتحار، ولكن من دون وجود ممثل ينتحر، ومن دون حوار. وقد فرض عليّ من خلال هذه الشروط التى تبدو تعجيزية أن أعرّف المشاهد بثلاثة أشياء أو ثلاثة معطيات. الأول: من هو المنتحر، وهل هو رجل أم امرأة؟ وما هى طريقة الانتحار؟ وما هو سبب الانتحار؟ وقد أتاح لنا البروفيسور أن نعتمد على عناصر الإنارة والضوء والمكان والديكور من دون حضور الممثل. وهنا تكمن الورطة الصعبة. ومع أننى لن أكشف عن حل هذا اللغز، فإننى أقول بأن التمارين الأولى على التفكير بهذا اللغز وحلّه قد أوصلتنا إلى مقترحات معقولة تكشف عن دلالات مقنعة بأن هذا الشخص قد مات منتحراً. إن الوصول إلى نتائج محددة تأتى من خلال التفكير المتواصل، والتأمل الدقيق، والمشاهدة التى لا تنقطع، والخبرة المتراكمة، وتحريك الذهن والمخيلة. وهذه الخبرة لا تأتى بشكل عفوي، وإنما تحتاج إلى تراكم وإطلاع واسع على إنجازات فنية كثيرة سواء فى الفن التشكيلي، أو الموسيقي، أو الرقص، أو المسرح، أو العلوم الإنسانية بما فيها الجانب النفسى والإجتماعى والسياسى وما إلى ذلك مقترنة بالتجربة الذاتية للفنان نفسه. ومن دون هذه التجربة الذاتية لا يستطيع الإنسان أن يقدّم شيئاً ذا بال. فى عالمنا الشرقى يطلبون منك أشياء غير مستحيلة، هم يريدون منك عملاً سينمائياً فيه قصة وحوار، بينما المثقف الشرقى أو الغربى يريد منك فيلماً فيه هذا التحدى الذى أشرنا إليه آنفاً. فى الشرق تستطيع أن تنجز المئات من الأفلام التى لا تنطوى على تعجيز وتحدٍ كبيرين، بينما العالم الغربي، وأنا أعيش بين ظهرانيه، يطالبك بالأشياء المستحيلة التى لا تنجز بين ليلة وضحاها. فى الغرب هناك حوار يومي، وهناك جدل غير عقيم، وهناك بحوث متواصلة هى التى تدفعك لخلق شيء جديد دائماً أو لا مُفكر فيه. وفى أوروبا يوجد شيء أساسى ومهم نحن نفتقد أجزاء كثيرة فى عالمنا العربي، وهو الروافد الكثيرة الفنية والفكرية والتقنية للعمل الفني، ومن بين هذه الروافد المكتبات، ويمكنك أن تصل إلى كل ما تحتاج إليه من معلومات ومصادر أنجزتها البشرية فى هذه المكتبات، "والتى أصبحت الكثير منها أليكترونية". وهذه المصادر المعرفية تزوّد الباحث بما يحتاج إليه وتدفعه لأن يكتشف قوانين جديدة، وحتى لو كانت جذور بعض ههذه القوانين موجودة سابقاً، وما من شيء يأتى من فراغ، فإن عظمة البحث تكمن فى عملية البحث نفسها، أى الحراك ضد الجمود أو الموت. نحن حتى الآن فى العراق أو العديد من بلدان العالم الثالث لا نتوفر حتى على هذا الجانب المعرفي، وما هو متوفر عن طبيعة الإنجازات العالمية ناقص ولا يفى بعشر الغرض المطلوب. ولهذا فإن تجاربنا الفنية تبقى فردية واستثنائية ولا تؤسس لتقاليد سينمائية، أو أسلوبية محددة. يعنى عندما ترجع إلى الشرق تستطيع أن تقول بأن هذا مخرج سينمائي، وربما يكون متأثراً بتجارب وأساليب سينمائية أخرى موجودة ومطروقة، ولكنه يظل جديداً على الواقع الشرقي. من هنا يمكننى القول ومن دون تردد بأن مؤسساتنا الحكومية لم تؤسس أية تقاليد سينمائية أو أساليب ورؤى خاصة فى الشرق مع أننى أؤمن تماماً بأن السينما الإيرانية هى الاستثناء الوحيد فى الشرق الأوسط على الأقل، لأنها حققت إنجازات كبيرة ومدهشة تستدعى البحث والدراسة والتقييم، ولهذا فهى تخترق كل المهرجانات ليس لأن فيها بعدا سياسياً، وإنما لأنها أسست من محليتها موضوعاً يسترعى الانتباه بصرياً ومضمونياً، وبالتجاور مع التجربة العالمية خلقت شيئاً ثالثاً فيه خصوصية يمكن أن نطلق عليها "التجربة الإيرانية". تثوير الأعماق الثاوية * تحدثتُ أنا فى مقال سابق من مقالاتى عن تقنية الصدمة فى أفلامك، وقد اتخذت من فيلم "يوم القدر" أنموذجاً لهذه الصدمة. هل تستطيع أن تتوقف عند أبرز الأفلام التى عالجتها، وكان فيها موضوع الموت حاضراً دائماً بقوة؟ وهل هناك سبب منطقى يفسّر الحضور القوى للموت فى أفلامك؟ - حينما أراجع تجربتى السينمائية المتواضعة أكتشف أن معظم أعمالى التى أنجزتها كان فيها الموت حاضراً أو ضيفاً ثقيلاً عليها. وحينما تأملت فى الموضوع ملياَ اكتشفت أن الموت حاضر بقوة فى هذه الأفلام. وقد توصلت إلى قناعة خاصة مفادها أننى منحدر من عائلة كان الموت ضيفها الدائم. فوالدى قتل فى وقت مبكر حينما كان عمره 27 سنة لا غير، وأختى فقدتها بعمر مبكر أيضاً وهى لم تجتز عامها الحادى عشر، ووالدتى فقدتها أيضاً فى وقت مبكر عن عمر يناهز الـ 43 سنة. فبقينا داخل الأسرة اثنين، ولذلك فإن هيمنة الموت كانت قوية على هواجسى وذهنى وانشغالاتي، ويبدو أن المصادفات تلعب دوراً مهماً فى تعميق هذا الهاجس التراجيدي، وشعرت فى وقت من الأوقات بأن العائلة قد أوشكت على الانقراض. والغريب أن الموت كان يأتى بطرق وحشية كالقتل العمد أو نتيجة لتداعيات اجتماعية لا شأن لنا بحدوثها. المفارقة الأخرى اللافتة للانتباه وهى أننى كنت أنفذ عملاً سينمائياً فى الشارع الذى أعيش فيه فاكتشفت أننى أسكن أمام مقبرة! وعندما اشتغلت العمل عن المقبرة فى فيلم آخر كان الموت حاضراً أيضاً، وعندما دخلت إلى المقبرة اكتشفت التناقض الذى تنطوى عليه، فثمة أناس يتحركون فوق التراب، وآخرون يرقدون تحته، علماً أن مصيرنا واحد فى النهاية وهو الراحة الأبدية تحت التراب. أما موضوع الصدمة فى فيلم "يوم القدر" فأنا حقيقة كان عندى رغبة شديدة وهى ألا يكون العمل سهل الفهم، ربما لأننى أريد فضاءً غامضاً أصرخ فيه، لأننى فى أعماقى كنت أشعر بأن هذا الرجل هو ذكر قاسٍ ارتكب حماقات كثيرة، لذلك كنت أريده أن يقتل بهذه الطريقة الصادمة. فالصدمة كانت لى أنا شخصياً لأننى أحتاجها لكى أنعش عقلى من جديد، أو كأننى أريد أن أخرّب شيئاً ما بداخلي، كأن تكون شخصية متوارية، تحتاج لمن يستفزها لكى تفيق من جديد. لقد اعتمدت على هذا العنصر الأساسى الذى أسميته بتقنية الصدمة، وهذا توصيف نقدى دقيق، لأن الصدمة لم تكن شيئاً عشوائياً طارئاً، وإنما جاءت نتيجة قصد مسبق له علاقة وطيدة بعمق العمل الفني. هناك معادلة معروفة مفادها أن لكل فعل رد فعل، معاكس فى الاتجاه ومساو فى المقدار. فالقوة تولّد القوة، هذه مسلّمة لا يعترض عليها أحد. وجاء اعتمادى على تقنية الصدمة لأن الفيلم قصير ويحتاج إلى هذه الضربة الفنية، ولا يهم أين تأتى سواء فى البداية أو فى وسط العمل أو فى نهايته، تماماً مثلما ترمى حجراً فى الماء فتتوسع الدوائر التى تنشأ جراء سقوط الحجر. هذه الحلقة هى التى تمنحنى البداية أو النهاية التى أريد أن أصل إليها. الصدمة هى تحريض للعقل، وتثوير للأعماق الثاوية، وهى أيضاً شكل من الأشكال التقنية التى قد تُوصل من خلالها رسالة معينة فيها دلائل كثيرة لا يتضمنها الحوار إن وجد. التلاقح الكرنفالي * فى فيلم "16 ساعة فى بغداد" زاوجتَ بين المسرح والسينما فقط، ولا نريد أن نتحدث عن أجناس فنية أخر. هل تفيد هذه المزاوجة فى العمل السينمائي، وهل أن هذا التلاقح مقصود، خصوصاً وأن لديك اهتماما بالفن التشكيلى الذى يحضر فى بعض أعمالك السينمائية آخذين بنظر الإعتبار أن تجربتك الأخيرة قد تركزت على توثيق عدد من التجارب التشكيلية لفنانى عراقيين وأجانب؟ - يبدو لى أن الشكل المعمارى لمعهد الفنون الجميلة قد خلق عندى فضولاً لأن أتعرف على مجالات فنية أخر، وهى مهمة جداً، وخصوصاً فى الفن السينمائي، هذا المجال الواسع الذى يستطيع أن يحتوى أغلب المجالات الفنية، ويتفاعل معها بنجاح كبير. فالشكل المعمارى للمعهد يبدأ كالآتي: قسم الموسيقي، ثم المسرح، ثم التشكيل. وهذا يعنى عندما تخرج من المسرح لكى تمر على صديقك بالتشكيل، ثم نذهب معاً إلى صديق مشترك فى قسم الموسيقي. وغير مرة كنت أنام فى الأتيليه وعندما أشم رائحة اللون فى المرسم تخلق عندى فضول لكى أرسم، فأقول فى نفسي: لماذا لا أمسك الفرشاة وأرسم؟ وهكذا صرت فناناً تشكيلياً، ليس بمعنى الهواية، كلا، لقد أصبحت محترفاً، وكنت أرسم ديكوراتى بنفسي. وفى الموسيقى لم يكن اهتمامى عابراً، ففى قسم الموسيقى كان هناك العديد من البيانوهات وكنا نتمرن عليها كلما دخلنا إلى هذا القسم، حتى صارت الموسيقى جزءاً من اهتماماتى الرئيسية. فهذا هو السبب الحقيقى الذى جعلنى أزاوج بين السينما والتشكيل والموسيقى والغناء أيضاً. فى كل أعمالى أهتم بشكل عام بالمسرح والموسيقى والتشكيل فكل هذه العناصر تدخل فى العمل السينمائى وأسعى جاهداً لأن أحقق هذه الأشياء التى تضيف للعمل الفنى عناصر قوة وجاذبية، وتجعله أكثر دلالة وجمالاً. وعلى الصعيد الشخصى أنا درست السينما والمسرح، وبالتالى فأنا سينمائى ومسرحى فى الوقت نفسه، ولكن عندما أعمل فى السينما تكون السينما هى الغالبة فى حال توظيفى للمسرح فى السينمائي، والعكس صحيح. بعد بضعة أيام لدى عمل مسرحى سأقدمه فى الدنمارك، وسأجعل من السينما جزءاً من العمل المسرحي، بمعنى أن السينما ستصبح عنصراً من عناصر العرض المسرحي، ولا تطغى عليه، هذا إضافة إلى إفادتى من التشكيل والفوتو وسواهما من الفنون البصرية الأخر. أنا أحياناً أسمّى أعمالى الفنية "كرنفالاً" أو مصهراًً للفنون البصرية برمتها. فى الفيلم التسجيلى "16 ساعة ..." دخلت إلى قاعة للفن التشكيلى فى بغداد وكنت أتمنى أن أحقق شيئاً مع الفنانين أكبر من الشيء الذى حققته فى الفيلم، ولكن المدة المحددة تحاصرنى فلا أستطيع أن أقدّم كل شيء فى عمل فنى واحد، ولكننى مع ذلك لم أهمل هذه الصالة التشكيلية، بل كانت هناك مشاهد صغيرة وظفتها فى الفيلم الذى ضمّ إلى جانب المسرح، التشكيل، والنحت، وبعض اللقاءات الفنية مع الفنانين وبضمنهم الفنان الأمريكى الذى أكد بأن العراقيين يحبون الشعب الأمريكي، لكنهم لا يحبون القوات العسكرية الأمريكية. أحياناً كان الصوت يدخل ويعطى زخماً للحدث نفسه، وهذا العنصر الصوتى لا أستطيع أن أستغنى عنه، وإنما أعتبره عنصراً أساسياً من الفيلم ليس لأن له علاقة بالتنظير، وإنما لأننى فى الواقع مسرحي، وأعير اهتماماً كبيراً للموسيقي، والتشكيل والفوتو، وهذا هو هدفى من هذا التلاقح الكرنفالى الذى أفخر بأننى قد حققت جزءاً منه فى فيلمى التسجيلى "16 فى بغداد فى بغداد" أو فى أعمالى الفنية الأخر. النهايات الحادّة * يبدو أن نهايات أفلامك مدروسة كما فى "بيت النمل والناس" و"زينب"، و"نشيد الإنشاد"، و"16 ساعة فى بغداد" و"يوم القدر". كيف تتعاطى مع فن النهايات، وهل تعوّل على النهاية كضربة أو صدمة أو لحظة تنويرية، أم أنها تأتى كجزء من بناء سينمائى متكامل؟ - أنا دائماً أعتبر النهاية كبداية لمشروع قادم، لأننى أسعى دائماً ألا تكون النهايات مبتورة أو حادة أو تعطى رسالة أو جواباً ما، وهذا ليس من ابتكاري، وإنما هناك الكثير من المخرجين الذين يدعون نهاية أفلامهم مفتوحة، بمعنى أنها تعطى للمشاهد خيالاً، وتمنحه الفرصة لأن يكملها هو، لأن كل مشاهد عندما يخرج من السينما تبقى أحداث الفيلم موجودة فى ذاكرته، ويصبح هو وكأنه واحداً من شخصيات الفيلم. ذات مرة شاهدت فيلماً جميلاً، وحينما انتهى الفيلم خرجت من الصالة، لكننى فجأة قلت فى نفسي: لماذا تركت صالة السينما وخرجت إلى العالم الواقعي، وفعلاً تمنيت لو كان بوسعى أن أعود إلى الصالة ناسياً أن ما كنت أشاهده كان فيلماً وليس أحداثاً حقيقية. إن المخرج القادر على أن يمنحك هذا الإحساس يجب أن نرفع له القبعة، ونصيخ السمع لما يقول جيداً، فكائن من هذا النوع لا يدعك تميز بين الواقع الافتراضى والواقع الحقيقي. فى الأفلام الهوليوودية يجب أن تكون النهاية حادة، لأن قوانين وشروط الفيلم الهوليوودى لا تسمح بالنهاية السائبة أو المفتوحة. فإذا كان البطل شريراً فيجب أن يُقتل لكى يفرح المشاهدون. وهذا طبعاً حل سلبي، ولهذا فأنا أكره فى السينما الهوليوودية بشكل خاص كون النهاية حادة جداً، لأنها لا تريد للمشاهد أن يخرج من الفيلم حزيناً، وإنما تريده أن يخرج فرحاً ومنتشياً، ثم تنسى الفيلم بعد مدة قصيرة لأنه أزاح عنك عناء التفكير، والمشاركة الوجدانية، ولم يترك لك لغزاً لكى تحلّه، أو معضلة يجب أن تفكر فيها. أن جزءاً مهما من هاجس الثقافة الأمريكية السينمائية على وجه التحديد هو أن المشاهد يجب أن يتمتع فى أثناء المشاهدة خصوصاً بعد عمل يوم شاق بكامله. فالمخرج الأمريكى لا يريد أن يضيف لعنائك عناءً آخر. أنا طبعاً أنحاز إلى أن يظل عقل المشاهد منهمكاً فى التفكير والتحليل، وأعتبر هذا الانحياز للعقل هو نوع من الرعاية التى يقدّمها المخرج لعقل مشاهده. العرب أنلاين في 27 يوليو 2006 |
أوقات فراغ... هموم واقعية القاهرة - جميل حسن:
مؤلفان
ومخرج وخمسة ممثلين يخوضون أولى تجاربهم السينمائية، ينافسون كبار النجوم
في الموسم السينمائي الصيفي في مصر بفيلم الفيلم تأليف عمرو جمال ومحمود مقبل، وبطولة أحمد حاتم وعمرو عابد وكريم قاسم وصفا تاج الدين وراندا البحيري وأحمد مراد واخراج محمد مصطفى· الفيلم ''مغامرة سينمائية'' تطرح هموم المراهقة الواقعية، وتوقع له النقاد النجاح·
تدور الأحداث حول ثلاثة أصدقاء يدرسون في جامعة واحدة· الأول ينتمي لطبقة ثرية وانشغل عنه والداه بالعمل، والثاني من طبقة متوسطة ويعاني بسبب انفصال والديه، والثالث من طبقة فقيرة ويعاني بسبب عدم تفهم والده له والتعامل معه على أنه مازال طفلا· تبدأ أحداث الفيلم بحالة التخبط التي يعيشها الأصدقاء الثلاثة، حيث انغمسوا في تعاطي المكيفات والعلاقات العاطفية في ظل غياب الرقابة الأسرية· فقد أخطأ الشاب الثري مع زميلته وحملت منه وتزوجها في قسم الشرطة تحت ضغط أسرته· وترك الشاب الثاني دراسته في كلية الهندسة التي لا يحبها، أما الثالث فترك لوالده المنزل ليتصعلك في بيوت أصدقائه بعد أن فشل في العثور على فرصة عمل· وفي احدى سهراتهم يذهب زميل لهم لشراء بعض المكيفات وأثناء عودته يصطدم بسيارة ويفارق الحـــياة فتتغير حياة الأصدقاء الثلاثة، وينخرطون في الدين، ويســـــتمعون لبعض دروس الداعــــية عمــــرو خالد لكنهم سرعان ما يعودون الى اللهــــــو وينتهي الفيلم دون أن يجدوا من يرشدهم الى الطريق الصحيح· العودة الى الإنتاج عمرو جمال كاتب قصة الفيلم شاب عمره 18 عاما قال إنه كتب القصة منذ عام، وذهب بها الى المنتج حسين القلا فأعجبته وأصر على أن يعود بها الى الانتاج السينمائي، واختار المخرج محمد مصطفى ليبدأ التصوير بعد اختيار فريق العمل، ويشاركه صديقه محمود مقبل في كتابة السيناريو· أما الممثلة راندا البحيري فقالت إنها الوجه الوحيد في الفيلم الذي يعرفه الجمهور لأنها شاركت في أعمال سابقة· لكن فيلم ''أوقات فراغ'' أعاد تقديمها بشكل مختلف، حيث جسدت شخصية الفتاة المهتزة نفسيا وعاطفيا، وترتدي الحجاب بعد سماعها لدرس ديني ثم تخطىء مع صديقها وتتزوجه، ثم تنفصل عنه عندما يهملها وتتزوج آخر· أما أحمد حاتم فقال: اختارني المخرج مع زملائي لبطولة الفيلم ولم يسبق لنا الوقوف أمام الكاميرا، ولذلك تدربت على يد د· محمد عبدالهادي في ورشته الفنية، وعندما شاهدت الفيلم لم أصدق نفسي، لقد نشأت على حب السينما ولم أتوقع أنني سأكون ممثلا وبطلا لفيلم· وقالت صفا تاج الدين: كنت مرعوبة من مواجهة الكاميرا، لكن المخرج محمد مصطفى طلب منا ألا نمثل، وأن نتعامل كما لو كـــــنا في بيوتنا أو مع أصدقائــــــنا، وتدربت على يد الممــــثل أحمد كمال في استديو الممثل· أما المخرج محمد مصطفى فقال: ''أوقات فراغ'' أول أعمالي للسينما بعد أن عملت لسنوات طويلة كمساعد لكبار المخرجين أمثال صلاح أبوسيف وعاطف الطيب وخيري بشارة· أبطال الفيلم والجمهور هم طلاب الثانوية والجامعة الذين يبحثون عن القدوة، ولم أفكر في منافسة كبار النجوم في الموسم السينمائي الصيفي، وما يشغلني هو تقديم عمل جيد· الإتحاد الإماراتية في 25 يوليو 2006
في "قراصنة الكاريبي".. جوني ديب يواصل ألعابه الفانتازية كتب عماد النويري: نجح الفيلم الأميركي الجديد 'قراصنة الكاريبي' في تحقيق أعلى إيرادات في الولايات المتحدة وذلك خلال الأيام الثلاثة الاولى من عرضه الاول بدور العرض الاميركية حيث حقق أكثر من 132مليون دولار. وقد استطاع الفيلم من التغلب على الفيلم الأميركي 'الرجل العنكبوت' الذي حقق 115 مليون دولار عند عرضه فى مايو .2002 كان الفيلم قد حقق نحو 55,5 مليون دولار فى أول يوم عرض له ليتغلب على فيلم "حرب الكواكب" عند عرضه عام 2005 وفيلم قراصنة الكاريبى من بطولة النجم الشهير جونى ديب وأورلاندو بلوم والنجمة كيرا ناتلي. جوني ديب ونقطة تحول نشأ جوني كريستوفر ديب في فلوريدا بعد انتقال عائلته اليها بعد وقت قليل من وفاة جده الذي كان مقربا منه، في سن المراهقة كان جوني شارد الذهن بسبب انفصال والديه فانقطع عن الدراسه في المرحلة الثانوية ولكنه التقط هواية احبها وتعلمها جيدا وهي العزف على الغيتار فانضم الى فرقة روك تسمى اللهب التي سميت بعد ذلك بكيدز وتجول معهم في ملاه ليلية بفلوريدا ثم انتقل معهم الى لوس انجلوس وهناك تفرقوا فعمل جوني ببيع اقلام الحبر على التلفون ليعيل نفسه. تزوج ديب من فنانة الماكياج لوري اليسون في عام 1983 ولم يدم الزواج طويلا ولكنه كان نقطة تحول في حياته فقد عرفته زوجته على نيكولاس كيج الذي اقتنع به وقدمه الى وكيله فاعطي ديب أول أدواره في فيلم Nightmare On Elm Street عام 1984، وبعدها واصل جوني طريقه في عالم الفن فذهب بعدها الى فيلمPrivate Resort ثم أعطي دور صغير في فيلم 'بلاتون'، وفي هذه الأثناء قام جوني بأخذ دروس في التمثيل في استديو بلوس انجلوس، وشارك بعدها بأعمال تلفزيونية ولكن العمل التلفزيوني Jump Street كان نقطة التحول الثانية في حياته، وكان دور توم هانسون، سبب شهرته، وتصدرت صوره مجلات المراهقين لمدة 3 سنوات ليصبح بعدها بسنوات واحدا من أهم نجوم الصف الأول فى هوليوود. احتيال ونصب فى الجزء الأول من 'قراصنة الكاريبي' يقوم الكابتن باربوسا بسرقة سفينة 'بلاك بيرل' من جاك سبارو (جونى ديب)، تلك السفينة التي يقضي فيها سبارو اجمل لحظات حياته مبحرا في البحر الكاريبي. ولم يكتف باربوسا بسرقة السفينة فقط بل يخطف ابنة الحاكم. فيقوم صديقها بالتعاون مع سبارو بإنقاذ الفتاة واسترجاع السفينة بلاك بيرل ذات اللعنة القديمة. ويتناول الجزء الثاني من 'قراصنة الكاريبي' عودة القبطان جاك سبارو. فعلى الرغم من أن لعنة اللؤلؤة السوداء قد رفعت إلا أن تهديدا جديدا يلوح في الأفق، حيث يدين جاك بروحه لديفي جونز حاكم أعماق المحيط، وقبطان سفينة الأشباح ذات القدرات العالية في السرعة والاختفاء، ولو لم يجد جاك طريقة للاحتيال والتنصل من هذا الدين فستحل عليه لعنة العبودية والبقاء في خدمة جونز إلى الأبد. مغامرات وأكشنة فى الفيلم 'الفن' ينجح المخرج جور فيربنسكي الذى اخرج الجزء الأول والذي قدم من قبل العديد من الأفلام لعل أهمها 'المكسيكي' و'الحلقة'، في تقديم توليفة اكشنية مغامرتية مقنعة الى حد كبير. ويقدم مصور الفيلم زوايا وأحجام لقطات مميزة، ومعبرة وينجح المخرج فى إدارة فريق العمل فى المشاهد الخارجية وينجح مرة رابعة فى إدارة الممثل واستخراج أقصى ما يمكن من تعبيرات لاداء الشخصيات بطريقة معقولة ومقنعة وهنا إشارة لابد منها لاداء اورلاندو بلوم وكيرا ناتلي المميز. مواقف وفانتازيا فيلم 'قراصنة الكاريبي' الجزء الثاني لا يخاطب العقل ولا يخاطب القلب وانما يخاطب العين واذا كان الجزء الأول عام 2003 كان مختلفا واكثر إحكاما فان النسخة الجديدة من 'قراصنة الكاريبي' لا تحاول ان تكون مقنعة بقدر ما تحاول ان تكون اكثر اثارة واكثر تشويقا واكثر إبهارا وهو الهدف الأكبر والأعظم بالنسبة إلى هذه النوعية من الأفلام. واذا كنت قد شاهدت الفيلم وشعرت ان كاتب السيناريو والمخرج والممثلين لم يأخذوا أحداث الفيلم على محمل الجد، على رغم جهودهم الخارقة في تكوين صورة مفعمة بالحركة واللون والتعبير فانه يمكن القول انهم نجحوا وبمجهودات خرافية في 'اكشنة' الاحداث على امل 'اكشنة' عقلك. نجحوا فى تقديم مشاهد مطاردات باحدث تشد الانتباه وتحبس الأنفاس. ونجحوا فى تقديم مواقف كوميدية استطاعت ان تصنع الابتسامات والضحكات. لكن مهما كانت 'الاكشنة' الموجودة في الفيلم فمن المهم في نهاية المطاف ان تصدق شيئا ما مما يعرض عليك في خضم هذا السيل المنهمر من حركات الممثلين ومن حركة موضوع يأخذك بعيدا عن الواقع الى عالم فانتازي ساحر قادر على خداعك وقادر ايضا على تسليتك وقادر مرة ثالثة على تقديم متعة بصرية وصوتية كبيرة. القبس الكويتية في 25 يوليو 2006
البطل الأسطوري يعود للحياة أكثر إثارة دبي ـ جمال آدم: حينما جرى الإعلان عن ولادة فيلم سينمائي جديد يحكي عن البطل الأسطوري «سوبرمان»، عادت الذاكرة إلى هذا البطل الذي أشبعته الرسوم المتحركة والأفلام السينمائية بحثا ودراسة وتقديما لكل أشكال التشويق والإثارة، إذا ما الجديد الذي وعدتنا به هوليوود هذه المرة عبر مخرج التقنيات الأميركي براين سنجر؟ سؤال طرحه على نفسه معظم من حضروا فيلم «عودة سوبرمان» الذي بدأ عرضه في صالات «جراند سينيبلكس» في دبي. الفيلم الجديد من بطولة براندن روث، الصورة الحديثة الأكثر جمالا وإشراقا عن نموذج «السوبرمان» ، وكان أفضل من جسد هذه الشخصية الممثل كريستوفر ريف الذي رحل قبل عامين ،على الرغم من أن روث له نفس القوام الجسماني الذي يتمتع به شكل «سوبرمان» في النسخ السينمائية. يحكي الفيلم القصة التقليدية التي جاء بها «سوبرمان» إلى الأرض فقد وُلد «إل كال» على كوكب «كريبتون» قبل عامين أو ثلاثة من انفجار الكوكب وفنائه، وقد قام والده العالم «ال جور» بوضعه في صاروخ وجهته كوكب الأرض أطلقه قبل دمار «كريبتون» بثوان قليلة، بعد أن كان قد تنبأ بأن الكوكب على وشك الانفجار، من دون أن يصدقه أحد من مواطنيه ، فيما آثرت الزوجة لارا البقاء مع زوجها. انتهى الحال بـ «سوبرمان» الصغير بالهبوط على كوكب الأرض، وتحديداً في مدينة «سمول فيل»، حيث عثر عليه وتبناه جوناثان كنت وزوجته مارثا. وبينما سوبرمان الصغير ينمو ويكبر، بدأ الصبي يكتشف أن لديه قدرات خارقة تفوق مثيلاتها لدى البشر. وأثناء عدم انشغاله بمحاربة الأشرار، عاش سوبرمان حياة عادية كصحافي يحمل اسم كلارك كنت ويعمل في جريدة «ديلي بلانت»، واستخدم حياته هذه كغطاء يعينه على حياته المزدوجة، أما الحب الأول والأقوى لكلارك فقد كان من نصيب زميلته الصحافية لويز لان، وبعد قصص غرام وجذب وشد، يتزوج كلاك من حبيبته لويز في سلاسل متأخرة من قصص «سوبرمان». تغيرت وتطورت صفات وملامح وقدرات «سوبرمان» الخارقة على مر السنين وعلى مر كتاب قصصه، ومن تحوله من قصص مصورة إلى مسلسلات مذاعة ثم مصورة ثم أفلام سينمائية ثم كرتونية. بطبيعة الحال لم يلتزم المخرج بهذه الصيغة الجاهزة في القصة الكلاسيكية التي رويت عن بطلنا الأسطوري، بل لجأ إلى جعل وصوله إلى الأرض شابا يافعا ، وأما علاقته بلويز فقد كانت علاقة حب عاطفية من الطرفين من دون أن يتاح لأحدهما الارتباط بالأخ، لأن لويز متزوجة من ريتشارد ولديها منه طفل يبدو أن إمكانياته خارقة هو الآخر، وبالتالي كانت الفرصة مواتية أكثر من أي جزء آخر للتأكيد على الجانب الأخلاقي ل«سوبرمان» ليكون البطل الأسطوري المثالي الذي آثر عدم الدخول في حياة امرأة متزوجة على الرغم من ومضات الحب التي التمعت بينهما. المهم أن الفيلم الذي كتب قصته مايكل دوهيريتي ودان هاريس وصاغ له السيناريو براين سنجر ودوهيريتي، يبدأ في العرض لعصابة أميركية إرهابية تهدف إلى مسح أميركا عن العالم مع إمكانية بروز إمبراطورية جديدة أكثر قوة ومنعة وتأثيرا على الكون، ولكن جهود سوبر الخرافية حالت دون ذلك بعد أن أتم المشروع وبعد أن ألقيت بعض المعادن والأحجار الثقيلة في البحر لكي تتوالد بسرعة وتظهر على سطح البحر كأرض جديدة سيتملكها « كافن سبيسي ». لا شك ان الفيلم لا يتوقف كثيرا عند الأحداث العارضة التي يقوم بها سوبر بلمح البصر، كأن يمنع المكوك الأميركي من الانفجار بعد أن علق على متن إحدى الطائرات، أو يحاول منع سرقة مصرف ، أو أن ينقذ سيارة تمشي بسرعة عالية خوفا من تدهورها وسط العاصمة، لأن الناس أصبحوا يعرفون هذه الشخصية بل تركز همها الجديد على إضافة الجديد من الخوارق. الفيلم مشغول بتقنيات فنية عالية، وأصلا لا يطل «سوبرمان» عبر بوابة السينما إلا لعرض أهم التقنيات الجديدة في صناعة الإثارة والتشويق وأفضل حل لهذا الأمر كان إعادته للحياة، والإثارة التي قدمها المخرج تحبس الأنفاس لأنك تشعر أن الطائرة ستخترق الشاشة قبل أن تنفجر في الصالة، وبطبيعة الحال كانت فكرة ان أميركا تتعرض لخطر كبير هي السبب الذي جاء «بسوبر مان» إلى العالم من جديد، فالسينما أفضل من يروج للسياسة بشكل أو بآخر، فعلى الرغم من كل المآزق التي وضعت أميركا العالم فيها بفعل جبروتها ، فها هي تسعى للترويج على أنها بخطر وأنها بحاجة إلى «سوبرمان» كي ينقذها وينقذ العالم، وهنا نعود إلى سؤال لويز الملح خلال الفيلم: هل يحتاج العالم إلى سوبرمان؟ والإجابة هي «طبعا».. إذا كان الأمر من أجل خلق إثارة جديدة في عالم الفن السابع تبهر الناس وتعرفهم بالتقنيات الجديدة في عالم الفن السابع، أما إذا كان الهدف إنقاذ أميركا فلا شك أن العالم سيشجع حينها على ولادة «سوبرمان» مختلف لإنقاذ العالم من أميركا.. البيان الإماراتية في 24 يوليو 2006
|
المخرج طارق هاشم: أسعى دائماً ألا تكون النهايات مبتورة عدنان حسين أحمد |