يعتبر المخرج السينمائي البولندي الراحل ''كريستوف كيشلوفسكي'' من كبار فناني السينما في العالم، فارق الحياة عام 1996 عن 55 عاماً أنجز خلالها روائع سينمائية وضعته بمصاف تاركوفسكي وفلليني وبيرغمان.

بعد تخرجه في معهد لوج للسينما العام 1969 وجد كيشلوفسكي فرصة للعمل في التلفزيون البولندي كمخرج للأفلام الوثائقية، ولكن سرعان ما انخرط في جماعة ''سينما القلق الأخلاقي'' الناشطة خلال فترة السبعينيات والتي كان اندريه فايدا أحد أعضائها البارزين... وكان أول أعماله الوثائقية فيلم ''العمال'' 1971 عن إضراب العمال في إحدى المناطق، وفيلم «الحب الاول» 1974 الذي فاز بالجائزة الفضية لمهرجان كراكوف للأفلام القصيرة، وحقق بعد ذلك ثلاثة أفلام روائية مهمة أسست لما سيكون عليه مستقبلاً، وهي «المستخدمون » 1975 و«الندب» ,1976 و«الهاوي» ,1979 والأخير سبب له مشاكل مع السلطات أدت إلى منع الفيلم لفترة وهو يدور حول عامل يقرر شراء كاميرا لتسجيل حركات مولوده الجديد ولكونه الشخص الوحيد الذي يمتلك كاميرا في ذلك المعمل يستدعى لتسجيل احتفالات الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس المصنع، وبعد حصول الفيلم على الجائزة الأولى تصبح السينما هاجس العامل ومحور حياته ونتيجة لذلك تنهار علاقته الزوجية.

عام1981 يقدم فيلمه «الصدفة» وفيه يغوص في مناخات فلسفية خاصة وشاعرية سنجدها في أفلامه التالية بدءاً من فيلم «من دون نهاية» 1984 الذي يقدم لنا حكايته عبر صوت رجل ميت يروي لنا ما حدث خلال السنوات الاخيرة من حياته: يأس زوجته وألمه في مواجهة وحدتها وذكرياتها، والتفاصيل الصاخبة المؤلمة لمحاكمة سياسية يقول لنا الميت كيف أن المحامين فيها بدوا اكثر من القضاة فقدانا للمثل العليا، وخضوعاً للسياسة.

وتأتي «الحلقات العشر» التي أنجزها كيشلوفسكي للتلفزيون عامي 1988- 1989 لتؤكد موهبته التلفزيونية والسينمائية الخاصة، وحول كيشلوفسكي إثر النجاح الباهر الذي حققه جزأين منها الى فيلمين روائيين هما «قصة قصيرة عن الحب» و«قصة قصيرة عن القتل».

في كل فيلم من افلام الحلقات العشر يضع المخرج شخصاً واحداً تلمع الحقيقة في عينيه وهو يواجه بنظراته الثاقبة نظرة الشخصية المخطئة في لحظة الخطيئة، هذا الشخص الذي يقوم بأدائه ممثل واحد ليس الموجه، وإنما الشاهد الضمير أو الشاهد الذي يحرك الضمير بالاحتكاك غير المباشر، انه الذي يثير قلق المذنب، ولكنه هو الذي يقود تحوله نحو الطمأنينة على طريق التراجع.

هذا الجمع بين الأحاسيس والتأمل في مزيج كيماوي واحد يواجه جفاف الواقع ويحول دون هيمنة جفاف الفكرة، وهو ما يميز كيشلوفسكي في عقلانية الأحاسيس عن بيرغمان ويجعله أقرب إلى عالم تاركوفسكي السينمائي.

وكيشلوفسكي مخرج سينمائي يؤمن بالبحث الطويل على صعيد بناء الشخصيات والأحداث، يؤمن بالجدل الفلسفي، هكذا، في جميع أفلامه..

ومع فيلمه «الحياة المزدوجة لفيرونيك» يخوض كيشلوفسكي تجربة العمل في أوروبا الغربية، بظروف إنتاج أفضل وأكبر بكثير عما عرفه في بولندا، وحازت النجمة الفرنسية ايرين جاكوب على دور البطولة فيه جائزة مهرجان كان السينمائي عام ..1991 الفيلم تجريدي وشاعري وأقرب أفلامه إلى صميم السينما، وعنه يقول كيشلوفسكي: ''إن هذا الفيلم طالع من فكرة كانت تشتغل في ذهني منذ سنوات طويلة، فكرة تتحدث عن رجل آت من هناك، ولأن هناك أكثر حزناً من هنا، كانت النتيجة هذا الفيلم، هذا الفيلم عن حياتين واحدة هناك وواحدة هنا... والحياتان متشابهتان''.. ويكرر التجربة في ثلاثية الألوان ''أزرق، أبيض، أحمر'' التي هي ألوان العلم الفرنسي كما أنها المحاور الأساسية: العدالة... المساواة والحرية، ومن خلال العلاقة بين المحور واللون صاغ كيشلوفسكي تلك التحف السينمائية...

لا تحاول - هذه الثلاثية - أن تحلل أو تسبر أو تستجوب تلك المفاهيم على المستوى السياسي أو الاجتماعي، إنما تحاول أن تعرضها في إطار فردي، شخصي، فكيشلوفسكي ليس مهتماً بالبحث في شعارات الثورة الفرنسية، وليست الحرية التي يريد استقصاءها هي حرية الاختيار أو التعبير، بل المفهوم المجرد للحرية الفردية، إنه يدرس مدى قدرة الفرد على عزل نفسه ليس فقط عن محيطه وعائلته وأصدقائه ومهنته واهتماماته، إنما أيضاً عن ماضيه وذكرياته.

المرأة هي المحور الأساسي في الأجزاء الثلاثة... ففي الفيلم الأول «الأزرق» حيث الحرية تحمل بعداً تراجيدياً، حكاية امرأة، خارجة من رحم المعاناة، تحاول الابتعاد عن كل ما يذكرها بحياتها وذلك بعد فقدها لزوجها وابنتها، لكنها تجد نفسها دائماً في مواجهة مع الماضي، وتعيد بناء ذاتها، متجاوزة ضربات القدر الموجعة.

كيشلوفسكي في ''الأزرق'' يعطي أهمية خاصة للتفاصيل الصغيرة، وهو ينجح في توصيل أحزان وأوجاع البطلة بشكل مؤثر من خلال الايماءات الدقيقة والصورة الموحية، وتقليب اللون الأزرق، وبالطبع من خلال الاداء الأخاذ والمحرك للمشاعر الذي قدمته جولييت بينوش، ان تحديقها في الفراغ، في الاشياء الصغيرة يمنح هذه الاشياء الصغيرة مغزى ودلالة خاصة، وعندما تتلقى نبأ موت زوجها وابنتها، تختزل بالتعبير الوجهي كل الوجع والألم والفقد...دون مبالغة أو افراط في التعبير، نحن أمام وجه لا يستعير الحزن، بل ينضح به.

حصل فيلم ''الأزرق'' على عدة جوائز منها: جائزة سيزار احسن ممثلة لـ«جولييت بينوش» وجائزة غويا احسن فيلم اوروبي ، وجائزة نقاد السينما بلوس انجلوس، كما حصل على جائزة الأسد الذهبي بمهرجان فينيسيا وجائزة احسن مخرج وتصوير وممثلة.

في الفيلم الثاني «الأبيض» المرأة تواصل بحثها عن الذات، تحلق في فضاءات المساواة ... وهنا المرأة بمساحات اكبر من العمق، حيث الاختيار فعل يتجاوز '' قدرية الاختيار'' الى موضوعية الاختيار، وهي مرحلة متقدمة وصعبة في تاريخ المرأة الجديدة....

ومثلما يطغى اللون الأزرق في الفيلم الاول يهيمن البياض في هذا الفيلم، الابيض منتشر على امتداد الفيلم سواء عبر الاشياء او المناظر والصور، إنه لون الثلج، الأرضية، نفق المترو، الملاءات، التماثيل، البياض هنا يوحي بالخواء لكنه الخواء الذي يمكن أن يشكل بداية جديدة، فكل فراغ قابل للامتلاء، الخواء ليس عدمياً، بل ينتظر من يملؤه ويشحنه بطاقة الحب.

الفيلم الثالث «الاحمر» هو خلاصة تجربة المخرج في الحياة بعد أن تجاوز الخمسين، وعاصر ما عاصره من أحداث في بلاده وفي أوروبا والعالم، انه كباقي افلامه ذاتي تماماً لا توجد به اية إشارة مباشرة أو غير مباشرة الى الأحداث التي عاصرها، ولكن في عمق الفيلم يكمن جوهر الاضطراب الذي يعيشه العالم في النصف الاول من العقد الاخير من هذا القرن، والفيلم يبدو في غاية البساطة ولكنه عكس ذلك تماماً، فيلم يستمد قيمته من الحوارات ومن اللغة السينمائية الراقية... هنا يتحدث كيشلوفسكي عن قدرية العلاقة وطبيعة القدر في البحث عن الطرف الآخر الذي قد تظل لزمن طويل تبحث عنه هو الاكثر قرباً منك...

في فيلم «الاحمر» سينما المتعة وسينما الحوار وسينما الرسالة والطرح الفلسفي الراقي الذي يعمل الفكر والعقل ويفجر الذات.

وهكذا هي افلام كريستوف كيشلوفسكي، سينما تذهب الى العقل، تستفز الوعي... تفجر الأسئلة ولا تطرح الحلول، تدعو للاكتشاف، تتعامل مع الواقع بموضوعية ونبض فني مرهف وغاية في الشفافية.. وعبر تلك الشفافية تأتي الصور... وتأتي الرؤية والمتعة.

الوطن البحرينية في 24 مايو 2006

 

صاحبة «مصرية ميديا» لترجمة الأفلام:

أفكـــر بافتتـــاح فرع للشــركــة في البحــرين

الوقت - خالد الرويعي: 

اسمها يدل على صنعة وحرفية، وكذلك عملها، لكن منذ ولادتها وحتى مرور شهر كامل لم تسم هذه الطفلة، ربما لأن ولادتها شكلت حلماً لأمها الهولندية وأبيها المصري، وبما أن الأب آثر تسمية أخويها أسوة بأبيه وأخويه فكانت المعادلة أن يجمع اسم أم الزوجة وأختها في اسم واحد.. فكانت ‘’فيموني’’ فالأم إسمها ‘’فام’’ والأخت ‘’خوني’’.. وبذلك خرج هذا الاسم مبتكراً وربما مبشراً بإمرأة مختلفة.

تعيش فيموني في البحرين منذ 01 سنوات خريجة سياحة وفنادق قسم ارشاد من القاهرة، تعشق العمل في المجوهرات والذهب القديم خصوصاً، عاشت في هولندا لمدة ثلاثة أعوام وتخطط الآن لافتتاح فرع لشركة ‘’مصرية ميديا’’ وهي شركة متخصصة في ترجمة الأفلام انطلقت في بداياتها من غرفة صغيرة داخل المنزل تحت صراخ وبكاء طفل.

تقول فيموني’’ ..ربما اهتمامي بطفلي كان وازعاً حقيقياً لتكون انطلاقتي من البيت، ولأنني لا أريد أن أكون بعيدة عنه، آثرت أن يكون عملي الجديد قريبا أيضا من إبني، ولأن اهتمامي باللغات الأخرى وحبي للسينما جعلاني أفكر في هذا المشروع مع بعض الأصدقاء فكان انطلاقة ‘’مصرية ميديا’’ من غرفة صغيرة.. مع ابني الصغير الذي كبر، وكبرت معه ‘’مصرية ميديا’’ لتستقل في مكانها الخاص ويكون لها شأنها وهويتها’’.

لكن فيموني تواجه الآن تحديا كبيراً في سفرها الدائم إلى القاهرة، فهي ما بين تواجدها في البحرين وانتظار الزوج وسفرها، وكل هذا يفرض عليها التفكير جدياً بافتتاح فرع للشركة في البحرين، ‘’سبب وجودي في البحرين أعتبره من الأسباب الموضوعية، فكما هو الحال بالنسبة لاهتمامي بـ’’مصرية ميديا’’ هو الاهتمام ذاته أيضا بمستقبل ابني، فأنا لا يمكن أن أضحي بشهر كامل دون اتاحة الفرصة لابني لرؤية أبيه الذي يعمل في الدمام، الإقامة في البحرين تبدو مبررة، على عكس تواجدي في القاهرة، الإبن يكبر، ولا أريد له ذلك من دون أبيه، كما أن تواجدي في البحرين لمدة عشرين يوماً وبقية الشهر اقضيه في القاهرة يجعلني أعيد فكرة البحث لافتتاح فرع في البحرين، بالرغم من التكلفة العالية التي ستواجهني، لقد حاولت بشكل ما أن أبحث عن مترجمين في البحرين لتثبيت حالة العمل في البحرين’’.

وعن اختيار فيموني لمثل هذا المشروع تقول ‘’صدفة.. فأنا أعمل مرشدة سياحية ومحبة للآثار، أتقن العديد من اللغات، ولكني كنت أرى أن وجودي في البيت مع ابني أهم بكثير من الابتعاد عنه، فالمرشد السياحي قليلاً ما يجد الفرصة لممارسة حياته الطبيعية، فجاءتني صديقتي بفكرة ترجمة الأفلام، وهي فكرة تناسبني كثيراً’’.

لكن ترجمة الأفلام، ليست ككل الترجمات، فالمشاهد الفطن سيعرف الجيد منها، وهذا ما تراهن عليه فيموني في ‘’مصرية ميديا’’.. ‘’ أنا مهتمة بالترجمة الجيدة.. فترجمة الفيلم بعكس ترجمة الكتاب، فالفيلم محدود بزمن محدد.. بزمن اللقطة. ولهذا يجب أن تكون دقيقة وسلسة ومختصرة، كما أنني أختار في الغالب اللهجة الأميركية الدارجة، وهذا الاختيار ينبع من معرفة بنوعية اللهجة، هناك تعابير خاصة بكل مجتمع، ولذلك فإن المترجم عليه أن يكون ملماً بهذه التعابير.

كما أن المترجم يجب أن يتسم بالدقة والقدرة على البحث عن بدائل، أن يبتعد عن الاستسهال وأن يكون الأسلوب ملائما مع الفيلم، فلا يمكن أن تترجم الفيلم الكوميدي بلغة لا تتجاوب مع الفيلم، ولهذا فإنه على المترجم أن يكون ملماً بالتفاصيل الدقيقة لأي مجتمع كان.. وهذا ما يدفع بصاحب العمل أو العميل الذي نتعامل معه لأن يجدد فكرة تعاونه معنا’’.

أما فيما يخص متطلبات العملاء كقنوات الأفلام والتلفزيونات تقول فيموني ‘’ما يهمنا بالدرجة الأولى كشريكين هو الاهتمام بنقل روح الترجمة، بالنسبة للعملاء فإنهم يمارسون حقهم في الرقابة فقط وهذا متفاوت بطبيعة الحال بين مختلف القنوات، فبعض القنوات تتيح لكل مجال للترجمة بكل حرية فيما عدا الشتائم التي تزخر بها الأفلام الأميركية على وجه التحديد، والشتائم في أحيان كثيرة ليس ضرورة في أحيان إذ انها خاصة بموقف أو بيئة معينة.. الضروي في مثل هذه المواقف هو نقل الصورة الحقيقية للمشهد’’.

لكن ترجمة الأفلام تختلف عن ترجمة البرامج مثلاً أو الأفلام الوثائقية، وهذا أيضا ما يجعل تصنيفا خاصاً يلحق بالمترجمين ‘’ هناك اختلاف كبير في نوعية المادة المترجمة، فالمترجم للتقارير يجب أن يكون له أسلوبه الأدبي، ويجب أن يكون على درجة من الثقافة تتيح له فرصة التنويع، أما الأهم في ذلك فهو إلمامه بالموضوع الذي يترجمه، وهذا ينطبق أيضا على مترجم الأفلام أو المسلسلات ذات التخصص كالمسلسلات البوليسية مثلاً أما فيما يخص البرامج الاجتماعية فهي سهلة ومباشرة، والأهم من ذلك كله هو مراعاة التسلسل في الترجمة، فنحن نلاحظ أحياناً أن هناك ترجمة مبتسرة ومقطوعة لا تقول للمشاهد أي شيء، وهذا ما يقوم به أولئك الذين لا يعرفون من الترجمة سوى اتقانهم للغة’’.

وعن المترجم الآلي الذي تستخدمه بعض مواقع الانترنت المحظورة لترجمة نصوص الأفلام تقول فيموني ‘’الترجمة المسروقة لا تنفع مشاهد الفيلم نهائياً فهي ترجمة حرفية لا روح فيها، فالأفلام متغيرة بتغير المجتمعات، واللغة المستخدمة في الفيلم غالبا ما تكون دارجة، ولذلك فإن هؤلاء لا يعون أهمية الترجمة التي تعبر عن حالة إنسانية، المترجم الآلي لا يعي إلى من ستوجه هذه الترجمة، للكبار، للصغار! إنه يعتبر برنامجاً في النهاية، ولهذا تجد أن التميز في الترجمة يعطي دفعة قوية للشركات، وهذا ما يميز الجانب الانساني، فالمترجم يضفي على الترجمة لمسة انسانية، وهذه متفاوتة بين شخص وآخر’’.

وعن نوعية الأفلام التي تعمل عليها، تقول فيموني ‘’عملي هنا مربوط بالعملاء، ولكن يهمني أيضا أن تكون الأعمال التي نترجمها في الشركة أعمالاً معروفة، وهذا يعطي دفعة كبيرة للمترجمة وللشركة في آن واحد، ولهذا فأنا أحرص أن تكون ترجمة ‘’مصرية ميديا’’ متميزة ليكون لها حضور أقوى في واقع ترجمة الأفلام، وهذا أيضا ينطبق على أهمية الالتزام مع العملاء، مواعيد التسليم مهمة، مراحل الترجمة مهمة، فلا يكفي أن تتم الترجمة من دون دقة أو من دون مصحح للغة العربية.

هناك بعض الشركات تفضل مبدأ الكم على مبدأ الكيف، أما نحن فعلى العكس، نحن نفضل ترجمة واحدة ومتميزة على كثير من الترجمات السطحية.. وهذا ما يجعلنا في ‘’مصرية ميديا’’ أن تكون شروطنا للتوظيف مختلفة عن الآخرين، ليس المهم اتقان اللغة فقط.. يهمنا الاهتمام أيضا، وبعد التوظيف نحاول إشراك الموظفين في دورات تدريبية خاصة بالترجمة التلفزيونية، إننا نساعد الموظفين على التميز لتكون الشركة متميزة’’. ‘’مصرية ميديا’’ تضم في كادرها الوظيفي مابين 02 إلى 52 مترجما إضافة إلى الإداريين وهذا ما يجعل فيموني متمسكة بتميز من نوع مختلف في ظل منافسة قوية ‘’ الفرق بين مصر ولبنان في هذا المجال هو المهنية التي يتميز بها اللبنانيون، هناك شركات مصرية غارقة في اللهجة الدارجة في تركيبة الجملة وهذا ما يجعل سوق لبنان رائج لحفاظهم على اللغة العربية، وهذا ما يجعل ‘’مصرية ميديا’’ مهتمة بجودة اللغة العربية أيضا’’.

شاشة سوداء تغطي آخر مشهد في الفيلم، أسماء العاملين تصعد من أسفل الشاشة إلى أعلاها.. نهاية الفيلم مذيل بـ’’ تمت الترجمة في ‘’مصرية ميديا’’ عندها سنتذكر أن فيموني عبرت من هنا.

الوقت البحرينية في 26 مايو 2006

جوسلين صعب في فيلم دنيا : معالجة سينمائية ناجحة لـ الختان

اثار موجة من ردود الفعل ومعارضوه اعتبروه اساءة لـ سمعة مصر !

سفيان الرمحي 

أثا رالفيلم الأخير للمخرجة اللبنانية جوسلين صعب دنيا ، موجة من ردود الفعل في مصر وخارجها،بين معارض ومؤيد. وتركزت غالبية الآراء المعارضة علي محاولة اللعب علي وتر سمعة مصر ، لكون الفيلم يتعرض لواحدة من القضايا الاجتماعية الاشكالية، التي تثير جدلا واسعا من حولها، في مصر والعالم العربي،وخصوصا تلك التي تثير حساسية خاصة، وهي الختان . وقد طرقت جوسلين الموضوع الأخير سينمائيا، بعد أن صار يحتل في الاعوام الأخيرة، حيزا واسعا من النقاش في الاوساط الدينية والطبية والقانونية.

لقد انتظرت الفرصة لكي تتاح لي مشاهدة الفيلم في باريس، فوجدت أن المخرجة التي عانت من دون شك الكثير لتحقيق هذا الفيلم، تستحق تحية تقدير. فمن ناحية هي طرحت في الفيلم قضايا عالمية، مثل الحرية والحب والفن والتعبير عن الذات. وماكان لجوسلين ان تقدم علي هذه المغامرة، من دون التحلي بجرأة كبيرة لصناعة فيلم ناجح يحقق الاهداف المنشودة،وبرهنت علي ان الانطواء علي النفس مخافة التعرض للنقد، لن يتيح ايصال الافكار والتراث العربي الي العالم. ومن ناحية اخري، برعت المخرجة في تحريك الممثلين وعلي نحو خاص حنان الترك ومحمد منير. ويستطيع المشاهد ان يقف، من خلال اداء الممثلين علي قدرات اخراجية كبيرة. لقد سبق لجوسلين ان اعطت مثل هذا المستوي في أفلام سابقة، لكنها أبدت في هذا الفيلم قدرة علي هضم تجربتها في الاخراج السينمائي. قدمت رؤية بصرية جديدة لشوارع القاهرة، وعكست جمالا شعبيا لم نكن نراه في المناطق الشعبية والأزقة والبنايات العتيقة المتهالكة. وعلي وقع انغام موسيقية في تلك الحجرة التي سكنتها حنان الترك بطلة الفيلم، قدمت جوسلين القاهرة في عالم بهيج. يسجل لها انها قدمت معالجة سينمائية علي قدر كبير من الحرفية، لواحد من اكثر المواضيع حساسية وتعقيدا، واستطاعت بتقنية شفافة وعالية، تقريب هذا الموضوع من اهتمام الناس، بعد أن حاول البعض أن يحصره في خانة المحرمات. وعكست ابعادا جديدة في شخصية كل من حنان الترك ومحمد منير. لقد بدت حنان الترك مؤمنة بالدور الذي ادته الي ابعد الحدود، وانعكس ذلك في ادائها المميز لشخصية دنيا ، ولو لم تقبل هذه الشخصية لما انشدت اليها، وتفاعلت معها علي هذا القدر. وقد تجلي منير علي نحو فلسفي في حضوره الشعري، وتماهيه مع شعراء مثل ابن الرومي والمتنبي. وكذلك محاضراته الجامعية.

وعلي عكس ما قرأت من هجوم علي الفيلم، من انه يحتوي علي مشاهد جنسية مخلة، لقد قدمت جوسلين صعب رؤية اخراجية ذات رومانسية في المشاهد العاطفية، بعيدة عن الاثارة التي تغرق فيها السينما العربية علي العموم، وقد وجدت حلا لمشكلة من اعقد المشاكل علي هذا الصعيد، من خلال قدرتها علي ايصال هذا البعد دون ان تقع في سهولة مخاطبة الغرائز او الاباحية وتهميش العقل. ولا أجد حرجا في الحكم علي أن المخرجة نجحت من موقعها كامرأة، في معالجة موضوع الرغبة الجنسية المقموعة لدي المرأة عن طريق فعل الختان. وأشك في امكانية مخرجين رجال علي ملامسة الموضوع بنفس الدرجة من الحساسية. ويلاحظ المشاهد القدرة لدي المخرجة علي النجاح في جمع عدة شخصيات نسائية ،من الطالبة الجامعية (دنيا) التي نزحت من الاقصر في صعيد مصر الي القاهرة لتدرس وتتعلم الرقص مثل امها، لذلك تجتاز مسابقة للرقص الايقاعي، وهي تحب الشعر لذلك تكون دراستها الجامعية حول الحب في الشعر العربي ، الي الاستاذة الجامعية (سوسن بدر) التي تعيش في حي شعبي، والتي برعت في دورها وبدت بعيدة عن التكلف، وكذلك سائقة التاكسي (عايدة رياض) التي تسكن المنزل الذي تسكنه دنيا ، وقد استطاعت جوسلين رسم هذه الشخصية بعناية كبيرة وهي شخصية من خيال مخرجة الفيلم، فهي أم وربة عائلة، وتعيش مأساة كل امرأة مختونة،لكنها تعايشت مع المشكلة، وابدت لزوجها انها سعيدة. وهي تعمل سائقة سيارة تاكسي في وسط مهني ذكوري، تغلب عليه الخشونة والخطاب الذي ينظر الي المرأة بدونية. والجامع بين كل هاته النساء هي نفس المشكلة، في عدم القدرة للوصول الي النشوة الجنسية التامة بسبب الختان. لكن لابد من الاشارة ايضا الي ان الفيلم يولي عناية خاصة بأصحاب الفكر المتحرر والطامحين الي التحرر، والحرية قضية واحدة، ومهما كانت، فهي لا تتجزأ.
لهذا ركزت علي شخصية استاذ الجامعة (محمد منير) الذي تتسم افكاره بالجرأة، وسط محاولات نشر الفكر الظلامي، ولهذا تعرض لحادث ارهابي اصابه بالعمي، بسبب مواقفه الفكرية والسياسية.

يستحق اداء الفنانة حنان الترك قراءة خاصة به، نظرا لتميزها وقدرتها علي العطاء والتفوق علي النفس،وهي برعت في صورة ملفتة في وصلات الرقص الشرقي علي نحو يعيد الاعتبار الي هذا الفن. لقد ظهر التناسق في الحركة والمهارة من دون اثارة او اغراء مما اضفي جانبا روحيا. وقد ظهر جليا ان هذه المشاهد ليست مقحمة علي الفيلم كما ادعي بعض الكتابات الصحافية، بل جاءت وفق رؤية واحترام واعادة اعتبار للرقص، لذا فقد اعتمدت جوسلين علي مدرب الرقص الشهير الفنان وليد عوني في تدريبات الرقص.

يعد الفيلم مثالا واضحا علي الطبيعة العالمية لفن السينما،اذ تمت كتابة النص بالفرنسية ثم ترجم الي العربية،فضلا عن انه صور في مصر من قبل مخرجة لبنانية. وتم ذلك، حسب المخرجة، خلال خمسة اسابيع، وبموازنة لم تتجاوز مليوني دولار، رغم ان التحضير استمر نحو خمس سنوات.

ناقد سينمائي من عُمان

القدس العربي في 25 مايو 2006

 

كلينت ايستوود في فيلمين حربيين عن صدام الثقافات

ترجمة تيسير أبو شومر 

يضع المخرج والممثل الأميركي الشهير «كلينت ايستوود» هذه الأيام اللمسات الأخيرة لفيلمين يتناول فيهما معارك ضارية ابان الحرب العالمية الثانية، الملفت للنظر ان ايستوود كان قد أخذ وجهة النظر الأميركية في الفيلم الأول «رايات آبائنا» اما في فيلمه الثاني «اضواء في وجه الريح» فقد تبنى وجهة النظر اليابانية.

يتناول المخرج في فيلمه الأول «رايات آبائنا» مصير أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين في معركة هي الأكثر شهرة ابان الحرب العالمية الثانية.

قبل أعوام قليلة قرأ «كلينت ايستوود» رواية متميزة كتبها كل من «جيمس برادلي» و«رون باورز» بعنوان «رايات آبائنا» وقرر نقلها من الشاشة البيضاء، وكانت المفاجأة حين ظهر المخرج الشهير «ستيفن سبيلبيرغ» معلنا شراءه لحقوق الرواية، فما كان من «ايستوود» الا ان انجز فيلما اخر بعد ان خذله «سبيلبيرغ»، وكان هذا الفيلم بعنوان «فتاة المليون دولار» والذي حاز على جائزتي اوسكار «افضل اخراج لكلينت ايستوود وافضل دور ثانوي للممثل مورغان فريمان»، وأثناء حفل توزيع جوائز الأوسكار اتفقا «ايستوود وسبيلبيرغ» حيث جمعتهما الصدفة كما صرح الأول معا وبعد نقاش طويل بان يقوم ايستوود باخراج الفيلم على أن يكون منتجه «سبيلبيرغ».

يسلط المخرج الضوء على ستة جنود قاموا بنصب العلم الأميركي على جبل «سوريباشي» الياباني ابان احداث المعركة الشهيرة والاكثر دموية عن غيرها من المعارك، يموت ثلاثة من الجنود الأميركيين في احدى العمليات العسكرية ضد اليابانيين، اما من بقوا على قيد الحياة، فقد قامت الحكومة الاميركية باستخدامهم في تدريب وتجنيد اعداد كبيرة من الشبان تحت قيادتهم مباشرة وهم «ايرا هايس، رينيه كانيون وجون برادلي - والد احد الذين كتبوا الرواية جيمس برادلي-». وقد قام بالأدوار الرئيسية في الفيلم «آدم بيش» الذي شاهدناه الى جانب النجم «نيكولاس كيج» في فيلم «متحدثو الرياح» للمخرج الصيني «جون وو»، كما عمل في فيلم «فتيات أميركا» و«روميو وجولييت». ويشارك في الفيلم الممثل «ريان فيليب» والذي شاهدناه في فيلم «تصادم».

وعلى الرغم من حرفية المخرج الشهير «ايستوود» الا انه لم يقم باخراج فيلم حربي من نوع الانتاج الضخم القريب جدا من الوثائقية، او السيرة الذاتية، ونجده الان يستند الى السيرة الذاتية لـ«ريتشارد شيكل» والذي تطرق فيها عن خبايا الصراع الاميركي - الياباني كرؤيتين للصراع، وهنا يأتي دور المخرج في ترجمة او نقل العمل الى السينما في فيلمين متميزين، متعاقبين ومتماثلين بشكل غير مسبوق.

والى الجانب الآخر «وجهة النظر اليابانية حول وقائع معنية في الحرب» طلب «ايستوود» من كاتب السيناريو «بول هاغيس» ان يكتب فيلمه الثاني، ولكن من وجهة النظر اليابانية، إلا أن «ايستوود» تلقى نصيحة من «بول هاغيس» بأن يطلب من كاتب سيناريو اميركي - ياباني شاب لكتابته الفيلم يدعى «ايريس يا ما شيتا».

والفيلمان يستعرضان صدمة الثقافات المتمثلة في الصراع الاميركي - الياباني في المحيط الباسيفيكي.

اما فيلم «اضواء في الريح» فيقدم رسالة مرئية فحواها البحث عن معنى التضحية التي سادت آنذاك من قبل الجنود اليابانيين، وهذه الفلسفة في الطرح مرتبطة تماما برمز الشرف عند الساموراي وهي عدم الاستسلام للخصم وان يؤثروا الانتحار على أن يقعوا في الأسر باستثناء بعد القادة العسكريين اليابانيين «ناداميشي كورياباشي» وقد عاش فترة من الزمن في الولايات المتحدة والذي يعرف عنه انه ضد التقاليد الحربية اليابانية. هذا الموضوع سحر «ايستوود» خصوصا اذا علمنا ان «200» جندي ياباني فقط نجوا من الموت في الحرب من اصل «22» ألف جندي في معركة «ايوو جيما».

وفي خريف هذا العام 2006 سوف يعلن عن اطلاق عروض الفيلمين لسينمائي مخضرم بحجم «ايستوود»:«رايات ابائنا» و«أضواء في وجه الريح» وهذا الأخير سيبدو أكثر سوداوية من توأمه في بعض مشاهده

عن مجلة بريمير الفرنسية


* مترجم أردني

الرأي الأردنية في 26 مايو 2006

 

سينماتك

 

كريستوف كيشلوفسكي..

سينما الحوار والشاعرية والطرح الفلسفي

محمد عبيدو

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك