ليس هناك توازن بعد. فأفلام المرأة العربية لا تزال أقل عدداً بكثير من افلام الرجل. لكن إذا نظرنا الى الامور في شكل موضوعي في مقارنة مع الصورة التي كان عليها الوضع طوال تاريخ علاقة المبدعين العرب بالسينما، يمكن القول ان علاقة المرأة كمبدعة، مخرجة ومؤلفة، بالفن السابع، تطورت في شكل مدهش في السنوات الأخيرة. ففي جولة على جملة المهرجانات والمساهمات العربية فيها، يكتشف المرء حضوراً للسينمائية العربية يزداد ترسخاً. لكن هذا ليس الفارق الوحيد في لعبة المقارنات. هناك فارق أساسي آخر. وهو أن المرأة في السينما العربية لم تعد عند خط الدفاع عن قضاياها، أو عند خط السلبية المتألمة، بل انتقلت الى «مرحلة الهجوم». من هذه المهرجانات مهرجان الفيلم العربي في روتردام الذي لفت الانظار، إذ قدم في دورته السادسة التي اختتمت قبل أيام، مجموعة لا بأس بها من أفلام عربية حملت تواقيع نسائية. منها 3 أفلام روائية طويلة و7 قصيرة، أتت من بلدان عربية مختلفة وحققتها سينمائيات جديدات وقديمات من شتى الأعمار. بعضهن يخضن التجربة الإخراجية للمرة الأولى، وأخريات يعدن في أعمال جديدة بعدما كنّ ثبّتن مواقعهن في الماضي بأفلام سابقة. القاسم المشترك بين معظم هذه الأفلام أن السينمائية العربية بصفتها مؤلفة لفيلمها لم تعد مرتبطة تماماً بالرجل. بل لم يعد فيلمها رد فعل على «ظلم الرجل لها». وهذا ما نعنيه بالحالة الهجومية. فالسينمائية العربية هنا تقتحم مواضيع شائكة تتناولها من وجهة نظر اجتماعية خالصة، وليس بالضرورة من وجهة نظر الصراع الممل، بين الرجل والمرأة. قضية حساسة في البداية لدينا فيلم «دنيا» للمخرجة اللبنانية جوسلين صعب المعروفة بأفلامها المشاكسة. في «دنيا» اقتربت صعب من قضية حساسة في المجتمع المصري: قضية ختان المرأة. واثارت مقاربتها للموضوع استياء الشارع المصري وسخطه حين عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي، من دون ان تمنعه الضجة التي أثيرت حوله من متابعة جولته في المهرجانات، والتي كان آخرها مهرجان «روتردام». ولعل أبرز ما في هذا الفيلم هو الجرأة في الطرح. وهي جرأة عودتنا عليها جوسلين صعب في أفلام سابقة، وجاءت جرعتها كبيرة في فيلمها الأخير الذي شكلّ صدمة لكثيرين. ومثلما كان فيلم «دنيا» صادماً في الشارع المصري، كان لفيلم «ماروك» للسينمائية المغربية ليلى المراكشي الوقع نفسه في الشارع المغربي، حيث اثار الفيلم ضجة كبيرة وصلت الى مجلس النواب والحكومة والصحافة. والتهمة ان هذه السينمائية الشابة التي تتقن حرفتها في شكل جيد آثرت ان تتحدث عن طبقة اجتماعية موجودة بقوة في المغرب وفي كل أنحاء العالم، لكن «المناضلين» يفضلون تغييب الحديث عنها وكأنها عار أو فئة مسكوت عنها. ليلى مراكشي تؤكد ان هذه الطبقة ليست عاراً ولا عالة على المجتمع، بل هي التي تبني المجتمعات عادة، وبالتالي تستحق ان نتحدث عنها فنياً. إنها الطبقة البورجوازية العليا في المجتمع التي تعرفها ليلى مراكشي جيداً. وتعرف انها ليست أموالاً ومظاهر اجتماعية خاوية فقط، بل هي أيضا بشر من لحم ودم يعيشون حياتهم وافراحهم واحزانهم كما يعيشها أبناء الطبقات الاخرى. طبعاً لا تقول ليلى مراكشي هذا مباشرة، بل من خلال تعاطيها الإنساني مع قصة تدور حول شابين من ديانتين مختلفتين يقعان في الحب في مجتمع عربي لا يحبذ الاختلاط بين الطوائف، خصوصاً إذا كانت الفتاة مسلمة والشاب يهودياً. أما الفيلم الروائي الثالث «خشخاش»، الذي كان لجمهور مهرجان «روتردام» فرصة متابعته في الدورة السادسة، ونالت عنه بطلته ربيعة بن عبدالله جائزة أفضل ممثلة، فلم يخل أيضاً من جرأة في الطرح... خصوصاً أن مخرجته سلمى البكار هي واحدة من رائدات السينما التونسية. الامر الذي لم يمنعها من تصوير عذاب امرأة تكتشف «شذوذ» زوجها جنسياً قبل أن تذوق طعم الحب الحقيقي في مكان آخر. منافسة جدية هذه الأفلام الروائية الثلاثة شكلت حالة منافسة جدية مع افلام «السادة الرجال»، وليس فقط من ناحية الجودة او التقنية السينمائية، بل كذلك من ناحية التصدي لموضوعات شائكة حساسة كان مجمل الرجال الفنانين يفضل دائماً الالتفاف عليها من دون التصدي لها. فمن موضوعة الختان في المجتمع المصري الى موضوعة العلاقات الزوجية غير المتكافئة، طبقياً وجنسياً في المجتمع التونسي، الى موضوعة الزواج المختلط، و «الملعون» بالتالي لدى بعض فئات المجتمع المغربي... لم تعد القضية بالنسبة الى السينمائية العربية قضية امرأة في مواجهة الرجل، بل الاثنين معاً في مواجهة المجتمع خارج إطار لعبة الأبيض والأسود. إذ مع الزمن تعلمت الفنانة العربية كيف تدنو من الرمادي في شتى درجاته. هذا الدنو موجود ايضاً في الأفلام القصيرة التي وان قلّت طولاً واختلفت نوعاً عن الأفلام الروائية الطويلة، فإنها لم تكن اقل منها دنواً من المواضيع الشائكة، واحيانا بذكاء حاد وتقنية مبهرة نسبياً. السعودية هيفاء المنصور التي تعتبر اول مخرجة انثى في سينما لا تزال تسجل خطواتها الأولى (السينما السعودية التي قدمت في المهرجان نفسه روائيها الطويل الاول للمخرج عبدالله المحيسن) عرضت فيلمها «نساء بلا ظل» (اللافت ان الظل موجود لدى هيفاء المنصور كما لدى عبدالله المحيسن في «ظلال الصمت»). في «نساء بلا ظل» تناقش هيفاء المنصور قضايا أساسية عن المرأة السعودية، وتطرح مشاكله واحلامه، ما أثار حفيظة كثر. في المقابل اختارت السورية انطوانيت عازارية أن تقدم في فيلمها التسجيلي سمعان العامودي حكاية دينية تاريخية. أما العراقية هبة باسم فإنها في «أيام بغدادية» لم تستطع مبارحة الوضع العراقي من خلال تدوين يوميات طالبة في اكاديمية الفنون الجميلة تعود الى بغداد بعد الحرب لتبدأ رحلتها في البحث عن مأوى وفرصة عمل. ومن فلسطين تلاحق الكاميرا مريم في فيلم «مريم تغني» لنجوى نجار من خلال حكاية زواج وتركيب زواج في مجتمع لا يزال الرجل هو الآمر الناهي فيه. ومن تونس تأتي مريم ريفاي في شريط يمزج بين الماضي والحاضر من خلال حكاية ارملة تونسية تعيش في باريس وتشعر بالحنين لوطنها الام. والحنين والذكريات هما أيضاً العمود الفقري في فيلم تالا حديد «شعرك الأسود إحسان». اما المفاجأة في السينما التسجيلية العربية فتمثلت في فيلم هبة يسري «المهنة امرأة» الذي دنا للمرة الأولى في السينما العربية من أقدم مهنة في العالم، أي من النساء اللواتي يضطرهن المجتمع الى بيع اجسادهن مقابل لقمة العيش. هذه الفئة الملعونة دائما، والمحتقرة، تنظر إليها هبة يسري بشيء من الموضوعية. وكان هذا الفيلم أثار ضجة كبيرة في مصر. مثله مثل غالبية الأفلام الآنفة الذكر في بلدانها واحياناً خارجها. ألم نقل منذ البداية أن نساء السينما العربية بدأن يقتربن بحسم وفصاحة من القضايا الشائكة؟ وألم نقل ان اقترابهن جميعاً من قضايا المجتمع بات أجرأ من اقتراب الرجال وأصدق؟ من لم يقتنع بعد، قد يكون عليه أن يشاهد مثلاً فيلماً حمل اسم النساء وحققه المخرج الجزائري محمد الشويخ (نال جائزة مهرجان روتردام)، الذي بعدما خاض في قضية المرأة في افلام سابقة له مثل «القلعة»، أراد في جديده «دوار النساء» ان يقدم تحية على طريقته للمرأة، فأفلت منه موضوعه.. ربما لأنه بدأ فيلمه على طريقة الراحل رضوان الكاشف في «عرق البلح»، لينهيه بطريقة سوريالية أثارت ردود فعل سلبية من نقاد ومتفرجين كانوا يأملون أن يجدوا في «دوار النساء» ضالتهم، فوجدوا معارك وهمية وشخصيات مسطحة وموضوعاً لعل فائدته الوحيدة انه اكد ضرورة تلك الافلام التي بدأت تتجلى بين أيدي سينمائيات اثبتن أخيراً حضورهن في خطوات هي الاولى وتبشر بمستقبل زاهر للسينما العربية.. السينما التي كانت امرأة عربية هي مؤسستها الحقيقية: عزيزة امير التي حين حققت الفيلم المصري الاول قبل ثلاثة ارباع القرن قال لها الاقتصادي المتنور الكبير طلعت حرب مهنئاً يوم العرض الأول للفيلم («ليلى»): «سيدتي لقد حققت انت المرأة ما عجز عنه الرجال». ترى لو كان طلعت حرب حياً وشاهد معنا مهرجان روتردام وافلام المرأة العربية فيه، ماذا كان بإمكانه أن يقول؟ الحياة اللبنانية في 16 يونيو 2006
روتردام – فيكي حبيب قبل أسابيع من عقد أكبر تظاهرة أوروبية للسينما العالمية في فرنسا، وهو الموعد المضروب مرة كل عامين لتقديم أحدث الأفلام العربية ضمن اطار نشاطات مهرجان العالم العربي، يأتي عقد مهرجان الفيلم العربي في روتردام - المتواصل حتى الخامس من حزيران (يونيو) – أشبه ببروفة عامة اذ المعروف ان المهرجان الهولندي يقدم عادة البرنامج نفسه تقريباً الذي يعرض في باريس وان بصورة مصغرة، مع اختلافات من هنا أو هناك. واذا كان مهرجان روتردام هذا العام «أكثر ثقة»، بحسب تعبير مديره خالد شوكات، فإنه لم يخلُ من بعض الثغرات، ربما كان أبرزها الخطابات المستفيضة في حفل الافتتاح وغياب النجوم، باستثناء الحاضر الأكبر: الفنان نور الشريف. لكن في المقابل يعرض «روتردام» في دورته السادسة بعض أحدث الإنتاج العربي خلال العام المنتهي، وهذا ما يميزه أساساً عن المهرجان الباريسي الذي يقدم ما كان عرض خلال السنتين الماضيتين. بمعنى أن أفلام معهد العالم العربي أقدم بعض الشيء، لكن هذا ليس كل الفوارق، ففي حين يبدو المهرجان الباريسي نتاج مؤسسة رسمية تعمل بين فرنسا والبلدان العربية مزودة بموازنة ضخمة، يبدو واضحاً أن مهرجان روتردام هو نتيجة جهدٍ يقوم به أفراد محبون للسينما، تواقون الى أن يطلعوا جمهور هواة حقيقي على أفلام سبق لهم أن أحبوها ورأوا انها تخرج عن السائد في السينما العربية، وأهل السينما يدركون ان هولندا تكاد تكون بعد فرنسا البلد الأوروبي الأكثر تمويلاً للأفلام العربية. فمخرجون من طراز رشيد مشهراوي وهاني أبو أسعد وعدد من العراقيين، ما كان يمكن للواحد منهم أن يحقق أفلامه لولا المساندة الهولندية. ومن هنا يبدو مهرجان روتردام وكأنه كشف حساب سنوي لهذا التفاعل بين انتاج هولندا وسينما العرب. لكنه كذلك كشف حساب سنوي من ناحية أخرى لما يحقق حتى خارج اطار السوق الرائجة للسينما العربية. من دون أن يعني هذا ان المعروض سينما خاصة تنتمي الى الأبراج العاجية. وحسبنا أن نستعرض لائحة الأفلام، من طويلة وقصيرة، من تسجيلية وروائية، حتى ندرك هذا. فهناك أولاً وخصوصاً «عمارة يعقوبيان» للمخرج مروان حامد عن رواية علاء الأسواني الشهيرة. وكان جال هذا الفيلم في بلدان العالم وحقق حيثما عرض اهتماماً كبيراً. وهناك فيلم المخرج المصري المخضرم محمد خان «بنات وسط البلد». ومن لبنان تشارك جوسلين صعب بفيلمها المصري «دنيا». واذا ذكرنا رشيد مشهراوي المخرج الفلسطيني وعلاقته بهولندا، نذكر على الفور أن آخر أفلامه حتى الآن «انتظار» سيكون من أبرز عروض المهرجان. وتأتي سلمى بكار من تونس بفيلمها الجديد «خشخاش»، فيما يعرض العراقي محمد الدراجي فيلمه «أحلام». ويعود الجزائري محمد الشويخ بعد غياب طويل بفيلمه «دوار النساء». واذا كنا تحدثنا سابقاً عن مشاركة السعودية للمرة الأولى من طريق فيلم «ظلال الصمت» لعبدالله المحيسن، فإنه من اللافت أيضاً مشاركة بلد عربي آخر هو اليمن بفيلم روائي طويل أول هو «يوم جديد في صنعاء القديمة» لبدر هرسي. ومن الواضح ان الحضور الجديد لبلدي الجزيرة العربية هذين، سيثير اهتماماً كبيراً، اذ لم يعهد في أي منهما حضور قبل الآن للسينما الروائية الطويلة. كل هذا اضافة الى مجموعة بارزة من الأفلام التسجيلية والقصيرة ستكون العمود الفقري في مهرجان تتزايد أهميته عاماً بعد عام، وتزداد شعبيته لدى السينمائيين العرب أنفسهم. كما لدى جمهور أوروبي يريد أن يشاهد شيئاً مختلفاً يأتي من العالم العربي عبر أخبار الدم والتفجيرات. وكأن هذا كله لا يكفي، فيأتي فيلمان من اسرائيل وفلسطين ليتجابها معاً من حول واحدة من أخطر القضايا التي تطاول شؤون الشرق الأوسط في هذه الأيام: مسألة العمليات الانتحارية من ناحية، وانعكاسها على المجتمع الإسرائيلي من ناحية أخرى. فإذا كان «روتردام» يقدم «الجنة الآن» ضمن إطار برنامج خاص، بعد أن عرض هذا الفيلم في كل مكان، فإنه يقدم مقابله فيلماً كان عرض السنة الماضية في «كان» ونال نجاحاً واهتماماً كبيرين، نعني به فيلم «ولو عين واحدة فمن عينيّ» لآفي مغربي. وهو فيلم ينتمي الى تلك السينما الإسرائيلية الخاصة التي تشتد أكثر وأكثر في نقدها للممارسات القمعية الإسرائيلية التي باتت على وشك طمس كل «إنجازات السلام» حتى الآن، كما في عرضه للمخاوف والارتباكات التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي نفسه وذلك من خلال حكاية صداقة تتواصل على الهاتف بين إسرائيلي ذي نزعة إنسانية وفلسطيني لم يعد قادراً على التحرك في وطنه. بيد أن السياسة ليست كل شيء في مهرجان روتردام، ونعني بهذا حضور الجمال السينمائي الخالص من خلال تكريم فنانين كبيرين: الأول مخرج والثاني مهندس ديكور، قاربا السينما دائماً من منطلق هذا الجمال بحيث اكتسبت سينما وإنجازات كل منهما سمات شديدة الخصوصية. الأول هو التونسي ناصر خمير الذي يكرّمه روتردام معلناً من خلال تكريمه إيصال التحية الى «سينما صوفية» شديدة الخصوصية والجمال عبّرت عنها أفلامه القليلة انما الفعالة مثل «الهائمون» و «طوق الحمامة المفقود». الثاني هو صلاح مرعي الفنان المصري الذي ارتبط اسمه بعدد من أبرز ديكورات الأفلام المصرية لا سيما فيلم «المومياء» الذي اشتغله تحت إشراف أستاذه الراحل شادي عبدالسلام. كل هذا يجعل من مهرجان روتردام هذا العام موعداً استثنائياً للسينما المصرية. لكن الموعد لن يقتصر على مدينة روتردام نفسها، بل سينتقل خلال الشهر الجاري الى ثلاث مدن هولندية أخرى: امستردام ولاهاي واوترخت. لكن المهم سيبقى المسابقة الرسمية التي تقام تحت رعاية راديو وتلفزيون العرب، وتشكل الأولى بين أربعة برامج، هي: «أفلام من أجل السلام»، «كارافان السينما العربية – الأوروبية»، و «سينما صوفية»، إضافة الى حلقات نقاش يحضرها عدد من السينمائيين العرب والأوروبيين، يتوزع اهتمامها بين 4 مواضيع مختلفة: تجارب سينمائيين عرب في أوروبا، الصراع العربي - الإسرائيلي في السينما، أفلام من أجل الإصلاح، وأخيراً مسلمون تحت مجهر السينما الغربية... بعد هذا كله، هل من الصواب الحديث عن غياب النجوم والكلمات التي لا تنتهي في حفل الافتتاح؟ الحياة اللبنانية في 2 يونيو 2006
«دوار النساء» يفوز على «عمارة يعقوبيان» و«خشخاش»... مهرجان روتردام ينوه بسينما المرأة والحياة وسجالاته تتجنب التجديد والابداع روتردام - فيكي حبيب كما يحدث عادة في المهرجانات، لم تجر «رياح» لجنة تحكيم مهرجان الفيلم العربي في روتردام كما اشتهت «سفن» معظم المتفرجين. طبعاً لم يسفر هذا عن زعيق وغضب كبيرين في الحفل الختامي. لكنه علّم كثراً الدرس القديم إياه: ليس المهم في المهرجان ان تنال جائزة، المهم أن تعرض فيلمك. فالفرصة هنا، والمتفرجون هنا، والدعاية المجانية العامة للفيلم أيضاً هنا. إذ حين يفوز «دوار النساء» لمحمد شويخ على «عمارة يعقوبيان» أو «دنيا» أو «بنات وسط البلد»، يصبح من العبث مواصلة الاحتجاج والحديث عن جوائز وما الى ذلك. من هنا تبقى أهمية الدورة السادسة لمهرجان روتردام السينمائي كونها نافذة تطل منها السينما العربية على العالم، وتستقطب جمهوراً محباً مناصراً، بعضه مؤيد سلفاً للأفلام من دون ان يكون رآها، وبعضه يستبد به فضول ان يعرف كيف يفكر السينمائي العربي في أحوال العالم. مفاجآت الأفلام التي عرضت وردود الفعل عليها لم تخيب رجاء الآتين. ففي نهاية الامر كان ما عرض في التظاهرات كلها هو أبرز ما تحقق في السينما العربية هذه السنة، من دون أن تعني كلمة ابرز هنا افضل. إذ قيض لجمهور روتردام أن يفاجأ بسينمات آتية من بلدان ما كان يشك ابداً في ان فيها إنتاجاً سينمائياً، او ان ظروف بعضها يسمح حقاً للسينمائي أن يحلم. فحين يأتي فيلم من اليمن وأفلام من السعودية لم يكن يحلم المرء بولادتها... يصبح لمهرجان روتردام ما يبرره. وإذا أضفنا الى هذا عودة محمد خان بعد غياب طويل عن المهرجانات وعن السينما المميزة التي كان أحد كبار صانعيها، ثم أضفنا إطلالة مروان حامد الأولى بالفيلم العربي الأكثر إثارة للضجيج منذ شهور («عمارة يعقوبيان»)، ومزجنا هذا مع سجالات القضايا الحادة في العالم العربي، من قضية المرأة الى قضية الحرب الى قضية العنف الى قضية إعادة النظر في تاريخنا، نصبح في الحقيقة أمام سينما قد لا تقل شأناً عن سينمات كثيرة في العالم. روتردام، قبل اسابيع من مهرجان معهد العالم العربي في باريس، أكد حقيقة - كاد كثر ينسونها تحت وطأة تهريج الكوميديين الجدد وتحول غالبية الفنانين الكبار الى المسلسلات التلفزيونية، والزعم بأن السينما تموت لتولد على انقاضها تجارب الصغار من الاجيال المقبلة - أكد ان السينما لم تمت، وانها ما زالت قادرة ليس فقط على المقاومة وإنما على شن هجومات مضادة: «عمارة يعقوبيان» بجودته النسبية، حتى ولو لم يلحظه حكام روتردام الباحثون عن الغرابة والاستثنائية، هو فيلم هجوم وليس فيلم مقاومة. يعيد الى السينما رونقها حتى ولو اختلفنا على بعض ما فيه ولم يعجبنا بعضه الآخر. كذلك يمكن قول الامر ذاته عن «ظلال الصمت» لعبدالله المحيسن الذي فاجأ حقاً جمهور روتردام كما فاجأ جمهور «كان» لمجرد كونه فيلماً سعودياً. اما المفاجآت الأخرى التي لحظ المحكمون بعضها، فأتت خصوصاً من «جناح الحريم». فهذه المرة أيضاً أتت المخرجات والسينمائيات العربيات بصورهن وبقضاياهن يطالبن بحقهن في الوجود. من جوسلين صعب في «دنيا» النسوي بامتياز الى ليلى مراكشي في «ماروك» المجدد في السينما المغربية، الى هيفاء المنصور في قفزتها السعودية بامتياز، وصولاً الى سلمى بكار التي عادت لتؤكد في فيلمها اللافت «خشخـاش» ما كان حاضراً منذ زمن: تميز السينمائيات التونسيات في شكل عــام. ويمكن لهذه اللائـحـة ان تـطول. لكن المهم ان «سـيـنما المرأة العربيـة» لم تـعد، كما رأيناها في روتردام، سينما على حدة. بل صارت سينما عربية من دون أي توصيف آخر. في روتردام التقى السينمائيون. عرضوا أفلامهم. تصيدوا جمهوراً لاعمالهم. ناحوا على غياب الإنتاج والتوزيع. رسموا المشاريع الكبيرة التي يعرفون أنها لن تتحقق. انتظروا عبثاً تدفق الاوروبيين لمشاهدة ما عندهم. تكهنوا بالنتائج قبل صدورها بلهفة. أبدوا لا مبالاة بعد صدورها باللهفة ذاتها. تواعدوا على اللقاء في السنة المقبلة. معظمهم عاد بذكريات لا اكثر، بصور لا أكثر، ببعض الخيبة. وببعض الابتسام. الفائزون منهم فقط عادوا راضين. لا سيما الذين لم يكن احد يتوقع لهم فوزاً. تلك هي قواعد اللعبة. قواعد أعطت جائزة الصقر الذهبي للفيلم الروائي الطويل «دوار النساء» للجزائري محمد الشويخ، والصقر الفضي لليمني بدر بن هرسي الذي دخل تاريخ السينما بمجرد كونه أول من حقق فيلماً عن اليمن، من دون ان ننسى ان فيلمه «يوم جديد في صنعاء القديمة» لفت الأنظار حقاً ليس فقط لأنه فيلم أول بل لأنه بدا فيلماً يستحق ذلك. ونال جائزة الفيلم الأول اللبناني فيليب عرقتنجي عن فيلمه الذي أصبح واسع الشهرة الآن «البوسطة». هذا بالنسبة الى الأفلام الروائية الطويلة، أما في خانة الأفلام الوثائقية الطويلة فقد ذهب الصقر الذهبي الى الفلسطيني محمد بكري عن فيلمه «من يوم ما رحت» الذي يربط الذاتي بالموضوعي وحياة الفنان بحياة بلاده. بينما راحت جائزة الصقر الفضي الى اللبناني وائل ديب عن فيلمه «وجوه معلقة على الجدار». لم يكن ديب اللبناني الوحيد الذي فاز، كان هناك ايضاً عرقتنجي كما ذكرنا، وأيضاً هاني طمبا الذي لفت فيلمه المميز «بيروت ما بعد الحلاقة» النظر حقاً وأكد وجود سينما طليعية جديدة مميزة يصنعها لبنانيون من دون ان ينتظروا تمويلاً من أحد. إذاً اللبنانيون نالوا ربع جوائز المهرجان، من دون ان يكون أي منهم حاضراً في الختام ليتسلم جائزته. وكأن أحداً لم يكن يتوقع للبناني ان يفوز! كلام المواعظ فلسطين أيضاً كان لها حصة لا بأس بها من الجوائز. إذ الى جانب محمد بكري فاز محمود المساد بالصقر الفضي عن فئة الأفلام الوثائقية القصيرة. ومقابل الفضة راح الذهب في مسابقة الافلام الروائية القصيرة الى المصري شريف البنداري عن فيلم «صباح الفل»، والى العراقية هبة البسام في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة عن فيلم «ايام بغدادية». الى هذا كله، كانت هناك تنويهات، يلفت النظر فيها أن لجنة التحكيم اختارتها لموضوعها وللرسائل التي تحملها من دون أن يحدثنا أحد عن مقدار السينما والفن الموجودين فيها. مهما يكن، بدا هذا الأمر عاماً، حتى النقاشات والندوات والسجالات، نسيت ان تتحدث عما هو فن وتجديد وإبداع في اللغة السينمائية، وكأن السينما العربية لا تزال كما حالها في الستينات: سينما مواعظ واحتجاج وكلام كبير. فمتى يبدأ حديث الفن في السينما؟ متى يـواجه السينمائيون العـرب لغـاتـهم المختلفة بلغات بعضهم البعض؟ متى يحاسب محمد خان وجوسلين صعب ومروان حامد وغيرهم على تجديداتهم في فن يزداد ديناميكية في العالم وتزداد لغته قوة اكثر مما يحاكمون على ما يريدون قوله واستخدامهم السينما مكانا لتغييرٍ للعالم لم يتحقق أبداً؟ الحياة اللبنانية في 9 يونيو 2006
حيرة الشباب بين فتاوي عمرو خالد وثقافة الروشنة أوقات فراغ مغــامرة سينمائية تدق ناقوس الخطر بشير حسن الشباب في مأزق, حائر, يأخذه شيوخ الفضائيات تارة, والروشنة بمفرداتها تارة أخري, يستجيب للوعود الوردية بمستقبل كبير تارة, ثم تتحطم أحلامه علي صخرة الواقع تارة أخري, يرغب في احترام والديه.. لكنه يضيق ذرعا بفرض الالتزام عليه في ظل مجتمع مفتوح كثرت مغرياته المحرمة وتقلصت فضائله ومثاليته, حائر بين الالتزام بالحجاب والعفة.. ومتعة الاختلاط والسهر والعواطف الملتهبة, الشباب يبحث عن من يأخذ بيده إلي بر الأمان, خاصة.. إذا تغيب دور الأسرة, والسينما لم تفطن لهذه الحيرة, وغابت عن هموم الشباب إلا قليلا, ثم جاء فيلم أوقات فراغ ليدق ناقوس الخطر, وينذر من يهمه الأمر.. بضياع محقق للشباب إذا استمرت حيرته وغابت قدوته, نماذج مختلفة قدمها الفيلم, كلها دون العشرين عاما, لكنها بسلوكياتها وحيرتها بين الالتزام والضياع.. كانت مرآة تعكس واقعا مريرا يعيشه الشباب ليس في مصر فقط ولكن في كل الأقطار العربية! مغامرة سينمائية, تستحق التوقف أمامها والتصفيق لها والاحتفاء بها حتي يدرك القائمون علي هذه الصناعة أن الفن الجيد يعيش في وجدان الناس ولا ينتهي بإسدال تتر نهاية الفيلم. مؤلف لم يتخط التاسعة عشر, وممثلون يواجهون الكاميرا لأول مرة ومخرج.. اختار أن يبدأ مشواره الفني بشباب دون العشرين بعد سنوات طويلة قضاها كمساعد لكبار المخرجين, ومنتج انفصل عن حبيبته السينما منذ أكثر من عشرين عاما بعد عشرات الأفلام الجادة واختار أن يعود بشباب, ينافس بهم كبار النجوم, ليس علي شباك التذاكر, ولكن.. علي فن جيد يجمع بين المتعة والاستفادة, متعة ليست حسية, واستفادة تخلو من الوعظ, فيلم أوقات فراغ تأليف عمرو جمال ومحمود مقبل, وبطولة راندا البحيري وأحمد حاتم وصفا تاج الدين وكريم قاسم وعمرو عابد وأحمد حداد وإخراج محمد مصطفي ومنتجه هو حسين القلا الذي تصالح مع السينما بهذا الفيلم. الوجه الوحيد الذي يتعرف إليه جمهور السينما في أوقات فراغ هو راندا البحيري, ورغم ذلك أعيد صياغتها فنيا فانصهرت مع زملائها في فرن السينما الجادة, أبطال أوقات فراغ منهم المهندس ومنهم المحاسب ومنهم من يواصل دراسته في معهد السينما, لكنهم تدربوا في ستديو الممثل علي يد أحمد كمال ومحمد عبدالهادي, التجربة للوجه الجديد أحمد حاتم مثيرة, وممتعة, ومخيفة في الوقت نفسه, ومسئولية كبيرة وضعها علي كاهله المخرج محمد مصطفي والمنتج حسين القلا, وأحمد يحلم بسينما جادة, تعبر عن أبناء جيله وتطرح مشاكلهم حتي لو صارت هذه السينما موازية للخط السينمائي السائد حاليا, أحلام أحمد حاتم هي نفسها أحلام صفا تاج الدين وكريم قاسم وعمرو عابد, حتي أن راندا البحيري أكدت أن شعورها بأنها تمثل لأول مرة ظل يلازمها طوال فترة التصوير, أما المؤلف عمرو جمال فلم يكن يتوقع أن ما يكتبه من الممكن أن يحتفي به المنتج, أو يهتم به مخرج, فقد نقل تفاصيل حياة أبناء جيله, الثري والفقير الحائر بين الدنيا والدين, تجارب عاشها المؤلف فكتبها بتلقائية وعهد بها إلي المنتج حسين القلا ليحولها إلي حالة سينمائية, استدعت لذاكرته فيلم سهر الليالي الذي اكتسح الموسم السينمائي الصيفي وفاز بالعديد من الجوائز. المخرج محمد مصطفي طلب من أبطال فيلمه ألا يمثلوا إذا وقفوا أمام الكاميرا, فجاء الأداء تلقائيا خاليا من التصنع, مصطفي بذل جهدا في السيناريو, وأعاد صياغة الكثير من مشاهده, لكن الفكرة والنماذج التي كتبها المؤلفان أجبرته علي الجلوس فترات طويلة أمام السيناريو, والمخرج بذلك يعطي للمؤلفين حقهما, بل إنه طالب بالاحتفاء بهما, أما الممثلون, فتوقع لهم محمد مصطفي مستقبلا كبيرا, بشرط أن تتلقفهم أياد أمينة, تتعامل مع السينما علي أنها رسالة, لا تجارة, ومع الوجوه الجديدة علي أنها أمانة, لا سلعة تدر ربحا. المشهد الأخير جاء المشهد الأخير من فيلم أوقات فراغ يلخص وبإيجاز موضوع الفيلم, ثلاثة شباب يتوقف بهم قارب ساقية الملاهي في أعلي نقطة, يصرخون, وينادون عن منقذ لهم يدير الساقية حتي يستقر بهم القارب علي الأرض, لكن.. لا أحد يسمعهم, الشباب المعلق في الهواء.. يرغب في الاستقرار ليكن سويا, لكن.. لا إجابة, لا اهتمام, فالكل ملهي علي طريقته, ثلاثة نماذج من الشباب قدمها الفيلم, الأول يعيش مع والديه لكن الأب الطبيب مشغول بعيادته, والأم مشغولة بالبيزنس, أما الشاب فعاش مع أصدقائه, يسهر حتي الصباح, ويغط في الكيف والملذات ولا يجد من يحاسب ويقوم, والنموذج الثاني.. لشاب انفصل والداه, ويعيش مع والدته وشقيقته بعد زواج والده من أخري, يدرس الشاب في كلية الهندسة تحت ضغط والده, رغم أنه يهوي الإعلام ويحلم بأن يكون صحفيا, والنموذج الثالث.. لشاب يعاني من قمع والده بعد أن فشل الابن في أن يجعل من الأب صديقا, كذب مرة عليه, فتعامل مع الأب علي أنه الكاذب دائما, الشاب الأول من أسرة ثرية.. يستخدم سيارته في نزواته, والثاني من أسرة متوسطة.. يضعف أمام نزوات صديقه الثري, والثالث من أسرة فقيرة.. يجد في صديقيه الملاذ عندما يطرده والده من المنزل, أما النموذج الرابع فكان الناقوس الذي دق جرس الخطر, فمع وفاته تحت عجلات سيارة سريعة.. ذهل أصدقاؤه الثلاثة, وأصروا علي الالتزام, بكوا, وجلسوا كثيرا في المساجد أمام الشيوخ, لكنهم سرعان ما عادوا للغط في الكيف والملذات. والذين شاهدوا الفيلم وجدوا أنفسهم أمام قضية الممثل أحمد الفيشاوي ومهندسة الديكور هند الحناوي, فالنموذج الأول الذي ساقه الفيلم.. كان لهذا الشاب الذي أوقع صديقته في حبه ومارس معها الرذيلة ولم يعبأ بحملها منه وحبها له فتركها وبعد أن اعترفت لأسرتها أجبر الشاب علي عقد قرانه عليها ثم تركها فأجهضت نفسها وطلقت منه وتزوجت من آخر, وكان للداعية عمرو خالد وجود أيضا في الفيلم, ويبدو أن فريق العمل فـ أوقات فراغ أراد أن يربط بين قضية ذلك الشاب وصديقته مثلما تم الربط بين قضية أحمد الفيشاوي وعمرو خالد, ليس هذا فقط, فقد لوح الفيلم بما تلوح به بعض الصحف علي ألسنة علماء الأزهر, الذين أكدوا أن عمرو خالد داعية عصري لا يتعمق في الدين, والدليل علي ذلك أن دراويشه من الشباب والمراهقين متذبذبون بين الالتزام والحرية غير المسئولة, فإذا كان أحمد الفيشاوي من دراويش عمرو خالد وفعل فعلته مع هند الحناوي, فإن الفتاة في الفيلم كانت من دراويش عمرو خالد وارتدت الحجاب لكنها سرعان ما خلعته لتعود إلي ماكانت عليه, ليس هذا فقط.. لكنها دخنت السجائر في كافتيريا الجامعة, حتي الشباب الثلاثة الذين قدمهم الفيلم.. جلسوا يستمعون لأحد دروس عمرو خالد, عندما قرروا الالتزام لكنهم سرعان ما عادوا إلي ملذاتهم. عودة بعد الغياب المخرج محمد مصطفي أكد أن التجربة فرضت عليه مجموعة من الشباب, اختارهم من ستديو الممثل وورشة محمد عبدالهادي, وقال المخرج إن الشباب الذين اختارهم قادرون علي توصيل رسالته للجمهور المستهدف, وهم الشباب دون العشرين, ولو اختار ممثلين أعمارهم في الثلاثين.. لن يوصلوا الرسالة وسيأتي أداؤهم باردا لا مصداقية فيه. وأشار محمد مصطفي إلي أن تأخره عن الإخراج لم يكن بقرار منه, فقد عجز عن العثور علي سيناريو جيد يقدمه للجمهور بشكل جيد, ولذلك رفض عشرات السيناريوهات وفضل أن يعمل مساعدا لمخرجين كبار استفاد من تجاربهم, أما المنتج حسين القلا صاحب المغامرة, فأكد أن التجربة جديدة, ومستعد لتكرارها لكنه سينتظر رد فعل الجمهور لأنه في أحيان كثيرة يعتقد صناع الفيلم أنه سيحقق نجاحا وستصل رسالته لكنهم يفاجأون بغير ذلك, وقال القلا إن الرقابة أجازت الفيلم وأبدت إعجابها به, وأشار إلي أنه منذ تقديمه فيلم أرض الأحلام للفنانة فاتن حمامة, لم يجد ما يشجعه علي الإنتاج, فقط.. كان منتجا منفذا لفيلمي أرض الخوف وسهر الليالي ويضيف.. لم أجد السيناريو الذي يحفزني علي المغامرة والعودة, وعندما عرض علي عمرو جمال سيناريو أوقات فراغ.. كان عمره17 عاما, وجدتني أمام فكرة جديدة, ولم أتعمد في هذا الفيلم تقديم وجوه جديدة, لكن التجربة فرضت هذه الوجوه التي أتوقع لها مستقبلا كبيرا, وقال حسين القلا إن أوقات فراغ هو أول فيلم يعبر عن الشباب ويستخدم مفرداته, والرهان بهذا الفيلم علي الشباب في سن المراهقة وما بعدها* الأهرام العربي في 17 يونيو 2006 |
في الدورة السادسة من مهرجان روتردام للفيلم العربي السينما تتساءل عن الوطن رسالة روتردام ـ علا الشافعي في دورته السادسة والتي أقيمت فعالياتها في الفترة من30 مايو وحتي الرابع من يونيو, وتستمر العروض حتي18 من نفس الشهر في مدن مختلفة بهولندا طرح مهرجان الفيلم العربي بروتردام العديد من الإشكاليات والتساؤلات عن علاقتنا نحن العرب بعضنا ببعض, وعلاقتنا بالآخر الذي يجهلنا ولا يعرف الكثير عن ثقافتنا, ويتساءل حول أفكار ومعان كبيرة تربينا عليها ثم اكتشفنا هوانها أو اختلافها علي الأقل.. والتساؤلات تتعلق بذلك الوطن الذي نحياه, أو نحلم به ونتمناه, أو نفتش عنه بداخلنا. أفلام من المغرب والعراق واليمن والسعودية والجزائر وتونس ومصر.. مع اختلاف التفاصيل إلا أن الهم واحد, والوجع يتشابه, التساؤلات والإشكاليات تتقارب في نهايتها لتجعلنا علي الأقل نفكر في ضرورة وجود صياغة أكبر. لعوالمنا المتباعدة علي الرغم من التقدم الهائل الذي نشهده. فإذا كان فيلم عمارة يعقوبيان للمخرج مروان وحيد حامد الذي مثل مصر في المسابقة الرسمية, يبحث داخل وطن يموج بالتحولات وأرهقته التناقضات ويعاني من انهيار داخلي كبير, فإن أحلام الفيلم العراقي للمخرج محمد الدراجي يتساءل عن عراق ما بعد الاحتلال.. والذي يبدو أنه تحول بأكمله إلي مستشفي للأمراض النفسية يختلط فيه الفرح بالدموع والقتل والخوف من المجهول. واليمني يوم جديد في صنعاء القديمة للمخرج بدر بن حرسي يتكلم عن عادات وتقاليد عقيمة رسخت في مجتمع مغلق علي نفسه يرفض التطور مما يجعلها تقف عائقا أمام استكمال قصة حب شديدة النبل.. وهو الأمر الذي لا يختلف كثيرا عما جاء في الفيلم السعودي ظلال الصمت للمخرج عبدالله الحسين والذي طرح تساؤلات حول الوطن المقهور من خلال بلد افتراضي لم يذكر له أسم خوفا من الرقابة وحدود المسموح والممنوع, وامرأة معذبة ومقهورة محاصرة بجسد لا تلبي رغباته مما يؤدي بها إلي إدمان زهرة الخشخاش ثم دخولها إلي مستشفي الأمراض النفسية استسلاما لمجتمع يعشق التواطؤ.. فالجميع يعلم أن الزوج مثلي ويعشق جنسه ولكن عليها أن تكون زوجة.. ولا تعلن تمردها وذلك في الفيلم التونسي زهرة الخشخاش للتونسية سلمي بكار وشخصيات تعاني التخبط والارتباك تستسلم لحياة تحت سقف حجرة ضيقة ترمز لمجتمع شديد الانغلاق في الفيلم السوري تحت السقف للمخرج نضال الدبس ووطن مرهون بحالة انتظار كاملة.. وأصبح شعبه لا يعرف شيئا سوي الانتظار, فقد يكون الغد أفضل وذلك في فيلم انتظار للفلسطيني رشيد مشهراوي, والحال لا يختلف كثيرا في فيلم فلسطيني تسجيلي للمخرج والفنان محمد بكري والذي علق آمالا علي السلام.. وكان يحلم بغد أفضل وها هو يتحول إلي إرهابي.. كما يرغب الإعلام الإسرائيلي.. فيذهب إلي قبر صديق عمره إميل حبيبي ليروي له ما يحدث ويمزج بين الخاص والعام.. بشكل عالي الفنية وبرؤية سياسية تتساءل عن الارتباك الذي يعانيه الوطن المحتل, وشخوصه المقهورين أيا كانت مكانتهم داخل المجتمع الإسرائيلي. ووطن آخر أكله الإرهاب وظل الخوف مسيطرا علي أهله في الفيلم الجزائري دوار النساء للمخرج الكبير محمد شويخ. وفيلم تسجيلي مصري مكان اسمه الوطن لتامرعزت يتساءل مع أنماط وشرائح مختلفة من الشباب عن معني وطن هان في عيون أبنائه وأصبحوا جميعا يبحثون عن الهجرة. إذن إنه الوطن المحرك لكل الأشياء والعوالم السينمائية سواء التسجيلية أم الروائية الطويلة والقصيرة وكذلك الحال بالنسبة للقائمين علي المهرجان ومنظميه محمد أبو الليل رئيسا, ود. خالد شوكات مدير المهرجان, وانتشال التميمي المدير الفني للمهرجان عملوا علي إنجاح الفكرة واستمرارها لخاطر أوطانهم وثقافاتهم التي تتعرض للإهانات والتجريح ويتم وصمها بما ليس فيها حيث يؤكد شوكات أن المحرك الأساسي في إقامة المهرجان هو الرغبة في الحوار بين العرب وأوروبا والسينما هي لغة حوار عالمية تفهمها كل الشعوب ولذلك ستكون مقدمة لحوار هاديء وعقلاني مقنع, صحيح أن الأمر يحتاج منا إلي مثابرة في محاولة لتغيير الصورة السلبية عن العرب الذين استكانوا لما يحدث لهم.. وهذا ما نعمل عليه بعيدا عن الصراخ والتشنجات. دورة غنية لم يقتصر الأمر في الدورة السادسة من مهرجان روتردام علي المسابقة التي أقيمت فقط للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والتسجيلية بل كان هناك أيضا أربعة برامج خاصة هي أفلام من أجل السلام وتكريم سينمائيين عرب كالمخرج التونسي الناصر خمير الذي اعتذر عن الحضور في اللحظات الأخيرة لمرضه, والفنان المصري مهندس الديكور المميز صلاح مرعي إلي جانب قافلة السينما العربية ـ الأوروبية والتي تندرج ضمن مشروع مشترك يقوم علي تعاون خمس مؤسسات سينمائية تنتمي إلي خمسة بلدان عربية وأوروبية هي مصر ولبنان والأردن وفرنسا وهولندا, وتهدف إلي تعزيز الحوار والتعاون الثقافي ومن خلال هذه القافلة سيتعرف الجمهور الهولندي ليس في روتردام فقط بل في أمستردام, ولاهاي وأوترخت علي أعمال سينمائية مميزة لمخرجين شباب, وتمثل الغني الذي شهدته الدورة السادسة في عرض ما يقرب من ستين فيلما. ومن أهم الأفلام التي عرضت ضمن برنامج قافلة السينما العربية ـ الأوروبية أربعة أفلام روائية طويلة لمخرجين عرب أولهم المصري المقيم في ألمانيا سمير نصر وفيلمه أضرار لاحقة والذي رصد فيه معاناة المهاجرين العرب بعد أحداث11 سبتمبر, وكيف أنهم اصبحوا هدفا للشك.. هي من تصرفات عادية من خلال مهاجر عربي ـ جزائري متزوج من ألمانية ويعيش حياة سعيدة ولكنه يصبح محلا للمطاردات من الأمن ومحل شك من زوجته فقط لأنه حضر حفل زفاف بعض من رفاقه المتدينين, وتنهار حياته بالكامل.. رصد نصر في فيلمه تفاصيل غاية في الإنسانية وبواقعية شديدة قدم فيلما محبوكا دراميا وبلغة سينمائية عالية, كذلك فيلم زوزو للبناني جوزيف فارس الذي يعيش في السويد, وبطل زوزو ذهب إلي السويد ليعيش بين جده وجدته بعد أن اغتالت الحرب الأهلية أفراد أسرته, وهناك عاني من الآخر الذي كان يرفضه بشدة وفي نفس الإطار عرض الخبز الحافي للجزائري رشيد بلحاج والفرنسي ماروك للمغربية ليلي المراكش والذي يبحث هو أيضا في العلاقة بالآخر. تجارب مهمة يبدو مهرجان روتردام للفيلم العربي وكأنه يحتفي بالمخرجين الشباب الذين عرضوا تجاربهم الأولي في الدورات السابقة من المهرجان.. وها هي الدورة السادسة تشهد عروضا لبعض تجاربهم الروائية الطويلة والقصيرة مثل المخرج العراقي محمد الدراجي.. والمخرج الفلسطيني محمود المساد الذي قدم فيلم30 مترا من الصمت والمخرج الأردني يحي العبدالله صاحب رجل في فنجان لذلك يظل مهرجان روتردام للفيلم العربي نافذة مهمة للسينما العربية, خاصة أنه احتفي بتجارب جديدة وقدم سينما من بلاد عربية كنا نظنها لن تقدم أبدا علي تجربة الإنتاج السينمائي مثل السعودية ظلال الصمت الفيلم الروائي الطويل, والفيلم التسجيلي نساء بلا ظل للمخرجة السعودية الأولي هيفاء المنصور والتي قدمت فيلما شديد الجرأة حيث تحدثت فيه عن سيدات سعوديات بصراحة مدهشة, عن التقاليد الوهابية وتأثيرها علي فشل حركة المجتمع, ورأي رجال الدين في صورة المرأة والنقاب وقيادتها للسيارة, وكذلك عرض للسعودية فيلم روائي قصير باسم القطعة محمد بازيد. مفاجآت وصدمات الجوائز كان الإقبال الشديد من الجمهور العربي ـ والمصري علي حضور فيلم عمارة يعقوبيان مؤشرا مهما علي أن الفيلم ينتظر جائزة, ولكن خرج يعقوبيان من المنافسة تماما.. وذلك بعد عرضه ومشاهدة لجنة التحكيم للفيلم.. وهي اللجنة التي انتصرت للأفلام التي تنتج بعيدا عن النمط الهوليوودي ضخمة التكلفة والقائمة علي النجوم.. حيث اجتمعت آراء اللجنة علي نصرة الأفلام الإنسانية البسيطة والتي تتناول قضايا المرأة والحرب والعنف. ويذكر أن سينمائيي هولندا يميلون أكثر لهذه النوعية من الأفلام وبعضهم ينتصر لتيار السينما المستقلة, أو التيار السينمائي الذي ظهر في أوروبا الدوجما وهي السينما القائمة علي رفض سينما النجوم والاعتماد علي كل ما هو طبيعي حيث لا تبني ديكورات, ولا تستخدم إضاءة صناعية ويتم التصوير بكاميرات الديجتال.. وبسبب الذوق الشخصي للجنة التحكيم التي تشكلت برئاسة المخرج الهولندي جورج سلاوزر وعضوية الناقدة الهولندية بيلندا فان دي خراف والمخرج المغربي إسماعيل فروخي الذي ليس له علاقة بالثقافة العربية فهو ينتمي للجيل الثاني من المهاجرين العرب في فرنسا, والفنانة المصرية سميرة عبدالعزيز والتي دافعت بشكل مستميت عن يعقوبيان ولكن للأسف كانت بمفردها, وقد يكون غياب المخرج التونسي ناصر خمير عن لجنة التحكيم قد شكل عنصرا إضافيا لأن اللجنة اقتصرت علي أربعة أعضاء فقط.. وهو ما يتنافي مع عرض الكثير من المهرجانات بغض النظر عن أن ناصرخمير صاحب ذوق خاص في السينما هو الآخر. هذا ما أدي بالناقد المصري سمير فريد إلي أن يؤكد علي ضرورة عدم اشتراك السينما المصرية في المسابقات الرسمية لمهرجانات هدفها الأساسي دعم الشباب وسينماهم.. وأن تقتصر عروض السينما المصرية خارج المسابقة في إطار دعمها للمهرجانات العربية.. خاصة وأنه يري أن يعقوبيان قد ظلم بهذا الشكل.ونفس الرأي اتفق معه رأفت شركس أمين عام مهرجان دمشق السينمائي الدولي.. والذي رأي أن علي سوريا هي الأخري عدم الاشتراك في المسابقة الرسمية. ولكن هذه هي عادة المهرجانات أن لا ترضي الجوائز جميع الأطراف, ويصبح الأهم هو عرض الإنتاج السينمائي العربي ومناقشته, وكذلك لقاء السينمائيين العرب وتبادلهم الآراء في القضايا السياسية والسينمائية. والمفارقة هي ما أعلنه المخرج جورج سلاورز رئيس لجنة التحكيم من أنه شعر بالإحباط من الواقع العربي فجميع الأفلام تتحدث عن الحروب والإرهاب والقهر والقمع وتمني أن يري صورة مغايرة في دورات المهرجان القادمة. ولكن للأسف هذه هي صورة أوطاننا العربية صورة شديدة القتامة وبلا رتوش* الجوائز
منح
مهرجان الفيلم العربي بروتردام جائزته الكبري للفيلم الجزائري دوار النساء
في حين ذهبت ثلاث جوائز لأفلام لبنانية وجائزتان لكل من مصر وفلسطين أما جائزة الصقر الفضي ففاز بها الفيلم الروائي اليمني الطويل يوم جديد في صنعاء القديمة لبدر بن الحرسي. وأشارت لجنة التحكيم إلي أن العمل يكشف بلدا لم نره من قبل في فيلم روائي. نتعرف علي مجتمع تصطدم فيه التقاليد بلغة القلب. ونال لبنان ثلاث جوائزهي جائزة الصقر الفضي للفيلم الروائي القصير بيروت بعد الحلاقة للبناني هاني طمبا وجائزة الصقر الفضي للفيلم الوثائقي وجوه معلقة علي الجدار للبناني وائل ديب مناصفة مع الفيلم الوثائقي المصري الطويل مكان اسمه الوطن لتامر عزت. وقد حصلت مصر علي جائزة المهرجان الثانية وهي الصقر الذهبي للفيلم الروائي القصير صباح الفل لشريف البنداري ويدور في مشهد واحد بدون مونتاج خلال تسع دقائق ووصفته لجنة التحكيم بأنه ذو تقنيات سردية ممتازة عن امرأة واحدة في غرفة واحدة تخلق عالما كاملا من حولها عبرمونولوجها الداخلي. ونالت فلسطين جائزتين هما جائزة الصقر الذهبي للفيلم الوثائقي الطويل من يوم ما رحت الذي استعرض فيه مخرجه محمد بكري في58 دقيقة الجديد في الوجع الفلسطيني. كما ذهبت جائزة الصقر الفضي إلي الفيلم الوثائقي القصير30 مترا من الصمت للفلسطيني محمود المساد. والجائزة العراقية الوحيدة كانت من نصيب المخرجة هبة باسم عن فيلم أيام بغدادية لشموليته في تصوير راهن وطن هو العراق عبر يوميات امرأة تحاول أن تجد عملا وسكنا وحبا في أرض بات كل شيء فيها شبه مستحيل. ويمنح المهرجان جوائز الصقر الذهبي وقدرها1500 يورو والصقر الفضي وقدرها ألف يورو. كما منح راديو وتليفزيون العرب إيه أر تي جائزة قدرها ألف يورو لأفضل أول فيلم روائي لمخرجه ونال الجائزة في هذه الدورة المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي عن فيلم البوسطة. ونوهت لجنة التحكيم بفيلمين وثائقيين هما المهنة امرأة للمصرية هبة يسري وهو اقتراب من عالم فتيات الليل في البلاد. كما نوهت بفيلم نساء بلا ظل للسعودية هيفاء المنصور. وترأس المخرج الهولندي جورج سلاوزر لجنة تحكيم الأفلام الروائية التي شارك في عضويتها المخرج المغربي إسماعيل فروخي والممثلة المصرية سميرة عبدالعزيز والناقدة الهولندية بيليندا فان دي خراف. أما لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية فترأسها المخرج الهولندي بوب فيسر وشاركت فيها الناقدة اللبنانية هدي إبراهيم والمخرج التونسي مصطفي الحسناوي. الأهرام العربي في 17 يونيو 2006
شريف البنداري صباح الفل فتح أمامه طريق الجوائز عاشق سينما خان وعوالم النساء * علا الشافعي مع فيلمه الوثائقي الأول(6 بنات) تعرف المتعة, فهو مؤمن تماما بأن الأفلام التسجيلية لا يجب أن تخلو من الإمتاع, وهذا ما نجح فيه شريف البنداري, المخرج الشاب الذي لفت إليه الأنظار ليس لموهبته المؤكدة فقط, لكن لأنه أصبح ممثلا لمصر في الكثير من المهرجانات العربية والدولية, حيث حصل فيلمه الروائي القصير صباح الفل, الذي قامت ببطولته النجمة هند صبري, علي ذهبية مهرجان روتردام للفيلم العربي. منذ تخرجه في كلية الفنون التطبيقية قسم نسيج في عام2001 وهو يحلم باستكمال دراسته والالتحاق بالمعهد العالي للسينما, لكن من دون وساطة, مؤكدا علي أن موهبته هي الأساس, وفشل في المرة الأولي, لكن في المحاولة الثانية قدر له الالتحاق بقسم الإخراج. من يشاهد فيلمي شريف سواء الوثائقي(6 بنات) أم الروائي القصير صباح الفل, سيتأكد من أنه يملك عينا خاصة, وقدرة علي صياغة عوالم إنسانية حقيقية من خلال كاميراه ومن دون تصنع, لذلك فهي تقتحمك فورا ودون استئذان, ليس ذلك فقط فهو مغرم بعوالم النساء, ويأتيك اليقين بذلك عندما تسأله عن السينما التي يحبها, حيث ستجد إجابته فورية ومن دون لحظة تفكير, سينما محمد خان التي يحفظ الكثير من أفلاما شوت, شوت, وكذلك الجمل الحوارية بأفلام مثل زوجة رجل مهم,وموعد علي العشاء, وأرض الخوف لداود عبدالسيد, ومن السينما الأوروبية الفيلم الفرنسي مصير إميلي بولان, والأمريكي الساعات. ** سألته كل ما ذكرته من أفلام في معظمه يدور حول عوالم النساء؟ يضحك معلقا: لم ألتفت أبدا إلي هذه الملاحظة, لكن فعلا أنا عاشق لهذه السينما ولعوالمها التي تأسرني دوما, لذلك عندما قررت تقديم فيلمي التسجيلي الأول- مشروع التخرج للسنة الثالثة بالمعهد- اخترت تجربة(6 فتيات) مغتربات يعشن في شقة مفروشة, وهن قادمات من بورسعيد لدراسة الطب والهندسة في القاهرة, وغصت في عالمهن, وكذلك آبائهن وأمهاتهن المختلفين بكل تأكيد. أما فيلم صباح الفل, فالفيلم مأخوذ عن مسرحية للكاتب الإيطالي الشهير داريوفو, وقد شاهدتها مسرحا, حيث قدمتها عبلة كامل مونودراما منذ13 عاما, ومن وقتها لم أنس النص أبدا, وظلت الفكرة في خيالي, ولم أتخيل أحدا غير هند صبري لتقوم بتجسيد الشخصية, لذلك ناقشتها في الأمر عندما كنت أعمل مساعد مخرج في فيلم حالة حب, الذي قامت ببطولته وأبدت هند موافقتها علي تجسيد شخصية ثناء, وقد كان وتم تنفيذها مع المركز القومي للسينما. ** في فيلمك صباح الفل قمت بتصوير الفيلم12 دقيقة وان شوت فيما عدا قطع واحد لم يلاحظ؟ كانت المسألة تحديا بالنسبة لي ولهند أيضا, لذلك قمنا بعمل بروفات كثيرة جدا ووفقت لوجود طاقم فني شديد التميز ساعدني علي إنجاز الفيلم كما كنت أطمح. وعن تعدد الجهات الإنتاجية وتنوع التجارب في الأفلام القصيرة والوثائقية يعلق قائلا ليس هناك شك بأنه أصبح يوجد وعي بالفيلم القصير, وجمهور الفيلم الروائي القصير أو التسجيلي اختلف وزاد علي خمس سنوات مضت, وذلك للتطور التكنولوجي الهائل الذي أصبحنا نشهده, وكذلك لوجود منافذ لعرض هذه الأفلام. لكننا في حاجة إلي أن نميز بين الإنتاجات المقدمة, خاصة أن هناك بعض التجارب التي تنقصها الفنية والحرفية لذلك فبالتأكيد ليس كل ما يقدم هو إبداع, وعلي الجانب الآخر هناك أفلام شديدة الجرأة والحرفية, وهذا المناخ في حد ذاته شئ إيجابي جدا, مثل تجربة سمات والأفلام التي تنتج من خلالها فهي تجربة مهمة في السينما المصرية, وساعدت علي زيادة الوعي بأهمية هذه النوعية من الأفلام. عن طموحاته وأحلامه في السينما يؤكد, أملك الكثير من الأحلام التي أتمني تحقيقها وعلي الأقل أنتظر أن أنهي دراستي بالمعهد العالي للسينما, إلي جانب أنني أعمل مساعدا للإخراج, وآخر عمل شاركت فيه كان لعبة الحب مع المخرج محمد علي, والذي أعرفه جيدا و يجب أن أصنع معادلة بين طموحاتي الفنية وأي مشروع سينمائي أعمل عليه, لأنني اخترت دراسة السينما بحريتي وبحب شديد, لذلك سأقدم ما أحب بعيدا عن أية ضغوط, لأن المهم في نظري هو السينما التي تبقي, وليس معني ذلك ألا تكون سينما ممتعة وجاذبة للجمهور. الأهرام العربي في 17 يونيو 2006
|
الدورة السادسة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام حفلت بأعمالهن... السينمائيات العربيات يتحولن من الدفاع الى الهجوم ... روائياً وتسجيلياً روتردام - فيكي حبيب |