اكتشف مصمم الأزياء الشهير كارل لاغرفيلد نجمة جديدة في عالم عرض الأزياء اسمها أليس تاليوني، وهي فرنسية عشرينية تتميز بجمال لا جدال فيه وطول فارع لا يقبل النقاش أيضاً (180 سنتيمتراً)، إلا أن هذا الخبر كله غش بغش لأنه يدخل في إطار حبكة فيلم فرنسي فكاهي عنوانه «البديل»، تؤدي فيه أليس الجميلة، التي هي في الواقع ممثلة لا عارضة أزياء، دور «توب موديل» يطلقها لاغرفيلد وتضطر لأسباب فضائحية تمس حياتها الخاصة إلى الادعاء بأنها مغرمة بشاب عادي جداً لا يتصف بوسامة ما أو جاذبية تثير انتباه عارضات الأزياء. والشاب بالتحديد يمثله الممثل الفرنسي المغربي الجذور جاد المليح في أحد أجمل أدواره فوق الشاشة، علماً أنه من ألمع نجوم المسرح الكوميدي الفرنسي، خصوصاً ذلك المسمى «وان مان شو» والذي يتلخص في وقوف الفنان وحده فوق الخشبة مؤدياً سلسلة من المواقف الفكاهية طوال ساعة ونصف ساعة تقريباً.

أما تاليوني فظهرت من قبل في أفلام متنوعة مثل «مدرسة كبرى» الدرامي، و «أكاذيب وخيانات» الفكاهي، و «برسيلياند» المخيف، و «الصيدلي» البوليسي، و «شلة الدراغستور» الاجتماعي الرومانسي، إلى أن منحها السينمائي جيرار بيريس البطولة النسائية لفيلم المغامرات «فرسان الجو» المأخوذ أساساً عن مسلسل تـلفـزيوني ناجح في السبعينات. وسمح الشريط للجمهور العريض باكتشاف نجمة جديدة جذابة وموهوبة سرعان ما تهافتت عليها هوليوود وعرضت عليها أحد الأدوار الفكاهية في فيلم «بينك بانثر» الكوميدي، من بطولة ستيف مارتن وبيونسي نولز وجان رينو. وجاء فيلم «البديل» الفرنسي ليدعم هذا الرواج ويجعل من تاليوني صوفي مارسو جديدة تسحر المتفرج.

«الحياة» التقت الفنانة الصاعدة في مكاتب شركة الإنتاج «بلاك ماسك» التي تضع اللمسات الأخيرة على مشروع سينمائي لتتولى بطولته تاليوني.

·     تؤدين شخصية «توب موديل» في فيلم «البديل»، ويجب الاعتراف بأن الدور يليق بك إلى أبعد حد بفضل قامتك وجمالك، فهل فكرت في احتراف مهنة عرض الأزياء يوماً ما؟

- لا أبداً، ولا يكفي أن تكون المرأة طويلة أو جميلة حتى تمارس مهنة تتعلق بالموضة. شخصياً، أحببت الموسقى والرقص الكلاسيكي (الباليه) منذ صغري، وأعزف بمهارة كبيرة على البيانو، وكان حلمي أن أصبح عازفة موسيقية محترفة أو راقصة كلاسيكية، إلا أن فيروس المسرح دخل إلى عروقي ذات يوم وكنت في سن المراهقة بعد مشاهدتي مسرحية درامية بكيت فيها من أول مشهد وحتى النهاية، لاكتشف في قرارة نفسي رغبة لم تكن قد انتابتني من قبل وهي الوقوف فوق خشبة المسرح وهز مشاعر الجمهور من طريق الأداء التمثيلي وليس الموسيقي. وهكذا دخلت إلى كونسرفاتوار الفن الدرامي وصرت ممثلة محترفة.

·         لكننا نشاهدك في أفلام سينمائية وليس في أعمال مسرحية؟

- عملتُ فوق المسرح مرة واحدة عقب تخرجي في المعهد، لكن السينما اختطفتني بسرعة ولم تترك لي الوقت في ما بعد من أجل السعي وراء الأدوار المسرحية.

·         ألا تُعرض عليك مسرحيات أبداً؟

- نادراً ما يحدث ذلك، لأن الوسط المسرحي يعين ممثلات متخصصات في العمل فوق الخشبة ولا يتعب نفسه في استدعاء ممثلات سينمائيات، وهذا طبعاً خطأ، لكنني في مهنة تؤمن إلى درجة كبيرة بالتخصص ولا تفكر اطلاقاً في تجديد مصادر ثروتها الفنية. ويعني ذلك انني مضطرة إذا أردت أن أعمل في المسرح، إلى التفتيش بنفسي أو من طريق وكيلة أعمالي عن أدوار تلائمني ومحاولة إقناع أصحاب القرار في هذا الميدان بأنني أصلح للعمل فوق الخشبة نظراً الى خبرتي في الكونسرفاتوار. ربما أقدم على هذا التصرف في المستقبل، لكنني حالياً مسرورة بما تعرضه علي الشاشة الكبيرة فلا أكرس جهدي لشيء آخر.

·         هل تعتبرين نفسك ممثلة كوميدية أو درامية بما أنك مارست كل الأنواع فوق الشاشة؟

- يبدو انني تخلصت من قاعدة حبس الممثلات في لون محدد، فلا تسألني مثل هذا السؤال واتركني حرة على الأقل في تنويع أدواري السينمائية، بما انني لست حرة في الانتقال على مزاجي بين السينما والمسرح. صحيح أن الدور الذي أطلقني هو من نوع المغامرات في فيلم «فرسان الجو» الذي أديت فيه شخصية إمرأة تقود الطائرات الحربية، لكنني اتجهت بسرعة نحو الكوميديا عبر فيلمي «البديل» الفرنسي و «بينك بانثر» الأميركي، فهل سيراني جمهوري الآن فنانة كوميدية وحسب؟ هذا ما لا أعرفه أبداً وأتمنى ألا يحدث.

·         هل أصبحت خبيرة في قيادة الطائرات إذاً؟

- (تضحك) لا طبعاً، لكن الجلوس في مقعد قائد الطائرة من أجل التصوير فتح شهيتي على تعلم قيادة الطائرات وجعلني أحسد الذين يمارسون هذا النشاط، لكن طموحي يتوقف هنا وستظل رغبتي خيالية مدى الحياة.

·         كيف وجدت نفسك في فيلم هوليوودي هو «بينك بانثر»؟

- لا أدري كيف صارت هذه الحكاية بالتحديد وما هو الدور الذي لعبته وكيلة أعمالي فيها، لكني تلقيت مكالمة هاتفية ذات يوم بهدف لقاء النجم الأميركي ستيف مارتن ومجموعة من الأشخاص جاؤوا من هوليوود إلى باريس بحثاً عن ممثلة محلية قادرة على أداء أحد الأدوار الفكاهية في فيلم «بينك بانثر». لم أصدق مضمون المكالمة في بادئ الأمر، إذ اعتقدت أن أحد أصدقائي من الممثلين دبر لي مكيدة حتى أذهب إلى موعد مزيف ولا أعثر على أحد، مثلما يحدث في الوسط الفني بين حين وآخر عندما تعدّ شلة من الممثلين مقلباً ساخناً لزميل أو زميلة. لكن وكيلة أعمالي أكدت لي أن المسألة في غاية الجدية، فتوجهت الى الموعد والتقيت ستيف مارتن وغيره من الاشخاص الذين يعملون في شركة إنتاج فيلم «بينك بانثر» وبقيت معهم نحو خمس ساعات في صالون فندق باريسي فاخر، من دون أن أشعر لحظة واحدة بأنني كنت أخضع لاختبار في التمثيل، لكن هذا ما حدث في الحقيقة من خلال دردشة ودية حول حياتي وعملي ودراستي في الكونسرفاتوار وأدواري السابقة وهواياتي وأفلامي المفضلة. غير أنهم تكلموا على نشاط شركتهم ومضمون فيلم «بينك بانثر» وقضى مارتن معظم الوقت في سرد النكات أو في ابداء قلقه تجاه توليه دور المفتش البوليسي كلوزوه بطل «بينك بانثر»، متولياً في ذلك خلافة الراحل بيتر سيلرز الذي أبدع هذه الشخصية وأدخلها في سجل تاريخ السينما الكوميدية العالمية. وفي ختام اللقاء قيل لي بمنتهى البساطة «باي باي». وغادرت المكان من دون أن أعرف إذا كنت سأسمع أخباراً عن هؤلاء الأشخاص مرة ثانية واذا كانوا فعلوا أي شيء غير قضاء سهرة ممتعة مع فتاة روت لهم قصة حياتها. كان الموضوع أشبه بالخيال، وأعترف لك بأنني نسيته بسرعة وتفرغت لأعمالي الفرنسية إلى أن سمعت من وكيلة أعمالي بعد مضي ستة أسابيع على ذلك اللقاء المذكور أنني حصلت على دور في فيلم «بينك بانثر» وأن الشركة المنتجة عرضت علي أغلى أجر في حياتي الفنية حتى ذلك اليوم لقاء عملي في الفيلم.

·         وكيف دار العمل مع الأميركيين في ما بعد؟

- دار العمل على الطريقة الأميركية المعروفة، واكتشفت هذه الطريقة أولاً بأول أثناء تصوير الفيلم، بمعنى انني وجدت نفسي وسط خلية تغلي بأشخاص مشغولين جداً، كل في مجاله ولا يتكلم أحدهم على أي شيء في الدنيا سوى نشاطه في إطار الفيلم. وشعرت باهتمام كل هؤلاء بي شخصياً بطريقة لم تحدث لي من قبل في السينما الفرنسية أبداً، فالمسؤولة عن الثياب عاملتني وكأنني ملكة، وعاملة المكياج كذلك، وكل الذين أحاطوا بالمخرج من مساعدين أيضاً... وبدت راحتي بالنسبة إليهم في غاية الأهمية طوال النهار أو طوال ساعات التصوير لكنهم لم يتعبوا أنفسهم حتى بتحيتي عقب سماعهم عبارة «اليوم انتهى» التي يلقيها المساعد الأول في ختام كل يوم عمل. لقد صدمت ودهشت كيف يمكن أن تكون العلاقة بين الاشخاص مبنية على العمل وحسب، إلى درجة أنهم يتغيرون كلياً فور ان ينتهوا من مهامهم المهنية. أين العلاقة الإنسانية إذاً في وسط كل ذلك؟ وقد تصرف مخرج الفيلم معي بالأسلوب نفسه وربما ان الشخص الوحيد الذي تنازل ومنحني ابتسامة ذات مرة وأنا خارجة من مكان التصوير هو ستيف مارتن.

·         عشت تجربة سيئة إذاً؟

- أنا أميل دائماً إلى أخذ الناحية الإيجابية في أمور الحياة، وبالتالي أقول إنني تعلمت أسلوب العمل في السينما الأميركية وكسبت بعض المال ويظهر إسمي فوق قائمة ابطال أحد الأفلام الهوليوودية، لكنني لست في عجلة من أمري في شأن معاودة الكرة مهما غازلتني هوليوود، وهو شيء بدأ يحدث بكثرة فور أن نزل «بينك بانثر» إلى صالات السينما في الولايات المتحدة، وأنا أدرس العروض التي تصلني وأفكر طويلاً قبل أن أتخذ أي قرار.

·         ماذا عن جاد المليح زميلك في فيلم «البديل»؟

- لقد عوضني مئات المرات عن الأميركيين وتصرفاتهم بفضل روحه الفكاهية وإنسانيته وتواضعه، فأنا لا أجد طريقة لوصف جاد سوى مقارنته بقطعة من الشوكولاته (تضحك).

الحياة اللبنانية في 19 مايو 2006

 

«سوردا» للعراقي قاسم عبد...

عندما يصبح الحاجز الإسرائيلي لعبة الفلسطينيين

دمشق – فجر يعقوب 

ربما لم يدر في خلد المخرج العراقي المقيم في لندن قاسم عبد أن الحاجز الإسرائيلي الكريه عند مدخل مدينة رام الله الفلسطينية، والمعروف باسم حاجز سوردا سوف تتبدل أحواله تماماً عندما قرر مراقبته كما تتبدل أحوال الناس، وكما ظهر في فيلمه التسجيلي الجديد (30 دقيقة)، وحمل الاسم ذاته.

قضى قاسم عبد ثلاث سنوات وهو يراقب ولادة هذا الحاجز الذي أرهق كل من يدخل أو يخرج من هذه المدينة التي بدت وكأنها تعيش حصاراً أبدياً خانقاً لا فكاك منه أبداً.

ولطول المدة الزمنية التي كلفت المخرج أعصاباً ووقتاً وتنقلاً دائماً في الاتجاهين، فلسطين – انكلترا والعكس، أخذ حاجز سوردا يبدو في الفيلم مع تطور دقائقه كما لو أنه موضوع مراقبة بكاميرا روائية أخذت تصنع لنفسها حيادية ظاهرية، وهي تعمل على التقاط ما يحدث أمام هذا الحاجز من تفتيش وتنكيل ومضايقات بحق أهل المدينة.

ولكن المخرج عبد الذي انهمك بالتسجيل لفيلمه، تعدى موضوع المراقبة والمتابعة الحيادية، فقد شهد بعين كاميراه الذكية ولادة حاجز إسرائيلي لا يرغب بدوره بالتوقف عند حدود المراقبة الثابتة لأناس يعيشون حياتهم اليومية بكل هذا الزخم والاندفاع نحو تحقيق غد أفضل وأكثر إشعاعاً وهم المحاصرون في أدق التفاصيل.

تظهر كاميرا قاسم عبد أنها متورطة بالأحداث، ولا تعود حيادية أو سياحية، ويغوص صاحبها بين الكلمات الغريبة والهجينة التي تنشأ عن إيقاعات الحجز والاحتجاز والحاجز. فها هنا الحاجز الصاد لهذا السيل العارم من المواطنين وهم يواجهون جنوداً يبدلون أمكنتهم وأزمنتهم، ويبدلون من مقاسات وجوههم عند ملجأهم الأخير بما يتناسب مع صرامة وتجهم الأحجار الثقيلة التي يتألف منها المكان بشكل عابر وطارئ إذ سنرى بعد قليل في فيلم «حاجز سوردا» أن زمان (ومكان) هؤلاء الجنود عابر حقاً.

مزاج الحاجز

ما هو مثير في الفيلم هو هذا التبدل في مزاج الحاجز نفسه، وهو هنا ربما يتبدل بمعزل عن أمزجة القائمين عليه من جنود الاحتياط الإسرائيليين، ففي هذه البقعة الجغرافية يجترح الفلسطينيون المعجزة التلقائية في سبيل إنجاح وجودهم، إذ تتحول أحجار (سوردا) الاسمنتية الضخمة إلى طاولات لبيع الليموناضة الفلسطينية الباردة، ولولا بلاهة بعض الجنود المخيمة على المكان الضيق المحشور بين التلال عنوة لقلنا إن حاجز سوردا هو لعبة الفلسطينيين، إذ يقيمونه للحظات بغية الترويح عن أنفسهم، فلا يعود من سلطة للعدو هنا، وكل هؤلاء الباعة الذين يفترشون الأرض ويصرون على بيع بضائعهم وكأن الهدف من البيع ليس البيع نفسه، بل مماحكة هؤلاء الجنود والتغيير من أمزجتهم بقهوة عربية ثقيلة «تقهي» مزاج البعض، وتمنعه عن تناول الأطعمة السريعة المعدة للجنود في أزمنة الحروب السريعة، إذ ما من حاجة هنا للأكل، أو من حاجة للكر والفر، وقد انفردت المشروبات المثلجة والساخنة على أحجار الحاجز نفسه، وتولى الفلسطينيون في معجزتهم التلقائية كما أسلفنا مهمة تصريف شؤونهم اليومية عند حاجز ينفر من أصحابه.

في الفصل الثالث من الفيلم لا يعود هناك أي حاجز لا في حلوله البصرية الذكية، ولا في واقع رام الله.

إذ كما يتدخل الشاعر في بناء قصيدته بإمحاء بعض الكلمات وإعادة توظيفها في سياقات لغوية أخرى يقوم عبد بمحو الحاجز (واقعياً) من مكانه. لا يعود هناك من حاجز في الصورة، وما يظهر أمامنا هو تقاطع نظيف من شوارع معبدة ومحاطة بالتلال. اختفى الجنود واختفت آلياتهم وأوامرهم، وما يظل «يرفرف» في المكان هو رائحة القهوة العربية، وآثار الليموناضة الجانبية، وبلاهة الجنود الميتة.

ينتهي قاسم عبد من (مراقباته) الطويلة، بما يخص سجلات ولادة وتطور وموت حاجز إسرائيلي، يتمكن الفلسطينيون من الالتفاف عليه ومحاصرته وامتصاصه. وما فعله قاسم عبد بذهابه الطويل والمتكرر إلى هناك (كونه يحمل جنسية إنكليزية) هو تأكيد هذا الإقصاء من الصورة... وهنا تكمن براعته كمخرج لفيلم من ثلاثة فصول كما في دراما كلاسيكية يزيد عليها كل تلك الأرواح الخفيفة الجميلة التي كانت تنتقل يومياً عند الحاجز لمواصلة الحياة من دون التأثر بالغرباء الذين لا يرون القهوة العربية الثقيلة إلا من مناظير الرؤيا الليلية فقط.

«حاجز سوردا» لقاسم عبد فيلم ذكي يعيد صوغ الحياة الفلسطينية في بروفة أولى من ثلاثين دقيقة فقط!

الحياة اللبنانية في 19 مايو 2006

 

الأوقاف حوّلته من عاطفي إلى مقاوم

فيلم <الهوية> حياتان وهويتان

راشد عيسى  

يضع المخرج السوري غسان شميط لمسات أخيرة على فيلمه الروائي الثالث <الهوية>، بعد <شيء ما يحترق> (1993)، و<الطحين الأسود> (2001)، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، ويتناول الفيلم موضوع الجولان السوري المحتل بشكل مباشر، أي يعتبر الجولان موضوعه لا مجرد حاضن لحكاية (وهذه ليست نقيصة)، كما ظهر في أعمال أخرى كأفلام محمد ملص <أحلام المدينة> و<الليل>، وفي فيلم عبد اللطيف عبد الحميد <ليالي ابن آوى>، وأعمال أخرى سواها. ولذلك فإن مشتغلي العمل يعتبرونه الفيلم السينمائي الروائي الأول عن الجولان المحتل، مقابل كمّ كبير من الأفلام الوثائقية، كان آخرها فيلم الشابة إيناس حقي <المعبر>، الذي يتابع زيارة بعض أهالي الجولان المحتل إلى سوريا.

سيناريو العمل كتبه، إلى جانب المخرج شميط، وفي خطوة قلّما تحدث خارج سرب سينما المؤلف، الروائي وفيق يوسف، وله <المطعون بشرفهم> التي نالت جائزة الشارقة للإبداع العربي العام ,2000 و<التيارات المتناوبة> (قصص 2000)، ورواية قيد الطبع، بعنوان <بطل الزمن الأخير> يقول عنها الكاتب إنها راحت ضحية أزمة العلاقات السورية اللبنانية بعد ما كانت ستُطبع في لبنان. يحمل سيناريو الفيلم وجهاً مثيراً ومشوقاً، بحكاية فريدة لم تتناولها السينما العربية من قبل، بل وقلّما تناولتها السينما العالمية، حين يروي مقولته عبر واحدة من حكايات التقمص وتناسخ الأرواح.

تقول الحكاية إن شاباً فلسطيني المولد يظلّ يهذي بذكريات وقصص لا تفسير لها سوى أنها حياتُه في جيل سابق، لكن العامل الحاسم يأتي حينما يسمع الشاب، وأبناء قريته في الشمال الفلسطيني، نعوة لرجل مات في إحدى قرى الجولان المحتل، يتعرّف فيها الشاب على اسم أبيه السابق، فيمضي مع وفد من أبناء قريته إلى بيت العزاء في تلك القرية التي تقع وراء الحواجز الإسرائيلية الكثيرة، وحينما يصل الشاب (يؤدي دوره في الفيلم قيس الشيخ نجيب، بينما يلعب مجد فضة شخصيته في الجيل السابق) يتعرّف في المكان على قريته، شوارعها وساحاتها وشخوصها، لقد جاء في الحقيقة ليعزّي بموت أبيه، وحينما يقابل أمه السابقة (سلمى المصري)، والتي ستتعرّف إليه من علامة ظلت أسفل ذقنه، وتتعرّف فيها المكان الذي صوّب إليه ولدُها البندقية منتحراً، بعد رفض أهل حبيبته تزويجه من ابنتهم (تؤديها سوسن أرشيد)، ستشرح لابنها ما آلت إليه أحوال العائلة، واستشهاد أخيه، ومن ثم أبيه (عبد الرحمن أبو القاسم)، في مواجهات مع الإسرائيليين، وعن حبيبته التي لم يكتمل فرحها، بعد أن انفرط عقد زواجها من ابن عمها بعد انتحاره.

أما جنود الاحتلال فيحضرون في العمل ليس فقط على الحواجز التي مرّ عبرها وفد المعزّين، وإنما تتزامن جنازة الأب مع مواجهات أبناء القرية الجولانية وجيش الاحتلال، حيث يواجه هؤلاء معركة فرض الهوية الإسرائيلية وضمّ الجولان (كان ذلك في العام 1981). ولكن مشهد الختام سيكون أثناء عودة الوفد الفلسطيني المعزّي، ففيما هم على تخوم القرية، على أحد الحواجز، وبالضبط بعد ما تعرّف الشاب (الفلسطيني) على جذوره الجولانية، سيشهدون (كما يروي ملخص الفيلم) تظاهرة وطنية قادمة من جهة القرية، وجنود الاحتلال يصوّبون أسلحتهم ومدرعاتهم لقمع القرية الثائرة. فما كان من الشاب، إلا أن ترك الحاجز، والوفدَ الواقف هناك بانتظار العبور، لينضمّ إلى التظاهرة الوطنية: إنه يعود الآن إلى جذره وهويته. وهنا سيصوّب جنود الاحتلال ويطلقون النار، ويعمّ الظلام.

لا ندري إن كان من اللائق هنا أن يواجه الشاب هويته الفلسطينية السابقة بهويته الجولانية المستعادة، طالما أن السيناريو لم يقل إن الشاب نشأ في حياته الجديدة على شيء من التخاذل، ولكن ربما علينا تجاهل الأمر (طالما أن الفيلم في النهاية مشغول بمقارعة الاحتلال)، بالطريقة نفسها التي تجاهلت فيه وزارة الأوقاف الأمر، حين جرى تحويل عواطف الفيلم ورومانسياته إلى غضب في وجه الاحتلال، ف<الأوقاف> كانت اعترضت في البداية على فكرة التقمّص في الفيلم، سوى أن مؤسسة السينما احتالت على الأمر بتحويل وجهة العمل، من سيطرة حكاية الحب العاصفة التي أودت ببطل الفيلم إلى الانتحار، ثم قذفت به بعيداً ليولد في قرية في الشمال الفلسطيني، إلى حكاية المواجهة مع الإسرائيليين، وطالما أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ستصمت <الأوقاف>، ولكن بعد أن خرّبت ما خرّبت، فلماذا لا تهتم <الأوقاف> بالأوقاف وحسب، وتترك السينما والدراما لأهلهما؟

السفير اللبنانية في 18 مايو 2006

«الواجهة المثقوبة»..

رحلة في مهرجانات السينما العربية

عمان ناجح حسن 

لا يدعي كتاب /الواجهة المثقوبة : رحلة شخصية في المهرجانات العربية/ للناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة الصادر حديثا من القطع الصغير عن مسابقة أفلام من الإمارات أن يكون تاريخا توثيقيا للمهرجانات السينمائية العربية قديمها وجديدها. لا بل انه يبحث في بعض منها على نحو أشبه ما يكون بالرحلة الشخصية التي لا تخلو من الموضوعية في قراءة واقعها الآني وفي فهم وآليات عملها وارتباطاتها بالمجتمع والثقافة ودورهما الإبداعي لدى قيامه بالتغطيات الصحفية في دورات سينمائية لمهرجانات القاهرة، الإسماعيلية، دمشق، بينالي السينما العربية بباريس، روتردام، أصيلة.. وسواها.

يقع الناقد /المؤلف جرجورة في حيرة تصنيف كتابه ما إذا كان يمكن اعتباره كتابا عن المهرجانات السينمائية أم مجرد لنصوص وخواطر أدبية تتداعى بالوصف والتحليل والقراءة للذات في لحظة وقوفها أمام مدن فيها من التاريخ والعراقة بحيث جرى تكريسها عناوين لمهرجانات السينما العربية وفيها خاض جرجورة تجربة التواصل الإنساني والإبداعي وروح الاكتشاف لصداقات وسبر لأغوار في تفاصيل العلاقات اليومية وتنوعها داخل فسيفساء الرقعة العربية.

لا شك أن المهرجانات السينمائية العربية التي تقام على خريطة العالم العربي أو خارجه لا تزال تبحث عن مواقعها الثقافية والفنية والصناعية والتجارية خصوصا بعض الجديد منها في حين أن معظم قديمها قرطاج،دمشق، القاهرة كما يشير الكتاب يجهد في تحديد المسار والهوية والهدف رغم ما يشكله حضورها من طموح في الارتقاء بذائقة سينمائية رفيعة مغايرة للسائد في مشهدها السينمائي.

ولا يسع الكتاب أن يبرز حركة الإنتاج والتوزيع والعروض السينمائية التي رافقت العديد من المهرجانات السينمائية العربية منذ سنين طويلة وقد حاولت جميعها أن تكون مرآة للواقع وسوقا للتبادل التجاري وحيزا للتواصل الثقافي ومكانا للتعارف ومجالا لطرح مشاريع متنوعة على أمل العثور على منتجين وما شابه ذلك.. بيد أن هذا كله جعل مثل تلك المهرجانات تتوزع بين ما أصابه النجاح وبين ما وقع في الخيبة والفشل وهناك أيضا من المهرجانات ما زال يراوح مكانه في البحث عن تحقيق الغايات والأهداف التي سعى إليها.

يخلص الناقد جرجورة الذي سبق له أن أصدر كتابين سابقين : ''سؤال الذات'' كتيب عن السيرة الذاتية والمهنية الخاصة بالمخرج السينمائي المصري يسري نصرالله وكتاب ''السيرة المنقوصة '' بحث في تاريخ السينما اللبنانية في تحليله لباقة من المهرجانات العربية التي واكبها إلى نتيجة مؤداها ''استطاعت مهرجانات أن تحقق أهدافا تراوحت بين الثقافة والفكر والجماليات والاقتصاد في حين لم ترغب مهرجانات أخرى في ذلك إذ تعاطى مسؤولوها مع السينما كأداة ترفيه وتسلية تأخذهم إلى عالم الأضواء وفضاء النجوم ''وفي موضع آخر من الكتاب يلقي الناقد نظرة نقدية على المهرجانات السينمائية العربية الحالية ويكشف عن بؤس أغلبيتها وتراجعها والفوضى الواقعة فيها سواء في التنظيم والإدارة واختيار الأفلام وبرمجتها وتشكيل لجانها التحكيمية أو على صعيد توجيه الدعوات واستقطاب الضيف وخيارات توزيع الأعمال المشاركة في الأقسام الأساسية أو في البرامج الجانبية.. عدا عن تلك العلاقات الشللية التي تربط إدارة المهرجان بقوائم ثابتة من النقاد والصحفيين والإعلاميين وكأنها لا تتبدل.

كتاب '' الواجهة المثقوبة'' قراءة ممتعة تقترب من الصورة الحقيقية لحال مهرجانات السينما العربية الآخذة في التزايد عاما تلو الأخر بعضها يستمر والآخر يتوقف دون داع.. استطاع جرجورة أن يشير بشكل جلي إلى مواطن الضعف والمصاعب التي أعاقت العديد منها وان يطرح رؤيته الخاصة في نص متين يمزج بين التحليل والمقاربة النقدية في حد معقول من السوية والموضوعية والمزاج الشخصي والأدبي يستفيد منه القاريء العادي أو المتخصص في متابعة الفن السابع وشؤونه.

الرأي الأردنية في 18 مايو 2006

 

من الحياة العادية الى شاشة العواطف

محمد عبيدو 

كتاب «أوزو» أو «السينما المضادة» من تأليف كيجو يوشيدا وترجمة رندة الرهونجي يحمل الرقم 100 من سلسلة الفن السابع الصادرة عن مؤسسة السينما السورية. في هذا الكتاب يستعيد السينمائي كيجو يوشيدا مسيرة «أوزو ياسوجيرو» أحد كبار صناع السينما اليابانية وأسلوبه وفكره بعد أن عمل كمساعد له... ويشيد هنا بتميز أعمال أوزو وشعريتها، متطرقاً الى بداياته في السينما الصامتة وتقنياته السينمائية وأسلوبه في صناعة «سينما مضادة».

وياسوجيرو أوزو ولد في عام 1903 وتوفي في عام 1963... وأخرج 54 فيلماً من بينها «الابن الوحيد» (1936) و «ربيع متأخر» (1949) و «رحلة الى طوكيو» و «مذاق شراب الساكي» (1962). وغيرها من الروائع السينمائية التي جعلت من أوزو مخرج الحميمية والعائلة وتبدلات الفصول واضطرابات الوجود اللامتناهية. ومع ذلك، يذكر كيجو يوشيدا في كتابه ان تاريخ أوزو الشخصي هو تاريخ هامشي. لم تسجل سيرة حياته الشخصية أي حدث بارز خلافاً لفيلموغرافيته الغنية، عاش طويلاً مع والدته كعازب. واللافت حتى ذلك الحين هو فراغ هوامشه الشخصية مع أن حياته لم تكن هادئة. ففي خضم الحرب، أُرسل أوزو الى الصين كجندي من الدرجة الثانية. وعند اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية، ذهب الى سنغافورة ليصور فيلماً وهناك سجن.

ان ما يثير الرغبة في مقارنة سيرة حياته بالهامش الأبيض هو أن أفلامه كانت هادئة، وعند نهاية حياته، أصبحت قصصه الصغيرة تذكر بأن حياته كانت كذلك أيضاً.

بدأ أوزو عمله السينمائي في العشرينات من القرن الماضي، وثلاثون فيلماً من أفلامه الـ 54 كانت أفلاماً صامتة، وهذا ما ميزه حتى نهاية حياته، فمن المستحيل تجاهل الصلة الغريبة التي بناها هذا المخرج مع تلك السينما. وعندما جاءت السينما الناطقة، اراد المخرجون التأقلم معها بسرعة. لكن أوزو نفر من التحول في هذه السينما التي كانت تبحث من دون توقف عن التجديد والمشهدية: ان هذا العناد في التمسك بفن قد تجاوزه الزمن كان الاشارة الى رغبة العودة الى التجربة الأصلية.

كان أوزو الذي بقي عازباً يكره هموم الحياة اليومية: ألم يجهد في تبسيط حياته الخاصة بإقصائها الى الهامش من أجل أن يركز على عمله كسينمائي؟ علينا ألا نستنتج من هذا أن تلك الهامشية جعلته صموتاً، فقد ملك أوزو فن رواية القصص بحس وطرافة وتهكم وأكثر التحدث عن أفلامه. لقد اعتبره الناس شخصاً صموتاً، لأن العالم الذي يسكن أفلامه كان عالماً هادئاً للغاية وأسلوبه السردي وطريقته في التعبير كانا يتمتعان بخصوصية كبيرة. وكان أوزو متعلقاً جداً بمدينة طوكيو، وتناول في عدد من أفلامه هذه المدينة كلوحة خلفية، ونلاحظ أن أسمها قد تكرر بكثرة في عناوين أفلامه: جوقة طوكيو، امرأة من طوكيو، الرحلة الى طوكيو، وكذلك غروب في طوكيو، على رغم أنه من مواليد هذه المدينة الا انه لم يرغب في وصفها، لكن طوكيو قد سكنت أفلامه.

يقدم ياسوجيرو أوزو في فيلم «الرحلة الى طوكيو» ببراعة فائقة قصة عجوزين يقومان برحلة من قريتهم الريفية النائية الى طوكيو لزيارة ابنائهما الذين يعاملونهما بلا اكتراث، ويعالج فيها مشكلة التقدم في السن وخيبة أمل الآباء بأبنائهم وخشية الأبناء مما يخبئه لهم المستقبل بحساسية عاطفية نادرة. واذا كان فيلم «الرحلة الى طوكيو» قد تم سرده كما لو تأملته نظرات، نظرات الأشياء، نظرات الغياب أو اللامرئي، وأيضاً نظرات الفوضى. الا ان شيئاً آخر يلف بحنان هذا الفيلم باستمرار، ولا نستطيع تحديده الا بما يشبه نظرات مقدسة ومنظمة لم تأت من داخل الفيلم، بل كانت تعمي البصر وتشبه في شكل غريب الشمس التي تنشر ضياءها من فوق على كل الأشياء.

عندما بلغ أوزو عام 1962 الثامنة والخمسين، قام بإخراج فيلم «مذاق شراب الساكي»، لم يكن أحد يتوقع في حينه أنه سيكون فيلمه الأخير. انه لمن المؤسف حقاً أن يكون هذا الفيلم العمل الذي عرض بعد موته المبكر، وان تكون حياة أوزو قصيرة الى هذا الحد.

غير أن خريف حياة أوزو جاء قصيراً جداً، فكما حصل في عالم أفلامه الذي أعاد فيه بلا كلل أو ملل التكرار والتباينات، فقد وصل الى موت هادئ جداً حتى من دون أن يدرك هذا. وكانت هذه من دون شك الطريقة التي تمنى فيها أوزو أن يعبر نهر الحياة.

الحياة اللبنانية في 19 مايو 2006

 

المال أوروبي - مغاربي والمخرج جزائري والممثلون فرنسيون - مغاربة ... والفيلم؟

باريس – ندى الأزهري 

مع مهرجان كان، أثيرت من جديد قضية «هوية الفيلم»، والمعايير التي تحدد على أساسها هوية الأفلام المشاركة في المهرجان. الأمر لم يعد بالبساطة التي كان عليها فيما مضى، فمع تداخل رؤوس الأموال المنتجة للأعمال مع بلدان أو أشخاص مستقلين، ومع الجنسية المزدوجة لبعض المخرجين، واشتراك ممثلين من بلدان مختلفة في العمل، والتصوير الذي قد يتم في بلد آخر لا علاقة له ببلدان المشاركين، واللغة المتداولة في الفيلم التي قد لا تكون لغة الممثلين أو المنتجين... مع كل هذه التداخلات تصبح القضية معقدة أحياناً. فيلم «سكان أصليون» (Indigenes) الذي يشارك هذا العام في المهرجان، يعبر جيداً عن هذا الواقع. فهو من انتاج أربع دول هي فرنسا، المغرب، الجزائر وبلجيكا. ومخرجه رشيد بو شارب فرنسي وجزائري، والممثلون فرنسيون من أصول مغاربية. فأية دولة يمثل في المهرجان؟

المندوب العام للمهرجان تيري فريمو صرح لصحيفة «جورنال دو ديمانش» أنه ومنذ سنوات تعطى هوية الفيلم بناء على جنسية مخرجه، وليس جنسيته، لأن ما يؤخذ بالحسبان هو «روح العمل المقدم وجوهره». وذكر مثالاً فيلم المخرجة الأميركية صوفيا كوبولا (ابنة المخرج الكبير فرانسيس كوبولا ومخرجة «ضائع في الترجمة») «ماري انطوانيت». فهذا الفيلم صور في باريس برأس مال فرنسي، بيد أن كل ذلك في رأيه لا يجعله «بالتأكيد، فيلماً فرنسياً بل إنه يبقى عملاً أميركياً».

إن الأموال المنتجة للفيلم قد تعطيه هويته القانونية لكنها بالتأكيد لا تعطيه هويته الثقافية. ومن الصعوبة تحديد انتماء أي عمل فني، فالكثير من العوامل تتمازج لإنتاجه وإخراجه في شكله النهائي. في الفن السينمائي هناك القضية التي يعالجها العمل، لغته، أسلوب تحقيقه تقنياً، هوية كاتب السيناريو، الممثل، والمخرج. لكن هذا الأخير هو من يلعب، في الكثير من الحالات، الدور الأساسي في إعطاء العمل روحه وهويته وشخصيته.

لقد ظهرت القضية الفلسطينية في عدد من الأفلام وبرؤوس أموال مشتركة عربية أوروبية، وعمل عليها مخرجون من مختلف الجنسيات، فأيها كان فلسطينياً مثلاً وأيها لم يكن؟ يبدو على سبيل المثال، «برايفت» ( عرض العام الفائت) للإيطالي سافاريو كوستانزو فيلماً إيطالياً أو أوروبياً منذ لحظاته الأولى بأسلوبه ونظرته وطريقة عرضه لمجريات الأمور، وهذا على رغم أنه يعالج معاناة أسرة فلسطينية تحت الاحتلال.

أما «الجنة الآن» لهاني أبو أسعد والذي أنتجته رؤوس أموال فلسطينية وأوروبية، فلا يمكن له إلا أن يكون فيلماً فلسطينياً خالصاً حتى لو ذكر التعريف بالفيلم أنه «هولندي، فلسطيني....». أيضا لا يمكن إنكار أهمية اللغة المستخدمة في الفيلم في تحديد هويته. ففي «برايفت» لم تكن العربية هي اللغة المستعملة في التخاطب، وهو ما ساهم بالتأكيد في جعل الفيلم «غير فلسطيني». وتصبح القضية أكثر تعقيداً حين يحمل مخرج العمل ثقافتين كي لا نقول جنسيتين. فيلم إسماعيل فروخي» الرحلة الكبرى» الذي يحكي العلاقة بين الجيل الأول والثاني من المهاجرين المغاربة إلى فرنسا من خلال رحلة بالسيارة يقوم بها أب وابنه إلى الأراضي المقدسة، قدم في دور العرض وفي المهرجانات على أنه فيلم فرنسي ولكن هذا لم يلغ «هويته» الأخرى. فهذا العمل عبر تماماً عن هوية مخرجه، عن هؤلاء» الفرنسيين» من ذوي الأصول» المغاربية».

إن «جنسية» الفيلم، ستفرض نفسها من خلاله. وقد لا ننتبه إليها أحياناً ولا نهتم بها، لكنها ستتواجد من تلقاء نفسها وسنتحسسها من خلال الفيلم حين يستطيع صانعه، او مؤلفه أن يصبغ عمله بها.

قد تكون سينما المؤلف هي المعنية في شكل عام بهذا التحديد «للهوية». فالأمر يختلف حين يتعلق بالإنتاجيات الضخمة كما هي الحال في هوليوود، حيث الفيلم «مشروع» الشركة المنتجة، تحضره كاملاً قبل أن تقوم باستقدام المخرج «لتنفيذ» العمل. والفيلم في هذه الحالة يمثل «هوية» هوليوود وليس المخرج.

الحياة اللبنانية في 19 مايو 2006

 

سينماتك

 

بطلة فيلم «البديل» التي تغازلها هوليوود...

أليس تاليوني: الأميركيون عاملوني كملكة... أثناء التصوير فقط

باريس - نبيل مسعد

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك