فنان كبير وسياسى مخضرم تميز بالموهبة والحضور القوى والثقافة، برع فى تجسيد شخصيات متنوعة فى العديد من الأعمال الدرامية القوية، التى ترسخ قيمة فنية حقيقية لدى الجمهور.. إنه الفنان جميل راتب الذى عرف عنه نبوغه فى الأداء التمثيلي، وبحثه دائما عن الحق والعدل والحرية، ولذلك كان طبيعيا أن ينتمى للفكر اليسارى وأن يكون عضوا فى حزب التجمع..

عن مشواره الفنى وكيفية انضمامه إلى حزب التجمع كان لنا معه الحوار التالي..

يقوم الفنان جميل راتب حاليا بتصوير دوره فى مسلسل «القاهرة ترحب بكم» قصة وسيناريو وحوار وإخراج محمد حلمى هلال وتشاركه البطولة جيهان فاضل وسماح أنور ومادلين طبر وحول دوره فى المسلسل قال: أقوم بشخصية أب عجوز ثرى يستدعى أولاده وبناته الذين أنجبهم من مطلقاته الثلاثة ويطلب منهم أن يقوموا بالنيابة عنه بإصلاح أخطائه القديمة ويجعل هذا شرطا لاستحقاقهم ما قرره لهم من نصيب فى ثروته التى تجاوزت العشرين مليونا.

·         وما الذى يجذبك لهذا المسلسل؟

- أولا مسلسل «القاهرة ترحب بكم» دراما اجتماعية إنسانية عن القاهرة وناس القاهرة، ودورى فيه دور محورى ورئيسي.

·         ما أهم الطقوس التى تمارسها عند استعدادك لأداء الشخصية؟

- طبعا هناك مرحلة تحضيرية قبل التصوير أحاول فيها دراسة الشخصية ورسم ملامحها فى ذهنى وأرى كيف يفكر هذا الأب، وكيف سيتعامل مع أبنائه؟.

معايير الجودة

·         ما معايير الجودة التى تحكم بها على العمل الفني؟

- أهتم أولا بالسيناريو هل يقدم قضية تهم الناس أم لا؟ وهل يحترم المشاهد؟ ثم أنظر لبقية عناصر العمل كالمخرج والأبطال، ثم يأتى تقييمى للدور الذى أقوم به هل هو جديد أم تكرار لأدوارى السابقة، وهل يتوافق مع أفكارى ومعتقداتى أم لا؟، ولذلك فأنا دائما أرفض أى عمل غير جاد ولا يقدم مضمونا جيدا للجمهور.

·         هل تقبل التعامل مع الوجوه الشابة؟

- أنا بالفعل تعاملت كثيرا مع الوجوه الشابة فى أغلب أعمالى وهى أغلبها وجوه موهوبة وتستحق التقدير والاحترام.

·         ما رأيك فى الاتهام الموجه للدراما المصرية بأنها يشوبها المط والإطالة؟

- رغم عدم متابعتى الجيدة لمعظم الأعمال الدرامية نظرا لانشغالى بالسفر إلى فرنسا، إلا أنى ألاحظ هذا العيب خاصة فى الأعمال التى تعرض فى شهر رمضان فالمنتج يكون حريصا على الربح، ولذلك يطلب من المؤلف أكبر كم من الورق ليحصل به على عدد كبير من الساعات الإنتاجية، وهذا بالطبع يهدر من قيمة ومضمون العمل الفني.

معنى النجومية

·         ماذا تعنى النجومية بالنسبة للفنان جميل راتب؟

- النجومية كلمة فضفاضة، لأن هناك نجومية مؤقتة، وهناك شعبية دائمة لفنان مهما طال به الزمن، وبالنسبة لى فالنجومية تعنى حب الجماهير لأدائى الفنى ورغبتهم فى مشاهدة أعمالي.

·         ما رأيك فى ظاهرة فوضى أجور الفنانين، ومن المسئول عنها من وجهة نظرك؟

- القطاع الخاص هو الذى رسخ فكرة الأجور الخيالية ثم انتقلت العدوى بعد ذلك إلى التليفزيون، وهذه الظاهرة تحتاج لمواجهة حقيقية، لأنها أحد عوامل تدهور العمل الفنى خاصة أن معظم الميزانية المخصصة للعمل تضيع على أجر النجم أو النجمة وهذا بالطبع يضر ببقية عناصر الإنتاج.

·         شاركت فى بعض الأفلام السينمائية كضيف شرف فهل أنت مؤمن بأن الدور ليس بمساحته ولكن بمضمونه؟

- بالطبع أنا أعتقد أن الدور فى مضمونه وماذا يقدم، فأنا قدمت أدوارا صغيرة فى العديد من الأفلام، ولكنها كانت علامات بارزة فى تاريخى الفني، مثل دورى فى فيلم «البرئ» وهو فيلم سياسى مهم، وكان دورى قصيرا وأنا تعمدت أن أشارك فيه لأنى كنت مقتنع بمضمون الفيلم.

·         أيهما يهمك تكريم النقاد والجهات الرسمية، أم تكريم الجمهور؟

- فى حقيقة الأمر إن تكريم الجمهور هو الأهم فى حياة الفنان لأنه يشعر من خلاله بمدى التوازن بين ما يقدمه وما يراه الآخرون وأعتقد أيضا أن تكريم الجهات الرسمية والنقاد شيء مهم حتى يشعر الفنان بتقدير خاص لأعماله.

فرنسا

·         سافرت إلى فرنسا منذ كان عمرك عشرين عاما وكنت نجما مسرحيا هناك.. حدثنا عن تجربتك الفنية فى فرنسا؟

- أنا بالفعل عشت فى فرنسا قرابة 30 سنة، وقدمت للمسرح الفرنسى حوالى خمسين مسرحية، مثلت أدوار البطولة فى الكلاسيكيات مثل «موليير» و«شكسبير» ومثلت أدوارا للمسرح الفنى الحديث وكانت تجربة ثرية جدا لأنى تعاملت مع كبار المخرجين والفنانين الفرنسيين، ومثلت أيضا عدة أدوار فى السينما العالمية.

·         وكيف بدأت مشوارك الفنى فى مصر؟

- عدت إلى مصر فى أواخر عام 1974 وعمرى وقتها كان 50 عاما، وذلك لأسباب عائلية ومكثت فترة طويلة وخلال تلك الفترة عرض على صديقى الفنان الراحل صلاح جاهين العمل فى المسرح وبالفعل قدمنى للمخرج الراحل كرم مطاوع وقدمت مسرحية «دنيا البيانولا» ولاقت نجاحا كبيرا ومن هنا عرفنى الجمهور والمخرجون، فكان هذا العمل المسرحى سببا فى تغيير مسار حياتى لأنى وجدت نفسى مطلوبا فى العديد من الأعمال الشوارع فى أدوار رئيسية وكان أول عمل التليفزيونية لى «حياة كامل الخلعي» و«عصفور الشوراع» وفى السينما عملت مع صلاح أبو سيف وبركات، ومن هنا دخلت دوامة العمل السينمائى والتليفزيونى فى مصر بدلا من أن أكون نجما مسرحيا فى فرنسا.

الإخراج المسرحي

·     قمت بإخراج مسرحية «الأستاذ» ومسرحية «زيارة السيدة العجوز» ومسرحية «شهرزاد».. فحدثنى عن تجربتك فى الإخراج المسرحي؟

- الإخراج المسرحى عشقى الثانى بعد التمثيل وأنا أعتبره مكملا لتجربتى الفنية ولذلك قدمت عام 1980 مسرحية «الأستاذ» لسعد الدين وهبة على المسرح القومي، وقدمت مسرحية «شهرزاد» لتوفيق الحكيم برؤية وإعداد خاص على المسرح الفرنسى باللغة الفرنسية وقدمتها على مسرح الهناجر باللغة العربية، ثم قدمت مسرحية «زيارة السيدة العجوز» وكانت إخراجا مشتركا بينى وبين «محمد صبحي» هذا بخلاف العديد من الأعمال المسرحية التى قدمتها باللغة الفرنسية.

·         ولماذا لم تستمر فى الإخراج المسرحي؟

- لأنى انشغلت بالتمثيل، والإخراج للمسرح يتطلب مجهودا ووقتا كبيرا، ولا أستطيع الإخراج بجدية إلا إذا تم الإعداد والتحضير للنص جيدا.

مسرح صبحي

·     اشتركت مع الفنان محمد صبحى فى العديد من الأعمال فهل ترى أن أعمال صبحى ناقدة لأحوال المجتمع وهل تجد نفسك فى هذه النوعية من الأعمال؟

- محمد صبحى فنان عظيم وكاتب مسرحى كبير ومخرج مبدع، وأعتقد أن أعماله كلها أعمال محترمة ولها هدف جاد حتى فى أعماله المسرحية تجده يمزج بين الكوميديا والدراما الهادفة ولذلك فأنا أعتقد أن مسرح صبحى هو المسرح المحترم الذى يحمل هدفا ومضمونا جيدا، وكذلك الأعمال التى تقدم فى الهناجر أشكر عليها د. هدى وصفى أما باقى المسرحيات فى القطاع الخاص فلا أعتبرها أعمالا مسرحية جيدة.

أما علاقتى بصبحى فبدأت فى مسلسل رحلة المليون ومن هنا بدأنا المشوار معا خاصة إننا نلتقى على أرضية ثقافية وسياسية وفكرية واحدة، وبيننا توافق فنى وتجمعنى به علاقة إنسانية وطيدة، ومن كثرة ما قدمنى فى أعماله كأب مثالى فهو يعتبرنى أبا له.

مشوار طويل

·         الفنان جميل راتب حالة إنسانية وفنية خاصة، فكيف تقيم تجربتك الفنية بعد هذا المشوار الفنى الطويل؟

- هى بالفعل تجربة ثرية، انفتحت فيها على العديد من الثقافات خاصة وإنى بدأت التمثيل أثناء دراستى فى المعهد الفرنسى ولذلك أعتبر نفسى فنانا حامل رسالة، وأسعى دائما لأداء واجبي، وأشعر فى أى عمل أقدمه إننى قادم على تجربة جديدة تماما.

·         لو عادت بك الحياة مرة أخرى هل تحب أن تسير فى نفس الطريق؟

- بالطبع فأنا لا أرى نفسى إلا ممثلا ولا أنفع فى شيء سوى التمثيل، ولهذا شعرت إن التمثيل هو مستقبلى منذ البداية.

·         رغم بدايتك المسرحية والسينمائية إلا أن علاقتك بالمسرح والسينما الآن ليس كعلاقتك بالتليفزيون لماذا؟

- أولا الأعمال المسرحية التى تعرض على لا تناسبنى لأنى قلت إن معظم أعمال القطاع الخاص ليست جيدة، كما أن موجة الأفلام الشبابية الكوميدية بعيدة عنى والأدوار لا تلائمني، ورغم ذلك فأنا شاركت فى عدد من الأفلام الجيدة مثل «عفاريت الأسفلت» وأنا دائما أرحب أن أشارك فى أفلام هادفة وجادة مع نجوم مبدعين ومثقفين ومهمومين بقضايا هذا الوطن.

الفن والسياسة

·         الفن والسياسة فى حياة الفنان جميل راتب وجهان لعملة واحدة فماذا عن السياسة فى حياتك؟

- السياسة هى شغلى الثانى بعد التمثيل بدأ اهتمامى بها أثناء وجودى فى فرنسا، ورغم أنى لم أنتم إلى أى حزب هناك إلى إننى كنت أميل إلى الفكر اليساري، فأنا شديد الكراهية للظلم، ومتعاطف مع الضعيف، ومهتم بقضايا الشعب وهذه المبادئ وجدتها إلى حد كبير موجودة فى الفكر اليساري.

·         هل تعتقد أن الفكر اليسارى قادر على قيادة المجتمع وإحداث تطور فيه؟

- اليسار دائما مهتم بقضايا الأمة كحرية التفكير والديمقراطية والفكر اليسارى هو فكر معارض لسلبيات الحكم الحالى ويرفض فكرة أن الديمقراطية المنشودة سوف تنشأ بين يوم وليلة وستأتى إلينا من أمريكا اللعينة.

·         أنت عضو من أعضاء حزب التجمع فكيف اتخذت قرار الانضمام إلى الحزب؟

- وأنا فى فرنسا كنت متابعا جيدا للفكر اليساري، وبمجرد وصولى إلى مصر رأيت أن الحزب الوحيد الذى يتمتع بحرية الرأى والتعبير هو حزب التجمع، ووجدت أنه يضم تيارات مختلفة هدفهم الوحيد هو الديمقراطية وحرية الرأى والعدل ولذلك صممت على الانضمام للحزب.

·         بمناسبة العيد الثلاثينى لتأسيس الحزب ماذا تقول للتجمع وقياداته؟

- أقول كل عام والحزب بخير، وأتمنى له دوام الاستمرار على نفس النهج، والمزيد من الفعالية والتعبير عن الجماهير الكادحة والمطالبة بحقوق المواطنين.

البرلمان

·         لماذا لم تفكر فى ترشيح نفسك فى البرلمان رغم شعبيتك وإلحاح الزعيم خالد محى الدين عليك أكثر من مرة؟

- أنا بالفعل رفضت الترشيح للانتخابات وذلك لعدة أسباب أولا لأنى أرى أن المجلس يتطلب تفرغا تاما، وأنا أعرف حدودى وإمكاناتى كفنان ولكنى لا أعرف ما هى متطلبات السياسي، وأعتقد أننى أستطيع أن أقوم بدورى الأمثل من خلال أعمالى الفنية، وهذا أيضا سبب ابتعادى عن السياسة رغم إنى يسارى ولكنى دائما مهموم بفنى ورغم ذلك فأنا دائما أؤيد اليسار فى شتى معاركه ولدى قناعة كاملة بكل مواقفه، ولكنى أعتقد أن العمل السياسى يتطلب تفرغا كاملا، حتى أتمكن من تأديته على أكمل وجه.

اعتراض عائلي

·         أنت من أسرة ارستقراطية فهل كانت ضدك عندما اتجهت إلى التمثيل والفكر اليساري؟

- بالفعل عارضت أسرتى عملى بالتمثيل، وقطعت أمامى الطريق فى مصر ولذلك سافرت إلى فرنسا، ورغم أنهم قطعوا عنى النفقات بسبب إصرارى على العمل بالفن والسياسة ولكنى تجاهلت هذا ومارست الفن، وقمت بالاحتكاك بالناس واقتربت منهم وكانت هذه تجربة ثرية جدا فتحت لى أبوابا إنسانية وسياسية كثيرة، وأعتقد أن الفنان لا يمكن أن ينحصر فى طبقة اجتماعية ما، فالممثل الحقيقى خارج هذه النمطية.

من ساهم فى تكوينك السياسي؟

- أنا بالطبع لم يكن لدى تربية سياسية ولذلك اعتمدت فى تكوينى السياسى على القراءة والاختلاط بالناس، ومن هنا استطعت اختيار طريقى الفكرى والسياسي.

·         ما تقييمك لتجربة الأحزاب المصرية فى الوقت الحالي؟

- أعتقد أن معظم الأحزاب المصرية بخلاف التجمع تتصارع كوادرها على السلطة ولا يوجد لديهم الصدق السياسى والعمل من أجل هذا الوطن كما أن معظم الأحزاب ورقية ليس لها دور فعال، والشارع المصرى ذاته ليس لديه وعى سياسى وهذا ليس ذنب المواطنين ولكن ذنب الحكومة التى تريد شعبا غير مثقف سياسيا.

الفنان والوطن

·         الفنان من وجهة نظرك يقدم رسالة فما هذه الرسالة؟

- أولا على الفنان أن يكون واعيا بما يثار فى وطنه أولا لأنه مواطن، ثانيا لأنه فنان، ودوره مؤثر أكثر من غيره، فهو يؤثر بفنه وأفكاره على الناس، وبالتالى فأنا أعتبر الفن رسالة ثقافية وليس مجرد مهنة أو متعة أو جرى وراء الشهرة أو المال.

·         وما أثر الثقافة فى تكوينك الفكري؟

- أعتقد أن الثقافة مهمة فى حياة أى مواطن فما بالنا بالفنان، فالثقافة شيء مهم جدا لأن المعرفة هى وسيلة الفنان للإبداع، والكتاب هو المكمل للمعرفة الحقيقية التى تتمثل عندى فى الالتصاق بالمجتمع والمواطنين.

·         ما دور الفن فى مواجهة الإرهاب والتطرف؟

- أرى أن هذا دور مهم جدا ودور الكتاب أن يقدموا أعمالا تخدم هذه القضية وتواجه الفكر المتطرف وأيضا تدعم فكرة المواطنة لأن هذا واجب وطني، وأنا أتمنى أن أشارك فى أى عمل يخدم الوطن ويكون فى صالح الإنسانية.

·         ما الجديد لدى الفنان جميل راتب؟

- استعد حاليا لإخراج فيلم مصرى فرنسي، قمت بكتابة السيناريو والحوار له والإخراج مشترك بينى وبين مخرجة فلسطينية هيام عباس كما أنى أقوم بأداء الدور الرئيسى فى الفيلم، وإلى الآن لم أستقر على الاسم النهائى له.     

الأهالي المصرية في 3 مايو 2006

كتاب "السينما الإسبانية" للناقد محمد عبيدو:

بانوراما تاريخية للسينما الاسبانية منذ 1896 وحتي اليوم

دمشق ـ القدس العربي ـ من أنور بدر:

تعتبر السينما الإسبانية أحد أكثر السينمات الأوروبية تميزا حيث حقق بعض رموزها صيتا عالميا. فالحديث أولا وأخيرا عن سينما القرن العشرين لا بد وان يمر بنماذج من السينما الاسبانية، فلا يمكن أن تحيد عن سينما لويس بونويل المعروف عالمياً وكارلوس ساورا وخوان بارديم والمخرجة ببلار ميرو أو ظاهرة أفلام بيدرو المودوفار مؤخراً، والذي حاز فيلمه كل شيء عن أمي علي أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2001، وأليخاندرو آمينابار الذي حاز الأوسكار عن فيلمه البحر من الداخل ، كما لا يمكن تجاهل ممثلين وممثلات مثل أنتونيو بانديراس وفرناندو جوميز وفيكتوريا أبريل وكارمن ماورا وبينلوبي كروز وخافيير بارديم.

حول السينما الاسبانية صدر مؤخرا بدمشق كتاب للناقد السينمائي السوري محمد عبيدو ويتضمن إضاءة تاريخية لتطورات السينما الاسبانية منذ عام 1896 وحتي اليوم.

فيبدأ من انتاجات السينما الصامتة، ذاكرا أن عدد صالات العرض بلغ عام 1914 مع انفجار الحرب العالمية الأولي في المدن الاسبانية حوالي 900 صالة، واعتبر هذا العدد في ذلك الوقت كبيرا جدا حيث كانت اسبانيا مثل معظم الدول الأوروبية الأخري، تستقبل الأفلام وتعرضها من كل بلدان العالم المنتجة للسينما.

ومع بداية السينما الناطقة، والألوان، وقبل الحربين العالميتين وبعدهما، لاقت السينما في اسبانيا صعودا وهبوطا متكررا موازيا لحالة البلاد السياسية المضطربة في فترة حكم الجنرال فرانكو الشمولية والقمعية جدا.

وقد لعبت السينما الإسبانية دورا مهماً في تحول إسبانيا إلي الديمقراطية ليس فقط بعد وفاة فرانكو 1975 بل في السنوات السابقة لوفاته، وحتي منذ سنوات الحرب الباردة 1945 ـ 1957 ومعها بدأت تتحول سياسة الانغلاق التي اتبعها نظام فرانكو أثناء وبعد الحرب الأهلية 1936 ـ 1939 إلي الانفتاح علي العالم ـ رغم قيود الرقابة والتزمت الداخلي ـ واستفادت السينما الإسبانية من هذا الانفتاح الذي أراد النظام أن يجمل صورته بها أمام العالم، وبدأت حركة سينما جديدة واستفاد النظام نفسه من فوز بعض الأفلام الإسبانية بجوائز في المهرجانات الدولية.

ويفرد محمد عبيدو فصولا خاصة في الكتاب للإطلالة النقدية علي علامات السينما الاسبانية الهامة مثل:

لويس بونويل المخرج السينمائي السريالي الذي عاش عصره بتفرد واسهم في العديد من حركاته الثقافية والفنية والسياسية، ولد في قلندية باسبانيا عام 1900 وتوفي عام 1983، أمضي فترة من شبابه بين 1917 ـ 1925 في مدريد حيث كانت الحركة الأدبية والثقافية والسياسية ناشئة فاجتذبه الجو وحدد له خيارات حياته، وهناك تفتح علي المذاهب السياسية وعايش عن قرب الصراع بين الحكم الديكتاتوري والحركة العمالية والنقابية والفوضوية الآخذة بالنمو، مع ولادة الحزب الشيوعي الاسباني.

ويري المؤلف أن حياة لويس بونويل المضطربة القلقة المتغيرة لعبت دوراً رئيسياً مهماً انعكس علي أفلامه المدهشة.. وأصبحت مرجعاً لا بد من الوقوف أمامه لتفسير الأسئلة الكثيرة والمحمومة التي يطرحها هذا العبقري في أفلامه.. والتي ما زالت، رغم مضي ثمانين عاماً أو يزيد علي ظهورها.. تفتح لكل متفرج طاقة سحرية، وتدخله إلي حديقة مسحورة.. تعجز عن تصويرها أحياناً خيالات ألف ليلة وليلة والديكاميرون والمهاباراتا.. واندفاعات مسرح النو.. أو مسرح العنف والقسوة الذي نادي بها أرتو، هذا الفنان الذي دخل إلي عالم عمالقة السينما الذين لولا وجودهم لما كانت السينما هي السينما .

ثم يدخل الكتاب في عالم كارلوس ساورا أهم مخرجي اسبانيا عبر تاريخها، وأحد أبرز المخرجين الذين استطاعوا الخروج باقتراحات بداعية وثقافية أصيلة، بعيداً عن تأثيرات السينما الهوليوودية. سينما كارلوس ساورا ذات تأثيرات تعبيرية تمتلك فرادتها واستعارتها الخاصة بالمعالجة رغم اتكائها علي ارض من الروح الاسبانية تبدو قديمة، يغلفها ضباب وعتمة وألغاز الحياة والموت، وكل ما يتكيء علي الصراع الذاتي المحاط بالصمت، وعذوبة الموسيقي الاسبانية (الفلامنكو) القادمة من إبداعات الغجر وتطلعاتهم إلي الحرية والانعتاق من قيود وأغلال الواقع، في أفلام تنهض علي ارض صلبة من الاسنادات والمراجع السينمائية ـ في محاكاتها لمتفرج لا يرضي إلا بالفرادة والدهشة ـ لأنماط مختلفة عما اعتادت السينما العالمية أن تقدمه من معالجات سطحية في انتاجات مبهرة فارغة المضمون والشارات، وتفقد الرؤية الخلاقة والإبداع الاستثنائي. انه واحد من الكبار المختلفين عن السائد والخارجين عليه، والساعين لتشكيل ملامح سينمائية خاصة نابعة من خصوصيات بلدانهم.

.. ويحلل الكتاب أفلام بيدرو آلمودوفار المؤلف السينمائي، صاحب اللغة الخاصة في التعبير، والتي اكتسبت سمات خاصة به، و أفلامه المثيرة للجدل مثل: كعوب عالية و زهرة سري و لحم حي و كل شيء عن أمي و تحدث معها و تعليم رديء ويقول لا يكف آلمودوفار عن المشاغبة! ستظل أفلامه تثير الكثير من الجدل لأنها تنطلق بعقل المشاهد وقلبه إلي أفق رحب وأفكار كبيرة يحاول معظم الناس تجاهلها أو غض الطرف عنها. ثم يأتي آلمودوفار مسلحاً بموهبته الكبيرة وخبرته الطويلة في فن صناعة السينما ليشاغب ويجلي الغبار عن الكثير من الأفكار المنسيّة، أو يتطاول ويتجرأ علي كل ما هو مؤسسي وسلطوي وينقد في شدة ولكن بمنتهي الثقافة والخبرة ما لا يجرؤ الكثيرون غيره من كبار الأسماء وأهمها حتي علي الاقتراب منه .

ويقرأ الكتاب سينما أليخاندرو أمينابار الشعرية التي تحاكي الموت وتقارب نبض الحياة عبر أفلام افتح عينيك و الآخرون و البحر من الداخل وفيها يعمد أمينابار إلي تقديم مقاربة للموت تسطع من زاوية الحياة والطبيعة والحياة اليومية.

فرغم المواضيع المعقدة نجح امينابار في إعداد أفلام متألقة ببساطتها المضيئة، يكرم من خلالها الحزم والكرامة والحرية الإنسانية بنفس مأسوي وشاعري، في الوقت عينه يهزنا ويمزقنا من الأعماق.

ويتابع أفلام بينيلوبي كروز الساحرة الاسبانية في هوليوود، وطريقها المليء بالأشواك ونيران الشائعات، حيث استطاعت هذه النجمة الجميلة التي جاءت من اسبانيا أن تقتحمه لتقفز فوق كل أسوار هوليوود وتتربع علي عرش القمة بها.. وتجربة أنطونيو بانديراس ابرز نجوم السينما العامين في الوقت الحالي.

أتي الكتاب في 101 صفحة من القطع الوسط ، وهو السادس لمحمد عبيدو بعد السينما الصهيونية شاشة للتضليل 2004 ، وأربع مجموعات شعرية وقت يشبه الماء 1987 ـ الغياب ظلك الآخر 1992 ـ تمارين العزلة 1999 ـ ارتباكات الغيم 2004 .

القدس العربي في 4 مايو 2006

 

هالة صدقي:

الفن المصرى يفتقد وجود صانعى النجوم 

القاهرة –العرب أونلاين-وكالات: اعتبرت الفنانة هالة صدقى الظروف السينمائية الحالية مناسبة تماما لعودة جيل الفنانين الكبار الذين هجروا السينما إلى الاعمال التليفزيونية هربا من المد الشبابى الكبير الذى شهدته السنوات الماضية وكان سببا مباشرا فى الانتعاشة السينمائية لفترة قصيرة قبل أن تنقلب الامور لاسوأ مما كانت عليه.

وترى الممثلة المصرية أن منتجى السينما تسببوا ربما دون فهم وربما بحثا عن المكسب السريع فيما أسمته "حرق الممثلين الشباب" عن طريق تقديمهم خلال فترة قصيرة فى عشرات الاعمال القاصرة عليهم دون الاهتمام بتنمية قدراتهم ومواهبهم مما أدى إلى انصراف الجمهور عن أعمالهم وحنينه إلى نوعية مختلفة من الاعمال التى تضم أجيالا مختلفة.

وأرجعت هالة صدقى هذه التقلبات إلى ملل جمهور السينما من القوالب الثابتة الذى أدى إلى ظهور موجات متتالية من الافلام المتشابهة مثل أفلام المخدرات والارهاب والكوميديا أو أفلام النجم الاوحد والبطلة القوية وأفلام المقاولات وغيرها من النوعيات التى أفسد بعضها ذوق الجمهور وأدى البعض الاخر إلى ظهور البعض وأختفاء اخرين.

وأضافت هالة صدقى أن زيادة عدد القنوات الفضائية بشكل مطرد وبحث تلك القنوات عن أعمال سينمائية جديدة لعرضها كان السبب المباشر فى إفساد جيل الشباب بعد أن خلق سوقا سينمائية فضائية لا تتيح الفرصة لعرض الافلام فى دور السينما إلا لفترات قصيرة وأحيانا لا تعرض بعض الاعمال تجاريا على الاطلاق بسبب تعاقدات عرضها الفضائى أو توزيعها بأشكال مختلفة سواء فيديو أو على اسطوانات دى فى دي.

وأشارت إلى أن ظاهرة سينما الفضائيات تسببت فى ظهور عشرات الوجوه السينمائية التى يتم تلميعها فجأة من خلال عدة أعمال رديئة تكون محصلتها أن تختفى تلك الوجوه بنفس سرعة ظهورها دون أن تتيح لهم الفرصة لتقديم ما لديهم، مؤكدة أن هؤلاء ضحايا تلك الظاهرة لان بينهم بلا شك عدد من الموهوبين الذين لو أتيحت لهم الفرصة الجيدة والرعاية اللازمة لتحولوا إلى نجوم كبار على حد قولها.

وقالت إن العملية الفنية المصرية تفتقر بشكل كبير إلى وجود مؤسسات متخصصة فى صناعة وإعداد ورعاية النجم والبحث عن المواهب ودعمها للاستمرار وتحقيق النجاح، مشيرة إلى أنها شخصيا لو توفر لها شخص متخصص يتولى أمورها الفنية فى بداياتها لاختلف مشوارها الفنى تماما حيث اعتذرت فى بداياتها عن العديد من الاعمال الجيدة لانها لم تكن تستطيع الحكم على الامور بخبرتها المحدودة وقتها.

وأوضحت أنها بعد سنوات من الخبرة الفنية أصبحت تهتم كثيرا بقيمة العمل بعيدا عن شكلها وأجرها وغيرها من التفاصيل وأن ذلك يضطرها أحيانا لعدم تقديم أعمال جديدة لفترات طويلة قد تمتد عاما أو اكثر دون أن تتعجل العمل لمجرد التواجد لان التمثيل هوايتها التى لا تقبل إهانتها بحثا عن المال أو مجرد الظهور حسب تعبيرها.

وردا على سؤال حول رفض بعض زميلاتها القيام بأدوار الام أوضحت هالة صدقى أنها ترفض تلك الفكرة وتعتبر من يقدمون عليها أشخاصا غير أسوياء لان الفن يعتمد بشكل كبير على الواقعية والجمهور العادى أصبح يعرف جيدا أعمار الفنانين الحقيقية ولا يمكنه أن يتقبل قيام فنانة تجاوزت الاربعين بدور طالبة جامعية أو شابة يطاردها الرجال مهما كانت مبرراتها خاصة إذا كانت مبررات شخصية وليست درامية.

وحول احدث اعمالها الفنية قالت إنها انتهت مؤخرا من تصوير فيلم "ما تيجى نرقص" بطولة يسرا وعزت أبو عوف وإخراج إيناس الدغيدى وتقوم فيه بدور مدربة رقص متخصصة فى مدرسة لتعليم الرقص كما بدأت تصوير مسلسل تليفزيونى جديد بعنوان "أسلحة دمار شامل" تأليف وإخراج عصام الشماع وبطولة توفيق عبد الحميد وإنجى شرف وتقدم فيه دور مقدمة برامج شهيرة فى قناة فضائية.

العرب أنلاين في 4 مايو 2006

 

سينماتك

 

جميل راتب ل «الأهالي»

الفن والسياسة وجهان لعملة واحدة

نجوى إبراهيم

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك