بيروت في شريط الثنائي خليل جريج وجوانا حاجي توما هي الشخصية الرئيسية أو"البطلة" بالمفهوم الشعبي. يحتل المكان مساحة الشاشة في "يوم آخر". الشارع، المستشفى، البيت، المكتب.. قطع "بازل" مبعثرة، يصعب او ربما يستحال ترتيبها وفقاً لمنهج واحد او على صورة موحدة. انها قطع من المدينة، بعضها متأكل وبعضها قديم وبعضها الآخر استبدل بقطع جديدة بدل تلك الضائعة لكثرة ما اختبرته من تجريب في احتمالات تركيبها. المكان وحده قادر على البوح. يحتضن الشخصيات بمزيج من السرية والكتمان والاشارات الصامتة. كأن بيروت هي تلك المدينة "المسكونة"بأسرار من ماضيها وماضي ناسها، مدفونة في ثناياها. على هذا النحو يحتمل المكان في الفيلم وجهين او شخصيتين. انه المكان الذي يشكل عالم الشخصيات، نتعرف اليه من خلالهم بما هو امتداد لحيواتهم اليومية. ولكنه ايضاً المكان الذي يتنفس الماضي بكل ايحاءاته وصوره: البيت الذي يحمل ذكرى رجل مفقود والشوارع التي تكتنز صوراً من زمن غابر... الشخصيات والامكنة والماضي والحاضر والمهجور والمسكون.. كلها تتجاور في حياة بيروت راسمة لنفسها ايقاعاً خاصاً. بعض الأمكنة في الفيلم ينتمي الى الماضي بامتياز.، أمكنة مهجورة الا من حكايات الماضي كغرفة الأب التي تضم ثيابه، تخرجها الزوجة وتشم رائحتها بحثاً عن عطر الرجل المفقود او رائحة الماضي او عفن السنوات المتكدس فيها. كذلك الأمر بالنسبة الى المكتب (مكتب المفقود) الذي يدخله "مالك" بحثاً عن اوراق خاصة بوالده فيعثر على مسدسه. ولكن الماضي المتمثل في المكان ليس هاجس الفيلم، إذ ان الأخير يبحث عن اللحظة التي تتقاطع فيها الشخصيات في بيروت اليوم مع أشباح الماضي. لذلك تبدو حكاية المفقود في سياق فيلم عن بيروت الحاضر التعبير الخالص عن المضي الذي يسكن الحاضر ويرفض ان يغادره او عن الحاضر الممسك بتلابيب الماضي بشراسة. حكايات المفقودين هي الصدع الأساسي الذي خلفته الحرب في الحاضر وهي نقطة اللقاء المجازية بينهما. لا تهتم كاميرا المخرجين بعلامات الماضي الا بقدر ما تتجلى في اليومي. فتبرز مشاهد بعينها تختزل تلك الصور. الجاكيت الخاصة بوالد "مالك" ملقاة على سريره تثير قشعريرة كالتي تعتري الجسد ازاء حدث غير منطقي يوحي بارتباطه بقوة ما ورائية. انها أقرب الى أثر يبصقه ذلك البيت المسكون بروح الرجل او الى أثر خلّفه شبح الرجل في غرفة نوم ابنه. بهذا المعنى، تتجول الأشباح في المدينة، أشباح الماضي التي حولها غسان سلهب في فيلمه الروائي الاول "أشباح بيروت" سكان المدينة الخارجة من حربها. بين المكان والشخصيات وتصادمهما يخلق الفيلم ديناميته الداخلية التي تقوم على تكثيف المشاهد والمواقف للوصل الى اللقاء او التصادم بين المكان­المدينة والشخصية.

تصادم وتفاوت

من المثير كيف ان عدسة المخرجين لا ترى بيروت الا كمكان محتمل للتصادم واللقاء. المشاهد العامة لبيروت لا تحضر الا في البداية من خلال ثلاث لقطات بعيدة للمدينة كأنما هي تقديم لمدينة مهجورة او مدينة أشباح. بعدها، لا نعثر على شارع مقفر او زاوية فارغة. كل زاوية كاميرا تلتقط ذلك اللقاء "العَرَضي" (كما يحب جريج ان يسميه) بين المكان والاشخاص. ولعلها صورة معبرة عن علاقة الفرد ببيروت التي كفت عن ان تكون مكاناً يشبه الفرد وقابلاً للتشكل بحسب رغبته، متجهة في المقابل الى تشكيله بحسب ما تريد وترغب. لم تعد المدينة الملاذ بقدر ما هي المنصة او مسرح الاحداث حيث لا تمر لحظة من دون حدث مركزي يشد الانتباه. من هنا تتولد اشكالية الفيلم وعنوانه. "يوم آخر" او "يوم مثالي" بحسب الترجمة عن الانكليزية هو يوم مكثف الأحداث. لا وجود للحظات فارغة او عابرة كأن الفيلم يطارد التحولات في زوايا المدينة التي تناقض ذلك الروتين العادي البادي على يومياتها وحركتها الاعتيادية ظاهرياً. شيءٌ ما في ذلك اليوم الحافل او اليوم الآخر يجعلك تنتبه الى كم الجهد الكبير المطالب به الانسان في كل يوم ليتماشى مع حياة المدينة. فعلى الرغم من ان "مالك" ليس نموذجاً انسانياً معمماً ولكنه على نحو ما يقدم صورة عن الحاضر. كأن الاستثناءات في عرف السينمائيين هي التي تمنح الواقع خصوصيته والحالات المتطرفة هي التي تكشف عن الخلل كما في فيلمهما القصير "رماد" حيث يتحول موت أحدهم ووصيته بأن تحرق جثته الحدث الذي يكشف الكثير عن النفس البشرية والطبيعة الاجتماعية. يصحو "مالك" (زياد سعد) على نهاره ويتعين عليه ان يتابع ورشة البناء حيث يعمل وأن يتمم مع والدته "كلوديا" (جوليا قصار) خطة اعلان والده المفقود منذ 15 سنة ميتاً وان يحاول التصالح مع حبيبته.. كل ذلك بجسده المتهالك بسبب مشكلة تقطع نفسه خلال الليل مما يجعله عرضة للاستغراق في نوم عميق في اية لحظة استرخاء او عدم تركيز. أشياء كثيرة تهلك ذلك الجسد غير الفاعل بالكامل تماماً كهذا البلد. التقارب بين الجسد نصف المعافى والبلد نصف المعافى يستدعيها وقوع الاثنين­الجسد والبلد­ تحت مسؤولية قرارات مصيرية لا يملك اي منهما التفكير فيها او أخذ مسافة منها. الحس الطارئ بضرورة انهاء الاشياء العالقة يسيّر حياة الاثنين انما من دون طائل. كلاهما غير قادر على التخلص من رواسب ماضيه الا بقدر تواطؤه مع ذلك الماضي. وحدها "كلوديا"، دون المدينة ودون الشخصيات الاخرى في الفيلم، تدرك معنى ذلك التواطؤ. لذلك نراها تتعايش تماماً مع ماضيها. تنتقل من حالة الترقب وانتظار الزوج المفقود بما هو فعل ايمان بقدرة الماضي على ان يعود الى حالة حداد وفهم أعمق لمعنى الفقد بعد اعلان وفاة الزوج. تكف عن الانتظار وعن الاستماع الى زمامير السيارات علها تتعرف الى زمور سيارة زوجها، تكف عن كل ذلك وتكتفي بالتواصل مع شبحه او ما بقي من ذكراه في البيت، محاولة ان تتحسس بيدها في أحد المشاهد حضوره كأنها تؤنسن ذلك الحضور الشبحي او تجسده باللمس. في المقابل، يبدو حال مالك من حال المدينة. كلاهما يريدان القفز فوق مرحلة الحداد تلك او تقبل الاشباح، فتراهما يراوحان في مساحة صغيرة من الرفض حيناً وتجميل الواقع حيناً آخر. بيروت النائمة­مثل مالك­ على ماضيها، لا يلزمها سوى التنقيب قليلاً ليطفو الأخير على السطح تماماً كالجثة التي يعثر عليها عمال ورشة البناء في الفيلم. و"مالك" الذي يعاني من تقطع النفس والاستغراق في النوم من دون سابق إنذار انما هو اختزال لقلق كثيرين اليوم من افلات الحاضر من بين ايديهم بعد ان افلت الماضي منهم وراح خارج سيطرتهم. فنوم "مالك" غير المتوقع يأخذه الى ما يشبه الموت القصير الذي يصحو بعده على مشهد جديد. ولعل مشهد نومه في السيارة وتوقف الاخيرة وسط الاوتوستراد بينما السيارات الاخرى تتجاوزها هو صورة لعجزه عن التقاط ايقاع المدينة والتماشي معها.

الشيء والجسد

"يوم آخر" هو فيلم الحوارات المقطوعة والكلام القليل والاشارات الكثيرة. ما من حوار يكتمل في زحمة ذلك اليوم الآخر. الحوار الاول الذي هو مدخل الى الفيلم بين "كلوديا" وابنها "مالك"، يحدث بينما الأخير غارق في سباته. تكلمه في شأن اعلان موت والده كأن كل مواضيعنا الاساسية مؤجلة او نائمة لا نجرؤ على مناقشتها في وضح النهار. كذلك هي حوارات "مالك" وحبيبته رسائل خليوية مبتورة، ومحادثات "مالك" ووالدته كلام قليل لا يعبر عما يجول في خاطر كل منهما. لذلك هو فيلم الاشارات المدفونة المعبِّرة عن المسكوت عنه في حياتنا اليومية على الرغم من شدة وضوحه وقوة حضوره. والاشارات تلك لا تقتصر على مواضيع ذات صلة بالحرب وانما تنسحب على تفاصيل يومية هي من نسيج حاضرنا. بهذا المعنى، تكثر "الأكسسوارات" قي فيلم حاجي توما وجريج او "الأشياء". هو فيلم الاماكن والاشياء. الجاكيت والهاتف الخليوي والمسدس المتنقل..كلها أشياء تكتسب حياة خاصة بها منفصلة عن حياة الشخصيات، تقود المشاهد الى توقعات وتخمينات مفتوحة. الى الاماكن والأشياء، هو فيلم الجسد في وصف الأخير التعبير الألصق بالفرد وحدوده الخارجية مع العالم من حوله. مرة أخرى، يتفرد المشهد الاول بين "كلوديا" و"مالك" بتسليط الضوء على ذلك الجانب. فهي إذ تخاطب جسد ابنها النائم، تمعن في لمسه بينما الكاميرا تقترب من اصابعها تنغرس في لحمه. انها الصورة النقيضة لجسد الأب المفقود واشارة الى رغبات الام الدفينة وشوقها (الجسدي والمعنوي) الى جسد ملموس، يشبعها او يقنعها حضوره وان في شكل جثة هامدة بمنطقية غيابه. الجسد يتحول شيئاً كجسد "مالك" في وسط الحانة الليلية ذلك الجسد الذي يصبح مركز العالم بينما هو هامد بلا حياة، يتلقى الصخب ويعيشه من دون وعي او قرار. على هذا النحو، يبرز تدخل المخرجين في واقع نعرفه، يأخذانه الى أقصى عبثيته مبرزين وجهه غير المتوقع.

في محاولات المخرجين تشذيب الشخصيات من أبعادها النفسية وتقديمها في سياق الفيلم وليس خارجه، تتبدى شخصية "كلوديا" الأكثر اكتمالاً ووضوحاً بجذورها القوية بالماضي وعلاقتها بالحاضر وتصورها لمستقبلها، يعززها اداء قصار المتماسك والمتقشف. ولكن يبرز التناقض في عزلتها من جراء مصابها الكبير الذي يستحيل على أحد ان يشاركها اياه او ان يفهمه ولاحتى ابنها. اذاً بين "كلوديا" الشخصية المكتملة في عزلتها و"مالك" المرهون بالحاضر، تتجلى اوجه المدينة الكثيرة وايقاعها وكينونتها الحائرة بين ماضٍ ثقيل ومستقبل مبهم وحاضر عصي على ان يكون خشبة خلاص. بين الام الشابة التي فقدت الزوج والحب والاهتمام والخائفة من ان تفقد الأمل ان هي قررت دفن الماضي الى الابد والابن الذي يحاول الامساك ولو بشيءٍ واحد ثابت كعلاقته الغرامية...بين الاثنين تتشكل صورة حية لمدينة تتنازعها حيواتها الكثيرة المعلقة. وغداً "يوم آخر" يستفيق عليه "مالك" في مشهد يشبه الاول من حيث الجسد هو مركز الصورة ولكنه في المشهد الاخير على تماس مع اسفلت الشارع حيث قضى ليلته على مقعد على الكورنيش. تصادم الجسدين الصلبين هو مرة أخرى ايحاء بالعلاقة الصدامية بين المدينة والفرد والحدود المموهة بينهما وما ركض "مالك" في المشهد الأخير الا محاولة للحاق بايقاع المدينة. فإلى أي مدى سيصمد جسده في تلك المبارزة غير المتكافئة؟ ام ان الحمل الذي رماه في اليوم السابق سيجعله معافى؟ هل هو الركض الذي يلي الصحوة ام الركض هرباً الى اللامكان؟

يعرض "يوم آخر" في صالات امبير ABC وصوفيل وسينما سيتي

المستقبل اللبنانية في 12 مايو 2006

 

'يوم آخر' اختناق صامت في مدينة مجنونة

جوزفين حبشي  

في شريطهما الروائي الطويل الثاني بعد "البيت الزهر"، الحياة ليست زهريّة  بالنسبة الى الزوجين السينمائيين جوانا حاجي توما وخليل جريج. الحياة ليست سوى "يوم آخر" من حياة اشخاص يختنقون بصمت ويأس وضياع وبطء وسط عاصمة رائعة بمفاتنها وتناقضاتها وخصوصيتها، نفضت عنها غبار الحرب وبدأت تتنفس بايقاع سريع ومجنون . نبض بيروت المحموم مناقض لنبض مالك (زياد سعد) وامه كلوديا( جوليا قصّار) اللذين يقفان مسمّرين مكانهما وسط مدينة تتغيّر وتتحرك وتدور بالناس والحياة. كلوديا "مسمّرة" بشبح الماضي وذكرى زوج خرج قبل 15 عاما ولم يعد، مثله مثل الوف اللبنانيين المفقودين والمخطوفين الذين تأبى عائلاتهم طيّ صفحتهم واعلان موتهم وعدم التشبث بفكرة عودتهم في يوم ما. انها اسيرة الانتظار وتخاف ان تتوقف عنه لأنه تحوّل قارورة الاوكسيجين الوحيدة التي تبقي الزوج على قيد الحياة. اما مالك الذي يعاني مرض انقطاع النفس اثناء النوم والذي يغفو كلما توقف عن الحركة، هو خير نقيض لتلك المدينة التي لا تكف عن الحركة والدوران. مالك مقتنع ان والده مات منذ لحظة اختطافه، لأنه تماما مثل الجيل الجديد يرغب في النسيان وقلب الصفحة والنظر الى الامام. لكنه رغم ذلك مكبل بالمستقبل الغامض وبالحاضر المحاصر بالخيبات التي تواجه شباب اليوم وطرق عيشهم التي تشبه احتقانا طويلا  انفجر اخيراً وسط مدينة خرجت من احتقان الموت الى انفجار الحياة الصاخبة بالزحمة والناس وصور المغنين والموسيقى وعلب الليل.

يحملنا فيلم "يوم آخر" الى يوم كامل بساعاته الـ24 من حياة مالك وكلوديا. لكنه ليس مجرد يوم آخر، بل اليوم الذي  سيتوجه فيه الاثنان الى المحامي للتصريح رسميا عن موت الاب بعدما نجح مالك اخيرا في اقناع امه بضرورة القيام بهذه الخطوة. هل تكف كلوديا عن الانتظار؟ وهل ينجح مالك في الانخراط مجددا مع ايقاع الحياة والناس وخصوصا زينة  (الكسندرا قهوجي) حبيبته التي تحبه وتهرب منه ومن الافق المسدود رغم تحرر علاقتهما ؟ في زحمة المدينة وشوارعها وضجيجها وناسها وكورنيشها وملاهيها الليلية سيغرق مالك بحثا عن الحب وخشبة الخلاص.

مما لا شك فيه ان فيلم" يوم آخر" ليس فيلما عن الحرب والماضي بل عن الحاضر وقضية المفقودين اللبنانيين الحاضرة دائما في الوجع الانساني الذي لم يندمل مثل جروح المدينة التي نفضت عنها آثار الدمار وثابرت على تناول "انتيبيوتيك" الاعمار. الفيلم لا يركّز على دمار كل من الحجر والجسد اللذين  انتهيا مع انتهاء الحرب ، بل على حطام الروح والنفس الذي تخلفه القنابل النفسية والانسانية والاجتماعية على اهالي المفقودين في الحرب اللبنانية. ومنهم تحديدا عائلة المخرج خليل جريج التي ذاقت المعاناة بسبب اختطاف خال خليل منتصف الثمانينات.  

ومما لا شك فيه ايضا ان براعة المخرجين وكاتبي السيناريو كبيرة جدا في التحايل على عقبة الانتاج  لتقديم، رغم الموازنة المحدودة، نوعية جيدة من الافلام السينمائية اللافتة بتقنية تصويرها العالية والانيقة والنابضة بالالوان والحواس والجمالية المشهدية التي استخدمت المدينة بديكوراتها الطبيعية وحركتها وزحمتها وفورانها والوانها واعمارها وجنونها، وعكست تاليا صورة حقيقية من الشارع اللبناني. لكن الصورة جاءت خالية نوعا ما من "الروح" اللبنانية التي تميّز اللبنانيين المشهورين بظرفهم رغم المأساة. المشكلة الوحيدة لهذا الفيلم اللبناني الاوروبي الانتاج(فرنسا المانيا لبنان) وصاحب العنوان الانكليزي  A Perfect Day الذي  يدور في فلك مأساة لبنانية ، انه حتما سيؤثر في أي جمهور عالمي سيشاهده (وهذا ما اثبته  انبهار الجمهور الفرنسي به اضافة الى الجوائز العديدة التي نجح في قطفها في عدد كبير من المهرجانات الأوروبية مثل لوكارنو في سويسرا ونامور في بلجيكا ونانت وبلفور في فرنسا)، لكنه قد يجد صعوبة نوعا ما في التأثير في الجمهور اللبناني. لماذا؟ الفيلم يتكلم لغة المشاعر والاحاسيس اكثر من  الكلمات او الحوارات القليلة جدا جدا. لكن رغم غياب الكلام فإن الاحاسيس التي يظهرها الفيلم لا تتفاعل في اجواء فعلا لبنانية. لقد دخل الفيلم في تفاصيل الحياة اليومية لكنه لم يسلط الضوء على المشكلات ولم يجب عن التساؤلات، بل غرق في مناخ ثقيل يرزح تحت اعباء من اليأس والتشاؤم الخاليين من قليل من الروحية اللبنانية المرحة والخفيفة التي اعتادت المقاومة بالضحك والسخرية من مأساتها. لقد نجح الزوجان جريج في منح شريطهما جمالية مشهدية لافتة جدا وعمقا كبيرا ورمزية ذكيّة وواقعية وحساسة جدا في تصوير الانفعالات العاطفية والشغف والمشاعر التي قدمها كل من الوافدين جديدا الى عالم التمثيل زياد سعد والكسندرا قهوجي بجرأة كبيرة، لكن المعالجة الجادّة جدا لم تخفف مطلقا ثقل مساحات الصمت والاجواء الضاغطة والحزن والحنين والايقاعات البطيئة (المقصودة طبعا والمنسجمة مع طبيعة ما تعيشه الشخصيات). ولهذا السبب قد يجد الجمهور اللبناني صعوبة في الاندماج طويلا مع تلك الرحلة بين الحياة والموت والحركة والجمود. الفيلم لافت ايضا بحضور الممثلة المحترفة جوليا قصار ونأمل ان يعدنا "بفجر آخر" للسينما اللبنانية وخصوصا مع الحركة الحالية التي تشهدها صالاتنا التي لا تزال تعرض فيلمي" بوسطة" و "زوزو"، بينما تبدأ صالات امير بعرض"يوم آخر" في 11 ايار الجاري.

النهار اللبنانية في 12 مايو 2006

 

«ترمينايتر» في «معركته الأخيرة»: لغة الحرب لزمن الارتباك

فيلم لبناني عن «ساحة الحرية» يرسم مسافة نقدية من الحدث...

بيروت - فيكي حبيب 

«أطفئي الكاميرا. بلا تصوير. ليست هذه الصورة ما نريد إيصاله». صاح واحد من شباب «انتفاضة الاستقلال» في بيروت بوجه المخرجة كاتيا جرجورة، وهي تصور عراكاً نشب وسط ساحة الحرية بين الشباب يوم خيّموا هناك بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

لكن الكاميرا لم تقف. رصدت مواقف مختلفة من هذا النوع... حتى وإن عجزت عن نقل تلك المشاهد «المسيئة»، نقلت تناقضات الشبان، تصريحاتهم في العلن، وتصرفاتهم المناقضة لها، من دون ان يكون القصد من كل ذلك الإساءة الى هؤلاء.

«في البداية كنت أخطط لفيلم إيجابي عن شباب «انتفاضة الاستقلال» –تقول كاتيا - لكن سرعان ما وجدت نفسي في المقلب الآخر، أو في الوسط. فأنا لم أخترع شيئاً، ولم أتلاعب في الأحداث، إنما عشت مع هؤلاء الشباب ثلاثة أشهر ونصف الشهر، ونقلت بأمانة كل ما صادفته بلا بهرجات أو تلميع للصورة. ولعل هذا ما سيدفع البعض الى شعور بعدم الرضا من الفيلم».

كاتيا جرجورة السينمائية اللبنانية الشابة، لم تكن وحدها في الميدان. بل كانت واحدة من سينمائيين كثر حملوا معداتهم وشغّلوا كاميراتهم وتوافدوا الى الساحة بحثاً عن فيلم ما. فكان فيلم كاتيا «تيرمينايتر (terminator) المعركة الأخيرة» باكورة ما يعرض الآن عن تلك المرحلة.

«يوم نزلت الى الساحة، رحت ألتقط الصور، وألاحق الناس وأسجل الخطابات. ثم سرعان ما تنبهت أن ما أقوم به هو أشبه بالتقرير التلفزيوني لا بالعمل السينمائي. ومنذ تلك اللحظة رحت أبحث عن خيط يوجّه الفيلم برمته».

لماذا «تيرمينايتر»؟ ولماذا المعركة الأخيرة؟ بكل بساطة لأن الشخصية الرئيسة في الفيلم ما هي إلا شاب يعرفه الجميع باسم «تيرمينايتر» أي المدمر. شخصية وُفّقت كاتيا في تعقبها لغرابتها وطرافتها، والأهم لكونها تشكل جسراً بين الماضي والحاضر. كيف؟

في السادسة عشرة من عمره انضم «تيرمينايتر» الى صفوف الجنرال عون في الجيش اللبناني. مع نفي العماد عون الى باريس اشترك «تيرمينايتر» في التظاهرات المطالبة بعودته والمنددة «بالاحتلال السوري للأراضي اللبنانية». اليوم ومع عودة عون من منفاه بعد 15 سنة على انطفاء الحرب، لا يزال هذا الشاب الثلاثيني يعيش هاجس الماضي، من هنا لا يكف عن الترداد: «لا نريد مزيداً من الحروب... من لا يخشى الحرب هو من لم يخضها».

لغة الحرب

في البداية شريط سريع يختزل أبرز الأحداث في تاريخ لبنان الحديث، من اندلاع الحرب اللبنانية سنة 1975 ودخول الجيش السوري الى لبنان بعدها بسنة، مروراً باغتيال كمال جنبلاط وسقوط عشرات ألوف القتلى واختفاء مئات الآلاف والصراعات التي دارت على الأرض اللبنانية، وصولاً الى نفي الجنرال ميشال عون وسجن سمير جعجع، ثم لاحقاً الانفجار الذي هزّ وسط بيروت في 14 شباط (فبراير)... وهنا يبدأ الفيلم مع تظاهرة 14 آذار (مارس) الشهيرة، حيث احتشد أكثر من مليون لبناني تحت شعار: «حرية، سيادة واستقلال».

من تظاهرة المليون تنتقل الكاميرا الى ساحة الحرية، لتبدأ رحلة شاقة وممتعة مع «تيرمينايتر».

«في البداية لم يتجاوب «تيرمينايتر» معي كما يجب»، تقول كاتيا وتتابع: «هذه مشكلة أخرى يبرزها الفيلم. فاللبناني لا يثق بسهولة بالآخر الغريب عنه. لكن مع الوقت استطعت أن أنسج علاقة صداقة معه، وبتّ قادرة أن أستخرج منه ما أريد. هو شخصية مثيرة للجدل. بعضهم يكرهه بشدة، وبعضهم يحبه. شخصية قيادية، لا تكف عن إصدار الأوامر، حتى وإن كان صاحبها قائداً من دون جيش، ولا يتوقف عن التحدث بلغة الحرب. ربما لإخفاء الجرح الموجود في أعماق نفسه».

وبالفعل قد يستفز «تيرمينايتر» كثراً، إن بطريقته في الكلام أو بشكله الخارجي: نظارات قاتمة تتبدل بحسب المناسبة: لأيام الحرب نظارات ولأيام السلم نظارات، ولمواعيد الغرام نظارات أخرى... ثياب عسكرية، أحذية عسكرية، سماعة ظاهرة يخابر عبرها الأصدقاء، ساعة بارزة..

لكن المفارقة أنه ما إن يزور بيت والدته والكاميرا ترافقه حتى يتبدل الى فتى حنون وابن صغير بحاجة الى حضن الوالدة.

ولعل قوة الفيلم تكمن في تلك المشاهد التي خرجت فيها كاتيا من ساحة الحرية لتتعرف على «تيرمينايتر» الإنسان.

إذاً، فيلم كاتيا جرجورة ليس فيلماً عن الحقيقة، كما يتصور المرء للوهلة الأولى، إنما هو فيلم عن «تيرمينايتر»، وعن شباب كثر لا يبتعدون كثيراً عنه. من هنا يمكن ان نقسم الفيلم الى شقين: الشق المعلوماتي، والشق السيكولوجي. فإذا كان الشق الأول موجّه الى الخارج الذي لا يعرف تفاصيل تلك الحوادث الدامية وما تبعها، فإن الشق السيكولوجي من الفيلم موجه الى الداخل. وتحديداً لأولئك الشباب الذين يتغنون بشعارات الوحدة والتضامن، ثم عند أول محك تعود خلافاتهم القديمة الى الضوء. «أعتقد ان هذا الفيلم هو افضل طريقة لنرى أخطاءنا، وهو أيضاً أفضل طريقة لنتعلم من تلك الأخطاء». تقول كاتيا هذا، داعية اللبنانيين الى أن يستنتجوا مما صورته في هذا الفيلم، كي لا يعيدوا التجربة ثانية، تجربة الحرب.

وفي حديث كاتيا عن لبنان والحرب مسافة قد يستغربها من لا يعرف أنها عاشت في كندا، ولم تعد الى لبنان إلا قبل 5 سنوات. تقول: «لا أعتقد أن مواطناً لبنانياً من الداخل يمكنه أن يصنع فيلما كهذا. إذ لا بد لصنع هكذا أفلام، من أن يكون للمرء مسافة من الأشياء. فكوني نصف عربية ونصف كندية، أهلني لأرى الوضع بموضوعية وبلا أحكام مسبقة.. أنا لم اتحيز لتيار ضد آخر، ولم اصدر الأحكام».

في الفيلم لحظات كثيرة يتوقف عندها المتفرج. لحظات يشعر انها تعنيه، في الوقت نفسه يشعر أنها صارت من تاريخ ربما يكون هو من صنعه. وما يعطي هذا الشعور الخاص هو أن الفيلم آثر الابتعاد عن الخطابات مركزاً على الحوار العفوي البسيط الذي يصف الإنسان في عفويته وسط تركيبة الأحداث، ويبدو هذا واضحاً خصوصاً في لقطات المشادات الكلامية بين المخرجة وبطل فيلمها. تسأله عن أمر ما. يجيبها: «ما هذه الأسئلة؟ لست بارعة حتى في طرح سؤال»! وعندما تسأله كيف علّي أن اطرح أسئلتي، تأتي إجابته: «طبعاً ليس كما تفعلين!».

الحياة اللندنية في 12 مايو 2006

 

بدء عرضه في القاعات السينمائية

"بوقساس بوتفُناست"

لا يبشر بسينما أمازيغية راقية 

قدم المخرج عبد الإله بدر والمنتج بوشتى الإبراهيمي مساء الثلاثاء الماضي بسينما الريف فيلمهما الطويل الأول "بوقساس بوتفُناست" بوقساس صاحب البقرة.

ويطرح التساؤل الآن هل هذا الفيلم هو أول فيلم سينمائي أمازيغي أم فيلم "تيليلى" لمخرجه محمد مرنيش أوطالب الذي يعرض هو الآخر في القاعات بشكل متزامن.

يمكن القول الآن إن الأمازيغية انتقلت إلى السينما بعدما كانت تنحصر الأفلام الأمازيغية في أفلام الفيديو التي ظهرت أول مرة في أشرطة الفيديو "في آش إص" ثم انتقلت إلى أقراص "الفي سي دي" الرخيصة الثمن والتي ساعدها على الانتشار وسط الجمهور تعطش هذا الأخير إلى دراما وكوميديا (وهي الغالبة في هذا النوع من الأفلام) ناطقة بلغته ويشخص حكاياتها البسيطة أناس يشبهونه.

في انتظار معرفة مضمون فيلم "تيليلى" (وشكله طبعا وهو حاسم في العمل السينمائي) يمكن القول من الآن إن فيلم "بوقساس بوتفُناست" جاء مخيبا للآمال، وهي آمال كبيرة بظهور سينما أمازيغية جيدة فالسيناريو كان مفككا ومرتبكا، محاولته لدمج الأمازيغية (تشلحيت) مع حوارات بالعامية العربية كانت يائسة.

كانت القصة شبيهة بالخرافات التي تحكى للأطفال فهذا شخص بسيط ويعتبر في قريته أبلها تقريبا يسمى "بوقساس" (محمد إد القاضي) استودعه جار له مهاجر ببلجيكا بقرة طبعا هذه العملية معروفة في المغرب، يدع شخص بقرة عند الآخر ويتقاسما الربح الذي يجنيه الإثنان في حالة ما إذا سمنت البقرة وتم بيعها أو أنجبت وبِيع عجلها بعد ذلك.

لم يحدث كل هذا بل فكر بوقساس في التحايل على صاحب البقرة الأصلي وأقنعه بأنها مريضة ولا بد من بيعها ولما قبل المهاجر باع بوقساس البقرة إلى شيخ القبيلة وفقيها وشخصا هو عنصر من "عصابة" جاءت للقبيلة بحثا عن كنز تحت غطاء أنهم جمعية خيرية جاءت لتهيئ طريقا.

من هنا كانت القصة الثانية الموازية لعصابة الكنز التي يقودها شخص (ميلود العرباوي) بدا في الفيلم وكأنه رئيس عصابة من المافيا وليس عصابة تسعى وراء كنز.

وزاد من عبثية المشاهد الأداء الباهت لـ "الممثل" العرباوي (الذي وصفه صحفي يروج في صحيفته للفيلم بـ "النجم" في السينما وليس في شيء آخر بالطبع.

في القصة يسلب بوقساس من مشتري البقرة أموالهم وفي المقابل يسعى إلى شراء محل بقالة في القرية، لكن البقَّال يسعى هو الآخر للتحايل على بوقساس في النهاية يحسم الأمر لصالح بوقساس.

هذا الأخير يجمع مال ضحاياه جميعا ويضعه في فراش سريره أما عصابة الكنز فتجد فعلا مجوهرات مطمورة في بستان (انتصار للشعوذة على العقل) لكن بسبب الطمع سيؤول الأمر كله لبوقساس.

وبسبب طمع هذا الأخير سيخسر كل المال بسبب بيع زوجته للفراش هل بمثل هذه الحكاية غير المؤداة فنيا بشكل لائق يمكن الحديث عن سينما، قبل الحديث عن سينما أمازيغية؟ حاول عبد الإله بدر أن يستثمر ما تعلمه في بلجيكا من أبجديات سينمائية ومن تصميم النزالات المعتمدة على فنون الحرب مع توظيف عبد الكريم قيسي وتجربته السينمائية السابقة مع جان كلود فاندام وأيضا تمكنه من بعض فنون الحرب ليغطي على النقص في السرد الفيلمي لكن ذلك كان دون فائدة.

في انتظار تصفية ما يروج من خلاف حول ملكية السيناريو بين الشركة المنتجة (بوشتى بروديكسيون) ومحمد أبا عمران الملقب بـ "بوقساس" الذي يقول إن سيناريو الفيلم في ملكيته وأنه مسجل بالمكتب المغربي لحقوق المؤلفين لا بد من انتظار تجارب أخرى ولِم لا "بوقساس" (ما دام هذا الإسم متداول في أفلام الفيديو) آخر يحمل هم الزمن الذي يعيش فيه الجمهور .

الصحراء المغربية في 13 مايو 2006

صاحب «2046» و«في مزاج الحب» رئيساً لمحكمي «مهرجان كان السينمائي 2006»...

عوالم وونغ كار واي الخاصة تقف خارج الزمن وتصل في مواعيدها

ابراهيم العريس  

مهرجان كان ... دورة العام 2004. اليوم هو العشرون من أيار (مايو)... بعد يوم واحد تختتم الدورة عروضها. في السابعة مساء، أي بعد ساعات قليلة موعد عرض فيلم «2046» للمخرج الصيني وونغ كار واي. أهل «كان» على أعصابهم قلقون. نسخة الفيلم لم تصل بعد. بل انهم لا يعرفون، حتى، أشياء كثيرة عن الفيلم. كل ما في الأمر انهم شاهدوا قبل شهور نحو 50 دقيقة منه، أي ثلث مدته الزمنية. بعد ذلك أكد لهم المخرج ان الفيلم سينجز في موعده، وأن عليهم ألا يقلقوا. لو حدث هذا مع مخرج آخر، لكان من شأن أهل المهرجان أن يستغنوا عن الفيلم. فهم ما اعتادوا أبداً مثل هذا التشويق المربك. لكن وونغ كار واي هو وونغ كار واي. وبالتالي يستحق كل ذلك الرعب. ثم أفلم يعتادوا، قبلاً، مثل هذا، من هذا المخرج الغريب الأطوار... الغريبها كما يجدر بأي مبدع حقيقي أن يكون؟

المهم... بعد كل القلق... وفيما كنا في الصالة، يومها، نسأل أنفسنا عما اذا كنا سنشاهد تحفة وونغ كار واي الموعودة أو لا... وصل الفيلم في رفقة صاحبه. كان كار واي على موعده تماماً. حتى وان كان هذا الموعد قد ضرب أصلاً، منذ أربع سنوات، أي منذ أعلن المخرج عن «قرب» انجاز هذا الفيلم.

في ذلك الحين كان وونغ كار واي يشتغل أيضاً، على تحفته السابقة «في مزاج الحب»، الفيلم الذي أوصل شهرته العالمية الى الذروة. فهل علينا أن نذكّر بأن هذا الفيلم أيضاً، عيّش دورة ذلك العام من «كان» على أعصابها، اذ ظل مصير عرضه غامضاً حتى اللحظات الأخيرة؟ حسناً... حدث هذا أيضاً في ذلك الحين. لكن الأمور لم تبد مقلقة تماماً. فيومها، في العام 2001، كانوا قلة أولئك الذين ينتظرون، حقاً وبشغف، عرض فيلم لوونغ كار واي. وحين عرض الفيلم الجديد، تضاعف عددهم، بالطبع مئات المرات. وكانت النتيجة أن فاز كار واي بجائزة أفضل مخرج... ولم تكن هي المرة الأولى التي يفوز فيها بالجائزة نفسها لا في «كان» ولا في غيره من المهرجانات. بل لعله المخرج الوحيد من أبناء جيله الذي لم يفز أي فيلم له بغير هذه الجائزة منذ العام 1991، عن أربعة أو خمسة أفلام، من بين ما حققه حتى اليوم ولا يزيد عدده على ثمانية أفلام و ... ثلث. اذ انه اضافة الى أفلامه الروائية الثمانية الطويلة التي حققها منذ بداياته في العام 1988، هناك مشاركته مع انطونيوني وستيفن سودربرغ في فيلم «ايروس».

الفاتنات من حوله

فهل معنى هذا أن ليس ثمة في سينما وونغ كار واي، سوى أدائه كمخرج؟

ليس الأمر على هذا النحو طبعاً. ولكن من المؤكد أن هناك ما هو جديد وساحر في اللغة السينمائية لهذا المبدع الذي ينطلق دائماً من مواضيع في غاية البساطة – نظرياً – ليحقق سينما مركبة يشتغل فيها البعد البصري بكل قوته كما يجدر بالأمور أن تكون في هذا الفن السابع الذي يعيد اليه مخرجون من أمثال وونغ كار واي، اعتباراً كان فقده منذ زمن على مذبح السرد الحكائي والسياق الروائي. من هنا لم يكن غريباً أن يرى كثر من النقاد والباحثين ان وونغ كار واي هو... غودار العقود الأخيرة، ناقصاً الرسالة السياسية والتمرد الايديولوجي.

ولم يكن غريباً بالتالي أن يُعَوَّض على عدم فوز كار واي بأية جائزة في كان 2004 عن فيلمه الأخير «2046» باختياره رئيساً للجنة التحكيم في دورة هذا العام من «كان»، الدورة التي تبدأ فعالياتها يوم الأربعاء المقبل، ومن المؤكد أن اختيارات وونغ كار واي الفنية – والجمالية في شكل خاص – ستلعب دوراً أساسياً في النتائج التي ستعلن عند نهاية الدورة.

ولمناسبة الحديث عن المسألة الجمالية لا بد من لفت النظر هنا الى ان وونغ كار واي، سيجد نفسه، إن هو وصل في موعده، ولو في آخر لحظة كعادته، محاطاً في مهمته الجديدة برهط من الفاتنات، عضوات لجنة التحكيم، وفي مقدمهن بالطبع مواطنته تزانغ زيوي، التي لعبت دوراً أساسياً في فيلمه «2046»، ثم مونيكا بيلوتشي، وهيلينا بوهان – كارتر، امرأة زميله المخرج الأميركي تيم بورتون. طبعاً هناك آخرون في اللجنة (راجع كادراً خاصاً في هذه الصفحة)، ولكن من المؤكد أن صاحب «2046» الذي أحاط بطله في هذا الفيلم بأربع من الفاتنات، جاعلاً اياه ينسى كل شيء آخر عداهن في هذا العالم، سيخوض التمرين نفسه.

لكن هذا لا يعني، بالتأكيد، أن كار واي لن يقوم بمهمته التحكيمية بكل جدية. فهو لم يعتد إلا هذا، حيث لا يفوت متابع أفلامه أن يلاحظ الخلط المبدع لديه بين أقصى درجات الجمال، وأكثر المواقف جدية، مع استثناءات قليلة في فيلم أو فيلمين له، وصفا بأنهما كوميديّان.

وهذه المزاوجة بين الجمال المطلق – في لغة سينمائية تزداد جرأة وابتكاراً فيلماً بعد فيلم – وبين المواقف الحادة والخارجة عادة عن المألوف، كانت هي ما أعطى سينما وونغ كار واي خصوصيتها، مميزة اياه عن أقرانه. خصوصاً ان هذا المخرج الصيني الذي ولد في شانغهاي وعاش منذ طفولته في هونغ كونغ، ويشكل مصير هذه المدينة هاجساً أساسياً في حياته (وموضوعاً موارباً في «2046»)، دخل عالم السينما باكراً من طريق تأثيرات السينما الصينية والأوروبية، ذات الجرأة المطلقة في لعبة التجريب.

اذاً، منذ الاندفاعة العالمية لفيلمه الأول «فيما تسيل الدموع»، وحتى «2046»، مروراً بـ «أن تكون ضارياً» (1991) و «رماد الزمن» (1994) و «اكسبرس تشانغكنغ» و «الملائكة الهاوية» (1995) وخصوصاً «سعداء معاً» (1997) ثم – طبعاً – «في مزاج الحب» (2000)، كوّن وونغ كار واي لنفسه عالماً سينمائياً متكاملاً، من الصعب ربطه بأية لغة أدبية أو بأية تأثيرات من خارج فن السينما نفسه. وهو يعلق على هذا بقوله ان خصوصية سينماه تنبع من واقع «انني انظر الى كل فيلم أحققه على أنه كائن مستقل في حياته، ينمو ويتطور على سجيته، ليس فقط خلال الاشتغال عليه، بل بعد ذلك أيضاً، حين يشاهد». ومن هنا نراه لا يهتم كثيراً بمسألة الفترة الزمنية التي يستغرقها انجاز فيلم من أفلامه. بالنسبة اليه ليعيش الفيلم كما يحلو له فهو – على أية حال – لن ينجز أبداً. ليس في المنتج الفني خاتمة، وإلا «لما اضطررنا الى الاحساس بأي شعور خاص حين نعود الآن الى مشاهدة أفلام سبق أن شاهدناها ألف مرة من قبل».

عوالم خاصة

ومع هذا نعرف أن تصوير فيلم «اكسبرس تشانغكنغ» انجر بسرعة مدهشة، بينما استغرق انجاز «2046» أربع سنوات... على سبيل المثال. وكما ان كار واي يعتبر نفسه كمن يعيش خارج الزمن، كذلك فإن أفلامه تدور خارج أزمان محددة. كم من الوقت، يا ترى، تستغرق العلاقة بين ماغي شنغ وطوني لينغ، الزوجين الجارين، اللذين يشعر كل منهما بأن زوجه خانه، فينتهي بهما الأمر الى ادراك أن زوجها وزوجته يقيمان علاقة مع بعضهما بعضاً، انها تستغرق زمن الفيلم لا أكثر... وهو لا يقاس بالساعات. ولولا تغيير ماغي لأثوابها – الرائعة – عشرات المرات لما أحسسنا أن ثمة زمناً يمر. في المقابل قد يكون محقاً من يعترض قائلاً ان الفيلم الأخير «2046» يحمل تاريخاً محدداً، وبالتالي يفترض أنه يدور في زمن محدد. لكن هذا الرقم (المستقبلي) هو أيضاً، في الفيلم، رقم غرفة في فندق، وهو – الى ذلك – تاريخ استقلال هونغ كونغ نهائياً بحسب الاتفاق بين بريطانيا والصين. وهو، أيضاً، تاريخ يحدد خمسين سنة من عمر علاقات الرجل (طوني لينغ) في الفيلم عبر ذكريات نساء يرتبط بكل واحدة منهن للحظة في حياته غير محددة.

هذا «الوجود» خارج الزمن وحدوده، هو الذي يعطي سينما وونغ كار واي سحرها وصعوبتها أيضاً، ويمنعها من أن تكون سينما جماهيرية – وهذه كلمة يقول المخرج دائماً انه لا يعرف لها معنى -. هي – في نهاية الأمر – سينما حميمية خاصة عابقة بالشاعرية، تعطي الأفضلية للمكان على الزمان. بل يصبح المكان هو الزمان فيها.

ووونغ كار واي لكي يتمكن من تحقيق سينما كهذه، يعرف أنه لا يمكنه أن يشتغل إلا مثل الحرفي المنزلي. ومن هنا نراه يعمل دائماً مع الفريق نفسه، فنيين وممثلين، من ويليام تشانغ، مهندس الديكور والمولّف، الى المصور كريستوفر دويل. ومن ماغي شنغ وغونغ لي وزانغ زيوي الى طوني لينغ، نجومه الذين صاروا مع مرور الزمن نجوماً كباراً في سينما العالم. وعن هذا يقول كار واي ان ما يتوخاه دائماً لدى هؤلاء المحيطين به هو الصداقة «لقد عملنا معاً منذ زمن طويل وبتنا نفهم بعضنا بعضاً تماماً. لذا لسنا في حاجة الى اضاعة أي وقت للتفاهم في ما بيننا».

والحقيقة ان هذا كله يعطي سينما وونغ كار واي وعالمه مذاقهما، لتأتي الموسيقى – المؤلفة أو المنتخبة من المختارات العالمية – لتضفي على كل ذلك رونقاً استثنائياً – بل تصبح، عنوان الفيلم، كما «في مزاج الحب»... المنطلق، موضوعاً وعنواناً، من الأغنية الأميركية الشهيرة.

أما السؤال الأخير الذي يبقى هنا فهو: هل حقاً «يصلح» مخرج شديد الخصوصية والانتقائية في عالمه السينمائي للحكم على أفلام تشارك في مسابقة لمهرجان مثل «كان» شديد التنوع؟

سؤال لا يمكن العثور على اجابة له إلا بعد أسبوعين، حين يحل حفل الختام وإعلان النتائج، لنرى كيف سيحكم وونغ كار واي – ورفاقه في اللجنة اكسسوارياً – على أفلام بعضها أول لأصحابه، متنوع الاتجاهات، وبعضها يحمل تواقيع ناني موريتي وبيدرو المودوفار وكين لوتش ورون هوارد وصوفيا كوبولا، وكل منهم لا يقل أهمية عن وونغ كار واي بكل تأكيد.

ايليا سليمان عضو لجنة التحكيم

اذا كانت فلسطين وكل الدول العربية تقريباً – مع استثناءات ذات دلالة – غائبة عن الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان «كان»، فإن وجود المخرج الفلسطيني ايليا سليمان عضواً في لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة يبدو تعويضاً ولو جزئياً عن هذا الغياب.

وسليمان ليس السينمائي العربي الأول الذي يضم الى لجنة التحكيم في «كان»، اذ سبقه الى ذلك كل من يوسف شاهين وفريد بوغدير (المخرج التونسي صاحب «حلفاوين»). وكذلك تقول الحكاية الطريفة ان عميد المسرح العربي يوسف وهبة كان في عداد محكمي الدورة الأولى لمهرجان «كان» في العام 1946، ولكن من دون قصد. فهو كان اصطحب عامها فيلمه «سيف الجلاد» ليعرضه في المهرجان، ليجد نفسه عضواً في لجنة التحكيم، اذ اعتبر يومها كل المشاركين أعضاء في اللجنة!

وكان ايليا سليمان فاز قبل أعوام بثاني أهم جائزة تمنح في «كان» وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصة في المسابقة الرسمية عن فيلمه المميز «يد إلهية»، بعدما كان المشاركون توقعوا له، ان يفوز بالسعفة الذهبية. كذلك كان سليمان عرض قبل ذلك بعام، وضمن احدى التظاهرات الثانوية فيلمه القصير «سيبر فلسطين» الذي نال يومها اعجاباً شاملاً، أهّله لدخول المسابقة – والفوز بالتالي – في الدورة التالية، عن «يد إلهية».

الحياة اللندنية في 12 مايو 2006

 

الناقد السينمائي الكويتي عماد النويري

التجارب السينمائية في العالم العربي فردية

الربا ط: أمينة بركات | المغربية

ارتبط اسم عماد النويري بمجال الكتابة، البحث والنقد السينمائي، حاصل على ليسانس آداب لغة انجليزية، اهتمامه بالفن السابع قاده الى الاستفادة من دورات تدريبية خاصة في التصوير و الإخراج وكتابة السيناريو، عمل مسؤولا صحافيا في العديد من الجرائد و المجلات.

أنتج وأعد وقدم مجموعة من البرامج التلفريونية، يشغل منصب مدير نادي الكويت السينمائي، وهو أستاذ محاضر في الجامعة الكويتية و مشارك فعلي في العديد من الندوات و المؤتمرات السينمائية العربية، له إصدارات قصصية "الرأس والجدار"و كتاب يحمل عنوان "سينمائيات" لهذه الموسوعة السينمائية الجادة مكانة رفيعة في الوسط الفني العربي بصفة عامة، عن آرائه و مواقفه مما يروج في الساحة الفنية العربية يقول في الحوار التالي:

٭ في الواقع اجتاحت هستيريا المهرجانات معظم الدول العربية ، فهل تعتقد أن وراء هذه الاحتفالات هدفا معينا للدفع بالسينما المحلية إلى الأمام، أم هي فقط خبطة اشهارية للسياحة الوطنية؟

ـ إقامة هذه الاحتفالات وهو توصيف أقرب إلى الصحة، ليس بحجم الطموح المرجو وذلك لعدة أسباب، يمكن الاشارة مثلا إلى حالة خضوع بعض هذه المهرجانات إلى الروتين الحكومي والتوجهات السياسية، ويمكن الإشارة إلى أن أغلب ندوات هذه المهرجانات وتوصياتها قد أصبحت مكرورة ولايتم تنفيذ أي شيء منها، ويمكن الإشارة أيضا إلى أن هذه الاحتفالات المهرجانية أو المهرجانات الاحتفالية يغلب عليها الطابع الاحتفالات عن طريق الاهتمام بحضور النجوم والنجمات اكثر من تقديم أي شيء آخر.

لكن فى كل الأحوال إقامة أي مهرجان فني في أي بقعة من بلاد العرب لابد وان تكون له فائدة ثقافية من حيث لقاء المبدعين وتبادل الخبرات والقاء الضوء على التجارب الفنية المختلفة، ومن المؤكد انه من خلال مهرجانات السينما في القاهرة، ودمشق، والرباط، ومراكش، ودبي، وأصيلة، والاسكندرية، تم عرض الكثير من الأفلام التي ماكان لها ان تعرض لولا هذه المهرجانات ومن خلاها أيضا تم تقديم العديد من التجارب والوجوة السينمائية الشابة.

٭ من المفروض أن تكون هذه اللقاءات جسرا بين كل الفاعلين في المجال السينمائي على أن تعمل مثلا على تفعيل التوصيات التي تدعو إلى الإنتاج المشترك بين الدول العربية و تبادل الخبرات علما أن كل التوصيات التي تصدر عن اللقاءات و الندوات يعلوها غبار الرفوف و تدخل الأرشيفات فهل تشاركني الرأي؟

ـ أشاركك الرأي تماما ومن خلال حضور العديد من المهرجانات العربية يمكن الإشارة إلى تكرار عناوين هذه الندوات حتى يظن المرء أحيانا انها تعقد لاضفاء شكل ديكوري على فعاليات أي مهرجان والملاحظة الثانية هى غياب المسؤولين صناع القرار.

٭ كل الدول العربية تفتقر لصناعة سينمائية ما عدا مصر لتبقى معظم التجارب محاولات فردية لأن هذه البلدان لا تعمد سياسة أو استراتيجية خلق صندوق الدعم لمساعدة المبدعين مما يدفع بهؤلاء إلى اللجوء للغرب لتمويل مشاريعهم و قد يأتي هذا في بعض الأحيان على حساب أعمالهم، فهل تعتقد أن انتعاش الحركة السينمائية في العالم العربي بما فيه دول الخليج تمثل عاملا من شأنه أن يدفع أصحاب رؤوس ألأموال للاستثمار في هذا المجال لتجاوز المشكل؟

ـ نعم معظم التجارب السينمائية في العالم العربي هي تجارب فردية، والواقع السينمائي العربي في حقيقة الآمر هو واقع محزن للغاية لان السينما مازال ينظر إليها في أغلب بلاد العرب على أنها مجرد تسلية وليست عنصرا مهما في ثقافة الأمة، من المؤكد أن انتعاش حركة السينما في الخليج سيؤثر بشكل آو بآخر على رأس الأموال للاستثمار في هذا المجال، وقد أدى هذا الانتعاش في السنوات الأخيرة للتفكير في إقامة مهرجان دبي السينمائي، وازعم أن الهدف الرئيسي لهذا المهرجان هو هدف اقتصادي لاجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية لإقامة صناعات سينمائية في دبي، وقد أدى هذا الانتعاش أيضا للتفكير بإقامة كيانات سينمائية كويتية كبيرة مثل شركة بوابة الصحراء في الكويت وضمن مشروعات هذه الشركة إقامة ستديو هات فى دبى.

٭ يعتبر سوق الفيلم العربي محدودا جدا إذ تطغى هيمنة السينما الهوليودية التي تتربع على السوق العالمية للفيلم ، فهل تظن أن هناك إمكانية لتحسيس صناع القرارات في بلداننا بأهمية تشجيع التبادل و التعاون في هذا المجال على الأقل بين الدول ذات القواسم المشتركة كالتاريخ و اللغة؟

ـ لا أتصور أن ذلك سيحدث في القريب العاجل ولقد فشلنا في فعل ذلك خلال فترات الازدهار القومي إبان فترة الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات، ومن الأفضل في حالة التردي والتشتت التي تعيشها الأمة العربية الآن أن يتم التركيز على التبادل الاقتصادي كمدخل مستقبلي للتعاون الثقافي، يوجد تعاون فني وثقافي بالفعل، لكن ما أقصده هنا هو ذلك التعاون المثمر الذي يتم من خلال استراتيجية واضحة، ومنهج قابل للتنفيذ، لايكفى أن تغني اليسا في تونس ولبنان ومصر، ولايكفي أن تعمل هند صبري في السينما المصرية ولكن المطلوب أكثر من ذلك بكثير.

٭ وماذا عن تأسيس شركة بوابة الصحراء بالكويت والهدف الرئيسي منها؟

ـ أتصور أن بوابة الصحراء هي باكورة الشركات المعنية بالإنتاج السينمائي في الكويت وفي منطقة الخليج وتأتي بعد مخاض عسير وبعد انتظار طويل طالبنا خلاله رأس المال الخاص أن يتقدم ويستثمر في السينما، عموما بوابة الصحراء تعمل الآن جاهدة لتأسيس مشروع سينمائي كويتي خليجى وقد بدأت بالفعل فى الدخول في ثلاث مشروعات إنتاجية سينمائية من المتوقع أن ترى النور قريبا كما تعمل على إنشاء مكاتب لها في دبي، وذلك لمتابعة إنشاء استديو ضمن ملامح خطة لاحقة، ضمن مؤسسي هذه الشركة وليد العوضي وهو سينمائي كويتي معروف ود سعد بن طفلة العجمى وزير إعلام كويتي سابق، وضمن المساهمين أيضا بعض الخبرات الاقتصادية والثقافية الكويتية.

٭ تبقى تجربة المخرج الكويتي خالد الصديق بس يا بحر، إحدى البصمات الخالدة في سجل الفن العربي بصفة عامة والكويتي بصفة خاصة، فما هو السبب في عطب عجلة السينما بالكويت، مع العلم أن الإنتاج التلفزيوني حقق نجاحا كبيرا و حضورا مهما في البرمجة التلفزيونية العربية؟

ـ لم تتوقف عجلة الانتاج السينمائي مع توقف الصديق عن الإنتاج الروائي مع نهاية الثمانينات وانما توالت التجارب التسجيلية والروائية القصيرة، وظهر وليد العوضي وعبدالله المخيال وحبيب حسين وعبد المحسن حيات، ومن الجيل الجديد زياد الحسينى وعبدالله بوشهري، كل هؤلاء قدموا العديد من التجارب التسجيلية والروائية القصيرة بعد توقف الصديق، ومنذ سنوات قليلة دارت عجلة الانتاج السينمائي الروائي بإنتاج ثلاثة أفلام روائية، ورغم أنها تنتمي إلى السينما الديجتال وتم تصويرها بكاميرات بيتا وتم نقلها فى ما بعد إلى أشرطة 35 إلا انها تمثل تجربة متفردة تستحق الإشارة والاشادة، لكن رغم كل ذلك لابد من القول أن أغلب هذه التجارب تم انجازها من خلال جهود فردية وبدون دعم حقيقي من الجهات المسؤولة ودون وجود خطة أو منهجية تضمن لها الاستمرار، انها مجرد جزر منعزلة في محيط السينما العربية الكبير.

٭ كباحث و كاتب ومتتبع للحركة السينمائية، ماذا يمكن أن تقوله لنا عن الحركة السينمائية الحالية بالكويت وهل هناك تجارب أخرى، بالإضافة إلى العاصفة و شباب كول لمحمد الشمري؟ و هل هناك اهتمام للمرأة بالسينما على مستوى الإخراج؟

ـ الحركة السينمائية الحالية في الكويت تدعو إلى التفاؤل : فهناك ورشات سينمائية متخصصة يقدمها نادي الكويت للسينما، كما ان النادي بصدد تنظيم مسابقة سينمائية للهواة، وهناك الكثير من الشباب الذي يدرس السينما في أميركا وبريطانيا مثل ناصر كرماني وزياد الحسينى، وهناك بعض الشركات التي جرى تأسيسها للمساهمة في الانتاج السينمائي على المستوى المحلي وعلى المستوى العربي وفي الطريق أكثر من مشروع سينمائي كويتي روائي.

وفي الطريق حركة تفعيل لإدارة السينما في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهناك أيضا اهتمام للمرأة بالسينما على مستوى المشاهدة لكن حتى هذه اللحظة مازال المجال مفتوحا للمرأة الكويتية المبدعة في مجال السينما لكي تؤكد وجودها، هي فقط مسألة وقت.

الصحراء المغربية في 12 مايو 2006

 

سينماتك

 

"يوم آخر" لجريج وحاجي توما افتتح أمس في الصالات اللبنانية

حيث المدينة مسرح الحدث المتكرر والأمكنة مسكونة بالماضي والجسد هامد

ريما المسمار

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك