يرى الروائى والباحث والصحافى المصرى سعد القرش فى كتابه " مفهوم الهوية فى السينما المصرية" أن السينما كان يمكن أن تقوم بدور خلاق فى المجتمعات العربية ومن الممكن القول إنها اخطأت فى حق الجمهور ولم تتبن قضاياه الحقيقية.

وجاء فى خلاصة حملت عنوان " تمهيد" أنه كان بالإمكان أن تقوم السينما بدور خلاق فى المجتمعات العربية لو توفر فائض وعى وطنى وثقافى لدى رواد هذه الصناعة ولكن كثيرين منهم لم يفعلوا."

ويرجع الكاتب ذلك إلى أن رواد هذه الصناعة يريدون الربح السريع وحده ولأن لهم قضية وهمّا كما فى حالة بعض رائدات السينما المصرية. وتنقصهم المعرفة الثقافية السابقة على السينما فضلا عن عدم الإيمان بالجمهور أو المعرفة به ."

وفى إشارة إلى مآخذ جمالية وأخرى تتعلق بالمسؤولية الوطنية والانسانية أضاف يقول " والآن بعد هذه السنين ورغم الإعتراف بجهد كل من وضع لبنة فى صرح السينما العربية يمكن القول إنها رغم المحاولات المهمة شكلا ومضمونا اخطأت فى حق الجمهور ولم تتبن قضاياه الحقيقية وأضاعت سنوات من عمر الوطن فى أفلام يغنى بعضها عن الآخر ولا تضيف كثيرا إلى رصيد جماليات السينما أو تنبه الشارع إلى حقوقه."

وقال "السينما القومية التى نطمح إلى أن تكون تيارا وليس مجرد تجارب لمبدعين أفرادا لا يريدها العالم أن تكون بالطبع نسخة سبق أن صدّرها إلينا بل صيغة جمالية لا تشبه إلا نفسها وتحمل رائحة تاريخنا وهمومنا الخاصة باعتبارها من بين القضايا التى تؤكد أشواق الإنسان إلى الحب والخير والعدل والجمال وتجمع الخاص والعام المحلى والخارجى فى لغة لا تتجاهل المدارس والتيارات السينمائية والثقافية العالمية وتبدع لنفسها نهجا خاصا يدل عليها مثل بصمات الاصابع."

السينما و الهوية

يعود كتاب القرش، الذى صدر عن"دولة الامارات العربية المتحدة/ مكتب نائب رئيس الوزراء لشؤون الاعلام، إلى أبعد من مسألة السينما فى الحديث عن موضوع الهوية فيعرض الأفكار ووجهات النظر المختلفة فى هذا الشأن فى مصر وسائر البلدان العربية.

ويسأل "هل توجد هوية قومية للسينما العربية؟. قبل طرح السؤال ينبغى التسليم بان السينما العربية ليست كتلة متجانسة ولا يصح النظر إليها كمعنى كلّى مطلق بل كتيارات وتوجهات تتأثر بالمعطيات المحيطة بكل بلد وبتغيراتها فى البلد نفسه بل فى أفلام المخرج الواحد."

وفى رأيه أن الهوية القومية للسينما "لا تعنى أن يتبنى المخرج وهو المسؤول الأول عن الفيلم شعارات وطنية زاعقة أوالإثقال على الفيلم بقضايا ذهنية تحول دون المتعة وهى الشرط الأول للفن بقدر ما تعنى امتلاك المخرج حدا أدنى من الوعى بشروط الفن والحرفة والانتماء معا . فالفيلم الجيد وطن وهوية مادام يتمتع بصدق الفنى ولا يهم كثيرا ماذا يقول بل كيف تحكى الحكاية."

و يشكل الكتاب من ناحية أخرى دراسة مختصرة واضحة للأفكار القومية التى شهدهاالعالم العربي. حيث جاء فيه أنه فى نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين "كانت التيارات الفكرية العربية متعارضة بين المشرقيين والمغاربة والمصريين لدرجة التصادم وبينهم ضاع مفهوم العروبة ولم يجد من يتحمس لبلورته كمصطلح."

وقدم الكاتب أمثلة عديدة فى هذا المجال منها خير الدين التونسى " 1810- 1889" وشبلى شميل "1850-1917 " ونجيب عازورى "1870- 1916" وهو أول من استعمل مصطلح الأمة العربية وكذلك أشار إلى أحمد لطفى السيد الذى توفى سنة1963 وإلى دعوته المصرية وكذلك توفيق الحكيم فى مصريته وطه حسين فى متوسطيته.

ولأن مصر هى الأولى والأساس عربيا فى الشأن السينمائى فالحديث عن الفكر القومى فيها ذو أهمية كبرى. وينقل عن الدكتور عبد العظيم أنيس تفريقه بين تحفظ قيادات ثورة 1919 فى مصر ازاء الفكر القومى العربى المشرقى وتعاطف المصريين الشديد مع نضال الشعوب العربية فى المشرق ضد الاستعمار بعد الحرب العالمية الأولى قوله إن هذا التعاطف "كان شيئا مختلفا عن الالتزام القومى بالمعنى المعروف فى المشرق وبقى التيار اليبرالى المصرى مرتبطا بفكرة الوطنية المصرية".

ولعل نكبة فلسطين عام 1948 كما يقول القرش "كانت بداية اهتمام الشارع المصرى بالشأن العربى العام".

ورأى المؤلف أن" من يراجع مضمون السنوات العشرين الأولى من عمر السينما المصرية يجد بيسر اتجاها قويا لإطالة مدى الظروف غير الأدمية للمواطنين الذين أصبحوا أقرب إلى الرعايا فى بلد لا يخص إلا الأثرياء سياسيا واجتماعيا وماليا ٍ. وكانوا هم المستفيدين من سينما تميل إلى تخدير البسطاء. وإذا كانت السينما العربية كأحد مصادر البهجة الشعبية قد تجاهلت االسياسة والقضايا الكبرى فى السنوات الأولى فإن عيون رجال الحكم كانت شديدة اليقظة."

ويشير إلى مصادرة الفيلم المصرى "لاشين"الذى أخرجه فريتز كرامب عام 1938 وذلك بحجة المس بالذات الملكية. ويذكر أيضا فيلم "ليلى بنت الصحراء "الذى قامت ببطولته وأخرجته بهيجة حافظ ومنع بحجة الإساءة إلى زواج شاه ايران بالأميرة فوزية أخت ملك مصر يومها.

وأضاف المؤلف "وبعد هذين الفيلمين تجنب صناع الأفلام الاقتراب من السياسة إلا قليلا إلى أن حلت نكبة فلسطين عام 1948 فبدأ اللجوء إلى أفلام تمتص الغضب الشعبى كفرصة لإنقاذ شرف السينما والحكم الفاسد أيضا."

وعقب تأميم قناة السويس عام 1956 "سعت السينما العربية مدفوعة بفورة حماسة مستمدة من الزهو الوطنى عبر أفلام متفاوتة المستوى " إلى ما وصفه بعض الباحثين بأنه إنتاج أعمال "تخرج من حدود الشوفينية المحلية نحو إفاق قومية بإعادة معالجة قضايا وحوادث تاريخية قديمة على نحو يرضى سلطة قائمة." ومن الأمثلة "الناصر صلاح الدين" الذى أخرجه يوسف شاهين وعرض سنة 1963 وفيلم "ناصر 1956 "الذى أخرجه محمد فاضل وعرض سنة 1996 وأفلام عربية أخرى غيرهما.

يختصر القرش موقفه فى هذا المجال بقوله "وتنهض هذه الدراسة على الرصد الاحصائى للأفلام العربية قدر انطلاقها من قراءة بعض الأفلام الممثلة لمفهوم الوطن وقوفا أمام بعض الظواهر كما تتضح فى اتجاهات المخرجين وبعضهم واع ثقافيا وراسخ فنيا والبعض الآخر تعوزه الأدوات ولا ينقصه الإخلاص فى معالجة قضايا التحرر الوطنى أو عدالة قضية فلسطين أو التطبيع مع اسرائيل."

القضية الفلسطينية

أما عن فلسطين فقد قال المؤلف إنه "عبر نحو أربعة آلاف فيلم منذ بدء إنتاج أفلام عربية لم تطرح قضية فلسطين بصورة تناسب مأساة ستصبح جرحا مزمنا" .

وقد جاءت البداية بفيلم "فتاة من فلسطين "فى عام 1948 أخرجه وقام ببطولته محمود ذو الفقار والمطربة السورية سعاد محمد.

وفى السنوت التالية تتالت الأفلام عن فلسطين "وتصبح قضية فلسطين إلا فيما ندر عبئا فنيا على كثير من الأفلام العربية.

بعض الأفلام أساء إلى فلسطين." ومن بين إساءات السينما العربية لقضية فلسطين أن الاشارة إليها تكون عابرة من باب ابراء الذمة أحيانا والفدائى الذى يذهب للدفاع عنها يذهب كنوع من الانتحار لا الاختيار الحر مدفوعا بتجربة شخصية مريرة "كخيبة فى الحب أو أمر آخر.

استمر الأمر عشرات السنين" إلى أن تنهض من الداخل وبإمكانات متواضعة صناعة سينمائية حقيقية فى فلسطين يمكن أن نطلق عليها فنيا سينما فلسطينية."

يصل القارىء إلى أن هذه الدراسة المكثفة التى استندت إلى 36 فيلما عربيا من بلدان متعددة على رأسها مصر طبعا تشكل مرجعا مهما من حيث الاستنتاجات والمعلومات والموضوعية الهادئة فى عرض كل ذلك.

العرب أنلاين في 21 يونيو 2006

 

«النحت في الزمن».. بحث في أفكار المخرج تاركوفسكي ورؤاه السينمائية

عمان  ناجح حسن 

يتناول المخرج السينمائي الروسي الراحل أندريه تاركوفسكي في كتابه النحت في الزمن  الذي ترجمه إلى اللغة العربية الأديب البحريني أمين صالح والصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ووزارة الثقافة والإعلام في دولة البحرين جملة من القضايا والمفاهيم المتعلقة بتجربته السينمائية الثرية والتي طالما شغلت أعماله اهتمام النقاد وعشاق السينما والدراسين والمهتمين بالذائقة السمعية البصرية والارتقاء بها.

تاركوفسكي الذي غيبه الموت العام 1986 في السويد بعيدا عن وطنه الأصلي اعتبره المخرج السويدي المعروف انجمار برجمان بأنه واحد من أفضل السينمائيين في الزمن المعاصر نظرا لشغفه اللامحدود بأدق التفاصيل في العمل السينمائي والذي يراعي تلك اللقيات الفنية التي تنطوي على فهم عمق للغة الصورة الآتية من التشكيلات والتكوينات وتوظيفهما الخلاق في خطاب الفيلم الفكري والجمالي.

كما يتحدث الكتاب الذي صدرت نسخته منذ عقدين بأكثر من لغة عالمية عن رؤية وذكريات وأفكار المخرج صانع التحف السينمائية الخالدة : أندريه روبلوف ،  طفولة ايفان  ، المرآة  ،  ستالكر  ، الحنين، و التضحية  وجميعها تكشف حجم القلق والعزلة والحيرة وتسبر جوهريا إلا في حدود ضيقة عن طبيعة الإبداع البصري وعن المعضلات الخاصة بالفن السينمائي والمعاني والإشارات الشعرية فيه وعن ضرورة الفن وحاجة الإنسان إليه التي يعيشها الإنسان في سائر محطاته.

يتساءل تاركوفسكي فيما كان يعد المسودة الأولى لمقدمة الكتاب عن جدوى تأليفه ومدى ضرورته في إبراز منهجيته الجمالية والنظرية التي تتزامن إبان صناعته للأفلام بدلا من الاكتفاء بممارسة الإخراج كفعل إبداعي لا يقل شانا عن التنظير والبحث عن دفائن الصنعة وهو المخرج الذي غدا احتفاء النقاد في أرجاء المعمورة بكل إنجاز جديد له يعوض عن سنوات عديدة أمضاها متأملا ودارسا وباحثا عن فوارق أسئلة الإبداع السينمائي مقارنة مع الحقول الإبداعية الأخرى .

بقراءة وإعادة قراءة العديد من المؤلفات حول نظريات السينما يتوصل تاركوفسكي إلى نتائج مخيبة للآمال وهي أن تلك الكتب لم تقنع مخرجا مثله أو تشبع رغبته بالبحث الرصين عن معضلة جدوى صناعة الفيلم .. بشكل عام أدرك المؤلف /المخرج مبادئه الخاصة في العمل عبر استجواب النظرية السائدة من خلال الرغبة في التعبير عن فهمه الخاص للقواعد والنظم والأحكام والأسس لنسيج الشكل الإبداعي البصري والمتوائم مع الخطاب الفكري الذي ينشده.. وأيضا كان للقاءات المخرج المتكررة مع جمهور متلقي متنوع جعلته يشعر بضرورة تقديم بيان كامل ومفصل قدر الامكان ، فالجمهور كان يرغب جديا في فهم كيفية وسبب تأثير السينما وأفلامه بوجه خاص وقدرتها على تحريك مشاعرهم وأحاسيسهم .. فهم كانوا يبحثون عن أجوبة على أسئلة لا تحصى من اجل إيجاد نوع من المستوى أو القاسم المشترك لأفكارهم العشوائية والمضطربة بشان السينما والفن عموما.

يستشهد المخرج في مواضع عدة من كتابه النادر في حقل المكتبة السينمائية العالمية بالعديد من الشهادات لأفراد عاديين اخذوا على عاتقهم مخاطبة المخرج عبر رسائل البريد موضحين فهمهم المتنوع والمتضارب أحيانا لموضوعات أعماله التي كانت تعرض بين حين وآخر ولئن بدا اغلب تلك الشهادات ينم عن ثقافة سينمائية رفيعة تؤكد على التواصل بين المبدع والمتلقي فأنها في مواضع أخرى تثير في نفسية المخرج اليأس الشديد أمام سؤال يلازمه دائما لمن يحقق أفلامه؟ ولماذا؟ ..لكن هناك نوعا آخر من الرسائل تمنح المخرج بصيصا من الأمل رغم ما تعكسه من الم ومرارة وحيرة وارباك نظرا لقدرة أصحابها على التعبير بعفوية وطلاقة ورغبة صادقة في فهم ما شاهدته هذه الشريحة من المتلقين لأفلامه التي طالما وصمتها أقلام النقاد بأنها نخبوية .

يخلص المخرج تاركوفسكي في كتابه الذي أبصر النور لأول مرة العام 1986 باللغة الألمانية إلى أن الإبداع الفني برغم كل شيء ليس خاضعا لقوانين مطلقة سارية المفعول من عصر إلى عصر ..فان له عددا لا متناهيا من الأوجه ومن الصلات التي تربط الإنسان في مجاله الحيوي المفتوح على شتى ألوان المعرفة والعلوم الإنسانية .

الرأي الأردنية في 22 يونيو 2006

"الدرس رقم خمسة" لفيليب سكاف

إشــــــارات تــنــــبــئ بـســـــيــنـمــا واعـــــدة

علي زراقط 

تمر المرأة الشابة الجميلة وسط مجموعة من الكهول الجالسين، فيلتفت الجميع إليها. تبدو المرأة عاجزة في هذا المكان، كما يبدو الرجال الكهول. هو فيلمٌ عن العجز والتخلي، والتناقض بين الشيخوخة والشباب. يبدأ فيلم "الدرس رقم خمسة" للمخرج فيليب سكاف بمشهد غروب الشمس في مرفأ بيبلوس القديم، مشدداً على قدم المرفأ والمدينة من خلال كتابة ذلك على الشاشة.

القصة تدور حول مدرّس للغة الإنكليزية، مفتون بالحضارة الأميركية وقدراتها، يعمل على نقل مجموعة من اللبنانيين إلى أميركا، بتدبير تأشيرات دخول لهم. إلا أن الأميركيين بعد الحادي عشر من أيلول، ما عادوا يريدون البقاء على كوكب الأرض. بين المرفأ القديم حيث الجماجم وقطع الفخار الرومانية، كآثار من التاريخ يشدد عليها المخرج في قصته، وبين السفن الفضائية التي تبدأ رحلاتها إلى أماكن كي تكتب تاريخاً فيها، يعمل الفيلم على المقارنة بين هذين المكانين. بين التاريخ والمستقبل، بين التطور والتخلف، بين الجهل والعلم، بين الأشقر والأسمر، تجول أفكار الفيلم في حوارات سريعة تأخذ الشكل الإخباري، الذي يتوسل إيصال المعلومة من دون الاهتمام بأن تكون تلك الحوارات طبيعية. يبدو الفيلم في الإجمال كما لو أنه يحاكي الحوار في كتاب "النبي" لجبران (مع احترام الاختلاف العميق) لجهة الأسئلة التي تطرح عن الحياة والقيم العامة والإجابات الحاسمة التي يقدمها "الأستاذ" كدروس للحياة، لكن الفارق بين الكتاب والفيلم هو رغبة العودة لدى جبران، ورغبة الرحيل عند سكاف.

على الرغم من الحوارات، والمونولوغ الكثير في الفيلم وصيغته الإخبارية، وبعيداً عنها، يحمل الفيلم عدداً من الصفات الإيجابية، الناضحة بالجمال، التي تستغل تفاصيل المكان القديم كي تمنحنا رؤية حميمة ونوستالجية له. ثمة في الفيلم الاحساس السينمائي الجميل وخصوصاً في المشاهد الصامتة، عندما تتغزل الكاميرا بجسد المرأة (الممثلة مي حريري) او عندما تلتقط المشهد الأجمل لدى رؤية الكهول يصبغون شعرهم. في هذا المشهد، تبدو الكاميرا متمهلةً، واعية مقدار الغرابة في حركة دائمة بين الشعر الأشيب الذي سوف يصبح أشقر، والشعر الاسود المصفف، في مقارنة تعمق الغرابة التي يحتويها هذا العمل.

استطاع سكاف أن يقنعنا بالرؤية الساخرة للفيلم، وبفكرة تنطوي على رسالة قيمية، لكنه يقع أحيانا في بعض الفخاخ من جراء رغبته في مناقشة موضوعات كبيرة في ظل وقت ضيق. اول هذه الفخاخ الخطابية المملة، التي حاول الهرب منها لاجئاً إلى النص الساخر، لكنه بدا في ذلك ضعيفاً، إذا قارنّا هذا النص بنصه نفسه، الرومانسي الطابع، الذي يحكم البداية والنهاية. هذه الخطابية تبدو متعجلة في إطلاق الأحكام على القضايا التي يناقشها الفيلم كموضوعات الموت، والشباب، والمرأة الصامتة دائماً، وصراع الحضارات. أما الفخ الثاني فيتبين لنا في النهاية التي تأتي بلا مفاجآت، إن على الصعيد البصري أو على الصعيد الروائي. نهاية كنا نتوقع لها أن تأتي في مكانها لا أكثر. لكن هذه النهاية السريعة تحرمنا متعة الوداع لهذه الأماكن الحميمة، ومتعة مشاهدة التفاصيل التي تزخر بها بداية الفيلم وتغيب عن جزئه الثاني. أما الفخ الثالث فهو عدم القدرة على بلورة صورة محددة للشخصية الرئيسية، أي شخصية الأستاذ، التي يؤديها أنطوان كرباج، بحيث يبدو رومانسي الطابع، هادئاً، متأملاً في التعليق الصوتي، فيما يبدو عنيفاً ديناميكياً وعملياً في المشاهد التمثيلية. إلى ذلك يقع المشاهد في حيرة من أمر الأستاذ المفتون بالغرب والأميركيين ولا يزال يشرب العرق ويأكل التبولة، فيما زوجته، المرأة الشرقية بامتياز، تستمع دائماً إلى أم كلثوم. يبدو سكاف كأنه يريد إضافة تناقض ما داخل شخصية الأستاذ، إلا أن ذلك لا يمكننا استيضاحه تماماً. فهل يندرج ذلك في باب السخرية على المفتونين بالحضارة الأميركية فلا يأخذون منها إلا قشورها، أم هو من باب الاستمرار في المشهد التاريخي والتراثي للمكان؟! في حيرتنا هذه يرحل الظن إلى أن انطوان كرباج قد يكون يلعب دور "اللبناني الحربوق" الذي يريد ان يبرهن للناس أنه يعلم كل شيء وهو لا يعلم شيئاً، إلا أن ذلك لا يبدو واضحاً. أمام هذه الضبابية التي توقعنا فيها شخصية الأستاذ، ثمة شخصية جميلة جداً في بساطتها تؤديها مي حريري. فهذه المرأة الجميلة المفتونة بجمالها، تميل إلى الرومانسية مع اغاني أم كلثوم، تشاهد غريباً يمر في الشارع، يبدو من نظراتهما أن بينهما علاقة ما، وتحب أن تسافر لسبب وحيد هو أنها تريد أن تتكلم لأنها تظل في هذا المكان صامتة.

بين كل هذه المطبات يجد المخرج سكاف طريقه ويرسم لنا إشارات تنبئ بقدرات سينمائية حقيقية، من حسن استخدام للرمز، وللموسيقى، وللمؤثرات، كالسرعة البطيئة، والتقطيع القافز (jump cut) وغيرها. هذا الاستخدام المكثف للرموز، والدلالات التاريخية والآنية، ينقلنا إلى عالم خاص من اخراج فيليب سكاف. عالم لا يدّعي الواقعية ولا يهجرها بالمطلق، كأنه يحاكي "بيارو المجنون" لجان لوك غودار، في حديثه عن الواقع والهرب منه في آن واحد.

 

 (•) يعرض "الدرس رقم خمسة" لفيليب سكاف عند الثامنة من مساء اليوم في قاعة الأونيسكو، وتليه حلقة مناقشة.

النهار اللبنانية في 22 يونيو 2006

 

أكثر الافلام الهاماً في تاريخ السينما

"انها حياة رائعة" لكابرا في الصدارة 

في تقليد سنوي، يصدر معهد الفيلم الاميركي (AFI) لائحة "أفضل مئة" في بث تلفزيوني مباشر يتضمن اجتماع أعضائه. حفلة هذا العام التي نقلها تلفزيون "سي.بي.أس" كانت مخصصة للأفلام الملهمة وجاء في مقدمها شريط فرانك كابرا "انها حياة رائعة" It's a Wonderful Life من انتاج العام 1946. تم اختيار الافلام من بين ثلاثمئة فيلم مرشح على يد 1500 مخرج وممثل وناقد. شريط كابرا الكلاسيكي الذي جاء اولاً تناول حكاية جورج بايلي الذي سعى طوال حياته للخروج من محيطه الضيق وترك بصمة في العالم. الا ان الظروف تحتم عليه البقاء في قريته بيدفورد فولز لادارة اعمال العائلة الضئيلة ومصارعة ظروف العيش الكئيبة. في يوم عيد الميلاد، يوتجه بايلي فضيحة مالية واتهامات بسبب سرقة عمه لمبلغ مالي، فيقرر الانتحار. عندها يقرر ملاك التدخل ليبرهن له الخير الذي صنعه والفراغ الذي سيتركه بموته. بينما يسعى الاصحاب والاهل لانقاذه، يتعلم جورج كيف يحب الحياة التي ازدراها في السابق. في المرتبة الثانية، حل To Kill a Mockingbird (1962) مع غريغوري بيك في دور الرجل الجنوبي الذي يسعى الى تبريء رجل اسود حكم ظلماً. في المرتبة الثالثة، اختير فيلم ستيفن سبيلبيرغ Schindler's List (1993) عن رجل اعمال الماني يحمي عمال مصنعه اليهود من النازيين مع ليام نيسن في الدور.

"روكي" (1976) سيلفستر ستالوني حل رابعاً بينما جاء في المرتبة الخامسة فيلم آخر مشترك لكابرا وستيوارت هو الشريط السياسي Mr. Smith Goes
to Washington. حصد سبيلبورغ مرتبتين أخريين في لائحة العشرة: المرتبة السادسة التي كانت من نصيب فيلمه الخيال العلمي E.T. (1982) والمرتبة العاشرة التي ذهبت الى Saving Private Ryan (1998). وبينهما حل تباعاً كل من: The grapes of Wrath (1940) وBreaking Away (1979) وMiracle on 34th Street (1998).

تصدر سبيلبيرغ لائحة المخرجين من وحيث عدد الافلام في لائحة المئة والتي بلغ عددها خمسة هي الى الافلام المذكورة The Color Purple (المرتبة 51) وClose Encounters of the Third Kind (المرتبة 58). وتبعه كابرا بأربعة افلام Meet John Doe (المرتبة 49) وMr. Deeds Goes to Town (المرتبة 83).

لجهة الممثلين، تساوى سيدني بواتييه وغاري كوبر بخمسة افلام كلك منهما. تنوعت الافلام بين الموسيقية والعائلية والخيال العلمي وكان اقدمها انتاجاً City Lights (1931) لتشارلي تشابلن في المرتبة 33 وأحدثها اثنان من انتاج 2004: Hotel Rwanda وRay.

تضمنت اصدارات المعهد السابقة افضل الافلام الكوميدية وافضل مقاطع الافلام والاغاني وقصص الحب. ويشير احد الاعضاء الى ان اختيار عنوان "الافلام الملهمة" الآن بالتحديد ينطلق من رغبة في مراجعة افلام تقدم الامل في أعقاب 11 ايلول والحرب على العراق والكوارث الطبيعية... حيث يصير تأثير الافلام مضاعفاً ولغة السينما اكثر فاعلية وتواصلاً.

المستقبل اللبنانية في 22 يونيو 2006

 

سينماتك

 

سعد القرش يبحث عن مفهوم الهوية فى السينما المصرية

سعد القرش: السينما اخطأت فى حق الجمهورالعربي

جورج جحا -رويترز–

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك