تعامل الفن مع الإرهاب علي أنه ظاهرة‏,‏ تطفو علي سطح المجتمع ثم تخبو‏,‏ وتلك سمة الظواهر‏,‏ لكن التاريخ يثبت العكس‏,‏ فقد ضرب الإرهاب بجذوره في المجتمعات منذ مئات السنين‏,‏ وتحول إلي كيان استبدل قانون الرحمة والأخلاق والإنسانية بقانون المصالح الشخصية والسياسية التي ارتدت أحيانا كثيرة ثوب الدين‏,‏ فها هو ابن رشد يواجه تعنت التيار الديني المتعصب لفكره‏,‏ وها هو الخليفة المنصور ينتصر لهذا التيار حتي يكسب تأييده له في حربه ضد الأسبان‏,‏ فيحرمه من مؤلفات ابن رشد‏.‏

وتتوالي أحداث الإرهاب وتزيد شوكته‏,‏ وأمامه يقف الفن مكتوف الأيدي‏,‏ ربما لخوف القائمين عليه من بطش أياد سوداء لا تعرف الرحمة‏,‏ وربما كانوا في انتظار الضوء الأخضر من الدولة التي تعامل إعلامها مع الإرهاب علي أنه حالات فردية لا يجب تسليط الضوء عليها خوفا علي حركة السياحة وسمعة الأمن وهيبته‏.‏

استمرت سلبية الفن تجاه الإرهاب مثلما استمر التعتيم الإعلامي حتي امتدت شوكته إلي رموز الفكر ومنهم نجيب محفوظ وفرج فودة ومكرم محمد أحمد وغيرهم‏,‏ ويتحول الإرهاب إلي العالمية واختراقه لأسوار أمريكا الحديدية و ضربه لرموزها في مقتل‏.‏ بدأ الإعلام يفرد مساحة أكبر لمناقشته وينقل جرائمه علي الهواء‏,‏ أما الفن فاقتصر دوره في البداية علي مجموعة من الفنانين يزورون مكان الحادث ويتظاهرون فيه مندديين بالإرهاب‏,‏ ويختار بعض المطربين نفس المكان ليقيموا فيه حفلاتهم وهم مدركون أنه أصبح آمنا‏,‏ وفي السنوات الأخيرة فتح الإعلام الرسمي الباب علي مصراعيه لصناع السينما‏,‏ عندما ناقش بشفافية تاريخ الإرهاب وأسبابه ونتائج تجاهل الشعب و الحكومة له‏.‏ تباينت ردود أفعال صناع السينما‏,‏ فمنهم من بادر بمناقشة الإرهاب بطريقة غير مرضية‏,‏ مثل المخرج سعد عرفة الذي قدم فيلم الملائكة لا تسكن الأرض وعرض في دار عرض واحدة لأيام ثم اختفي‏,‏ ومن المخرجين من حاول تسجيل اسمه في قائمة الشرف وحاول مناقشة الإرهاب بطريقة أكثر سطحية‏,‏ ربما كان تأثيرها عكسيا علي المجتمع‏,‏ ومنهم من تعامل مع الإرهاب بجدية مثل لينين الرملي الذي قدم الإرهابي وجاء وحيد حامد ليشهر قلمه في وجه الإرهاب بداية من مسلسل العائلة وانتهاء بفيلم دم الغزال‏,‏ مرورا بالإرهاب والكباب‏,‏ وطيور الظلام‏.‏

أما المخرج يوسف شاهين فناقش في فيلميه المصير والآخر الإرهاب عندما كان بذرة تنفض التراب عن نفسها في فترة حكم الخليفة المنصور‏,‏ ثم تحوله إلي كيان منظم يقتل الحب والبراءة باسم الدين‏,‏ وبصرف النظر عن كم الأفلام التي ناقشت الإرهاب‏,‏ ففيلم واحد قادر علي تحقيق الهدف‏,‏ لكننا نتساءل هل غيرت هذه الأفلام من فكر الجماعات الإرهابية؟ وهل صححت مفاهيم الشباب؟ وهل مناقشة السينما للإرهاب كانت موضوعية؟‏..‏ لم تكن الأفلام المصرية التي ناقشت الإرهاب موضوعية‏,‏ تلك كانت إجابة الناقد مصطفي درويش الرئيس الأسبق للرقابة علي المصنفات الفنية‏,‏ ويضيف درويش‏,‏ كل الأفلام المصرية التي ناقشت الإرهاب جاءت بدائية وسطحية‏,‏ وفي مقدمة هذه الأفلام الملائكة لا تسكن الأرض للمخرج سعد عرفة‏,‏ حيث جاءت نتيجة الفيلم عكسية‏,‏ وبدأ الناس يتعاطفون مع الإرهاب‏,‏ خاصة أن الذين كانوا يفجرون أنفسهم في ذلك الوقت من فلسطين‏,‏ وكان لابد من معالجة القضية بعمق حتي يقتنع الناس‏.‏

تواصل وحصار

ويري درويش أن السينما المصرية تأخرت في مناقشة قضية الإرهاب‏,‏ مثلها مثل قضايا كثيرة أخري‏,‏ حتي عندما ناقشتها بعد استفحال الإرهاب‏,‏ لم تواصل المناقشة‏,‏ فنري فيلما ثم تمر سنوات لنري آخر‏,‏ وكان لابد من أن تتواصل السينما مع الظاهرة‏,‏ فالمعركة مع الإرهاب لابد أن تستمر لأن تأثير الفيلم يزول بعد فترة‏,‏ ولو كان هناك تواصل لما فرح الناس بعد تفجيرات سبتمبر في أمريكا‏,‏ لكن مصطفي درويش يعود ليؤكد أن سطحية الأفلام التي ناقشت الإرهاب لا تمنعنا من التأكيد علي أنها حاصرت الإرهاب إلي حد ما‏,‏ وأعتقد أن الإرهاب أصبح يعاني عندما يشرع في تجنيد الشباب بسبب الإعلام والسينما بصرف النظر عن موضوعيتها وعمقها‏,‏ ويأتي الناقد رفيق الصبان ليؤكد علي ما أكد عليه مصطفي درويش فيقول‏:‏ لا نستطيع التأكيد علي أن السينما عالجت الإرهاب‏,‏ لأن أفلاما قليلة تناولت القضية وكان علي السينما أن تبحث الأسباب والنتائج‏,‏ فهناك البطالة والثأر الشخصي وأسباب أخري نفسية‏,‏ تجعل من الشاب فريسة لأصحاب الفكر المتطرف‏,‏ ويضيف الصبان‏:‏ عندما ظهرت أفلام المخدرات قيل إنها تشجع الشباب علي الاتجاه للمخدرات‏,‏ وقيل أيضا إن الأفلام التي تناولت الإرهاب لم تبحثه من جميع الجوانب فكانت النتيجة عكسية‏,‏ وأنا أقول إن معالجة السينما للإرهاب بعيدا عن السطحية والعشوائية باتت أمرا ملحا خاصة في الوقت الحالي لأن بعضا من الذين تصدوا للقضية قدموا أفلاما جعلت الناس تتعاطف مع الإرهاب‏,‏ ففي فيلم الجنة الآن للمخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد تعاطف الناس مع الانتحاريين لأن الفيلم قدم أسباب إقدامهم علي الانتحار‏,‏ ومع ذلك كانت وجهة نظر المخرج مختلفة‏,‏ لأن العمليات الانتحارية إزهاق للأرواح وعنف ونتيجتها ستكون أعنف‏.‏ وإذا كان ما سبق هو رأي متخصصين في الساحة السينمائية‏,‏ فهناك رأي أساتذة الاجتماع ويمثله د‏.‏ علي فهمي الذي يري أن الأفلام التي ناقشت الإرهاب لا بأس بها‏,‏ لكنها لم تأت علي المستوي الذي يعالج قضية الإرهاب‏,‏ لأن الأزمة الاقتصادية التي أسهمت بقدر كبير في ظهور الإرهاب‏,‏ انعكست علي السينما‏,‏ فجاءت الأفلام التي تناولت الظاهرة فقيرة في ميزانيتها‏,‏ ومثل هذه الأفلام في حاجة إلي ميزانيات ضخمة‏,‏ بالإضافة إلي الحرية التي لا تتاح لصناع السينما‏,‏ فسيف الرقابة مازال مسلطا علي رقاب السينمائيين‏,‏ وهذا يحرمنا من مشاهدة أفلام جادة‏,‏ حتي سعر تذكرة السينما لم يعد في متناول الجميع‏,‏ فالتذكرة في الأحياء الشعبية سعرها عشرة جنيهات‏,‏ ورب الأسرة لا يجد أربعين جنيها حتي يشاهد فيلما مع أسرته‏,‏ لذلك تنقطع علاقته بالسينما‏.‏

غياب المصداقية

ومن علم الاجتماع إلي علم النفس ويمثله د‏.‏ هاني السبكي الذي يتفق مع ما قاله سابقوه من أن السينما تأخرت في مناقشة قضية الإرهاب‏,‏ ويؤكد أن الأفلام التي تطرقت للقضية كانت للتجارة‏,‏ حيث استخدم المنتجون الإرهاب في الأفلام لا لمعالجته‏,‏ لكن للاتجار به‏,‏ خاصة أن موضوع الإرهاب رنان وجاذب للجمهور‏,‏ ويضيف د‏.‏ هاني السبكي‏:‏ السينما تعاملت مع الإرهاب بمنطق الشو الدرامي فصنعت توليفة من الأكشن علي علاقة حب‏,‏ بالإضافة إلي تعاطف مع جانب علي حساب الآخر‏,‏ وتكون النتيجة فيلما سطحيا لا عمق فيه‏,‏ أما السطحية فسببها عدم رغبة الكتاب في التعرض للسياسة الداخلية للدولة‏,‏ لأنه لو ناقش الإرهاب بعمق سوف يتعرض لها‏,‏ وهذا ربما يحول دون عرض الفيلم‏,‏ ومعالجة الإرهاب بعمق تتطلب نقدا صادقا لأنفسنا‏,‏ ويري د‏.‏ السبكي أن فيلم عمارة يعقوبيان الذي شاهده في عرض خاص‏,‏ يتعرض لقضية الإرهاب بعمق‏,‏ حيث شرح كيفية صناعة الإرهابي‏,‏ لكننا لن نجد فيلما واحدا يقول إننا نعاني فراغا دينيا من مصادر دينية تابعة لجهات بعينها تمنعها من ممارسة دورها بحرية‏,‏ لذلك ضاع الشباب لأنه واجه تناقضا‏,‏ فهو يري مشايخ الدولة يقولون أشياء والأجهزة الرسمية تقول أشياء أخري تتعارض مع ما يقوله المشايخ‏,‏ وحتي يكون مردود السينما إيجابيا فيما يخص قضية الإرهاب قال هاني السبكي‏:‏ يجب ألا ننتظر مردودا إيجابيا فوريا من السينما‏,‏ لأن تكرار معالجة القضية تكون نتيجته إيجابية‏,‏ فإذا كنا نتعرض للإرهاب في السينما ونرغب في مناقشته بصدق حتي نجنب الشباب أهواله‏,‏ كان علينا أن نبدأ منذ عشرين عاما‏,‏ ولأننا تأخرنا‏.‏ علينا أن نركز علي القضية ونطرحها من كل الجوانب بصدق دون انحياز لجانب علي حساب الآخر‏,‏ لأننا نصلح أجيالا‏,‏ فالسينما يشاهدها الأطفال والشباب والكبار‏,‏ والصدق يجعل رد الفعل إيجابيا حتي نحمي أكثر من جيل‏,‏ لكن الأفلام التي تعرضت للإرهاب في السينما المصرية تخلت عن الصدق فتعامل معها الجمهور علي أنها لمجرد التسلية‏,‏ وهذا لا ينطبق علي الإرهاب وحده‏,‏ لكن علي كل القضايا التي تعرضت لها السينما‏*‏

الأهرام العربي في 20 مايو 2006

 

بأياد مصرية‏..‏ وتمويل أمريكي

اليمن يحارب الثأر بفيلم كارتون

صنعاء ـ جمال مجاهد 

هل ينجح الفن فيما أخفقت فيه الجهود الرسمية والشعبية؟ وهل بإمكان فيلم كارتوني هو الأول في اليمن أن يعالج قضية من أخطر القضايا التي تواجه الدولة والمجتمع اليمني وهي قضية الثأر بكل أبعادها ونتائجها الاجتماعية والاقتصادية‏,‏ في وقت لم تستطع اللجنة العليا المشكلة لمعالجة قضايا الثأر أن توقف المسلسل الذي اتسع في بعض مناطق القبائل اليمنية إلي حروب طويلة ومستمرة‏,‏ تدخلات ووساطات المسئولين والمشائخ والوجاهات القبلية والمثقفين اليمنيين نجحت في التوصل إلي عقد عدد من اتفاقيات ومعاهدات للصلح بين عشائر وقبائل خاضت حروبا ثأرية لسنوات طويلة‏,‏ ولكن سرعان ما تجدد الثأر بين بعض تلك العشائر والقبائل‏.‏

‏'‏سلمي‏..‏ العدالة خارج قريتنا‏'‏ عنوان أول فيلم كارتوني يمني مولته السفارة الأمريكية بصنعاء عبر الوكالة الأمريكية للتنمية بتكلفة حوالي‏25‏ ألف دولار‏,‏ الفيلم المترجم إلي الإنجليزية نفذه بدقة وجمال كادر مصري متخصص بتقنية ثنائية وثلاثية الأبعاد‏,‏ وذلك لعدم وجود كوادر يمنية متخصصة‏.‏

مازن شجاع الدين فنان الكاريكاتير مشرف ومنسق المشروع ومصمم شخصيات الفيلم قال لـ‏(‏ الأهرام العربي‏)‏ إن هذا الفيلم يعتبر محاولة لتعليم أطفال اليمن كيفية التعامل مع ظاهرة الثأر وتلافيها قبل وقوعها‏,‏ كما يوصل إليهم أهمية مكانة الفتاة التي ستكون هي الأم والمربية في المستقبل‏,‏ وذلك من خلال أحداثه التي تدور حول الثأر وأثره السلبي علي الحياة والمجتمع اليمني‏,‏ ومعالجتها في قالب كارتوني بسيط‏,‏ لنشر رسالة لجميع شرائح المجتمع اليمني بداية من الأطفال وحتي الكبار‏.‏

ويستعد مازن المخرج المنفذ للفيلم لعرضه جماهيريا علي قناتي الفضائية اليمنية والجزيرة للأطفال وذلك بعد أن تم عرضه رسميا فقط قبل أيام علي مسرح الطفل في المركز الثقافي اليمني بصنعاء‏.‏

الفنان الشاب مازن قام بنقل كل ما يتعلق بالبيئة اليمنية‏,‏ وجمع الصور الفوتوغرافية من المصور فؤاد الحرازي ليعكس الفيلم طبيعة المجتمع اليمني بكل تفاصيله البيئية والعمرانية‏,‏ ويقدم صورا حية قام بتصويرها في بعض القري اليمنية‏,‏ كما قام بتصميم بعض الشخصيات بالتعاون مع الفنانين المصريين محمد غزالة ومحمد نبيل‏,‏ وخرجوا بالشخصيات المعتمدة كأبطال للفيلم الذي ألفت قصته رمزية الإرياني رئيس اتحاد نساء اليمن‏,‏ وكتب السيناريو رئيس تحرير كتب الهلال للأولاد والبنات بالقاهرة محمود قاسم‏.‏

الفنانة اليمنية هيفاء حامد‏,‏ غنت أغنية الفيلم التي ألف كلماتها الشاعر عبدالشافي شايف الأثوري ولحنها الفنان فؤاد الشرجبي‏.‏

بدأت فكرة الفيلم في نهاية العام‏2004‏ عندما كان اتحاد نساء اليمن يعد لمسلسل كارتوني يهتم بالطفل من إعداد المخرجة التلفزيونية سميرة عبده علي ولكن تم وضع خطة خاطئة وتقدير خاطيء لتكلفة المشروع الذي هدده الفشل عندما طالبت السفارة الأمريكية بصنعاء بإعادة المبلغ الذي دفعته للإنفاق عليه‏.‏

ويضيف مازن‏'‏ بدأت في التعاون مع اتحاد نساء اليمن في مجال رسوم البروشورات والكتيبات وعندما علمت أن الاتحاد يريد أن ينفذ مشروع مسلسل كارتوني للأطفال يتحدث عن الثأر وأثره السلبي في الحياة الاجتماعية وكذا تعليم البنات أبديت استعدادي للتعاون‏,‏ كوني أحلم بأن تكون لي بصمة في مجال الرسوم المتحركة في بلادي‏,‏ واقترحت علي رئيس الاتحاد عدم إعادة المبلغ للسفارة وتعهدت بتنفيذ فيلم كارتوني لا يزيد علي عشرين دقيقة بدلا من المسلسل لأن المبلغ لا يكفي لإنتاجه‏,‏ وبعد ذلك تم الاتفاق مع الكادر المصري وبدأ العمل في الفيلم العام الماضي‏'.‏

ويكشف مازن أنه فوجيء لدي سفره إلي القاهرة لاستلام الفيلم أن المناظر الجبلية في الفيلم لا تمت بصلة للبيئة اليمنية والواقع اليمني نظرا لصعوبتهما‏,‏ فالرسامون المصريون كانوا ينقلون بيئتهم دون أن يشعروا‏,‏ ولذلك قام بتغيير تلك المناظر‏,‏ وعمل الفريق علي إعادة صياغة الخلفيات بما يتناسب مع الواقع اليمني‏,‏ حيث قام الفنان تهامي محمود تهامي برسم كل الخلفيات الصحيحة‏.‏

رمزية الإرياني رئيس اتحاد نساء اليمن والأمين العام للاتحاد النسائي العربي أشارت إلي أن فكرة الفيلم تتناول ظاهرة الثأر في قريتين إحداهما رمز المحبة والسلام والأخري يقل فيها الوعي عند الناس‏,‏ وأكدت أن هذا الفيلم جاء بعد إجراء دراسة مسحية علي المجتمع اليمني أظهرت نتائجها ارتفاع عدد حالات الثأر في اليمن‏.‏

وأضافت بأن الفيلم فيه دعوة للتعقل والعودة إلي مبادئ وأعراف الإسلام الذي حرم الأخذ بالثأر وشرع الاحتكام إلي القضاء‏,‏ واعتبرت الفيلم رسالة مباشرة للجيل لبناء مجتمع متحضر يتطلع إلي المستقبل‏,‏ منوهة إلي أن لديها الكثير من الأفلام التي ستنفذ مستقبلا وجلها توعوية بقضايا المجتمع وتعالج أخطاء صنعها التراكم الثقافي القبلي‏,‏ وهذه الأخطاء غير موجودة في تراثنا الفكري العربي والإسلامي مثل عادة الأخذ بالثأر والممانعة في مواصلة الفتاة لتعليمها والزواج المبكر وأطفال الشوارع‏.‏

قصص مرئية

ويعد الفيلم الأول من سلسلة أفلام أخري يسعي اتحاد نساء اليمن لإنتاجها بهدف مناقشة القضايا الاجتماعية بقصص مرئية‏,‏ حيث إن معالجة القضايا بهذه الطريقة ستكون أنجح وأفضل وأكبر تأثيرا‏,‏ إضافة إلي أثرها في توعية الجيل الجديد بنبذ الأخطاء والتمسك بالمبادئ والمثل التي جاءت بها الأديان السماوية المتسامحة‏,‏ وفي سياق محاولات الدفع باتجاه تغيير النظرة الدونية للمرأة في أوساط المجتمع التقليدي‏,‏ وإيجاد قوانين تساوي بين الرجال والنساء بهدف الوصول إلي مجتمع عادل يرتقي بالقيم الإنسانية السامية‏.‏

وقالت الإرياني إن الموضوع القادم سيناقش قضية الاختطاف وآثاره السياسية والاجتماعية‏,‏ وهناك فيلم آخر عن تعليم الفتاة‏,‏ كما ستتم دبلجة هذا الفيلم إلي لهجات المناطق اليمنية التي ينتشر فيها الثأر مثل مأرب وشبوة وغيرها‏,‏ متمنية أن يكون العمل القادم بيد كوادر يمنية لأن فيلم العدالة خارج قريتنا تناوله رسما وإخراجا وإنتاجا فنانون مصريون‏.‏

ويتحدث الفيلم عن قضية الثأر المتجذرة في ثقافة المجتمع القبلي في اليمن‏,‏ ويبدأ بمشهد قروي مألوف بطبيعته الخلابة‏,‏ حيث ترعي الأغنام في الجبال القريبة من القرية‏,‏ وجسدت سلمي أهم شخصية في الفيلم‏,‏ وهي طفلة تقوم بالرعي بينما الأولاد يدرسون‏,‏ وذلك يرمز إلي الحرمان من التعليم الذي تعيشه بعض الفتيات في أرياف اليمن‏.‏

سلمي الفتاة الهادئة عقدت صداقة مع الطبيعة الجميلة والأغنام وطائر الهدهد الذي يرافقها أينما ذهبت‏,‏ وفجأة تظهر بقرة ترعي في حقل أحدهم فيجن الرجل ويوجه بندقيته إلي البقرة‏,‏ وتحاول زوجته ثنيه عن ذلك ولكن دون جدوي فيقتل البقرة وتقوم الحرب في تلك القرية لتأكل الأخضر واليابس وتحرق المنازل وتشرد الأهالي‏,‏ والسبب قتل بقرة‏!!‏

هرعت سلمي إلي القرية فوجدت الكارثة قد حلت‏,‏ تساءلت وبجوارها أطفال القرية لماذا كل هذا الخراب والدمار‏,‏ ليصف الأطفال قريتهم قرية الثأر والعقول المغلقة وهي بعكس القرية المجاورة التي كلها نور وعلم وعدل‏,‏ أصوات الأهالي ارتفعت نحو الأطفال‏'‏ أنتم جيل المستقبل وستعيدون العدالة إلي قريتنا وتتعانقون فإن الثأر لن يعود فالسلام سيكون شعاركم‏',‏ فيعيد الأطفال بناء القرية لينشروا المحبة والسلام‏*‏

الأهرام العربي في 20 مايو 2006

 

ضوء ... حكاية كتاب سينمائي

عدنان مدانات 

صدر لي كتاب مترجم في السينما منذ نحو ثلاثة أعوام بعنوان “السينما، غريفث وأنا”. وحتى الآن لم اعثر على تغطية إعلامية أو نقدية حوله في الصحف العربية. غير أن كل من اطلع على ملابسات ترجمة ونشر هذا الكتاب من الأصدقاء، ظلّ يلح عليّ أن أكتب عن هذه الملابسات على اعتبار أنها حكاية مثيرة، بل فيلم سينمائي بحد ذاتها.

عشقت هذا الكتاب منذ صدر في أواسط ستينات القرن العشرين واحتفظت بنسخته معي أينما تنقلت في البلدان. وفي العام ،1981 وكنت أقيم في بيروت، شرعت بترجمة هذا الكتاب ونشرت الفصول المترجمة منه خلال عامين على حلقات في المجلة السينمائية الفصلية “الحياة السينمائية” التي يدير تحريرها الشاعر السوري بندر عبد الحميد.

في ربيع عام 1982 غادرت منزلي في بيروت في رحلة بعيدة لحضور مهرجان سينمائي. وكنت قد تركت على مكتبي في المنزل نسخة الكتاب مفتوحة على آخر صفحة مترجمة وكان نص الترجمة لا يزال وسط آلة الطباعة. خلال وجودي في المهرجان اجتاح الجيش “الإسرائيلي” لبنان واحتل بيروت، وهكذا لم يكن بمقدوري العودة إليها وإلى منزلي.

عدت إلى بيروت ثانية فقط بعد عشرين عاما تحديدا. عدت إلى بيروت مباشرة من مدينة الإسماعيلية في مصر حيث كنت أحضر مهرجان السينما التسجيلية. كان الشاعر بندر عبد الحميد أحد ضيوف هذا المهرجان، وهو سألني ذات أمسية إن كنت أفكر باستكمال ترجمة كتاب “السينما، غريفث وأنا” والذي يعتبره كتابا جميلا جدا ولا يزال يتذكره بحب. وكان بندر عبد الحميد نفسه قد تكرم علي و زودني قبل ذلك ببضعة أعوام بنسخ من أعداد المجلة التي نشرت فيها الفصول المترجمة من الكتاب. نفيت مثل هذا الإمكانية لاستحالة الحصول على نسخة من هذا الكتاب القديم جدا، خاصة وانني خلال عام كامل تقريبا حاولت البحث عن نسخة منه في المكتبات العامة وحتى عبر الشبكة العنكبوتية، وفي النتيجة أعلنت استسلامي وألغيت الفكرة .

راودتني أثناء وجودي في بيروت مشاعر متناقضة وخضت في الأيام الخمسة الأولى من إقامتي فيها صراعا مريرا مع رغبة، ملحة ومقلقة، أوحت إلي بزيارة منزلي القديم. في اليوم السادس خرجت في جولة في المنطقة الحديثة المعاد بناؤها من وسط بيروت برفقة ضيف زميل آخر، هو مخرج شاب من الإمارات يزور بيروت للمرة الأولى. جلنا معا في الشوارع الحديثة لبعض الوقت إلى أن وجدتني فجأة اقترح عليه اصطحابه إلى منطقة سكنية تقليدية فوافق فورا. وفي الحقيقة فقد استخدمته ذريعة لتشجيعي واستدرجته إلى حيث كان منزلي قبل عشرين عاما. وقفت أمام المبنى الذي عشت فيه سنوات وقلبي يخفق بشدة متزايدة، غير أنني لم أجرؤ على عبور مدخله نحو شقتي، خاصة أنني علمت من البواب أن من يقطنه الآن هم المالكون الجدد والذين سبق لهم أن احتلوا المنزل إذ كانوا من معشر المهجرين ثم استملكوه بحكم الأمر الواقع. بعد ذلك تابعت طريقي مع رفيق رحلتي في شوارع الحي ، إلى أن وجدت نفسي على حين غرة أمام متجر صغير للألبسة النسائية تملكه صاحبة منزلي القديم. استقبلتني صاحبة المتجر بكل ترحاب، وفي نهاية اللقاء طلبت مني أن أذهب إلى منزلي القديم وان اطلب من سكانه ما تركته لي من أمانة عندهم قبل أن تبيعهم المنزل. وما هي الأمانة؟ سألتها بفضول شديد. لا أذكر ، أجابتني، ثم تابعت: حقيبة سفر كبيرة وفيها أشياء. أجبتها مستغربا: ولكن مضى على هذا عشرون عاما ، أيعقل أن يحتفظوا بالحقيبة؟ ردت بحزم: لقد وعدوني. ثم أعطتني رقم الهاتف كي اتصل بهم.

مساء اليوم ذاته أكد أصحاب المنزل لي أثناء الاتصال الهاتفي أنهم يحتفظون بالحقيبة وأن بمقدوري القدوم صباح اليوم التالي لاستلامها.

ليلتها لم استطع النوم وبقيت أنتظر طلوع النهار بفارغ الصبر. وكنت قد تواعدت مع صديق لبناني لاصطحابي في الصباح بسيارته لجلب الحقيبة. في الثامنة صباحا وقفت مع صديقي أمام باب شقتي القديمة الواقعة في الطابق الثامن. قرع صديقي جرس الباب ووقفت خلفه أنتظر. خرج إلينا صاحب المنزل، ودون أن يدعونا للدخول استمهلنا للحظات وأخرج من خلف الباب حقيبة سفر قديمة عاشت برفقتي سنوات طوالاً ورحلت معي إلى أكثر من بلد. بدا لي مظهر الحقيبة بائسا، كانت قذرة ممزقة الأوصال ، استلقت أمامي على الأرض بدون مبالاة. أهذا كل شيء؟ سألت الرجل. نعم، قال لي، قبل أن يغلق الباب خلفه.

سارعت إلى الحقيبة وفتحتها بلهفة. كانت ممتلئة بكتب ومجلات وأوراق ولا شيء آخر. كتب ومجلات مهترئة بفضل أنياب القوارض و تفوح منها رائحة العفونة نتيجة التخزين في مكان رطب مغلق. قلت لصديقي بحزم: خذني إلى أقرب حاوية للقمامة كي نلقي الحقيبة ومحتوياتها فيها. ردّ عليّ بحزم مقابل: نحن في لبنان لا نلقي الكتب في الحاوية. سآخذك إلى المكتب وهنا بإمكانك أن تتفحص المحتويات علّك تجد فيها ما يفيدك.

عندما فتحنا الحقيبة بعد أن ألقيناها على أرض شرفة مكتبه سارعت إلى بعثرة محتوياتها وصرت أتأملها بإحباط متزايد نتيجة خيبة الأمل، في حين كان بعض المتواجدين في المكتب يتصفحون الكتب يستأذنوني في أخذ ما يعجبهم من كتب.

في قاع الحقيبة تحديدا رقد كتاب أخير وحيدا. أعادت إلي رؤية غلافه الروح وملأتني بهجة. إنه الكتاب الذي بحثت عنه طويلا “السينما، غريفث وانا”. وكان الكتاب الوحيد من بين كل محتويات الحقيبة الذي عاد معي إلى الوطن.

كأن أول ما باشرت فيه لدى عودتي إلى مكتبي في مقر عملي هو الشروع في ترجمة الكتاب. تابعت الترجمة يوميا بكل حماس ولهفة لإنجازه بأسرع وقت ممكن. وما ان أنهيت السطر الأخير من الترجمة، وبدون أن أكبد نفسي عناء مراجعتها، بادرت بالاتصال بالصديق بندر عبد الحميد في دمشق وأبلغته بالمفاجأة السارة ووعدته بإرسال مادة الكتاب إليه بالبريد الإلكتروني فور إغلاق سماعة الهاتف.

صدر الكتاب ضمن سلسلة “الفن السابع” من منشورات المؤسسة العامة للسينما/ وزارة الثقافة في دمشق.

الخليج الإماراتية في 22 مايو 2006

المخرج السعودي عبد الله آل عياف

السينما السعودية ستنهض قريبا

الرباط: أمينة بركات | المغربية  

ينضم عبد الله آل عياف إلى نخبة من شباب المملكة السعودية العازمين على تأسيس سينما محلية وخلق حس فني لدى المواطن ايمانا منهم بأن هذا الفن من الفنون التي يمكن ان تساهم في تهذيب الأخلاق وترقى بأذواقهم.

ولأن السينما السعودية تخضع لضوابط مشددة لبعض التيارات ذات العقليات المتحجرة التي ترى في الفن السابع مسألة غير أخلاقية، حيث يغلب عليها الجنس و العنف وعين الرقيب تتربص لكل من سولت له نفسه الجرأة على التطاول على العادات و التقاليد بتصوير أفلام تخترق المجتمع السعودي، فإن هؤلاء المبدعين من أبناء هذا البلد الذي يعيش تحولات مهمة على مستوى بنياته الاجتماعية، ومن ضمنهم المخرج آل عياف قرروا رفع ستار المسكوت عنه الانضمام إلى صف الدول المجاورة التي بدأت تتحرك في اتجاه ارساء سينما خليجية تعكس الوجه الحقيقي للمنطقة.

عبد الله آل عياف مهندس التكوين مهووس بصنع الصوت و الصورة يهتم بالكتابة السينمائية، أحد مؤسسي و محرري صفحة السينما بجريدة الوطن السعودية، ساهم أيضا في تأسيس موقع خاص بعالم السينما، شريط "السينما 500 كم" هو باكورة أعماله، وهي فكرة جريئة تطرح مشكل الشباب السعودي العاشق لهذا الفن والمستهلك له حتى ولو أنه لا يملك أية قاعة سينمائية، مما يدفعه للبحث عن قاعة في بلد مجاور يتمكن فيها من مشاهدة فيلم في ظروفها الحقيقية عن مجموعة من مواضيع تقربنا من المخرج عبد الله آل عياف أجرينا معه هذا الحوار:

٭ : كيف جاء عبد الله آل عياف من الهندسة الى عالم صناعة الصورة و لماذا هذا الاختيار؟

ـ : يبدو أن الحرص على الإتقان كان هو القاسم المشترك بين هذين المجالين، بدأت متابعة عالم الأفلام كمهتم في بداية دراستي الجامعية، عالم السينما والأفلام كان بالنسبة إلي مجرد هواية لا تتعارض مع مجال تخصصي الهندسي لكن يبدو أن هذه الهواية تطورت من مجرد مشاهدة عادية إلى متابعة باهتمام شديد إلى الكتابة في عالم الانترنت حول ما أشاهده من أفلام و من ثم الانتقال لعالم الصحف و المقالات السينمائية في ظل انعدام صفحات سينمائية مختصة في البلاد.

٭ شريط »السينما 500 كم« هو باكورة أعمالك رصدت فيه واقع السينما السعودية فما ذا عن هذه التجربة و هل الموضوع فيه انتقاد لغياب قاعات سينمائية ؟

ـ فكرة أن أقوم بصنع فيلم ما كانت من الأمور التي أعلم أنها تحتاج للوقت فقط لكي تحدث، لكن يبدو أن أهمية الموضوع و ملامستي للمعاناة التي يتحدث عنها الفيلم و خصوصاً أننا نمر في البلاد بمرحلة انفتاح أكبر مما يجعل قبول فكرة الفيلم من الجمهور واردة بشكل أكبر.

الفيلم باختصار يضع علامة استفهام كبرى حول عدم وجود صالات عرض سينمائية بالبلاد من خلال التعرض لرحلة شاب يهوى الأفلام يضطر للسفر خارج البلاد التي يحبها من أجل أن يحظى بتجربته الأولى في مشاهدة فيلم بدار عرض سينمائي، المضحك المبكي في الأمر أن هذا الشاب من محبي و متابعي الأفلام منذ سنوات عن طريق الفيديو و الفضائيات مما جعل لهذه التجربة الأثر الكبير عليه.

٭ ظهرت في الفترة الأخيرة مجموعة من السينمائيين السعوديين الذين اكدوا حضورهم من خلال أعمالهم و مشاركاتهم في المهرجانات السينمائية الإقليمية فهل هذا إعلان عن رفع الحضر على السينما السعودية ؟

ـ : المشاركة تعني أن الشباب السعودي لم يرد أن ينتظر لحين مجيء السينما لكي يظهر أنه قادر على الإبداع في هذا المجال، كما أنها تمثل تجارب واجتهادات شخصية لأصحابها دون أي غطاء رسمي حتى الآن لم نسمع أي تصريح رسمي برفع الحظر الذي لا نعلم هل هو موجود بالأصل لا أعتقد أن الأنظمة لدينا لم تصرح بمنع وجود صالات سينما و لكن عدم تناول القضية جعلها عائمة لعقود من الزمن.

٭ هناك تجارب سينمائية مهمة جدا سبق وأن قامت بمحاولات لأرساء أسس لسينما محلية نذكر منها المخرج عبد الله المحيسن، ولكنها أقبرت، فهل تعتقد أن الجيل الحالي جاء ليقول إننا قادمون رغم غياب بنيات تحتية لسينما قائمة بذاتها ؟

ـ لا شك أن لتلك التجارب السابقة أهميتها لدينا و ستظل مسطرة في مسيرة السينما السعودية التي ستأتي قريباً و نعيش مرحلة المخاض لها اليوم، أنا أراهن على أن هذا الجيل من الشباب السعودي و خلال السنوات القليلة المقبلة سيشهد ميلاد صناعة سينما سعودية.

٭ هل تعتقد بأنه قد حان الوقت لأن يطالب المواطن السعودي بسينما محلية تعالج همومه وقضاياه و توفير قاعات سينمائية تجارية لعرضها و لمتابعة آخر الانتاجات السينمائية العالمية؟

ـ الوقت المناسب قد سبق وحل منذ عقود، و تأخر دخول السينما كدور عرض و بالتالي غيابها كصناعة لا يعني أن المواطن بعيد عن مفهوم السينما و إدراكه لأهميتها الفكرية والاجتماعية.

الثقافة السينمائية لدى الشاب السعودي جيدة بشكل عام وقنوات الأفلام العالمية من أكثر القنوات المفضلة لدينا بالبلاد وما تصدر السوق السعودي لمراكز متقدمة في أرقام مبيعات الفيديو وأقراص الديفيدي على مستويات عربية إلا دلالة على أن السعوديين مستعدون تماماً لهذا القادم الذي تأخر وصوله.

٭ : يمثل الإنتاج مشكلة كبيرة في مجال الصناعة السينمائية في العديد من الدول خصوصا تلك التي لا تتوفر على صناعة سينمائية، فهل هناك أمل في تشجيع أصحاب رؤوس أموال سعوديين للاستثمار في هذا المجال ؟

ـ : أؤمن تماماً بأن دخول دور السينما ومن ثم قيام صناعة سينما بالبلاد ستنعش الحركة السينمائية وتمولها برؤوس أموال قد تغير الكثير في واقعها.

لدينا الجمهور الأكبر خليجياً والقوة الشرائية المميزة عربياً كما أن المنتجين السعودين ليسوا بالأحداث في هذا المجال فقد سبق وأنتجوا الكثير من الأفلام العربية ومما لا شك فيه أن شركات الإنتاج السعودية ستحاول اغتنام فرصة هذا السوق والمجال الجديد.

٭ تعمل حاليا شركة روتانا للصوتيات و المرئيات التي يملكها أحد رجال الأعمال السعوديين على انتاج أول فيلم سعودي طويل فهل هي خطوة تمثل إضافة إلى جهود السينمائيين المحليين وتشجيعهم على تنمية هذا الفن ؟

ـ كون الأمير الوليد بن طلال أكبر المشجعين والداعمين لقيام صناعة سينمائية بالسعودية قد يسهم في فهم توجه شركة روتانا التابعة لسموه للبدء في صناعة فيلمها الأول.

وبالتأكيد أن دخول روتانا ودعم الوليد مادياً ومعنوياً سيسهم بشكل رئيسي في المساهمة بقيام هذه الحركة التي تحتاج الدعم لتقف على قدميها بشكل جيد
كمهتمين، أسعدنا جداً أن تلتفت روتانا لما نقوم به و تشاركنا الجهود للوصول لمبتغانا

٭ سمحت أخيرا السلطات السعودية بعرض أفلام كرتون للأطفال على شاشات ضخمة وهي المرة الأولى التي يتم فيها عرض للعموم، فهل تعتقد أنها خطوة إيجابية تلمح الى تليين موقف بعض التيارات المتشددة تجاه السينما كفن شعبي ؟

ـ عروض أفلام التحريك (الأنيميشن) ليست بالأمر الجديد في البلاد، فقد جرى عرضها قبل سنوات وفي أماكن عدة، ولكن المميز و والمهم في هذه التجربة أن الإعلام تابعها بشكل جيد بعد أن قامت أمانة مدينة الرياض بتبنيها مما أضفى عليها صبغة الموافقة الرسمية، هي خطوة بلا شك، و عدم وجود ردود افعال سلبية حتى الآن يعطي دلالة بأن السعوديين قد قرروا موقفهم في القضية.

الصحراء المغربية في 22 مايو 2006

 

شريط 'قف' للمخرج رشيد مشهراوي

رسم للخريطة اللا إنسانية لفلسطين

الرباط: أمينة بركات | المغربية  

عرض أخيرا في معهد العالم العربي الشريط الأخير للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي يحمل عنوان "قف" أو "انتظار" كترجمة لعنوانه بالفرنسية.

الشريط إنتاج مشترك مع القناة الثانية المغربية و أرتي الفرنسية، وأطراف أخرى، من بطولة أرين عمري، محمود المصاد و يوسف برود بالإضافة إلى نخبة من الممثلين، أحداث الفيلم عن قصة مخرج ـ أحمد ـ يتولى تحمل مسؤولية اختيار كاستينغ لتأسيس فرقة مسرحية.

وبالتالي عليه أن يجوب مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لاكتشاف أعضاء الفرقة الوطنية، تقوده الرحلة مع بيسان الصحفية التلفزيونية و ضوء المصور الصحفي إلى كل من الأردن، سوريا و لبنان، ليأتي "قف"، كشيء من السيرة الذاتية للمخرج رشيد مشهراوي الذي يقول عن عمله : "لقد كنت في أوروبا عندما بدأت كتابة السيناريو ووقتها منعتني السلطات الإسرائيلية من دخول بلدي و بيتي في رام الله".

يقرر المخرج الذهاب إلى المخيمات في الدول المجاورة حيث يعيش اللاجئون الفلسطينيون حالة انتظار منذ خمسين سنة، أي تاريخ احتلال الأراضي و ذلك بحثا عن ممثلين يلعبون دورهم الحقيقي في الحياة بحجة الامتثال لقانون الانتظار وسط طريق لا يبدو في آخرها إلا السراب.

وقد رأى رشيد مشهراوي في هذا الوضع حالة اجتماعية تعكس الصورة الحقيقية للمواطن الفلسطيني المحروم من بلده بعد أن اضطرته ظروف الاحتلال مرغما، على الخروج منه ليحل ضيفا ثقيلا على جيرانه و يعيش على أمل العودة إلى بيته، لكن الانتظار يطول ليشمل أجيالا أخرى تعاني من تعنت إسرائيل و ممارساتها الهمجية في فرض سياستها الإمبريالية على أصحاب الأرض الحقيقيين، عن هذا الوضع يضيف مشهراوي: "نحن كشعب فلسطيني لنا إحساس بأننا لا نتحكم في مصيرنا ونعيش يوميا على أمل إيجاد حل سريع وفي كل مرة يتبخر هذا الحلم لنعودالى طابور الأنتظار وبالتالي تصبح هذه العملية جزءا من حياتنا".

الشريط مستمد من واقع مسجل في تاريخ القضية الفلسطينية، بحيث يبلغ اليوم عدد اللاجئين حوالي أربعة ملايين من ثمانمائة مليون مواطن فلسطيني هاربين من جهنم الاحتلال، أو مهجرين، أو مطرودين في الفترة ما بين 1948و 1950 إبان الإنزال الإسرائيلي و السطو على الأراضي العربية الفلسطينية، و الهدف من الفيلم هو رسم الخريطة الإنسانية لفلسطين.

البطل أحمد و هو المخرج في الفيلم، من بين الناس الذين يتحدثون كثيرا عن الهجرة و لايستطيعون الابتعاد عن الأرض، يحمل دائما معه حجرا في حقيبته كدليل على ارتباطه بها، "هناك قاسما مشتركا بيني و بين البطل أحمد، يقول رشيد مشهراوي، فعندما أغيب عن فلسطين أترك فيها جزءا مني".

أما بيسان فتنضم إلى صفوف ما يسمى بالعائدين بعد اتفاقية أوسلو سنة 1993 و تمثل جانبا آخر من الأسر الفلسطينية التي تأثرت بالوضع باختياره لضوء المصور الصحفي يريد المخرج الإشارة إلى اللاجئين الذين أمضوا حياتهم في المخيمات معزولين عن العالم، و لأول مرة يكتشف ما يجري في محيط جديد خارج حدود المخيم الذي فقد فيه أعضاء من أسرته فيما تعرض اخوه للسجن واختصاص أحمد الفني هو رصد الانفجارات و التقاطها عبر الصورة.

مشروع المسرح الوطني بالطريقة التي طرحها المخرج لاتوجد في الحقيقة لكنها ترمز إلى حياة الفلسطينيين و إنشاء هؤلاء لخشبة خاصة بهم يتحركون فوقها بحرية ككيان مستقل.

يتساءل رشيد مشهراوي: "هل من الضروري أن يكون هناك طرف ثالث ليمنحنا حقنا، و هل من العدل أن نبقى تحت رحمة هذا الطرف؟ علما أن الحق ينتزع" هذه الاستنتاجات وظفها بطريقة ذكية في بناء أحداث الفيلم، كالحوار الحضاري كما يسميه الزعماء السياسيون ـ الديموقراطيون، وصانعو القرارات من عظماء فصيلتهم، حول إحلال السلام في المنطقة، لقاءات، نقاشات، حوارات مصنوعة من فصوص ملح لو اقتربت من الماء تدوب لأن الواقع يقر بأن لغة المصالح هي السائدة ليبقى الشعب الفلسطيني في قاعة الانتظار لعل الباب يفتح و يهب منه نسيم الحرية، و الجميل في هذه العملية الفنية هو توظيف المخرج لطاقات ابداعية من فلسطينيين الشتات ليقوموا بالأدوار و هو أسلوب إيجابي يعطي مصداقية للعمل لأن الممثل في الأخير لايقوم إلا بدوره في الحياة دور ممزوج بشيء من داخله.

وعليه فدور المخرج أحمد يقوم به سينمائي فلسطيني يقيم في هولندا، و للفيلم طابع سياسي ككل الأفلام الفلسطينية حتى لو عالجت قصة حب لأن كل الجوانب الحياتية اليومية في فلسطين لا تخلو من أحداث لها علاقة بالمجرى العام للسياسة في المنطقة باعتبار أن القضية الفلسطينية عالمية، وهم عربي موحد و بالتالي فمن الطبيعي أن يصبح الهواء الذي يستنشق فيها له نكهة خاصة ، و عليه يؤكد المخرج أنه : "مجرد حمل الهوية الفلسطينية يعتبر عملية سياسية في نظر العالم".

ويستمر في تحليله الفلسفي لوضع معين عاشه كباقي اللاجئين الذين سطرت لهم الأمم المتحدة حياة خاصة يأكلون و يشربون و يلبسون حسب ذوق و برنامج المشرفين على المخيمات دون الالتفات إلى واقع الأمر في الوقت الذي يصنعون و"يفبركون" فيه صورة أخرى للفلسطيني في محاولة تجريده من حقوقه تحت غطاء المساعدة في الوقت الذي يساهم الإعلام في رواج هذه الصورة التي رسمتها اقلام السياسة "قف" إذن أو انتظار كما يحلو لي تسميته يرصد عناصر مهمة في حياة اللاجئين و يقول للعالم إن الانتظار "طال و طول".

الصحراء المغربية في 23 مايو 2006

 

سينماتك

 

افتقدت الصدق والموضوعية

أفــلام الإرهــاب‏..‏ تجـارة وتسلية

تحقيق‏-‏ بشير حسن

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك