في الثمانينات اشتهرت الأميركية أندي ماكدويل بفضل دورها المميز في فيلم «غريستوك أسطورة طرزان» الذي شاركت كريستوفر لامبرت بطولته. وازدادت شعبيتها عندما لعبت في التسعينات دور صديقة الوسيم هيو غرانت في «أربع زيجات وجناز» وحصدت بفضله بضع جوائز أميركية وأوروبية. وتوالت البطولات بعد ذلك في حياة الفنانة الجميلة جداً والطبيعية جداً البعيدة من المظاهر المصطنعة والتي استحقت لقب سفيرة ماركة «لوريال»، غير نشاطها الحديث العهد والخاص بالظهور فوق إعلانات دار «هاري وينستون» وكل ذلك على رغم بلوغها مشارف الخمسين. تزوجت أندي ماكدويل، واسمها الحقيقي روزالي أندرسون ماكدويل، من نجم عرض الأزياء بول كوالي وأنجبت منه ثلاثة أولاد قبل أن تنفصل عنه في ظروف صعبة إذ اكتشفت خيانته لها، فقضت فترة من الأسى والانهيار النفسي. ومضت الأيام بصحبة صديق الطفولة ريت دي كامب هارتزوغ الوحيد الذي وقف الى جانبها بطريقة مثالية في محنتها مكرساً لها وقته وجهده حتى خروجها من الأزمة، فوقعت في حبه وتزوجته. الفيلم الأخير لماكدويل هو «العلاقة الأخيرة» وقد عرض في الصالات الأوروبية قبل حوالى ثلاثة شهور وهاجمه النقاد بسبب ضعف السيناريو وبعض مواقفه المثيرة للضحك، ليس لأنها كوميدية أساساً، بل لأنها مصورة بطريقة غير فنية وأيضاً لأن الممثل الفرنسي سامويل لو بيهان الذي تقاسم البطولة مع أندي ماكدويل لم يجد أداء دوره ما سبب هبوطاً عاماً في إيقاع الشريط، إلا أن الخسارة تأتي في الدرجة الأولى من كون الفيلم مستوحى من رواية جيدة وجذابة لاقت الرواج عند نشرها قبل حوالى عامين. «الحياة» التقت ماكدويل في هذا الحوار: · هل كنت تحلمين بالعمل كممثلة أثناء احترافك الموضة أم ان السينما جاءتك بالصدفة؟ - إنها جاءت بالصدفة عندما كنت أقدم إحدى تشكيلات المبتكر النروجي بير سبوك، فقد شاهدني أحد المنتجين الهوليووديين وعرض علي إجراء تجربة أمام الكاميرا من أجل دور امرأة أرستقراطية يقع في غرامها طرزان في فيلم «غريستوك»، وفعلت وحصلت على الدور بسهولة فائقة أدهشتني من كثرة ما كنت قد سمعته عن الصعوبات الكبيرة التي تحيط بمهنة السينما. وبعد هذا الدور الأول رحت أتعلم التمثيل في معهد متخصص لأمتلك المبادئ الضرورية كي أصبح ممثلة جديرة بهذه التسمية. · وكيف كان عملك مع هيو غرانت، علماً انه من ألمع نجوم السينما العالمية وساهم في توسيع باب الشهرة أمامك إثر ظهورك معه في فيلم «أربع زيجات وجناز»؟ - كنتُ متأثرة أساساً لمجرد فكرة الظهور في لقطات واحدة معه، خصوصاً أن بعضها تضمن مواقف عاطفية ولم أكن أعرف حينذاك أن دوري في هذا العمل سيجلب لي الشهرة والجوائز الى هذا الحد، لأنني كنت معروفة أساساً بفضل فيلم «غريستوك»، ولم أفكر في ذلك بل فقط في إمكان التمثيل على المستوى نفسه لغرانت بحيث لا يتميز الفيلم بعيب واضح في تركيبته الفنية. · هل تغيرت طريقتك في مواجهة العمل مع كبار النجوم بعد تجربتك مع غرانت إذاً؟ - لا أبداً، ولا أزال متأثرة بنجومية الأشخاص الذين أجد نفسي أمامهم في السينما. فأنا مثلاً ارتبكت جداً بسبب مشاركتي مع هارفي كايتل في بطولة فيلم «شادراك» قبل خمس سنوات تقريباً، أولاً بفضل وسامته الفذة، ثم جاذبيته الخشنة التي تفوق العادة (تضحك) وثم لأنه حالياً من الممثلين المتفوقين جداً في هوليوود. خسارة الأصدقاء · ماذا عن النجم الفرنسي جيرار دوبارديو الذي تقاسم معك بطولة فيلم «بطاقة خضراء»؟ - يتميز هذا الرجل بالمرح والمزاج الحار وحب الوجبات الطيبة والملذات في شكل عام، من نزهات وتدخين وأصدقاء ولهو، إنما كل ذلك بطريقة فنية رفيعة وحساسة جداً، فهو «جنتلمان» فرنسي بكل معنى الكلمة إلا إذا غضب ضد شخص لسبب ما فتحول الى وحش والتهم فريسته، وأقصد بالكلام الحاد طبعاً، ونسي رقته وسلوكه الفرنسي المهذب كلياً، إلا أنه يهدأ بسرعة غضبه نفسها فيعتذر عن تصرفاته ومع ذلك يخسر الكثير من الأصدقاء لأن كلامه الجارح يتعدى في معظم الأحيان حدود المعقول. وأنا شخصياً رأيته يغضب لكنني لم أكن ضحيته وأشكر السماء على هذه النعمة، وبالتالي أحتفظ عن دوبارديو بذكريات طيبة وحسب. الاعتداء بالضرب · يقال انه يضرب الصحافيين في بعض الأحيان؟ - (تضحك) أنا لم أسمع هذا الشيء، لكنني أعرف أن الاعلاميين يتمادون في كثير من الأحيان في تصرفاتهم مع المشاهير، ما قد يفسر حكاية الاعتداء بالضرب إذا كان الخبر على درجة من الصحة. · أنت من عارضات الأزياء النادرات اللاتي نجحن في ميدان السينما، فما تفسيرك للأمر؟ - أعتبر نفسي محظوظة لأن أصحاب القرار في السينما منحوني الأدوار الجيدة المبنية على القدرات الفنية منذ البداية،بينما لا تعثر العارضة عموماً إلا على أدوار تبرز جاذبيتها وتعتمد على الإغراء فضلاً عن الموهبة. ان هذه النقطة ساهمت في شكل كبير في نجاحي كممثلة. · أنت من أبرز سفيرات دار «لوريال» لمبتكرات التجميل وأيضاً ماركة «هاري وينستون» للمجوهرات الراقية على رغم عمرك، وهذا أيضاً يحتاج الى تفسير؟ - لا، أنا لا أشاركك الرأي. فالمرأة في مثل عمري، وأقصد 47 سنة، تحتاج الى منتجات التجميل. وأنا أرى في سياسة «لوريال» و «هاري وينستون» نسبة عالية من الذكاء بالمقارنة مع ماركات ثانية تحصر إعلاناتها بشابات في عمر العشرين. وعلى العموم لا أعتقد بأن «لوريال» و «هاري وينستون» طلبتا خدماتي استناداً الى عمري أو حتى مظهري، بل لأنني أتميز بشخصية فذة أفرضها في الإعلانات التي أظهر فيها والمبنـية كلها عـلى البساطة الطبـيعية فضلاً عن اعتماد الجدية في طريقة تقديم المنتج. · ما رأيك في استغناء ماركة «لانكوم» عن خدمات زميلتك إيزابيلا روسلليني لمجرد انها تجاوزت الأربعين؟ - أعتقد بأن كل دار تتبع سياسة محددة، فربما ترغب «لانكوم» في توجيه رسالتها الى الشابات دون سن الأربعين وحسب، لكنني لا أعرف تفاصيل الحكاية التي دارت بين الطرفين وأقصد لانكوم وإيزابيلا. · على رغم جمالك فأنت من الممثلات النادرات جداً اللواتي لا يظهرن في لقطات سينمائية جريئة، فهل ترفضينها أم انها لا تعرض عليك أساساً؟ - رفضتها منذ بدايتي الفنية لأنني خجولة ولا أرغب أبداً في أن يشاهدني الجمهور مجردة من ثيابي أو في مشهد إباحي بصحبة شريك سينمائي ما، وأشترط على المخرج وعلى المنتجين أيضاً أن تتوقف اللقطة الغرامية عند نقطة محددة وأن نترك ما يتبقى منها لخيال المتفرج. وأعود الى ما ذكرته لك بخصوص نجاحي كممثلة بالمقارنة مع عارضات أخريات يقبلن الأدوار المبنية كلياً على جمالهن بحيث يصبح التمثيل تتمة طبيعية لعملهن في الموضة، وهذا خطأ. · تفضلين العمل في الأفلام الكوميدية عامة، أليس كذلك؟ - لا أبداً والصدفة هي التي شاءت أن تكون مجموعة من أفلامي المتتالية فكاهية، ما يعطي عني انطباع الممثلة الكوميدية، لكن «غريستوك أسطورة طرزان» و «روبي كايرو» و «أبطال بلا قيود» و «جينوسترا» و «العلامة الأخيرة» وغيرها من أعمالي السينمائية ليست من هذا النوع وتنتمي الى ألوان أخرى، مثل الدراما والإثارة والمغامرات والجريمة. وأنا في الحقيقة لا أفضل أي لون على غيره طالما ان الدور المطروح علي يسمح لي بتحقيق ذاتي فنياً وبتقديم ما هو جديد الى الجمهور. · لمناسبة ذكرك فيلمك الجديد «العلامة الأخيرة» الذي هاجمه النقاد أخيراً أينما عرض، ما هو موقفك تجاه رد الفعل هذا؟ - أعجبني السيناريو عندما قرأته، لكن حدثت مشاكل لاحقاً عندما حل موعد بدء التصوير. وعلى العموم أنا لم أشاهد النتيجة النهائية بعد وبالتالي أعجز عن التعليق على كلام النقاد هذا. · يقال ان زميلك الفرنسي سامويل لو بيهان لم يلعب دوره على المستوى نفسه لدورك! - لم أتدخل في عمله. فهذه الأشياء من صميم عمل المخرج بطبيعة الحال، وأنا بكل صراحة وجدت لو بيهان على المستوى المطلوب، لكنها مسألة شخصية جداً، وأستطيع فهم وجهة نظر النقاد حتى إذا كنت لا أشاركهم الرأي. · ماذا عن معرفتك للمنطقة العربية؟ - أعرف مصر جيداً فقد زرتها مرات عدة وعملت فيها قبل أكثر من عشر سنوات لمناسبة تصوير فيلم «روبي كايرو»، وأنا مولعة جداً بها، خصوصاً القاهرة ومستعدة للعودة اليها في أول مناسبة. · هل صحيح أنك كنت تعملين بائعة في محل «فاست فود» من نوع ماكدونالدز قبل احترافك الفن؟ - (تضحك) أجل، لقد عملت بائعة لدى محل من هذا النوع عندما كنت شابة دون العشرين من عمري، وشاء الحظ أن ألتقي مصوراً جاء ليتناول طعامه عندنا وعرض علي الوقوف أمام عدسته ففعلت ووجدت نفسي فوق صفحات مجلة نسائية أميركية كبيرة، ما جعل دار «كالفين كلاين» تستعين بخدماتي كعارضة أزياء. وبقية الحكاية معروفة. الحياة اللبنانية في 9 يونيو 2006
نشعر بالحنين إلى خشبة المسرح
اعداد: د.محمد زهير بعد مضي خمسة أعوام على تمثيلها لدور “ايميلي بولان”، انطلقت الممثلة الفرنسية الشابة “أودري توتو” نحو العالمية من خلال تجسيدها لشخصية “سوفي نوفو”، بطلة الفيلم المقتبس عن رواية دان براون “شيفرة دافنشي”. اعتبر النقاد فيلم “شيفرة دافنشي” أكبر حدث سينمائي لعام ،2006 فهو مقتبس عن رواية نالت شهرة واسعة النطاق ومن اخراج “رون هاوارد” الحاصل على جائزة الاوسكار عن فيلم “رجل استثنائي” عام 2002. كان دور “توتو” في فيلم “مصير ايميلي بولان الاسطوري” بداية متألقة لها على طريق النجومية. ومنذ ذلك الحين، شاركت هذه الممثلة الواعدة في العديد من الاعمال السينمائية مع كبار المخرجين، من أمثال “كلابيش” و”رينيه” و”كوليك” و”جونيه”. فهل من شأن هذا أن يفقدها صفة البساطة التي عرفت بها منذ بداياتها الفنية؟ للاجابة عن هذا السؤال وأسئلة اخرى عديدة، التقت بها مراسلة مجلة “لوفيجارو ماجازين” الفرنسية، فوجدتها لا تزال تتمتع بتلك الطبيعة الهادئة، بيد أنّ الابتسامة التي لا تفارق وجهها تخفي وراءها مع ذلك شخصية جادة وحاذقة كشفت عن جانب منها أجوبتها عن الأسئلة المطروحة خلال الحوار. · ما هو تصورك عن أسباب الضجة الكبيرة التي أحاطت بفيلم “شيفرة دافنشي” قبل عرضه؟ كان من الصعب قليلا عليّ استيعاب مبررات هذه الضجة في أوساط الجماهير عموما ووسائل الاعلام على وجه الخصوص، رغم أنه يمكن تفسيرها من خلال النجاح العالمي الذي حققته رواية “دان براون” ذاتها. · تمنحين القليل من اللقاءات لوسائل الاعلام، فهل تتقصدين التكتم؟ لا تتوقع أني أفعل ذلك عن رغبة مني، انها مسألة ضيق وقت فحسب، فأنا أُصور حالياً فيلم “معاً، هذا كل شيء” من اخراج كلود بيري وتأليف الروائية “آنا جافالدا”، لذا فإني مشغولة تماما، وعلى أي حال، لا يحتاج “شيفرة دافنشي” إلى دعاية. · هل قرأت رواية “شيفرة دافنشي” عند صدورها؟ قرأتها في أيام قليلة بينما كنت في رحلة الى المكسيك، وبالضبط في سبتمبر/أيلول ،2004 وجدتها آنذاك قوية الحبكة وتشد القارئ، والأهم من كل ذلك أنها ذات صبغة “سينمائية”. · كيف تخيلت شخصية “سوفي نوفو”؟ تَمتَلك مُخيلة كُل قارئ لهذه الرواية تَصَورا معينا لشخصية “سوفي نوفو”. بالنسبة لي، سرعان ما أحببت ملامحها، إنني وجدت نفسي من خلالها، لكن حتى بعد أن علمت بأنّ “رون هاوارد” كان يبحث عن ممثلة فرنسية، لم أتوقف عن التفكير بأنّ هذا الدور يناسب ممثلة غيري. · هل هذا تواضع مزيف، أم أنه عدم ثقة بالنفس؟ بصراحة كنت أشعر بأنني صغيرة على أداء عمل كهذا، لا سيما أن “سوفي” تعيش في الرواية قصة حب عابرة مع “روبرت لانجدون”. لم يكن السبب أنّ “توم هانكس” يبدو كبيرا في السن على الاطلاق، بل لاعتقادي بأنني أظهر أمامه صبية صغيرة. · ما زالت صورة “ايميلي بولان” الفتية تلاحقك؟ لم يكن “رون هاوارد” يعرف عني سوى تلك الصورة، فأنا أعلم أنه قبل أن يقابلني لم يكن مقتنعا تماما بقدراتي، لذا أجرى لي العديد من الاختبارات، ثلاثة منها باللغة الانجليزية. وبسبب ضيق الوقت، لم أستطع اتقان النص بالشكل المطلوب واخبرته مباشرة بحقيقة أني لم أكن بذلت ما يكفي من الجهد. وربما أعجبته في شخصيتي نزاهتي في التعامل معه، لذا وبعد أسبوعين، وافق على انضمامي لفريق الفيلم. · بدأ تصوير الفيلم في باريس تحت إجراءات أمنية مشددة، كيف كانت الاجواء في ميدان العمل؟ واضح أن مستوى الحماية كان مرتفعا للغاية، لكن اغلاق صالات التصوير على الدخلاء أمر شائع. مع ذلك، لم يكن هنالك سرّ نخفيه عن قصد، بل هي ارادة جماعية بعدم تداول ما يجري مع الخارج. · هل أحسست بأنك تعملين على الطريقة “الأمريكية”؟ قد لا أستطيع تحديد ماذا يعني التصوير على الطريقة “الامريكية”، كل ما يمكنني قوله: إنّ ساعات العمل كانت طويلة جدا، فهي تتراوح بصورة عامة بين 12-16 ساعة يوميا، ومن دون فترة راحة أثناء عملنا في انجلترا. لم يكن الوقت يتوافر لنا للتفرغ لأي شيء آخر، وهذا الاسلوب يختلف تماما عن النهج المتبع في فرنسا. · هل أدى هذا الضغط الى اثراء تجربتك؟ نعم، لكن ليس العمل المكثف هو الذي يجعل المرء أفضل، بل السبب أنّنا نحاول تقديم أفضل ما لدينا حينما نعمل مع مخرج موهوب ونمثل أمام شريك استثنائي. بالنسبة لي، “توم هانكس” يجسد الكمال بعينه. · ماذا يعني الكمال في مهنة التمثيل؟ القدرة على تجسيد شخصية ما بدقة وصدق، والتحكم بآلية العمل لدرجة عالية. وحينما يمتلك الممثل الموهبة وفي الوقت نفسه يحافظ على بساطته، فمن الصعب ألا يكون ذلك جديرا بالتقدير. · هل تخيفك الشهرة دوماً الى هذا الحد؟ لست أخشى فقدان بساطتي، ولا يهمني أن أُتمتع بشعبية أو شهرة أكبر، لأن الأولوية عندي أن أحتفظ باستقلاليتي وحريتي الشخصية. · اشتراكك في “شيفرة دافنشي” سيزيد من شهرتك أكثر من أي وقت مضى. ألا تعتقدين بأن الفرصة جاءت متأخرة؟ على الاطلاق، بالنسبة لي، لم أتوقف عن العمل بعد أدائي دوري في “شيفرة دافنشي”. كما أنّ أيّ شيء لم يتغير في وضعي، فهذا الفيلم يمثل فرصة للعمل مع “رون هاوارد” و”توم هانكس”، ولست أفكر بتمثيل أدوار أخرى في أعمال كبرى. · هل تحلمين بالعمل في الولايات المتحدة؟ لست متيقنة من أي شيء، لكني أدرك حقيقة أنّ لصناعة السينما في الولايات المتحدة متطلبات ضخمة، ومن أجل النجاح فيها، ينبغي أن يتوافر الدافع الذاتي والسعي لاحتلال الموقع المرجو بالاضافة الى امتلاك التغطية الاعلامية المناسبة... وأنا لا أحتفظ بالشجاعة الكافية. · هل ثمة مشاريع اخرى في الأفق؟ لا أستبعد وضع السينما جانبا لفترة من الزمن، فأنا أفتقد خشبة المسرح، هذا المكان الذي يتناسب وطبيعتي الفكرية، اذ إنني ناهيك عن الدور، أهوى كثيرا العمل مع فريق، وحينما لا أكون مرتبطة بعلاقات ودية بالمخرج والممثلين والفنيين، أشعر بالتعاسة لأنّ شيئا ما ينقصني في هذه الحالة. الخليج الإماراتية في 9 يونيو 2006 |
تريث حتى الفيلم الثالث بعد العشرين ليدخل هوليوود سبايك لي في فيلم جديد عن نيويورك ودينامية علاقاتها الانسانية في قالب سينمائي مألوف ظاهرياً ريما المسمار من الممتع بمكان مشاهدة Inside Man بينما الاحكام والصور المسبقة تعتمل في الرأس. هي السينما كذلك. لا تكتمل من دون تلك الاضافات الفردية حتى وان كانت أحكاماً وآراءً مسبقة. ولكن بعض الاخيرة يفسد بعض الافلام. ونادراً ما تكون، اي الاحكام والصور المسبقة، مدخلاً ممتعاً الى الافلام. في حالة شريط سبايك لي، هي كذلك وأكثر. ولعله من المفيد ايضاً بل ومن الضروري ان نفرد مساحة لمسيرة هذا المخرج بينما نشاهد آخر أفلامه. بعض الافلام يكتسب ليس قيمة وانما شيئاً إضافياً وتفصيلياً اذا ما وضع في سياق مخرجه الحياتي والعملي. من الممتع اولاً ان تدخل الفيلم وانت تستعيد أعمال لي بدءاً بفيلمه الاول عام 1986 She's Gotta Have It (الذي أُنجز بنحو 175 الف دولار وصور خلال 12 يوماً فقط) الذي وصفه لاحقاًالى افلام تخرجه من جامعة نيويوركبـ"السينما الفدائية" او Guerilla Filmmaking ومن ثم شريطه الثاني الجدلي عن التمييز العرقي Do The Right Thing (1989) مروراً بـ School Daze (1988)عن مجتمع البيض المهيمن داخل الجامعة ووصولاً الى أكثر مشاريعه طموحاً عام 1992 Malcolm X... كل تلك الافلام وغيرها من أعماله الاقرب الى الذاكرة اواخر التسعينات (Summer of Sam) واوائل الالفية الثالثة (25h Hour) تجعل من اي فيلم جديد للي عملاً منتظراً لجهة انسجامه مع موضوعات افلامها السابقة لاسيما التمييز العنصري ضد الاميركيين الافارقة وبينهم ولجهة التمويل. فمن المعروف ان افلام لي لا تنتمي الى الانتاج السائد في هوليوود ولا تتوخى الترفيه بالدرجة الاولى وان كان الكثير منها حصد جماهيرية واسعة. بهذه الخلفية، يخرج المشاهد باستناج اولي هو ان Inside Man قد يكون محاولة سبايك لي الاولى لخطب ود الجماهير الواسعة وتسديدته المباشرة الى شباك التذاكر، مدعمة باسم منتج هوليوودي بامتياز هو براين غرايزر. ولا يلبث الفيلم نفسه ان يساعد على رسم تلك الاستنتاجات الظاهرية حيث يسول للمشاهد انه أمام شريط سينمائي من نوع الحيلة الممزوج بالسرقة (caper-heist movie). ثم يأتي في الحوار المبكر ذكر فيلمين مؤثرين في النوع المذكور عندما يصف أحدهم تهكماً التحري النيويوركي "فرايجر" (دنزل واشنطن) بـ "سيربيكو" نسبةً الى آل باتشينوفي فيلم Serpico ولاحقاً عندما يشير التحري الى فيلم Dogday Afternoon لوصف مماطلة السارقين. اذاً، يخلق الفيلم مستعيراً من الحقل الطبي ربما المناخ الانسب لتتكاثر التوقعات وتنمو الأحكام المسبقة وتتفاعل الاستنتاجات. في هذه الأثناء، يعمل سبايك لي على مناقضة الاعراف والتقاليد لتلك التوقعات. دينامية العلاقات يفتتح Inside Man مشهد لكلايف اوين يلعب شخصية ما تتحدث عن عملية سرقة بالفعل الماضي. اي ان العملية تمت والسارق لم يمسه شيء. من هنا، يصبح على المشاهد ان يتكهن او ان يتساءل عن كيفية متابعته لفيلم يُفترض انه من النوع المشوق وهو على علم مسبق ببعض نهايته. بالطبع، ليس هذا اول فيلم يختار تكسير أعراف النوع ولكن لكل تجربة خصوصيتها في سياق العمل. مونولغ اوين الموجه الى عدسة الكاميرا هو في غالب الظن يشير الى انه يخاطب الجمهور كأنما يأتمنه على سر او يتواطأ معه على مبدأ ما بدون ذكر التفاصيل. ولكن قبل ذلك المشهد، يقوم لي بتوليف مجموعة مشاهد لنيويورك على خلفية عناوين المقدمة. لقطات قريبة لتمثال من زوايا مختلفة يجسد مزيجاً من انسان ووحش تشكل مجتمعة صورة غير واقعية عن مدينة حسية قوية التأثير والحضور بما يناقض المشاهد العامة الرامية الى اختزال صورة المدينة او معالمها البارزة . بخلافها، يقوم سبايك لي منذ اللحظة الاولى ببناء صورة تعزل المدينة عن واقعها كما نراه في الصور الاخرى. هل هي صورة نيويورك بعد 11 ايلول؟ ربما يكون ذلك أحد التفسيرات الذي من شأنه ان يتعزز لاحقاً. في الدقائق العشر الاولى، تتنقل كاميرا المخرج بين أحد الشوارع المتفرعة من "وول ستريت" حيث يرتفع مبنى مصرفي ضخم وبين داخله الفخم الذي يشير الى هندسة قديمة وبين مكتب شرطة. في الشارع حركة تنبئ بالتحضير لشيء لاسيما بعد الافتتاحية التي لم تبقِ على سرية العملية او عنصر المفاجأة فيها. اذاً، فإن الربط واضح بالنسبة الى المشاهد بين الشرطيين (واشنطن وتشيويتل ايجيوفور) وما يحدث في الشارع. بهدوء شديد، يدخل أربعة أشخاص بلباس سروالي كامل وأقنعة تغطي الوجوه ونظارات شمسية تخفي العيون الى مبنى المصرف ويوصدون الابواب قبل ان يلاحظ رجل الامن ان ثمة امرًا غير عادي. الكل ممدد على الارض بطلب من العصابة والوقت يمر ببطء ازاء هدوء السارقين وحركتهم شبه البطيئة التي لا توحي بأنهم متعجلون لانهاء العملية. الوضع لا يختلف كثيراً في الشارع. فهدوء "فرايجر" التحري المتخصص في مفاوضة محتجزي الرهائن، لا يتوانى عن الذهاب الى المطعم المجاور لتناول الطعام بعيد الاطلاع على ملابسات العملية. كل ذلك يؤسس لمناخ مغاير عن مناخات هذا النوع من الافلام ذاهباً بالفيلم الى تخوم اللعبة والمطاردة النفسية بين أطراف عدة. فهذا فيلم يوسع دائرة حكاياته الجانبية من دون ان يفقد حدثه المركزي اي عملية السطو على المصرف. ولكنه قادر على اختبار ميكانيكية العلاقات الانسانية وفقاً لتراتبيات عدة. فبين التحري والشرطي (ويليم دافو) ذلك التوتر حول صلاحيات كل منهما وقدرته على بسط سيطرته على الآخر. وبين "فرايجر" وقائد مجموعة السارقين "دالتون" (كلايف اوين) مواجهة بين قطبين كل منهما "سيد" في مجاله. تتوسع دائرة رصد العلاقات بدخول "كايسي" (كريستوفر بلامر) صاحب المصرف الذي يستنجد بسيدة أعمال شديدة الثقة بنفسها والنفوذ، "وايت" (جودي فوستر)، لتتدبر أمر خزينته الخاصة داخل المصرف التي على ما يبدو تحتوي على سر دفين في حياته. لاحقاً تمتد عملية شد الحبال الى "فرايجر" و"وايت" التي تريد دخول المصرف لمقابلة "دالتن" فتمارس سلطتها على الاول وتساومه على ترقيته. "ألغام" لي لا تشكل تلك المفاصل منفردة أهمية كبرى ولكنها عندما تجتمع في بوتقة الرياء والمساومة والابتزاز تفرز جانب اشتغال الفيلم المتميز على شخصياته. ليس حكماً أخلاقياً ولا وعظاً ان تكون شخصيات الفيلم كافة مسيّسة وقابلة للمساومة ومتسللة الى اسرار بعضها بعضاً. لعل ذلك من قبيل بناء رؤية الفيلم للمدينة واهلها. انها بهذا المعنى شخصيات نيويوركية في سياق تعريف مبطن للفيلم. من هنا يكتسب الفيلم بعده الأهم في كيفية زرعه "الالغام" بخبث بين طيات أحداثه وحوارات شخصياته. فقامت العصابة بإلباس الرهائن اللباس السروالي نفسه الذي يتنكرون هم به انما هو حركة بصرية وذهنية في آن معاً. هذا التماهي بين الضحية والجلاد او بين الرهينة ومحتجزها او بين السارق والبريء وما الى هنالك من توصيفات ضدية هي في الواقع رؤية للمدينة بكاملها. الكل ضحية والكل جلاد. لا ينفك لي يبدل الخنادق. من خندقي الضحية والجلاد داخل المصرف، يتحول الصراع الى شكل أخر خارجه حيث يصبح المحتجزون والسارقون في خندق واحد في مواجهة رجال شرطة متأهبين لمواجهة أخطار افتراضية لا تحصى. من السود الى الاسلام الى الاوروبيين الشرقيين... يتنقل الفيلم عبر سلسلة من الممارسات العنصرية الابدية التي تغير وجهها ولكنها لا تنقرض ابداً. انها شرطة نيويورك بعد 11 ايلول المرتعدة ازاء بشرة سمراء او لحية طويلة والمعمية عن تمييز "هندي" من "السيخ" من "مسلم ابن عاهرة" كما يصيح أحد رجال الشرطة لدى رؤية وجه الهندي. على هذا النحو يبني سبايك لي فيلمه داخل الفيلم او داخل هذا الشكل السينمائي المألوف بدايةً والمتحول لاحقاً من دون ان يستغني تماماً عن ملامحه. فالتشويق وتحولات الحبكة الدرامية والحفاظ على شيء من المفاجأة كلها موجودة هنا خلا ان مناخها يميل الى التأمل والتحليل أكثر منه التوقع والتخمين. فموسيقى الفيلم لتيرينس بلانشارد شريك لي الموسيقي الثابت بعيدة من أية هوية تربطها بهذا النوع السينمائي وتميل الى مزاج يقف عند حافة الهاوية. انها موسيقى أقرب الى حكايات السقوط المتمثلة في الفيلم بشخصية صاحب المصرف وثرائه غير المشروع وصراعه من أجل اخفاء تاريخه الدامي. وليس أكيداً ما اذا كانت نظرة سبايك لي الى نيويورك اليوم تترافق مع هذه الرؤية التي يختزلها الرجل. على صعيد آخر، لا يحيد المخرج أحد شخصيتيه الرئيسيتين، "فرايجر"، عن "شبهة" الانتماء الى ذلك المناخ العنصري والهستيري لنيويورك المعاصرة. فهو بعد ان جعل شخصياته كافة مشرعة على المساومة لاغياً بذلك اية دلالة أخلاقية يمكن تاريخ السينما الطويل ان يكون قد كرسها بين البطل او الشرطي والصفات الأخلاقية، يتعمد غرس سلوكه في طبيعة المدينة من خلال جزء سردي يفرض تأثيره على أكثر من صعيد. فبعيد سيطرة العصابة على الرهائن، يبدأ الفيلم بالتنقل بين الحاضر وبين خط سردي سيجري لاحقاً متمثلاً بالتحقيق مع المحتجزين ويرتبط بمشهد البداية الذي أكد ان العملية ستتم. في مقر الشرطة، يحقق "فرايجر" وشريكه مع المحتجزين بلهجة تمتزج فيها السخرية بالعنف والتشكيك بالهزل لتعزز مشروعية توجيه التهمة الى اي كان. الكل مدان بلا استثناء. ولهذا الجزء قيمة أخرى على صعيد التشكيل البصري مضيفاً بعداً فنياً آخر من خلال قماشته المبرغلة التي تبدو وكأنها ملونة باليد وغير بعيدة من استجلاب صور من غوانتانامو أو ابو غريب. قد تتفاوت الآراء في Inside Man وفي حبكته الدرامية التي قد يشعر بعضهم بشيء من التطويل فيها وتركيب الشخصيات المتفاوت بين "فرايجر" المتماسك و"دالتن" المجرد و"وايت" الغامضة وفي أداء الممثلين... ولكن يبقى Inside Man شريطآً ينتمي الى مخرجه بحساسية خاصة تجاه رصد تفاصيل التحولات الاجتماعية والانسانية والسياسية في واحدة من أكثر مدن العالم حيوية وانكساراً وشراسة. يعرض Inside Man في صالات امبير المستقبل اللبنانية في 9 يونيو 2006
«تينجا» العودة الجنائزية الى الوطن الرباط – خالد الخضري «الطين جا» أو «تينجا» هو أول فيلم روائي طويل للمخرج المغربي المقيم في فرنسا حسن لجزولي، المنتمي الى جيل المخرجين الشباب الذين سجلوا حضورهم لأول مرة في المهرجان القومي الرابع للفيلم المغربي بطنجة سنة 1995، وذلك بتوقيعهم أفلاماً قصيرة متميزة ضمنها فيلمان لحسن لجزولي «بائع الذكريات» و«ذاكرة النسيان» الى جانب كل من نورالدين لخماري، اسماعيل فروخي ونبيل عيوش... كما ظهر من بعدهم حكيم بلعباس، ياسمين قصاري وليلى المراكشي... باستثناء نبيل عيوش الذي وقع فيلمين روائيين طويلين نالا استحسان النقاد كما الجمهور العام وحصدا العديد من الجوائز في المهرجانات السينمائية المحلية والدولية هما: «مكتوب» و «علي زاوا»، لم يحقق معظم أفلام بقية المخرجين هذه المعادلة الصعبة، وما زلنا حين مشاهدتنا لأي فيلم من افلامهم الطويلة – ولو للتمويه على ذواتنا – نلتمس لهم العذر في أنها اول تجربة من المتوقع أن تتحسن مستقبلاً. الملاحظة الاساسية أو القاسم الموضوعي المشترك لهذه الفئة المهاجرة، نزوعها الملح نحو العودة الى الجذور/ الوطن – ففي فيلم (النظرة) لنور الدين الخماري، حتى ولو كان العائد جندياً فرنسياً اهتم بتصوير زملائه كما المغاربة إبان المرحلة الاستعمارية ببلادنا، فها هو يعود اليها بعد الاستقلال بحثاً عن صور أثيرة لتقديمها في معرضه الخاص بفرنسا وما تثيره هذه العودة في نفسه من حنين وتأنيب ضمير. فيلم «خيط الروح» لحكيم بلعباس يحكي عن مغربي مقيم باميركا (مقر إقامة المخرج) أصيب بمرض عضال فقرر الرجوع الى مسقط رأسه بمدينة بجعد المغربية ليموت ويدفن هناك (وهي أيضاً مسقط رأس المخرج) – «السفر الكبير» لاسماعيل فروخي، حتى ولو لم يعد بطله المغربي الى وطنه، فقد رافق والده عبر سفر طويل لقضاء مناسك الحج ليموت هذا الأخير ايضاً ويدفن هناك، فهي ايضاً عودة الى الاصل والى الجذور الروحية. واخيراً «تينجا» المتناول لحكاية شاب مغربي مولود ومقيم بفرنسا يتوفى والده، وتنفيذاً لرغبة هذا الاخير يحمل جثته على متن سيارته قاطعاً بها آلاف الاميال لدفنه في مسقط رأسه باحدى القرى النائية بين جبال الاطلس المغربية. إذاً ما هو سر ولع هؤلاء المخرجين (مؤلفي سيناريوات افلامهم) بهذه العودة الجنائزية الى جذورهم؟ ولماذا هذا الحضور الكاسح «للموت» بكثير من طقوسه: الغسيل/ التكفين/ مرافقة الجثمان/ الدفن/ المقبرة/ تلاوة القرآن حتى ولو كان القبر الوحيد المغروس في غابة كثيرة الاحراش والمتعرجات التي من الصعب أن يفكر المغاربة في احداثها هناك كما حصل في «تينجا»؟! وحتى وإن كان ذلك ممكن سينمائياً مثلما حدث في «خيط الروح» وفي «ألف شهر» لفوزي بن السعيدي بخصوص غسل وتكفين ودفن الشابة المتوفاة بحادث سير. ثم في «الراقد» لياسمين قصاري حتى وإن لم تكن هناك جثة، الا يعتبر تنويم الجنين في البطن لأكثر من سنة قتلاً فيزيولوجياً لروح بشرية ومعنوياً لأحلام وآمال الأم؟ فهل هذا الشغف بعنصر الموت، تعبير عن حالة «وفاة» وإن موقوفة التنفيذ، يعانيها هؤلاء الشباب المهاجرون من حر الغربة القاسية؟ وهل العودة الى الأصل هي ما عبرت عنه تلك اللقطة الجميلة بفيلم «تينجا» حين يفرش نور الدين قطعة «الكرتون» التي كان يغلف بها جثمان والده تحت شجرة وارفة الظلال؟ لنتماشى مع هذا الطرح السينمائي الذي ليس من الضروري ان يكون مشابهاً لنظيره الواقعي والقانوني المغربي، والذي يمنح رخصة لأي انسان لحمل الميت داخل سيارته الخاصة، لنمنحه نحن رخصة فنية تبيح له ذلك، لكن لو تغيأ فعلاً ذلك الخطاب الذي تشدق به كثيرون قولاً وكتابة، ألا وهو: «العودة الى الأصل والجذور» لكسا على الاقل الصندوق الحاوي لجثمان والده بكساء أسود أو اخضر أو حتى أبيض، منقوشة عليه آيات قرآنية، أو لا شيء أو أضعف الايمان: بسجادة الصلاة، فكم كانت هذه اللقطة ستغدو معبرة فيما لو أفرش هذه السجادة تحت الشجرة وانصرف. لكن نقل جثمان الأب المسلم في علبة الومينيوم مصفحة ومغلفة بقطعة كرتون مكتوب عليها بحروف فرنسية «ثلاجة» كسر مصداقية وعمق تلك الرسالة الروحية والسامية التي توخى الفيلم ايصالها فحاد بها عن سكتها. لذا، ينبغي كثيراً من الاحتراس حين التعامل نقدياً مع هذه النوعية من افلام المخرجين المغاربة المهاجرين، العائدين – ولو موقتاً لأرض ولثقافة وجغرافية الوطن – حيث تهتم كاميراهم شكلاً بالمناظر الطبيعية الخلابة: الجبال/ الغابات/ الصحراء/ الوديان/ البحر/ بزوغ وغروب الشمس/ الاسواق… تمنح جمالية خاصة من حيث التصوير والتلقي، ولكنها وكما نبهنا الى ذلك اكثر من مرة، تروق لعين المشاهد/ السائح الغربي بالدرجة الاولى لا سيما من كان في موقع التمويل والمساعدة على الانتاج أو التوزيع، الشيء الذي يفسر فوز هذه الافلام بجوائز في المهرجانات الغربية خصوصاً. الحياة اللبنانية في 9 يونيو 2006
|
«كنتُ بائعة فاست فود» باريس – نبيل مسعد |