قررت مجلة دفاتر السينما /لي كاييه ديو سينما/ الصادرة في فرنسا منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان، والتي تعد من اعرق الدوريات السينمائية بالعالم اصدار نسخة من اصدارها الدوري الشهري باللغة العربية، لتضاف الى اللغات الاخرى التي تصدر عنها بالانجليزية ،الاسبانية ، والايطالية فضلا عن لغتها الاصل الفرنسية.

وقد اسندت ادارة المجلة التي طالما قدمت الى عشاق السينما العديد من القامات السينمائية الرفيعة، الى الناقد والباحث السينمائي المصري صلاح هاشم المقيم بباريس مهمة الاشراف على النسخة العربية، الى جانب قيامه من خلال موقعه الالكتروني /سينما ـ ايزيس/ بترجمة الكتب السينمائية، التي تصدر عن دار نشر» لي زيتوال« التي تصدر عنها دفاتر السينما، من الفرنسية الي العربية، بالتعاون مع مؤسسة الدار للنشر في مصر. وبذلك يصبح صلاح هاشم رئيس تحرير النسخة العربية ل «دفاتر السينما» الفرنسية ، مما يحقق انجازا مهما، بادخال اللغة العربية، إلى قلب أشهر مجلة سينمائية في العالم . كما تؤسس لعلاقة تعاون وثيقة مع تلك المؤسسة السينمائية النقدية الفرنسية الشهيرة التي حملت راية الموجة الجديدة الى العالم.

والمعروف ان معظم مخرجي «الموجة الجديدة» في فرنسا، في فترة الخمسينيات، من امثال: جان لوك جودار، وفرانسوا تروفو ،وكلود شابرول ،وغيرهم، كتبوا في «دفاتر السينما» كنقاد ومنظرين، قبل ان يتحولوا في ما بعد الى مخرجين مشهورين، وأثروا بكتاباتهم في تيارات ومدارس السينما في العالم آنذاك. ومازالت المجلة التي تأسست منذ اكثر من خمسين عاما، محافظة على مكانتها النقدية كأشهر وأقدم مجلة سينمائية متخصصة في فرنسا والعالم وكمؤسسة سينمائية راسخة ..

يشار ان مشروع « سينما ايزيس » الالكتروني الذي اشتغل عليه الناقد هاشم منذ ما يزيد على عام، كان يقتصر في البداية على اصدار مجلة سينمائية فصلية مطبوعة باسم « نظرية الفيلم »، تعنى بشؤون السينما المعاصرة، والتعريف باتجاهات السينما في العالم، والاشارة الى الكتب والاصدارات والنظريات والابحاث الجديدة، وتكون منبرا للكتابات النقدية الرصينة، واستكشاف حدود واقاليم السينما في قارات العالم ،و في علاقتها بالتكنولوجياالمتطورة،وعصرالعولمة، ودعم التجارب السينمائية العربية، والمشاركة في اصدار بعض الكتب السينمائية المهمة، وجاء العمل علي اصدار تلك الفصلية السينمائية المتخصصة ، من منطلق غياب تلك الدوريات في السوق، او من جهة عدم انتظام صدور اغلبها.

غير ان مشروع المطبوعة، تحول تدريجيا الي مجلة سينمائية صغيرة على الانترنت باسم « سينما ايزيس» مستمد من اسم دار عرض سينما ايزيس في حي السيدة زينب التي امضى فيها الناقد هاشم سنواته الاولى ، التي تحولت الآن الى مصنع لاحد انواع الحلويات الشعبية وهي الدار التي شاهد فيها الناقد هاشم كمية لا باس بها من الافلام الاجنبية، في فترة الخمسينيات، مثل فيلم « كوفاديس » و فيلم «القرصان الاحمر » وفيلم «الاخوة الشجعان » وفيلم « فيراكروز» وافلام طرزان وغيرها من الافلام العالمية والمصرية التي قادته لاحقا الى الكتابة عن الافلام.

ثم انبثق عن «سينما ايزيس » والملتفين حولها من النقاد والسينمائيين العرب ، «مشروع» سينمائي طموح. مشروع سينمائي أكبر من مجرد اصدار مطبوعة على الانترنت، بمفاهيم وتصورات حديثة عن السينما وعلى اي شكل يمكن ان تكون، والبحث في علاقاتها بالتاريخ والهوية والذاكرة.

ولاشك ان مشروع اصدار طبعة من /دفاتر السينما/ باللغة العربية، سوف يعمل على متابعة ورصد دقيقين، لكل ما يحدث على خريطة السينما في العالم منذ زمن، وسيساهم في اطلاع القارىء العربي علي التجارب السينمائية الجديدة، وعلاقتها بالواقع، ويشير الى ازمات ومشاكل العصر، والتناقضات الاجتماعية والانسانية كما تبرزها الشاشة البيضاء في ارجاء المعمورة. ولذلك سوف يعمل المشروع من خلال مجموعة الافكار والتصورات التي يمتلكها هاشم في ايصال المجلة الى عشاق السينما ، وسائر المهتمين بادبيات النقد السينمائي في بلدان الوطن العربي وتعريفهم بالحراك السينمائي العالمي وتياراته الجديدة ، مما سيؤسس لجسر من التواصل بين اوروبا والعالم العربي وباقي دول العالم سواء على صعيد اللغة السينمائية وعناصرها الجمالية او من ناحية اتجاهات خطابها الفكري اعتمادا على متابعات المجلة الرصينة لقضايا الابداع السينمائي وحضوره المتزايد في ما اصطلح على تسميته بسينما البلدان الفقيرة ، عدا عن مناقشة مسائل ملحة مثل الانتاج والتمويل المشترك الى جانب التغطية المكثفة لمجموعة ليست بالقليلة من التظاهرات والمهرجانات ونشاطات النوادي السينمائية المعنية في بلاد العالم الثالث والعالم عموما. 

الرأي الأردنية في 10 يونيو 2006

  

زيدان..بورتريه للقرن 21  ـ  عن مجلة كراسات السينما.CAHIERS DU CINEMA.

فيلم "زيدان..بورتريه للقرن 21"... أحلام أنسان منفرد

اخراج: دوجلاس جوردون وفيليب بارينو

بقلم: سيريل نيرات  ـ ترجمة: صلاح هاشم

دعونا ننسي الخبطة الاعلامية المفترضة، ونتجاوز شكاوي هؤلاء، من عشاق كرة القدم، وحراس معبد السينما الفن، وعشاق جودار، الذين كانوا يحبذون ان يكون هذا الفيلم فيلما آخر، ولنعد الي المشروع المعلن عنه في عنوان الفيلم بدقة. لم تكن المسألة هي في " تصوير رياضة كرة القدم بشكل آخر" أو " اظهار حقيقة ما تعنيه مباراة بالفعل "، بل تقديم " بورتريه" من انجاز فنانين، بورتريه لشخصية عامة في اطار ظروف الدعاية، وبالوسائل الجمالية المتاحة في عصرهما. ان نقد هذا الفيلم لايعني أن نندم علي الفيلم الذي كنا نحب ونرغب في مشاهدته، بل بعني وصف النتيجة او المحصلة النهائية لتلك المحاولة الفنية التي تمخض عنها ذلك المشروع.، وبدلا من محاسبتهما علي دخولهما وبشكل انتهازي مجالا خارج كفاءتهما ولايمتان اليه بصلة، من الافضل ان نسأل كيف كان ذلك المشروع وثيق الصلة بابحاثهما الشخصية، فالفنانان فيليب بارينو ودوجلاس جودون هم بالكاد اكبرسنا من زيدان، وثلاثتهما شهدوا تعاظم تأثير وحضور الصور بشكل متسارع في مجتمعات الاستهلاك الجماهيرية، ومجييء التلفزيون كمرشح، وكأداة اعلامية مهيمنة. ان مايجمع محاولاتهم الفنية رفض اي نقد من خارج الصور، من خارج المجتمع، والنفاذ داخل هذا النقد، لتعديل آليته ووظيفيته, واختراع ممارسات أخري جديدة له، وادخال تجارب جديدة عليه، تجارب في الزمان وتجارب في المكان او الفضاء، وأشكال جديدة في السرد، والكشف عن الروابط التي تصل مابين البشر وعلاقتهم بالاشياء التي تنتمي اليهم.

لم يتم التفكير في فيلم " زيدان " كفيلم مناهض أو ضد التلفزيون، بل كفيلم " مع – ومغايرتماما " للتلفزيون كما يقول المخرج السينمائي جودار. ولم يكن مشروع الفيلم معنيا أيضا ب " تفكيك " صورة زيدان، بل كان معنيا بفتح هذه الصورة مثل زهرة، وتفتيحها وتوليدها لصور وحكايات، اي تحويل شييء استهلاكي، الي مادة للحلم الجماعي. وهنا يمكننا ان نقرأ عنوان الفيلم بشكل مختلف, اذ يصبح " البورتريه " او تصبح الصورة صورة قرن، بما تعنيه من خاصية القدرة المميزة علي الحلم مع الصور. الدخول في الصور. ويكشف احد العناوين الفرعية في الفيلم عن الاصل البيوغرافي للتخيلات الفانتازية، حيث يظهر طفل تجذبه أصوات و ضوضاء كرة القدم المنبعثة من التلفزيون ف " يمكث قريبا جدا أمام الشاشة لأطول مدة ممكنة " . وهذه العبارات من المفترض انها تأتي علي لسان زيدان في الفيلم، غير ان غياب توقيع زيدان يجعلنا نستحوذ بأنفسنا من جديد، بواسطة الفنانين جوردون وبارينوبالطبع، علي تلك الصور، تجعل المتفرج يستحوذ عليها.تصبح هذه الصور ملكا له، ملكنا.تتبني اللقطات الاولي في الفيلم أسلوب الصورة ، والبعد الذي يفصل بيننا وبين تلفزيون طفولتنا، فتظهر علي شكل لقطات كبيرة ولقطات من أسفل الي أعلي، كما ان عدم وضوح الصورة، تمنح هذه اللقطات خاصية الذكريات، التي تعاني من أجل الظهور و الخروج الي السطح، ثم فجأة يحدث " قطع " عنيف يحدد في مابعد ماسوف يكون عليه الاسلوب السائد في الفيلم : اقتراب اللقطة اكثر من زيدان، ومثولها او حضورها في مستوي قامته، والغوص في أجواء الملعب الاستاد الرياضي الكبير. ولن يكون هذا عبورا من التلفزيون الي السينما، بل الدخول مباشرة في " لحم " الصورة، والاستسلام الكامل للحلم. ويبقي علينا أن نعرف هنا من يحلم ؟ وأين يحلم ؟ ومنذ كم من الوقت؟ أو بشكل آخر علينا أن نسأل ماهو أصل هذه الصور ؟..

أصلها ثلاثي: تلفزيوني وفلكي وتصويري. فالمكان والزمان التلفزيوني ينعكس في تجربة التسجيل المباشرللواقعة التي يحكي عنها الفيلم ، اثناء حدوثها في الزمن الواقعي، وتحكي عن رجل يقوم بعمله، أي تحكي عن زيدان الذي يشارك في مباراة يخوضها فريقه ريال مدريد في البطولة الاسبانية يوم 23 أبريل 2005 ، وتهبط عناوين علي الشاشة تصف تجربته علي أرض الملعب، وتقول لنا انه مستغرق في المباراة، الا انه لا يسمع هدير الحشد الانساني في الملعب، وأنه يستطيع أن يختار من بين ألاصوات، علي سبيل المثال، صوت انسان يتحرك في مقعده في المدرجات . وتبدو القوة التسجيلية للفيلم، في طريقة لعب زيدان، التي تبدو كما لوكانت رقصات غريبة ، تتراوح مابين السير اوالركض، وتظهر لنا زيدان هائما، وكأنه قد استسلم بنفسه لاحلام شخصية منفردة، تقطعها فترات من الركض السريع فجأة، او تبادل – في النادر - بعض الكلمات، مع لاعب زميل في الفرقة.

وهناك اذن أصلان يناقضان هذا الزمن الواقعي في الفيلم، ويتعارضان معه. حيث ان بعض التفاصيل توحي بمكان-زمن من نوع آخر فلكي، اذ ان بارينو المخرج يتبني في أغلب الأحيان وجهة نظر "الغريب " أو الشخص الآخر، لكي يغير من تصوراتنا عن العالم، ويحقن هذا العالم بالغرابة، ويضع هذه " الغرابة " في قلب العادي والمألوف.وهنا ومهما كان حجم اللقطة ، فان " العرض " يبدو لنا كما لو أنه " يشاهد " من علي بعد، وتظهر هنا اللقطات الكبيرة الواسعة باحجام غير محددة، كما لو أنها صورت من قمر اصطناعي، أو لقطات مكبرة مهزوزة لزيدان ،لابد أنها صورت بالفعل بكاميرا من كاميرات وكالة الفضاء الامريكية" الناسا " التي تتمتع بعسات زووم قوية جدا. ومن بين الاخبار التي نستمع اليها في فترة الاستراحةمابين شوطي المباراة ،اخبار فلكية تحكي عما يحدث فوق كوكبنا، فهناك " مزاد " لبيع سفينة نجوم، من جملة السفن التي استخدمت في فيلم " حرب النجوم "، وهناك استقبال لموجات بلازما، ثم يظهر عنوان يحكي عن حدث لاحق، ويؤكد علي أن التجربة المعيوشة ليست تجربة معايشة الزمن الواقعي، ولا نعد نتذكر اننا نشاهد في الاصل مباراة، الا حين نشاهد " شذرات " من تلك المباراة بين الحين والحين، وهكذا يعترض زمن التلفزيون أصل من نوع آخر. أصل بعيد، مستقبلي ، يزود الفيلم بمعامل جبري من الماضي، فاذا به يصبغ الاحلام بلون الذاكرة. هناك مخلوقات من كوكب آخر تشاهد انسانا تختلف طريقته في اللعب عن الآخرين، وهو يمارس هنا لعبة، يجهلون هم أنفسهم القواعد التي تحكمها. ان اجيالا من الخلف، سوف تتذكر بعدنا زيدان، وسوف تتذكر أيضا افلام الوسترن حين تعبر قطعان الابقار الوحشية أول لقطة من الفيلم في سحابة من الدخان، ونحن نسمع صوت حوافرتلك القطعان وهي تدور حول الفارس الكاوبوي، كما سوف نري زيدان في بعض الاحلام بالمصادفة وقد ظهر كما لوكان احد رعاة البقر الكاوبوي، فنراه وهو يسير تارة بمنأي عن القطيع الوحشي ، وتارة نراه يقود ذلك القطيع،اما باشارة من يده، أو بصرخة مخنوقة.

اما الاصل الثالث فهو تصويري ويشكل مكان-زمان البورتريه، وطريقة انتاجه بواسطة الفنانين بارينو وجوردون، حيث قاما بدعوة طاقم الفيلم التقني في اول يوم تصوير في الفيلم الي متحف البرادو في مدريد، للاطلاع علي لوحات الرسامين فلاسكيز وجويا، ويعطي الفيلم تصورا عن حلمهما الخاص، كرسامي بورتريه ، اذ يعيدان هنا ترتيب وتنظيم الصورة، كما يرتب فنان البورتريه لمسات الطلاء والفرشاة في اللوحة، للتعبير عن فكرته وفهمه للموديل.ان رسم بورتريه سينمائي في القرن العشرين، يعني ان تضع زمن التسجيل في محل زمن الوضع الثابت، حيث يتم تعليق العلاقة الشخصية المتبادلة بين الموديل والفنان، بواسطة تلقائية وآلية الكاميرا، باعتبارها أداة تخلص مزدوجة بحدين. فعندما ينتزع من الفنان وقت الوضع او الثبات، لايعد بقدوره التحكم في اشاراته او تعبيراته، فاذا به يضع في متناول عين الكاميرا الميكانيكية المادة الخام لعمله الاعتيادي، فنري زيدان عندئذ وهو يتنفس، ويبصق ويلعن، ثم فجأة يركض لا لشييء، وهنا يخضع رسام البورتريه لضغطين، حيث يكون ملزما من جهة بتقديم شذرات من مادة غير مكتملة، وهو يتظاهر بأنه يلعب لعبة زمن المباراة الاصلي.وعندما يسرع زيدان ويرواغ كل لاعبي الدفاع، لكي بمنح رونالدو الكرة التي سجل بها هدفه الثاني، يجد جوردون وبارينو نفسيهما امام معضلة: فاما التمسك بالبورتريه، ورفض "وضحية" او عيانية الفعل، او تعليق البورتريه عن طريق اعادة تقديم الحدث في شكل ريبورتاج، والواقع انهما قررا العمل في الاتجاهين، اي بالخروج من الصورة، للسماح باعادة البث التلفزيوني للحدث. وفي هذا الفارق يظهر المعني الاخلاقي اللااستعراضي لمحاولتهما، اذ انها تعتبرالمرة الاولي التي لاتهدف فيها المغالاة التكنولوجية الي تقديم عرض استعراضي لنفسها، بل تشتغل في صمت. ويظهر هنا كيف يتحكم عنصر الصوت، اكثر من عنصر الصورة ، في قواعد لعب الاصول الثلاثة، ويشكل حالة الحلم، من خلال تنوع الابعاد المكانية والزمنية. لقد كان امام جودون وبارينو مايفعلانه ليكون افضل بكثير من تثوير عملية تصوير كرة القدم في افلام. لقد اخترعا بالفعل صورة القرن 21 وجعلاها عملية حلم بالصور. 

فيلم : زيدان صورة للقرن 21ـ انتاج فرنسا. ايسلندا.2006 ـ سيناريو واخراج: دوجلاس جوردون وفيليب بارينو ـ تصوير: داريوس خوندجي ـ مونتاج: هيرفيه شنيد ـ مكساج : توم جونسون ـ موسيقي اصلية : موجوال ـ انتاج: افلام آنا لينا ونافلاسترنجر ـ توزيع : يونايتد انترناشونال بكتشرز ـ مدة العرض : ساعة و30 دقيقة ـ تاريخ الخروج للعرض : 24 مايو 2006

عن مجلة " كاييه دو سينما " كراسات السينما الفرنسية الشهيرة، وباتفاق خاص بين مجلة " سينما ايزيس " والكراسات

انظر(النسخة العربية) في مجلة كراسات السينما  CAHIERS DU CINEMA

http://www.cahiersducinema.com/ 

سينما إيزيس ـ 3 يوليو 2006

أبطال سباق شباك التذاكر فـي دور السينما الأميركية

عمان- محمود الزواوي 

تثير الأرقام الفلكية المتعلقة بميزانيات الأفلام الضخمة الإنتاج وبإيرادات تلك الأفلام الدهشة بعد أن أصبحت الطابع السائد للإنتاج السينمائي لاستوديوهات هوليوود الكبرى في هذه الأيام.   فقد أصبح إنفاق 100 مليون دولار أو أكثر على إنتاج الفيلم شيئا مألوفا، كما لم يعد دخل الفيلم الذي يصل إلى 500 مليون دولار شيئا مثيرا للاستغراب. والشيء الأكيد هو أن هذه الأرقام آخذة بالازدياد بالنظر للارتفاع المتزايد في تكاليف الإنتاج السينمائي. فقد قدمت هوليوود هذا العام حتى الآن ثلاثة أفلام تجاوزت ميزانية كل منها المائتي مليون دولار، وذلك قبل إضافة تكاليف حملاتها الترويجية التي تتراوح عادة بين 50 و100 مليون دولار. وهذه الأفلام هي كل من فيلم «سوبرمان يعود» 260 مليون دولار، و«رجال إكس الموقف الأخير» 210 ملايين دولار، و«كنج كونج» 207 ملايين دولار.

ولغة الأرقام هي اللغة الوحيدة التي تفهمها هوليوود منذ أيامها الأولى، وستظل متمسكة بها لأنها تترجم إلى الربح والخسارة، وقد يترجم الربح إلى مبالغ طائلة تبلغ عدة مئات من ملايين الدولارات. ويراهن معظم مديري الاستوديوهات الكبرى وكبار المنتجين السينمائيين في هوليوود على إنتاج الأفلام الضخمة الإنتاج التي يعود بعضها بأرباح طائلة، علما بأن الكثير منها تعرض لخسائر مالية جسيمة. وقد بذل السينمائيون في هوليوود على مر السنين محاولات واجتهادات مستمرة لإيجاد صيغة النجاح السحرية للفيلم السينمائي، ولكن لا يوجد حتى الآن أي ضمانات لنجاح الفيلم تجاريا مهما سخرت له من مواهب وإمكانيات مالية. ويقول أحد الكتاب السينمائيين المخضرمين «لو كنت أعرف الصيغة السحرية التي تضمن نجاح الفيلم السينمائي من الناحية التجارية لأصبحت من أغنى أغنياء العالم».

ولعل ذلك ينقلنا إلى سباق شباك التذاكر في دور السينما الأميركية خلال الصيف الحالي، وما ينطوي عليه من مفاجآت. فقد انضم فيلم الخيال العلمي «سوبرمان يعود»، أحدث الأفلام الأميركية الضخمة الإنتاج، إلى هذا السباق أخيرا بعد توقعات كبيرة. وكان ينظر إلى هذا الفيلم قبل عرضه على أنه المعيار الذي ستقارن به الأفلام الأخرى في تحديد أكثر الأفلام نجاحا على شباك التذاكر، وذلك بالنظر إلى أنه صاحب الرقم القياسي في تكاليف الإنتاج في تاريخ السينما العالمية، ولكونه الجزء الخامس في واحد من أكثر المسلسلات السينمائية نجاحا. وقد حصد هذا الفيلم 125 مليون دولار في صالات العرض الأميركية خلال الأيام العشرة الأولى لعرضه، ورغم ضخامة هذا المبلغ فقد جاء أقل من التوقعات بالنسبة لفيلم بلغت تكاليف إنتاجه 260 مليون دولار، إضافة إلى نحو 100 مليون دولار أخرى تنفق على حملته الترويجية. ويذهب معظم ذلك المبلغ للإعلانات التلفزيونية البالغة التكلفة في الولايات المتحدة.

وعند المقارنة بين أكثر أفلام الصيف الحالي نجاحا في صالات العرض الأميركية نجد أن فيلم «شفرة دافينشي» ذا الموضوع الديني المثير للجدل هو الفيلم الفائز بدون منازع بسباق شباك التذاكر، حيث بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 720 مليون دولار. ومما يسترعي الانتباه أن أكثر من سبعين بالمائة من هذا الدخل جاء من دور السينما الأجنبية خارج الولايات المتحدة، أي أعلى من المعدل المعتاد بنحو عشرة بالمائة، حيث أن إيرادات الأفلام الأميركية في صالات العرض الأجنبية تشكل حوالي ستين بالمائة من إيراداتها الإجمالية خلال السنوات الأخيرة. وما من شك في أن الضجة المعارضة لقصة هذا الفيلم المسيء للديانة المسيحية قد أسهمت في زيادة إقبال الناس على مشاهدته، كما حصل للفيلم الديني «آلام المسيح» (2004) للمخرج ميل جيبسون والذي يبدو أن الحملة الشعواء التي شنتها المنظمات اليهودية الأميركية والكتاب اليهود ضده كانت ذات مفعول معاكس، حيث أنها أسهمت في شعبية الفيلم الذي حصد 612 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، وذلك رغم ميزانيته المحدودة التي اقتصرت على 30 مليون دولار.

وجاء في المركز الثاني بين أفلام الصيف فيلم الخيال العلمي «رجال إكس الموقف الأخير»، وهو الجزء الثالث في هذه السلسلة السينمائية، حيث بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 426 مليون دولار. كما احتل المركز الثالث فيلم خيالي علمي آخر هو فيلم «مهمة مستحيلة الجزء الثالث» الذي حقق 340 مليون دولار على صعيد العالم، إلا أن هذا المبلغ جاء مخيبا للآمال ودون التوقعات لكونه فيلما من بطولة الممثل توم كروز النجم السينمائي رقم واحد في العالم، خاصة عند مقارنته بالفيلمين السابقين في هذه الثلاثية، وهما «مهمة مستحيلة» (1996) الذي حصد 457 مليون دولار و«مهمة مستحيلة الجزء الثاني» (2000) الذي حقق 546 مليون دولار.

أما على الصعيد العام، فقد جاء في المرتبة الثانية في الإيرادات الإجمالية بعد فيلم «شفرة دافينشي» فيلم الرسوم المتحركة الكوميدي «العصر الجليدي الذوبان» الذي افتتح قبل فصل الصيف والذي بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 445 مليون دولار.

ويتضح من الأرقام المذكورة أعلاه أن أفلام العام تضم أربعة أفلام حتى الآن حقق كل منها أكثر من 300 مليون دولار، ومن المتوقع أن ينضم إليها فيلم خامس هو «سوبرمان يعود» الذي يستمر عرضه بنجاح في دور السينما الأميركية وينتشر رواجه في دور السينما الأجنبية. ويحتاج هذا الفيلم إلى دخل إجمالي لا يقل عن 550 إلى 600 مليون دولار لتغطية تكاليف إنتاجه وحملته التسويقية قبل أن يحقق أي ربح، وذلك بعد اقتطاعات نصيب الأستوديو الموزع للفيلم ونصيب دور العرض الذي يزيد على 60 بالمائة من إيرادات شباك التذاكر خلال الأسابيع الأولى لعرضه.

يشار إلى أن هوليوود حشدت لهذا الصيف عددا كبيرا من الأفلام الضخمة الإنتاج التي خصصت لها ميزانيات غير مسبوقة في محاولة للتعويض عن الخسائر التي تكبدها عدد كبير من هذا النوع من الأفلام في صيف العام الماضي الذي شهد تراجعا في إقبال الجمهور على صالات العرض الأميركية للعام الثالث على التوالي. فقد انخفض عدد مبيعات تذاكر السينما في الولايات المتحدة من 6ر1 بليون تذكرة في العام 2002 إلى 4ر1 بليون تذكرة في العام 2005، ولكن هذا الرقم يشهد زيادة طفيفة خلال هذا العام. ولأخذ فكرة عامة عما حدث لإقبال الجمهور على صالات العرض على مر السنين، فقد بلغت مبيعات تذاكر السينما في عصر هوليوود الذهبي في عقدي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي أربعة بلايين تذكرة سنويا، أي قرابة ثلاثة أضعاف الرقم الحالي، حين كان تعداد سكان الولايات المتحدة أقل من نصف عددهم الحالي، وذلك قبل أن يسلب التلفزيون من دور السينما معظم روادها ويغير عادات مشاهدة الأفلام السينمائية إلى الأبد.

الرأي الأردنية في 11 يوليو 2006

 

سينماتك

 

مجلة «لي كاييه ديو سينما»..

اشهر دورية عالمية فـي الفن السابع الى «العربية»

عمان- ناجح حسن

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك