قد يتحول الثلاثاء الحادي عشر من تموز/يوليو 2006 تاريخاً تحفظه لاحقاً ذاكرة الصالات السينمائية في بيروت وأكثر تحديداً ذاكرة شارع الحمراء السينمائية. تلك الذاكرة التي شهدت على انطلاق حركته السينمائية منذ العام 1957 والتي ارتبطت لاحقاً في الستينيات تحديداً بازدهار لا مثيل له للشارع.. تلك الذاكرة ستدون الحادي عشر من تموز تاريخاً يعيد، وإن بالمبدأ، شيئاً من عز الشارع ومن حركته الثقافية والفنية وبادرة تناوئ مخطط القضاء التدريجي على تاريخ شارع الحمراء وذاكرته الذي بدأ عملياً وبشكل مركز منذ مطلع القرن الحادي والعشرين الحالي. إزاء تحول صالة "إلدورادو" مركزاً تجارياً لبيع الملابس الشعبية وانتقال نظيرتها "سينما الحمراء" الى عوالم الرياضة على بساط أشهر ملابسها "نايكي"، وقبلهما التوقف النهائي لنشاط "برودواي" و"كوليزيه" الى آخر لائحة صالات شارع الحمراء المنكوبة، حظيت سينما "سارولا" قبل أقل من عام بتبدل يحفظ تاريخها إذ تحولت المقر الجديد لمسرح المدينة. وها هي اليوم تعود جزئياً الى استكمال مسيرتها السينمائية من خلال صالتها الصغرى التي ستتحول صالة عرض لتظاهرات سينمائية وافلام لا تحظى بمكانها على خارطة دور العرض التجارية وستُفتتح الثلاثاء المقبل بتظاهرة "أسبوع النقد الدولي" المحاذية لمهرجان كان السينمائي.

إذا كانت صالات شارع الحمراء حملت في الماضي عبر اسمائها هوية انغلوفونية جاورت فرانكوفونية صالات ساحة البرج (كابيتول، شيدوفر، أمبير، كوزموغراف، كريستال...) و"عربيّة" صالات الأحياء الشعبية (فيروز، الاندلس، سمارة، عايدة، الاهرام، الشرق....)، فإن اسم "متروبوليس" يشتق من "متروبول" إحدى صالات العرض التي تأسست اوائل الخمسينات في ساحة البرج ويستعير من السينمائي الالماني فريتز لانغ اسم فيلمه الصامت Metropolis المنجز في العام 1926 الذي يتصور مدينة مستقبلية ومجتمعاً ممكنناً وثورة عمال تناهضهما. والطريف ذكره هنا ان اسم "سارولا" أطلق على الصالة تيمناً باسم زوجة المنتج المنتدب من استديوات فوكس للقرن العشرين سبيروس كوراس، السيدة سارولا، التي حلت معه في زيارة خاصة لبيروت مطلع الستينات ("يا فؤادي" لمحمد سويد، دار النهار 1996، صفحة 76). ولكن بخلاف "متروبول" التي اقتصرت برمجتها على التنويع بين الافلام الاميركية والعربية وقتذاك، تسعى "متروبوليس" عبر مستثمريها (هانية مروة بمشاركة بيروت دي سي وبيار ابي صعب ودعم المركز الثقافي الفرنسي وآخرين) الى ان تكون صالة بديلة تتسع لانتاجات سينمائية فنية وتجريبية ووثائقية وقصيرة وروائية لا تحظى بموزعين لها في بيروت وتظاهرات واستعادات سينمائية.

في كتابه "يا فؤادي" الذي روى السيرة السينمائية لصالات بيروت الراحلة (صادر عام 1996 عن دار النهار)، يستعيد الناقد والسينمائي محمد سويد سير الصالات السينمائية من نشوئها ونوعية برمجتها الى تحولاتها ونهاياتها. لا يأتي الكتاب على ذكر صالة تخصصت بعرض الافلام الفنية ربما لأن الأخيرة كانت جزءاً من برمجة العديد من دور العرض البيروتية. يعزز ذلك ان الكلام على صالات متخصصة يترافق الى حد بعيد مع اقتصار برمجتها على الافلام العربية او الاميركية بما يؤكد ان الصالات الاخرى "غير المتخصصة" كانت تقدم افلاماً اوروبية وآسيوية وسواها. ومن ذلك ذكر الكاتب انه شاهد فيلم الروسي اندريه تاركوفسكي "أندريه روبليف" في سينما كليمنصو اوائل السبعينات. بمعنى آخر، كان "التخصص" وقتذاك سمة ضيقة مشفوعاً في الغالب بأفلام شعبية او تجارية. مع التحولات التي شهدتها السينما عموماً خلال العقدين الاخيرين والتبدلات الثقافية والاجتماعية التي طرأت على مجتمعاتنا، اتسع "التخصص" بالسائد والتجاري ليطول صالات العرض كافة. وغدا التنوع الذي كان سمة صالات بيروت في الماضي حكراً على المهرجانات والتظاهرات السينمائية.

لهذه المرحلة خصائصها بالطبع. فقيام صالة بديلة ومستقلة لن يقتصر على عرضها انتاجات سينمائية من العالم. فمن ملامح المرحلة اشتداد الحاجة الى صالة بديلة لمواكبة تقنيات الانتاج الجديدة، الديجيتال تحديداً، وأشكاله ايضاً. لعل سؤال تواصل الافلام القصيرة بأشكالها كافة مع الجمهور لم يكن مطروحاً في الماضي لأن الفيلم القصير نفسه لم يكن شكلاً رائجاً. كذلك الامر بالنسبة الى الفيلم الوثائقي الذي بدأت محاولات ادخاله دور العرض بخجل قبل سنوات قليلة واقتصرت على الافلام ذات السمة الجماهيرية. الى تلك، يعاني المشهد السينمائي المحلي من شح "الواردات" السينمائية غير الهوليوودية. وبقدر ما تبذل المهرجانات والتظاهرات السينمائية جهوداً لتعويض ذلك، فإنها تبقى ضيفة موسمية على الحركة السينمائية غير قادرة على تأمين صيرورتها المستديمة. بكلام آخر، تحتاج تلك الحركة الى عناصر تأسيسية تعمل على مدار السنة وتستثمر للسنوات المقبلة. فبين قلة الموزعين وهيمنة آخرين على دور العرض، تقتصر أفلام الصالات على الانتاجات الهوليوودية بملامحها الضخمة والمسطحة والترفيهية.

ولكن هل تستطيع "متروبوليس" تحمل كل ذلك العبء وسد الهوة الكبرى بين الحركة السينمائية الداخلية ونظيرتها العالمية؟ ولكن بدايةً، كيف انطلق مشروع اقامة صالة من هذا النوع؟

صالة مستقلة

منذ أكثر من سنة، بدأت جمعية بيروت دي سي البحث عن صالة لغرض برمجة عروض مختلفة قبل ان يخرج المشروع من تحت قبتها ويتحول استثماراً فردياً لهانية مروة (إحدى مؤسسات الجمعية) بمشاركة ضئيلة للجمعية تداركاً للمخاطرة المادية المرافقة للمشروع. قبل الاستقرار على شكله النهائي، مر المشروع عبر مصفاة من الافكار والاشكال. فكانت المعادلة الاولى ان تكون رديفة لـ"سينما الحي" الموجودة في فرنسا. ثم نشد القيمون عليها فكرة صالة "فن وتجربة". ولكن الأخيرة برهنت عن ضيق الخيارات التي تتسع لها في بلد يحتاج الى تأسيس ثقافة سينمائية عامة قبل الانتقال الى التصنيفات الضيقة. كذلك تمثلت فكرة استثمار صالة تابعة لسلسلة صالات تجارية ولكن ذلك سرعان ما تهاوى بسبب خطر ترنح هويتها وفقاً لأهواء أصحاب الصالات وحساباتهم المادية. أخيراً استقرت هوية "متروبوليس" على ان تكون مستقلة بالدرجة الاولى عن دور العرض التجارية وان تختص بالافلام التي لا تمر عبر معايير الاخيرة التجارية البحتة. لا يعني ذلك، ان كل الافلام تخاطب جمهوراً معيناً، فبعضها قد يكون مناسباً للجمهور العريض ولكنه لا يجد موزعاً في بيروت كأفلام بيدرو المودوفار مثلاً. وقع الاختيار على الصالة الصغرى لـ"سارولا" لأسباب عدة: فهي صالة متوفرة ومجددة، حجمها مناسب (110 كراسٍ) وموقعها. قبل "سارولا"، فكر أصحاب المشروع بإحدى صالات شارع الحمراء المقفلة. ولكنهم اصطدموا بأحوالها المزرية بما يحتم اعادة تجديدها وتجهيزها. كذلك وقفت لهم بالمرصاد ارقام خيالية طرحها أصحابها. كما ووجهوا أحياناً برفض اولئك المنتظرين مستثمراً يحمل مشروعاً تجارياً يدر الربح لا حلماً سينمائياً غايته التحقق بالدرجة الاولى.

القاعة المجهزة بماكينة عرض 35 ملم وشاشة سينمائية ونظام صوت "دولبي سوراوند" ستفتتح مع تظاهرة "الاسبوع الدولي للنقد" في مرورها الثاني في لبنان. ولكنه، اي الافتتاح، سيتزامن ايضاً مع مرور خمس وأربعين سنة على قيام سينما "سارولا". فقد أنشئت عام 1961 بموجب عقد ايجار واستثمار بين محمد تسبحجي (صاحب الملك) وشركة ماميش­عيتاني التي تولت ادارتها مع عدد من الصالات الاخرى قبل ان ينفرط عقد الشركة اوائل السبعينات وتؤول ادارتها الى الاخوين خالد وهاشم عيتاني. تم تدشينها بفيلم "جنوب المحيط الهادىء" لجوشوا لوغان من بطولة روسانو برازي وانتاج 1958. الآن وقد أصبحت تجمع بين المسرح (مسرح المدينة في الصالة الكبيرة) والسينما (الصالة الصغرى متروبوليس)، فإنها تستعيد على نحو ما هويتها الأساسية حيث كان صاحباها الشقيقان عيتاني يقدمان العروض السينمائية في الصالة الكبيرة ويخصصان الصغرى (متروبوليس اليوم) للعروض الصحافية والخاصة ولأعمال مسرحية ذات طابع تجريبي.

على الرغم من ان هذا النوع من الصالات يتلقى دعم الدولة في اوروبا، الا ان مروة تراهن على ان تمول "متروبوليس" جزءاً من تكاليفها مقرنة ذلك بمراهنتها على الحاجة الى الصالة. فالمشروع انطلق من احساس القيمين عليه بالحاجة الى هذا النوع من الصالات وتالياً اذا لم يلقَ اقبالاً فذلك يعني ان لا حاجة اليه. ولكن اتخاذ قرار من نوع ماذا يحتاج الناس ليس سهلاً، فثمة غياب طويل للممارسات الثقافية وللثقافة السينمائية بما يحتم منح المشروع بعض الوقت ليتجذر في المكان. السنة الاولى ستكون بمثابة تجربة تختبر الآراء كافة تلك التي تقول بالحاجة الماسة الى صالة بديلة والاخرى التي تعتبر ان هواة السينما في لبنان يفضلون مشاهدة الافلام غير السائدة في المهرجانات فقط.

البرمجة

يتوخى القيمون على المشروع تشغيل الصالة على مدار العام. ولكن ذلك يفرض تحديات كبيرة. فبين صعوبة الحصول على نسخة عرض لفيلم جديد لسوق ضيقة كلبنان وبين كلفة الشحن واحتمالات رفض الرقابة عرض الفيلم، لا يبدو الامر سهلاً. فالحصول على فيلم لمهرجان يبدو اسهل بكثير حيث يمكن اغواء الموزع بعناصر كثيرة كالتغطية الاعلامية واستضافة المخرج وكلها في اطار الدعاية المجانية للفيلم. اما استقدام فيلم لعرض تجاري لن يزيد على شهر في أحسن الاحوال فليس حتماً من المغريات. أضف الي ذلك ان النسخة في حال موافقة الموزع ستكون مستعارة بما يعني انها غير مترجمة الى العربية وغير قابلة لتعديلات الرقيب. اي ان فرض رقابة على الفيلم ستعني عدم عرضه. ولكن مروة متفائلة بتعاون الامن العام الذي تساهل في مسألة السماح بعرض تجاري لفيلم لا يحمل الترجمة العربية. وإذ يسعى المشروع الى تأمين ترجمة الكترونية فورية في المستقبل، ستقتصر الترجمة في هذه الاثناء على الانكليزية او الفرنسية.

أشهر الصيف المقبلة لن تكون الوقت الانسب لاطلاق افلام كبيرة. لذلك ستعتمد برمجة الصالة على ثلاثة أحداث سينمائية خلال الفترة المقبلة. فالافتتاح بتظاهرة "اسبوع النقد الدولي" التي تستمر الى 19 تموز/يوليو، يليها برنامج استعادي للافلام الفائزة بجائزة الكاميرا الذهب في مهرجان كان منذ العام 2002. سيتراوح عرض كل فيلم بين ثلاثة اسابيع وشهر على أبعد تقدير ولذلك اسبابه. فعرضه لمدة اقل سيؤدي الى خسارة مادية اما تمديد عرضه قيعتبر مخالفاً للقوانين لمن ليس موزع الفيلم اصلاً. بعد افلام الكاميرا الذهب، ستسضيف الصالة بعض عروض ايام بيروت السينمائية بداية من منتصف ايلول/سبتمبر. من الافلام المبرمجة للعرض في "متروبوليس" شريط غسان سلهب الجديد "أطلال" الذي سيفتتح في "الايام" و"عطش" لتوفيق ابو وائل. وستستضيف الصالة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر ورشة عمل مشتركة لـ"نما في بيروت" و"ذي غايت" حول ارشفة الافلام السينمائية.

ستقدم "متروبوليس" عرضين يومياً وستستقبل كل شهرين حدثاً سينمائياً كمهرجان. كذلك يخطط مبرمجوها لاقامة دورة افلام لمخرج معين او استعادة لآخر والتركيز على سينما معينة فضلاً عن دعوة مخرجين بين الحين والآخر لاقامة ورش عمل ودروس مع طلاب.

واذ يشدد اصحاب المشروع على ضرورة ان تتخذ الصالة هوية خاصة بها، يجدون في تنوعها طريقاً الى تحقيق ذلك. فالافلام الوثائقية والقصيرة اللبنانية والعربية بالدرجة الاولى ستحوز خانة في البرمجة. ولكن ذلك لن يحولها صالة للافلام اللبنانية فقط التي لا تحظى بالتواصل مع الجمهور الا عبر عروض ضيقة وقليلة. فهناك لجنة تقوم باختيار الافلام على اسس فنية آخذة في الاعتبار ان النقص السينمائي كبير والافلام التي لا تصل الجمهور المحلي لا تحصى وتالياً لا يجوز التركيز على السينما العربية او اللبنانية فقط. ففي نهاية المطاف، لكل فيلم الحق في ان يعرض ولكن الاختيار وفقاً للمعايير الفنية اساسي كي لا تضيع هوية الصالة. في الوقت عينه، يدرك اصحاب المشروع ان التحدي لن يكون سهلاً في ما يخص الافلام اللبنانية معتبرين ان رفض فيلم لبناني في مهرجان محلي كفيل بقلب الدنيا وتوجيه الاتهامات الى المهرجان والقيمين عليه.

وإذ يجر المشروع الى مقارنة مع نشاط النادي السينمائي، يشير اصحاب المشروع اختلافه الكلي حيث التعاطي مع الافلام على اساس تقني ومهني باستقدام النسخ السينمائية واذن الموزع والبائع العالمي وبعرضه أكثر من مرة وأحياناً باستضافة مخرجه.

المستقبل اللبنانية في 7 يوليو 2006

 

الأخوان داردن عن فيلمهما الاخير "الطفل"

شخصياتنا وحدانية ومحكومة بإحساس الذنب 

لمناسبة خروج فيلمهما الاخير "الطفل"L'enfant في الصالات البريطانية، أجرت مجلة "سايت اند ساوند" (عدد نيسان 2006) حواراً مع المخرجين البلجيكيين لوك وجان بيار داردن. حاز الشريط المعروض في بيروت حالياً (سينما سيكس في امبير صوفيل) السعفة الذهب لمهرجان كان 2005 في ما شكل فوزاً ثانياً للاخوين بعد "روزيتا" عام 1999. بينهما، أنجزا "الابن" Le Fils. هنا ترجمة لبعض مقاطع الحوار الذي أجراه جوناثان رومني.

* * *

·     في فيلمكما السابق، "الابن"، ذهبتما بأسلوبكما الى الحافة حيث أبقيتما الكاميرا لصيقة بالشخصية الاساسية. في الفيلم الحالي "الطفل"، عدتما الى اسلوبكما القديم كما في "الوعد"...

ـ هذه المرة، كان لدينا شخصيتان لذلك وسّعنا الكادر. كان اهتمامنا منصباً على حركة الشخصيتين داخل الكادر أكثر منه على حركة الكاميرا. كما ان الأحداث لا تقدم من وجهة نظر أحد. الواقع اننا حاولنا توسيع الكادر أكثر ولكننا شعرنا بأننا "نؤلف" لقطات وهذا شيء نتجنبه دوماً، اي ان تكون الدلالات مباشرة ومقروءة بسهولة لأن ذلك يفقد الفيلم انسيابيته وقوته وتوتره.

·         "الطفل" فيلم عن الغياب. "برونو" غائب في البداية ومن ثم لا نعرف من أخذ الطفل...

ـ شعرنا انه من الأفضل بالنسبة الى المشاهد ان نبقى مع "برونو" باستثناء مرة واحدة عندما نرى الرجل الذي يتعامل معه. ان بقاء الشخصيات والعوامل الأخرى خارج سياق السرد يمنح الفيلم توتراً أعلى ويتيح للمشاهد السفر مع "برونو" في الزمن الاصلي. عندما شاهدت الفيلم ثانية في كان، فكرت لماذا لا يذهب "برونو" ويستعيد الطفل قبل ان يأخذه الآخرون؟ بإمكانه تغيير رأيه. إبعاد الآخرين عن السرد يولد تعاطفاً أكبر مع "برونو".

·         ابدى بعض النقاد دهشته من تحول الفيلم بعد ربع الساعة الاول من حكاية "سونيا" الى حكاية "برونو".

ـ أحببنا فكرة ان يبدأ الفيلم مع "سونيا" وأن يبقى معها لعشر دقائق قبل ان يظهر "برونو" فجأة ويأخذه. أردنا ان يشعر المشاهد بغياب الشخص الذي تبحث عنه. ثم بعد ان تطرده، عليه ان يجد طريقه بنفسه وان يعيش تجربته. على الرغم من ان الفيلم هو جزئياً عن حكاية الحب بين الاثنين الا ان المثير بالنسبة الينا هو التحول الذي يصيب "برونو".

·         هل تعرفان مسبقاً نهاية الفيلم؟

ـ أجل ولكنها تتغير أحياناً خلال الكتابة.

·         كثيرون يجدون في افلامكما حكايات خلاص حتى ان بعضهم اعتبر "الابن" حكاية المسيح.

ـ كل شخص يأتي بأفكاره الخاصة الى الفيلم. ولكن الفيلم هو ما هو عليه وهناك تفسيرات عدة له، نأمل ذلك. بالنسبة الينا، نهاية "الابن" ليست عن المغفرة. لم نعمد ابداً الى التعبير عن فكرة مسيحية او سواها. انها ببساطة قصص انسانية. ولكن مجتمعاتنا وُجدت على اسس دينية من الصعب التفلت منها. يمكن القول ان افلامنا عن "الذنب" وليس عن التضحية بالمعنى المسيحي. نحن لا نضحي بشخصيات افلامنا كما لا نضحي بأحد آخر من اجل ان تجد هي خلاصها كما يقول الدين او يطلب. شخصياتنا وحدانية وإحساسها بالذنب يزيد من وحدتها الى ان تجد صلة بإنسان آخر. من دون شك، هناك فكرة تشغل افلامنا هي ايماننا بأن الاحساس بالذنب يتيح للأشخاص ان يتغيروا. انه يسجن الشخص ولكنه في المقابل يمنحه فرصة التغيير.

·         الواقعية في افلامكما لها وزن. المياه في الفيلم الحالي مثلاً تبدو واقعية تماماً باردة وملوثة وهذا ينطبق على الشخصيات ايضاً،

ـ صحيح هذا ما نسعى اليه. نشعر بوزن برونو وبوزن سونيا. نريدهما ان يكونا حاضرين وملموسين مثل المياه.

·         كيف تقرران على هيئة الشخصيات؟ فقبعة "برونو" مثلاً تجعل شخصيته ملموسة.

ـ قبل البدء بالتصوير، أمضينا وقتاً كافياً مع جيريمي وديبورا في اماكن التصوير. أحياناً لم تكن الديكورات جاهزة ولكن تمضية ساعة هناك ساعدتهما على استنشاق المكان بهدوء كإسفنجة في الماء. كذلك كنا نذهب كل مساء الى قسم الملابس ونجرب أشياء مختلفة.، في السيناريو، لا نحدد ملابسهما ولكننا نترك لمصمم الازياء الخروج بأفكار ومن ثم نجرب ونختار. ونحاول دائماً الابتعاد من الشكل النمطي. غالباً ما يتعلق الممثلون بملابس محددة ولكننا تعلمنا ان نعارض اي شيء يتعلق الممثل به. بالنسبة الى القبعة، كانت مذكورة في السيناريو. وبدأنا التصوير بها ولكن المنتج وجدها نمطية. لم يكن ممكناً الاستغناء عنها لأننا كنا قد صورنا المشاهد بالتسلسل الزمني لحدوثها. لذلك اخترعنا مشهد بيعها في البار.

·     بعد "الوعد"، أصبح جيريمي رينييه ممثلاً معروفاً وشارك في افلام مخرجين معروفين. هل وجدتما صعوبة في اعادته الى اسلوبكما في التعاطي مع الممثلين؟

ـ قلة من المخرجين تعمل مع الممثل لذلك معظمهم يترك على سجيته وتقنيته وينتهون الى اسلوب ثابت ومتكرر. بالنسبة الى جيريمي، كنا أكيدين من اننا نريده للدور. لا انكر اننا قلقنا من ان يحمل معه تقنية التمثيل التي يعلق الممثل فيها بعد عشرة افلام. لحسن حظنا، كان جيريمي متحمساً للتخلي عن ذلك والعمل قبالة اناس لم يمثلوا من قبل. ولقد جهد ليماشي فطريتهم التي تعشقها الكاميرا.

·         أنجزتما الى الآن خمسة افلام روائية في "سيراينغ". الى اي مدى تهتمان بأماكن التصوير؟

ـ الى أبعد حدود. نحن نكتب في العادة "خارجي­ طريق" ونعرف اين ستدور الأحداث. ولكن عندما نخرج للبحث عن اماكن التصوير، اشياء كثيرة تتغير. نولي ذلك أهمية كبرى لأن الحكاية تكتسب الحياة في المحيط المكاني الذي نختاره.

·         انها لحظة غير عادية: برونو ينتظر في غرفة ليأخذوا الطفل ولكننا لا نرى ابداً كيف ومن يأخذه.

ـ المشاهد يعلم ان كل شيء يجري بالفعل خلف ذلك الحائط الذي يفصل بين الغرفتين. قررنا ان نصور المشهد لقطة واحدة كي لا نفقد التوتر وليشعر المشاهد بالوقت الذي يمر على "برونو" بينما ينتظر من سيأخذ ابنه. لم يكن ذلك مقرراً في السيناريو. بل كان عليه ان يدخل الغرفة ويوصد الباب. ولكن في تلك الحالة لم يكن ممكناً ان تلحق الكاميرا به وتالياً كان علينا ان نقطع المشهد. لذلك جعلناه يدخل الغرفة والكاميرا تتابعه، م لاحقاً يتلقى اتصالاً هاتفياً ويسأله أحدهم ان كان قد اقفل الباب، عندها يتوجه الى الباب ويقفله ولكن بعد ان تكون الكاميرا قد أصبحت في الغرفة معه.

·         كيف تمكنتما من امتصاص ميل المشاهدين الى التعاطف مع الطفل؟

ـ من المهم ان يفهم المشاهد ان هذا الطفل مخلوق حي ولكننا لم نقدمه كشخصية. لاحقاً يتحول صرة تتناقلها الايدي. كان يجب ان يبقى شيئاً هذا ما قررناه منذ البداية. حتى عندما يجده في الكاراج، فإنه يبقى شيئاً أضاعه ثم عثر عليه من دون استثارة عواطف المشاهد.

·     بعد فوزكما بالسعفة الذهب عن فيلم "روزيتا"، هل قلقتما بشأن ما ستقدمانه تالياً؟ بعض المخرجين يشعر بأن عليه ان يقدم اما شيئاً مختلفاً تماماً او مماثلاً لما حققاه.

ـ بالنسبة الينا، كان الامر اقل تعقيداً لأننا كنا مازلنا في بداية المشوار. اما بالنسبة الى ما سنقدمه بعد "الطفل"، فإنه من الصعب ان نعرف ذلك الآن. علينا بدايةً ان نشعر بالحاجة الي البدء من جديد وليس كأننا نعود الى مصنع ما. الفكرة هي ان توجد تحدياً جديداً. العمل مع شارون ستون مثلاً...

·         انها متعة ان أرى شارون ستون تعمل في محل حدادة في "سيراينغ" في احد افلامكما..

ـ هذا ما أعنيه. أن تأخذها الى مكان آخر يحتاج الى الكثير من التدريب والعمل الشاق.

المستقبل اللبنانية في 7 يوليو 2006

ألف وجه لألف عام - «خطوات المجد» لكوبريك:

جنون الحرب والغضب الفرنسي

ابراهيم العريس 

«إن ما كان يهمني ودفعني الى تحقيق هذا الفيلم، هو ما أدركته فيه، منذ كان نصاً مكتوباً، من امكانية لرصد التطور الذي يطرأ على سيكولوجية الشخصيات تحت وطأة ظروف معينة. ومن هنا فإنني لا أعتقد بأن هذا الفيلم يحمل أية رسالة على الإطلاق. كما أنه، بأية حال من الأحوال، لا يجب أن يُنظر اليه على أنه فيلم يقف مناصراً لأي جيش أو يندد به. هو، في أقصى حالاته، فيلم ضد الحرب. الحرب التي تضع الناس في مثل الوضعية التي أتحدث عنها: أمام ضمائرهم ووعيهم». في العام 1957، حين أدلى المخرج الأميركي ستانلي كوبريك بهذا التصريح الى مجلة «كراسات السينما» الفرنسية، كان لا يزال شبه مجهول، اذ لم يكن قد حقق سوى ثلاثة أفلام لم يثر أي منها ضجة كبيرة، وان كانت أعلنت، في شكل أو آخر، عن ولادة واحد من كبار مبدعي الفن السابع. الرجل الذي سيحقق خلال ثلاثة عقود مقبلة، عشرة أفلام كبيرة، أرخ كل منها، على طريقته لنوع سينمائي محدد. أما الفيلم الذي تحدث عنه كوبريك، على هذه الشاكلة، في ذلك الوقت المبكر، فهو «خطوات المجد» فيلمه الرابع في عمل لن يزيد عدد أفلامه، حتى موت هذا المخرج أواخر تسعينات القرن العشرين، عن ثلاثة عشر فيلماً روائياً طويلاً.

> مهما يكن فإن «خطوات المجد» كان الفيلم الذي أثار أكبر قدر من السجال والضجيج من بين أفلام كوبريك، وعلى الأقل في فرنسا التي، منذ ظهوره، منعت عرضه على أراضيها، كما مارست نفوذها الديبلوماسي والمعنوي في بلدان ناطقة بالفرنسية (مثل بلجيكا وسويسرا) لكي لا تعرضه. وهو بالفعل لن يعرض في فرنسا إلا بعد تحقيقه بنحو عقدين من السنين، وكتتويج لحملة ضخمة جابهت قرار المنع. وحين عرض الفيلم في فرنسا، أخيراً – في العام 1975 – كان كوبريك قد أضحى ما هو عليه، وكانت أفلامه الكبرى قد دخلت تاريخ الفن السابع من الباب العريض (وأبرزها كما نعرف «لوليتا»، «سبارتاكوس»، «أوديسا الفضاء»، «البرتقال الآلي» و «دكتور سترانجلاف»...). ولكن لماذا منع الفرنسيون «خطوات المجد»؟ ببساطة لأنه يتحدث عن فصل من تاريخ الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى. ويحاول أن يدين الحرب والامتثالية العسكرية، من خلال ادانته الحاسمة للقيادة العسكرية الفرنسية خلال تلك الحرب، بصرف النظر عما اذا كانت الأحداث التي يرويها الفيلم جرت حقاً، كما توصف فيه، أو أنها مختلقة – على الأقل في التفاصيل -. مهما يكن فإن كوبريك استقى سيناريو الفيلم (الذي شاركه كتابته جيم تومسون وكالدر ولنغهام) من كتاب نصف روائي/ نصف تاريخي كتبه هامفري كوب.

> تدور أحداث «خطوات المجد» العام 1916، على الجبهة الفرنسية – الألمانية، في زمن كان فيه القتال قد وصل الى ذروته، والألمان يبدون تفوقاً حاسماً على الجبهات كافة. وتبدأ الأحداث مع الجنرال بولار، الذي يقنع زميله الجنرال مورو بشن هجوم انتحاري على موقع الماني حصين، كان من الواضح أن من الصعوبة في مكان الاستيلاء عليه. لقد كان مورو في حاجة ماسة الى انتصار هناك وإلا فإن الروح المعنوية لثلاث فرق – على الأقل – ستنهار. وفي مثل هذه الأوضاع يكون منطقياً بالنسبة الى القيادات، أن يضحي بعدد من الجنود من أجل المجموع. وهذا، على أية حال، ما يقوله بولار لمورو، الذي سرعان ما يكلف الكولونيل داكس، بأن يقود بنفسه مجموعة من رجاله، لشن الهجوم. لكن رجال داكس لا يتمكنون من التقدم في مهمتهم إلا ببطء شديد، فهم كانوا منهكين تماماً بفعل هجمات ومعارك سابقة خاضوها. بل يحدث أن بعض الجنود لم يتمكنوا حتى من الخروج من خنادقهم بفعل الإجهاد، وربما الخوف من مصير انتحاري محتم. وهنا لا يجد الجنرال مورو أمامه إلا أن يأمر النقيب روسو بإطلاق النار على الجنود المتخلفين، عبرة لمن يعتبر، ولكيلا تسود روح التمرد بقية الجنود. بيد أن روسو يرفض تنفيذ هذا الأمر. طبعاً يكون من نتيجة هذا كله أن يخفق الجنود في الهجوم، ما يجعل الجنرال مورو في غضب شديد ويدفعه الى اقناع الجنرال يولار، بضرورة أن يصار الى اختيار جندي من كل من المجموعات الثلاث لمحاكمته علناً، للعبرة، طالما أن «الانتظام العام للجيش يحتاج ضحايا». وبالفعل يأمر بولار بعقد المجلس الحربي لمحاكمة الجنود الذين تم اختيارهم، ويكلف داكس بأن يتولى هو الدفاع عن الجنود خلال محاكمتهم. وتنتهي المحاكمة بطلب الإعدام للجنود الثلاثة، واذ يحاول داكس الدفاع عنهم حتى النهاية، يصل الى حد فضح جنون الجنرال مورو وأوامره الخرقاء أمام الجنرال بولار، غير ان هذا لا يريد أن يصغي الى مثل تلك الأمور، لأن المهم هنا، ليس العدل أو المنطق، بل معنويات الجنود، فإذا ما أنقذ المحكومون، سيجد كل جندي نفسه قادراً على التفكير بعدم الامتثال طالما أن في امكانه أن يأمل بأن يتم انقاذه في أي مجلس حربي يعقد لمحاكمته. وهكذا يفشل داكس في مهمته، ويتم اعدام الجنود الثلاثة عند الفجر، في مشهد تعبيري كئيب. والذي يحدث بعد الإعدام، هو أن بولار يكشف أمام داكس عن خطة كان وضعها تقضي بأن يلام مورو، بعد إعدام الجنود، ويزاح من منصبه ليُعين داكس جنرالاً مكانه. وهكذا «يكون العدل قد تحقق وهيبة الجيش قد حفظت» في آن معاً. وأمام مثل هذه النتيجة ما هي قيمة حياة ثلاثة أفراد؟ داكس لا يجيب على هذا السؤال. بل يكتفي برفض التجاوب مع خطة بولار... ويتركه في مكتبه فيما يتوجه هو للانضمام الى جنوده الحزاني الغاضبين، والمنهمكين الآن في انشاد أغنية ألمانية، بصوت واحد.

> تلك هي أحداث هذا الفيلم الذي «منع» من العرض في فرنسا بطريقة مواربة، وهوجم من قبل اليمين الفرنسي. غير أن من الضروري الاشارة هنا الى ان «خطوات المجد» لم يقدم أصلاً الى الرقابة الفرنسية، ومع هذا فإنه منح في فرنسا، في عام عرضه العالمي (1958) جائزة كبرى تعطى عادة لأفلام تمجد التسامح، كما اعطاه النقاد البلجيكيون جائزتهم الكبرى لذلك العام. وفي المقابل اعترضت السفارة الفرنسية في بلجيكا على عرضه في بروكسيل، بعد أن اثارت عروضه الأولى هناك، ثائرة ضباط الاحتياط الفرنسيين والعسكريين البلجيكيين... فمن 4 أسابيع ثم عرض بعد أن أضيفت اليه لوحة تمجد بطولات الشعب الفرنسي. أما سويسرا فقد منعته لأنه يسيء الى فرنسا وشعبها وعدالتها وجيشها.

> في فرنسا، ظل الفيلم اذاً، بعيداً من الشاشات الكبيرة حتى العام 1975... وبدأ التعامل معه كعمل فني، لا يتقصد اهانة فرنسا أو شعبها، بل يحاول من خلال ذلك الموضوع أن يقف ضد الحرب في شكل عام. والحقيقة أن هذه النظرة الجديدة الى الفيلم، ما كان يمكن أن تكون لولا أن النقاد والجمهور كانوا قد تعرفوا خلال السنوات السابقة على سينما كوبريك، بما يكفي لإدراك ان الرجل انما كان يستهدف في سينماه، جنون الانسان وسط ظروف يهيئ لذلك الجنون: جنونه أمام الصف، أمام فشله في الصعود الاجتماعي، أمام احباطاته الجنسية، أمام مجهول لا يدرك كنهه، أمام الزمن العابر، أمام العجز عن الإبداع... وهي كلها أمور عبر عنها كوبريك على أية حال، في أفلامه جميعاً، ما أضفى لاحقاً على «خطوات المجد» سمات العمل الكوني الانساني العميق، علماً بأن كوبريك – اذ دنا من مواضيع عدة – كانت الحرب واحداً من مواضيعه الأثيرة، كما تشهد على هذا أفلام مهمة له مثل «دكتور سترانجلاف» و «سترة معدنية»...

الحياة اللبنانية في 7 يوليو 2006

 

سبعون عاماً على ولادته (1936 – 1972)...

غسان كنفاني ما زال حاضراً سينمائياً بعد ثلث قرن على رحيله

بيروت – سليمان الشيخ 

غسان كنفاني، المولود في عكا على الساحل الفلسطيني في 9 نيسان (ابريل) من عام 1936، المبدع، الفنان، المناضل، الذي لجأ مع أهله الى لبنان، ثم الى سورية في عام 1948 – عام النكبة – وعمل في دمشق، والكويت، وبيروت مدرساً وكاتباً ورئيساً لتحرير صحف ومجلات عدة، والذي كرّس حياته وابداعاته للدفاع وللنضال من أجل عودة شعبه الى وطنه فلسطين، في كل المواقع والمراكز التي شغلها في حياته القصيرة، كعامل، ومدرس ورسام وكاتب وصحافي ومناضل حتى آخر لحظة من حياته التي انهتها المخابرات الاسرائيلية في صبيحة يوم الثامن من تموز/يوليو 1972، هذه الحياة القصيرة – 36 عاماً – التي كان غسان خلالها في سباق محموم مع الحاجات وهموم وتهديدات ومسؤوليات عدة، بينها: المرض – السكري والروماتزم وتهديدات ووعيد العدو الصهيوني بالقتل، والحاجات ومسؤوليات الالتزام النضالي، وهجمات الأفكار الابداعية التي كان يفرغها رسماً وكتابة قصص قصيرة وروايات ومسرحيات أو كتابة المعالجات السياسية، بحيث أثرى الحياة الابداعية العربية والسياسية بنصوص مهمة، كانت فريدة في نوعها وتنوعها – عن الأدب الصهيوني أو التعريف المبكر بأدب وأدباء الأرض المحتلة من فلسطين عام 1948، أو في بعض رواياته ومسرحياته وقصصه التي حازت جوائز عربية وعالمية عدة.

الفن السابع

أما لو أخذنا الجانب السينمائي، فإن أشرطة عدة أنتجت عن حياته، وكانت بعض قصصه ورواياته مادة لأفلام سينمائية قصيرة أو طويلة أنجزت في مراحل مختلفة من حياته، وبخاصة بعد اغتياله. وقد تم التوثيق لها في كتاب صدر حديثاً من مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، وحمل عنوان «فلسطين في السينما» لقيس الزبيدي ومجموعة من الكُتاب والباحثين. فماذا جاء عن غسان في الكتاب، وماذا احتوى الكتاب من أشرطة – افلام استندت الى قصص وروايات أبدعها غسان، سؤال نستعيده كون هذا العام 2006 قد مضى 70 عاماً على ولادة غسان كنفاني، ويكون مضى 34 عاماً على اغتياله.

كما ذكرنا، فإن بعض الاشرطة – الافلام أنجزت قبل اغتياله، والكثير منها بعد ذلك، وهي وحسب الترتيب الزمني لإنجازها:

> «البرتقال الحزين» مأخوذ عن قصة «أرض البرتقال الحزين» من إخراج كوركيس عواد، ومن إنتاج المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون – العراق – في عام 1969، والفيلم روائي قصير ومدته 20 دقيقة 35 ميلمتراً اسود وابيض. والقصة منشورة من ضمن مجموعة قصص «أرض البرتقال الحزين» الصادرة في عام 1963، في حين أن القصة نفسها مكتوبة في عام 1958 عندما كانه غسان يدرس ويكتب في صحافة الكويت.

> «لماذا المقاومة» فيلم تسجيلي من اخراج كريستيان غازي، ومن انتاج عام 1970 في لبنان، 16 ميلمتراً أسود وأبيض ومدته 40 دقيقة، ويحتوي على حوارات مع قيادات فلسطينية، وبينها: غسان كنفاني وابراهيم العابد.

> «الكلمة البندقية» فيلم عن حياة غسان كنفاني ونضاله للمخرج العراقي قاسم حول وانتاج عام 1972 في لبنان، وهو تسجيلي 16 مليمتراً، أسود وأبيض، ومدته 20 دقيقة، من انتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

> «المخدوعون» روائي طويل من إخراج توفيق صالح، عن رواية «رجال في الشمس» انتاج المؤسسة العامة للسينما – دمشق – في عام 1972، مدته 110 دقائق 35 ميلمتراً، أسود وأبيض، والرواية هي أولى الروايات المنشورة لغسان في عام 1963.

> «السكين» روائي طويل مأخوذ عن رواية «ما تبقى لكم» الصادرة في عام 1966، والفيلم من اخراج خالد حمادة، وانتاج مؤسسة السينما – دمشق في عام 1972، ومدته 87 دقيقة، على شريط 35 ميلمتراً، أسود وأبيض.

> «زهرة البرقوق» روائي قصير، مأخوذ عن رواية غسان «برقوق نيسان» غير المكتملة. والفيلم من اخراج ياسين البكري، ومن انتاج المؤسسة العامة للسينما والمسرح – بغداد في عام 1973، ومدته 22 دقيقة، أسود وأبيض، 35 مليمتراً، والرواية مع غيرها من نصوص أخرى وجدت وتم نشرها بعد اغتيال غسان في عام 1972.

> «كعك على الرصيف» روائي قصير، ومدته 52 دقيقة، 35 مليمتراً، أسود وأبيض، ومن اخراج عماد بهجت، ومن انتاج المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون، بغداد في عام 1976، والفيلم مأخوذ عن قصة تحمل اسم الفيلم نفسه، وهي منشورة من ضمن مجموعة قصص «موت سرير رقم 12» أول مجموعة قصصية صدرت لغسان في عام 1961، أي انها ليست رواية كما تم التعريف بها في الكتاب.

> «أوراق سوداء» تسجيلي، ومن اخراج فؤاد زنتوت، وانتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عام 1979، ومدته 20 دقيقة أسود وأبيض، 16 مليمتراً وهو يسجل لبعض المجازر التي ارتكبها الصهاينة ضد الفلسطينيين – دير ياسين على سبيل المثال – واغتيال بعض المثقفين الفلسطينيين، كغسان كنفاني.

العائد ... مرتين

> «عائد الى حيفا» روائي طويل مدته 74 دقيقة، 35 ميلمتراً ملون، من اخراج قاسم حول، مأخوذ عن رواية لغسان تحمل الاسم نفسه، انتاج مؤسسة الارض للانتاج السينمائي في عام 1981. والرواية منشورة في كتاب عام 1969. والفيلم اقرب الى الالتزام بمجريات الرواية وحوادثها.

> «المتبقي» روائي، من اخراج سيف الله داد – مخرج ايراني – ومن انتاج سينا فيلم – ايران. والفيلم مأخوذ عن رواية «عائد الى حيفا» لغسان، مع تعديلات وتحويرات في بعض جوانبها، أنجز الفيلم في عام 1995 ومدته 147 دقيقة، 35 ميلمتراً ملون.

> «ما زال كعك على الرصيف» روائي قصير، مدته 27 دقيقة، بيتاكام، ملون، من اخراج احمد حبش، انتاج مشروع بيت لحم 2000، مأخوذ عن قصة «كعك على الرصيف» لغسان وهي قصة قصيرة وليست رواية كما ذكرنا من قبل.

> «صورة شمسية» تسجيلي، من اخراج فجر يعقوب عام 2003، بيتاكام، ملون، مدته 16 دقيقة، انتاج تلفزيون المنار – لبنان ومؤسسة الهدف – فلسطين. وهو مقاربة بين رواية «رجال في الشمس» لغسان ومجرزة صبرا وشاتيلا، لأن السؤال المؤرق الحارق المرموز له «لماذا لم تدقوا جدران الخزان» في الرواية، ما هو إلا السؤال الذي أخذ يقرع مصير الفلسطينيين منذ زمن النكبة، في حين أن الصورة الشمسية في الفيلم لم يعد ولم يكن في امكانها التقاط رائحة الموت الذي تكاثر وازداد في حياة الفلسطينيين وشخوصهم.

الجدير ذكره ان اشرطة عدة من بين الافلام السابقة نالت جوائز سينمائية عربية وعالمية في مهرجانات عدة.

الحياة اللبنانية في 7 يوليو 2006

 

سينماتك

 

افتتاح صالة مستقلة للعروض الخاصة في "سارولا" مع مرور 45 سنة على تأسيسها

"متروبوليس" أول تحوّل مضيء في ذاكرة صالات شارع الحمراء المنكوبة

ريما المسمار

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك