هو واحد من أبناء جيل الثمانينات، الذين ظهروا في وقت كانت السينما المصرية تعاني فيه من تكرار الموضوعات وتهميش القضايا الحقيقية، فأعاد هو ومخرجو جيله (عاطف الطيب، وخيري بشارة، وعلي بدرخان، ورأفت الميهي) الى السينما دورها، وظلت أفلامهم الى الآن علامة قوية بارزة من علامات السينما المصرية.

ولأن الابداع فردي في الأساس، يعكس رؤية صاحبه في الحياة، كان من الطبيعي أن يكون لأبناء هذا الجيل رغم السمات المشتركة بينهم، اختلافات تميّز كلا منهم عن الآخر.

واذا أردنا وصف محمد خان، والتقاط ما يتميز به عن بقية أبناء جيله، لقلنا انه “عاشق المدينة”، والمدينة هنا هي القاهرة، وهو عشق الى حد الغضب أو كما يصفه هو: “رأيي أن المدينة مكان مليء بالتناقضات والعبث، والقاهرة بالتحديد مدينة عبثية مجنونة، وهذا بالتحديد ما يشدني اليها، ويجعلني أحبها بشدة. ولكن هذا الحب لا ينفي أن هناك غضباً ينتابني تجاه من أحبه، وأعبر عنه أحياناً بقسوة”.المدينة.. هي محور أحداث كل أفلام محمد خان، بل انها ظهرت صراحة في عنوان فيلمه “فارس المدينة” عام ،1990 وجاءت في اشارة معروفة لسكان القاهرة في عنوان فيلمه الأخير “بنات وسط البلد” 2005.

والمدينة عند محمد خان، ليست مجرد شوارع وبيوت لكنها في الأساس شخصيات.. أفلامه تبدأ من الشخصية التي تلفت نظره فيشرع في رسم خطوط عريضة لتكوينها النفسي والاجتماعي ومن هذا الرسم التخطيطي الأوليّ تبدأ خيوط الدراما تتشكل لتصنع بناءً معمارياً سينمائياً لأحوال المدينة الآن. يمكن وصف شخصيات محمد خان، بأنها شخصيات من لحم ودم تشعر وأنت تشاهدها على الشاشة بأنك رأيتها من قبل، تحدثت اليها، تعاركت معها أو ساعدتها في موقف ما، أو مدت اليك يدها في مأزق واجهك.

بل يمكن القول ان جميع شخصيات محمد خان، هي صورة من أو اعادة تشكيل شخصية حقيقية مرت به في الحياة أو ربما كان مرورها هذا لم يتجاوز الدقائق، فها هو يحكي مثلاً عن شخصية الضابط في فيلمه العلامة “زوجة رجل مهم”: بدأت فكرة الفيلم عندي عندما كنت أقود سيارتي وكدت أصطدم بسيارة شخص آخر، نزل هذا “الآخر” من سيارته وهو يرتدي نظارة شمسية واندفع نحوي من دون تفكير ولكمني في صدري بقوة، تدخل بعض المارة وصممت على الذهاب الى قسم الشرطة، لكنه كان ينظر لي باستهانة وعلى وجهه ابتسامة عريضة قائلاً: “نروح القسم أنا ضابط شرطة”، حينها أقسمت على أن أمحو هذه الابتسامة من على وجهه، ولسوء حظه كنت قبلها بساعات في مكتب وزير الداخلية أنا ويحيى الفخراني، وأول شيء فعلته عندما وصلت الى قسم الشرطة أخرجت جواز سفري الانجليزي وطلبت شخصاً من السفارة، بعد هذا الحادث بأيام اتصلت هاتفياً برؤوف توفيق، وطلبت منه أن يكتب شيئاً عن هذه الشخصية “الفاشية”.

إجابة خان السابقة تعكس مدى صدقه وعدم ادعائه، فهو لم يدع أنه صاحب أفكار سياسية كبرى، أو تحركه أيديولوجية ما، لكنه ببساطة مبدع لاقط لتغيرات مجتمعه من خلال ما يراه من شخصيات في الشارع، ولأن الصدق هو المحرك الرئيسي لعمله تأتي هذه الأعمال تعكس بصدق عال مواقف سياسية تتفق معها كمتفرج لأنها ببساطة مواقف راصدة لا تدعي التحليل ولا يدعي صاحبها أنه يملك اليقين الكامل.

هذا الموقف النقدي من الشارع المعبر عن المجتمع يؤكده قول خان عن نفسه وعن بقية أفراد جيله: “الشخصية دائماً هي البذرة التي أغزل وأبني من حولها أحداثاً وشخصيات أخرى، هي التي تحركني، وليست الأفكار المجردة أو الأيديولوجيا، وهذه من وجهة نظري سمة في كل جيلي: عاطف الطيب وخيري بشارة، وغيرهما. لسنا أصحاب توجهات سياسية معينة بقدر ما نحن مهتمون بقضايا ومشاكل الانسان البسيط، صحيح أن هناك تفسيرات نقدية عديدة لأفلامنا منها ما هو سياسي وما هو غير ذلك، وقليل جداً من يستطيع التقاط المعاني الحقيقية المقصودة”.

مصادفة

صدق خان الفني هو امتداد طبيعي لصدقه الانساني وهو الصدق الذي يجعلك رغم أنك تراه لأول مرة تشعر بأنك تعرف هذا الرجل منذ سنوات، ابتسامته الطفولية، ومرحه الدائم، وقدرته على كسر الحواجز بينك وبينه في دقائق، كلها أمور تعكس صورة عن شخص لا يحيا الا بالصدق، بل انه لا يجد حرجاً في أن يقول لك ان علاقته بالسينما وبالاخراج تحديداً، علاقة ولدت مصادفة، ولكي نفهم ذلك نعود الى بداية علاقته بهذا الفن الذي نجح في أن يكون من أبرز صناعه، يقول خان: سافرت الى لندن لدراسة الهندسة، وهناك كان لي جار آسيوي ليس بيننا الا تحيات متبادلة في الصباح والمساء، وذات يوم سألته عن نوعية دراسته، فقال لي: انه يدرس السينما، واندهشت، فلم أكن أعرف حينها أنه يمكنني دراسة السينما، وبدأت بالسؤال عن الأماكن التي يمكنني الدراسة فيها، وبدأت في حضور دورات ليلية لم تفدني كثيراً سوى في كم المشاهدة، ثم عدت الى مصر بتشجيع من بعض الأصدقاء، وذهبت الى الشركة العامة للانتاج السينمائي التي كان يرأسها المرحوم صلاح أبو سيف، وقابلته وعندما سألني عما أريد أن أفعله شعرت بالحرج من أن أقول انني أحب الاخراج وأريد أن أصبح مخرجاً، ووجدت نفسي أقول انني أريد كتابة السيناريو، سألني اذا كنت كتبت شيئاً فقلت لا، فقال انني لابد أن أكتب شيئاً، وبعد ثلاثة أشهر عدت ومعي سيناريو اسمه “فراغ” أشادت به لجنة القراءة، وعينت بعده في لجنة قراءة السيناريو، ولكنني مللت بعد قليل، وذهبت الى بيروت حيث عملت عامين، ثم عدت الى لندن مرة أخرى سعياً وراء قصة حب مع فتاة دانماركية، في هذه الفترة افتتحت محلاً لملابس الجينز، وكان مليئاً بالبوسترات حتى أن من يدخله كان يظن أنه داخل قاعة عرض، وليس محل ملابس، بوسترات لنجوم مثل رشدي أباظة في كل مكان. وكان أصدقائي من مصر يزورونني هناك، في ذلك الوقت شعرت بأنني ابتعدت عن السينما حتى زارتني “نادية شكري” المونتيرة المعروفة وشجعتني على العودة، وكنت مثل من ينتظر كلمة ليعود، عدت فوراً وبدأنا في “ضربة شمس” وأخذت من المنتج نور الشريف أجراً بسيطاً على أن أستكمل باقي الأجر اذا استمر الفيلم في السينما عشرين أسبوعاً، وفي الواقع كان هذا رهاناً بيني وبين نفسي، واستمر الفيلم أكثر من عشرين أسبوعاً.

صراحة خان تتجاوز هذه المسيرة وتتجلى أكثر في عدم ادعائه بل رفضه لمقولة نقدية وصفته هو وأبناء جيله بأنهم يقدمون تياراً سينمائياً جديداً وصف حينها ب”الواقعية الجديدة” بل يقول: أندهش من مثل هذه التسميات ولكن لا بأس بها، نحن مجموعة عايشنا تاريخاً كاملاً لمصر، وعاصرنا عدداً من المراحل وكان طبيعياً أن يخرج أسلوبنا في التعبير متقارباً على الأقل من حيث وجهة النظر لكنني أعتقد أن فيلمي “كليفتي”  قبل الأخير  يحمل قدراً من الواقعية أكبر من أي فيلم سابق، لأنني قصدت استعارة أسلوب السينما التسجيلية في حركة الكاميرا واختيار أماكن التصوير، الوجوه وتفاصيل أخرى كثيرة، في الوقت نفسه أفكر في سيناريو فيلم اسمه مؤقتاً “مصير العاشق” وهو فيلم لا يعتمد على المنطق اطلاقا. ويمكن القول ان “كليفتي” واحد من مغامرات خان الكبرى، وهي كثيرة، اذ صوره بتقنيه “الديجيتال” في محاولة  كما نعتقد  للهروب من آليات الانتاج الحالية المسيطرة على السوق السينمائية المص1رية. محمد خان يرفض أن يكون لجوؤه الى “الديجيتال” هروبا من الكيانات الانتاجية الحالية، بدليل أنه صور “بنات وسط البلد” عبر هذه الآليات وبدليل آخر أنه يستعد كما سبق أن أشار لتصوير فيلم جديد باسم مؤقت هو “مصير العاشق”.

ويقول: علاقتي بالديجيتال قديمة جداً وبدأت منذ 7 سنوات، والكاميرا التي صورت بها الفيلم اشتريتها منذ 5 سنوات كاملة، وكانت قناعتي وقتها اكتملت بأن هذا هو المستقبل، وأن التطور يقتضي ظهور تكنولوجيا سينمائية جديدة بعد ال”35 مللي” تماماً مثلما ظهر الكمبيوتر في المونتاج، واختفاء “المافيولا”.

الخليج الإماراتية في 4 مايو 2006

 

«الرقصة الأخيرة» يعيد يسرا للسينما بعــد «ناديــة أنزحــة» 

القاهرة (ا.ب)، من: عبداللطيف خاطر:   

أعلنت الفنانة يسرا عن اعتزامها العودة إلى الشاشة الفضية عبر فيلمها القادم ''الرقصة الأخيرة'' مع الفنانة هالة صدقي والمخرجة إيناس الدغيدي الذي تم تصويره في مارس/ آذار الماضي. يسرا تتكتم عن قصة وقضية الفيلم وتفضل الاستمتاع بالهدوء بعيداً عن كاميرات الصحافيين وعلامات الاستفهام المطروحة دائماً وخاصة بعد جرعة من السعادة جعلتها تشعر وكأنها تسير على حافات السحب ولكنها جاءت مشوبة بالحزن. 

كانت السعادة للنجاح المبهر الذي حققه مسلسلها التلفزيوني الأخير ''أحلام عادية'' والذي قدمت فيه شخصية ''نادية أنزحة'' سيدة الأعمال التي دوخت رجال الأعمال والشرطة ونجحت في تخطيطها للانتقام من أعدائها وحازت الاعجاب لنجاحها في إبراز مشاعر وأحاسيس مختلفة وقدمت حبكة فنية نادرة لدور النصابة وتقاضت أجراً قدره ٥,٢ مليون جنيه.

أما الأحزان فقد انتابتها بعد قرار النيابة العامة رفع قضية تهريب ضريبي عليها لتقاضيها أجوراً مالية من شركة العدل جروب ضمن المكشوف ولكنها لم تدفع الضرائب عنها. وتم تقدير قيمتها بـ ٠٢٦ ألف جنيه.

وتعهدت يسرا بدفعها للمصالحة مع الضرائب ووافق النائب العام على الدفع وعدم تحريك الدعوى الجنائية ضدها. سئلت يسرا عن مسلسل ''أحلام عادية'' خاصة النقد الذي تعرض له، وعن تقبلها لهذا النقد من عدمه..

فقالت: ''أنا احترم النقد جداً، لأن النقاد أنصفوني في مراحل مهمة في حياتي وهم رفعوني، لكن ما حدث لـ ''أحلام عادية'' من بعض النقاد كان نقداً ليس منزها، عن هوى، لأن هناك من هاجم المسلسل لأنني رفضت له أعمالاً كتب لها السيناريو والحوار، فهل هذا هو النقد؟ والحقيقة أنا لا التفت إلى هذا النوع من النقد لأنه ليس موضوعياً.  

وأكدت يسرا - رغم النقد الذي تعرض له المسلسل - انها سعيدة جداً وبدورها فيه - نادية أنزحة - وان المسلسل يمثل لها أفضل حدث في هذا العام. ؟

·         لماذا تحرصين على عرض مسلسلك في شهر رمضان؟

- يوفر للفنان نسبة عالية من المشاهدة على مستوى الوطن العربي ككل، وبالتالي إذا لم يتوفر لي هذا الكم كفنانة احرص على جمهوري فما الداعي لتقديم عمل تلفزيوني في الأساس؟ وهذا هو سبب حرصي على التواجد في الشهر الكريم.

·         بصراحة شديدة، هل تدخلين في اختيار الممثلين المشاركين معك في أعمالك؟

- هذا ظلم كبير، فهناك أقلام كثيرة كتبت أن يسرا استبعدت «فلان» من العمل أو اني فرضت فلاناً آخر على المخرج، وكأنني اقطع رزق ممثل لأعطيه لممثل آخر، وبالطبع هذا غير صحيح، وذلك ليس منهجي في الحياة بشكل عام.. ولكن هناك أدوار أساسية بالعمل لابد أن يكون لي فيها رأي عدا الأدوار الثانوية، وفي هذا العمل تحديداً كنت متمسكة بالفنانين خالد صالح وخالد زكي لأنني رأيتهما أفضل من يصلحان للدورين، وقد اتفق معي في الرأي المخرج والمنتج على حد سواء.

·         حرمان المشاهد المصري الفقير من متابعة أعمالك على القنوات الأرضية، هل يحزنك؟

- العقد الذي يوقعه المنتج مع الفضائيات يحتوي دائماً على بند أساسي وهو انه من حق المنتج عرضه بالقنوات الأرضية، لكن عدم العرض قد يأتي بسبب أمور تتعلق بالقنوات نفسها، لأنني مثل أي فنان يهمني أن يعرض عملي على قناة أرضية مصرية ومن ينكر ذلك سوف يكون كاذباً، لكن إذا لم يحدث ذلك لأي سبب من الأسباب فهذا لا يعني نهاية العالم، خاصة أنني جربت ذلك بنفسي في مسلسل ''ملك روحي'' والذي تم عرضه في القناة الأولى بعد رمضان وحقق نجاحاً جماهيرياً ضخماً.

·         اعتدنا مشاهدتك كل عامين في ''لوك'' تلفزيوني جديد، ما السر وراء ذلك؟

- أي ممثل يحرص على الاجادة لابد أن يقوم بتغيير جلده الفني ويشمل ذلك شكله وأداءه وأدواته حتى لا يستمر على نمط واحد فيمله الجمهور وما ساعدني على ذلك عملي في السينما التي علمتني كيف اغير جلدي الفني للأفضل.

·         ما رأيك في النقاد المعترضين دائماً على ملابس الفنانات في مسلسلات رمضان؟

- أنا مع الناقد الذي يفيدني بملاحظاته الفنية لأنه يساعد في اثبات وجودي كممثلة لكن الناقد الذي يتحدث عن ملابس أو أنني كنت جميلة في مشهد ما أو مثالية أكثر من اللازم في مشهد آخر، فلا اعتد بذلك النقد، لأن المثالية ليست عيباً والجمال هبة من الله، أما عن الملابس فلا يوجد زي رمضاني وآخر غير رمضاني فأنا اختار الملابس التي تناسب الشخصية. مثلاً في مسلسل ''أحلام عادية'' أتنكر في شخصية راقصة إذ لابد أن ارتدي ''بدلة رقص'' واتحدث بنفس أسلوب ''العالمة'' لذلك أقول لمن يعترضون على ملابس الممثلات في رمضان: امنعوا أفلام الخمسينات من العرض في الشهر الكريم وكذلك الفوازير والخيام الرمضانية لأن بهما ''غناء ورقص'' كما انني أؤكد أنه من الظلم الحكم على الإنسان من خلال ملابسه وعلاقة العبد بربه علاقة خاصة جداً.

·         ما الذي يفرح ويحزن قلب يسرا؟

- نجاحي اكثر شيء يفرحني اما النفاق والكذب هما اكثر ما يحزنني فما يجهله الكثيرون ان النجاح والرزق مكتوبان عند الله ولا احد سوف يأخذ غير نصيبه ولكن للاسف ينقصنا الرضا بالمكتوب.

·         هل تدخلين المطبخ؟

- طبعا، انا طباخة شاطرة وصنية البطاطس ''المشطشطة'' التي اصنعها بيدي لا احد يقاومها وكذلك البامية والملوخية.

·         بمناسبة اسم المسلسل، ما هي احلام يسرا العادية؟

- راحة البال والسعادة والاستمتاع بالحياة ورغم ذلك هي احلام غاية في الصعوبة.

·         هل انتهت احلامك في مجال الغناء؟

- بالعكس، سوف اغني لأول مرة، في هذا المسلسل اغنية ''أوعى، حاسب.. بص'' ثم ان الغناء في حياتي ليس احترافا لكنه فن جاد في كل اعمالي. وانتظروا البومي الاول في الصيف القادم.

·         لك تجارب في المسرح قليلة لكنها ليست مع عادل امام رغم اشتراكك معه في كثير من افلامه؟

- عادل لم يعرض علي بطولة أي مسرحية معه، وسوف اقوم ببطولة مسرحية في الصيف القادم من انتاج عصام امام بعد ان توقفت عن المسرح بعد وفاة علاء ولي الدين الذين شاركته بطولة اخرى في مسرحياته ''لما بابا ينام''.

الوقت البحرينية في 4 مايو 2006

مهرجان «ترايبيكا» يعبّر عن جوهر نيويورك...

أفلام عن «الكارثة»... لكنها ليست كل شيء في العالم أو على الشاشة

نيويورك - محمد رضا  

روبرت ردفورد لديه مهرجان «سندانس» للسينما المستقلّة وروبرت دي نيرو لديه، ومنذ خمس سنوات، مهرجان «ترايبيكا» للسينما...؟ ربما لكل السينما لكن الغالب عادة وفي هذه الدورة خصوصاً، الأفلام ذات الطابع السياسي.

حين أسسه دي نيرو عبر شركته «ترايبيكا» سنة 2002 قال: «أريد أن أبرهن على أن نيويورك كعاصمة ثقافية وفنية لا تموت بفعل الإرهاب. أريد أن أؤكد دور السينما في التصدي للإرهاب وفي معالجة قضايانا كافّة».

كل عام سابق برهن على أن هذه النيّة موجودة. لكن في هذه الدورة الخامسة هناك ما يؤكد أن المهرجان يلعب دوره الحاسم في هذا الشأن. إن لم يكن بسبب حفنة كبيرة من الأفلام التي تتعاطى وحروب ومشاكل ما بعد ١١/٩ فبسبب فيلم الافتتاح الذي يتعاطى مباشرة مع ذلك اليوم المفجع في تاريخ الولايات المتحدة، وكما برهن سريعاً من بعد، في تاريخ العالم أجمع.

الفيلم هو «يونايتد ٣٩»، أول فيلم هوليوودي مباشر عن 11/٩ . يونايتد إسم شركة طيران أميركية معروفة. ٣٩ هو إسم الرحلة التي أنطلقت الساعة الثامنة والثانية والأربعين صباح ذلك اليوم من مطار نيويورك في طريقها الى سان فرانسيسكو. قبل عشرين دقيقة من إقلاعها استلم مكتب إدارة الطيران أول إشارة لوجود شيء ما خطأ: طائرة «أميركان آيرلاين» أقلعت من مطار نيويورك قاصدة لوس أنجيليس. بعد نحو ربع ساعة من إقلاعها سمع أحد المراقبين ما جعله يعتقد أن الطائرة مخطوفة. أحد لم يكن يتصوّر أن ذلك سيكون بداية حتى من بعد أن استقرّت الطائرة في البرج الأول من «مبنى التجارة العالمي» في نيويورك. بعد قليل ضربت طائرة أخرى البرج الثاني وبعدهما بنحو ربع ساعة أخرى توجهّت طائرة ثالثة الى البنتاغون. «يونايتد ٣٩» كانت الرابعة والأخيرة ولم يرتب أحد فيها الا عندما أصدر المكتب تعليمات لكل الطائرات في الأجواء الأميركية بالعودة الى قواعدها او الهبوط في أقرب مطار ممكن. هبطت جميعاً باستثناء تلك الطائرة.

المخرج البريطاني بول غرينغراس لا يصوّر دراما مأخوذة عن الأحداث التي وقعت على متن تلك الطائرة. هذه المهمة فعلها قبل أسابيع قليلة فيلم تلفزيوني بعنوان «الرحلة ٣٩». ما يقوم به غرينغراس هنا هو إعادة تركيب الأحداث تاركاً الفيلم يتحدّث بنفسه عن نفسه، والدراما تولد على الشاشة لحظة بلحظة. أمعاناً في أن تكون إعادة التركيب واقعية فإن الكاميرا محمولة باليد (ويديرها باري أكرويد الذي صوّر بعض أفضل أفلام البريطاني كن لوتش الواقعية) طوال الوقت خالقة جواً مشحوناً. التوليف (قام به ثلاثة) ينجز لقطات سريعة ومتوترة. السيناريو يختصر الطرح التقليدي. لا خلفيات للشخصيات. لا مشاهد حوارية طويلة. لا تشاهد راكبة تشرح قصة حياتها او رجلاً يخطب عن الوطنية. في الحقيقة ليس هناك شخصيات محورية على كثرة تلك الشخصيات وليس هناك من ممثلين معروفين (وجوه كثيرة من نوع: شاهدت هذا الممثل من قبل لكني لا أذكر أين) ولا أحد منهم صاحب دور يطغى على الأدوار كلها.

أين الاتجاه

غرينغراس يدخل الفيلم من دون موسيقى ومن دون عناوين. العرب الأربعة الذين قاموا بالعملية (الممثلون خالد عبدالله، عمر بردوني، لويس السماري والبريطاني جامي هاردينغ الذي يشبه الكوميدي هارولد لويد) يؤدّون صلاة الفجر. أحدهم يقرأ القرآن الكريم (الفيلم لا يترجم الآيات). في المطار، ينضم هؤلاء الأربعة الى باقي الركّاب. مظهر الركّاب عادي المظهر. تجدهم في كل مطار وفي كل طائرة. ولا ينسى الفيلم الراكب المتأخر الذي يغلق الباب وراءه. ومع إقلاع الطائرة تقلع أيضاً توقّعات المشاهدين فنحن، بسبب تجاهل غرينغراس للطريقة التقليدية في سرد الحكايات، لا نعرف، بعد ثلث ساعة من العرض، كيف سيتّجه الفيلم بنا والى أين تماماً.

قوّة «يونايتد ٣٩» تتوزع ما بين إحكام هذا الأسلوب المستمد من خبرة غرينغراس التلفزيونية (التي على أساسها أخرج فيلمه الجيد «الأحد الدامي» عن تظاهرة ايرلندية سلمية تصدّى لها البوليس وحوّلها الى نكبة) وفيلمه الأكشن الرائع «سيادة بورن» (مع مات دامون) وبين توزيع الأحداث ما بين ما يقع داخل الطائرة وما يقع خارجها في أربع محطات رئيسية (مكتب إدارة الطيران، قاعدة عسكرية للمراقبة الجوية وغرفتي مراقبة في مطاري نيويورك وبوسطن). ليس هناك قصة جانبية، ولا الرئيس بوش يظهر ليقول شيئاً وليس هناك ممثل يؤديه أو يؤدي دور نائبه تشيني. كل ما هناك وضع يجعل التنفّس صعباً في نصف الساعة الأخيرة عندما يدرك فيها الركّاب بأنهم مخطوفون ويزداد صعوبة عندما يقرر بعضهم أن الخاطفين يريدون تحطيمها لذا وجب عليهم محاولة السيطرة عليها. الفيلم ينتهي والصراع محتد بين الركاب والخاطفين بينما الطائرة هاوية. غرينغراس يستغني حتى عن لقطة خارجية للطائرة وهي تسقط وتنفجر. هذا ليس فيلماً روائياً ولا – بالطبع - تسجيلياً. بل هو فيلم من تلك التي تستمد من الأسلوبين خطاً ثالثاً خاصاً.

مشاغل أخرى

فيلم غرينغراس يقف في مواجهة لفيلم مايكل وينتربوتوم «الطريق الى غوانتنامو» المعروض كذلك في هذا المهرجان والذي هو أيضاً نوع من إعادة التركيب. لكنه نوع مرتاح لدى وينتربوتوم لا ينشد مشاهداً متوتّراً، بل مشاهداً قادراً على إستخلاص الرأي بهدوء. المواجهة بين الفيلمين سياسية. «يونايتد ٣٩» يتحدّث عن الألم في أنفس الأميركيين (في الطائرة كما لدى المشاهدين) و«الطريق الى غوانتانامو» يتحدث عن الألم في أنفس (وأجساد) السجناء الذين تم التقاطهم في بقاع شتى وإرسالهم الى سجن غوانتانامو بينهم مسلمون بريطانيون باكستانيو الأصل ثلاثة بقوا عرضة للتحقيق بلا نتيجة حتى الإفراج عنهم بعد أكثر من عام على احتجازهم. هؤلاء محظوظون حين يتذكّر المرء أن نحو 400 لا يزالون في ذلك المعتقل بين الحياة والموت.

بينما ينسج «الطريق الى غوانتانامو» و «يونايتد 39» وجهتي النظر في مأساة ١١/٩ وما بعد، هناك أفلام أخرى تملأ الفراغات بينهما. أحد هذه الأفلام «أشرطة الحرب» حول الحرب في العراق كما صوّرها جنود أميركيون. المخرجة ديبرا سكارنتون تقول أنها جمعت مواد وصلت الى 900 ساعة من المواد المسجّلة قبل أن تجلس وراء جهاز التوليف لإختيار ساعة ونصف منها.

وفي العراق أيضاً الفيلم التسجيلي «دم أخي» لأندرو بارندس. أكثر تأثيراً ويدور حول مصوّر فوتوغرافي عراقي يتطوّع لحراسة مسجد وبعد ساعات يطلق عليه جندي أميركي النار فيرديه. أخوه يعيش على أمل الإنتقام له.

لكن العالم ليس فقط ١١/٩ وما تبعه من حروب بل سلسلة من المآسي الصغيرة - الكبيرة التي تتناقلها مجموعة متزايدة من الأفلام الحديثة. «لاعبان من مقاعد المشاهدين» فيلم كرواتي كوميدي أسود عن السياسة المحلية وما يشوبها من فساد وجشع بعد الحرب الأهلية في يوغوسلافيا سابقاً. «أرض العميان» حول حارس سجن (جوزف فاينس) يتضامن مع سجين سياسي (دونالد سذرلاند) في السعي الى إثارة التمرد ضد الوضع الدكتاتوري في بلد لاتيني غير مُسمّى. والفيلم الفرنسي «كوميديا السُلطة» لكلود شابرول يكاد يلخّص ما الذي يحدث خطأ في عالمنا حين يحاول البعض منا التصدي لفساد إداري، إذ يجد نفسه تحت ضغوط السلطة للكف عن محاولته و - كما الحال بالنسبة الى بطلة الفيلم ايزابيل هوبيرت التي تؤدي دور محققة قضائية – منطلقة في رحلة قد تحطّمها هي وبيتها العائلي.

الحياة اللبنانية في 5 مايو 2006

 

خرجت خائفة أثناء العرض الأول لفيلمها «خشخاش»

المخرجة التونسية سلمى بكار: أطرح المواضيع بواقعية ولا أكذب على المشاهد

تونس ـ ضحى السعفي: 

أعاد فيلم «خشخاش» ثقة الجمهور التونسي بسينما بلاده، بعد انقطاعه عن متابعتها لسنوات طويلة، ويقوم هذا الشريط على قصة واقعية مميزة، وتم تصويره بتقنيات عالية. المخرجة سلمى بكار أعلنت قبل أسابيع قليلة عن مشاركة فيلمها في مهرجان «كان» السينمائي الدولي. «البيان» التقت بكار في تونس العاصمة، وأجرت معها الحوار التالي:

·         خرجت من قاعة السينما في العرض الأول للفيلم، فهل ذلك عدم ثقة بالنفس؟

ـ العرض الأول كان مخصصاً للإعلاميين ذلك لأنني أحترم رأيهم وأعرف أن نجاح الفيلم أو فشله يعتمد على أقلامهم . وبصراحة لم أستطع البقاء في صالة العرض لخوفي الشديد من ردة الفعل، وكنت يومها متوترة جدا لأنني سأعرف نتيجة تعب وعمل سنوات طويلة.

والموضوع لم يكن عدم ثقة بالنفس بقدر ما كان توتراً وانتظاراً، هو الإحساس ذاته لشخص ينتظر نتيجة امتحانات آخر السنة، فمهما كانت ثقته بنفسه كبيرة، إلا أن ذلك اليوم يوتره ويفقده اتزانه المعهود.

·         ومع ذلك لم تنصفك كل الأقلام التي كتبت عن الفيلم؟

ـ صحيح، الأمر يعود إلى ذوق كل شخص وأنا أرفض النقد الذي لا يُبنى على أسس صحيحة، وقد قرأت كل ماكتب عن الفيلم واحترمت كل الآراء التي نقدت من باب معرفة وعلم بالسينما، وفي المقابل لم أعر أي اهتمام للأقلام التي كتبت من دون وعي ومعرفة، واعتبرت أن نقدهم كان بدوافع شخصية وليس موضوعياً.

·         ولكن نُشر لك أخيراً في جريدة Rla press التونسية رداً على مقال انتقد الفيلم؟

ـ صحيح، لأن النقد الذي قَرأتهُ عني كان غير منطقي، وشعرت أن كاتبة النص لا تملك أية خبرة لا في الكتابة الصحفية ولا في النقد السينمائي، فهل يستطيع أي شخص أن يقوم بمهنة الطبيب لمجرد أنه يمسك بمشرط في يديه، هذا الشيء جعلني أشعر بالغضب مما كُتب عن الفيلم فهي انتقدت اختياري الفنانين وتقنيات وزوايا التصوير من دون أدنى معرفة بالسينما.

·         على ذكر أبطال الفيلم لماذا لم تعتمدي على نجوم معروفين؟

ـ كل ممثل وُضع في مكانه في الفيلم، وعندما كتبت القصة كنت أتخيل الشخصيات في عقلي، اما عن البطلة الرئيسية ربيعة بن عبد الله، فلقد رأيتها قبل سنوات عندما شاركت في لجنة التحكيم بمهرجان «فالنسيا»، ويومها كنت مصرة على أن تأخذ تلك الممثلة جائزة تقديرية لأنها أبهرتني، وبعد سنوات كتبت «خشخاش» وتذكرتها وسألت عنها، فقيل لي إنها مقيمة في فرنسا.

·         وكيف تم الاتصال بينكما؟

ـ كل ماكنت أعرفه عنها هو أنها مقيمة في «ليون» الفرنسية مع زوجها فاتصلت بسفارة تونس هناك وعرفت عنوانها وراسلتها ثم قصدتها وأقمت في بيتها لخمسة أيام وكنت أراقب تصرفاتها، وأدركت أنها الوحيدة التي تصلح لدور البطولة.

·     عرفت أنك في بداية اختياراتك للفنانين، أقمت «كاستينغ» واسعااشترك فيه العديد من النجوم التونسيين المعروفين، فكيف كانت ردة فعلهم عندما عرفوا انك اخترت غيرهم؟

ـ ما أحمد الله عليه هو أن الفنانين الذين تعاملت معهم كانوا يمتلكون روحا رياضية وقناعة كاملة برأيي، ومازالت تجمعني بهم علاقة طيبة مبنية على الاحترام والحب والثقة.

·         لاحظنا أنك نصيرة للمرأة فكل أفلامك تتمحور حولها؟

ـ ربما لأننا نعيش في مجتمع شرقي تظلم فيه المرأة بشكل كبير فهي تتعرض للعنف والقهر والحيرة، ودائماً مايكون السبب في عذاب المرأة هو الرجل والمجتمع يغفر للرجل خطيئته، ولا يغفر خطيئة المرأة بل يحملها الذنب وتكون هي السبب في خطيئته.

·         قلت سابقا إنك تستلهمين من الواقع لإنجاز أفلامك فهل كل شخصيات أفلامك واقعية؟

ـ نعم معظمها، فمثلاً شخصية «زكية» في فيلم «خشخاش» سمعت عنها الكثير في صغري، ونقلت الصورة كما عرفتها من أقربائي فهي إمراة أدمنت على شرب «الخشخاش» حتى تنسى معاناتها من زوجها الشاذ جنسياً ومن نظرة الناس إليها.

·         لماذا تتعرض معظم الأفلام التونسية لقضايا الشذوذ الجنسي؟

ـ بالنسبة لي فأنا أحب طرح المواضيع بواقعية ومن دون زيف، ونحن من خلال عملنا في السينما لا نحاول أن نجمل الواقع ونكذب على المشاهد، وأعتقد أن تعرضنا للمواضيع الشائكة ربما يحل بعضاً من مشاكلنا والأفلام تحمل رسائل توعية للمجتمع كله ونحن في الفيلم، تحدثنا عن السبب الرئيسي الذي أدى إلى إدمان بطلة الفيلم «زكية».

فالإدمان بحد ذاته يكون نتاجاً لأسباب وجيهة، فمنهم من يدمن لأنه فقد عزيزا عليه ومنهم من يدمن لأنه اختلط برفاق السوء وهكذا.. وأريد أن أذكر أن شخصيات فيلم «خشخاش» واقعية، إذ إن «زكية» تعرضت بالفعل لكل ذلك في حياتها.

·         وماذا بعد «خشخاش»؟

ـ وضعت الخطوط العريضة لفيلمي الجديد، وسأحكي فيه عن حقبة الستينات ،وكالعادة ستكون بطلة الفيلم امرأة وأعتقد أنه سيرى النور قريباً لأنني متحمسة للفكرة جداً وأحب أن أستثمر نجاح «خشخاش» لإنتاج فيلم جديد.

·         ولماذا تصرين على التصوير في حقب زمنية قديمة ولا تتعرضين للحاضر؟

ـ ربما لأنني أحب تلك الفترة القديمة وأحب أن أحكي عن المرأة في ذلك الوقت بالذات، لأن المرأة التونسية لم تنًل حقوقها كاملة إلا أخيراً في عهد الرئيس زين العابدين بن علي، وقديماً كانت تتعرض للقهر والظلم كأي إمرأة شرقية.

·         كيف تلقيت خبر مشاركة «خشخاش» في مهرجان «كان» السينمائي؟

ـ المشاركة في هذه التظاهرة السنوية بحد ذاتها تعتبر حلماً لكل سينمائي عربي أو أجنبي، كما أنها تفتح لي سوقا للتوزيع خارج تونس بعد ذلك، وأتمنى أن اشارك به أيضاً في مهرجان القاهرة الدولي.

البيان الإماراتية في 4 مايو 2006

 

سينماتك

 

يعشق القاهرة لكنه يقسو عليها أحياناً

محمد خان: شخصيات أفلامي حقيقية

القاهرة - محمد الروبي:

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك