ثلاثة مشاهد لا تنسي من بين المشاهد العديدة التي تعرفنا فيها علي سناء يونس سينمائيا.

المشهد الأول فتاة ريفية تسكن مع زميلاتها في غرفة صغيرة فوق السطح هاجرن من مدن القناة يبحثن عن وسيلة للرزق في مدينة واسعة واحدة منهن وقعت في الحب، رغم أن الفتيات الثلاث يمارسن البغي وفي أحد المشاهد تقرر اثنتان منهم أن تتركا غرفة السطح لبعض الوقت للزميلة العاشقة كي ترتشف لحظات حب مع عشيقها القادم من مدن القناة.

هذا المشهد في فيلم «حمام الملاطيلي» إخراج صلاح أبوسيف عام 1973 سناء يونس كانت واحدة من الثلاثة، فتاة تفتقر إلي الجمال تتمني لو تذوقت طعم الحب الحقيقي بعيدا عن البغاء، وتعبر الكاميرا عن حرمان حاد ينعكس في العيون.

المشهد الثاني: فتاة عصرية قصت شعرها ألا جرسون هي واحدة من شلة من الشباب الذي أفرذته النكسة يقضي وقته في الرقص، والسحاق والجنس إنهم بلا غد وهناك واحدة منهن تحب زميلة لها تمارس معها السحاق ولا تطيق الفراق عنها لكن هذه الحبيبة تعلن أنها ذات يوم تتوق أن تصبح أنثي طبيعية وأن خطيبا تقدم لها فتبدو العاشقة «أدت دور سناء يونس» ضعيفة تتوسل إلي حبيبتها أن تظل معها، تبكي دون أن تستجيب لها الأخري، وعندما تضيق بها السبل وتكتشف أنها فقدت من تحب إلي الأبد، انتحرت وتم العثور علي جثمانها طافيا علي حمام السباحة في البانيو الفخم الذي يترددن عليه.

حدث هذا في فيلم «جنون الشباب» الذي أنتج عام 1973 من إخراج خليل شوقي وقد شاهدناه في العديد من المهرجانات المحلية بينما تصدت الرقابة لعرضه جماهيريا وعندما عرض عام 1980 كانت الرقابة قد قامت بالمطلوب فبدا الفيلم ممزقا وانصرف الناس عن مشاهدته.

المشهد الثالث: امرأة متقدمة في السن فراشة أو عاملة مدرسة بكل ملامحها ،المألوفة جلباب عليه سترة، ومدورة فوق الرأس عليها أن تتولي مسئولية مجموعة من الأطفال الصعايدة قادمين إلي القاهرة في رحلة مع المدرس هي شديدة التوتر والاندفاع هي أم لا تكاد تعرف لها أي أسرة سوي المدرسة وفي أثناء الرحلة تختفي تلميذة في حديقة الحيوان ويصير علي المدرس أن يبحث في مدينة ما أكثر البشر بها.

هذه الصور الثلاث تبدو مختلفة تماما عن بعضها لفنانة في بداية حياتها فالمشهد الثالث من فيلم «آخر الرجال المحترمين» لسمير سيف عام 1984 في تلك الفترة كانت سناء يونس قد لمعت مع فؤاد المهندس الذي اكتشفها في مسرحيتي «سك علي بناتك» و«هالة حبيبتي» وبدت الفتاة التي جاءت من المنوفية إلي القاهرة كأنها تأخرت في الحصول علي ما تستحق من شهرة.

كانت ساحة الكوميديا قد خلت بشكل ملحوظ من الممثلات أمثال زينات صدقي، وتماثل في أذهان الناس أنه قد ولد جيل من الكوميدنات بظهور سعاد نصر وسناء يونس المولودة عام 1942 وبسرعة تواجدت في الساحة فهي لم تقلد أحدا وكانت لها طبيعة خاصة في الأداء افتقاد الجمال، القامة القصيرة، الصوت المميز مما يوحي بأننا أمام امرأة عاشقة تفتقد إلي الحب وتحتاج إلي هذه الرومانسية.

وسرعان ما تنوعت الشخصيات السينمائية التي جسدتها سناء يونس فهي الشحاذة التي تكنز المال وتضع غمامة علي إحدي عينيها في فيلم «دنيا الله» لحسن الإمام وذلك وسط عالم من الشحاذين أقاموا حيواتهم علي العاهات وفي عام 1986 اكتشفها يوسف شاهين الذي منحها أكثر من دور في حياتها فهي امرأة تعيش في حي شعبي تحوطه فيروسات الكوليرا في فيلم «اليوم السادس» عام 1986 وهو الذي سوف يسند إليها أدوار عربية في أفلامه التالية فهي امرأة عليها أن تحتمل زحام القاهرة في الفيلم القصير «القاهرة منورة بأهلها» ثم في «المصير».

وفي عام 1986 أيضا قدمت واحدا من أهم أدوارها فهي الزوجة الدميمة للفتوي فرج الجبالي الذي وضعها في ركن من المنزل فصارت مثل قطعة من الأثاث لا لزوم له وتزوج من امرأة أخري ينادونها بالأميرة.

لم تحبس سناء يونس نفسها في أدوار الكوميديا لكنها كانت تصبغ هذه الأدوار بروح تحسد عليها من الدعاية وقد تكرر ذلك في أفلام أخري مثل «ولعدم كفاية الأدلة» 1987 لأشرف فهمي و«الدنيا علي جناح يمامة» لعاطف الطيب 1989 .

الدور الأكثر أهمية للممثلة والذي يليق بها أكثر من بقية أدوارها كافة صنع وكتب من أجلها هو دور الزوجة الشرسة في فيلم «اقتل مراتي ولك تحياتي» عام 1990، فالزوج يعاني من شراسة الزوجة القوية قام بالدور سمير غانم وعندما تقوم عصابة باختطافها تطلب فدية لإطلاق سراحها ولأن ما حدث يمثل فرصة ذهبية للزوج لكي يتخلص من امرأته، فإنه يفاوض في دفع الفدية بل إنه يرفض الدفع تماما ويجد الخاطفان «رجل وامرأته» وهما غير محترفين نفسيهما في أزمة فالزوجة الشرسة صارت عبئا عليهما يمكنها أن تدخلهما السجن وعندما تتهم المرأة نوايا الزوج تتعاون مع خاطفيها علي تأديب الزوج وكشف ألاعيبه.

في عام 1991 عادت سناء يونس لأدوار المرأة السحاقية في فيلم «المزاج» إخراج علي عبدالخالق فهي واحدة من سجينات يتحكمن في مصائر بقية السجينات في سجن النساء.

وهي تتمسح في النساء تتلمس أناملهن وتتخذ لنفسها عشيقة من بينهن.

كانت سناء يونس تعود من وقت لآخر إلي الأدوار الكوميدية مثلما فعلت في أزواج في ورطة لحسن الصيفي عام 1992 فهي زوجة تفاجأ أن زوجها الطيار د تزوج من امرأة أخري فتأكلها الغيرة وتحاول إحداث الطلاق بأي ثمن ثم تكتشف أن زوجها متورط مرتين الأولي في أنه اضطر إما يتزوج الفتاة التي يحبها زميله الطيار حتي لا تضيع ويصير عليها أن تشارك في تأديب هؤلاد المهربين قبل أن تسلمهم إلي الشرطة.

فازت سناء يونس بجائزة الدور الثاني في العام نفسه 1992 عن دور العانس التي تتزوج من رجل يكبرها في السن وتوفر له سبل السعادة في فيلم «الفضيحة» كان دورا كوميديا مليئا بالإنسانية لذا فإن لجنة التحكيم في مهرجان الإسكندرية منحتها الجائزة.

كانت سناء يونس قد وضعت كافة اهتمامها كممثلة في التليفزيون وعملت في مسلسلات «الزوجة آخر من يعلم» وفي الفيلم التليفزيوني «الوهم الجميل» من تأليف محمد المنسي قنديل، وظلت بعيدة عن السينما لا تعود إلا في أدوار صغيرة في أفلام مثل «ضحك ولعب وجد وحب» 1993 لفاروق التلمساني وفيه قامت بدور امرأة مسيحية، تحاول أن توفق بين عاشقين وقعا في الخطيئة ثم ظهرت بدور المجنونة في «جبر الخواطر» 1998 آخر أعمال عاطف الطيب.

وفي سينما الشباب الحديثة كانت سناء يونس تطل علي جمهورها من وقت لآخر تقريبا مرة كل عامين في أفلام «جواز بقرار جمهوري» لخالد يوسف «اوعي وشك» عام 2003 وأخيرا في فيلم «حرب أطاليا» عام 2005 .

السؤال هو: ماذا يبقي من سناء يونس؟

وفي قرابة أربعين عاما أي منذ دورها الأول في إضراب الشحاذين، لحسن الإمام 1967 فإن هذا العدد القليل من الأدوار قد ترك في الذاكرة والوجدان أن مجموعة من الشخصيات الحميمية جميعها طيب مثل الفنانة يتنسم لحظة حب، ويظلل الآخرين بدفء وتهب نسمته علي الآخرين وعدد هذه الأفلام يقترب من الثلاثين بما فيه أفلام مقاولات مثل «وفية» كما ظل الناس يشاهدونها حتي اللحظة الأخيرة، فهي السيدة اليهودية التي تتمسك بالإقامة في مصر في المسلسل «العميل رقم 1001»، لم تكن سناء يونس حاضرة بالقوة نفسها التي عرفناها عن فنانات سبقتها في عالم الكوميديا، وعلي رأسهن زينات صدقي وشويكار.

جريدة القاهرة في 23 مايو 2006

 

سناء يونس..

صانعة الضحك والبهجة

تظل أعمال الفنان بعد رحيله هى آخر المشاهد التى يمكن أن نرصدها ونقيم عليها كلمات التأبين والعزاء، وتختلف الحكايات باختلاف المشاهد وتنوعها، والقليل هم الذين يجعلوننا نبتسم ونحن نتذكرهم فى آخر المشاهد.

غيب الموت سناء يونس فى هدوء، وهى التى كانت تحدث الجلبة والضوضاء عند أى عمل يسند إليها، لازال عالقا فى ذهنى مسلسل الكومبارس الذى كانت تجسد فيها شخصية الكومبارس وحلمها بالصعود إلى القمة، فهل تأخرت نجومية هذه الفنانة العملاقة، ولم تأخذ حقها المشروع، لاشك أن معجبيها وعشاقها فى كل مكان يعرفون جيدا قدراتها التمثيلية العالية.

كانت فنانة أصيلة وملتزمة، أفنت حياتها فى بلاتوهات السينما وعلى خشبة المسرح، حظيت باحترام الكبير والصغير، ولم تنفصل يوما عن قضايا مجتمعاتها وأمتها، وكانت لها آراؤها فيما يحيق بوطنها، وفى ذلك كانت تقول الفن يلعب دور السياسة ووحدتنا سهلة شريطة أن يخاطب الفن العقل والوجدان والمشاعر.

وظيفتها ادخال البهجة على قلوب الجماهير، كان الضحك إحدى مهامها الرئيسية.. وقلما تجدها فى مشهد لا يبعث على الابتسام، إنها واحدة من صناع الضحك فى وطننا العربى.

كانت تعرف جيدا أبعاد رسالتها الفنية، ولم يستقطبها يوما الضحك الرخيص أو الهزل المغلف بابتسامات زائفة، ظلت تحافظ على حدود والمحاذير التى تفصلها عن الفن الهابط والاستهلاكى، عندما تظهر فى الكادر تضخ الحيوية والنشاط والوهج، وتنطلق يمينا ويساراً بموهبتها وإيماءاتها وإشاراتها، وتبدع من لازماتها الخاصة والتى كانت تتغير باختلاف الدور وطبيعته. إن سناء يونس خليط جامع بين فنانات كثيرات، فرغم الفروق الجوهرية والشكلية بين زينات صدقى ووداد حمدى وشويكار وسناء جميل، إلا أنها مزيج من هؤلاء العبقريات، فهى لم تستسلم لنمط معين من الأدوار، ولعبت شخصيات عديدة ومختلفة غير متشابهة ولا يربط بينها رابط، لكنها أجادت فى تشخيصها وتجسيدها، وتلك هى عبقرية سناء يونس. وربما تكون الفنانة الكوميدية الوحيدة التى أدت الأدوار التراجيدية والميلودرامية بنفس الكفاءة وذات الأداء الرفيع. إنها من جيل كان يعشق الفن.

استطاعت سناء يونس فى حضرة الأستاذ الكبير فؤاد المهندس أن تفرض سطوتها على المسرح وتصول وتجول وتسرب إلى الناس ضحكاتها، فتضج القاعة بالصراخ والتصفيق، فى مسرحية هالة حبيبتي احتكرت سناء يونس الضحك، وفى سك على بناتك كان الجمهور ينتظر ظهورها ما بين المشهد والمشهد. أنها فنانة لديها حضور طاغ وموهبة كبيرة من يقف أمامها لابد أن يكون سريع البديهة يملك إمكانات عالية ليستطيع أن يجاريها.

كانت تقول إن جودة العمل وتعايش الناس مع الدور وتصديقه هو هدفى الأول والأخير. ثلاثة أشياء حرصت عليها وهى الصدق والموهبة والهدف، وعندما سئلت كيف تتعامل مع الشخصيات التى تسند إليها قالت اتعامل مع كل شخصية بصدق وحب شديد وأغوص فى أعماقها لفهم نوازعها وسولوكها ثم أقوم بالمواءمة ما بين دواخل هذه الشخصية وشكلها الخارجى، وهذا يتطلب أن يكون بين يدى نص جيد يعتنى بالشخصية وعلاقاتها وبنائها وتشابكها مع الشخصيات الأخرى، وأنا أميل إلى تقديم الشخصيات الإنسانية المهمشة وأحلام الإنسان البسيط والأدوار الصعبة والمركبة.

شاركت منذ طفولتها فى المسرح المدرسى، وكانت تقول إن الكوميديا هى الوجه الاخر للألم ولابد أن تستمر الحياة، الكوميديا هى ضحكة الشعب الدائمة التى تمثل الحياة والتحدى أقوى من الإرهاب والعنف والقهر الاجتماعى.

بلغت سناء يونس فى مسلسل العميل 1001 بدور إستر اليهودية الذروة، فقد لعبت على الانفعالات الداخلية والصراع النفسى ما بين الهجرة إلى إسرائيل والبقاء فى البلد الذى ولدت به، شخصية صعبة ومركبة لكنها أجادت فى تجسيدها وجعلت الجماهير تلتف حولها. لكن افضل أدوارها كما تقول هو دور أم شهيد فلسطينى فى فيلم ليوسف شاهين، كانت تؤسرها المرأة الفلسطينية التى تطلق زغرودة الحزن عند احتضان رفات ابنها. لم يمهلها القدر من إكمال آخر أعمالها فى مسلسل أذكى غبى فى العالم مع سعيد صالح وجيهان فاضل وصبرى عبد المنعم.

رحم الله الفنانة القديرة والعظيمة سناء يونس التى أثرت حياتنا وأمتعتنا وأدخلت البهجة على قلوب الصغار والكبار.       

الأهالي المصرية في 24 مايو 2006

جميلة الروح غادرتنا

سناء يونس.. الكوميديانة التى ملأت الدنيا ضحكًا وبكاءً 

فى هدوء شديد، ولكن بمقدمات مثل التى تسكنا جميعا، وتنهش فى قلوبنا وأكبادنا، رحلت عنا الأسبوع الماضى الفنانة القديرة سناء يونس بعد مرحلة من الاكتئاب الشديدة عاشتها الفنانة الراحلة مؤخرا بسبب تردى الأوضاع السياسية والفنية والاجتماعية، وهو ما كانت تؤكد عليه من خلال كل أحاديثها الشخصية، وحرصها الدائم على المشاركة الفاعلة فى تجمعات وحوارات القوى الوطنية والمظاهرات وتضامنها مع الصحفيين والمحامين وكل الحركات والقوى الوطنية التى تطالب بالحريات وتعديل الدستور.

رحلت سناء بعد رحلة قصيرة مع المرض اللعين، مثلها مثل ملايين المصريين الذين نهش هذا اللعين أكبادهم، ولم تشأ سناء إلا أن تكون مثلهم فى أفراحهم على ندرتها وأحزانهم على كثرتها، وأمراضهم، وهدوء رحيلهم عن دنيانا.

جاءت الفنانة الراحلة إلى القاهرة عام 1967، بعد حصولها على ليسانس آداب قسم اجتماع، اتجهت للتمثيل عشقها القديم منذ المدرسة الابتدائية، اختارها عبد المنعم مدبولى لتشارك فى مسرحية حالة حب أمام شويكار وفؤاد المهندس، فلم تكن سناء تحلم بنجومية الوجوه الناعمة، بقدر ما كانت تحمل بداخلها هموم فنانة تبحث عن الطريق، فنانة لها رؤية خاصة جدا حاولت أن تحققها من خلال ما قدمت من أعمال كوميدية أو تراجيدية، قدمت العديد من المسرحيات لمسرح الدولة ومسرح التليفزيون، لمعت مع فؤاد المهندس فى أجمل أدوارها على خشبة المسرح والذى كان له كبير الأثر فى شهرة واسعة لها من خلال مسرحية سك على بناتك، ثم أتبعتها بدور ربما يكون أقل فى التأثير غير أنه ساهم فى تثبيت نجوميتها كواحدة من أهم نجمات الكوميديا على خشبة المسرح فى مسرحية هالة حبيبتى، وخلال رحلتها التى تجاوزت 40 عاما قدمت ما يقرب من 25 فيلما، ومثلها من المسرحيات، فى حين قدمت ما يقرب من 30 مسلسلا للتليفزيون، حتى اعتزلت المسرح تحديدا والحياة الفنية بشكل عام فى 2001 بعد رحيل والدتها، وإصابتها بحالة اكتئاب شديدة، ثم عادت مرة أخرى لتشارك فى بعض أفلام نجوم الكوميديا الجدد، وبعض المسلسلات التليفزيونية، قدمت للمسرح العديد من الأعمال الناجحة مثل حلمك يا شيخ علام، الجوازة دى مش لازم تتم، ليلى والمجنون، ليلة فرح عديلة، بيت العوانس وغيرها، وكانت بدايتها فى السينما من خلال فيلم عطشان يا صبايا وبعده توالت أعمالها مثل اليوم السادس، جبر الخواطر، المصير، الجوع، دنيا الله، الدنيا على جناح يمامة وغيرها، ومع النجوم الجدد قدمت بعض التجارب مثل جواز بقرار جمهورى، حرب أطاليا، اوعى وشك، وفى التليفزيون قدمت العديد من المسلسلات منها سعد اليتيم، الوسية، الزوجة آخر من يعلم، ضمير أبلة حكمت، السيرة الهلالية، وكان آخر أعمالها دورها المهم من خلال مسلسل الجاسوسية العميل 1001 مع الفنان مصطفى شعبان، ثم مؤخرا مسلسل أذكى غبى فى العالم الذى رحلت قبل أن تكمله، ومن أهم أفلامها التى كانت تعتز بها الفيلم الروائى القصير القاهرة منورة بأهلها للمخرج العالمى يوسف شاهين، الذى أثار ضجة واسعة عقب عرضه، كما حصلت على جائزة التمثيل الثانية من مهرجان الإسكندرية فى عام 1992 عن دورها فى فيلم الفضيحة.

وكانت الراحلة تؤكد دائما أن مستقبلها المهنى كفنانة وممثلة قد تقرر منذ طفولتها حيث برزت موهبتها فى المدرسة الابتدائية، فشاركت فى المسرح المدرسى، وكانت لها هوايات متعددة إلى جانب التمثيل مثل الموسيقى والشعر والخطابة، وكانت تعتبر نفسها تأسست فنيا بشكل سليم وقوى، وكبرت الهواية معها، وساعدتها فى ذلك الأسرة لتحقيق هوايتها وعشقها للتمثيل، ورغم أنها لم تلتحق بمعهد الفنون المسرحية ودرست علم الاجتماع، فإنها كانت محترفة فى الفرق المسرحية التى تم تشكيلها فى ذلك الوقت، عندما كان يقوم على المسرح أساتذة كبار تعلمت منهم على حد قولها معانى الالتزام فى كل شيء، واحترام عقل وذائقة الجمهور والبعد عن الابتذال.

وبالرغم من تعدد الأدوار والشخصيات التى قدمتها الفنانة الراحلة على مدار تاريخها الفنى لما يقرب من 40 عاما، فإن أحب الألوان الفنية إلى قلبها كانت الكوميديا، وهى ما كانت تحرص عليها الراحلة فى أعمالها، وتسعد جدا عندما يأتيها دور لشخصية كوميدية، وخاصة إذا كان على خشبة المسرح، فقد كانت رحمها الله ترى أن الكوميديا هى الوجه الآخر للألم، وأنه مهما كانت درجة الألم لا بد أن تستمر الحياة، ولا بد من التغلب على ما يواجهنا من صعوبات بمختلف الوسائل، وأن الكوميديا هى الوسيلة الأهم للتغلب على صعاب الحياة، وأن ضحكة الشعب الدائمة هى التى تمثل الحياة والتحدى، ربما أقوى من الإرهاب والعنف والقهر الاجتماعى والاحتلال الذى لا بد من تعريته ومواجهته واقتلاعه بمختلف الوسائل، ومنها الفن بكل أشكاله.

وعلى كثرة الأدوار التى قدمتها الفنانة الراحلة إلا أنها لم تكن لها أحلام فنية بقدر ما كان لها أحلام إنسانية، وربما تحديدا حلم واحد فقط، وهو على حد قولها: بسيط جداً بالمقاييس الإنسانية وسهل التحقيق، بل هو حاجة ماسة، إنه الوحدة العربية، فأنا امرأة عربية أؤمن أن لهذه الأمة مصيرًا مشتركًا ولا يمكن أن تكون مهمشة.

أما حلمها على المستوى الشخصى، فلم يكن أكثر من دور قد يكون قد تحقق بالفعل فى حياتها، وهو الدور الذى جسدت فيه دور أم شهيد فلسطينى، فقد كانت تعتز من بين مجمل أدوارها على تنوعها وثرائها بهذا الدور الذى تختارها له المخرج العالمى يوسف شاهين فى المساحة التى خصصت له وهى 11 دقيقة فى فيلم عالمى عن 11 سبتمبر فى أمريكا، شارك فى صنعه 11 مخرجا عالميا، وقد وصفت تجسيدها لهذا الدور قائلة: قلت الصدق كل الصدق فى هذا الدور، وعبرت عن حال الإذلال الذى يمارسه الصهاينة ليل نهار بحق الشعب العربى الفلسطينى، حيث سعدت جدا عندما اختارنى الأستاذ يوسف شاهين لأقوم بهذا الدور، فقد أثارت ال 11 دقيقة المخصصة لشاهين ثورة أمريكا واحتجاجها لصدق الرؤية والأداء.

العربي المصرية في 28 مايو 2006

 

"نصر الله" و"أذكى غبي في العالم".. مسلسلان لم تستكملهما سناء يونس 

حبذا لو أمهل القدر الممثلة القديرة الراحلة، سناء يونس، مهلة كانت بأمس الحاجة اليها لاستكمال تصوير مسلسلين هما: "نصر الله"، و"أذكى غبي في العالم". وكانت على وشك ان تنهي دورها في هذا الأخير لو لم يعاجلها المرض القاتل.

حياة مهنية حافلة بالنجاحات الكبيرة والاخفاقات الصغيرة. ولدت في منطقة الزقازيق في العام 1945. بدأت التمثيل على مسرح الجامعة. وبعد حصولها على اجازة في الآداب، جاءت الى القاهرة لتعمل مع فؤاد المهندس في المسرح الكوميدي. قدمت، في تلك الأثناء، أعمالاً هامة مثل: "أنا وهو وهي"، و"سك على بناتك"، و"هاللو دوللي"، و"الأرنب الأسود" و"عديلة"، فاستحقت ان تحتل موقعاً هاماً على قائمة الكوميديا المعاصرة. وأظهرت تميزاً لافتاً على الشاشة الكبيرة، بدءاً من العام 1973 في فيلم "حمام الملاطيلي"، ثم "جنون الشباب". وفي العام 1986 شاركت في أربعة أفلام دفعة واحدة هي: "سري للغاية" و"حد السيف" و"اليوم السادس" و"الجوع". ومن أهم أعمالها السينمائية: "ريا وسكينة"، "اضراب الشحاتين"، "آخر الرجال المحترمين"، "الدنيا على جناح يمامة"، "الازواج يريدون حلاً"، "الفضيحة"، "جبر الخواطر"، "جواز بقرار جمهوري"، "المزاج"، وأخيراً "حرب ايطاليا" مع أحمد السقا.

أبدت موهبة فذة في اعمال قدمتها على الشاشة الصغيرة، من بينها: "كومبارس"، "الوهم الجميل"، "الزوجة آخر من يعلم"، "الحور العين"، إضافة الى مسلسلين عرضا في شهر رمضان هما: "الدم والنار"، و"العميل 1001". وقد حصلت سناء يونس على جائزة أفضل ممثلة لدور ثان، وذلك في مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي 1992، عن دورها في فيلم "الفضيحة".

المستقبل اللبنانية في 29 مايو 2006

 

سينماتك

 

محمود قاسم يكتب في وداعها:

سناء يونس.. رحيل ضحكة

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك