لم يكن المبدع الراحل عبدالعزيز المنصور مخرجا عاديا في صناعة الدراما الخليجية او حتى في اعماله المسرحية لكنه شكل حالة خاصة متفردة من نوعها في الابداع حيث كان صديق الكاميرا ويراعي النواحي الفنية في الديكور والموسيقى وغيرها من اجل ان يحقق المنطق الفني كما ينبغي ان تكون عليه الفكرة والهدف في اي عمل فني وقد يكون المخرج الوحيد في الكويت الذي منعت له اعمال درامية تلفزيونية من بينها مسلسل 'المنزل' في عام 1982 وكذلك مسلسل 'الاعتراف' لانه حاول ان يطبق منطق عبدالعزيز المنصور في الابداع والرقي الفني اللذين نحن بحاجة اليهما في الوقت الحالي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف كان يتعامل المنصور مع الاعمال التي منعها تلفزيون الكويت من العرض وما منطقه الفني فيها وكيف يراها المشاركون فيها؟

الفنان جاسم النبهان اشاد في البداية بالمخرج الراحل وبخصوصيته في التعامل مع الحدث الفني والفنانيين العاملين معه وقال: لقد عملت معه في العديد من الاعمال من بينها مسلسل 'المنزل' عام 1982 ومسلسل الاعتراف عام 2003 وهذان العملان منعهما تلفزيون الكويت من العرض، وفيما يتعلق بمسلسل 'المنزل' فقد ابلغني المخرج الراحل ان سبب المنع هو وجود مشهد في المقبرة فيه حالة دفن لمتوفى ونحن حوله ولم يكن هناك اي تفسير اخر من قبل وزارة الاعلام مشيرا الى ان مسلسل المنزل كان ناضجا فكريا ويسبق المرحلة التي صنع فيها وكان يناقش قضايا اكثر حساسية بل هو اقرب إلى مسلسل الاعتراف الذي لم ير النور هو الاخر.

ولفت الى أن مسلسل 'المنزل' عرض منذ فترة قصيرة على قناة ابوظبي الاماراتية ونتمنى ان يعاد النظر فيه ويعرض على تلفزيون الكويت. اما فيما يخص مسلسل الاعتراف فكان هناك تبادل لوجهات النظر حول انه سيواجه ردات فعل من الرقابة الا ان المنصور كان ينفذه بدقة كبيرة جدا وكان يصر ان يخرج كل مشهد كما يريد.

منطق فني

اما الفنان ابراهيم الصلال فقد اكد ان عبدالعزيز المنصور كان يحمل منطقا فنيا متقدما وراقيا وكان خلوقا ومبتسما دائما، واضاف لقد عملت معه في العديد من الاعمال ومن بينها مسلسل 'المنزل' الذي لم يعرضه تلفزيون الكويت والذي حرص المنصور خلال تصويره على أن يكون اكثر تطورا وان كنت شخصيا لا اتذكر سبب المنع في الوقت الحالي، الا انه كان يدور في ثلاثين حلقة وفي اطار اجتماعي بحت مشيرا الى ان العمل معه كان له طعم وخصوصية مهمة.

تعامل بمسؤولية

وشددت الفنانة البحرينية هيفاء حسين على ان المخرج الراحل كان بمثابة الوالد لها لما يتمتع به من رقي في التعامل بالاضافة الى انه صاحب موقف. وقالت لقد عملت معه في عدة اعمال من بينها غصات حنين، والقدر المحتوم والاعتراف الذي لم ير النور ولم يعرف حتى الان مشيرة الى ان المنصور في مسلسل الاعتراف كان دقيقا للغاية وتعامل مع هذا العمل بمسؤولية فنية كبيرة وكان من الصعب ان يرضي كل الاطراف سواء الرقابة او غيرها الا انه تعامل مع هذا العمل بمهنية كبيرة.

ولفتت الى انه كان صريحا جدا ومسالما إلى أبعد الحدود ولم يشتك احد منه طوال هذا التاريخ الطويل مع الاعمال الفنية داعية له بالرحمة والمغفرة.

مثالي

واعتبر الفنان القدير محمد المنيع المخرج عبدالعزيز المنصور بانه كان مثاليا للغاية في تعامله مع اعماله. وقال لقد عملت معه في العديد من الاعمال بينها مسلسل 'المنزل' الذي لم يعرض حتى الان وكان يهتم كثيرا بارائه واطروحاته في هذا العمل وكان حالة خاصة في الطيبة والرقي ولذلك كانت اعماله تخرج في شكل فني رائع مشيرا الى انه لا يذكر حتى الان سبب المنع لكون العمل قد مضى عليه الكثير من الوقت.

رؤية متوازنة

وشدد الفنان القدير علي المفيدي على ان المنصور كان يحمل رؤية اخراجية متوازنة من خلال بحثه بالكاميرا لكونه كان صديقا لها وقال: لقد عملت معه في الكثير من الاعمال من بينها مسلسل 'الاعتراف' الذي لم يعرض حتى الان وكان هناك تبادل لوجهات النظر بيني وبينه حول حذف بعض المشاهد منه الا انه كان يرى ان العمل لابد ان يخرج بشكل فني متوازن مشيرا الى انه لم يكن يتوقع ان يمنع عرض هذا العمل وانما كان متوقعا ان تحذف منه بعض المشاهد. وقال ان الراحل كان يحاول دائما ان ينفذ رؤيته الاخراجية في العمل بشكل متفان لكونه صاحب فكر مستنير وقلب طيب ورقي في الكلمة.

متمنيا ان يعاد النظر في عرض هذه الاعمال حتى يشاهد الجمهور ابداعات اضافية لعبدالعزيز المنصور.

العلي و يوسف من الشارقة إلى الكويت للعزاء

وصل مساء امس محمد عبدالله العلي مدير دائرة الثقافة والاعلام بإمارة الشارقة ومحمد يوسف علي رئيس مجلس ادارة مسرح الشارقة لتقديم واجب العزاء بالمرحوم المخرج عبدالعزيز المنصور وسيعودان الى الشارقة اليوم. وتأتي هذه الزيارة تأكيدا لعمق الروابط التي تربط الاسرة الفنية في الشارقة والكويت، ولمشاركة الكويت احزانها في فقدها لاحد اهم شخصياتها الفنية البارزة.

 

شهادات فنية في رثاء الراحل

كتبت نيفين أبو لافي:

كان الراحل عبدالعزيز المنصور طوال حياته الفنية مثال الاخلاق والالتزام الفني، عرفه اصدقاؤه بالانسان الرائع ذي المواقف المشرفة، سواء من خلال الاعمال التي قدمها على خشبة المسرح او عبر شاشة التلفزيون.

'القبس' استطلعت بعض اصدقاء الراحل الذين قدموا شهادات رثاء عنه.

صديق الجميع

'زميل عزيز ترافقنا في فرقة مسرح الخليج العربي وجمعنا العمل، اخرج لي مسرحية للصبر حدود، وعرفته مخرجا متميزا حريصا على جمالية الشكل، ومدققا في عمله، اعماله التلفزيونية الاخيرة متميزة وخير شاهد على ذلك.

اما في الجانب الانساني فقد عرفناه صديقا خلوقا محبوبا من الجميع،وسيبقى ما قدمه للفن في الكويت خالدا يحيي ذكراه'.

د. خالد عبداللطيف رمضان نجم فرقة الخليج

 

عبدالعزيز المنصور نجم من نجوم فرقة مسرح الخليج العربي زاملته منذ بدايتنا معا في مطلع الستينات فعرفت فيه الجد والمثابرة والرغبة في التطور، وبدأ عمله في المسرح في فن الماكياج، واخذ تدريبه الاول مع محمد عبدالحميد ثم ذهب في بعثة الى القاهرة ودرس فن الماكياج وعاد الى الكويت للعمل في التلفزيون ثم تطور في كل الاتجاهات وعمل عملا جيدا متواصلا منذ منتصف الستينات حتى منتصف الثمانينات، قدم خلالها عددا من الاعمال المسرحية كما عمل مساعد مخرج ومخرج تميز بالصدق والرجولة والوفاء، وبعد ذلك انصرف الى التلفزيون وقدم فيه عددا كبيرا من الاعمال المهمة التي جعلته ابرز مخرج كويتي تلفزيوني وهو يعتبر الآن حتى آخر لحظة من عمره في الصف الاول من المخرجين التلفزيونيين العرب.

عبدالعزيز المنصور تتلخص حياته في انه رجل محب لفن المسرح والدراما بشكل عام، يبحث عن الجديد ومتطور دائما،وربما يكون هو اول من ادخل الاسلوب السينمائي في تصوير الاعمال التلفزيونية على نطاق الكويت ثم حذا حذوه كثيرون.

كان عضوا بارزا من اعضاء الفرقة لم يشغله موضوع الادارة والانتخابات والخلافات، فكان دائما مترفعا عن ذلك ومتواصلا ومحبا للجميع، رحمه الله سأفتقد فيه الصديق الودود، والزميل الكفوء.

عبدالعزيز السريع الماكيير الذي أصبح مخرجا

 

عملت معه منذ 43 عاما منذ ان كان ماكييرا حتى اصبح مخرجا، عرفت فيه الانسان الصادق الودود لم يكن زميل عمل، بل كان اخا عزيزا، تعجز الكلمات عن رثائه وليس لي الا ان ادعو له بالرحمة وان يسكنه الله فسيح جناته، لأن كل العبارات وكل معاني المفردات في الدنيا لا يمكن ان توفي هذا الانسان حقه.

عبدالعزيز المنصور تميز في كل شيء في صمته وعمله وحديثه وتعامله، وترك لنا ارثا دراميا متميزا في اسلوبه وطرحه.

سعاد عبدالله الأخ والفنان

 

كان اخا وفنانا مميزا، وآخر تعاون لي معه 'في بيت تسكنه سمرة'، وكنت اتمنى ان يتكرر اللقاء، الا ان ارادة الله حالت دون ذلك، عرفته منذ ان كان ماكييرا ولطموحه وتميزه تبوأ مكانة عالية عندما تفرد بأسلوبه كمخرج، رحمه الله واسكنه فسيح جناته.

حياة الفهد جهاد أثناء الغزو

 

لقد خسرت الكويت احد رجالها الذين قدموا من روحهم عطاء كبيرا، لم يتمثل في عطائه الفني فحسب، ولكن اعظم اعماله تفانيه لوطنه وجهاده اثناء الغزو الغاشم، فالدور الذي قام به لا يتسع المجال لذكره في صفحات العزاء، ويكفي ان أذكر ان منزله في منطقة صباح السالم كان ثكنة عسكرية كويتية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

له من المآثر الكثير ما يعجز عنها اللسان. رحم الله عبدالعزيز المنصور وألهم ذويه الصبر والسلوان واسكنه الله بإذنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.

عبدالعزيز الحداد

القبس الكويتية في 28 مايو 2006

 

فنانو البحرين في وداع عبدالعزيز المنصور:

غصات من الحنين نتجرعها بعدك

الوقت - عبدالله سويد: 

الفنان الكويتي والمخرج عبدالعزيز المنصور العرفج الذي أخرج للشاشة الفضية العديد من الأعمال الدرامية نذكر منها (فهد العسكر) و(غصات الحنين) وغيرهم من المسلسلات التي أمتعنا بها لما يزيد على عشرين عاماً والذي كان صديقاً وأخا للعديد من الفنانين البحرينيين الذين هزهم خبر وفاته المفاجئة، عبدالعزيز المنصور الذي كان مثالاً للأخلاق العالية والطيبة والفن غالب معظم الممثلين دموعهم وهم يتكلمون عن علاقتهم معه وأيامهم التي قضوها مع المنصور، ومهما قيل عن هـذا الـفنان ستبــقى الكلـمات قليـلة على عطائه الـذي لم يتوقـف إلا عندما توقـف قلبه عن الخفقان .

عبدالله السعداوي :

هذا حقيقة مصاب جلل لأنه لا يمكن أن نعوض عبدالعزيز المنصور، وقد جمعتني بالراحل صداقة طويلة بدءاً من الإمارات، وهذا فعلاً خبر محزن، خصوصاً أن الرجل كان معطاءً وذا خلق راق جداً، الله يرحمه ويحسن إليه، أتمنى إنشاء الله أن نحظى برجل مثل عبدالعزيز المنصور، ولو أن هذا أمرٌ صعب.

عبدالله يوسف:

عبدالعزيز المنصور تمتد صداقتي به من العام 1970 واستمرت هذه الصداقة حتى الآن، وخلال هذه الفترة عملنا معاً وسافرنا وتوطدت صداقتنا خلال هذه الفترة من خلال لقاءاتنا في الإمارات والكويت والبحرين حتى أصبحت أخوة، وطبعاً عبدالعزيز دروبه تنوعت منذ بداياته الأولى كرسام ثم ماكيير ورغم تحوله الى الإخراج إلا أنه عاش في الوسط الفني جميعه، وقد عاصر المبدعين في الكويت والوطن العربي وبالذات في مصر وتعلم منهم واكتشف إمكاناته التي كانت بلا شك متقدمة سواءً في التشكيل أو الماكياج وحتى على مستوى الإخراج، وكان الوعي الجمالي عنده متقدما، وفي اللحظة التي يصلك فيها خبر وفاة عبدالعزيز المنصور تتجمد، صحيح أنه كان صحياً يعاني وفي وضع ضعيف جداً، ولكن ماذا نقول (الموت حق) وما يحزنك أن يسبقك هذا الشخص ويعود بك شريط الذكريات، وعبدالعزيز كان واحداً من أسرة فنية تجمعنا بها علاقة طيبة نرجو أن تستمر مع أخوته، ورحمه الله لأن خسارته خسارة كبيرة، ولا يملك المرء في هذه اللحظات سوى أن يتقبل حالة انعدام الوزن التي يمر بها من الصدمة الى أن تستقر الأمور داخل نفسه، ولكن ستبقى بصماته من خلال أعماله (فهد العسكر) (غصات الحنين) والكثير.. الكثير من الأعمال، رحمه الله.

إبراهيم بحر:

الفنان القدير المرحوم أستاذنا عبدالعزيز المنصور والذي كان أستاذي في فن الماكياج من العام 1978 الى 1980 حين كان مدرساً في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، وقد شاركت معه في أولى أعماله التلفزيونية وكانت سهرة تلفزيونية بعنوان (حدث في الميناء) عام 1980 وعملت معه عدة أعمال سواء في مصر أو البحرين، وطبعاً هو فقيد الفن الخليجي والعربي ، كان فناناً كبيراً عمل في الماكياج كما عمل مخرجاً تلفزيونياً ومسرحياً، وكان دمث الأخلاق في تعامله مع الفنانين والفنيين وكان راقياً في تعمله مع الآخرين سواءً كان مخرجاً أو مدرساً وطبعاً فقدت الدراما التلفزيونية بفقده مخرجاً فذاً قدم عبر ما يزيد على 25 عاماً أو ما يزيد أعمالاً ستظل محفورة في التاريخ ، الله يعين الفنانين الخليجين والكويتيين بالصبر على فقد هذا الراحل الكبير.

أنور أحمد :

للأمانة هو ليس صديقاً فقط هو أستاذي أيضاً فقد عرفته وعشت أربع سنوات معه كأستاذ لي في المعهد العالي للفنون المسرحية وكان لا يعاملنا كطلبة وأستاذ كانت أعمق وبشكلٍ لا يمكنك أن تتخيله وعلى الرغم من أنه درسني ولكنه لم يشعرني يوماً بأنه أستاذ بل كان يتعامل معنا بمستوانا كطلبة، وقد عودنا أن يعيشنا في أجواء مختلفة ومريحة حتى في تعليمه للماكياج فحيناً كان ينقلنا للكافتيريا ومرة الى مبنى التلفزيون ولذلك بنيت بيني وبينه علاقة قوية تحولت الى علاقة صداقة بل الى أبوة فقد كان يعاملني كابن له رحمه الله وكان دائماً ما يقول لي بأن هناك مشروعا قادما لي معه خصوصاً أن هناك شبها بيني وبين أخوته خصوصاً حسين الذي يناديني كلما التقينا (بيا) أي أخي، أثرت فيني جداً وفاة عبدالعزيز خصوصاً انني عايشت مرضه فترة طويلة بدءاً من فرنسا مروراً ببريطانيا والكويت والأزمات القلبية التي ألمت به ومرض العين وحالات الإرهاق لدرجة إنني عندما صور قبل عامين في البحرين (غصات الحنين) كنت أشرف على تدخينه بحيث لا أدعه يدخن، هكذا كانت علاقتي بعبدالعزيز فبالتأكيد سأتأثر، فأولاً أنا فقدت أستاذاً لي وفقدت صديقاً وفقدت أخاً ونتأثر جميعاً لأننا فقدنا مخرجاً له بصمته في الدراما الخليجية سنفتقده لأنه كان محبوباً جداً ولم تكن له عداوات، كان مخلصاً في عمله، رغم آلامه ومرضه إلا أنه كان يعطي دائماً وربى جيلا من الممثلين والمخرجين، وكان يعطي فرص دائماً، فيجب علي أن أتأثر لأن كل الفنانين الذين عملوا معه كانوا دائماً يشيدون به ، يجب أن نتضايق ونتأثر لأننا سنفتقد عبدالعزيز المنصور في الدراما في كل رمضان مقبل، وأتضايق أكثر لأنني سأرى محمد ومنصور وحسين لوحدهم، وأشياء كثيرة تضايق في غياب عبدالعزيز المنصور، ولكن هذه مشيئة الله، والبركة في إخوانه والفنانين المخلصين له، وعزائي لحسين ومحمد ومنصور وعزائي الأكبر لأسرة مسرح الخليج العربي الذي يشكل قاعدة جماهيرية كبيرة في الكويت وعزائي لكل الفنانين في الكويت والبحرين والخليج وعزائي للشعب الكويتي لأن عبدالعزيز المنصور كون قاعدة حتى على المستوى الشعبي من خلال أعماله الدرامية.

غادة الفيحاني :

عبدالعزيز المنصور من المخرجين الذين لم يتسن لي العمل معهم مع اني كنت أتمنى ذلك وقد جمعتني به بعض اللقاءات هنا في البحرين عندما كان يصور مسلسل (غصات الحنين) حيث كنت أتواجد تقريباً بشكل يومي في موقع التصوير وكنت أحرص أن أجلس بقربه وقد رأيت أخلاق هذا الرجل وطريقة معاملته مع الممثلين فكان هادئاً جداً خدوماً وكان معروفاً بمواقفه النبيلة، وقد كنت أتمنى العمل مع هذا المخرج حتى إني كنت أفكر فيه قبل أن يتوفى بيومين، وكنت أنوي أن أكلم محمد المنصور أو حسين المنصور بحكم صداقتي معهم أن يخبروه أنني أتمنى أن أعمل معه (مع إني لم أفعلها من قبل) ولكن كما تعرف كان الموت أسرع، وكما نعرف جميعاً لم تخسره الكويت وحسب بل الكويت والخليج والوطن العربي جميعه خسر عبدالعزيز المنصور، وألهم الله أهله الصبر وإنشاء الله نرى خليفته في إخوانه أو أبناء إخوانه.

نضال الدرازي :

فقدنا رائدا من رواد الحركة التلفزيونية والمسرحية أحد أكبر فناني الخليج والذي عطاؤهم كان جباراً في الساحة وهو المخرج المبدع عبدالعزيز المنصور العرفج، يحزنا كثيراً أن نتكلم في هذا الفقيد ولكننا دائماً نذكره ونذكر إنتاجه المتميز وتعامله وأخلاقه بالدرجة الأولى، كفنان وكإنسان كان متعوناً جداً وقدم للساحة الفنية طاقات وفنانين مازالوا يدينون بالفضل لهذا الرجل لوجودهم على الشاشة، نتمنى له الجنة ويلهم أهله الصبر والسلوان.

ابتسام العطاوي :

الفنان عبدالعزيز المنصور كان أستاذاً في الفن، مدرسة في الفن، عبقريا في الفن وأنا واحدة من تلميذاته وبعيداً عن الوسط الفني وبعيداً عن العمل الذي عملته معه والذي أحببته من خلاله لم يشعرني يوما بأنه مخرج بقدر ما أشعرني أنه أب وخصوصاً في الغربة يشعرك بأنه والد لك يعوضك حنان الأب فهو كإنسان يحمل كل المشاعر الجميلة، أذكر في الهند عندما كنا نصور مشاهد (غصات الحنين) فكنت منزوية في ركن أفكر (سارحة) فأوقف التصوير وجاء لي ليسألني عما بي وليطمئني على أولادي وليقول لي بأنه أبي وسيكون موجوداً دائماً عندما أحتاجه، فبكيت فقد كنت في غربة نحو الشهر والنصف ولم يكن يخفف علي إحساس الغربة سواه، كنا ننتظر عمله الجديد كما تنتظره الناس جميعا، ولا نقول سوى إنك لا تنسى يا بو سعود ومن المستحيل أن ينسى من هو مثلك وسنفتقده فعلاً وشهادتي فيه مجروحة، الله يصبرنا وإنشاء الله يقدر بعد وفاته فقد خدم الدراما فعلاً، والحمد لله على كل حال.

الوقت البحرينية في 2 يونيو 2006

فى عصر يقبضون فيه على المتظاهرين من أجل العدل والحرية

البستانى المخلص.. رومانسية معذبة وحقائق مرة

نقد سينمائي: أحمد يوسف 

بأسلوب هادئ حزين، وبرغم المشهد الافتتاحى الذى يشهد حادثة قتل غامضة فى صمت كامل على شريط الصوت، يبدأ فيلم البستانى المخلص أو الحارس العنيد كما جاء فى ترجمته المصرية، إنهما الهدوء والحزن اللذان يخيمان على أجواء الفيلم كله لأنه يتناول عالماً جديراً بالتأمل والأسى، عالم أسطورة القرية العالمية الواحدة التى يروجون لها وصدقناها لمجرد أن التقنيات المعاصرة أتاحت اتصالاً ولا نقول تواصلاً بين أركان العالم المختلفة، لكن هذه التقنيات لم تصنع بعد حضارة بالمعنى الحقيقى للكلمة، حضارة تحاول أن ترتقى خطوة أعلى فى سلم الأخلاقيات الأكثر إنسانية وتسامحاً وتنظر بحق إلى كل البشر أياً كانت أعراقهم أو ألوان بشرتهم أو دياناتهم نظرة مساواة صادقة، لكن الأمر يبدو فى اللحظة الراهنة من التاريخ الإنسانى على العكس تماماً، فما تزال الرأسمالية تزداد جنوناً وتوحشاً وإن زعمت فى الظاهر أنها تتحلى بالمنطق وترفع شعارات الحرية، إنه عالم القرية العالمية الواحدة المزعومة حيث تكتسب الصهيونية أكثر الضلالات البشرية خبثاً شرعية من منطلق القوة وفرض الأمر الواقع، وحيث يتم تدمير أوطان لها تاريخها العريق بحجة جلب الديمقراطية، وحيث يصبح فريق هائل من البشر مجرد حيوانات تجارب لحفنة من الرأسماليين وتجار الحروب من أجل التوسع فى تجارة الأدوية والأسلحة التى تزداد كل يوم رواجاً.

تقول شركات صناعة الأدوية متعددة الجنسية وهو مصطلح غائم لأنه لا يتعلق بالجنسية بقدر ما يتعلق بتحالف الطبقات الرأسمالية المتوحشة، تقول إنها تعمل من أجل مصلحة البشر والشعوب الفقيرة على نحو خاص، وتتذرع باتفاقية حماية الملكية الفكرية التى فرضوها فرضاً على الدول الضعيفة أو الهشة لكى تخترق أسواق الأوطان الفقيرة بزعم أنها لا تريد أن تحرم ياحرام!! المواطن الغلبان من الأدوية الجديدة، لكنها تسعى أيضاً إلى عدم التقيد بأية أسعار محددة لهذه الأدوية، فأرجو أن تتأمل ملياً هذا التناقض الذى أدركته أوطان مثل الهند والصين فحاولت أن تقاومه، ولم تزل أوطان أخرى لا تغيب عن إدراكك غائبة عن الوعى تجاهه، وأخذ المسئولون فيها يرددون الشعارات الجوفاء حول حرية التجارة والاستثمار، ولا يتذكرون للحظة واحدة الحق الدستورى الثابت للمواطن فى معظم دول العالم حتى الرأسمالية منها فى الحصول على العلاج المجانى الحقيقى وليس الزائف، ولا ندرى إن كان ترديد أصحاب القرار فى هذه الدول الهشة لمزاعم الرأسمالية المتوحشة دليلاً على الغيبوبة أم التواطؤ الذى ينبع من المصالح الطبقية الضيقة المشتركة بين المسئولين والرأسمالية العالمية.

وأرجو ألا يتصور القارئ أنه بقراءته السطور السابقة قد ضل طريقه إلى صفحة الفن، فليس الفن بالضرورة كما يتصور البعض هروباً من الواقع، كما أن الاقتصاد والسياسة ليسا ميدانين جافين للمتخصصين وحدهم، ولعلهما أكثر النشاطات الإنسانية تأثيراً فى الروح والعقل، وبهذا المعنى فإن نجومية محمد سعد ومحمد هنيدى وغيرهما من الأقران والأشباه هى فى جوهرها ظاهرة سياسية وإقتصادية، ولتقارن بين هذه النجومية ونجومية معظم السياسيين ورجال الأعمال والصحفيين فى مصرنا المعاصرة لتدرك أنه نسيج واحد، فليس مجرد ظهور هؤلاء هو الدليل على الخواء وتبلد الروح ولكن الأهم هو اختفاء أو إخفاء كل الاتجاهات الأخرى الجادة والمخلصة.

وعن الإخلاص يتحدث فيلم البستانى المخلص، وإن رأيت فى ذلك جانباً أخلاقياً قد لايعجب أصحاب التيار الضيق من المادية الجدلية فذلك أمر ينبغى التوقف عنده، فالأخلاق بالمعنى الأشمل للكلمة هى الهدف الأسمى للمادية الجدلية فى جوهرها، ولتتأمل تلك الصورة الفنية: بستانى يرعى زهوره ويوليها العناية ويمنحها عناصر النمو ويقتلع عنها الحشائش الضارة، فهل تراه يترك هذه الزهور لمصيرها لأنها سوف تنمو طبقاً للقوانين المادية؟ وهل تراه عندئذ يختلف عن أصحاب النزعة الداروينية، أكثر الفلسفات العلمية دعماً للرأسمالية؟ الأخلاق إذن هى جوهر أية حضارة إنسانية حقيقية: أن تتسامى فوق مصالحك الشخصية الضيقة لترى هذه المصالح فى إطار أكثر اتساعاً ورحابة، مرتبطة بمصالح البشر الآخرين وليست متناقضة معهم.

وفى حبكة شديدة التماسك لكاتب السيناريو جيفرى كين عن رواية جون لوكاريه، وإخراج البرازيلى فيرناندو ميريليس، يمضى الفيلم فى خطين متوازيين لا يمكن أن تفصل بينهما: الخط الأول يدور حول الدبلوماسى البريطانى الشاب جاستين راف فاينس يتحدث فى مؤتمر صحفى فى شعارات رسمية عن سياسة بلاده، لتهاجمه الصحفية الشابة تيسا راشيل وايز متهمة إياه وحكومته بالنفاق لاشتراك بريطانيا فى حرب العراق، ومن هذا اللقاء الأول العاصف تبدأ قصة الحب التى تفضى إلى زواجهما وانتقالها إلى كينيا حيث يعمل الزوج، وهناك تكتشف تيسا قيام إحدى شركات الدواء العالمية الكبرى بإجراء التجارب غير الأخلاقية على المرضى الأفارقة، ولأن تيسا لاتساوم فى الكشف عن هذه المؤامرة فإنها تلقى مصرعها على نحو غامض خلال رحلة مع صحفى أفريقى شاب. إن الزوج يخفى الألم المزدوج فى جوانحه، حزناً على محبوبته وشكاً فى خيانتها له، لكنه يكتشف الحقيقة التى يبدأ معها الخط الثانى من الحبكة، حيث يكتشف أنها لم تخنه أبداً، وأن الخيانة تنبع من العلاقة العميقة والمشبوهة بين الدبلوماسية والجاسوسية هناك إشارة للموساد ووكالات الغوث وشركات الأدوية لتحقيق المكاسب غير الأخلاقية، ليجد نفسه فى مؤامرة أكبر بكثير مما كان يتصور، يقوم فيها العالم الأول باغتصاب العالم الثالث على نحو روتينى، والعبارة الأخيرة للناقد الأمريكى ميك لاسال حتى لايتصور البعض أننا نختلق الأبعاد السياسية اختلاقاً لأننا نؤمن بنظرية المؤامرة، وإن كان الإيمان أو عدم الإيمان بها لاينفى وجودها.

على المستوى الفنى، فإن هذين الخطين الدراميين: الرومانسية المعذبة، وحقائق العالم المريرة، يتداخلان فى شبكة من الانتقالات بين الزمن الحاضر والماضى، وبين عدة أماكن فى دول العالم بما يشير إلى مؤامرة النظام العالمى الجديد لإحكام السيطرة على الفقراء فى كل الأوطان. قد يتصور البعض أن فيلم البستانى المخلص فيلم رومانسى أحياناً، تشويقى بوليسى أحياناً أخرى، وهو بالفعل لايخلو من هذين العنصرين، لكن الرومانسية والتشويق ليسا إلا القوة الكامنة التى تدفع الدراما نحو غايتها المنشودة، أن نفتح أعيننا على الحقيقة المريرة، وأن نفك شفرة واقعنا الذى نعيش فيه بدلاً من ضلالات شفرة دافينشى التى تجلعنا أكثر بعداً عن هذا الواقع وتلهينا عنه، لكن ذلك يحتاج إلى البستانى المخلص فى كل حقول حياتنا، حيث نرعى الحقائق وننزع الضلالات ونسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية، لكن ما أصعبها من مهمة فى هذا العصر الذى أصبح فيه الباطل حقاً، والاستعمار تحريراً، وحتى تكتمل النكتة السوداء المريرة: فى عصر يقبضون فيه على بضع مئات من المتظاهرين من أجل العدل والحرية بذريعة لا يمكن أن تخطر على بال: تعطيل المواصلات!! لقد ملأت الأشواك حياتنا، لأننا نفتقد حتى فى أنفسنا إن أردنا الصدق مع النفس وجود ذلك البستانى المخلص.

العربي المصرية في 28 مايو 2006

 

مهرجان اسطنبول السينمائي يغامر مع جمهور متحفظ

اسطنبول ـ سيد عبد المجيد: 

ذكريات لا تنسى، وقيم لا تتغير، وحكايات كتب لها الخلود: تلك هي السمات الأساسية التي وجدها المتابع في العديد من عروض الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان اسطنبول السينمائي والذي انتهت لياليه مؤخرا·

تميزت خلال المهرجان عروض بعض أعمال المخرج الايطالي العبقري روبروتو روسيليني، فجاءت بمثابة تواصل مع ماض من خلال عمل وثائقي خاص أعدته ايزابيلا روسيليني لتكريم والدها· ومن إيطاليا أيضا كان جمهور اسطنبول على موعد مع قيمة سينمائية دشنت مع آخرين أمثال فيدور فيسكونتي وبولو بزوليني وفرانكو زيفريللي الواقعية الإيطالية، أنه فيتوريو دي سيكا صاحب ''المحطة'' ومنه استلهم المصري يوسف شاهين فيلمه الشهير ''باب الحديد''·

جرأة فرنسية

والأحياء كان لهـم مكان لما تركوه من إبداعات لا تنسى أمثال الآن ديلون الذي اعتذر عن الحضور وجيرار ديبارديو وايزابيل هوبير ودورها الفذ ''زوجة ملازم''، في إطار الاحتفاء بالسينما الفرنسية·

هذا عن الذكريات فماذا عن القيم التي لم تتغير؟ في إحدى العروض بدت هناك همسات تتسلل داخل صالة العرض ممزوجة بتعليقات ساخرة ومعها تعالت ضحكات كان واضحا أن صاحباتها فتيات ولم يكن المشهد كوميديا يستوجب الضحك فقط، كانت هناك جملة من بطلة الفيلم تنبه فيها زوجها ألا يدخل غرفة ابنته تحسبا أن تكون مع صديقها! هنا بدت المفارقة، فرد الفعل يعكس في النهاية قيم وتقاليد بلد تختلف كليا عن تلك القيم التي تعكسها الأفلام الاوروبية والاميركية·

هذا كان فقط ملمح من الفيلم المعنون حرفيا ''اطبع أو مارس الحب'' ونقول حرفيا فالترجمة التركية هروبا من الحرج على ما يبدو آثرت اختيار ترجمة مجازية وهي ''ارسم للسعادة'' هذا الملمح لن يكون هو المفاجأة، فالجمهور سيجد مفاجأة أخرى في الفيلم والذي اعتبرته صحيفة ''لوموند'' بأنه أجرأ فيلم فرنسي لعام 2005 ويتعرض لعلاقات مستهجنة بين مجموعات من الأزواج·

التعطش للسلطة وممارسة السيادة والتسلط وإجبار الغير على تلقي ثقافة ليست ثقافته قيم أخرى بدت عصية على التغيير وكأنها باتت غرائز إنسانية ارتبطت بجينات الرجل الأوروبي الأبيض وهذا ما اراد أن يقوله الفيلم الفرنسي ''الجمعة أو أي يوم آخر'' لكن صانعي العمل حرصوا أن يوضحوا في نهايته أن هذه القيم رغم تغلغلها يمكن أن تتلاشى وتنتهي·

الشغف الانساني

في الفيلم الاميركي ''كين'' بدا ان العذاب الإنساني لا يتغير ولا يرتبط بمكان أو جنسية فبطل الفيلم البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاما يكاد يفقد عقله عندما يعود من جديد إلى نفس المكان الذي شهد فقد ابنته محاولا سؤال المارة ولكن دون إجابة·

ورغم اختلاف التفاصيل والمضامين سنجد في الفيلم الإيطالي ''أين أنت يا روح القلب'' نزوعاً إنسانياً هائلاً نحو نفس القيمة··· الفارق أن بطلة الفيلم تبحث عن سر انتحار شقيقتها·

على الضفة الأخرى من العالم وتحديدا في إيران سنجد نفس الولع الإنساني وشغفه الذي لا يتوقف بالبحث عن التواصل والترابط مع الآخر، لكن الخوف من الوقوع في دائرة المحظور أو الاقتراب من التابو أغرق الفيلم الإيراني المشارك في المسابقة الرسمية ''بورتريه لامرأة بعيدة'' في متاهات التورية والمجاز، ولكن يحسب للفيلم انه حاول أن يتقرب من نفس القيم الإنسانية المشتركة·

وفي القسم الذي ضم بعض الأعمال السينمائية التي صنفت على أنها الأفضل خلال الربع قرن قبل الماضي شاهد جمهور المهرجان فيلما مكسيكيا في غاية الروعة ولكن مع الأسف لا يمكن أن تراه سوى في المهرجان، بعنوان ''حب محطم وكلاب لقيطة'' من انتاج عام 2000 وحاز على عدة جوائز· الفيلم يضم عوالم مخيفة ومشاهد في غاية القسوة وعلاقات محرمة، ورغم ذلك فهي تتمحور حول حكايات كتب عليها الخلود الهروب من الفقر من خلال الكلاب اللقيطة والبحث عن المجد والثراء على حساب الآخرين·

الإتحاد الإماراتية في 28 مايو 2006

 

سينماتك

 

إبداعه وراء حجب 'المنزل' و'الاعتراف'

عبدالعزيز المنصور.. وداعا

تحقيق: مفرح حجاب

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك