·         الدعوة مفتوحة لجميع الجهات الثقافية للاحتفال بمرور 100سنة علي إنتاج أول فيلم مصري

·         فيلم زيارة الخديو عباس حلمي الثاني للإسكندرية 1907 بداية الإنتاج السينمائي في مصر

·         ضرورة استمرار الاحتفالية طوال العام دون تشابك أو تعارض  

1907 ـ 2007

ذكرت في مقالي السابق الذي نشرته جريدتنا «القاهرة» في عددها الصادر يوم 28 مارس 2006 ص 13 تحت عنوان «ليلي ليس أول فيلم مصري» ما وصلت إليه من خلال بحوثي المتواصلة في توثيق بدايات السينما عندنا في مصر للتأكد بصورة قاطعة من موعد أول عرض سينمائي في القطر المصري أمام جمهور عام مقابل تذاكر مدفوعة الثمن، ومن تاريخ إنتاج وعرض أول فيلم سينمائي مهما كان طوله ونوعه، مع توثيق هذين التاريخين من أكثر من مرجع، وهو ما سبق أن ضمنته في كتابي «تاريخ السينما في مصر» الجزء الأول الذي صدر في أبريل 1989 أي منذ 17 عاما.

وثبت لي أن أول عرض سينمائي في مصر تم في الإسكندرية مساء يوم الخميس 5 نوفمبر 1896في إحدي صالات بورصة طوسون باشا في شارع الباب الجديد.. وأن تاريخ الإنتاج السينمائي في مصر يعود إلي عام 1907 عندما قام محل عزيز ودرويش المصورين المشهورين في مدينة الإسكندرية وصاحبي دار عرض سينمافون عزيز ودرويش في محطة الرمل بتصوير مناظر زيارة الخديو عباس حلمي الثاني للمعهد العلمي في جامع سيدي أبوالعباس سينمائيا وعرض هذا الشريط بدار السينما التابعة لهما في يوليو 1907 وهكذا ذكرت في مقالي السابق أنني أدعو كل الجهات المختصة للاحتفال بمناسبة مرور مائة عام من السينما المصرية خلال العام القادم 2007.

وكنت قد ذكرت أنني اختلفت مع كل من سبقني في مجال تأريخ السينما في مصر وأنني صاحب السبق في توثيق هذين التاريخين المهمين: بدء العروض السينمائية وبدء الإنتاج السينمائي في مصر ولكن بعد أن ظهر كتابي في أبريل 1989 اتضح أن هناك باحثا واحدا كان قد سبقني إلي التحديد الصحيح لأول هذين التاريخين فقط وهو تاريخ بدء العروض السينمائية دون أن أعرف وقتئذ، وهو الناقد السينمائي محمود علي، الذي كان يكتب في مجلة «الإذاعة والتليفزيون» قبل أن يصبح نائبا لرئيس تحريرها بعد ذلك.. إذ نشر في عددها رقم 2227 الصادر في 16 نوفمبر 1977 ما يفيد ذلك وأكرر دون أن أعرف وقتئذ لذا لزم التنويه هنا لإعطاء كل ذي حق حقه. وأعود الآن إلي فكرتي إلي الاحتفال بالعيد المئوي للسينما المصرية 1907 ـ 2007 وضرورة الاهتمام بهذه الفرصة فلا يجب علينا أن نهدر هذه المناسبة العزيزة علينا.. وفي هذا الاحتفال الذي اقترحه فوائد جمة تعود علي السينما المصرية بلا شك منها ما سنجني ثماره في المدي القريب والمدي البعيد علي السواء ومنها ما نحن في حاجة إليه حاليا من دعاية لازمة حتي نحتفظ بمكانتنا بين الدول المحيطة بنا التي بدأت تزيد من إنتاجها السينمائي نسبيا وترفع من مستواه ومنها ما يتيح الفرصة لكي نتباهي بفنانينا وفنيينا الذين قادوا شعلة هذا الفن ومازلوا في جميع مجالاته الروائية والتسجيلية الطويلة منها والقصير وبكل أنواعها وبمؤسساتنا ومنشآتنا المتخصصة وإنتاجنا علي مر السنين كما وكيفا ومهما كلفنا هذا الاحتفال من جهد وأموال فعائدة واضح لا شك فيه ولنقتدي ببعض الدول التي سبقتنا في هذا المجال وسبقتنا بالتالي في الاحتفال بالعيد المئوي لإنتاجها السينمائي وكانت آخرها دولة الصين، مع مراعاة الفارق بطبيعة الحال.

وما سأقدمه فيما يلي مجرد اقتراحات لما أري أن يكون عليه الاحتفال بهذا العيد المئوي والأمر كله من قبل ومن بعد مفتوح للمناقشة ونأمل أن تظهر جهات أخري تنضم إلي الإسهام في النشاط المقترح في حالة الاقتناع بأهمية المناسبة وأحقيتها أو أن تقوم بعض الجهات المقترحة بتفضيل أنشطة أخري.. المهم أن نتكاتف جميعا لتأدية دورنا، وعلي أن نوزع هذه الأنشطة علي مدار العام 2007 دون أي تشابك أو تعارض وأن يكون التنسيق والإتقان أولا هو رائدنا.

أبدأ أولا بوزارة الثقافة في مصر فهي التي تضم أكثر الهيئات التصاقا بهذا الدور. ومنها أبدأ بالأمل في تحقيق الحلم القديم الذي طالما طالبنا بتنفيذه وهو أن يخرج مشروع إنشاء الأرشيف القومي للفيلم إلي حيز الوجود الفعلي، وأن تبدأ عملية الاحتفاظ بنسخ من جميع أفلامنا السينمائية مهما كان طولها أو نوعها مع إجراء ما يلزم من ترميم لحالة الأفلام القديمة ومع الحفاظ علي النسخ السالبة فيما يناسبها من مخازن مجهزة علميا والنسخ الموجبة فيما يناسبها ومع مراعاة الفرق أيضا بين النسخ من الأفلام بالأبيض والأسود ومن الأفلام الملونة فكما نعلم فإن الأفلام الملونة تحتاج إلي زيادة درجة التبريد في المخازن مع تقليل نسبة الرطوبة في جو المخزن.. كما يجب أن نراعي أساليب التخزين السليمة من حيث بقاء علب الأفلام أفقية تضم لفات الشرائط.. مع مراعاة الفحص الدوري لسلامة هذه الشرائط طبيعيا وكيميائيا وتصحيح ما يصيبها من تلف أولا بأول سواء في الصورة أو في الثقوب المحيطة بها وكل ما يتبع هذا من تفاصيل لم تعد خافية علي أحد فالاتحاد الدولي لأرشيفات الفيلم علي أتم استعداد لتقديم كل عون ممكن لأي أرشيف مستجد أو يحتاج لهذا العون.. والأهم من هذا وذاك هو أن يضم الأرشيف متخصصين يتفرغون لتوثيق هذه المقتنيات في سجلات وقوائم هذا الأرشيف.. مع تدوين كل المواصفات الخاصة بكل فيلم علي حدة والبيانات التي تنتمي إليه، مثل أسماء الفنانين وأدوارهم وما إلي ذلك وملخص الفيلم وما تضمه كل بكرة داخل كل علبة.. والبكرة داخل العلبة هي التسمية الصحيحة بدلا من الاصطلاح الخاطئ المتبع حاليا وهو الفصل.. إذ يقال حاليا أن الفيلم يتكون مثلا من ستة فصول، والصحيح أنه من ست بكرات».. هذا إلي جانب باقي ما يقوم به أي أرشيف للفيلم.

كم تكون هذه هدية ممتازة من وزارة الثقافة للسينما المصرية في عيدها المئوي.

الهدية الثانية والجديرة بهذه المناسبة أيضا إقامة متحف دائم للسينما المصرية يضم كل ما يستحق الاحتفاظ به من معدات سينمائية قديمة مثل آلات التصوير والمونتاج وتصميمات المناظر والأزياء ونسخ السيناريوهات والصور الفوتوغرافية وما إلي ذلك.

ـ إما إسهام المركز القومي للسينما في هذا الاحتفال فهو بلا حدود.. ولنبدأ بإدراة المهرجانات التي يمكنها أن تستعد من الآن للاشتراك في أكبر عدد ممكن من مهرجانات السينما في العالم وعلي مدار سنة 2007 كلها، فبدءا من مهرجان جوتنبرج في يناير ومرورا بمهرجانات روتردام.. وفريبورج وسالونيك وتورنتو وكان وكارلوفيفاري ولوكارنو وفينسيا وسان سباستيان وقرطاج.. وليبزج ولندن وتورينو ومانهايم وهافانا وأخيرا براتسلافا في ديسمبر... علي أن نشترك في كل المسابقات بما يناسب كل مهرجان وأن نقترح علي إدارة كل مهرجان إقامة برنامج جانبي للتعريف بالسينما المصرية بمناسبة هذه المئوية... مع الاستعداد لطبع نسخ جديدة من أفلامنا المشاركة وطبع ترجمة علي نفس الشريط باللغة المناسبة وإعداد كتيبات مصورة للتعريف بإنتاجنا السينمائي انتهازا لهذه الفرص القيمة لنشر الدعاية المطلوبة لأفلامنا الطويلة والقصيرة ومع عدم الاكتفاء بإرسال الأفلام والمطبوعات بل يجب إرسال وفد مناسب إلي كل مهرجان يضم عددا من الممثلين والفنيين والنقاد بالتناوب لتنظيم الندوات والرد علي الاستفسارات وعقد الاتفاقيات.

كما يجب أن يكثف المركز القومي للسينما نشاطه خلال العام القادم في خدمة هذه الاحتفالية وأن يقتني نسخا جديدة من الأفلام التي نعتبرها من كلاسيكيات السينما المصرية الطويلة والقصيرة لتكون في خدمة الجمعيات السينمائية المختلفة لتغطية العروض المطلوبة والدراسات الجادة ولتعقب هذه العروض الندوات والمناقشات تمهيدا لكتابة المقالات والبحوث في متابعة أعمال فنان معين أو اتجاه محدد.. ولتكن هذه النسخ في خدمة مركز الثقافة السينمائية وعروضه أيضا التي يلزم أن تتخذ نسقا معينا علي مدار السنة القادمة بصفة خاصة مع الاتفاق مع باحثين جادين لتوجيه هذه العروض الدورية إلي المسار السليم.. وعلي مركز الثقافة السينمائية أن يستوفي أرشيفه من الملفات والتي تنقسم إلي أقسامها الثلاثة عن الأفلام وعن الشخصيات وعن الموضوعات المتنوعة.

وما ينطبق علي مركز الثقافة السينمائية ينطبق من باب أولي علي قصر السينما «من بين قصور الثقافة المتخصصة» الذي يلزم أن يهتم بالإضافة إلي ما سبق إلي استكمال مكتبته التي تضم الكتب والمجلات والدوريات يجب أن تحتوي هذه المكتبة علي نسخة من كل ما صدر ويصدر من مطبوعات السينما، بحيث تكون هي المكتبة الأكثر اكتمالا، وما أسهل استنساخ أي عدد من الكتب التي نفدت من الأسواق ومن الدوريات القديمة التي اختفت.. هل نحلم بأن يتم تخطيط هذه المكتبة لأن تتجه في هذا الاتجاه بمناسبة العيد المئوي للسينما المصرية وتصبح هي المكتبة الوحيدة الشاملة التي تضم أي عنوان كتاب أو مجلة أو جريدة يخطر علي بال أي متردد أو باحث؟ هل لنا أن نحلم بهذا؟ هل نحلم بأن تتم معالجة قاعات العروض السينمائية في هذا القصر المتخصص بحيث يتمكن كل مشاهد في أي منها من مشاهدة الشاشة بأكلمها دون أن يحجب الجالس أمامه نسبة كبيرة من الصورة ومن الترجمة المطبوعة علي نفس الشريط... هذا الأمر ممكن وذلك بتصغير مساحة الشاشة قليلا ورفعها إلي أعلي من تدريج أرضية القاعات بما يضمن سلامة خط الرؤية لكل مشاهد في أي صف من صفوف مقاعد كل قاعة عرض.. هذا علي سبيل المثال، والمجال مفتوح لمن يخلص لهذا القصر وللغرض الأساسي من إنشائه... وفرصة تحقيق الأفكار المفيدة مفتوحة أمام النوايا الخالصة أما باقي قصور الثقافة المنتشرة خلال محافظات الجمهورية فيمكنهاعن طريق إدارة السينما بالهيئة العامة لقصور الثقافة أن تنسق فيما بينها دورات العروض السينمائية والندوات والمحاضرات بما يتفق مع مناسبة العيد المئوي، مع الاستعانة بمحاضرين مشهود لهم بالكفاءة والقدرة علي مخاطبة المترددين علي هذه القصور علي اختلاف درجات اهتماماتهم.

ونصل إلي المعهد العالي للسينما وما يمكن أن يسهم به نرجو أن يوفر لنا كتابا جديدا عن تاريخ المعهد وما مر به من مراحل وتطوير وعلي أن يتضمن هذا الكتاب تعريفا بخريجيه علي مر الأعوام من مختلف الأقسام وبما حققه بعض هؤلاء الخريجين من نجاحات ومن أعمال نعتز بها ونزهو بها علي سائر المعاهد الأخري المتشابهة. كما نرجو من إدارة المعهد أن تنتهز هذه الفرصة لكي تستكمل النسخ المتاحة من جميع الأفلام التي قام بتنفيذها الطلبة خلال سنوات الدراسة وخلال مرحلة التخرج لتكون تحت طلب الدارسين لفحصها والاسترشاد بها.. وأن تخطو إدارة المعهد خطوة جادة نحو استكمال الكتب المؤلفة والمترجمة التي تغطي كل مجالات الدراسة بالمعهد.. لتكون عونا للأساتذة الذين يقومون بالتدريس وللطلبة الذين يتلقون هذه المعلومات والتوجيهات.. كما نأمل في إتاحة المزيد من فرص التدريب العملي للطلبة خلال العام بصفة خاصة والإكثار من فرص عرض نتائج هذا المجهود.

وعلي مركز الإبداع الفني الكائن بأرض الأوبرا أن ينسق برامج عروضه طوال عام 2007 ليكون الجزء الأكبر منها في خدمة التعريف بأهم الإنتاج السينمائي المصري الروائي الطويل والقصير والأفلام التسجيلية وأفلام التحريك.

وأن يبعث الروح في قاعات الفيديوتيك الكائنة بالدور الثاني لتكون في خدمة الباحثين والدارسين كما كان العشم في البداية إلا أن هذا المشروع أصيب بالسكتة القلبية فجأة ولم نعد نسمع أي خبر عنه.. هل يمكن أن يحيا من جديد إكراما للعيد المئوي المقترح؟ وليكون هذا من بين المكاسب التي نتوقعها؟

أما لجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة فيمكنها أن تضمن خطة ندواتها ومؤتمراتها ما يرتبط بهذه الاحتفالية علي مدار العام كما يمكنها أن تقترح ما يلزم نشره من كتب وتقارير وإحصائيات عن السينما المصرية باللغة العربية كما يجب أن تفحص ما يجب أن يترجم من اللغة العربية إلي اللغتين الإنجليزية والفرنسية للتعريف بالسينما المصرية وإنتاجها الممتد وشخصياتها البارزة.. وأهم من هذا وذاك أن تتولي لجنة السينما نيابة عن وزارة الثقافة ربط خيوط الاحتفالية كلها والتنسيق بين أنشطة الهيئات المختلفة حتي تكتمل الاستفادة منها داخليا في القاهرة والإسكندرية وباقي المحافظات وخارجيا في أغلب المهرجانات السينمائية والمحافل الدولية.

ويبقي أمامنا من أجهزة الثقافة التي يمكنها أن تسهم في هذه المناسبة الهيئة المصرية العامة للكتاب إذ يمكنها أن تكلف من بمقدوره أن يقدم تاريخا دقيقا موثقا للسينما المصرية.. منذ بداية أول عرضها في عام 1896 ومنذ أول إنتاجها في عام 1907 حتي الآن.. وأن تعيد طبع الكتب السينمائية المهمة التي قدمتها من قبل والتي نفدت طبعاتها من الأسواق وذلك في شتي فروع المعرفة السينمائية وأن تستكمل إصدار ما تحت يدها من كتب سينمائية جديدة خلال العام وأن تزيد من جهودها في توزيع هذه الكتب والتعريف بها في الداخل والخارج مع إصدار قوائم كاملة لكل ما صدر من كتب سينمائية حتي يتسني للقارئ أن يستكمل ما ينقصه وفق احتياجاته.

ونصل الآن إلي نقابة المهن السينمائية وما يمكنها أن تسهم به وأقترح من جانبي أن تعد كتيبا يتضمن لائحة النقابة وقوانينها وتاريخ إنشائها والمراحل التي مرت بها وتعريفا بنقبائها وأعضاء مجالس إدارتها في تعاقبهم إلي جانب بعض الإحصائيات التي تهم القارئ والخدمات التي تؤديها النقابة لأعضائها حتي وقتنا الحاضر.. كما نتطلع إلي عمل أوسع وهو كتاب يضم قوائم أسماء أعضاء النقابة منذ نشأتها وحتي وقت صدور هذا الكتاب خلال العام القادم 2007، موزعين حسب الشعب المختلفة أسوة بما صدر من أغلب النقابات المهنية الأخري.. وعلي أن تشمل الخطة إصدار ملحق لهذا الكتاب كل خمس سنوات مثلا يضم حصر من يستجد في عضوية شعب النقابة. والأوفي لهذا الكتاب المقترح أن يضم تعريفا بكل عضو في حدود ما يسمح به الحيز من حيث البيانات الخاصة والإنجازات... وعلي نقابة المهن السينمائية أن تسهم أيضا في احتفالات العيد المئوي للسينما المصرية وفق ما يقترحه أعضاؤها وما يتناسب مع دورها في إعلاء هذا الفن وتكريم رواده ودفع عجلة العمل فيه لتستوعب جميع أعضاء النقابة كل في تخصصه والدعاية اللازمة لتوضيح أهمية إنتاجنا السينمائي في حياتنا الثقافية والاجتماعية.. ودوره في الربط بيننا وبين الدول الأخري.

أما غرفة صناعة السينما فيمكنها أن تقدم دليلا بالمثل يتولي التعريف بدورها وتاريخها وتطورها وإنجازاتها وطموحاتها.. والتعريف بشركات الإنتاج السينمائي القائمة حاليا في مصر وكذا شركات التوزيع ومدي ارتباطها بالداخل والخارج ومجالات أنشطتها، حتي يكون هذا الدليل مفخرة لنا نعتز بها بين الدول الأخري يظهر حجم هذه الصناعة وقدر الأموال المتداولة فيها.

ونحن في حاجة أيضا إلي أن تصدر الغرفة كتابا يتضمن حصرا لدور العرض السينمائي الموجودة حاليا والموزعة علي كل مدن الجمهورية مع التعريف بمواصفات كل منها حتي نطمئن علي حقيقة ما يصل إليه عدد الشاشات وقت صدور الكتاب وعدد المقاعد المخصصة أمام كل شاشة وعدد حفلات العروض السينمائية المتاحة أمام الجمهور حتي نحصل علي تقدير عام لما يمكن أن تدره هذه الصناعة من دخل وعدد من يمكن أن يعمل في هذا المجال من المواطنين.

هذا إلي جانب كل ما يمكن أن يقترحه أعضاء غرفة صناعة السينما عندنا بالإضافة إلي ما سبق في سبيل الدعاية والترويج للعمل السينمائي.

وتبقي أمامنا بعد هذا وزارة الإعلام وما يمكن أن تسهم به في أنشطة الاحتفال بالعيد المئوي للسينما المصرية من خلال مصلحة الاستعلامات وأنشطتها المتعددة ومكاتبها المنتشرة في جميع أنحاء العالم، ثم يأتي الدور الأهم والأشمل وهو ما يمكن أن تقدمه وزارة الإعلام من خلال اتحاد الإذاعة والتليفزيون بكل ما يملكه من موجات وقنوات ومن برامج لها معدوها ومقدموها ومخرجوها ومن وراء كل هؤلاء ما هو متوفر في أرشيفات الإذاعة والتليفزيون من شرائط وبرامج ولقاءات تسجل للأفلام وللشخصيات وللمبدعين في كل مجال سينمائي. وفي الجانب الروائي أو التسجيلي ومن جميع الأنواع والأطوال.

ولا يمكننا أن ننسي هنا أيضا دور القنوات المستقلة التي تعمل جنبا إلي جنب مع القنوات الحكومية وعلي مدي الـ 24 ساعة اليومية وما يمكن أن تقدمه جميعها في هذه الاحتفالية.

وإذا اقتنعنا جميعا بأهمية هذا الاحتفال بالعيد المئوي للسينما المصرية وبعائد الدعاية لهذا الفن وهذه الصناعة وفرصة تكريم من لهم دور رائد في هذه المسيرة الممتدة والاعتراف بالفنانين المبدعين من خلال أعمالهم باقية الأثر وتشجيع الأجيال الجديدة من السينمائيين ليحذوا حذو من سبقوهم.. وإذا اقتنعنا بأحقية عام 1907 بهذا الاحتفال فلنضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض ولنبدأ مباشرة للإعداد لهذه المناسبة القومية وللتنسيق بين كل الجهات المعنية سواء ما ذكرته منها في مقالي هذا وما يكون قد فاتني ذكره عن دون قصد إلي جانب كل من يريد أن يشارك من الجمعيات الأهلية أو الأفراد.. واقترح أن تتولي لجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة مهمة التنسيق بين هذه الجهود المأمولة، حتي تتحقق لهذه الاحتفالية ما تستحقه من توفيق ونجاح ونجني من ورائها خيرا كثيرا بإذن الله.

جريدة القاهرة في 25 أبريل 2006

 

سيناريو فيلم ' كازبلانكا ' يتفوق بعد 64 عاما من إنتاجه

إنغريد بيرغمان وهمفري بوغارت في لقطة من فيلم 'كازابلانكا'

جاسم المطير  

لا شك في أن الأجيال السابقة من مشاهدي السينما لديهم الوعي الحاد كي يتذكروا فيلما سينمائيا أميركيا اسمه 'كازابلانكا'، وهو من أفلام الحرب العالمية الثانية، ومن الأفلام الجميلة التي يلعب بها كاتب السيناريو على أوتار الحب والواجب والحرب والسلام والسفالة والحزن والفرح والجاسوسية والخيانة والإخلاص، ثم يلقي بالأبطال والمشاهدين في ضباب نهايات مفتوحة على أفق حزين تختلط فيه المشاعر، وتنبع من قلب الأحداث المظلمة وردة صداقة لتعزي عاشقا أضاع قلبه في باريس، ونظرة حب قاومت كل أعاصير النسيان، وظلت تشع كنجمة صارت بعيدة المنال بإرادة عاشق وضع 'الواجب' قبل 'الحب' ليصبح بطلا وتتحول قصة حبه إلى أسطورة رومانسية حالمة، عاشت في أذهان المشاهدين القدامى، وتحيا اليوم من جديد لتنال تخما جديدا من تخوم التقدير الفني الحديث وفقا لقيم الحداثة السينمائية. لم ينجح فيلم 'كازابلانكا' بالرومانسية وحدها، فهذا الفيلم الذي صار أسطورة سينمائية، مضى على إنتاجه 64 عاما، فيه الجمع الواقعي لحالات من نذالة وعنف ودم، وأجواء مريبة يتجاور فيها الرومانسيون والمهربون والأنذال في حانة منسية خلف كل واحد من زبائنها قصة.

في هذا الفيلم طغت الرومانسية لأنه لا يوجد أحلى من الحب في زمن الحرب.. وفي الأزمان كلها.

يقول بوغارت لصديقته بيرغمان ذات العينين الشاسعتين اللتين يختلط فيهما الأزرق بالأخضر بالعسلي: رأيتك آخر مرة حين سقطت باريس، النازيون كانوا يلبسون الرمادي وأنت كنت بالأزرق.

وحين يعمل على تهريبها مع زوجها التشيكي من المدينة المغربية تقول له وهي المتزوجة: كيف سأعيش من دونك؟

فيرد: دائما سوف تظل باريس معنا.

يقول بعض دارسي هذا الفيلم إن السيناريو تضمن صنوف البلاغة السينمائية والمشاهد الحارة التي تجمد، مثلا، زمن بطل الفيلم عند قبلة ونظرة من حبيبته، فيهرب مع حزنه إلى أقصى الأرض، لكنه عرف طريقها إليه بقلبها، واقتحمت عزلته وحانته من دون استئذان، وهي تتأبط ذراع زوج آخر.

لعل أجمل لقطات ذلك الفيلم الحميم المشهد الذي يعزف فيه المغني سام أغنية:You must Remember This، فيهجم عليه ريك غاضبا مؤنبا، لأنه حذره أكثر من مرة ألا يغني أغنيتهما المشتركة كي لا ينكأ جراح الزمان الذي قهره الحب.

يتخلص المغني المسكين من الحرج بإشارة صامتة تؤكد أن التي سببت الجراح ومضت، عادت واختارت أن ترتاح من بين عشرات الملايين من حانات العالم في حانته.

بداية أشير انه ليس 'التاريخ' وحده أعاد هذا الفيلم القديم، الإنساني الرائع، إلى واجهة العناوين السينمائية في الوقت الحاضر، بل تضافرت عدة عوامل منها ان الكتاب الأميركيين الذين منحوه اللقب الجديد (أفضل سيناريو في تاريخ السينما الأميركية) وجدوا فيه فاعلية الحركة، وتكييف المنطق، وتوجيه الخيال، وتحديد السلوك، وكل هذه الصفات هي من أرقى معارف فن كتابة السيناريو.

بين عامي 1942 و2006 أربع وستون سنة ظل فيها فيلم 'كازبلانكا' موضع الترصد أثناء عرضه بالمناسبات وفي مراكز الأبحاث السينمائية، وحتى أثناء وجوده على أرفف الأرشيف، وها هو يبعث من جديد ليكون في واجهة حوار ومتابعة ليحتل مرتبة عليا من حيث السيناريو، إذ حصل في أوائل هذا الشهر على لقب أميركي رفيع، هو لقب 'أفضل سيناريو سينمائي في تاريخ السينما الأميركية'.

هذا اللقب بهذا المستوى له معان سينمائية عديدة:

أولها أن كاتب السيناريو امتلك معرفة سينمائية فنية أعربت عن نفسها، ليس في مرحلة إنتاج الفيلم، بل في مرحلة متقدمة في تاريخ السينما الأميركية التي بلغتها في الألفية الثالثة.

ثانيها أن الفيلم اثبت جدارة السيناريو المنتج في ظروف عسيرة شاقة بسبب اشتعال أوار الحرب في القارة الأوروبية التي تعتبر بالنسبة إلى السينما الأميركية سوقا كبرى في مجال تجارة السينما.

ثالثها أن فيلم 'كازبلانكا' كان ذا حظ حسن بشكل فائق، وقد شاء له الحظ ألا ينساه فنيو السينما الأميركية ولا مؤرخوها ولا منظماتها ولا كتابها.

لهذه الأسباب بادرت رابطة الكتاب الأميركيين (1400 كاتب) إلى إغداق لقب أفضل سيناريو في التاريخ السينمائي الأميركي. فقد اختارت رابطة الكتاب الأميركيين فيلم 'كازابلانكا' الذي تدور أحداثه أثناء الحرب العالمية الثانية لمنحه هذا اللقب الفريد.

أنتج الفيلم عام 1942 ولعب بطولته همفري بوغارت وإنغريد بيرغمان، وكتبه جوليوس وفيليب إبستاين. اختارت نقابة الكتاب الأميركيين سيناريو فيلم كازابلانكا كأفضل سيناريو من بين 101 فيلم تعتبر من أفضل الأفلام. وجاء في المرتبة الثانية فيلم 'العراب' (الجزء الأول) يليه 'تشاينا تاون' ثم 'المواطن كي'، يليه 'كل شيء عن حواء'. وجاء في المركز السادس فيلم 'آني هول' لوودي ألين يعقبه 'صان ست بوليفارد' و'الشبكة'. وجاء فيلما 'البعض يفضلونها ساخنة' و'العراب' (الجزء الثاني) في المركزين التاسع والعاشر.

كتب سيناريو الفيلم وقام ببطولته الممثل همفري بوغارت وأنغريد بيرغمان، وهوارد كوتش والأخوان جوليوس وفيليب إبستاين.

القبس الكويتية في 25 أبريل 2006

ناظر مدرسة الكوميديا الراقية

«مدبولي».. شيخ المضحكاتية

د. عمرو دوارة  

هو شيخ المضحكاتية بلا منازع، وأستاذ الكوميديا في النصف الثاني بالقرن العشرين بلا منافس، وهو كممثل ومخرج مسرحي يعتبر من أهم نجوم الكوميديا القادرين علي إثارة البسمات وتفجير الضحكات وما أشقها من مهمة في عصر تزايدت فيه الهموم وتفاقمت فيه المشاكل الحياتية.

كتب عنه الساخر الكبير محمود السعدني في كتابه المهم «المضحكون» (سلسلة الكتاب الذهبي ـ روزاليوسف ـ مايو 1971):

«سر عظمة «مدبولي» المضحك أنه المضحك المصري الوحيد بين كل المضحكين، أنه عصير من الضحك في حواري القاهرة وعلي مصاطب الفلاحين، وهو مزيج من البلياتشو وأراجوز السامر ومهرج السيرك.. إنه شابلن مصري ولكنه بلا قضية وبلا رايه، وهو لا ينطلق من هدف ولا يتجه إلي هدف وليس له من هدف إلا أنه يضحك الناس ويضحك عليهم.

والمتتبع لمسيرة فن الكوميديا المصرية يمكنه أن يرصد بسهولة جهود وإبداعات كل من قطبي الكوميديا في النصف الأول من القرن العشرين، وهما نجيب الريحاني وعلي الكسار، ومن المعروف أن الأول قد نجح في تكوين ثنائي مع الكاتب والشاعر بديع خيري، في حين قدم الثاني أعمالا كثيرة مع المؤلف أمين صدقي، وإن اعتمد في أغلب أعماله علي الارتجال، وبعد هذين العملاقين يجيء إسماعيل يس ليتربع علي عرش الكوميديا في بداية الخمسينيات وليتبوأ «مدبولي» كممثل ومخرج هذا العرش منذ بداية الستينيات مع سيد بدير والسيد راضي ومحمود السباع وكمال يس كمخرجين، ومع فؤاد المهندس وأمين الهنيدي ومحمد عوض وأبو لمعة وبيچو وحسن مصطفي، ومن بعدهم الثلاثي وعادل إمام كممثلين.

ويمكن من خلال الرصد الدقيق لأعمال الفنان القدير عبدالمنعم مدبولي أن ندرجها ونصنفها كامتداد طبيعي لأعمال علي الكسار، فهو يمتلك هذه القدرة علي الارتجال والإضحاك بكل الوسائل، كما يمكن وصف كل منهما بالحرص الشديد وعدم القدرة علي المغامرة. فكل منهما خواف يخشي أن يفرض فكره وفنه علي الناس ولذلك نجد «مدبولي» يعمل علي إخفاء ثقافته ودراسته ويفضل أن يقوم بتلبية رغبات العامة، ولذلك يقع أحيانا في خطأ تكرار نفسه ضمانا لتحقيق النجاح، علي الرغم أنه أستاذ الكوميديا وأعظم فناني الإضحاك، ولكنه لا يغامر مغامرات الفنان الذي يبحث دائما عن تقديم الجديد كفكر أو أسلوب ومنهج، وذلك سواء كان مخرجا أو منتجا، ولكنه يمكنه فقط المغامرة كممثل باختياره لتلك الأدوار المتنوعة واقتحامه عالم التراجيديا وتقديم الأدوار الإنسانية والتي بدأ حياته الفنية بتقديمها.

لقد بدأ عبدالمنعم مدبولي (وهو مواليد ديسمبر 1921) حياته الفنية، وهو لم يتجاوز العشرين، وذلك بعد حصوله علي دبلوم مدرسة الصناعات الزخرفية في الأربعينيات، وذلك عندما انضم إلي فرقة جورج أبيض عام 1941، ثم إلي فرقة فاطمة رشدي عام 1944، ولإيمانه بأهمية الدراسة انضم إلي المعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج فيه عام 1949، وكان يعمل أثناء دراسته بورش كلية الفنون التطبيقية، وبعد تخرجه انضم إلي فرقة المسرح الحديث التي أسسها زكي طليمات عام 1950، ولكنه لم يحقق ذاته لذلك فقد شارك مع زملائه من خريجي المعهد (سعد أردش، زكريا سليمان، حسين جمعة، علي الغندور، توفيق الدقن، صلاح منصور، وآخرين) في تأسيس فرقة المسرح الحر عام 1952، وشارك في بطولة مسرحيات: «زقاق المدق» و«بين القصرين» و«الناس اللي تحت» و«المغماطيس»، كما أخرج للفرقة بعض المسرحيات من بينها حسبة برمة: «الأرض الثائرة» و«الرضا السامي» و«خايف اتجوز» و«مراتي نمرة 11».

ومع بداية الخمسينيات تألق عبدالمنعم مدبولي مع رفاقه محمد أحمد المصري «أبو لمعة» وفؤاد راتب «الخواجة بيچو» ومحمد يوسف وأمين الهنيدي وفؤاد المهندس وخيرية أحمد ومحمد فرحات «د. شديد» في برنامج «ساعة لقلبك»، والذي شارك فيه «مدبولي» بالتمثيل والإعداد أحيانا.

وكان من الطبيعي أن يستغل هذا النجاح الذي حققه البرنامج في تأسيس فرقة مسرحية اختير نفس الاسم لها وشارك «مدبولي» في عروضها بالتمثيل والإخراج.

ومع تلك الانطلاقة القوية لمسارح التليفزيون انضم «مدبولي» إلي فرقة المسرح الكوميدي ليقدم العديد من المسرحيات الخالدة في ذكري الجمهور ومن أهمها: «السكرتير الفني»، «أنا وهو وهي»، «جلفدان هانم»، «أصل وصورة»، «المفتي العام»، «جوزين وفرد»، «نمرة 2 يكسب»، «ممنوع الستات»، وذلك منذ عام 1962، كما قدم بعض المسرحيات بالمسرح الحديث وبالمسرح العالمي ومسرح الجيب، ومن أهمها: «الضفادع» لـ «أرستوفانيس»، «الزوج الحائر» لـ «موليير»، ومع انهيار مسارح التليفزيون ونقل تبعيتها إلي قطاع المسرح بوزارة الثقافة كانت المحطة التالية لـ «مدبولي» هي المشاركة في تأسيس فرقة الفنانين المتحدين مع سمير خفاجي ويوسف عوف ومحمد دوارة وفؤاد المهندس والهنيدي وخيرية أحمد وشويكار وبهجت قمر، وقدم من خلالها: «العيال الطيبين»، «الزوج العاشر»، «هاللوا شلبي»، «البيجاما الحمراء»، وبعد توقف لسنوات وابتعاده عنها عاد إليها في أوائل الثمانينيات ليقدم «ريا وسكينة».

ولم تقتصر جهود «مدبولي» علي التمثيل فقط بل شارك كثيرا بإخراج العروض الكوميدية حتي ولم يشارك بالتمثيل فيها، ومن بينها علي سبيل المثال تلك العروض التي قام بإخراجها لفرقة أمين الهنيدي، ومن بينها: «سبع ولا ضبع» و«أجمل لقاء في العالم». ومع فرقة الريحاني كان لـ «مدبولي» مشاركات أيضا لعل من أهمها: «أولاد علي بمبة» و«الملاك الأزرق».

وبعيدا عن باقي مشاركاته بالقطاع الخاص مثل فرقة سمير عبدالعظيم التي قدم من خلالها: «تصبح علي خير يا حبة عيني»، وفرقة النهار «محمد نوح» التي قدم لها: «سوق الحلاوة»، وفرقة مسرح الفن لـ «جلال الشرقاوي» التي قدم من خلالها «باحبك يا مجرم»، وفرقة ثلاثي أضواء المسرح التي أخرج لها عام 1995 «نشنت يا ناصح»، تبقي أهم محطات «مدبولي» بالقطاع الخاص وهي تأسيسه للفرقة التي تحمل اسمه، وذلك خلال الفترة من 1975 إلي 1980 والتي اتخذت من مسرح الجلاء مقرا لها، وقدم من خلالها: «راجل مفيش منه»، «حمار ماشالش حاجة»، «يا مالك قلبي بالمعروف»، «مولود في الوقت الضائع»، «مع خالص تحياتي شكرا».

هذا ولم يبتعد «مدبولي» عن مسارح القطاع العام، خاصة في السنوات الأخيرة، فقدم لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية: «السنيورة» و«الثلاث ورقات»، وللمسرح القومي «سالومي 2»، وللمسرح الحديث «الجنزير» و«وسط البلد».

والحديث عن جهود «مدبولي» هذا الفنان الكبير يجب ألا يشغلنا عن ذكر مساهماته المتعددة في مختلف القنوات الفنية الأخري، ومن بينها الإذاعة والتي شارك في تقديم أعمالها منذ أواخر الأربعينيات عندما كتب تمثيليات فكاهية للأطفال وشارك في تمثيلها ومرورا بـ «ساعة لقلبك»، ثم مشاركاته في العديد من المسلسلات والسهرات الإذاعية.

وأيضا مشاركاته التليفزيونية المتعددة ومن بينها: فوازير «جدو عبده»، ومسلسلات: «أيام المرح»، «أبنائي الأعزاء شكرا»، «كسبنا القضية»، «الزواج علي طريقتي»، «شيء من الخوف»، «السجين 88»، «لعبة الفنجري»، «أهلا جدو العزيز»، «روض الفرج».

ويبقي للسينما فضل كبير في تقديم الوجه الآخر لـ «مدبولي»، وجه الممثل التراجيدي الذي يستطيع أن يقدم الأدوار الإنسانية بصدق وحساسية عالية لا تقنع المشاهدين فقط، بل وتجعلهم يتعاطفون معه، ولعل أهم أدواره في هذا الصدد فيلم «مولد يا دنيا» (من إخراج حسين كمال عام 1975)، وإن كان هذا لا ينفي وجود عدد آخر من الأفلام المتميزة التي شارك في تقديمها وأهمها «الحفيد» (لـ «عاطف سالم» 1974)، «إحنا بتوع الأتوبيس» (لـ «حسين كمال» 1979)، «العاشقان» (2001)، و«المرأة والساطور» (لـ «سعيد مرزوق» 1997)، وأيضا «حب في الزنزانة» (لـ «سمير سيف» 1983)، وذلك بخلاف الأفلام الكوميدية التي قدمها كثيرا ووصل عددها إلي حوالي (50) فيلما، ومن بينها: «شقة الطلبة»، «ابن الحتة»، «اشجع رجل في العالم»، «حواء والقرد»، «مطاردة غرامية»، «عالم مضحك جدا»، «غرام في الكرنك»، وقد بدأت مشاركاته السينمائية منذ عام 1958 بفيلم «أيامي السعيدة»، ثم كان الفيلم الثاني «ها يجننوني» مع فطين عبدالوهاب عام 1960.

أطال الله عمر الفنان القدير عبدالمنعم مدبولي ومتعه بالصحة حتي يسعدنا كعادته بأعماله الكوميدية، ويكفيه فخرا أنه بموهبته وجهده وخبرته استطاع أن يكون أحد العلامات البارزة في مجال الكوميديا، كما أصبح صاحب ومؤسس لمدرسة «ال«مدبولي»زم»، التي تعتمد علي التكرار للكلمات بنغمات مختلفة، وعلي سوء التفاهم، وكذلك علي الحركة السريعة بجميع عضلات الجسم.

جريدة القاهرة في 25 أبريل 2006

 

وقفة مع مهرجان جمعية الفيلم

التجاهل الثاني لأفضل فيلم بشهادة النقاد

أحمد عيد وهشام عبدالحميد ولبلبة ضحايا لجنة التحكيم

د. وليد يوسف

اعتدت منذ عدة دورات أن أقدم تحليلا لجوائز مهرجان جمعية الفيلم السنوي وكنت لا أتردد في أن أبدي انتقاداتي للجوائز علي الرغم من كوني عضوا بمجلس إدارة الجمعية وعضوا دائما بلجنة مهرجانها منذ عدة سنوات وبدا الأمر لي صعبا وأنا أتسلم قائمة جوائز المهرجان لهذا العام بصفتي مديره المسئول عن إعلان جوائزه.. ولكني أجد من واجبي كناقد وكأحد مسئولي المهرجان والجمعية أن أكتب انتقاداتي حبا لهذا المهرجان وحرصا علي استمراره.

كانت المنافسة في المهرجان منحصرة بين ثمانية أفلام تم اختيارها من بين ثلاثين فيلما عرضت خلال العام الماضي بناء علي استفتاء لأعضاء جمعية الفيلم والنقاد والسينمائيين.

وبداية كان اختيار ثمانية أفلام في ظل حالة التراجع وتدني المستوي الفني العام للفيلم المصري، يفرض أكثر من علامة استفهام وعلاوة علي هذا تم انضمام فيلمين آخرين للتنافس في الفروع المتميزة فهل يعني هذا أن ثلث إنتاج السينما المصرية من الأفلام علي مستوي جدير بالمنافسة علي جوائز أعرق مهرجانات السينما المصرية؟

بالطبع لجنة التحكيم ليست مسئولة عن هذه الاختيارات ولكن هذا الإفراط الشديد في الأفلام المشاركة أعقبه إفراط أشد في كم الجوائز التي منحها المهرجان ومعظمها جوائز غير أساسية تتضمنها اللائحة لمنحها عند الضرورة وعلي الرغم من كل هذا الزخم في الجوائز الإضافية تقرر اللجنة حجب جائزتي الماكياج والملابس وهي جوائز أساسية كما لو كان هذان الفرعان هما سبب التراجع الذي نشهده في مستوي الفيلم المصري، كما تحجم اللجنة عن منح أي جوائز خاصة في مجالات متميزة بالفعل كانت جديرة بالإشارة والإشادة ومنها الأداء التمثيلي المتقدم جدا اعتمادا علي التعبير بالوجه والحركة لهشام عبدالحميد في شخصية الصعيدي الصموت الباحث عن الثأر بصبر ودأب في «خريف آدم» كذلك أهملت اللجنة الأداء المتميز والأسلوب الراقي للبلبة في فيلم «فرحان ملازم آدم» في التعبير عن شخصية امرأة في حالة جوع عاطفي تجد نفسها في مواجهة موقف درامي غير عادي عندما تعلم أن ابنتها أحبت الرجل الذي عشقته هي.

في مقابل هذا حصل عادل إمام علي جائزة ممثل الدور الأول ولا شك أنه يستحقها عن مسيرته الفنية الحافلة بالأدوار الرائعة ولكنه لا يستحقها علي الإطلاق عن فيلم «السفارة في العمارة» الذي قدمه بأداء نمطي وبشخصية متناقضة للعجوز المتصابي المولع بالنساء والقادر علي اجتذاب الجميلات بطريقة أصبحت صورة بالكربون ـ مع قليل من الرتوش ـ كررها في فيلميه السابقين «التجربة الدانماركية» و«عريس من جهة أمنية» ويصعب جدا علي أي مشاهد أن يميز بين وزير الرياضة الذي يسعي لأن يكون القدوة لأولاده وهو يقاوم جاذبية نيكول سابا في «التجربة الدانماركية» وبين تاجر الآثار الغيور علي ابنته في «عريس من جهة أمنية» وبين المهندس التافه الذي يفسد نزواته وجود سفارة إسرائيل في نفس عمارته في فيلم «السفارة في العمارة» الذي حصل إضافة إلي جائزة الممثل الأول علي جائزة العمل الأول إخراج لعمرو عرفة وأول تصوير لوائل درويش و القصة المؤلفة خصيصا للسينما ليوسف معاطي كما حصل سامر الجمال علي جائزة أحسن ديكور ولطفي لبيب علي أحسن ممثل للدور الثاني والذي استحقها عن جدارة لشجاعته في قبول تمثيل شخصية السفير الإسرائيلي ثم أدائه الفائق الروعة دون أي مسحة كاريكاتورية ولكن بوعي شديد بالموقف وبالشخصية ولكن تبقي أيضا أكثر من علامة استفهام حول كم الجوائز التي حصل عليها هذا الفيلم الذي طغت علي أحداثه اسكتشات عادل إمام بعلاقاته النسائية المكررة في أفلامه الأخيرة وكذلك سخريته الممجوجة من مختلف التيارات الوطنية ليقدم شخصياتها بأسلوب كوميديا العاهات المضمون النجاح في السينما المصرية.

أما بنات وسط البلد فقد حصل علي الجوائز الأهم: أحسن إخراج وسيناريو وتمثيل دور أول نساء ولهذا كان من المنطقي أن تمنحه لجنة التحكيم جائزة أحسن فيلم وقد سبق أن كتبت مشيدا بالفيلم الذي يتميز بلغة سينمائية عالية معبرا عن علاقة صداقة بين فتاتين ترتبطان من خلال رحلة المترو اليومية من حلوان إلي وسط المدينة.. ولكن هل يجوز أن يتم تجاهل فيلم كبير يشكل حدثا في تاريخ السينما العربية لصالح فيلم بسيط في فكرته وموضوعه مهما كانت بلاغته.

أيضا حصل فيلم «ملاكي إسكندرية» علي ثلاث جوائز مهمة وهي أحسن مونتاج لمني ربيع وأحسن تصوير لنزار شاكر وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للمخرجة ساندرا. ومن الواضح أن لجنة التحكيم احتفت بالفيلم لجودته التقنية.. لكن هل كانت التقنيات المتقدمة موظفة دراميا؟ وهل كان للفيلم بناء درامي متماسك أو حتي مهترئ حتي يمكن لمدير التصوير أن يفكر عن كيفية التوظيف الخلاق لعناصر الإضاءة لتحقيق تعبير ما. وهل كانت المونتيرة تري أن هناك انتقالات أو قطعات قد تحقق تأثيرا ما لخدمة الشخصية أو الموضوع حتي ولو بمنطق الفيلم البوليسي البسيط.

أري أن جوائز هذا العام هي الأسوأ منذ بدايات متابعتي لها منذ أكثر من عشرين سنة وأري أن لجنة مهرجان جمعية الفيلم وأنا بالطبع عضو بها مسئولة عن كثير من أخطائها لكثرة الأفلام المشاركة ولعدم توضيح الفارق بين الجوائز الأساسية والإضافية للأعضاء فمن الواضح أن المسائل لم تكن واضحة للجنة يرأسها المخرج الكبير علي بدرخان وتضم بين أعضائها عددا من كبار النقاد والفنانين.. ولكن يبقي في النهاية تساءل بلا إجابة عن فيلم مهم قيمة وأهمية «ليلة سقوط بغداد» يحصل علي جائزة جمعية النقاد الوحيدة لأفضل فيلم مصري لعام 2005 ثم يحرم من أهم جوائز مهرجان جمعية الفيلم كما سبق أن حرم كل جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

جريدة القاهرة في 25 أبريل 2006

 

سينماتك

 

العيد المئوي للسينما المصرية

شيخ مؤرخي السينما المصرية أحمد الحضري يتساءل: لماذا لا يكون 2007 عاما للسينما المصرية؟

أحمد الحضري

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك