«فلسطين هي حلم جميل بالنسبة إليهم وواقع مر بالنسبة إلينا» يكتشف المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عند احتكاكه الأول بأبناء وطنه خارج حدود هذا الوطن، حينما خرج من فلسطين ودخل المخيمات المنتشرة في الأردن وسورية ولبنان.

في فيلمه الأخير «الانتظار»، تبدو فلسطين في مخيلة سكان المخيمات الحلم النائي، الصورة الثابتة التي توقفت في الذاكرة عند عام 1948. ويبدو السكان في انتظارهم الطويل مثابرين على الأمل في العودة، حتى لو تطلب الأمر الوقوف أمام العدسة والتمثيل. فالشريط يسرد على طريقة «الرود موفي» قصة مشروع إنجاز مسرح «وطني» فلسطيني في غزة، ويتم تكليف مخرج منها بمهمة التنقل بين المخيمات الفلسطينية في ثلاث دول عربية بهدف استقدام ممثلين يساهمون في هذا المشروع كي تتحقق له الصبغة «الوطنية» بجمعه من في الداخل مع من في الخارج.

رشيد مشهراوي قام بإنجاز أفلام وثائقية وروائية عدة (حيفا، ممنوع التجول، دار ودوار وأيام طويلة في غزة)، وسبق لفيلمه «الانتظار» أن شارك في مهرجان البندقية. التقيناه بمناسبة عرض العمل في الصالات الفرنسية.

·         فلسطين كما شعرنا بها من خلال العمل، هي فردوس اللاجئين، فهل هي كذلك في عيون المقيمين؟

- حين التقيت للمرة الأولى بالفلسطينيين خارج فلسطين التي ولدت وعشت فيها، أحسست أنني أراها من جديد من خلال عيونهم. كم كانت جميلة! هي في نظرهم مدن كبرى: يافا، حيفا، عكا. هي أشياء لا نعيشها. ما نحياه نحن هو الجدار، المستوطنات... أما هم، فلم يدخلوا خضم الممارسات اليومية فيها. توقفت الذاكرة لديهم عند 1948. فلسطين تشكل حلماً جميلاً لهم وواقعاً مراً لنا.

قريباً من فلسطين

·         يبدو اللاجئون قضية الفيلم الرئيسة، هل صنعت العمل لأجلهم؟

- هم يقربونني من فلسطين. سمعت منهم كماً هائلاً من الحكايات وكل واحدة تصلح عملاً... أردت التعامل هنا مع موضوع اللاجئين من حيث ارتباطهم بفكرة الانتظار وإظهار العبث والسخرية. ثمة مشروع وهو المسرح الوطني. من هم هؤلاء الفلسطينيون الذين يودون المشاركة فيه، أين هم، وهل يرغبون بالعودة؟ وما هي ردود أفعالهم لو طلب منهم الانتظار أكثر؟

في هذا العمل ثمة مساحة للوثائقي، فقد كان في مقدوري تصوير كل المخيمات في مخيم واحد، ولا سيما أنها متشابهة في ما بينها شكلياً. بيد أنني رغبت في تصويرها وتصوير اللاجئين في كل بلد على حدة لإظهار الجو العام في المخيمات. ما يهمني حقاً هو الوثيقة في حد ذاتها عن كل مخيم...

·         لكن هذا الظهور الذي قد يكون كافياً لعمل روائي، قد لا يعتبر كذلك كوثيقة من جهة أنه لم يبرز المخيمات والحياة فيها.

- تابعت الفيلم كعمل روائي ولم أرد التركيز على الناحية الوثائقية، فليست هي موضوع الشريط. الفيلم من فلسطين وإليها وهو مشروع «وطني» للجميع. إنه عن فلسطين ويتعامل مع حق العودة. أستطيع القول إنه فيلم عن اللاجئين، ولكن لا أضع نقطة بعدها. لأنه لو كان كذلك لابتعدت عن المحور الرئيس وهو فكرة إقامة المسرح «الوطني».

رأى البعض في الفيلم سخرية سوداء وآخرون اعتبروه فيلماً عن اللاجئين أو أنه يطرح أسئلة عن المستقبل. ما يهمني هو تجسيد اللاجئين كأشخاص لأنهم دائماً أرقام في المفاوضات ولدي شعور بأن العالم لا يعرف عددهم وحجم مشكلتهم ولكن عندما يسمعهم سيختلف الأمر. كان ظهور ذلك في الفيلم مهماً لي. لقد أصبحت المخيمات وضعاً مسلماً به، جزءاً من تركيب المدينة، ورقة سياسية. وهذا وضع غير عادي. ترك أهلي يافا وفي نيتهم العودة بعد أربعة أسابيع! إنهم في حال انتظار منذ 55 سنة. ممنوع أن نعتاد على هذا ونعتبره أمراً واقعاً، غير مسموح لنا بذلك.

·         هل يمكن فصل السياسة عن الفيلم الفلسطيني؟ ألا تخشى من طغيان الأهمية السياسية للفيلم على الأهمية الفنية؟

- أحياناً. ثمة صراع حين يكون لديك الحلم بعمل فيلم سينمائي، عربي، فلسطيني، يتعامل مع القضية. فينعكس هذا الحلم ويبدأ من حيث انتهى! أي يصبح سياسياً قبل كل شيء. بيد أنني أتفهم الدوافع التي تقود الناس الى هذا. إنما نلمس حالياً تغييراً واضحاً في هذا التوجه، صحيح انه بطيء، لكن مشروعنا السينمائي كفن ولغة سينمائية سائر في طريقه مع إيليا سليمان وهاني أبو أسعد...

في حقيقة الأمر لا يمكن فصل الفيلم الفلسطيني عن السياسة مهما فعلنا وبخاصة إذا صور هناك. إنما تبقى المشكلة الأساسية وهي: طالما أن السياسة حاضرة بقوة فلا يجب إقحامها أكثر. هي موجودة. حتى في فيلم يروي قصة حب، هناك الحاجز والكتابات في الشارع، وشقيق العاشق الذي ربما يكون سجيناً... يمكن عمل حكايات فلسطينية، سينما فلسطينية فيها لغة سينمائية تعمل على تطوير الأدوات والتجريب، وهذا يساعد الفلسطينيين أكثر من السياسة، لأنه تشديد على الهوية الثقافية.

جزء من الحالة

·         والفنان الفلسطيني... ألا يشعر بالضيق من التركيز السياسي على فنه السينمائي؟

- أنا جزء من الحال، لا أتضايق منها ولكنني لا أسلم. أحاول أن تكون السينما فعلاً وليس رد فعل على الممارسات الإسرائيلية. هذا الطابع السياسي حين يزول ستظهر على السطح مشكلات كثيرة ومواضيع عدة: الفساد، المرأة، الأطفال... والحياة اليومية. نحن ممنوع علينا ذلك. كل شيء موجه نحو ممارسات الاحتلال، وكونك مخرجاً فلسطينياً يذكر بالسياسة، ثمة صورة مكونة عنك. في مصر مثلاً، تقرر عرض فيلم وثائقي لي وحين نطق اسم «فلسطين» ضجت القاعة بالتصفيق. قلت نحن لسنا أبطالاً، ولم نختر الوضع الذي نحن عليه ونريد العيش في دولة مثلكم. لكن، أعتقد بأن عجز الحكومات العربية عن فعل شيء يدعو الشعب للتعويض عن هذا العجز، إنما لا أريد أن نكون المتنفس. أريد أن يعطي الناس الفرصة للفيلم وليس تحقيق احتياجاتهم أو تأكيد أفكارهم المسبقة. وهذا يأخذ وقتاً، إنه يتم لكن ببطء. أكره أن تحب أفلامي لأنني فلسطيني تحت الاحتلال. ارحمونا من هذا الحب!

·         هل أردت إبراز المنحى الإنساني لشخصياتك بعيداً من السياسة؟

- أطلب من السينما ألا تطرح الفلسطيني كضحية فقط من دون أن تقول من هو، ما تاريخه، وهل يعزف الموسيقى مثلاً؟ هذا لئلا يبقى ضحية. الأفلام التي تصرف ملايين الدولارات لتبين في النهاية أن الفلسطيني إنسان اعتبرها إهانة. الفلسطيني إنسان قبل أن يبدأ الفيلم. ثمة بديهيات نجد أنفسنا بحاجة الى إثباتها من كثرة الضغط المسلط علينا. وكل هذا له علاقة بالخطاب السينمائي الفلسطيني. أحاول من خلال الفن السينمائي تطوير أفكار كتلك. وأي فيلم فلسطيني لا توجد فيه إسرائيل سيكون قوياً لأنه سيبين أن الفلسطيني موجود.

·         هل أردت توجيه الانتقاد الى أحد في الفيلم؟

- في شكل عام الى الدول العربية. الأردن مثلاً بلد جميل ونظيف إلا في المخيمات. ثمة انتقاد أيضاً لبعض الفلسطينيين الذي كان ينظر إليه على أنه «المخلص» ولم يكن. أي كما يقال «فكرنا الباشا باشا وطلع الباشا زلمي». ويجسد ذلك في الفيلم والد بيسان «المناضل» الذي أرسل عائلته إلى غزة وبقي هو في لبنان ليتزوج! نحن فلسطينيو الداخل علّقنا آمالا كبيرة على فلسطينيي الخارج، في لبنان وتونس... أردت أن أبين من هم هؤلاء. إنه نقد لشرائح لم تكن مخلصة.

الحياة اللبنانية في 2 يونيو 2006

 

بعد تكريمها في المهرجان القومي المصري للسينما...

حُسن شاه: كنت سبباً في تغيير قانون الاحوال الشخصية

القاهرة - عصام السيد 

شهرتها كصحافية تتفوق على شهرتها كمؤلفة سينمائية، فمشوارها السينمائي لا يتجاوز ستة أفلام إلا أنها استطاعت من خلالها أن تعبر عن نفسها مؤلفة جادة تجيد تصوير مشاكل المجتمع الذي تعيش فيه. وخلال الاعمال التي قدمتها لم تكتف حُسن شاه بطرح المشكلة من بعيد، كما يفعل غيرها من المؤلفين وانما تعيش داخل المشكلة كأنها تجربة شخصية خاصة بها. من بين أعمالها التي قدمتها قصة فيلم «أريد حلاً» الذي أدى الى تغيير بعض مواد قانون الاحوال الشخصية، كما أنه كان أول عمل درامي يتناول قانون الخلع.

هي الكاتبة حُسن شاه التي كرمها المهرجان القومي للسينما عن أعمالها الفنية. عن شعورها بعد تكريمها قالت التكريم يكون دائماً امراً جميلاً في حياة أي إنسان وأنا في عملي الصحافي أو في أفلامي القليلة التي قدمتها حاولت أن أقول كلمة صادقة لمصلحة المجتمع الذي أعيش فيه، وأفلامي القليلة كان لها تأثير، فبعد أن قدمت فيلم «أريد حلاً» فكرت الحكومة المصرية في تغيير بعض قوانين الأحوال الشخصية، وكان أول عمل درامي يتناول قضية الخلع التي تم التعتيم عليها لمدة 14 قرناً، فالخلع ذكر في القرآن الكريم وأنا نبهت الى هذا، وهذا القانون أنقذ سيدات كثيرات ومنهن الشخصية التي استعرتها في الفيلم والتي ظلت لمدة 12عاماً داخل المحاكم. وقد أخذت قصة الفيلم عن تجربة واقعية لإحدى السيدات ويكفيني أنني كنت سبباً في تغيير قانون الأحوال الشخصية».

صحافية أولاً

·     أعمالك السينمائية قليلة ولا تتجاوز ستة أفلام فهل انشغالك بالعمل الصحافي هو الذي أبعدك من التفرغ للسينما أم هناك أسباب أخرى؟

- الصحافة هي التي أخذتني من السينما، وأنا اعتبر نفسي في البداية صحافية وبعد ذلك أي شيء آخر. عندما التحقت بالمعهد العالي للسينما لم أكن أفكر في احتراف الكتابة السينمائية، التحقت بالمعهد بسبب حبي للنقد السينمائي وكنت الأولى على الدفعة. وقام ببطولة فيلم التخرج الذي قدمته، شادية وكمال الشناوي وأحمد مظهر وشكري سرحان ومدة الفيلم 25 دقيقة. وقد اعتذر بعض الفنانين عن عدم المشاركة، وكانوا أقل نجومية من الابطال الذين قدموه وكان سبب اعتذارهم انه عمل من دون أجر ولن يعرض على الجمهور. وكانت تربطني صلة قوية بالفنانة شادية التي رحبت على الفور، ووقتها كانت تقوم بتصوير فيلم مع المخرج اشرف فهمي وطلبت اجازة من تصوير ذلك الفيلم كي تقوم بدورها في فيلم «موقف»، مشروع التخرج الخاص بي، والنجوم الذين قاموا ببطولة الفيلم لم يكونوا ينظرون الى المقابل المادي بقدر اعجابهم بالفكرة».

·         كيف جاء تحولك من صحافية وناقدة سينمائية الى مؤلفة؟

- الفضل في هذا يعود للفنانة فاتن حمامة فهي التي اقترحت عليّ تقديم فيلم «أريد حلاً» عندما كنت أزورها في منزلها. فهي زميلة دراسة، وعندما فكرنا في فكرة الفيلم اقترحت عليّ تناول قانون الاحوال الشخصية وبعد الانتهاء من كتابة السيناريو رفضه أكثر من منتج بحجة أنه عمل واقعي، إلا أن فاتن حمامة أصرت على خروج الفيلم للنور وتصدى لانتاجه الفنان صلاح ذو الفقار.

·         النجاح الذي حققه فيلم «أريد حلاً» والصدى الذي أحدثه ألم يجعلك تفكرين في التفرغ للكتابة السينمائية؟

- النجاح الذي حققه الفيلم لم يغرني بالتفرغ للسينما فالصحافة تجري في دمي. لو تفرغت للسينما لأصبحت مليونيرة لكن أتمنى أن أموت والقلم في يدي، ورحلتي الصحافية كانت ممتعة الى أقصى درجة اذ قابلت شخصيات مؤثرة لم أكن أحلم بلقائها. الصحافة هي التي وفرت لي هذا.

·         آخر أفلامك السينمائية كان «القتل اللذيذ» الذي قدم قبل خمس سنوات فما سبب ابتعادك من السينما خلال السنوات الماضية؟

- السينما لم تعد تناسبني بما يقدم فيها حالياً من أفلام هزيلة وهابطة وسخيفة ان أكثر المخرجين موهبة يجلسون من دون عمل.. اين سعيد مرزوق وداود عبد السيد وخيري بشارة ومحمد خان أنا؟ عندما اريد أن أتناول أحد المواضيع اقدمها في باب اريد حلاً الذي أقدمه في صحيفة «الأخبار».

·         ألا يوجد موضوع يستفزك لكتابته سينمائياً؟

- الوقت غير مناسب لتقديم أي أعمال على شاشة السينما وعندما يأتي إلي أحد المنتجين الجادين ويطلب مني فيلماً سأكتب له، فأنا لا أعرض أعمالي على أحد ومن يريدني أن أكتب له عليه ان يأتي اليّ ويلح في طلبه، وأفلامي التي قدمتها كتبتها، بناءً على طلب مخرجيها والمنتجين.

الحياة اللبنانية في 2 يونيو 2006

مهرجان السينما السورية في نيويورك

لا يســـحــقـــونــــنـا لأنــــنـا حـشــــرات

نيويورك – من جو معكرون:  

تحت عنوان "الطريق الى دمشق: اكتشاف السينما السورية"، كان الجمهور النيويوركي على موعد أخيراً مع 30 فيلماً سورياً من بداية السبعينات حتى اليوم، بمبادرة مشتركة بين "مركز لينكولن لمجتمع الافلام" و"فن الشرق" في مسرح "والترر ريد" في المركز المذكور. هذا المهرجان هو الاول من نوعه بالنسبة الى السينما السورية في الولايات المتحدة، وكان مناسبة لتكريم المخرج السوري عمر اميرالاي الذي صدح توقيعه البصري عن سد الفرات، "السوريون نقطة في بحر... لا يوجد بحيرة بعد الآن".

وأوضح مدير برنامج السينما في مركز لينكولن، ريتشارد بينا، لـ "النهار" أنه لم تحصل أي متابعة من الجانب السوري، بعد اجتماع اللجنة التنظيمية مع وزارة الثقافة السورية والاعلان عن المهرجان، وأن عملية تأمين نسخ جديدة للافلام المعروضة واجهت مخاضاً عسيراً يشبه العلاقة الاميركية - السورية اليوم. وعانى الوفد السوري الأمرين قبل حصوله على تأشيرات الدخول الى الولايات المتحدة، وكان على البعض الانتظار لأكثر من ثلاث ساعات في قاعة التسجيل في مطار جون كينيدي. حجم الحضور في المهرجان كان متواضعاً نسبياً، مع غياب خطة ترويجية وتمويل محدود، فيما بقي الجمهور النيويوركي غريباً عن شؤون العالم السوري وشجونه.

شارك كل من المخرجين عمر اميرالاي واسامة محمد في ندوة عن "السينما السورية اليوم وغداً"، قال اميرالاي فيها ان من حق الحضور التعجب كيف يتمكن السينمائيون السوريون من انتاج افلام معارضة في ظل سلطة قمعية، ورأى ان النظام "يحتقر الثقافة والفن بعمق. يعتبروننا حشرات، لذا هم لا يسحقون الحشرات". واشار الى ان المثقف لا يُعتقل من اجل قصيدة كتبها أو بسبب رواية بل لأفكاره أو اجتماعاته السياسية: "نحلم باليوم الذي نُعتقل فيه من اجل اعمالنا الفنية، لأن هذا يعني تطوّر النظام". وتحفظ اميرالاي عن فكرة وجود سينما عربية بالمطلق، بسبب التنوع الذي فيها، وعبّر عن توقه الى يوم يتم الحديث فيه عن اسماء معيّنة وليس عن منطقة بأكملها. وقال انه يشعر بالعار من النخب الغربية، الى اي جهة سياسية أنتمت، وبغض النظر عن نياتها، التي تشكك في كل صوت شجاع يدافع عن نفسه في العالم العربي وتربطه بعوامل خارجية. وذكر انه تعلّم السينما بالممارسة وانه تأثر بالمدرسة الروسية.    

كشف اميرالاي عن مشروع يساهم في اطلاقه كمبادرة لتشجيع الطاقات الشابة في المجال السينمائي للتعبير عن واقعها. ورأى ان لدى الشباب رغبة في صناعة الصور، لافتاً الى أن هذا المشروع يعطيهم هذه الفرصة، لكنه لا يعرف مدى جدية الافكار التي سيطرحها هؤلاء الشباب. سيبدأ المشروع في عام 2008، وهو عبارة عن معهد عربي للسينما لتعليم كل مهارات الصناعة، يتألف برنامجه الاكاديمي من فصلين دراسيين ويخصص لمن هم في بداية مسيرتهم الاحترافية وليس للهواة. وذكر ان المعهد سيستقبل 12 طالباُ في كل فصل من الجنسيات المصرية والسورية واللبنانية والاردنية والفلسطينية فقط، مقره في عمان نظراً الى مركزية موقعها لتنقل طلاب الدول المجاورة. وقال ان التمويل يأتي من وزارة الخارجية الدانماركية عبر معهد السينما الوطني، ومعظم الاساتذة من الدانمارك ايضاً نظراً الى خبراتهم في هذا المجال، بالاضافة الى مشاركة اميرالاي والمخرج الفلسطيني ميشال خليفي والدكتور هشام بزري.

من جهته، رأى اسامة محمد ان السينما السورية تنتجها الدولة لكنها مستقلة بمفرداتها، ولديها مسار سياسي وانتقادي حيال السلطة. وذكر انه درس السينما في موسكو، وانه يقوم بأبحاثه الشخصية وليس لديه حسابات السوق أو الرقابة عند تحضير العمل: "نحن مسيّسون لأننا سوريون ولأنها سوريا، واصبحنا جزءاً من المعارضة لأننا صادقون مع أنفسنا ومع مجتمعاتنا".  وقال ان وصول الرئيس بشار الاسد الى الحكم، رافقته تغييرات على مستوى الادارة العامة، أتت بشباب لديهم طاقة اكبر على الفساد من الطقم القديم. واعتبر انه لا يوجد قوانين سينمائية في سوريا، وان ما يحكم هذه الصناعة هو قانون الطوارئ. وتحدث عن فيلمه "صندوق الدنيا" الذي قال انه عن خيال السلطة السياسية في المجتمع، وتتقاطع شخصياته مع صورة القائد الاعلى. وروى كيف كانت الساحة العامة في دمشق مليئة بلافتات الحركة التصحيحية خلال تصوير اللقطة الاخيرة من الفيلم، فتوجه طاقم العمل في الرابعة صباحاً الى الموقع وتم رفع هذه اللافتات ووضع مكانها صور المطرب في الفيلم، بما يشبه الانقلاب السياسي على حد قوله، وذلك قبل استيقاظ الاجهزة الامنية. واعتبر محمد ان السينما المصرية تخضع لرقابة الجمهور وأن السينمائيين لا يُحسدون على هذا، لأنهم يعرضون مشاهد متشابهة لبيع التذاكر. واضاف ان السينما السورية في المقابل متحررة من كل ارتباط بالجمهور بسبب توجيه الدولة. واشار الى غياب الثقة بين السينمائي والسلطة، وان بعض الاطراف المتفهمين داخل المؤسسة العامة للسينما يساعدون المخرج على تجاوز الرقابة في ادارة عامة فاسدة تعتبر كل تمويل غربي نوعاً من الاعتداء على دمشق، على حد قوله.

قدمت السينما السورية بدون شك نمطاً بصرياً عبّر عن واقعها، لكنها بدت من نيويورك كأنها معزولة، وتحتاج الى التحرر من عقال المؤسسة العامة للسينما لتبني علاقة متجددة مع القطاع الخاص والجمهور السوري مع المحافظة على جوهر مفرداتها والانفتاح على المقاربات السينمائية الاخرى. بدأ الانتاج السوري فعلياً في عام 1928 من خلال "المتهم البريء" الذي منعته السلطات الفرنسية. وتولى القطاع الخاص عملية الانتاج السينمائي حتى انشاء المؤسسة العامة للسينما في عام 1963. باكورة رعاية الدولة لهذه الصناعة كان عمل المخرج اليوغوسلافي بوشكو فوتشينيتش، "سائق الشاحنة"، الذي رسم مسار السينما السورية من ناحية الصورة والمضمون والارتباط بالواقع. ولا يزال المخرج السوري حتى اليوم بطل افلامه، لا يشاركه أحد هذه النجومية، في سياق تيار ما يسمّى "سينما المؤلف"، على ما يقول بشار ابرهيم في كتابه الاخير عن السينما السورية. كانت الشخصانية واضحة في كلام اميرالاي ومحمد. المخرج هو محرك الصور والنص والشخصيات، بدون الارتكاز في الضرورة على النص أو الممثل أو الموسيقى.

المهرجان ثمرة جهود مديرة السينما في "فن الشرق" رشا سلطي وريتشارد بينا من مركز لينكولن، وسيتابع جولته في بعض المدن الاميركية والكندية استمراراً لمبادرة "فن الشرق" حول السينما السورية. ابرز الافلام التي عرضت، "محاولة عن سد الفرات"، "الحياة اليومية في قرية سورية"، "الدجاج"، "طوفان في بلاد البعث"، "طبق السردين"، "اشياء كثيرة كان يمكن ان يتحدث عنها المرء" لعمر اميرالاي، "نجوم الظهر"، "صندوق الدنيا"، "خطوة خطوة" لأسامة محمد، "تراب الغرباء" لسمير زكرى، "ليالي ابن آوى"، "ما يطلبه المستمعون" لعبد اللطيف عبد الحميد، "نور وظلال" لمحمد ملص واسامة محمد وعمر اميرالاي، "احلام المدينة"، "باب المقام"، "الليل"، "المنام" لمحمد ملص، "الكومبارس" لنبيل المالح، و"المخدوعون" لتوفيق صالح.

النهار اللبنانية في 2 يونيو 2006

 

أفلام عربية بلا دبلجة في مهرجان استوكهولم الخريفي

استوكهولم – قاسم حمادي 

بعد ان كرم مهرجان استوكهولم السينمائي الدولي دولاً وحضارات بعيدة مثل الصين والهند ودول اميركا الجنوبية، تفتح ادارة المهرجان لهذا العام ابوابها امام العالم العربي بعد ان قررت تسليط اضواء المهرجان الذي يجري بين 16 و26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 على الافلام العربية تحت عنوان «سبوتلايت ارابيكا». وأعلنت ادارة المهرجان انها اختارت عدداً من الافلام العربية المعروفة على الصعيدين العالمي والعربي لتقدمها خلال فترة المهرجان الذي من المتوقع ان يحضره اكثر من مئة الف زائر حيث ستقدم معظم الافلام في دور عرض سينمائية في العاصمة السويدية استوكهولم.

وشرحت مديرة المهرجان غيت شوينيوس لـ «الحياة» ان الادارة اختارت العالم العربي ليكون العنوان العريض لهذا العام «لأن هذه المنطقة من عالمنا تمكنت في السنوات الاخيرة من الارتقاء الى الانتاج السينمائي العالمي كما انها منطقة لم تأخذ حقها الطبيعي في المهرجانات السنمائية العالمية. نعم هناك مهرجانات سينمائية ضيقة ولكن على مستوى دولي لم يعط احد حتى الآن العالم العربي حقه».

وأشارت غيت الى ان ادارة المهرجان غير مسيسة في اختيار عناوين مهرجاناتها ولكن «عندما تفهم الثقافات بعضها بعضاً يصبح من السهل حل الامور السياسية المعقدة. نحن نعرف ان الثقافة العربية بعد 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وضعت في الظل ولكن نتمنى من خلال إلقاء الضوء على السينما العربية ان نساهم في نشر وعي ايجابي عن الثقافة العربية».

وأضافت غيت ان موضوع التطرق الى الافلام العربية في مهرجان استوكهولم الدولي كان مطروحاً منذ سنوات ولكن «وجدنا الآن ان الظروف مناسبة خاصة ان هناك افلاماً عربية ناضجة وتستحق ان تعرض للجمهور الدولي بخاصة انها تطرح مواضيع نقدية للمجتمعات العربية لم تطرح من قبل».

ومن بين الافلام التي كشفت عنها ادارة المهرجان فيلم «عمارة يعقوبيان» الذي اصبح معروفاً لدى المشاهد العربي. وقيّمت ادارة المهرجان الفيلم معتبرة اياه الفيلم «الأكثر كلفة في تاريخ السينما المصرية».

ومصر التي تتمتع بمكانة خاصة لدى السويديين ليست الدولة الوحيدة التي ستسلط عليها اضواء المهرجان، حيث ستنال دول المغرب العربي، التي شاركت في معظم دورات المهرجان في السنوات الماضية، حصة وفيرة من الافلام ايضاً. وستتمثل بالفيلم السياسي «بركات» للمخرجة الفرنسية من اصل جزائري جميلة صحراوي، وتدور احداث الفيلم في قرية جزائرية ساحلية في فترة التسعينات ويروي قصة طبيبة الطوارئ امل التي يخطف زوجها الصحافي مراد على يد عناصر مسلحة اسلامية. وتقرر امل البحث عنه وتساعدها في ذلك الستينية خديجة التي شاركت في حرب التحرير ضد الاحتلال الفرنسي. نال الفيلم شهرة واسعة في فرنسا وعدد من الدول الاوروبية الا انه لم ينل حقه من العرض في الدول العربية.

اما المغرب فلم يغب عن المهرجان ومن الافلام التي ستبرز خلال فترات العرض فيلم «أبواب الجنة» من اخراج الاخوين عماد وسهيل نوري. وقالت مديرة المهرجان غيت «هناك افلام اخرى قيد البحث». ومن المتوقع ان يزور مهرجان هذا العام اكثر من 100 مخرج من دول العالم المختلفة.

ومن المعروف ان زيارة المخرجين العالميين للمهرجان تشجع جمهوراً كبيراً من مختلف الاعمار للمشاركة والحضور بكثافة.

وتقول غيت «العمر الوسطي لجمهورنا 28 سنة وهو جمهور مثقف وعلى اطلاع كبير على شؤون السينما العالمية وأخبارها. والذي يميزنا عن بقية المهرجانات السينمائية الاوروبية الاخرى اننا لا ندبلج الفيلم بل نتركه بلغته الاصلية لأن جمهورنا يحب ان يسمع اللغات الاخرى».

جمهور يزداد عدداً

هذه هي المرة الاولى التي يدخل فيها الفيلم العربي الى اكبر مهرجان افلام دولي في شمال اوروبا من اوسع ابوابه. ومن المتوقع ان يجذب عنوان المهرجان جمهوراً كبيراً يتوق الى معرفة المزيد عن منطقة ارتبط اسمها بالعنف والحروب.

وتشير غيت الى ان «هناك دراسات تقول ان جمهور دور السينما تراجع في السنوات الاخيرة لمصلحة الاقراص المدمجة. ولكن جمهور مهرجانات الافلام في ازدياد مستمر بخاصة ان مهرجانات الافلام تخطت لونها كمهرجان لعرض الافلام فقط واصبحت مهرجاناً ثقافياً كبيراً يأتي الناس اليه للتلاقي وتبادل الأفكار. ونتوقع ان يستقطب عنوان مهرجان العام المزيد من الرواد».

وجرت العادة في السنوات السابقة ان تعرض الافلام في دور السينما الموجودة في وسط العاصمة استوكهولم. ولكن هذا العام اختارت ادارة المهرجان عرض الكثير من الافلام في ضواحي العاصمة حيث يعيش الكثير من الاقليات الاجنبية ومن بينها المهاجرون العرب.

الحياة اللبنانية في 2 يونيو 2006

 

سينماتك

 

فيلمه «الانتظار» يبدأ رحلته من مهرجان الى آخر...

رشيد مشهراوي: ارحمونا من هذا الحب

باريس – ندى الأزهري

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك