قلة هم الذين دأبوا على الكتابة عن السينما السوداء ومن بين هذه القلة القليلة يبرز اسم المخرج "جريفيس" الذي قدم للسينما رائعته الشهيرة "مولد أمة" الذي رسخ للغة سينمائية جديدة معالجا مفهوم العنصرية بجميع أشكالها ، لقد كان الجو العام في هوليوود في تلك الحقبة لا يسمح الا بانتاج عدد من الافلام تعالج المشاكل التي تتعرض لها الجماعات والاقليات السوداء ، التي تنتمي الى جذور افريقية ، واذا كان الامر يتعلق بعدد من الأفراد ، فقد تولى مجموعة من رجال الاعمال السود حينذاك انتاج عدد من الافلام التي تقدم رسالة سينمائية خاصة وذلك منذ مطلع عام 1915 وقد أحرزت تلك الافلام سلسلة نجاحات متصلة محطمة الارقام القياسية ولازالت تلك الافلام محفورة في ذاكرة المشاهد حتى يومنا هذا . بعد مرور سنوات قليلة تولى وكيل اعلامي ينتمي الى أصول افريقة في شيكاغو يدعى "ويليام فوست" انتاج فيلم " “The Pullman Porter ويعتبر أول فيلم يتألف من طاقم ممثلين جميعهم من السود ، لقد بدأ فوست عمله في تأسيس شركة للانتاج الاميركي-الافريقي المشترك ، بادئا تولى أنتج عدد من الافلام القصيرة ، ذات المضامين التجارية ثم انتقل الى انتاج الافلام الطويلة مثل فيلم " “Celluloid Mavericks في غضون سنوات قلائل تطور الانتاج السينمائي بعد أن تحاوز مرحلة الكساد الاقتصادي لكنه بقي متذبذبا مابين مد وجزر ، بعد ذلك برزت أسماء لامعة في الانتاج السينمائي مثل ايمي سكوت، ترك بصمة واضحة في هوليود حيث مرت اميركا بمتغيرات سياسية واقتصادية عديدة ، لعبت دورا في الخطاب السينمائي ، خلاصات من أحلام في صورة أفلام ، حيث كانت المشاهد مشوقة لها ارتباط بالواقع المعاش للمواطن الاسود ثم توالت الاعمال على هذا المنوال ، استطاعت لمس أعماق الفرد الزنجي ، انسان لا يختلف عن بقية البشر مفعم بالاحاسيس والموهبة والذكاء . نستطيع أن نطلق على القرن العشرين بأنه عصر ازدهار الأدب الاميركي –الافريقي وكذلك الفنون بجميع أشكالها مثل موسيقى الجاز وغيرها . واذا عدنا الى تاريخ السينما الامريكية-الافريقية ، سنرى ظواهر تتسم بالمفارقة ، لقد بدأت تلك السينما في قالبها الحديد في منتصف العشرينات من القرن الماضي ، مثل فيلم "أكريزمان" وفيلم " وشاح العار" كأفضل فيلم ولانستطيع نسيان الفيلم الشهير "عبر بوابتنا" للمخرج أوسكار مايشوكس ،الذي ترك بصمة هامة في تاريخ الافلام السيمية تولى اخراجه رجل زنجي ، يكتب روايات أفلامه بنفسه ، حاول جاهدا الارتقاء بالسينما الافريقية الى مراتب متقدمة رغم الصعوبات والعثرات ، متنقلا من مسرح الى آخر ومن بلدة الى أخرى ولايزال فيلم "أكريزمان" من أهم أعماله السينمائية ، وكذلك فيلم " الروح والجسد" و فيلم " حق الولادة" التي تضمنت مفاهيم سياسية وكذلك ينبعي لاضاءة هذا التاريخ المهم أن نشير الى أن مايشوكس ينحدر من وسط الغرب الامريكي وقد نال شعبية واسعة في الجنوب الامريكي تضمنت أفلامه مفاهيم اجتماعية تطورت مع مررور السنين ثم انتشرت في الشمال الامريكي من خلال موجة الهجرة الكبرى . تلك الافلام وجدت صداها عند الشعب الاميركي في تراثها حيث تشمل الموسيقى والرقص والغناء وبرزت اسماء لامعة في التمثيل مثل " بول روبسون" و ايمبير جونز" عام 1933 في فيلم الروح والجدس" حول رجل يقرر الهروب من عصابة الى جزيرة كاريبية وظل هذا الفيلم أنموذجا للافلام الامريكية-الافريقية . تكاد تكون تلك الافلام التي أخرجها هؤلاء تحمل هموم المواطن الذي ينتمي الى أصول افريقية ، الهجرة الى بلد آخر ، العاطفة الجياشة ، أو مانطلق عليه اليأس الجميل ، لقد تعب هؤلاء المخرجين من سياسة الاهمال التي تعرضت لها السينما الزنجية على مدى عقود طويلة ، ثم بدأت بلاتوهات السينما تتخذ منحى آخر مختلفا عن السابق ثم تقلد عدد من النجوم السود أدوارا هامة في الافلام الموسيقية التي ينتجها البيض ، نستطيع القول بأنه في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي لم تكن مشاركة السود سوى كليشيهات عقيمة مثل فيلم " ذهب مع الريح " الذي أنتج عام 1939 وفيلم " المومياء " للمخرج هاتي ماكدنيل ، ومجموعة من أفلام الجاز الشهيرة . ثم استمرت بعض الافلام على نفس المنوال يخرجها البيض ثم يشارك السود في أدوار ثانوية مثل فيلم " كابين في السماء" الذي أخرجه فينسيت مينيلي و فيلم " الجو العاصف" للمخرج اندرو ستوم عام 1943 وفيلم " كارمن جونز" عام 1954 للمخرج أوتو بريمنجر ، لقد تحول المخرجين السود بعد طول عناء للاستعانة بممولين من البيض لانتاج محموعة من أفلام المغامرات والكاوبوي في منتصف الخمسينات ولم تحصل السينما السوداء على الاستقلال أبدا بل انها قبرت قبل أن تولد ، مع استمرار معاندة هوليود حاول المنتجين الزنوج التماس عاصمة السينما أن تفتح لهم ضوءا حتى لو كان خافتا ، ضوء يطل من بين الزحام لينير لهم طريقا جديدا . كان عقد الخمسينات والستينات من أخصب عقود الانتاج السينمائي ، فبعدما سيطر البيض على مقاليد هوليود لسنوات طويلة ، تغيرت السياسة الانتاجية ، حيث بدأ التشجيع على استغلال المواهب من الزنوج وكتابة سيناريوهات تتلائم مع المرحلة الراهنة التي يعيشونها في المجتمع الامريكي وانخراطهم في شتى مناحي الحياة ومن أشهر تلك الافلام "المحلف" 1958 ، الذي يصور العلاقة بين رجل أبيض وزنجي يتحدان بالسراء والضراء ، ثم الفيلم الكوميدي " خمن من يأتي على العشاء" 1967 الذي يصور علاقة غرامية تربط بين رجل زنجي وفتاة شقراء ومعارضة الاسرة لتلك العلاقة ، ، وسبق للنجم الشهير أن حصل على جائزة أوسكار عام 1964 ، ذلك العام الدموي الذي شهد منح جائزة نوبل للقس الاميركي "مارتن لوثر كينج " ثم اغتياله لاحقا ، يعتبر بواتييه أول نجم اسود يحصل على جائزة أوسكار عن دور البطولة فن فيلم : “Lilies of the field” ثم فيلم " سخونة الليل" عام 1967، نحن بصدد الحديث عن أفلام تنتح بتكاليف زهيدة في ذلك الحين أما عام 1964 فقد أنتج فيلم " بطاطا ، بل بطاطتين " بتكلفة تقديرية بلغت 230 ألف دولار امريكي محطما الارقام القياسية ،واصلت السينما السوداء انتصاراتها مقدمة مضامين مؤثرة على النفوس وأصبح النجوم السود جزءا لا يتجزأ من الخطاب السينمائي العام ، على سبيل المثال منحت أكاديمة الافلام الامريكية في احتفالية مهيبة عام 2002 النجمان الاميركيان "دينزل واشنطن" و هالي بيري جائزتي أوسكار . في رؤيا عابرة للأفلام الامركية التي انتجت في هوليود نتذكر فيلم " الثور الهائج " 1981 الذي قام ببطولته النجمان "جين ويلدر و ريتشارد براير" ، نموذج من الافلام التي يظهر فيها الرجل الاسود الى جانب رفيقه الرجل الابيض الذي يحاول الفوز بمن يحب في قالب كوميدي مشوق ثم فيلم "رجال في الاسود" عام 1997 ، الوحيد هو النجم الامركي " ايدي مورفي" الذي حصل على أدوار البطولة المطلقة مع نيك نولت في فيلم " 48 ساعة" 1982 ثم في فيلم " شرطي بيفرلي هيلز" لقد أحدث مورفي تأثيرا واضحا في هوليود وواصل النجاج والظهور حتى أواخر التسعينات ، يصور مشاهد مرعبة يعيشها المجتمع الامركي في طابع كوميدي قي مواجهة العنف والجريمة كما تتناول في مضمونها حياة الشرطي البسيط في مواجهة المحرمين والاجرام ، في فيلم ليالي هارلم عام 1989 وفيلم " بوميرانج " 1992 . لكن في حقيقة الأمر يعتبر عقد التسعينات بداية حصول السينما السوداء على استقلالها الفعلي خصوصا عام 1971 فيلم "كوفي" 1973 وفيلم "فوكسي براون" 1974 وفيلم بلاكولا 1972 وفيلم "حانيا وهيس" 1972 بفيلم " حبيبتي " للمخرج مالفن فان بيبلس ، الذي أخرج من قبل فيلم "النصف اكس" وفي عام 2002 " السنما القبيحة" لقد انتج فيلم "حبيبتي" بنصف مليون دولار ، نسبة عشرة بالمائة مولت من قبل النجم الامريكي-الافريقي الشهير بيل كوسبي صاحب مسلسل تلفزيوني حمل نفس الاسم ، وحقق ايرادات تقدر بخمسة عشرة مليون دولار ،مع مرور السنين صار للسينما السوداء جذور راسخة في تشكيل الثقافة السينمائية الامريكية ، ومعالجة عالم الانسان الذي يتعرض للقهر من خلال سياسة التمييز العنصري التي لاتزال تلقي بظلالها على الانسان الذي يناهض الظلم والاستبداد ، تلك الافلام تعتبر نافذة في زمن الرأسمالية ، وفسحة خيال في عالم يدوس بأقدامه على الضعفاء ، مادام الانسان محافظا على جذوره ، اليوم يحاول النجم الاسود ابداعه من خلال اثراء المشهد السنمائي الثقافي ، في محاولة التهيئة لعصر جديد ربما تتولى فيه الرئاسة في امريكا امرأة أو رجل أسود . القصة العراقية في 1 يونيو 2006
الشريط الليبى التابوت:
رشيد حسني السينما الليبية جزء لا يتجزأ من المدونة السينمائية المغاربية والعربية وبالرغم من أنها سينما حديثة وفتية نسبيا فهى ليست بغريبة عن المشاهدين وعشاق السينما فى المغرب العربي. فلقد كانت السينما الليبية حاضرة بامتياز فى التظاهرات والمهرجانات التونسية للسينما. وسوف نركز فى هذه اللفتة أو النظرة للسينما الليبية من خلال مشاركتها فى مختلف دورات أيام قرطاج السينمائية بتونس العاصمة. كما أننا سنحصر الرؤية فى ذلك على الشريط القصير بعنوان التابوت الذى أخرجه ناجى محمد أبو سبعة. ويعود هذا الاكتفاء الى سبب أساسى هو المشاهدة أى سنتحدث على ما رأيناه بناء على أن السينما فرجة ومتعة وليست حديث برقى أو أثيرى متأت من الوشوشات أو الاشاعات أو الدوى الموهوم. شريط قصير يحدث رجّة تم عرض شريط التابوت بتونس ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة فى أيام قرطاج السينمائية للدورة الـ 18 "أكتوبر/ تشرين الأول 2000". وفى أول عرض له نال هذا الشريط التانيت الفضى ونال كذلك استحسان النقاد والمشاهدين على حد السواء. بل إن شريط التابوت أحدث رجة قوية مقارنة بالأفلام السائدة فى تلك الفترة ومقارنة كذلك بالأفلام المعروضة الى جانبه بما أنه تقدم الى المسابقة الرسمية بمعية عدة أشرطة قصيرة أخرى من سائر الأقطار العربية وافريقيا كلها. وينطوى الشريط على عدة مميزات أهلته الى أن ينال الجائزة ويكسب الرضا والتنويه بما أنه يطرح قصة جادة تتناول حياة الانسان من المهد الى اللحد من خلال صياغة سينمائية مختصرة، جذابة وذكية فى الآن نفسه. جذاذة الشريط شريط التابوت للمخرج ناجى محمد أبو سبعة تدوم مدة عرضه 10 دقائق لا غير. أنتج سنة 1998 فى ليبيا كما هو مبين فى دليل أيام قرطاج السينمائية الدورة 18 سنة 2000. شريط بالألوان من نوع 35 مم أنتجته الشركة العامة للخيالة بليبيا وتم توليفه الموجب فى تونس. أما قصة الشريط فهى خليط من البساطة والغرابة إذ تنطلق أحداث الشريط من تصوير موكب مهيب فى المقبرة خشوع وذكر... السرد السينمائى فى البداية عادى وتوالى الصور فى الشريط يأتى وفق توقعات المشاهد. غير أن المشهد الجديد هو سقوط التابوت أثناء العودة بعد موكب الدفن من على السيارة التى تنقله. يتفكك لوح التابوت بفعل حركة السير، يمر رجل يمتطى دراجة، يجمع الألواح يعود بها الى بيته أو مصنعه الصغير ليصنع من نفس تلك الألواح سريرا هزازا -دوح- يتخذ لهدهدة الصغار. حزمة ألوان بديعة ان الناظر المتبصر الى هذا الشريط القصير يجد أن مخرجه قد عمد الى اتباع منهج سهل وخطته واضحة لا ترهق المتلقى أى أنه لا يتبع سبل التعقيد والتعويل على تقنية قص الصور وتوليفها بل يترك الكاميرا تتجول حرة مثل العين تماما. فنجده مثلا يحاول أن يبحث على مناظر يكمن فيها الضوء بكثافة والضوء الطبيعى أساسا، ضوء النهار ونور الشمس. فالشريط يبدأ من خلال مشهد علوى يصور السحب والغيوم ثم تتدرج الكاميرا الى الأفق فالأرض.. قبور.. ومشيعون ونخلة يتيمة تحرس المكان.. عالم صغير، طفيف لكنه مليء بالشعرية.. وهنا تكمن أدوات القوة والحركية لدى المخرج لأن عالم القصة العام مأساوى منطلقه عوالم جنائزية تحيل على الموت والفناء ومن ثمة عليه أن يعدّ المتلقى الى الطرف الآخر للجنائزية ألا وهو الولادة والانبعاث الحياة المتجددة . ألواح التابوت يمكن أن يقدمها السرير الهزاز للوليد الطالع الى النور. ويفى المخرج فى نهاية شريطه بانتظارات المشاهد أى أن الجنائز يمكن اخراجها من خلال حزمة ضوء بديعة مفرحة لا محزنة. ملحمة العود الأبدى رغم انحسار الشريط زمانيا الى 10 دقائق معدودات فإن المتتبع لهذه اللحظات اليتيمة يجد نفسه وقد غرق فى بحر من النور أطياف ضوئية تسر الناظرين وتشدهم شدا والا فما الفائدة فى تبديد الوقت أمام صور مستهلكة جافة. ويجعل المخرج ناجى أبو سبعة مشاهد شريطه التابوت مقحما إقحاما فى عالم الحياة البسيط اليومى والعادى لكنه عالم منظور له من خلال كوة فلسفية عميقة تضرب بعيدا فى صاحب حجر الفلسفة أو ما يطلق عليه المفكر ميرسيا الياد أسطورة العود الابدى الذى ينظر الى الحياة وفق التجدد والابتهاج لا الفناء والبؤس فالحياة هى كذلك ولادة وفناء تجدد وانبعاث. نجاح السينما الليبية: يدلل شريط التابوت على نموذج فريد للنجاح الباهر الذى حققته السينما الليبية منذ بعث أو إنشاء المؤسسة العامة للخيالة فى عام 1973 كما يذهب الى ذلك أحد المؤرخين لتاريخ السينما الليبية. وشرعت هذه المؤسسة فى انتاج بعض الأشرطة السينمائية التعليمية وتوصلت هذه المؤسسة بعد تطويرها وتجهيزها بالمعدات اللازمة "تسجيلات صوتية 35 مم، 16 مم ضوئي، مغناطيس، قاعة ميكساج.." الى انتاج ما يقارب أو يزيد عن 134 شريطا تسجيليا متنوعا الى جانب اعداد مجلة الخيالة المصورة. وبالاضافة الى نجاح المخرج ناجى بوسبعة وغيره فلقد كان السينمائيون الليبيون حاضرين بامتياز منذ الدورة السابقة لمهرجان قرطاج السينمائى "أكتوبر/ تشرين الأول 1978" وذلك من خلال مشاركة أحمد الزوى فى لجنة التحكيم للمسابقة وتبعه رمضان سليم سنة 1988 فى الدورة الـ 12 لنفس المهرجان تلك الدورة المشهورة التى ترأسها الأديب التونسى مصطفى الفارسي. لسائل أن يتساءل عن السر فى نجاح الموجة الجديدة للأشرطة القصيرة فى هذه السنوات الأخيرة فى اقتحام الساحة السنمائية المغاربية ومزاحمة هيمنة الأفلام الطويلة؟ وما هو السر كذلك فى انتزاعها للعديد من الجوائز القيمة فى المهرجانات الكبرى ولعل خير دليل على ذلك هو مشاركة نخبة من الأشرطة القصيرة التونسية مؤخرا فى مهرجان كان الدولي. وهناك فى حقيقة الأمر عدة عوامل ساهمت فى انبعاث هذه الموجة الجديدة من الأشرطة القصيرة منها أن الشريط منخفض الكلفة عند الانتاج ومدة عرضه لا تجاوز عادة 25 دقيقة بالاضافة الى قلة عدد الممثلين فيه وعدم تعقيده من ناحية توليف الصور وتركيبها وتعدد مناظر التصوير. كما أن المشاهد أو المتلقى عموما فى العصر الراهن أصبح يمل طول الاشرطة تماشيا مع سرعة النسق. ومثلما نجح شريط التابوت الليبى فى شد الجمهور فإن شريط فيزا للمخرج التونسى ابراهيم بلطيف لقى اهتماما كبيرا كذلك وهو نفس النجاح الذى حققته أشرطة كبيرة من نوع ريح الأوراس للجزائرى الأخضر حامينا أو الملائكة لا تحلق فى الدار البيضاء للمخرج محمد عسلى ذلك الشريط المغربى الأخاذ المفعم بالشاعرية والامتلاء السينمائي. ومن هنا كان المخرجون السينمائيون فى المغرب العربى مدركين جيد الادراك لنداء السينما فى المغرب العربى ذلك النداء الذى جاء على أيدى أحد الاعلام الخالدة فى الفكر وفق شيء من الإستعارة يا سينمائيى المغرب العربى اتقنوا حرفتكم . العرب أنلاين في 1 يونيو 2006 |
"فولفر" التجربة الأكثر أهمية في حياتها بينيلوب كروز: لن أشعر بالسعادة إلا بتبني طفل إعداد: د. محمد زهير سواء بتجسيدها لدور الأمّ في فيلم “فولفر” من إخراج “بيدرو ألمودوفار” أو الفتاة الشقية أمام عدسة جان بابتيست موندينو، تصر بينيلوب كروز على الاحتفاظ ببريقها الأخاذ. التقت بها مراسلة مجلة “إيل” الفرنسية أثناء مرورها بالعاصمة باريس وأجرت معها حوارا مطولا تخللته أسئلة عن حياتها الفنية، لكنها امتدت الى مشاعرها ولحظات حزنها وفرحها. في البداية، تحدّثت بينيلوب، الممثلة الإسبانية البالغة من العمر الآن 31 عاماً، عن فيلم “فولفر” الذي عرض في “كان” في المسابقة الرسمية. ومثلت فيه دور أم شابة تدعى “ريموندا” تحيط بها ثلاثة أجيال من النساء وتخفي وراءها سرّا خطيرا. تقول بينيلوب عن الفيلم: “منذ البداية، كانت الأمور جميعها موفقة في هذا الفيلم، إنها التجربة الأكثر أهمية في حياتي على المستوى المهني والروحي والشخصي. لكن ينبغي الانتباه هنا الى نقطة حساسة، وهي أنّ بيدرو لا يسمح لأي كان بالتحدّث عن حياته أو مشاكله الشخصية أثناء فترة العمل. لذا أدركت منذ البداية بأنه عليّ وضع الصداقة جانبا وعدم تناول مواضيع خاصة خلال العمل، لكن في بعض الاحيان كنت أخرق تلك القاعدة وأتعامل مع بيدرو على سجيتي، وهذا أمر خارج عن سيطرتي فأنا أحبه كثيرا، لكني لا ألبث أعود إلى صفتي كممثلة. في أول يوم تصوير، أعطيت لبيدرو كتابا كنت ألّفته بمناسبة مرور عشرة أعوام على صداقتنا. لا يوجد من الكتاب سوى نسختين في العالم، الاولى عندي والثانية في حوزته الآن. يضم هذا الكتاب عددا كبيرا من الصور التي تجمعنا في العديد من رحلاتنا، بالإضافة الى كل رسائلنا العادية والالكترونية. أخفيت كلمات عدة بالحبر الاسود لكي لا يقرأ عمّال الطباعة بعض العبارات الشخصية جدا. وثمّن بيدرو كثيرا تلك المبادرة، وبدا الكتاب من ذلك النوع الذي يمكن التباهي بعرضه في مكتبة المنزل. فضلا عن ذلك، سألتقط صورا أثناء زيارتي هذه لباريس، وبهذه الطريقة يمكنني تأليف كتاب آخر بعد عدة اعوام. وعن طفولتها تقول بينليوب: “في صغري، كنت أقضي وقتي بين صالون الحلاقة الخاص بوالدتي ومنزل جدتي لأبي في مدريد. جدّتي تشبه كثيرا شخصية عمتي في “فولفر” لأنها تحتفظ ببعض تقاليد قريتها ومسقط رأسها في منطقة “إيستريمادور”. أتذكر على سبيل المثال أننا كنا نأتي بالكراسي على الرصيف ونجلس هناك مع جيران لنا ونتبادل أطراف الحديث. والداي بدورهما كانا منفتحين على الحداثة، إذ لم يكن عمرهما يتجاوز 21 عاما عندما وُلِدتُ. كان والدي مرناً جدا على عكس زوجي في “فولفر”، بينما كانت أمي متشددة”. وحينما ولد أخي، كنت أبلغ من السن 11 عاما، وكان بمثابة هدية لي من السماء، واعتنيت به كأنني أمّه الثانية. أمّا أختي مونيكا فهي تصغرني بثلاثة اعوام، كنت متسلطة كثيرا في تعاملي معها، لكننا اليوم نعيش طرازا آخر من العلاقة ونريد أن نمثل فيلما معا، وهي مولعة بالقراءة. وبالإضافة الى مسلسلها التلفزيوني “واحد اثنان ثلاثة”، تعد الآن عرضا خاصا برقصة الفلامنكو. زرنا معا اليابان حيث افتتحنا فرعا لتجارة الحقائب كانت تلك الرحلة رائعة فعلا. أنا إنسانة متعلقة كثيرا بعائلتي، فعندما أسافر لمكان ما لأغراض العمل، تلتحق عائلتي بي ونقضي هناك أيام الاستراحة معا. نحن صورة معاكسة للفيلم، فعلاقتنا متواصلة وهي أغلى شيء أملكه في حياتي”. وبعيداً عن العائلة والعلاقات يغوص الحوار في أعماق بينيلوب كروز التي تتحدث باستفاضة عن مشاعرها، تقول: في حياتي الاعتيادية، كثيرا ما تنهمر دموعي فرحا أو حزنا. الدموع بالنسبة لي نوع من الترويح عن النفس لأنني يمكن أن أشعر بالكآبة لأتفه الأسباب. وهذا مزعج حقا. أحاول بالتأكيد معالجة نفسي، ان أفهم لماذا يعتريني القنوط بسرعة. والواقع أنني منذ نعومة أظفاري، كنت أحس برغبة كبيرة في التحكم بكل شيء لأطمئن، وهذا أمر مستحيل. حينما يرن الهاتف، خاصة في الايام التي أكون خلالها متعبة، أتوقع خبرا سيئا، لكني مع ذلك إنسانة واعية وأعرف أنه عليّ تعلم كيفية الاسترخاء، وإلا فسأجعل حياة طفلي جحيما حقيقيا بعد إنجابه. بعض النساء يقلن إنه لا يمكنهن الإحساس بالسعادة الحقيقية إذا لم ينجبن طفلاً في يوم من الايام. أمّا أنا فلن أشعر بالفرح الحقيقي إلا إذا تبنّيتُ طفلاً. لست مستعدة تماما حالياً، لكني أفكر بالأمر طيلة الوقت. مع ذلك، أحب أيضا أن يكون لي طفل من نسلي، لكني أعتقد بأنّه ليس هناك أروع من أن يمنح المرء الحب لطفل فقد من يعيله. للأسف، بالنسبة لمرأة عزباء، من الصعب جدا عليها أن تتبنى طفلا في إسبانيا أو في الولايات المتحدة كما هو الحال في فرنسا. أنجيلينا جولي فعلتها وأنا معجبة جدا بتصرفها هذا. إنها نموذج يمكن أن نحتذي به جميعاً. وعن مشروعاتها الصغيرة تقول بينيلوب: “أحب كثيرا ارتداء الملابس، لدرجة أني افتتحت قبل عام تقريبا محلاً للأزياء في مدريد أطلقت عليه اسم “أماركور”، في حي “سالامانكا” لأني اعتقد بأنّ هذه المنطقة ستصبح مركز الموضة في الأمد القريب. أشتري بنفسي البضاعة للمحل، وفي البداية كنت أتسوق بالدرجة الاولى من “لوس أنجلوس”، لكنني أُغير وجهتي اليوم إلى أوروبا شيئا فشيئاً. لدينا الآن على سبيل المثال علامة “بوتي باتو” التي تعشقها الاسبانيات بالإضافة الى سراويل الجينز وغيرها. والحقيقة أني لا أعرض في محلي سوى الطرز التي أنتقي منها ثيابي. لكني لا أفكر قطعا بفتح سلسلة محلات، لأني غير متفرغة”. وتعتبر بينيلوب كروز أن الكشف الآن عن حياتها كان بعد رحلة بالطائرة، وهذا الكشف هو أهمية الوقت والمشاعر الإنسانية تقول: “في العام الماضي، كنت مسافرة على متن طائرة بين لوس أنجلوس والمكسيك حيث صوّرت هناك فيلم “بانديداس”. فجأة، أجرى الطيار هبوطا طارئا. ورغم أني اعتدت على ركوب الطائرات كما يفعل الطيارون أنفسهم، شعرت وللمرة الاولى في حياتي أني في مواجهة مباشرة مع الموت. وخلال ثوان قليلة، مرّ في خاطري شريط عرَض حياتي كلها لكنني وهذا هو الغريب في الامر لم أحس بالخشية من الموت. تملّكني هاجس واحد وهو أنه مهما حصل، فإني كنت أريد أن أبقى متيقظة وواعية لما يحصل. بعد خروجي من الطائرة، انتابتني حالة هستيريا شديدة، إذ قبلت أرضية المدرج وتحدثت الى أشخاص لا أعرفهم كانوا بانتظار طائرتهم لكنهم تجاهلوني معتقدين بأني معتوهة. ثم اتصلت بجميع أقربائي والدموع تنهمر من عينيّ وعبّرت عن مدى حبي لهم. في ذلك اليوم، عرفت فعلاً أهمية الوقت والمشاعر في حياة الانسان. فإن كنت تحب شخصاً ما، قل له ذلك، مراراً وتكراراً. اليوم أحس بخوف أكبر من ركوب الطائرة، لكن خشيتي من الحياة قلّت كثيرا”. الخليج الإماراتية في 2 يونيو 2006
بروس ويليس يتألق مع العملاقين بن كينغسلي ومورغان فريمان «رقم الحظ سليفن».. إخراج ذكي بعيد عن التقليد أبو ظبي ـ محمد الأنصاري قد لا يصدق من يشاهد ملصق فيلم رقم الحظ سليفن- Lucky Number Slevin أنه دعاية لفيلم واحد، حيث يبدو الملصق للوهلة الأولى دعاية لعدة أفلام، فالنجم العالمي بروس ويليس يتوسط المشهد بين الرائع مورغان فريمان وأسطورة الأداء بن كينغسلي والنجم الشاب غوس هارتينت وبطلة ملائكة تشارلي القادمة من بلد العملاق الأصفر لوسي لو ، ولكن الحقيقة هي أنهم اجتمعوا في فيلم حركة وإثارة ربما يُعد الأفضل مما أنتجته هوليوود هذا العام، فالصورة نطقت في هذا الفيلم، وذكاء الحبكة الدرامية يعيد إلى ذاكرة المشاهد أيام الأفلام الرائعة حين كان للسينما إبهارها وحين كان المخرج يحترم ذاته والآخر، وهكذا فعل مخرج هذا الفيلم بول ماكويجن. تبدأ أحداث الفيلم من نقطة غير تقليدية في إحدى محطات انتظار المترو، ليظهر بروس ويليس على كرسي متحرك وهو يدلي بحكمة الحياة لأحد الأشخاص الجالسين في المحطة التي خلت من الناس، ويروي له -وسط تذمر هذا الشخص وتلهفه للتخلص من الحوار عن حكاية مقامر قتل هو وعائلته على يد إحدى العصابات المنتشرة في هوليوود بعد عجزه عن تسديد ما ترتب بذمته من مال لها، إلى الآن؛ والأحداث عادية والمشاهد يترقب نهاية هذا الحوار الذي كُتب بجمالية السينما الكلاسيكية، وفجأة ودون سابق إنذار، ينهض بروس من كرسيه المتحرك ليقتل الشخص الذي كان يحاوره ببرودة أعصاب، لا يستطيع أداءها إلا بروس العائد بقوة في هذا الفيلم.تنتقل مشاهد الفيلم بعد ذلك إلى جوهر القصة الأساسية للفيلم، حيث يقع سليفن الذي يلعب دوره النجم الشاب غوس هارتينت بين مطرقة وسندان رجلي عصابة يتقاسمان إحدى مناطق نيويورك، ا لأول هو الذي يلقبونه الرئيس- مورغان فيرمان الذي تحصن ببناية تحرسها عصابة من الزنوج، أما الثاني فهو الحاخام- بن كينغسلي صاحب أرقى أداء في السينما المعاصرة الذي أدى دور البطولة قبل فترة في رائعة الكاتب العالمي تشارلز ديكنز في فيلم أوليفر تويست ويتذكره الجميع في دوره العالمي غاندي ، لقد ظهر الرئيس والحاخام في صورة تشبه لوحة سريالية من لوحات الاسباني سلفادور دالي واستطاع المخرج أن يستفيد من خبرة هذين النجمين ويسخّر الإمكانيات الفنية لكل منهما بذكاء. وتستمر دوامة الأحداث في تورط سليفن- غوس هارتينت بين أفراد عصابة كل من الرئيس والحاخام وتحدث أمور غير متوقعة، حيث عالج المخرج القصة بطريقة أغاثا كريستي التي تشد المشاهد مترقباً إلى نهاية الفيلم، وتعود القصة إلى بداية اللقطات الأولى من الفيلم ليفاجأ المشاهد بحقيقة شخوص أبطال الفيلم، ويعتقد كل من شاهد الفيلم أنه بعيد عن أفلام الحركة والإثارة التقليدية، لأنه قُدم بطريقة تمزج بين الغموض والذكاء والصورة البسيطة التي تجعل من المشاهد يتابعه لقطة بلقطة دون ملل. وحين نتكلم عن تمثيل أبطال الفيلم وأدائهم؛ نتذكر كلمة أحد أبطاله في إجابته عن معنى التمثيل بالنسبة إليه، حين يقول بن كينغسلي: أمثل لكي أكون مرئياً ومسموعاً.. أو عبارة جين مور: التمثيل ليس حرفة على الإطلاق.. بل هو أسلوب حياة، وهذا هو حال نجوم هذا الفيلم، فالتقائية التي ظهرت بها لوسي لو والأداء التعبيري في وجه فريمان وكينغسلي والغموض البارد الذي فرضته القصة على ملامح بروس ويليس المنحدر من جذور ألمانية، وأداء سليفن- غوس هارتينت الذي أظهر بأنه أسقط في يده في ورطته الكبرى بين أفراد العصابات، كل ذلك مجتمعاً يضع فيلم رقم الحظ سليفن في مقدمة أفلام الحركة والإثارة؛ لا من زاوية المشاهد المثيرة أو زوايا الكاميرا الصعبة في هكذا نوع من الأفلام أو البطولات الخارقة، بل من ناحية الحبكة الدرامية التي ارتقت بالفيلم ليكون سينما حقيقية، وتمارس إدهاشاً عقلياً ونفسياً ضاع وسط إدهاش الصورة المفروض حالياً في السينما المعاصرة. البيان الإماراتية في 2 يونيو 2006
|
تاريخ السينما السوداء في امريكا انتصار الغريب |