من المعروف عن السينما انها تلجأ إلى أبطال من أمثال أرنولد شوارزنيغر وسيلفستر ستالون وجان كلود فان دام ثم توماس جين من الجيل الجديد، من ذوي العضلات البارزة لتولي بطولة أفلام المغامرات والعنف. وها هي الممثلة الأميركية ميلا يوفوفيتش (28 سنة) الروسية الأصل التي أطلقت صرعة نسائية في الميدان نفسه بفيلمها «ريزيدانت إيفل» (الشر المقيم) بجزءيه الأول والثاني (الثالث في طريقه إلى الشاشات قريباً) تستمر في بناء شهرة لنفسها كمنافسة نسائية للأبطال المذكورين وتدهش جمهورها في فيلم جديد عنوانه «ألترا فيوليت» من المتوقع نزوله إلى الأسواق خلال الصيف الحالي، حيث تؤدي ميلا شخصية بطلة ذات قدرات جسمانية متفوقة بفضل خضوعها لأشعة غيرت خلاياها وحولتها إلى «سوبرمان» من الجنس الناعم إضافة إلى تمتعها بصفات «مصاصي الدماء» ما يسمح لها بحسن إدراك أسلوبهم في العثور على ضحاياهم وبالتالي الإختلاط بهم وإبادتهم بشيء من السهولة.

تظهر يوفوفيتش في مواقف خطرة وتمارس حركات جريئة لم يمارسها سوى الممثلين، إضافة الى تمتعها بمزاج حار يدفعها احياناً الى القيام بتصرفات عفوية تجلب لها سمعة سيئة في الأوساط الإعلامية، مثلما حدث لها مرات عدة في فرنسا والولايات المتحدة كلما سئلت عن الحكاية التي أدت بوالدها إلى السجن طوال ثماني سنوات.

وإذا عدنا إلى الوراء في حياة الفنانة الفاتنة إكتشفنا أنها لمعت وهي بعد مراهقة في فيلم خفيف وفاشل عنوانه «البحيرة الزرقاء/الجزء الثاني» حلت فيه مكان بطلة الجزء الأول بروك شيلدز، ثم اختارها البريطاني ريشارد أتنبره لتكون زوجة شارلي شابلين الأولى في الفيلم الذي روى سيرة العبقري الراحل تحت عنوان «شابلين». واذا كان الفيلمان المذكوران قد سمحا للجمهور باكتشاف جمال ميلا الرائع وقدرتها على الأداء الدرامي والعاطفي فمن الواضح إنها كانت لا تزال في حاجة إلى دور رئيس في عمل سينمائي يمس الجمهور العريض على المستوى العالمي. وهذا ما حققه لها «العنصر الخامس» (في منتصف زمن التسعينات) بفضل رواجه على رغم الانتقادات السلبية التي لاقاها الفيلم في المناسبات الرسمية، مثل مهرجان «كان»، إذ اتهم مخرجه الفرنسي لوك بيسون بمحاولة تقليد أفلام المغامرات الهوليوودية وتخليه عن هويته الأوروبية.

وترقب الإعلام الفضائحي في ذلك الوقت تصرفات ميلا في الندوات الصحافية وأمام عدسات المصورين بالطريقة نفسها التي اتبعها مع ديمي مور وعلاقتها مع زوجها حينذاك بروس ويليس، إذ كثرت الإشاعات يومها حول علاقة بين يوفوفيتش وويليس الذي شاركها بطولة الفيلم، وانها فعلت ذلك انتقاماً من المخرج بيسون الذي سرعان ما وضع حداً نهائياً لحكايته العاطفية معها.

ولم يمنع انفصال يوفوفيتش وبيسون هذا الأخير من معاودة العمل معها باختيارها بطلة لفيلمه الضخم «جان دارك» فاتحاً أمامها أبواب أستوديوات هوليوود على وسعها، فقد ظهرت يوفوفيتش بعد «جان دارك» في أفلام أميركية مهمة لمخرجين معروفين مثل سبايك لي وفيم فندرز إلى جوار نجوم من طراز دنزيل واشنطن أو ميل جيبسون.

الى جانب مهنة التمثيل تقف ميلا كموديل أمام عدسات أكبر مصوري الموضة، كما أنها سفيرة رسمية إلى جوار أندي ماكدويل وليتيسيا كاستا لماركة «لوريال» الشهيرة.

«الحياة» التقت يوفوفيتش في باريس حيث جاءت للترويج لفيلم «ألترا فيوليت». وكان هذا الحوار:

·     من الواضح أنك تميلين الآن، بعد تخلصك من الأفلام السطحية التي ميزت بدايتك الفنية، إلى أداء شخصيات نسائية فذة فوق الشاشة. فهل تكافحين من أجل الحصول على هذه الأدوار أم إنها تعرض عليك بفضل شهرتك؟

- أحب أداء دور إمرأة متحررة تكافح من أجل تحقيق أهدافها في الحياة، وللرد على سؤالك في شكل محدد فأنا أرفض الأدوار الضعيفة وأعبر عن رغبتي الدائمة في تقمص شخصيات قوية ترفع من شخصية المرأة ومن صورتها الإجتماعية ولا أبالي في شأن العصر الذي تعيش فيه البطلة التي أمثلها فوق الشاشة، فجان دارك مثلاً فتاة طموحة تضحي بحياتها في سبيل أفكارها ومعتقداتها علما أنها عاشت قبل عهد تحرير المرأة بمئات السنين فيما تعيش ليلو بطلة «العنصر الخامس» في زمن مستقبلي خيالي بحت، حالها حال بطلتي «ريزيدانت إيفل» و»ألترا فيوليت» فأنا أعشق الانتقال عبر الفترات الزمنية المختلفة من خلال سحر السينما والأدوار التي أحصل عليها. وأعتقد بأن قيامي بإظهار رغبة قوية في العثور على أعمال جيدة شيء يلفت انتباه أصحاب القرار في المهنة ويحثهم على الاهتمام بي.

·         وهل تشبهين بطلات أدوارك في حياتك الخاصة من حيث قوة الشخصية؟

- أني قوية وأتميز بشخصية تجعلني أسعى فعلاً الى تحقيق أهدافي، لكنني لا أتصرف مثل بطلات أفلامي إطلاقاً، فلست عاشقة تصارع عناصر الطبيعة كما في «البحيرة الزرقاء» ولست ممثلة تحاول كسب قلب عبقري زمانه مثلما فعلت زوجة شارلي شابلن التي أديت دورها في «شابلن»، أما كوني منقذة البشرية (تضحك) في «العنصر الخامس» أو في «ريزيدانت إيفل» وأيضاً في «ألترا فيوليت» فهي حكاية أخرى كما اني لن أضحي بنفسي في سبيل إيماني برسالة معينة مثل جان دارك، فأنا شجاعة ولكن حياتي تعنيني أكثر من أي شيء آخر.

فوق حصانه الأبيض

·     عملتِ مع لوك بيسون وهو مخرج متخصص في أفلام المغامرات وسبق له منح البطولة المطلقة لإمرأة جاسوسة في فيلمه «نيكيتا» ثم وضعك أنت في مرتبة عمالقة السينما المبنية على الحركة بفضل «العنصر الخامس» الذي لا شك في أنه فتح أمامك أبواب هوليوود وجلب كل الأدوار التي تلمعين فيها الآن، فما رأيك في هذه الشخصيات النسائية التي تستخدم عضلاتها وتجيد المصارعة على الطريقة الرجالية؟

- خضتُ هذه التجارب بلهفة كبيرة، فقد أراد بيسون تقديم نسخة مختلفة من لون المغامرات ونجح بفضل حسن معرفته للمرأة وهذا ما لا يدركه النقاد بعد عندما يتهمونه بتقليد هوليوود. أن الرجل لا يقلد بقدر ما يفتح المجال أمام المرأة كي تعبر عن الجوانب المتعددة من شخصيتها. ولا أعرف أي مخرج هوليوودي يفهم المرأة إلى درجة قيامه ببناء حبكة حول الرغبة النسائية في المغامرة العنيفة. ورأيي الشخصي هو أن المرأة لا بد من أن تفرض نفسها أكثر فأكثر في كل الألوان الروائية، ومن بينها المغامرات بطبيعة الحال، لأنها حقيقة لا تقضي وقتها في انتظار الفارس الشجاع فوق حصانه الأبيض مثلما لا يزال يعتقد بعضهم.

·         هل تؤدين المواقف الخطرة بنفسك في أفلامك الخيالية المستقبلية أم أنك تستخدمين بديلة؟

- اعتبرت بعض هذه المواقف في كل من «ريزيدانت إيفل» بجزءيه وكذلك في «ألترا فيوليت» كنوع من التحدي فصممت على التدرب عليها وأديتها بنفسي وأصبت بجروح وحروق، لكن شركة التأمين المسؤولة عن الممثلين في «ريزيدانت إيفل» رفضت قيامي بتمثيل كل اللقطات الخطرة وأصرّت على اللجوء إلى بديل متنكر في زي إمرأة فعل الكثير من الأشياء بدلاً مني غير أن المؤثرات المرئية المبنية على الخدع أستخدمت أيضاً بكثرة.

·         هل تنوين احتراف الوقوف أمام مصوري الموضة على المدى الطويل إلى جانب نشاطك التمثيلي؟

- الواقع إنني عملت «سوبر موديل» نتيجة عروض مغرية تلقيتها في مجال الموضة وأنا بعد في السابعة عشرة من عمري. وعندما نجحت في السينما إزدادت العروض المطروحة علي بهذا الشأن، ثم في ميدان منتجات التجميل، وحصلت على أجر أعلى بكثير من أي عارضة لا تفعل غير ذلك فلم أرفض ونجحت في الدمج بين النشاطين بلا صعوبة. ولا أرى أي مبرر للتخلي عن هذا الجانب من حياتي المهنية طالما أنه لا يمنعني من قبول العروض السينمائية التي تصلني فأنا محظوظة جداً من هذه الناحية وأدرى كون العارضات المخترفات يسعين الى فعل الشيء نفسه ولا ينجحن إلا في حالات نادرة. وأضيف أني فخورة بتمثيلي دار «لوريال» كسفيرة رسمية لها.

الحياة الخاصة ممنوعة على الاعلام

·         كيف تتأقلمين مع الإشاعات المتعلقة بحياتك العاطفية؟

- أحاول حماية نفسي ضد الإشاعات ولكن الأمر يفلت من بين يدي في أغلب الأحيان، وكل ما أستطيع فعله هو متابعة ما يكتب في الصحف والمجلات المتخصصة ورفع الدعوى ضد كل من يروي عني حكاية كاذبة. إنها مشكلة تعاني منها الممثلة لا سيما الحلوة والمشهورة وذلك في كل مكان، أليس كذلك؟ وعلى العموم تعلمتُ الكثير بعد انفصالي عن لوك بيسون وفقدت سذاجتي الطبيعية كلياً على رغم حداثة سني حينذاك إذ كنت لا أزال في مطلع العشرينات، والآن لا أسمح لأحد باستغلال إسمي أو شخصيتي فوق صفحات الجرائد، وأحاول فعلاً وبجدية أن أحافظ على سرية حياتي الشخصية.

·         صحيح إننا لا نعلم أي شيء عن علاقاتك الحالية؟

- ولن أرد على أي سؤال يتعلق بحياتي العاطفية، فحياتي المهنية فيها ما يكفي لتعبئة الصفحات، وأنا أتكلم عنها بسرور وحماس وأرد على كل الأسئلة، أما غير ذلك فالدخول إلى حديقتي الخاصة ممنوع بتاتاً.

·         هل تحبين التردد إلى السينما كثيراً؟

- نعم، ولوني المفضل هو الكوميديا، خصوصاً القديم منها، فأنا أعشق أفلام شارلي شابلن ولا علاقة للأمر بكوني أديت دور زوجته في فيلم عن حياته، ثم لوريل وهاردي وباستر كيتون وهارولد لويد وغيرهم من عمالقة الفكاهة، إضافة إلى الأفلام الدنماركية الحديثة التابعة لحركة «دوغما» التي تفرض اتباع الطريقة الطبيعية في التصوير والمجردة من أي مؤثرات اصطناعية.

·         ألا تخافين التخصص في أفلام المغامرات؟

- لا، فأنا لا أعتقد أن تخصص بروس ويليس فيها مثلاً قد أصابه بأي ضرر في حياته المهنية وأظل متأكدة من قدرتي على العودة إلى أفلام أكثر رومانسية من دون صعوبة، والدليل على ذلك كوني شاركت في أفلام درامية وعاطفية بعد «العنصر الخامس» و«جان دارك».

·         أنت إذاً تتوقعين مستقبلاً حقيقياً للمرأة في ميدان أفلام المغامرات؟

- نعم، شرط أن ترغب الممثلات حقيقة في خوض التجربة فأنا أعرف أن بعضهن لا يزال يخاف ويتردد أمام قبول السيناريوات المبنية على المغامرات الجسمانية، وأنا أحيي زميلتي هالي بيري التي وافقت من دون قيد أو شرط على تقمص شخصية «كاتوومان»، ثم أيضاً أنجلينا جولي في شأن «لارا كروفت» وأتمنى أن أشكل مع غيري قدوة للفنانات الهوليووديات وحتى الأوروبيات في هذا الميدان، ويكفي النظر إلى الأفلام الصينية لاكتشاف مدى تفوقها على الغرب في مجال المغامرة النسائية فوق الشاشة.

الحياة اللبنانية في 23 يونيو 2006

قيس الزبيدي... يؤرخ لفلسطين سينمائياً

بيروت – سليمان الشيخ 

في كتاب ربما هو الأول من نوعه وحمل عنوان «فلسطين في السينما»، صدر حديثاً للفنان العراقي قيس الزبيدي من مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت باللغة العربية حضر تاريخ السينما الفلسطينية مؤرشفاً في شكل كامل للمرة الاولى. وقيس الزبيدي لمن لا يعرفه تغرّب باكراً في ستينات القرن الماضي عن وطنه العراق وعرفته بلدان المنافي دارساً للتصوير والمونتاج في المانيا، ثم مشتتاً في اقامته بين دمشق وبيروت وبرلين وغيرها من العواصم. إلا أنه أخذ يرسّخ نشاطه في الفن السينمائي كمخرج ومصوّر وكاتب سيناريو ومونتير، ونالت أفلامه الجوائز العربية والعالمية، وغالبيتها كانت عن فلسطين وناسها وقضاياهم وأحوالهم ومصائرهم الممزوجة دائماً وأبداً بالآلام والمعاناة والتهجير والغربة... والدماء التي سببتها وتسببها آلة العدوان والاحتلال والبطش الصهيوني.

وها هو الآن قيس الزبيدي المقترب من نهايات كهولته مثل ابناء جيله جميعاً ما زال يعمل وينكب على القضية إياها «فلسطين» وعلى ارشيفها السينمائي مع غيره من كفاءات ومنذ سنوات عدة، ليجمع شتاته لئلا يتعرض للضياع والفقدان، خصوصاً أنه وكغيره من وثائق تاريخية تعرض للتلف والمصادرة أثناء الغزو الاسرائيلي للبنان واقتحامه العاصمة بيروت عام 1982، وصودر ما حوته المراكز والمكاتب والمكتبات والأراشيف الفلسطينية من كتب ووثائق وأشرطة وغيرها، في محاولة لمصادرة الذاكرة بعد مصادرة الارض.

لأنه وبحسب ما ذكره الناقد السينمائي الفرنسي سيرج لوبيرون من «ان السينما جزء لا يتجزأ من الذاكرة الفلسطينية التي انفجرت في الزمان والمكان شظايا صغيرة، ونتفاً من حكايات التقطتها أشرطة يجب اعادة تجميعها وتصنيفها وحفظها، لأنها برهان على وجود له ماضٍ، وعلاقة هوية وتاريخ بحد ذاته».

فهل هناك اعداد من الأشرطة والافلام تفي بالغرض المطلوب السابق، أي عن القضية وناسها ومراحلها ومحطاتها ووجوهها المتعددة والملتبسة أحياناً، ما يمكن أن يحفّز ويدفع عشرات الباحثين والمتخصصين على المساعدة في إعداد الكتاب الذي نكتب عنه، أو العمل لإنجاز مشروع يتعلق «بأرشيف السينما الفلسطينية الوطني»؟

معلومات طازجة

يُفاجأ قارئ الكتاب بمعلومات تنشر ربما للمرة الاولى عن مئات الاشرطة، وآلاف الاسماء التي ساهمت في انتاجها واخراجها وقدمت التقنيات الاخرى المناسبة لها من كتابة قصصها وسيناريواتها وحواراتها وتصويرها ومنتجتها ووضع الموسيقى لها والتمثيل فيها وبناء ديكورات خاصة بها، وغير ذلك من تقنيات.

وحتى لا نبقى في عموم المعلومات، فإننا ندخل في صلب محتوياتها. اذ ان الكتاب احتوى على هذا النحو على نحو 800 شريط - فيلم بين روائي وتسجيلي طويل وقصير، ومدة عرضها تتراوح بين ثلاث دقائق وما يزيد عن مئتي دقيقة بالأبيض والاسود أو بالالوان وعلى اشرطة 16 أو 35 ملم، ويعود اقدمها الى عام 1911 في زمن الدولة العثمانية... ثم في زمن الانتداب البريطاني... ثم زمن النكبة والتشريد وقيام دولة اسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني في عام 1948... وتصويراً لمآسٍ أخرى لفلسطين كبلد وللفلسطينيين كشعب... حتى عام 2005.

اذا كان الامر كذلك، فالى أي الجنسيات ينتمي الذين عملوا على انجاز تلك الاشرطة، وما هو عددهم؟

بحسب ما جاء في الكتاب، فإن 246 مساهماً عربياً ومن أقطار عربية عدة وبينهم فلسطينيون من داخل فلسطين التاريخية ومن خارجها (بلاد الشتات) شاركوا في انجاز عدد من الافلام التي أشرنا اليها، في حين ان 204 فنانين وفنيين أجانب ومن بلدان عدة وينتمون الى قارات العالم قاطبة ساهموا في انجاز العدد الباقي من تلك الأفلام.

يموت الأطفال بسرعة!

فما هي أهم المواضيع والقضايا التي طرحتها الأفلام وعالجتها؟ لجأ أصحاب الكتاب الى التكثيف والاختصار وبأسطر قليلة الكشف عن مضامين وقضايا الأفلام التي صورت الأماكن قبل النكبة وبعدها. المدن والقرى والمؤسسات والأشجار والاحجار ونتاجات الجهد الانساني وهو يصرف ويشقى ويقاوم وينتج ويتحدى ويكتب اشعاراً ومواويل ويهندس حياته كما يعرف وخبر وعاش وعايش، ولم تترك شخصية برزت في المجال السياسي أو الثقافي لدى الفلسطينيين إلا وحاورتها وتتبعت صوراً من حياتها ونشاطها ونتاجاتها الابداعية. وحولت بعض تلك النتاجات الى افلام صورت جوانب من حياة وأشواق وأحلام وطموحات وواقع ووقائع ما كان وما أخذ يواجهه ويعيشه الفلسطيني برغبته أو رغماً عنه وبقوة الإجبار والاحتلال، وقمع الانظمة وممارساتها، وتوالي المآسي والمجازر والنكبات التي أخذت تسم الحياة في فلسطين أو في الشتات.

في فيلم «مجزرة» لمونيكا بورغمان ولقمان سليم (لبناني) وجيرمان تايسن، 96 دقيقة، انتاج عام 2004، تم توثيق التركيبة النفسية لستة من مرتكبي مجزرة صبرا وشاتيلا الذين ما زالوا أحياء، ذكر أحدهم أنه «كان يفضل استعمال السكين في القتل، لأنه «يفش الخلق» ويجعلك تحس بالعين وهي تنجرح، والبطن وهو يبقر... والقلب وهو يفر من مكانه... الخ» وان الاطفال كانوا – لمزيد الأسف له – يموتون بسرعة، في حين ان البالغين كانوا أقدر على تحمل سكرات الموت وسكاكينه.

فهل هناك مشاهير من بين الأسماء المشاركة في انجاز الافلام؟ لا شك في ان المساهمين في انجاز الأفلام كلهم أو معظمهم من المشاهير، لكن هناك بينهم من هو أكثر شهرة، وأكثر انتاجاً عن القضية ومتابعة للانتاج السينمائي. لقد قضى هاني جوهرية الفلسطيني – على سبيل المثال – الذي صوّر اغلب الافلام التي انتجت عن القضية في ستينات ومنتصف سبعينات القرن الماضي بقذيفة اصابته وهو وراء كاميرته يصور... ويعبر. وهناك آخرون أصيبوا جسدياً... ونفسياً كالفرنسي جان جينيه الذي حضر وشهد وشاهد المأساة والمجزرة في صبرا وشاتيلا وغيره... وغيره.

هل هناك اسرائيليون ويهود من بين المساهمين في انجاز تلك الأفلام... وماذا عالجوا؟

بعضهم كان من دعاة السلام وإقامة دولتين للشعبين في فلسطين التاريخية، وبعضهم الآخر انحاز الى الحق الفلسطيني، وصور جوانب من المأساة والممارسات المجحفة في حق الفلسطينيين: الحصار، الجدار، الحواجز، الاعتقال، النفي، نسف البيوت وخزانات المياه... واقتلاع الاشجار... وكل ما يمكنه ان يصعب من حياة الفلسطينيين ويجعلها مستحيلة وخارج شروط الحياة الانسانية... دفعاً لهم الى مغادرة البيوت وبقايا الارض.

هل كان جميع من أنجز الافلام مع القضية الفلسطينية وناسها؟ هناك من عرض وجهتي النظر الاسرائيلية والعربية الفلسطينية، وهناك من حاول اتباع الحياد. الا ان بطش القوى كان يشوش على حيادية الفنان، ويورث انحيازاً الى الفلسطينيين ربما غير معلن أحياناً.

الكتاب في النهاية غني وحافل بالاسماء والوقائع والوثائق المهمة، هو تاريخ حي وناطق ومصوّر، من المهم جداً جمع وأرشفة وتبويب ما ورد فيه من اسماء الافلام والحفاظ عليه وتزويده بكل ما جدّ أو استجد في هذا المجال.

ملحوظة أخيرة لقيس الزبيدي بالذات، ربما لم يسعفه الوقت والظروف كي يشاهد اغلب الاشرطة والافلام التي وردت في الكتاب، لكن من المؤكد أنه شاهد الكثير منها، وبما انها تحتوي على تراجيديا مجسدة وممهورة بآلام وشهقات ودموع ودم. فهل ما زال يملك سوية صحية جسدية ونفسية وعقلية تتيح له مشاهدة وتجميع المزيد من وثائق دمار الانسان والتطاول على انسانيته؟

الحياة اللبنانية في 23 يونيو 2006

 

يوم للخليج في نانت ودورة سينمائية لشباب سعوديين

نانت (فرنسا) - ندى الأزهري

تثير الحركة السينمائية التي بدأت في منطقة الخليج العربي، انتباه المختصين والمتابعين للفن السابع. فمن المملكة العربية السعودية إلى الإمارات والكويت مروراً بعمان والبحرين، تشهد المنطقة حراكاً واضحاً، ليس على صعيد المهرجانات التي تنظمها بعض هذه البلدان فحسب، وإنما أيضاً في عملية الإنتاج السينمائي فيها لأفلام روائية ووثائقية. وهكذا شهد هذا العام إنتاج الفيلم الروائي العماني الأول «البوم» لخالد الزدجالي، وقبله الفيلم الوثائقي «نساء بلا ذاكرة» للسعودية هيفاء المنصور، إضافة إلى أفلام قصيرة من الإمارات والكويت كما تجرى تحضيرات لأعمال أخرى في البحرين والسعودية قد يتم الانتهاء منها هذا العام.

وهذا النشاط أو «الفورة»، دفعت بمهرجان نانت السينمائي، لأن يخصص خلال دورته المقبلة (نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر) يوماً للخليج تعرض فيه إنتاجاته السينمائية القصيرة والطويلة لتعريف الجمهور الفرنسي بها. كما يسعى مدير المهرجان فيليب جالادو، الى تنظيم تظاهرات فنية مواكبة لعروض الأفلام، تبرز بعض أنواع الخلق والابتكار المشهدية في منطقة الخليج كمعارض للصور وعروض للأزياء المحلية...

اهتمام واضح

وكان جالادو زار المملكة العربية السعودية أخيراً في محاولة «لاكتشاف الوضع السينمائي والسمعي البصري في شكل عام هناك»، والتقى نائب وزير الثقافة والإعلام السعودي وعدداً من المسؤولين. وقد صرح لـ «الحياة» بأنه شعر «باهتمام واضح من جانب الرسميين» تجاه مهرجان نانت، ودورة «الإنتاج في الجنوب» على نحو خاص. وتم بحث إرسال مرشحين مبتدئين للمساهمة في شكل أولي في دورة بيروت التي سينظمها مهرجان نانت هناك في الشهر التاسع، ثم بعد ذلك في دورة نانت في نهاية العام في حال تحقق شرط المشاركة وهو توافر دراسة كاملة لمشروع إنتاجي للمرشح.

وعلمت «الحياة» أن المخرجة السعودية هيفاء المنصور تحضر مشروعاً لتحويل رواية «الحزام» للكاتب السعودي أحمد أبو دهمان إلى فيلم وستشارك في هذا المشروع في دورتي بيروت ونانت.

ومن المعروف أن الدورة المخصصة للإنتاج في الجنوب، والتي ينظمها مهرجان نانت سنوياً بموازاة المهرجان، تهدف إلى مساعدة المنتجين الشباب القادمين من القارات الثلاث على التعرف إلى الأساليب الإنتاجية الأوروبية وإلى كل ما قد يسهل لهم مستقبلاً تحقيق مشاريعهم السينمائية عبر الإنتاج المشترك.

وكان مدير مهرجان نانت التقى في السعودية مجموعة من الشباب السعودي المهتم بالفن السينمائي الجاد وقد قاموا بتحقيق بعض الأفلام الوثائقية والقصيرة، وهم يرمون إلى إنجاز أفلام روائية، ولكن «العقبات التقنية والفنية تحول دون تحقيق طموحاتهم»، ولهذا تم الاتفاق مع فيليب جالادو على تنظيم دورة لهم في الرياض عن السينما وتاريخها في العام المقبل. وسيكون «الإنتاج في الجنوب» في الرياض مفتوحاً للمخرجين الشباب وكتاب السيناريو بهدف تحضيرهم لتحقيق فيلم طويل. وقد يقودهم ذلك في مرحلة لاحقة إلى دورة الإنتاج التي ينظمها مهرجان نانت في بيروت، ثم يمكنهم كمرحلة أخيرة ترشيح أنفسهم لدورة نانت عند تبلور مشروع إنتاجي لهم.

الحياة اللبنانية في 23 يونيو 2006

 

سينماتك

 

بطلة الفيلم الخيالي «ألترا فيوليت»... ميلا يوفوفيتش لـ «الحياة»:

ممنوع الدخول الى حديقتي الخاصة

باريس - نبيل مسعد

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك