تزور القاهرة الآن المخرجة المصرية التي تعيش في كندا تهاني راشد والتي مثلت مصر في مهرجان "كان" السينمائي في مايو الماضي بالفيلم التسجيلي "البنات دول" من إنتاج ستوديو مصر الذي تم اختياره من ضمن 21 فيلما للعرض في البرنامج الرسمي "خارج المسابقة" وكان بمثابة الصدمة لكل من شاهده بالمهرجان حيث يفتح الفيلم ملف "بنات الشوارع" في القاهرة وافتقادهن للرعاية الاجتماعية بأسلوب واقعي جريء تخطي كل المحظورات الرقابية لأن الفيلم تم تصويره دون إذن مسبق من الرقابة بكاميرا الديجيتال التي باتت أهم وسيلة تعبير للسينمائيين في العالم.

* سألت المخرجة تهاني راشد عن بداية اهتمامها بالسينما التسجيلية فقالت:

هاجرت وأنا طفلة مع أسرتي إلي كندا عام 1966. وفضلت دراسة الفنون الجميلة بمونتريال وانجذبت مبكراً إلي مجال العمل الاجتماعي والاهتمام بقضايا المرأة وقادني ذلك إلي السينما وأخرجت أول فيلم بعنوان "من أجل التغيير" عام 1972. ثم فيلم "سارقي العمل" 1979. وعملت بإذاعة منطقة "الكيبك" الكندية الناطقة باللغة العربية ثم التحقت بالمركز القومي للفيلم بكندا وقدمت مجموعة من الأفلام التسجيلية الوثائقية مثل "4 نساء من مصر" عام 1997 و"امرأة من فلسطين" 2004 وهذا العام أخرجت فيلم "البنات دول".

عالم مستقل

* كيف فكرت في عمل هذا الفيلم؟

¼ كنت أعلم الكثير من الدراسات الاجتماعية عن وجود ما يسمي بأبناء الشوارع الذين تربوا علي الأرصفة دون رعاية ويعملون في المهن الوضيعة والتسول. لكن لهؤلاء حياة خاصة وعالم مستقل عن حركة المجتمع وقع اختياري علي منطقة في مصر القديمة ذهبت هناك طوال 4 شهور يوميا واقمت مع هؤلاء البنات لأتعرف علي حياتهن. وبالطبع السينما التسجيلية لا تعتمد علي سيناريو ولذلك فإن همي الأول كان ما الذي يمكن ان تقوله البنات أمام الكاميرا. وكيف يستطعن التعبير عن حياتهن ومشاكلهن بشكل صادق.

* وهل تعرضت لمشاكل في تلك الفترة؟

¼ بالتأكيد خاصة عندما بدأت التصوير مع الزميلة نانسي عبدالفتاح كنا لا نعلم عندما نأتي غدا هل سنجد هؤلاء البنات أم سيتم القبض عليهن وأحيانا كنا نجدهن لكن يكن "مبرشمين" أو "بيشموا كله" وغير مدركات لما يقلنه أو يفعلنه. أو في حالة مزاجية سيئة ويرفضن التصوير. وكثيرا ما قلت لهن "لا داعي للتصوير اليوم".

* وهل البنات شاهدن الفيلم بعد تصويره؟

¼ تقول تهاني راشد: نعم شاهدنا الفيلم وكأنه "فيلم عائلي" تشاهده الأسرة لعيد ميلاد أحد أولادها أو فرح أو مناسبة سعيدة. خاصة مع وجود شخصية "أبلة هند" السيدة الطيبة التي اختارت أن تتردد عليهن والاهتمام بشئونهن وهي تحاول ايجاد حل لبعض المشاكل مثل حمل الفتاة التي تعرضت للخطف والاغتصاب من الباعة الجائلين "السرِّيحة".

وقد عرضت جمعية نقاد السينما المصريين الفيلم وأقيمت ندوة حضرها مع المخرجة مجموعة من النقاد والفنانين وعقب الدكتور صبحي شفيق رئيس الجمعية قائلا: هناك مقولة شهيرة لكاتب السيناريو الايطالي المعروف "زباتيني" وهي أن المخرج لو نجح في عمل فيلم مدته خمس دقائق عن حياة إنسان فإنه يكون قد حقق مفهوم الواقعية الجديدة. لأن السينما هي إيقاع الحياة اليومية. وتهاني راشد حققت ذلك من خلال فيلمها "البنات دول" لأن الكاميرا معها كانت وسيلة لاعتراف البنات بحقيقة حياتهن والنظام الخفي الذي يحكم هذا العالم.

* أما المخرج يسري نصر الله فقد أكد علي أهمية الاتفاق المسبق مع البنات قبل تصويرهن.

وقال: هذا نوع من الالتزام الاخلاقي ان يعرف كل من يقف أمام الكاميرا إنه الآن يتم تصويره لاننا لو قمنا بالتصوير من وراء الباب أو فوق السطوح فإن هذا يكون "تجسساً" وليس تصوير سينما تسجيلية. وللعلم فإن السينما التسجيلية نوع مستقل ومحترم ولن نقوم "بترقيتها" لو حولنا فيلما تسجيليا إلي روائي لانه في حد ذاته نوع متميز من السينما.

رأي ناقد فرنسي

ويضيف يسري نصر الله: عندما تم عرض فيلم "البنات دول" في مهرجان كان هذا العام. اعترضت ناقدة مصرية وغضبت ان المخرجة عرضت علي الشاشة نماذج ضائعة من البنات وهذا يسيء لمصر من وجهة نظرها. لكن أحد النقاد الفرنسيين رد عليها وقال علي العكس.. البنات يجب ان يكن مصدر فخر لكم لانهن يتمتعن بقدر كبير من التضامن والاخوة والمحبة مع بعضهن البعض رغم الظروف المادية القاسية والبشعة التي يعشنها. لأن هذا يؤكد معدن الإنسان القوي الذي يتماسك مهما اشتدت عليه المصائب ولا ينهار أمام ظروف الفقر والضياع الاجتماعي. وقال الناقد الفرنسي انه لا خوف علي شعب بهذا القدر من الشجاعة والتضامن. الفيلم دعاية لقوة الناس في مصر ولا يؤثر علي الاطلاق في الصورة التي تظهر بها مصر في الخارج.

الجمهورية المصرية في 10 يوليو 2006

 

«البنات دول» وثيقة حيّة تدين المؤسسات وتتهم المنظمات الأهلية

القاهرة - فريال كامل 

في حقيقة الأمر لا يعنينا أن سار فريق الفيلم - أي فيلم - على البساط الأحمر في «كان» أو أي مكان، فلدى النقاد مناهجهم التي مهما تنوعت تتفق على التعبير بلغة السينما عن قضية محددة، تحلل دوافعها بأسلوب يحرك آليات المجتمع للتطوير.

وفي تقديري أن تهاني راشد المخرجة المصرية المقيمة في كندا، مخرجة شجاعة استطاعت اقتحام مناطق مسكوت عنها في مصر. أما فيلمها «البنات دول» الذي شارك باسم مصر في مهرجان «كان» فهو وثيقة مصورة عن الحال اليائسة لحفنة من الفتيات يعشن - كما الحيوانات الضالة - بلا مأوى: آية وعفاف ورضا ومريم وغيرهن، من فتيات في عمر الزهور تحمل أسماؤهن معنى العفة والنبل، لا تخلو وجوههن من وسامة ولا أصواتهن من طلاوة، الا ان أرصفة الشوارع هي مكان مبيتهن وفي صناديق الزبالة طعامهن، فما يا تُرى الدوافع والأسباب وراء تلك التراجيديا الحياتية المصورة تسجيلياً في مكانها الطبيعي لا روائيً في فيلم خيالي؟ لعل المادة البحثية التي أعدتها المخرجة، ان أفصحت عنها ستكون قادرة على جعل التشخيص يكتمل ويكتسب العرض وجهة نظر تحيله من حدود الوثيقة الى نوعية الفيلم التسجيلي.

في الظروف التي يعشنها تتعرض الفتيات لأبشع ألوان العنف، الذي يصل الى التهديد بالتشويه والاختطاف والاغتصاب، من دون مدافع عنهن أو حام يحميهن اللهم السيدة هند التي تتردد عليهن لتسمع شكاويهن وتمسح دموعهن بوازع من ذاتها، من دون حزب يساندها او جماعة تدعمها. فأين هي يا تُرى تلك المنظمات التي تنهل من نبع المعونة وتجرف من سيل المنح؟!

ربما هذا ما قصدت المخرجة الإشارة اليه، بينما تتعيش الفتيات من ملاحقة العابرين وابتزازهم لشراء سلعهن التـافهة، كما شاركن في عمليـات نصب تـوفـر لهـن ثمن «الكولة» و «البرشام» و «البانجو»، فإذا أدركن حد النشوة يتحلقن في حلقات للرقص والغناء وحين تميد بهن الأرض وتنشق عن عفاريت من لهب وتوشك العمارات الشاهقة على الانهيار، تنطلق صرخاتهن المهووسة لتصوغ مشهداً كأنه آت من أفلام الرعب.

وما يحسب للمخرجة انها أبرزت ما تمتلكه تلك المخلوقات التعسة من شجاعة في اقتحام المعارك مسلحات بالمباغتة بالموسى والهجوم بالسكين وما يمتلكن أيضاً من شهامة في مؤازرة بعضهن البعض ومواساتهن في حال التهديد او النُفاس على قارعة الطريق.

وحين ينبلج الفجر يفترشن فرشة رثة بجوار حائط أو يعتلين أفرع الاشجار الى أن يطلع النهار. تقول إحداهن «أنا مخنوقة عاوزة اصحى من النوم آخذ برشامة وكولة»، وتحكي واحدة عن واقعة اغتصابها، وتحدثنا أخرى عن الضابط الشهم الذي أمرها ان تعود الى بيتها فطلبت منه ان يوفر مكاناً لمبيتها حتى ولو في اسرائيل! أما أمين الشرطة الذي سبّ أمها بلفظ جارح فقد اجابته بما يستحق.

وفي مركز لرعاية الأم تـركوها تصرخ من دون رعاية الى أن وضعـت طفلاً بلا اسم ودون أب. وتحدثـنا باكيـة انـها لا تعرف ابا للمولود، وانها ستقضي على الوليد ان كان انثى حتى لا تلقى المصير ذاته. على قارعة الطريق يحاط الوليد بالحب، يمنحونه دفئاً طالما حرموا منه، يوفرون له الرعاية الممكنة فيضعونه في صندوق ويرضعونه في زجاجة بلا تعقيم.

اتسم السرد بالبساطة والشريط عامة بالإطالة، وجرّ العرض أسئلة عدة لدى المشاهد ما يتطلب تقدير الحجم النسبي للمشكلة في المجتمع من خلال إحصاءات دالة لإعداد هذه الفئة من البشر وأيضاً التعريف بالدوافع النفسية لجنوحهن والظروف المجتمعية وراء تواجدهن، كما يتطلب المشاهد، من المخرجة والباحثة في الوقت نفسه، تقدير مدى القصور في أداء المنظمات الأهلية.

حضر العرض الأول في ستوديو مصر (الجهة المنتجة) حشد غفير من محبي السينما والمعنيين بالعمل الاجتماعي، غير الصحافيين والنقاد الذين صفقوا للفيلم وغير قلة أدانت المخرجة «لفضحها بعض تشوهات المجتمع» في مصر.

يقيني ان كشف تشوهات المجتمع ليس الدور الأوحد للمخرج السينمائي انما هو بالتأكيد أحد أدواره المهمة وهو ما نقدره للمخرجة الكبيرة تهاني راشد، يبقى ان تقوم المراكز البحثية باستثمار الشريط وان تقوم المنظمات المعنية بوضع المشكلة على جدول أعمالها.

الحياة اللبنانية في 21 يوليو 2006

 

هوليوود تعشق تكرار الفزع

عودة ابن الشيطان

ريم عـزمي 

في إطار هوس هوليوودي لإعادة إحياء أشهر الأفلام التي تم تقديمها سابقا‏,‏ هاهو واحد من أشهر أفلام الرعب التي تعرفها الأجيال‏,‏ يعاد إنتاجه مرة ثانية بنفس الاسم‏Theomen‏ كما أعيد قبل ذلك والد العروس والكبرياء والتحامل وسوف يعرض قريبا سوبر مان‏.‏

يعرض الفيلم باسم اللعنة وعرض فيما سبق تحت عنوان ابن الشيطان والترجمة الحرفية لكلمة‏Theomen‏ الإنجليزية تعني نذير شؤم‏,‏ تم تقديم ثلاثية ابن الشيطان حسب الترتيب الزمني‏,‏ الجزء الأول عام‏1976,‏ بطولة جريجوري بيك ولي ريميك‏,‏ والجزء الثاني دميان عام‏1978,‏ والجزء الثالث عام‏1981‏ الصراع الأخير وكتب ديفيد سلتزر الجزءين الأول والثالث وكتب كل من هارفي برنارد وستانلي مان الجزء الثاني‏.‏

والقصة تبدأ منذ مولد طفل غامض‏,‏ يكتشف فيما بعد أنه ابن الشيطان‏,‏ ويتم تبنيه من قبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية في لندن وزوجته‏,‏ حتي ينشأ في كنفه ويتم تهيئة الظروف لترقيه بسرعة والقضاء علي كل من يقف في طريقه‏,‏ بمن فيهم والداه بالتبني‏!‏ ويروي الجزء الثاني مرحلة مراهقته‏,‏ ويأتي الجزء الثالث ليعرض مرحلة شبابه بل وموته‏!‏ وقام بالدور الممثل الأمريكي سام نيل‏,‏ وهو ممثل غير معروف تماما‏,‏ شاهدناه بعد ذلك في سلسلة أفلام حديقة الديناصورات في دور دكتور آلان جرانت‏,‏ وشاهدناه في رجل الألفية في دور السير ريتشارد مارتن‏,‏ تم تقديم أيضا جزء رابع لكنه لم يحقق الشهرة التي حصلت عليها الأجزاء السابقة‏,‏ قصة ديفيد سلتزر أيضا بعنوان الصحوة فيروي ما بعد دميان ثورن ـ ابن الشيطان ـ حيث تتجدد النبوءة مع فتاة اسمها دليا والتزم اللعنة بكل تفاصيل قصة الكاتب ديفيد سلتزر‏,‏ كما تم الاستعانة بأحدث تقنيات المؤثرات الخاصة‏,‏ لكن الممثل ليف شريبر الذي يقوم بدور السفير لم يكن في مستوي جريجوري بيك‏,‏ من حيث الشكل أو المضمون‏.‏

شويبر ممثل أمريكي غير معروف تماما‏,‏ ظهر في سلسلة أفلام الرعب الصرخة ونتذكره أمام شارون ستون وداستن هوفمن في فيلم الدائرة السماوية في دور دكتور تيد فيلدنج‏,‏ تكلف ابن الشيطان‏3‏ ملايين دولار وحصد‏60‏ مليون دولار‏,‏ وهو المبلغ الذي تكلفه اللعنة وحصد في أسبوعه الأول من عرضه أكثر من نصف تكلفته‏46‏ مليون دولار‏!‏ من أطرف الأشياء في الفيلم‏,‏ هو قيام النجمة الكبيرة ميا فارو ـ‏61‏ عاما ـ بدور المربية المتعاونة مع الشيطان لخدمة ابنة دميان وتتفاني في أداء واجبها حتي تلقي حتفها‏!‏ وأشهر فيلم في حياة فارو هو ابن روز ماري ويتناول نفس فكرة ابن الشيطان‏,‏ وكيف أن أمه التي تقوم بدورها فارو حملت فيه دون أن تدري‏!‏ وهو واحد من أقوي أفلام الرعب أيضا في هوليوود من إخراج رومان بولانسكي‏.‏

قدم جون مور مخرج اللعنة عددا قليلا من الأفلام‏,‏ أشهرها خلف خطوط العدو إنتاج‏2001‏ بطولة جين هاكمان وأوين أولسن‏.‏

نبوءات مفزعة

يشغل رقم‏666‏ أذهان الغرب ويعتبرونه رمزا للشيطان‏,‏ لذا تم إنتاج الفيلم الأول ليكون مولد الطفل يوم‏1976-6-6‏ وفي الفيلم الثاني تم التركيز أيضا علي تاريخ‏2006-6-6,‏ ويصاحب ذلك علامات ذكريات في الكتاب المقدس تتوالي بالتدريج مثل أحداث‏11‏ سبتمبر وإعصار تسونامي وظهور‏3‏ مذنبات في السماء‏!‏ مما يمهد للحدث الكبير الذي يعرف باسم أرما جيدون وينتهي بنهاية العالم حسب سفر الرؤيا‏,‏ ويظهر ابن الشيطان كأنه المسيخ الدجال الذي يولد لدمار العالم‏!‏

الفاتيكان معقل الأسرار

شهدنا في الفترة الأخيرة ظهور الفاتيكان في عدة أفلام بمعان مختلفة‏,‏ لكنها كلها مرتبطة بالغموض الذي يكتنف هذا المكان الديني بل القلعة الكاثوليكية‏!‏ مثل الإطار الساخر لفيلم هدسون هوك بطولة بروس ويلز‏,‏ والمغامرة في ثالث أجزاء مهمة صعبة بطولة توم كروز والمؤامرة في الفيلم صاحب الضجة شفرة دافنشي أما في اللعنة فهو المكان المقدس الذي ينبيء بمجيء هذا الكائن الملعون‏!‏

جماعات سرية

أصبحت كذلك موضة سينمائية‏,‏ لتناول هذا العالم الغامض للجماعات السرية مثل جماعة إيلوميناتي في الجزء الأول من لارا كرفت‏:‏ سارق القبور بطولة أنجلينا جولي وفرسان المعبد في شفرة دافنشي والإثنان معا بالإضافة للماسونية وكل ذلك يصب في الصهيونية في الكنز الوطني بطولة نيكولاس كيدج‏,‏ ربما سعيا لإحياء أفكار تثير فضول المشاهد وتسليه أكثر ومتعه‏!‏

سكينة إسلامية

وفي سباق اللهاث ومباراة الصدمة التي تحيطنا أثناء المشاهدة‏,‏ يدخل إلينا المخرج بارقة أمل من خلال صوت الأذان العذب في رحلة السفير للقدس للبحث عن الحقيقة‏,‏ وهي من أرق اللقطات التي تفضلها هوليوود وشاهدناها أخيرا في سريانا بطولة جورج كلوني أيضا‏*‏

الأهرام العربي في 15 يوليو 2006

القدرة على التمثيل الجيد ليست شرطاً

هوليوود تبحث عن مضحكين جدد

محمد رضا 

حتى مطلع العام الحالي لم يكن أحد، بمن فيهم هذا الناقد، سمع عن ستيف كارل. لا المنتجون ولا المخرجون ولا أصحاب القرار ولا الجمهور. ذلك باستثناء الذين تعاملوا مباشرة مع فيلم “عذري في الأربعين” في شركة يونيفرسال. وكان من الممكن أن يبقى الوضع على ما هو عليه لولا أن الفيلم الذي تكلّف 26 مليون دولار خرج إلى النور ليحصد 177 مليون دولار من الإيرادات العالمية. وحالياً وصل مدخوله في سوق الأسطوانات إلى نحو 100 مليون دولار. الذين شاهدوا الفيلم يعرفون أنه مبني على فكرة غير متبلورة جيّداً وهذا شأن العديد من الأفلام الكوميدية الجديدة. الفكرة تقول إن رجلاً في الأربعين من العمر لم يدخل التجربة الجنسية بعد ولا يعرف كيف (ومتى) يدخلها. حين يكتشف زملاؤه في العمل هذا الوضع يحاولون مساعدته. هنا يدخل الفيلم في دوّامة: إذا ساعدوه سريعاً، انتهى الفيلم بعد عشرين دقيقة، إذاً لابد من أحداث تشغل الوقت. المشكلة هي أن الأحداث جاءت مختلقة وبسماكة الصفحة التي تمسكها الآن بين يديك.

 الكوميديا والتهريج

ما خلقه هذا الوضع هو تكرار لأوضاع سابقة: ولادة نجم مفاجىء بفيلم رخيص تعني شيئاً واحداً في هوليوود: البحث عن ممثل جديد آخر ووضعه بفيلم رخيص آخر. طبعاً ستيف كارِل سيبقى وجهاً صاعداً بين نجوم الكوميديا الجدد، لكن سعره سيرتفع والإنتاجات التي سيقوم بها ستكلّف أكثر. لا بأس اليوم لكن هوليوود عليها أن تكون مستعدة لإطلاق موجة جديدة بأسعار مخفّضة وأرباح عالية وتضخيم هذا العدد من الكوميديين- جيل ما بعد جيم كاري وإيدي مورفي.

قبل أسابيع قليلة قصد ممثل مساند وغير معروف اسمه وِل أرنت مكاتب شركة دريمووركس تبعاً لموعد وتباحث مع الشركة في مشروع فيلم كان بعثه إليها بعنوان “السفير” ويتحدّث عن سفير أمريكي وابنه الذي يتسبب في مشاكل سياسية من دون أن يعلم. حال خروجه من الموعد، اتصل به وكيل أعماله وقال له إن ذلك المشروع نال إعجاب شركة أخرى وأن لديه عرضاً منها.

بطريقة أبناء “البزنس” البارعين، نشر وكيل أعماله الخبر على شركات الأفلام فإذا بدريمووركس توافق عليه وشركة وورنر توافق عليه وشركة باراماونت توافق عليه. وكل موافقة مصحوبة بعرض أكثر إغراء من العرض السابق. النتيجة أن الفيلم وبطله صارا مدرجان حالياً على قائمة الأفلام التي سنراها في السنة المقبلة.

ومثل ول أرنت هناك عدّة. دان فوغلر، دان كوك، سث روغن، آندي سامبيرغ هم من بين جيل مقبل في أفضل أحواله سيمشي على خطى أدام ساندلر وبن ستيلر وأووين ويلسون، وفي أسوئها سيخط منهجاً في التمثيل لا يعدو أكثر من تهريج مستمر كلما ازداد إمعاناً كلما ازداد بعداً عن الذوق والقيمة.

الكوميديا والتهريج تلازما طويلاً. أن تخلق نكتة ساخرة من وضع، هذا كوميديا. أن تخلق نكتة مباشرة من حركة بدنية بحتة فهذا تهريج. بكلمات أخرى: أن يحاول وودي ألن إقناع جيرانه بأنه ليس الشخص الذي يصلح لأن يحرس الحي ليلاً وفي ظلمته قاتل متربّص، هذه كوميديا. بينما التهريج أن تلتصق كرسي “التواليت” بقفا أدام ساندلر. في الحالتين هناك ضحك، لكنه مختلف. تستطيع أن تسمّي الأول ضحك العقول وهو على درجات، وتستطيع أن تسمّي الثاني ضحك العيون، وهو أيضاً على درجات ولو أن أعلاها لا يصل الى أدنى درجات الكوميديا الحقيقية.

 التفكير السريع

الضرر لا يقع على صعيد تعميم قلّة الذوق، رغم أن هذا الضرر ليس محدوداً أو قليل الأهمية، بل يشمل التوقف عن مد الفن السابع بشريان كوميدي يتعرّف إليه الجمهور السائد وقد يقع في حبائله فيقدم عليه.

والجمهور مسؤول بلا ريب. إذا كان لديك وقت لمشاهدة فيلم واحد فإن اختيارك اليوم موقف من الأهمية بحيث لا يجب أن يمر عابراً فهو له دلالاته ويكشف عن توجهات صاحبه وعن نظرته لا إلى السينما والفن السابع فحسب بل إلى المجتمع ورسالته الخاصة في الحياة ومدى إيمانه بضرورة أن يسود الفيلم الجيّد والثقافة الصالحة المجتمع الذي يعيش فيه. وعلى الرغم مما ينتاب هذا الموقف من شعور او اعتقاد بأنه - في أقل تقدير - غير واقعي (فمن حقّنا جميعاً أن نتسلّى) الا أن غيره لا يوفّر التسلية المناسبة ولا الترفيه التي يخرج معك من الصالة ويبقى بعد العرض لأيام وربما لسنوات. النظر الى الموضوع من هذه الزاوية يجعلنا ندرك ما نخسره من متعة عبر اختياراتنا لأفلام الكوميديا الرائجة.

والمتسبب هو التفكير السريع، سرعة لف سندويش شاورما، في أن الفيلم الذي يقود بطولته بن ستيلر او أووين ويلسون سيجعلنا نضحك أكثر. بينما ذاك الذي يمثّله وودي ألن او ألبرت بروكس أو بول جياماتي او الإيطالي روبرتو بينيني سيضحكنا أقل لأنه معمول للتفكير. والشيء الذي لا يخطئه الجمهور أبداً هو التالي: يعرف تماماً وقبل أن يكترث لأسماء الممثلين ما هو الفيلم الذي يريد التوجه اليه للغاية الترفيهية البحتة. لا تستطيع أن تجذب أحداً الى فيلم من بطولة بينيني على أساس أنه ممثل مهرّج حتى ولو لم ير له أي فيلم سابق. الحاسة السادسة تخبر معظم المشاهدين أن بن ستيلر هو الذي يجب أن تقصده لا وودي ألن.

 سؤال ال 112 مليون دولار

بناء على كل ذلك، فإن انتشار كوميديا هذا اللون الفاقع له نتائج على أصعدة أخرى مهنية. على سبيل المثال، يشكّل المذكورة أسماؤهم أعلاه (ستيلر، ساندلر، فون، ويلسون، فارل الخ...) نادياً خاصّاً بهم يمارسون فيه نوعين من الهوايات: المنافسة فيما بينهم والتباهي بالنجاحات المتوالية إذا ما وقعت، والتضامن فيما بينهم لأجل حماية هذه المسطرة من الأعمال التهريجية حتى لا يخسروا السُلطة التي دانت لهم في السنوات الخمس الأخيرة على الأخص.

وككل ناد، فإن ما يلد نتيجة هذا هو وجود آخرين منفيين او غير مسجّلين كأعضاء. في هوليوود ما عاد ممكناً أن تشاهد ممثلات كوميديات ناجحات ومتألقات كما كان الحال أيام لوسيل بول وحتى غولدي هون. كذلك فإن المخرجين الملتمّين حول هذه النخبة من الأعمال لا يخضعون بتاتاً لمتطلّبات التطوّر لأنه لم يعد مطلوباً منهم التطوّر على أي حال. نتكلم عن جارد هس (“ناشو ليبري” مع جاك بلاك)، ديفيد دوبكِن (“مقتحمو الأعراس” مع فينس فون وأووين ويلسون)، فرانك كوراسي (“كليك” بطولة أدام ساندلر)، جد أباتو (“عذري في الأربعين” مع ستيف كارِل) واللائحة تطول.

لكن ليس كل ما يسعى إليه هؤلاء الكوميديون الجدد يتحقق. لدى جيم كاري وبن ستيلر مشروع فيلم مشترك بعنوان “فتيان مستخدمون”. ولا يخفى أن كل منهما نجم كوميدي كبير، لكن هذا المشروع لا يزال يبحث عن بيت يموله. السبب هو أن كلفته المعلنة هي 112 مليون دولار. ولسان حال هوليوود هو: إذا كان بالإمكان إنجاز فيلم من نوع “مقتحمو الأعراس” يتكلّف 40 مليون وينجز 210 مليون دولار، لم نموّل فيلماً أعلى كلفة من هذا المعدّل وقد لا ننجح في تحقيق الربح المضاعف منه؟_

الخليج الإماراتية في 9يوليو 2006

 

'خارج المكان'.. مخرج ياباني يقدم فيلما عن حياة إدوارد سعيد

كشف المخرج الياباني المخضرم ماكوتو ساتو قصته مع فيلمه الوثائقي الجديد عن الراحل إدوارد سعيد المفكر والناقد الفلسطيني الأميركي الشهير الذي قضى حياته مدافعا عن القضية الفلسطينية .

وحمل الفيلم الذي يستغرق137 دقيقة عنوان "خارج المكان" وهو نفس عنوان كتاب السيرة الذاتية للمفكر الشهير والفيلم المكرس لذكرى إدوارد سعيد عرض في مايو في اليابان ثم عرض في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية.

وطرأت فكرة الفيلم على ذهن ساتو البالغ من العمر49 عاما لأول مرة عندما شاهد سعيد ببسالته المعهوده وهو يواصل انتقاده للولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من شتنبر 2001 في الوقت الذي اختار فيه كثير من المثقفين التزام الصمت.

وكان ساتو يعتزم في بداية الأمر أن يجري حوارا مع سعيد أستاذ اللغة الإنجليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة كجزء من الفيلم ولكن وفاة سعيد في السابعة والستين من عمره بمرض سرطان الدم "اللوكيميا" في شتنبر 2003 حالت دون ذلك.

واختار ساتو في المقابل التركيز على كلمات سعيد في كتبه وبخاصة ذكرياته في مستهل حياته في القدس والقاهرة وقال ساتو لرويترز من مكتبه في طوكيو "صدمت حقا عندما علمت أن لا أحد في اليابان يعرف عن إدوارد سعيد.

اعتقدت أن الجميع يعرفونه لأنه مثقف شهير عالميا" ورغم اعتقاد ساتو بان سعيد غير معروف نسبيا في بلاده فإن الفلسطينيين في أراضيهم عبروا عن أسفهم لرحيله بتنظيم مسيرات واعتصامات وفعاليات أخرى احتفاء بحياته وأعماله.

وقال ساتو إن كلمات سعيد مثلت بالنسبة له مفتاحا لفهم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي برمته. وأجرى ساتو أثناء الإعداد للفيلم عددا من المقابلات مع بعض الأكاديميين بينهم الناشط السياسي وعالم اللغويات الأميركي الشهير ناعوم تشومسكي بالإضافة إلى عدد من أفراد أسرة سعيد.

كما أجرى مقابلات مع لاجئين فلسطينيين في مخيم عين الحلوة في لبنان ومستوطنين يهود. ويؤكد ساتو على أنه لم يكن لديه تصور مسبق عن سعيد قبل البدء في الفيلم الوثائقي.

وقال ساتو "في الحقيقة لم أذهب إلى دول الشرق الأوسط قط ولم أهتم بها كثيرا قبل إخراج الفيلم.

بالطبع قرأت كتب إدوارد سعيد ولكن لم أستطع تصور ما تعنيه كلماته في الحقيقة ولكني فكرت في الأسباب واستطعت أن أكون محايدا وأن أرى إسرائيل وفلسطين من مسافة متساوية".

الصحراء المغربية في 12 يوليو 2006

 

سينماتك

 

تهاني راشد مخرجة الفيلم المصري الوحيد في مهرجان "كان":

عشت 4 شهور مع "البنات دول" قبل التصوير .. وشاهدناه مثل "فيلم عائلي"

ناقد فرنسي: لا خوف علي شعب بهذا القدر من الشجاعة والتضامن والمحبة

كتب حسام حافظ

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك