مني زكي صاحبة الوجه الرقيق في السينما المصرية‏,‏ فملامحها تمنحك دوما الإحساس بالألفة‏..‏ لذلك فهي تقتحمك دون مقدمات‏,‏ ومنذ اللحظة الأولي التي وقفت فيها أمام النجم أحمد زكي في اضحك الصورة تطلع حلوة‏..‏ تأكدنا أننا أمام موهبة حقيقية تزداد ألقا بمرور الأيام‏..‏ خاصة أنها من النجمات القليلات اللائي يملكن ذكاء الاختيار‏.‏

مني تعيش هذه الأيام لحظات شديدة التوتر حيث تنتظر عرض فيلميها حليم وعن العشق والهوي كما بدأت في تجسيد دور السندريللا‏..‏ النجمة المتألقة فتحت قلبها لـ الأهرام العربي وتحدثت عن لحظات التوتر التي تعيشها‏.‏

‏*‏ شاهدت أخيرا نسخة العمل من فيلمك الأخير عن العشق والهوي‏..‏ ماذا عن توقعاتك للفيلم؟

بالفعل شاهدت نسخة الفيلم والحمد لله أعجبني جدا جدا والحقيقة هذا ليس رأي أنا فقط ولكنه رأي وقناعة كل من شاهد الفيلم من أبطاله ومخرجته كاملة أبو ذكري ومؤلفه تامر حبيب وهو تجربة جديدة تماما بالنسبة لي ولأسرة الفيلم بالكامل وهو بطولة أحمد السقا وغادة عبدالرازق ومنة شلبي وطارق لطفي ومجدي كامل وبشري وخالد صالح‏,‏ وأقدم فيه شخصية عليا بنوتة رومانسية ولديها مهارات موسيقية حيث تلعب بيانو في معهد الموسيقي العربية وهي فتاة متطلعة تعشق الحياة وتعيش الدنيا كما تهوي وتختار حبيبها بما يرضي طموحاتها وتعيش معه قصة حب كبيرة إلي أن يحدث بينهما أشياء وتفاصيل ضد العلاقة لن أصرح بها حتي لا أحرق الفيلم ولكن كل ما أؤكد عليه أنه فيلم جيد الصنع علي جميع المستويات وأتوقع أن يحقق نجاحا كبيرا عند عرضه ولكن في النهاية أقول يا رب‏.‏

‏*‏ الفيلم تعرض للتأجيل أكثر من مرة في أكثر من موسم هل أصابك ذلك بالإحباط؟

بالطبع أحبطت جدا ولكني لم أغضب وخاصة أنه لدي إيمان ويقين بأن كل عمل يأخذ نصيبه وفي النهاية آجلا أم عاجلا سيتم عرضه وهو ما حدث والحمد لله حيث قررت الشركة المنتجة عرضه في موسم الصيف وهو موسم جيد جدا وبالتأكيد سأكون في منتهي السعادة بعرض فيلمي فيه‏.‏

‏*‏ لكن المعروف عن موسم الصيف أنه موسم يتسم بالزحام الشديد حيث سيعرض‏16‏ فيلما دفعة واحدة وذلك يؤثر بالسلب علي إيرادات الأفلام ما تعليقك؟

بالفعل الصيف موسم شديد السخونة ولكنني أعتقد أن العمل الجيد يفرض نفسه ويحقق نجاحا وأنا عن نفسي أترك كل هذه الأمور علي الله ولا أحسب لها حسابا خاصة فيلم عن العشق والهوي عمل جيد وكاتب السيناريو والحوار تامر حبيب الذي أعشق أسلوبه بشكل عام وفي عن العشق والهوي كتب سيناريو في رأيي يصلح لأن يكون رواية أدبية من جمال الشخصيات الموجودة في الفيلم وتداخل علاقتهم ببعضهم‏..‏ والتداخل في العلاقات بين كل شخصية والثانية‏.‏

‏*‏ بمناسبة الحديث عن تامر حسيب يتردد أخيرا أنك ترفضين العمل مع أي مؤلف سواه‏..‏ وكذلك أصبحت نجمته التي يفصل لها السيناريوهات؟

أنا أتمني ذلك وهو شرف كبير لي‏,‏ أنا لا أعمل مع أي مؤلف آخر غير تامر حبيب لأنه سيناريست متميز جدا ولديه حس فني عال‏.‏

‏*‏ معني ذلك أن ما يتردد حول رفضك لقراءة السيناريوهات التي تصل إليك والاعتذار عنها حتي بدون قراءتها صحيح؟

إطلاقا‏..‏ هذا الكلام غير صحيح لأنني أقرأ كل ما يعرض علي من سيناريوهات وعندما يعجبني عمل منها لا أتردد في قبوله وعندما لا يعجبني العمل أعتذر عنه بشكل لائق خاصة وأنني لن أرفض لمجرد الرفض فأنا عملي ممثلة‏,‏ ولا أعمل بمهنة أخري غير التمثيل‏..‏ وجزء أساسي من مهنتي قراءة ما يعرض علي من أعمال‏!‏

‏*‏ مادام هذا رأيك فلماذا قال المخرج محمد خان عنك أنت وهند صبري أنكما ناكرات للجميل وسلوككما به قلة أصل؟

في الحقيقة أنا لست ناكرة للجميل لأن محمد خان أستاذي وأعترف بذلك وعندما عملت معه تحدثت عنه بما يرضي الله وبما يرضاه مقامه وقوته في الوسط لأنه مخرج جامد ومتميز ولكن إذا كان يري أنني ناكرة للجميل لا أستطيع أن أعلق علي كلامه كما أنني لا أستطيع تبرئة نفسي من سلوك أو من شيء لا أعرفه ولماذا قال ذلك هل لأنني اعتذرت له عن عمل‏,‏ وبالتأكيد رفضي لسيناريو خاص به ليس معناه أنني أقصد إهانته أو أن رفضي هذا إهانة شخصية له لأنني كممثلة لابد أن أقبل العمل الذي أتجاوب وأنفعل وأحس به وهذا الأمر غير وارد فيه المجاملة‏!!‏ لأن المجاملة تصح في الأمور الشخصية ولكن ليست في العمل هذا ما أفهمه ولا أفهم غير ذلك‏..‏ لو شعرت بالدور سوف أمثله سواء في الأمر مجاملة أم بدون مجاملة؟‏!‏

‏*‏ في الوقت الذي تنتظرين فيه عرض فيلم عن العشق والهوي سيعرض لك فيلم حليم فلأي منهما تنحازين وتتمنين له النجاح الأكبر؟

بصراحة أتمني للعملين أن يحققا نفس النجاح ولكن حليم بالأخص سيأخذ ضجة أكبر من أجل الفنان أحمد زكي‏,‏ فهو آخر عمل سيشاهد له الجمهور‏,‏ أما فيلم عن العشق والهوي فهوعزيز علي نفسي جدا وأعتبره تجربة مهمة في السينما المصرية‏,‏ وأتمني أن يحقق إيرادات كبيرة ونجاحا جيدا وربما كان تفكيري الأكثر في حليم لأنني أعلم ما كان يتمناه أحمد زكي‏,‏ وهو يقدم هذا الفيلم‏..‏ كان يحلم بأن يأتي علي مستوي فني عال ويحقق نجاحا كبيرا‏.‏

‏*‏ ذكرت أن حليم حالة خاصة بالنسبة لك فماذا كان إحساسك بالعمل والتجربة بشكل عام؟

إحساس لا يوصف خاصة أن بطله أحمد زكي وكون أنه ينزل من بيته أو من المستشفي لتصوير فيلم وهو مريض فهذا معناه أنه عمل لا يتكرر لفنان نادر لذلك إحساسي بالعمل في الفيلم كان رائعا وكنت سعيدة جدا بمشاركة فنان عظيم بقدر أحمد زكي‏.‏

‏*‏ بعد انتهائك من تصوير الفيملين‏..‏ أصبحت مقلة في أعمالك فهل تقصدين ذلك؟

لا إطلاقا‏..‏ ولم أقلل من العمل ولكن من الممكن أن يكون السبب هو أن عرض فيلم عن العشق والهوي تأجل أكثر من مرة بعض الشيء كما ذكرت وعادة الفنان عندما ينتهي من تصوير عمل يتمني مشاهدة رد فعله ثم يحسب حساباته علي نجاح العمل‏,‏ لذلك انتظرت بعض الشيء وفي هذا التوقيت عرض علي فيلم شفيقة وتيمور ومشروع آخر مع المخرج طارق العريان وهما عملان متميزان ووافقت عليهما وبعد ذلك عرض علي مسلسل السندريللا الذي تركت كل شيء من أجله‏,‏ خاصة وأن المسلسل يتطلب مجهودا كبيرا وبعد الانتهاء من التصوير سأبدأ في تنفيذ مشروعاتي السينمائية‏.‏

‏*‏ كان المتوقع في فيلم حليم أن تقدمي شخصية سعاد حسني ولكن كانت المفاجأة أن هذا لم يتحقق فهل لم يتم ترشيحك للشخصية خاصة وأنك قدمت شخصية حبيبة حليم؟

بالفعل أنا قدمت شخصية نوال في فيلم حليم ولأنني أري أنه سؤال ذكي سأجيب عنه بكل صراحة وكل ما أقوله وحياة بنتي في الوقت الذي عرض علي فيه فيلم حليم لم أفكر نهائيا لماذا لم أقدم شخصية سعاد حسني وما حدث أنه في هذا العمل الفنان أحمد زكي والمخرج شريف عرفة قالا لي سوف تقدمين شخصية نوال فوافقت علي الفور وحاولت أن أجتهد في الشخصية وسعدت بها جدا لكني لم أضع عيني علي أي شخصية أخري‏,‏ كما أنني لم أسع وراء مسلسل السندريللا لأنها تجربة مرعبة أن أسعي وراءها كما أن مسلسلا عن سعاد حسني هو سلاح ذو حدين وليس بالأمر السهل أن أجري وراءه لأقدمه خاصة وأن السندريللا فنانة لها رصيد جماهيري هائل والناس إما تحبني في دورها أو ترفضني وهنا تكمن المخاطرة‏..‏ يا جماعة دي سعاد حسني‏.‏

‏*‏ هل هناك مشكلات بين العدل جروب وجهة إنتاج مسلسل السندريللا بسبب ترشيح الجهتين لك وحقوق الورثة‏..‏ فما هو رد فعلك علي تلك التفاصيل؟

أنا لا أعلم أن هناك ترشيحا لي من قبل العدل جروب وكل ما أتمناه أن لا يغضبوا لأنني ممثلة عرض علي عمل وكان فرصة كبيرة بالنسبة لي ومن هنا وافقت عليه علي الفور والأهم أنني خارج الصراع لأنني لست جهة إنتاج‏.‏

‏*‏ شاركت أخيرا في بطولة فيلم دم الغزال وعلي الرغم من إشادة الجميع به إلا أنه لم يحقق إيرادات جيدة في رأيك ما تفسير ذلك؟

أنا حزنت جدا لذلك وعندما سألت قالوا لي إن توزيع الفيلم كان في موسم العيد ومع توقيت عرضه كانا السبب وراء ذلك‏..‏ حيث عرض بعدد قليل من السينمات وهي تفاصيل لا دخل لي بها‏,‏ ولكني لم أغضب من ذلك لأننا في النهاية قدمنا عملا محترما يحسب لي في‏(c.v)‏ وحصلت عنه علي جائزة أحسن ممثلة في المهرجان القومي للسينما وكنت سعيدة بها‏.‏

‏*‏ لكنك تغيبت عن تسلم هذه الجائزة في حفل الختام فكيف تسعدين بها؟

لم أكن موجودة في مصر آنذاك ولم يبلغني أحد بها‏.‏

‏*‏ ما رأيك فيما هدد به الوزير فاروق حسني بإلغاء المهرجان بسبب تغيبكم عنه بينما تذهبون إلي المهرجانات الدولية المقامة في نفس التوقيت نظرا لما تهبكم هذه المهرجانات من مبالغ مادية؟

أتمني أن لا يقوم وزير الثقافة بتنفيذ هذا القرار لأن ذلك ينقص من مقدارنا وسط الوطن العربي خاصة وأننا في الفترة الأخيرة أصبحنا نقلل من أشياء هي بالفعل كبيرة عندنا‏,‏ أما ما يذكر حول ذهابنا إلي مهرجانات أخري والمقصود به مهرجان دبي فهذا غير حقيقي بالنسبة لي ولزملائي في الوسط لأنه بعيد عن المنطق فكيف يذهب فنان لمهرجان ليحصل فيه علي بوكيت موني وفي رأيي هذا الحديث من العيب أن نقوله لأنه غير حقيقي وبه إساءة كبيرة لنا‏.‏

‏*‏ تستعدين حاليا لبدء تصوير فيلم شفيقة وتيمور وهو تجربة جديدة لك مع أحمد السقا فهل أصبحتما تشكلان دويتو فنيا؟

السقا شخصية مريحة جدا في العمل ويحب شغله جدا ويهتم به بشكل كبير وهو ما يجعله دؤوبا ولا يتوقف عن السعي لتطوير نفسه وأنا وهو تجمع بيننا كيميا في العمل كبيرة جدا لدرجة أنني أعرف ما يفكر فيه قبل أن يبدأ في تنفيذه‏,‏ لذلك يكون رد فعلي سريعا معه وشديد التجاوب بما يشكل هارموني كبيرا بيننا‏.‏

‏*‏ لماذا لم تقدمين عملا مشتركا مع زوجك أحمد حلمي حتي الآن؟

كانت هناك مشاريع دائمة مفتوحة للعمل بيني وبين أحمد لكنها كانت غير موفقة أحيانا فالدور الذي يعجبني لا يعجبه والعكس صحيح وأعتقد أن السر في ذلك يرجع لأنه زوجي وأتمني أقدم معه عملا جيدا يرضي طموحنا نحن الاثنين فنحن ننتظر الفرصة المناسبة‏.‏

الأهرام العربي في 3 يونيو 2006

 

الفيلم التونسى "خشخاش" ..إعجاب واهتمام عالمى وعربي

السينما المغاربية بين الحضور العربى والعالمي!

حذام خريف 

أسدل الستار مؤخرا عن فعاليات مهرجان كان السينمائى العالمي، وكالعادة اقتصرت جوائز السينما العربية على الاعجاب وتنويه النقاد والحضور من نجوم السينما االعرب والأجانب بالأفلام العربية التى عرضت ضمن فقرة كل سينمات العالم لا ضمن المسابقة الرسمية للأفلام. وحتى الجائزة التى حصل عليها عربى وهو الجزائريرشيد بوشارب كانت ضمن عمل سينمائى فرنسى لا جزائرى عربي.

ولكن قبل النظر فى فى غياب الحضور العالمى للسينما العربية علينا أن نعترف أولا بغيابها عربيا. فالفيلم العربى عموما "باستثناء السينما المصرية" يعانى من غياب عربى ـ عربى وغياب عربى ـ عالمى . بخلاف السينما المصرية الرائدة والتى تكتسح قاعات السينما فى مصر وسائر البلاد العربية قد لا نجد أحيانا ولو فيلما مغاربيا أو سوريا أو لبنانيا واحدا فى أى من قاعات السينما فى البلدان العربية ثم بقية بلدان العالم.

لا تزال الأسواق العربية شبه مغلقة أمام الأفلام العربية "غير المصرية" فى أكثر أقطار الوطن العربي.

هذه السينما العربية والمغاربية تكاد تكون سينما مهرجانات فقط. انتجت لتعرض فى المهرجانات السينمائية لا أن تعرض للمواطن العربى فى قاعات السينما. فأنا شخصيا لا أتذكر نفسى يوما شاهدت ملصقا "أفيش" لفيلم سورى أو خليجى أو غيره فى غير المناسبات السينمائية على غرار مهرجان أيام قرطاج السينمائية أو الأسابيع الثقافية.

قد يفسر البعض ذلك بفقدان لهجة عربية واحدة فى السينما العربية إذ أن كل قطر ينتج أفلامه باللهجة المحلية التى قد يزعم البعض صعوبة فهمها وبصورة خاصة أفلامنا فى القطر المغاربي.

وإذا كانت السينما المغاربية لا تعانى من الجرأة وحرية التعبير فإنها تعانى من تواجد عربى يدعمه نقص كمى وانتاج قليل. وكأنها سينما المهرجانات لا المشاهدة.

فالسينمائيون فى المغرب العربى يمتازون بتحررهم فى الجانب المادى خاصة فأغلبهم ينتجون أفلامهم على حسابهم الخاص. "باستثناء الجزائر التى كانت فيها السينما تمول من الدولة" مما يجعلهم يخرجون أفلامهم بنظرة فردية ومباديء قد لا تهتم للربح المادي. وهذا النقص فى الدعم المادى يؤدى الى عدم وجود دعاية وتوزيع كافيين للفيلم المغاربي.

فمن المؤسف أن يكون بلد مثلوتونس قبلة كبار منتجى السينما العالمية لتصوير أفلامهم ويتعرف الناس عليها من خلال الأفلام الأجنبية لا الأفلام التونسية.

فيلم كفيلم حرب النجوم صور فى تونس وكل العالم شاهد الصحراء التونسية من خلال الفيلم الأجنبى لا من خلال الفيلم التونسى الذى رغم تقدمه مهنيا وفنيا لا يزال يعانى من قلة الانتشار سواء العربى أو العالمي.

قد لا تكون التقنيات والاستثمارات السينمائية العربية والمغاربية مضاهية للعالمية لكن لدينا على الأقل المواهب والقدرة على التمثيل الانسانى لا الآلى .

ففيلم كفيلم عمارة يعقوبيان "الذى توج فى مهرجان برلين للسينما العالمية وحاز على عدة جوائز فى مهرجان تريبكا فى نيويورك" اقتصرت التقنية على الآلات اللازمة لاعداد فيلم سينمائى كذلك الفيلم التونسى خشخاش لسلمى بكار الذى حصل على جائزة أفضل إنتاج تونسى ثقافى لسنة 2006 لقى اعجاب الجميع ببساطة الإطار وواقعية الديكور ومواقع التصوير.

فالأفلام العالمية التى تفوز بأهم الجوائز السينمائية فى المهرجانات العالمية لا تعتمد كلها على آداء الممثلين ومواهبهم بل بعض الأفلام يكون الكمبيوتر هو البطل الأول ثم يأتى دور الممثل.

أما فى أفلامنا العربية فالممثل الانسان هو الذى يقود الفيلم وهو الذى يستحق الجائزة.

ليبقى السؤال قائما "على الأقل فى ذهني" لماذا لا نرى أفلاما عربية تكتسح السينما العالمية؟ ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نبحث أولا عن الأفلام العربية والمغاربية فى السينما العربية.

العرب أنلاين في 6 يونيو 2006

على هامش الجدل القائم حول فيلم "ماروك"

عندما يصاب بعض "مبدعينا" بالرهاب والهستيريا

بقلم / بوجمعة أشفري 

"أحيانا، يخيل إلي أننا لم نعد في حاجة إلى أن نحفر القبور لموتنا.

ذلك أن رؤوسنا وأجسامنا تحل محلها. فما أكثر القبور في أفكارنا وأعمالنا.

يكاد كل منا أن يكون قبرا يسعى..."

(أدونيس)

 

الأصولية المتطرفة تكون أخطر تهديدا لحياة الإنسان عندما تصدر عن من نعتبرهم "متنورين" و"حداثيين". قد أختلف مع رأي أو صورة أو فيلم أو نص، ولكن لا ينبغي أن يدفعني هذا الاختلاف إلى تكفير أو قتل أو سلخ الهوية عن الشخص الذي أختلف معه، والادعاء بأنه لا ينتمي للأرض التي أنبتته (نعته، مثلا، بالعجمي أو اليهودي أو المارق الخارج عن الدين، كما حدث مع ليلى المراكشي مخرجة فيلم "ماروك"، ومن قبلها "الباب المسدود" للمخرج عبد القادر لقطع، و"لحظة ظلام" للمخرج نبيل عيوش، و"الخبز الحافي" للكاتب محمد شكري: نصا وفيلما).

لماذا ينتفض بعض "مبدعينا" كلما شاهدوا صورهم بدون ماكياج ولا رتوشات في مرايا بعض زملائهم؟ ولماذا تنتفخ أوداجهم كلما تم تناول الدين والجنس بالنقاش أو التساؤل أو التأويل في أحد الأعمال الإبداعية؟ ما الذي يشعرهم بالرهاب حين يجدون أنفسهم وجها لوجه أمام جيل جديد لا يسلك مسلكهم ولا يؤمن بأفكارهم ولا يمارس عاداتهم وطقوسهم؟

لماذا نريد أن نعزل المغرب عن التطور الذي تعرفه الأفكار والصور في العالم؟ ما هذه الازدواجية الرهيبة التي نعيشها: نستعمل الوسائط التكنولوجية ونتخلى عن الاستفادة من الأفكار التي أنتجتها، بحجة أنها لا تنتمي إلى ثقافتنا؛ نعيش المعاصرة في رؤوسنا، ونشمئز منها عندما تتحقق في الواقع؟

فهل نحن مصابون بالهستيريا؟

يخبرنا التحليل النفسي بأن "المصاب بالهستيريا، أو بالعصاب الوسواسي، يتخلى، ضمن حدود مرضه، عن علاقته بالواقع. غير أن التحليل يدل على أنه لا يلغي أبدا علاقته الإيروسية بالناس والأشياء، وإنها يحافظ عليها في خياله؛ أي أنه يستعيض من جهة أولى عن المواضيع الواقعية بمواضيع وهمية من ذاكرته أو يخلط بينها..."

يسود الاعتقاد أن خطاب أي عمل فني (فيلم مثلا) عليه أن يكون موجها لكل الشرائح المجتمعية. هذا الاعتقاد في نظري مجانب للصواب، ذلك لأن الأعمال الفنية لا تعبر إلا عن وجهة وزاوية نظر المبدع التي من خلالها يلتمس التعبير عن حالة أو حالات فكرية أو مجتمعية في زمان وأمكنة محددة.

ليلى المراكشي في فيلمها "ماروك" لم ترسم ملامح كل شباب الجيل الذي تنتمي إليه، بل إنها ركزت على عينة خاصة جدا، وهي العينة التي تنتمي إليها، وبالضبط بعض تلاميذ وتلميذات مدارس وثانويات البعثات الفرنسية (هده الفئة من الشباب التي ينزع عنها فقهاء الظلام الهوية المغربية، ناعتين إياها بالهجينة والاغتراب).

من هنا يمكن اعتبار فيلم "ماروك" بورتريها (مهما اختلفنا عن قيمته الفنية والجمالية) يكشف بعضا من حياة هذه العينة من الشباب التي لا يمكن أن نستثنيها من المشهد الثقافي والاجتماعي المغربي. بورتريه يعكس رغبة ليلى المراكشي وأقرانها وقريناتها في الانعتاق من سياج الحياة التقليدية للانطلاق بحثا عن أفكار وفضاءات جديدة تتناسب مع أحلامهم وطموحاتهم.

هذه العينة من الشباب لا تعيش خواء فكريا وانفصاما في الشخصية، كما يعتقد البعض. بل إنها تعبر عن حقها في الاختيار والممارسة والاعتقاد. وهي بهذا السلوك الذي تنتهجه تواجه ردود أفعال قاسية تحرمها من ممارسة هذا الحق في واضحة النهار، لذلك تلتجئ إلى السرية والليل حتى يتسنى لها أن تكون طبيعية كما تريد هي لا كما يريد لها الآخرون.

نضع القيود على فضاءاتنا العمومية وشواطئنا وأجسادنا، ونصاب بالرهاب والهستيريا عندما يبدأ جيل جديد بفك هذه القيود باختراق مألوف السابقين واجتراح مألوف آخر يناسبه هو.

من أراد أن يضع قيودا على جسده في النهار كما في الليل، فله ذلك؛ لكن ليس من حقه أن يفرض على الآخر نهج نفس مسالكه في الحياة والتفكير. ليس من حقه أن ينزع عن الآخر الحرية في اختيار موضوع أعماله الفنية وطريقة النظر إلى جسده وكيفية التعامل معه. هذا الجسد (خاصة جسد المرأة) الذي أضحى مثيرا للحروب، أكثر من السابق، بين الاتجاه الأخلاقي السلفي والاتجاه الأخلاقي المعقلن والاتجاه الرافض أصلا لممارسة أي سلطة على الجسد (وهو على أية حال شبه منعدم في المغرب والعالم العربي).

جيل ليلى المراكشي لا يعيش بؤسا أخلاقيا، كما قيل ويقال.. ولم يكن يشعر بالغربة في بلده، بل إن تكفيرنا له وإقصاءنا ونظرتنا القاسية تجاهه، هي التي تجعله يشعر بهذه الغربة وبالتمزق وبالتفكير في مغادرة الأرض التي أنبتته، وبسرعة.

ثم من قال إن هذا الجيل لا ثقافة له ولا أخلاق. الذي يقول مثل هذا الكلام يسعى إلى قتل الوضوح والجرأة والسؤال والمغايرة، يسعى إلى فرض ثقافته وأخلاقه على جيل مختلف عنه يشاهد بعينيه أكثر مما يسمع بأذنيه.

إن ليلى المراكشي في فيلمها "ماروك" لم تتعمد تصوير فضائح أو إثارة رغبات الجمهور، إنها فقط بذلت جهدا في قذف نفسها إلى واقع حقيقي تحمله في داخلها، واقع مشترك، حقيقي وافتراضي، بينها وبين شخصيات الفيلم.

 

ولدت ليلى المراكشي بالدار البيضاء في العاشر من دجنبر 1975. "ماروك" هو فيلمها الطويل الأول، بعد أن أنجزت أفلاما قصيرة. تقول عنه: "أردت من خلال فيلمي الطويل الأول أن أتكلم عن أقوى مرحلة عشتها في حياتي: عمر الباكالوريا يصادف حرارة المراهقة وحرونتها؛ نكتشف جسدنا ونكتشف العالم، ونكون ممتلئين بالحيوية، بالتمرد، بالشكوك، بالرغبات والآمال. من خلال "غيثة" (بطلة الفيلم، مثلت الدور مرجانة العلوي) التي تحاول أن تذهب إلى أبعد الحدود، أردت أن أمرر رسالة تسامح وحرية. ما أحبه في السينما، هو التحاب والانفعال المتبادل، وهذا هو كل ما أتمنى أن أنقله إلى الجمهور. ما أنا متأكدة منه، هو أنني أنجزت هذا الفيلم بكثير من الشفافية والصدق."  

بوجمعة أشفري / achefrib@yahoo.fr

فراديس في 5 يونيو 2006

 

تحليل فيلمي... «ماروك» : مرآة ليلى وأقنعة الآخرين

عبد العالي دمياني 

بعيدا عن التشنج وأساليب تبادل الشتائم والتخوين والتكفير والرغبة في إقصاء الآخر تماما التي طبعت النقاش حول فيلم ليلى المراكشي ماروك، تعود هذه الورقة لفتح النقاش بأسلوب هادئ، عسانا نتذكر وسط «هذه المندبة» ان الأمر يتعلق فقط بفيلم سينمائي أولا وآخرا.

نجح فيلم «ماروك» للمخرجة الشابة ليلى المراكشي في الأيام الأولى من نزوله بقاعات العرض السينمائي بالمغرب، في تحطيم كل الأرقام القياسية التي يمكن لشريط سينمائي مغربي أن يحققها من حيث الإقبال الجماهيري. كما نجح في إثارة الانتباه إلى أن الفن قادر باستمرار على أن يكون بالفعل ذلك الحجر الصغير الذي في استطاعته تحريك ماء بركة آسنة بأكملها وإخراج رؤوس كل الثعابين السوداء من جحورها الآمنة. فمنذ عرضه الثاني بمهرجان طنجة للفيلم الوطني، لم يتوقف السجال الذي فجره الشريط، عن التناسل بين سدنة التقليد والأصوليين وبين دعاة الحداثة وأنصارها. سجال إديولوجي في معظمه، لم يعمل في العمق إلا على شحذ فضول الناس وإنضاج عملية استقبال الفيلم، والكشف عن حقيقة بعض السلوكات بعيدا عن الصورة المثالية للأفكار التي يختفي خلفها أصحابها، وتلك قدرة لا يمتلكها حقا إلا عمل فني اختار أن يشتغل بجرأة على مواضيع حساسة من صميم الوجود اليومي لمجتمع يعيش في معمعان التناقض والمفارقة وازدواجية القيم. الفيلم محاولة لتصوير واقع الحياة اليومية التي تعيشها شبيبة تنتمي إلى طبقة موغلة في الثراء، ورصد علاقتها بأقنومي الدين والجنس، مسترشدا من خلال العناصر الحكائية للسيناريو، بالخط الدرامي لعلاقة حب بين فتاة مسلمة تتهيأ للحصول على شهادة البكالوريا من "ليسي ليوطي" بالدار البيضاء وشاب يهودي مغربي. استهلت المخرجة شريطها، فيما يمكن اعتباره روح الفيلم ومناخه العام، بمشهد يصور حارس سيارات مسنا يصلي ليلا في مرآب قرب ملهى ليلي، حيث تظهر ليس بعيدا عنه بطلة الشريط غيثة مع شاب داخل إحدى هذه السيارات وهما يتبادلان القبلات، قبل أن يفاجئهما شرطي مستنكرا فعلهما بقوله «اش كا ديرو، مالكم في السويد!»، مفارقة ستلعب عليها المخرجة في أغلب مشاهد الفيلم إلى درجة جعلها العمود الفقري لخطاب الصورة، كاشفة عن تلك المسافة المضنية بين سلوك يجسد واقعا معيشا وبين موقف أخلاقي ينافق ذاته. فالأحداث كلها تدور في شهر رمضان، دون أن يظهر أثره الطقوسي في سلوك أبناء طبقة ليس لهم من اهتمام إلا البحث عن تحقيق تلك الملذات والرغائب الصغيرة التي تأخذ بألباب المراهقين والشباب، ولو بجرعة تمرد زائدة، وتظهر شخصية غيثة ممعنة في هذا التمرد، فهي، وبنوع من اللامبالاة، تخطر شبه عارية أمام شقيقها وهو يصلي، كما أنها لا تصوم رمضان وحين تعاتبها الخادمة (عائشة ماهماه) تتذرع دائما بأنها حائض، كما تقضي أغلب لياليها رفقة شلتها في الشرب والتدخين والرقص بالملاهي الليلية، أو بمعية عشيقها يوري الشاب اليهودي، الذي ستعيش معه أطوار مغامرة وجدانية مفتوحة على نداء الجسد، قبل أن تتكسر على صخرة الرفض العائلي لأسباب دينية لا تخلو من عنصرية وعدم تسامح، وتنتهي حكاية حبهما بموت مفجع ليوري في حادثة سير، ثم هجرة غيثة إلى كندا. قوة الفيلم، رغم تواضع السيناريو (حقيقة حاولت المخرجة التغلب عليها بجودة التصوير)، تكمن في تسليطه الضوء على جزء من حياة الطبقة الغنية دون أن يكون الهدف هو تبيان البون الشاسع الذي يفصلها عن الطبقات المسحوقة كما هو الأمر في الأفلام المغربية الأخرى، وتكمن أساسا في جرأته على إظهار القيم السائدة داخل هذه الطبقة في اصطدام بصورة محض شعائرية عن الدين، مع التركيز على جوانب الانفتاح الجنسي الذي تعيشه وطبيعة علاقاتها وخطابها التواصلي المشحون في أحايين عدة بالكلام النابي. ولعل أهم مشهد يلخص الفيلم، ذلك الذي واجهت فيه البطلة والدها وشقيقها عندما أرادا الحجر عليها فيما يخص علاقتها بيوري على خلفية أنه يهودي، وفاضحة نفاقهما الديني هما المتواطئان في جريمة قتل مرت بدون عقاب لأن السلطة كانت ولا تزال في مجتمعنا للمال والنفوذ. وكأننا بالمخرجة في كل هذا تقول «هاد الشي كاين..وأنا أدخلته إلى مرآة السينما لنرى جزء منا».. مرآة بالرغم من أنها لم تظهر إلا العشر من جبل الثلج، استطاعت حقا أن تخدش وجه البعض.

الأحداث المغربية في 28 مايو 2006

 

نفاش فني... عن "ماروك" مرة أخرى و أخيرة: الاستعانة بالأرقام للدفاع عن القمع

المختار لغزيوي 

ليس هناك ما هو أسوأ من الجهل، وليس هناك في الدنيا كلها ماهو أسوأ من الغباء. علتان ليس لهما دواء، وحاملهما يجد كل صعوبة الكون في التعايش مع الناس، بل ومع نفسه أساسا وقبل كل شيء، إذ يدفعانه أحيانا لمجرد الرغبة في إثبات خطأ لا يريد التراجع عنه إلى اعتناق ما يفهمه وما لا يفهمه من كلام ومن خلاصات ومن أرقام كيفما كان نوعها.

منذ أيام كتبت مجلة ذات سحب متوسط في فرنسا، وذات أثر متواضع في الميدان السينمائي لمن كان يتابع حقا الساحة الفنية الفرنسية هي مجلة "لوتيكنيسيان دي فيلم" عن أرقام توزيع فيلم "ماروك" في القاعات السينمائية الفرنسية. قالت المجلة إن الفيلم المغربي الذي أثار منتقدوه المغاربة ضجة كبرى حوله وصلت إلى حد نصب مشانق في الساحات والعقول العمومية لصاحبته، عرض في 24 قاعة سينمائية و لم يتجاوز رقم مشاهديه 30 ألف مشاهد. أصدقاؤنا من "عشاق ماروك" الذين انتقدوه سابقا لاعتبارات غير سينمائية، والذين يتلقفون مثل هذه الأمور بلامبالاة في الغالب الأعم، اهتموا بالخبر هذه المرة، وكتبوا على سبيل شماتة لم يستطيعوا إخفاءها، مؤكدين أن هذا الرقم الضعيف دليل على صحة ماقالوه عن "ماروك"، وهو طبعا كلام غير مبني على حق، بل هو الهذيان بعينه، فالرقم الذي أوردته المجلة لايعني شيئا إطلاقا، وهو لايغير من طبيعة النقاش الذي جرى حول "ماروك"، والذي لم يكن نقاشا سينمائيا على الإطلاق، ولايؤشر لشيء اللهم استمرار عقدتنا مما يكتبه حولنا أو عنا الأجانب، وهذا مشكل حقيقي يلزمه بعض الكلام حوله لئلا يمر مر الحق، وهو الباطل بكل تأكيد. كاتب هذه الأسطر شاهد فيلم "ماروك" أثناء عرضه الأول في مهرجان كان السينمائي الفارط، وأتذكر أن رأيي الأول حوله والذي كتبته في حينه في شهر ماي من سنة 2005 قبل مجيء الفيلم مرة أولى إلى المغرب في مهرجان الدار البيضاء الدولي في شهر يوليوز وهو الرأي الذي لم يتغير لحد الآن، هو أن "ماروك" محاولة سينمائية ساذجة تمتلك كشفاعة أساسية الجرأة على الحديث بلغة غير منافقة هي في النهاية لغة المغرب اليوم، لا لغة الذين يكتبون في الجرائد. وإذا كان هؤلاء الذين يكتبون في الجرائد اليوم عاجزين عن عيش المغرب مثلما هو اليوم، ويعتقدون أنه يجرح أحاسيسهم فماعليهم إلا بمزيد من الانغلاق على أنفسهم، ففي نهاية هذا الانغلاق قد يجدون راحتهم بكل تأكيد. وزدت فقلت إن "ماروك" هو صرخة قبل فوات الأوان، وجعلت هذه العبارة عنوان ماكتبته عن الفيلم في الجنوب الفرنسي حـينها. كان قربنا في قاعة بونويل السينمائية التي احتضنت عرض "ماروك" خلال مهرجان كان صحافيون مصريون وتونسيون وجزائروين، وبعض الفرنسيين. وأتذكر أن زميلا مصريا أتى عندي بعد نهاية الفيلم لكي يقول "حاجة كدة وبس"، قبل أن يضيف "بس المخرجة جريئة جراءة". الموقف ذاته عبرت له لزميل مغربي كان معنا في "كان" العام الفارط لصالح جريدة "الصحراء المغربية" تحمس كثيرا للفيلم، حين عبرت له عن امتعاضي من الكليشيهات الكثيرة الموجودة في العمل، وقلت له "لو نقصت قليلا من الكليشيهات وزادت قليلا من السينما لكان الفيلم أفضل". كل هذا الكلام لتوضيح أن لاأحد قال في أي فترة من فترات مناقشة العمل سينمائيا - وهي مناقشة لايستطيعها كثير ممن يكتبون حول السينما في بلدي، وهذه "بوحدها" مثلما يقول المغاربة - إن الأمر يتعلق ب"سيتيزن كين" أو ب"ذهب مع الريح"، أو ب"دائرة الشعراء المفقودين"، أو برائعة سينمائية عالمية لم يسبق إليها أحد. كل المعتدلين الذي ناقشوا العمل سينمائيا - أكرر سينمائيا - قالوا إنه محاولة مبتدئة، وهنا لامشكل مع انتقاد العمل، لأن أي عمل إبداعي يخرج إلى الناس لكي يعبروا عن رأيهم فيه. لكن الانتقاد شيء وماتـعرض له العــمـل شيء آخر. ما لن يزيله أحد من أذهاننا هو أن ماتعرض له العمل جريمة حقيقية، وديكتاتورية لايمكن لمن كان مؤمنا بحرية التعبير والتفكير إلا أن يعارضها بشدة. لايمكن أن نقبل بأن يقول أحدهم إن ليلى مراكشي أساءت للإسلام وللمغرب بفيلمها هذا. لايمكن أن نقبل أن يقول أحدهم إن ليلى مراكشي ألعوبة في يد الصهيونية العالمية ـلاحول ولا قوة إلا بالله - لايمكن أن نقبل بأن يقول أحدهم إن الفيلم ليس مغربيا ومخرجته ليست من هذا البلد. لانقبل بأن يقول أحدهم إن اليهود "نكحونا" في الفيلم مثلما ينكحوننا في الحقيقة. لانقبل بقية الترهات التي قيلت من هذا القبيل، وماعدا ذلك الساحة والميدان النقديان السينمائيان فارغان في هذا البلد، وما أحوجنا فعلا لمن يكتب لنا محللا الأفلام منتقدا شكل صنعها وطريقة هذا الصنع، مستعينا بلغة السينما، متوسلا بالتحليل النقدي الفعلي. ماأحوجنا فعلا لأن الساحة في البلد المسكين خالية، وليس النقد السينمائي بدعا في هذا الأمر، بل هو فقط تأكيد للفراغ الموجود في بقية الساحات والذي يمنح الفقاعات فرصة التألق والتسلطن، ويذهب بالأصيليين إلى عمق الظل لكي يبقوا بعيدا يتفرجون على أناس يمضون الوقت عادة في الحديث عن أشياء لايفهمون فيها - وحق سيدي ربي - إلا الشيء القليل، بل والقليل جدا جدا.

الأحداث المغربية في 23 أبريل 2006

 

سينماتك

 

مني زكي‏..‏ تعيش أسعد لحظاتها الفنية

تجمعني بالسقا كيميا خاصة في العمل

أجرت الحديث ـ زينب هاشم

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك