في الدورة الاخيرة لمهرجان كان السينمائي الـ59 وعلى هامش أعمال المهرجان، أطلقت جمعية "بيروت دي سي" مشروع "ميدسكرين" الممول من الاتحاد الاوروبي والهادف الى دعم السينما العربية. يضيف المشروع الى رصيد الجمعية خطوة اضافية في سعيها الى دعم السينما العربية المتمثل في اقامة مهرجان "ايام بيروت السينمائية" كل عامين وانتاج افلام قصيرة واقامة ورش عمل وتأمين خدمات انتاجية وسواها. وعلى نطاق اوسع، يلفت الى احتياجات السينما العربية الى جانب مشكلة التمويل والى الاهتمام المشتت الذي تحظى الافلام العربية به من دون ان تتمكن من الاصطفاف خلف تسميتها او حاجاتها الاساسية في المنابر السينمائية العالمية. يرتكز"ميدسكرين" على خمسة نشاطات اساسية: تنظيم اسابيع للافلام العربية بالتعاون مع مهرجانات او صالات سينمائية؛ تقديم الامكانيات لأصحاب الافلام العربية لحضور ابرز الاسواق السينمائية؛ المساهمة في الترويج لاطلاق الافلام العربية على "دي.في.دي"؛ انتاج وتوزيع أشرطة عملية صنع الافلام العربية Making Of؛ انشاء موقع انترنت خاص بالسينما العربية. هنا حوار مع هانية مروة مديرة المشروع. *** أعلن الاتحاد الاوروبي اطلاق مشروع "اوروميد اوديوفيزويل 2" في دورته الثانية بعد انتهاء الدورة الاولى وهو يهدف الى دعم السينما في الدول المتوسطية العشر مشترطاً ان تكون المؤسسة المبادرة الى طرح مشروعها قائمة في إحدى تلك الدول. قدمت "بيروت دي سي" مشروعها "ميدسكرين" ومن شروط المشاركة ايضاً ان تختار الجهة المبادرة شريكاً متوسطياً وشريكين اوروبيين. "اخترنا مؤسسة "اوروبا سينما" التي تعاونا معها في السابق والتي قامت بمشاريع جادة عن طريق دعم صالات سينمائية وسواها" تقول مروة مضيفة "أما الشريك الاوروبي الثاني فهي "اوروبا نت" في ايطاليا المختصة بتصوير كواليس الافلام وانتاج اشرطة Making Of للترويج للافلام السينمائية. والشريك المتوسطي هي "جمعية سينما انقرة" التي تتشابه مع "بيروت دي سي" في طبيعة عملها وأهدافها لاسيما دعم السينما المستقلة. وهي تنظم مهرجاناً متنقلاً (cinema on wheels) سيشكل فائدة كبرى للمشروع". أسبوع الافلام العربية
"انطلقنا
من نشاطات بيروت دي سي الحاملة للمشروع التي تصب في دعم السينما العربية
تحديداً لاعتقادنا بأن ثمة عناصر تحدد هوية هذه السينما تحت راية اللغة على
الاقل وبالطبع الثقافة وسواهما. وفضلنا ان تكون خطوات المشروع امتداد لعمل
الجمعية لأننا أصبحنا نملك بعض الخبرة في ذلك المجال. فمثلاً فكرة تنظيم
اسابيع للسينما العربية في مدن عربية واوروبية هي خطوة بدأناها منذ العام
2003 ومازالت مستمرة. وأشدد على ضرورة ان تقام تلك الاسابيع في المدن
العربية لأن فرص الافلام العربية ضئيلة جداً في بلدانها وجزء كبير من مشكلة
السينما العربية ينحصر في اقفال الاسواق العربية في وجهها. ولعلها مفارقة
ان يكون تمويل اسبوع للسينما العربية في مدينة اوروبية اسهل منه في مدينة
عربية!" "الاتفاق مع مهرجانات قائمة أمر اساسي لأن للمهرجان المكرّس عادة جمهوره ومتابعيه وموقعه الالكتروني الخاص والمشاركين فيه من صحافيين ومنتجين وموزعين... وتلك مجتمعة تؤمن للافلام العربية المعروضة في قسم منه تسليط الضوء عليها والدعاية والترويج. ما يقدمه "ميدسكرين" هو الافلام العربية ودعوة مخرجيها مقابل ان يقوم المهرجان بتخصيص قسم للافلام العربية في برنامجه. الى الآن، اتفقنا مع مهرجان انطاليا في تركيا وهو مهرجان عريق يحتفل في ايلول المقبل بدورته الخامسة والاربعين. وهناك ايضاً مهرجان ستوكهولم في تشرين الثاني/نوفمبر الذي رحب بفكرة تخصيص فئة للافلام العربية ومهرجان افلام اوروبية في اشبيليا باسبانيا التي لم تشهد عرض فيلم عربي من قبل. ونسعى الى التعاون مع مهرجان كارلوفي فاري كفرصة لتقديم السينما العربية في اوروبا الشرقية. وبالطبع هناك مهرجان "ايام بيروت السينمائية" في بيروت الذي سيذهب جزء من تمويل المشروع اليه لأن التحضير له من البحث عن افلام ومشاهدتها واختيارها هو بمثابة التحضير للاسابيع الاخرى. وسيتيح لنا ذلك ان نضع مالنا في ميادين اخرى كدعوة كل مخرجي الافلام المشاركة ونقاد اوروبيين واقامة ورش عمل." الخطوة الثانية لتنظيم اسابيع للسينما العربية هي التعاون مع جمعيات ومؤسسات في مدن اوروبية وعربية وما تحقق الى الآن هو الاتفاق مع جمعية قي جامعة ادنبيرغ في بريطانيا لتنظيم اسبوع للسينما العربية ودعوة الصحافة والموزعين هناك. تمتاز هذه الخطوة بمرونة كبرى مقارنة بالتعاون مع المهرجانات القائمة. " التعاون مع مهرجان قائم يفرض التقيد ببعض الشروط كاختيار الافلام وفقاً لطبيعة ذلك المهرجان. صحيح ان الاختيار مفتوح على الافلام كافة ولكننا لا نستطيع ان نفرض فيلماً على ادارة المهرجان ان لم توافق عليه. اما التعاطي مع الجمعيات والموسسات فأكثر مرونة حيث تترك لنا عملية اختيار الافلام بشكل كامل ويتسع الهامش لتقديم افلام تميل الى التجريب والفنية واستقلالية النظرة والاسلوب. ولكن في الحالتين، ثمة فرصة لتقديم الافلام العربية المستقلة التي لا تجرؤ ربما المهرجانات على المخاطرة بتقديمها. ما يقوم به "ميدسكرين" هو الغاء المخاطرة عن عاتق المهرجان بتكفله بالنشاط مادياً ومعنوياً بحيث يتحول المهرجان اطاراً لاحتواء الافلام ليس اكثر." بينما يسعى المشروع الى زيادة عدد المهرجانات المفتوحة على عرض الافلام العربية والتفاق مع جمعيات اضافية مستقلة للترويج للسينما العربية، يجري البحث عن صالات مستقلة في بلدان أخرى لتقديم الاسابيع. المنتجون والأسواق في بنده الثاني، يلتفت "ميدسكرين" الى الخلل الموجود في توزيع الافلام العربية وضآلة فرص خروجها من محيطها وأحياناً لأسباب مادية بحتة: "معظم الافلام العربية المصورة تعاني من مشكلة جفاف الموازنة مع انتهاء التصوير، وربما قبله، بما يؤثر على حياة الفيلم في المراحل اللاحقة. هكذا يصبح توزيع الفيلم رهناً باختيار مهرجان كبير له والا فإنه يبقى اسير العلب اذ لا امكانية عند المنتج لتوزيعه. من هنا اخترنا ان يساهم المشروع في هذه العملية من خلال تأمين الامكانيات المادية للمنتج للسفر بالفيلم الى الاسواق السينمائية البارزة مثل كان وبرلين لعرض الفيلم هناك وايجاد الموزعين له. ابتداءً من العام المقبل، سيكون لـ"ميدسكرين" مساحة في سوقي برلين وكان حيث سنقوم بتبني فيلمين او ثلاثة بانتظار ان نجد لها موزعاً. كذلك سيكون هناك سوق للافلام في مهرجان انطاليا بتركيا ولكنه مخصص للتلفزيون مما يمنح الفرصة لبيع الافلام الوثائقية العربية." المشاركة في سوق الافلام في برلين وكان يحصر المنافسة بالافلام الروائية الطويلة التي يمكن خروجها في الصالات السينمائية وتستثنى منها بالطبع الافلام العربية التي حظيت بموزع. ولكن هل مشكلة توزيع الافلام العربية مناطة بعدم امكانية منتجها السفر لبيعها ام باعراض الموزعين عنها؟ "هناك بالطبع مشكلة الاعراض عنها ولكن الحلقات المفقودة كثيرة. نحن لا ندعي اننا نستطيع حل كل المشكلات ولكن يمكننا المساهمة في حل بعضها. شريط ميشال كمون مثلاً الذي انتج بظروف قاسية يحتاج الى دعم صغبر في انتاج نسخة للمهرجانات وربما في الترجمة. ان تواجد الفيلم العربي في سوق الافلام مع ملحق صحلفي وبعض الحركة كفيل بلفت النظر اليه وبكسر بعض الجمود المحيط به. الفكرة ان نكون حاضرين." "دي.في.دي" و"مايكينغ ـ اوف" التساؤل عن مدى أهمية انتاج أشرطة "مايكينغاوف" وفعاليته في دعم السينما العربية بل والذهاب أبعد باختيارشريك في المشروع متخصص في ذلك هو تساؤل بديهي ومشروع: "الفكرة الاساسية كانت انتاج افلام على دي.في.دي وتتضمن making of. ولكن اكتشفنا لاحقاً انه اولاً لا يحق لنا في هذا المشروع ان نقوم بأي عمل يدر علينا ربحاً وتالياً فإن التوزيع المجاني سيضر بمنتجي ال دي.في.دي ناهيك عن تكريسه لفكرة مجانية السينما العربية او عدم اهليتها لتكون محط اجتذاب. هكذا تحولت الفكرة من الانتاج الى دعم موزعي الـ دي.في.دي. فنحن هدفنا ليس المنافسة وانما مساندة أصحاب المغامرة والمبادرة.مساهمة المشروع ستكون في عملية الترويج لاطلاق الفيلم او اقامة حفل له. وتلك مصاريف لا يستطيع الموزع تكبدها في العادة ولكنها مؤثرة. فعندما تبنى "فناك" فيلم هاني طمبا على دي.في.دي لم يكن ممكناً للزائر الا ان يشتريه. بمعنى آخر، هناك جانب دعائي وترويجي مؤثر في عملية تسويق الفيلم سنقوم بتأمينه للموزع. قد يقرر الأخير مثلاً اطلاق دي.في.دي في اطار أخد المهرجانات الكبيرة. "ميدسكرين" سيقوم بدفع النفقات." الى ذلك، سيؤمن المشروع لموزع الـ"دي.في.دي" شريط الـ"مايكينغ اوف" الكامل لتضمينه الفيلم. وسيكون هناك نسخة قصيرة لعرضها على الانترنت للترويج للعمل. الموقع الالكتروني "الفكرة انطلقت من ان هناك مواقع الكترونية كثيرة تحتوي على معلومات عن السينما العربية ولكنها اما غير كافية واما غير دقيقة او الاثنين معاً. هدفنا ان يصير موقع "اراب سينما دايريكتوري" (www.ArabCinemaDirectory.com) ذات يوم مرجعاً للمتخصصين والباحثين والهواة. سنبدأ بالسينما العربية في البلدان المتوسطية وسنفتحه لاحقاً على السينما العربية عموماً. وسننطلق من الانتاج الجديد رجوعاً الى القديم في كل انواع الافلام. اما المعلومات المتوفرة فستطاول الافلام والمخرجين والمنتجين والموزعين. الممثلون مشروع كبير يستلزم جهداً مستقلاً لن نتمكن الآن من القيام به. كذلك سيتضمن الموقع معلومات عن المنشورات السينمائية العربية وسيكون مفتوحاً على اقتراحات الزائرين ومعلوماتهم وتصويباتهم لاسيما اصحاب الافلام." تساؤلات هل هذا فعلاً ما تحتاج السينما العربية اليه؟ هل يحاكي المشروع حاجات السينما العربية واولوياتها؟ أم انه ينسجم مع الشروط التي وضعها الاتحاد الاوروبي لمشروع "اوروميد اوديوفيزويل 2"؟ تساؤلات كثيرة يثيرها هذا المشروع واي مشروع يهدف الى دعم السينما العربية. ربما لأن مشكلات الأخيرة المتفاقمة تجعل اية محاولة تصب في جانب واحد غير مجدية. وربما لأن المطلوب حلول جذرية وكاملة لانقاذها. ولكن تلك التساؤلات تتعزز عندما يكون هناك تمويل وجهد ونية حقيقية في للمساهمة في انتشال مشروع السينما العربية المتعسر. وأبسط التساؤلات يتمحور حول كيفية توزيع المال وتوجيهه. قبل أشهر، احتفل الاتحاد الاوروبي بمرور عشر سنوات على قيام الشراكة الاوروبية المتوسطية. وفي تقويم اولي لها من أصحاب الرأي والفكر، خرجت ملاحظتان اساسيتان: الاولى تطاول ضآلة المشاريع الهادفة الى دعم الثقافة في مقابل الاهتمام الكبير في تحسين ميادين السياسة والاقتصاد. والثاني يشير الى سوء توزيع الاموال. لعل ملاحظة مروة في معرض الحديث عن كيفية اختيار المشروع حول جهل القائمين عليه بطبيعة المنطقة وحيثيات حيواتها الثقافية والفنية، تجيب عن جزء من التساؤل الأخير. ولكن يبقى السؤال الأكبر المتعلق باختيار المشروع دعم الترويج للسينما العربية وتوزيعها دون انتاجها مدعاة للدهشة. فهذه سينما تعاني من ضآلة الامكانيات الانتاجية بالدرجة الاولى ولكنها تحوز دعم الترويج والتوزيع! "نحن واعون بالطبع لمشكلة الانتاج في السينما العربية ولكن المشروع كان واضحاً بتوجهه الى مجالي التوزيع والترويج وليس الانتاج وحتى تدريب التقنيين بما يحوله مشروع دعم حول الانتاج وليس له. في المشروع الاول "اوروميد اوديوفيزويل 1" كان الانتاج جزءاً اساسياً وقد استفاد كثر منه مثل المنتجة ماريان خوري التي انتجت من خلال المشروع سلسلة "نساء رائدات" الوثائقية. لا أدري لماذا توقفوا عن الانتاج، ربما لأن هناك نظام انتاج مشتركاً لافلام عربية كثيرة وربما لأنهم واجهوا مشكلات مادية كثيرة مع المشروع الاول وهدر. ولكنني أرى ان المشروع الحالي يقدم فرصة جيدة لابراز الافلام المستقلة بينما احتضن المشروع الاول الافلام الممولة بانتاج مشترك فقط. نحن لا نملك ان نلوم الاتحاد الاوروبي على سياسته بل علينا الافادة منها. للأوروبيين أجندتهم السياسية والثقافية والفنية في دعم السينما العربية ولكنهم ليسوا مسؤولين عنا. تكمن شطارتنا في الاسفادة من هذه المشاريع الآنية لتحقيق نتائج على المدى البعيد" ليس "ميد ـ سكرين" المشروع الاوحد من ضمن "اوروميد اوديوفيزويل 2". المفارقة ان هناك مشروعاً آخر هو "كارافان السينما الاوروبية العربية" ( مشروع مشترك بين: جمعية سمات المصرية وبينالي السينما العربية الذي يحييه معهد العالم العربي في باريس ومهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية Docudays ومهرجان روتردام للفيلم العربي وشركة "الرواد" للانتاج بالاردن) الذي يقوم بأحد جوانبه على فكرة مماثلة هي احياء اسابيع سينمائية في مدن عربية واجنبية باختلاف واحد هو انها للافلام العربية والاوروبية. · يوحي الامر بأن هناك عقلية مماثلة تتحرك في التعاطي مع السينما العربية لاسيما عندما يكون التمويل اوروبياً. فهل هو سعي الى الاسهل؟ ام هو العمل في اطار الممكن؟
"ليس هذا
ولا ذاك. لقد خضنا نقاشات طويلة بين بعضنا ومع الاتحاد الاوروبي عن سبب
اختيار مشروعين يقومان على نقاط مشتركة. وكانت الاجابة ان من اختار
المشاريع يجهل بطبيعة الارض هنا! تسبب ذلك بإحراج للجميع ولكن لم يكن
ممكناً ان يتراجع أحدنا عن مشروعه بسبب غلطة لسنا من ارتكبها. المطلوب الآن
ان نقوم نحن وسمات ييعض التنسيق بحيث لا نختار الافلام نفسها ولا نبرمج
الاسابيع في تواريخ متزامنة. كما ان هناك من ضمن مشروع "الكارافان" اقامة
مهرجانين للسينما العربية بما يرفع عددها الى اربعة في بيروت. هذا أمر مضحك
وسيجر الآخرين الى القول بأن المهرجانات كثرت لأن هناك تمويلاً في حين ان
جميع مبادراتنا لاقامة مهرجانات في بيروت قامت في ظروف صعبة وبدون تمويل.
نحن نحاول الحفاظ على مبدأ اساسي هو اننا نقدم ما نقدمه لأن هناك حاجة اليه
وليس لأن هناك مالاً يجب تبذيره." "كان يمكن هذا الموضوع ان يكون حساساً لولا اننا صادفنا شركاء يقاسموننا الرؤية والتطلعات. فأوروبا سينما كما ذكرت في البداية شريكة قديمة لنا وممثلها في المشروع هو اللبناني منعم ريشا. كذلك الامر بالنسبة الى جمعية سينما انقرة البعيدة تماماً من اية نظرة اكزوتيكية للسينما العربية. اما معايير اختيار الافلام فمسألة أخرى. لقد طلب منا الاتحاد الاوروبي ذلك ولكننا اتفقنا على فعل العكس اي تحديد الافلام التي لا تهمنا مثل الدعائية والخلاعية والمروجة للعنف... فقط للهروب من الاجابة على السؤال المستحيل اي وضع معايير للافلام. نحو وشركاؤنا نملك بعض الخبرة وسنتكل عليها في الاختيار ونضيف اليها معرفتنا بالمطقة وبمخرجيها. وعلينا التمييز بين تنظيم مهرجان وبين اختيار مشاريع لدعم تسويقها. في الاول تطغى الشروط الفنية. ولكن في الشق الثاني اعتبارات أخرى ليس اقلها اننا وسيط في هذا المشروع ومؤتمنون على المال. واذا اردنا ان نلخص هدفنا فيمكن القول انه منح الافلام امكانية الخروج من محيطها الضيق وفرصة ان تُشاهد والاكتفاء بالافلام التي تحتاج بالفعل الى دعمنا." · كيف سيكمل المشروع بعد انتهاء المدة المحدد وهل هي كافية لتحقيقه؟ "المدة غير كافية بالطبع لانهاء مشروع الموقع الالكتروني لذلك سنخصص السنوات الثلاث المحددة للمشروع للقيام بالابحاث واطلاق الموقع وبعد ذلك علينا البحث عن تمويل جديد لأنه مشروع كبير ومستمر. بالنسبة الى الاسابيع السينمائية فإنها ستكمل لاننا اصلاً بدأناها قبل المشروع ونتمنى ان تكمل المهرجانات بتخصيص اقسام للسينما العربية اذا برهنت الخطوة عن نجاحها حتى بعد انتهاء مدة المشروع. هناك مشكلة في هذا النوع من المشاريع هو انها آنية وانها تجعل المبادرات كافة رهناً بها. لذلك اخترنا في البداية ان نكمل مشاريع بدأناها اصلاً مثل الاسابيع ومثل ايام بيروت السينمائية. الخطر في هذا المشروع ان نتحول رهناً له وان نوقع مؤسساتنا في فخ موازناته الكبرى. بهذا المعنى، نحن نعمل على الاستفادة من التمويل الآني للمدى البعيد وحماية الجمعية من الارتهان به او الوقوع في مقاييس عمله الكبيرة لاننا نريد ان نكمل بدونه." المستقبل اللبنانية في 23 يونيو 2006 |
تظاهرة السينما المستقلة... شباب سوريون يشاهدون بعضهم للمرة الأولى دمشق – فجر يعقوب بدا غريباً للوهلة الأولى أن تقوم مجلة ثقافية خاصة بالدعوة لتظاهرة سينمائية مستقلة هي الأولى من نوعها في العاصمة السورية دمشق. نقول بدا غريباً، لأن دعوات من هذا القبيل كانت تضطلع بها جهات رسمية حكومية حتى وقت قريب. لذلك بدا الأمر منذ يوم الافتتاح الأول، وكأنه محاولة لترميم جسور لم توضع في أمكنتها أصلاً، في بلد يعاني من ندرة في الإنتاج السينمائي، وتضخم درامي تلفزيوني يكاد يضيع بينهما هذا النوع المستقل، وهو يتفادى كل شيء من حوله من أجل أن يعرض فقط. قد تسجل لمجلة «الوردة»، ولمدير تحريرها بشار ابراهيم الذي أشرف على تنظيم التظاهرة، ولصاحبتها سهام السلامة بادرة الكشف عن أفلام مجهولة لصانعين مجهولين. وبعض هذه الأفلام مضى على انتاجها ثلاث أو اربع سنين لم تستطع خلالها أن تجد متنفساً عمومياً للافـصاح عن نفـسها. ومع ذلك فإن جودة بعض هذه الأفلام جاءت لافتة باعتبار أن ولادة الموجة الجديدة في سورية قد تأخرت بالمقارنة مع أفلام الجيران القريبين والبعيدين. هي اذاً تظاهرة عربية بالاسم، وسورية بالدرجة الأولى، على رغم أن أفلام من لبنان وفلسطين والعراق وتونس والسعودية والإمارات والأردن قد عرضت فيها، وهي أفلام عرضت في المهرجانات السابقة لذا سنكتفي هنا بمحاولة رصد الأفلام السورية ومشوار ولادتها الصعب كونها تعرض في سورية للمرة الأولى. فاكتشاف هؤلاء الشباب كان حدثاً، ربما لم يكن ليتم لولا المساعدة الحاسمة التي تقدمت بها المؤسسة العامة للسينما من تأمين صالتي العرض وأدواته وإتاحة المجال أمام بعض الأفلام لتقول شيئاً جريئاً وصريحاً في آن. هوية غير واضحة المخرجون السوريون الشباب الذين تقدموا بأفلامهم لم يكونوا على سوية واحدة، فالهوية التي انضووا تحتها هي نفسها لم تكن واضحة، فالسينما المستقلة بدت هنا غامضة، اذ كيف يجتمع فيل لدانييل الخطيب معمول بكاميرا فيديو منزلية مع فيلم لقصي خولي تقف وراءه شركة سوريا الدولية للإنتاج التلفزيوني، وهي من كبرى الشركات في هذا المجال. من المؤكد أن منظمي التظاهرة قرروا التعاطي مع هذه الحال بنوع من التسامح، وقد بدا هذا واضحاً من خلال المستوى الذي انتظمت فيه هذه الأفلام والتظاهرة عموماً. طبعا يؤكد القائمون على الفعالية أن الأعوام المقبلة ستشهد بعض التشدد في الاختيارات، ولكن الدورة الأولى كانت بمثابة كشف وتوريط من يمكن توريطه من شباب يبحثون ويعبرون عن أنفسهم بالصورة المحجوبة من دون الالتفات الى أن أولوية تكمن هنا في طريقة التعاطي مع أفلامهم من خلال هذه العروض ومرافقتها بنوع من الندوات النقدية بغية تأكيد مساحة هذا الإيقاع في إعادة اكتشاف شباب - موجودين - ويمتلكون رفعة التعبير عن أنفسهم سينمائياً. لم تنل تظاهرة الوردة حقها في تغطية اعلامية مستقلة، فالإعلام كان شبه غائب عنها، وباستثناء مندوب للتلفزيون الحكومي، ومندوبة لتلفزيون العالم لم يكن ثمة اعلاميون آخرون، وان كان «أخطر» الغائبين برأينا هم «شيوخ» السينما السورية، فقد ظهر هؤلاء الشباب بأفلامهم وكأنهم يتامى من دون مرجعيات تذكر، ومن يدري قد يكون هذا في مصلحتهم، فأفلامهم غير المتوجة في أي مكان لا يجوز أن تقارن بأفلام توجت هنا أو هناك باعتبارها انعطافات كبرى أو موسمية...!! وربما لا يضير هذه التظاهرة أن يغيب الآباء المؤسسون عنها في الوقت الحالي، اذ أن خفة التقنيات و «نزاهة» الصورة المشغول عليها والرغبة الجامحة بقول شيء مختلف جعلت من هذا الجيل الجديد جيلاً لا يبحث عن مرجعيات تعينه على تجاوز هذا الخلاء البصري في وقت مستقطع بدت فيه السينما السورية وكأنها تصنع قطيعة مع نفسها (...) بتجاهل أساطينها لهذا النوع المستقل والجديد بوصفه عنصراً لا تتعزز مكانته إلا مع انقلاب سينمائي تتجدد فيه دماء سينما طموحة قالت ما لديها واحتلت مكانتها كما ينبغي ويروق لصانعيها. موجة جديدة صحيح أن المؤسسة العامة للسينما تقدمت في العام الماضي بمجموعة من الأفلام القصيرة لمخرجين شباب لا تربطها بهم علاقة وظيفية من أي نوع (عرضت هذه الأفلام في التظاهرة)، وحتى ولو بدا أن المؤسسة قد تأخرت قليلاً بمبادرتها، فإن ما هو مؤكد أن هذا الخيار الجديد الذي انتهجته لا رجعة عنه، وما حدث فعلياً مع هذه التظاهرة هو بروز ملامح موجة جديدة (لا ننسى بالطبع ورشة محمد قارصلي وورشة بيت الن لعلاء عربي كاتبي) مفاجئة في بعض أفلامها، ذلك أن قراءات نقدية مستقلة قد تصاحب هذه الأفلام من الآن فصاعداً قد تسهم بتعبيد الطريق الذي بدأت تتوضح ملامحه مع تجارب شابة لن تغشى عنها العيون مرة أخرى. غاب الكثير من «نقاد» السينما، وبعضهم احتل صفحات «نقدية» في صحف محلية من غير وجه حق. وغاب الكثير من أهل السينما. لم يحاول أحد منهم الاقتراب لقراءة ما يقوله هؤلاء الشباب بامكاناتهم الفردية في مثل حالة هذا الوجوم الإنتاجي الصعب الذي يحيط بتجاربهم. غابت أشياء كثيرة عن أول تظاهرة سينمائية سورية مستقلة، ولكن أسماء كثيرة حضرت. حضر إياس المقداد، جود سعيد، رامي فرح، هشام الزعوقي، أيهم ديب، نضال حسن، عمار البيك، جود كوراني، محمد علي، دانيال الخطيب، ديانا جيرودية، ميار الرومي، قصي خولي. حضرت أسماء بدأت ترسم آثار خطواتها في الرمال السينمائية المتحركة، وهي الرمال التي أخذت تتشكل من ذراتها ملامح الانقلاب على كل تلك القضايا الكبرى التي طبعت أفلام «المؤسسين» بميسمها، وهي ربما تعيد ضبط ملامح تلك الصورة المتزمتة التي تفوقت فيها الدراما التلفزيونية، فبعض أفلام صانعيها جاء نافراً ومقتطعاً من سياق تلفزيوني قد لا تنفعه الاستقلالية ومن أي نوع كانت. الحياة اللبنانية في 23 يونيو 2006
حقَّق الجائزة الأولى في مهرجان «فيكا» وحصل على جائزة خاصة في «بودروم»... «ياسمين تغني»: الجدار وحكايات أخرى رام الله - يوسف الشايب استطاع فيلم «ياسمين تغني»، وهو أول تجربة روائية للمخرجة الفلسطينية نجوى نجار، انتزاع جائزة خاصة، تعرف باسم «جائزة السلام»، في مهرجان «بودروم» الدولي في تركيا بعد أقل من شهر على تحقيقه الجائزة الأولى في مهرجان «فيكا» في البرتغال .. وحول هذه الجوائز تقول نجار: ما يهمني هو أن الفيلم الذي يرصد المعاناة الإنسانية بسبب جدار الفصل العنصري، الذي لا يلتهم أرض الفلسطينيين فحسب، بل أحلامهم، وحكاياتهم الجميلة، استطاع أن يحقق حضوراً عالمياً، وهو حضور لمأساة الجدار نفسها .. هذه الجوائز، علاوة على كونها فنية بالدرجة الأولى، تتضمن اعترافاً ضمنياً بلا شرعية هذا الجدار، مع أنني أعتقد أن الجوائز التي تمنح للفنانين الفلسطينيين لم تعد تدرج مطلقاً ضمن بند «التعاطف السياسي»... الفيلم الفلسطيني قادر على المنافسة الفنية على المستوى العالمي، وأكبر دليل فيلم «الجنة الآن» لهاني أبو أسعد، ومن قبله «يد إلهية» لإيليا سليمان، و«عطش» لتوفيق أبو وائل. وشاركت أفلام فلسطينية عدة في المهرجان التركي، الذي يركِّز على «أفلام القضايا»، الوثائقية والروائية، ما نقل القضية الفلسطينية بعيون أصحابها، وبرؤية فنية منافسة إلى العالم بأكمله. والفيلم الذي لا يتجاوز العشرين دقيقة، وكتبت نجار حكايته والسيناريو الخاص به أيضاً، يتحدث عن «زياد»، وهو شاب فلسطيني يبيع الورد، وتربطه علاقة عشق بياسمين، التي تخطط أسرتها لتزويجها لشاب آخر، في حين يحول جدار الفصل العنصري دون تواصل العاشقين. والملفت في الفيلم، الذي صوِّر في أريحا، وفي بلدة أبو ديس، القريبة من القدس، والتي التهم الجدار الكثير من أراضيها، أنه، وعلى رغم الانتهاء منه قبل الانتخابات العامة الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، والتي أفرزت فوزاً كاسحاً لحركة حماس، فإنه يتنبأ برجوع الفلسطينيين إلى الدين، بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها، وبانكفائهم عن العالم، ودخولهم في عزلة، ربما اختاروها بأنفسهم، وحول ذلك تقول نجار: بسبب سوء الوضع السياسي الصعب، وبما في ذلك الجدار، يعود الناس إلى الدين .. هذا ما لمسته قبل الانتخابات، وعبر عنه الفيلم في شكل أو آخر، وهذا ما كان بعدها. وحول فكرة الفيلم، تقول نجار: «المشهد اليومي البشع لجدار الفصل العنصري، والذي يرافقني باستمرار، من شرفة منزلي، دفعني لأكتب حكاية ياسمين وزياد، اللذين يفرقهما الجدار. ويقول الكاتب والناقد زياد جيوسي: لقد تمكنت مخرجة الفيلم، من أن تعالج القضايا بإشارات ولمحات عبر تسلسل درامي في وقت قصير، ومع هذا فقد خلا الفيلم من الحشو اللامبرر، مكتفية بالإشارة من خلال الرمز المفهوم لكل فكرة. ويتابع: اختارت نجوى نجار مدينة أريحا للتصوير لجمالها وعراقتها التاريخية، كأقدم مدينة في العالم، مع أن أريحا لا يقسمها جدار الضم ولا يمزِّق سكانها على رغم حصارها من الاحتلال، من هنا كان الاختيار موفقاً فقد دمجت فكرة الجدار الذي ينمو كل يوم ويتمدد كغول أسطوري، أو أفعى ضخمة على أرضنا، مع جدار العادات والتقاليد، التي تستلب حقوق المرأة، والتعامل معها كشيء لا روح ولا إحساس فيه بحيث تفقد حريتها وخياراتها، بمجرد أن الأب أعطى كلمة، والأم لا تمتلك حولاً ولا قوة. كانت الإشارات للجدار واضحة خلال الفيلم من خلال العوائق التي برزت في شكل كتل إسمنتية يتسلل زياد، بطل الفيلم من خلالها، ولكنها في نهاية الفيلم تصور لنا الجدار مكتملاً شاهقاً يقسِّم الأرض، ويفصل بين المحبين، فليس إلاّ الصراخ في عالم يفصله جدار الإسمنت، وجدار العادات التي تجذرت في مجتمعنا». وسبق أن شاركت نجار، وعبر الفيلم نفسه في الدورة الأخيرة لمهرجان برلين السينمائي، وكان الفيلم الفلسطيني الوحيد في المهرجان، وحول ذلك تقول: كنت سعيدة جداً، فمهرجان برلين من أهم المهرجانات العالمية، وكون فيلمي هو الأول الذي يشارك فيه المهرجان، ويحقق حضوراً لافتاً، فهذا اعتراف عالمي بي. وقدمت نجار، سلسلة من الأفلام الوثائقية الناجحة، التي حققت حضوراً عالمياً، وانتزعت الجوائز في العديد من المهرجانات الدولية، ومن أهمها فيلم «نعيم ووديعة»، وحول ذلك تقول: «في أفلامي، كنت ولا زلت أبحث عن هويتي، ليس في «نعيم ووديعة» فقط، والذي يرصد حكاية جدي وجدتي في يافا، بل في جميع أفلامي، ففي فيلم «جوهر السلوان»، تحدثت عن تاريخ القدس وفلسطين، والاحتلال الثقافي الذي تعرضنا له، من خلال سينما الحمراء، خصوصاً في المفاصل التاريخية الحساسة، في رسالة بأن الحياة يجب ألا تتوقف، رغم المآسي، وفي فيلم «ولد اسمه محمد»، حاولت ملامسة تجربة اللجوء التي عاشها والديّ، من خلال صبي في الثانية عشرة من عمره، يهجر المدرسة، ليعمل، على رغم المحاولات اليائسة لذويه بإبعاده عن ذلك .. لم يكن السبب مادياً، بل نابع من إحساسه باليأس، وفي «ياسمين تغني» أتحدث عن «الجدار الذي يحفر عميقاً داخلنا .. لا يهمني طبيعة الفيلم أكانت وثائقية أم روائية، المهم أن أرى نفسي فيها». الحياة اللبنانية في 23 يونيو 2006
|
"ميد ـ سكرين" مشروع لدعم السينما العربية توزيعاً وترويجاً وأرشفة الإنتاج حلقة مفقودة والمعيار استقلالية الأفلام وحاجتها إلى الخروج من محيطها ريما المسمار |