لمعت شارليز ثيرون في منتصف التسعينات بسبب فيلم «شريك الشيطان» المبني حول حبكة جهنمية مخيفة مثلما يدل عليه عنوانه، وتقاسمت بطولته مع آل باتشينو مؤدية بعض المواقف الجريئة القوية، ما جعلها تحوز لقب منافسة شارون ستون على عرش الإغراء الهوليوودي. لكن سمعة شارليز لم تصل أبداً إلى الدرجة نفسها التي بلغتها شارون من ناحية الإثارة السينمائية، فهي لم ترغب في ذلك وفعلت كل ما في وسعها لتغيير مسيرتها السينمائية ونجحت في ذلك فظهرت في أفلام متنوعة لا تعتمد على اللقطات الساخنة. فهي مثلت في «أسطورة باغر فانس» إلى جوار ويل سميث من إخراج روبرت ريدفورد، ثم في «الشهرة» للسينمائي وودي آلن حيث شاركت كينيث براناه البطولة، و «قواعد بيت سايدر» مع توبي ماغواير الذي اشتهر في ما بعد بفضل «سوبرمان» بجزءيه الأول والثاني، ثم تقاسمت شارليز البطولة مع مارك والبرغ ودونالد ساثرلاند في فيلم «السطو الإيطالي» الذي روى حكاية عصابة من اللصوص تسطو على خزنة ضخمة في مدينة البندقية استناداً إلى طريقة ذكية وشيطانية من دون الحاجة إلى استخدام العنف أو الأسلحة وبمساعدة فتاة جميلة تعمل خبيرة في فتح الخزائن الصعبة.

من يشاهد ثيرون فوق الشاشة يتأكد من قدرتها التمثيلية الفائقة التي تجعلها تتأرجح بين أدوار الفكاهة والرومانسية والحركة والخير والشر بسلاسة كبيرة وإلى درجة أن جاذبيتها الفذة تحال بلا صعوبة إلى المرتبة الثانية في الوقت الذي تظل هذه النقطة رأس مال العدد الأكبر من الممثلات الشابات وغالباً على حساب موهبتهن التي لا تهم أهل المهنة إلا بطريقة ثانوية. وأكبر دليل على ذلك فوز الفنانة بجائزة «الأوسكار» كأفضل ممثلة قبل عامين عن دورها في فيلم «مونستر» (وحش) حيث أدت شخصية إمرأة مجرمة اغتالت بضعة رجال قبل أن يحكم عليها القضاء بالإعدام. والفيلم مستوحى من أحداث حقيقية دارت في الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية، ومن أجل دورها وافقت ثيرون على أن تتنكر في شكل إمرأة بشعة، ما استغرق ساعات طويلة من الماكياج كل صباح قبل بدء التصوير، لكن التضحية، وإن كانت قاسية، حصدت جائزة في نهاية المطاف. والطريف أن ثيرون هي التي أنتجت الفيلم وبالتالي منحت نفسها هذا الدور الصعب الذي ألغى جاذبيتها الطبيعية كلياً فوق الشاشة.

وتتمتع شارليز الثلاثينية بذكاء حاد وإلا لما كانت غادرت مسقط رأسها الصغير «بينوني» في جنوب أفريقيا وهي بعد في السادسة عشرة لتعمل عارضة أزياء، فطولها الفارع البالغ 180 سنتيمتراً فتح أمامها أبواب الموضة واسعة، في لوس أنجليس، وتواصل في الوقت نفسه تعلم الرقص الكلاسيكي الذي بدأته منذ طفولتها ثم لتتجه بسرعة نحو التمثيل فور إصابتها بكسر في قدمها أدى الى منعها التام من ممارسة الرقص ثانية طوال حياتها.

وتظل هناك نقطة غامضة في شباب شارليز، إذ من المعروف عنها مشاهدتها أمها وهي تطلق الرصاص على زوجها على أثر مشاجرة عنيفة كادت أن تنتهي بموت الأم وربما شارليز نفسها على يد الرجل (وهو ليس والد شارليز بل زوج أمها الثاني) الذي كان يتصرف تحت تأثير الكحول والمخدرات. ورددت بعض الإشاعات أن المراهقة هي التي أطلقت النار لتنقذ نفسها وأمها، إلا أن هذه الرواية غير مدونة في المحضر الرسمي. ومهما كان الأمر، فإن شارليز تحمل في عقلها الباطن صدمة كبيرة بسبب هذه الحادثة المروعة، وربما أن شجاعتها وقوة شخصيتها وحتى أسلوبها شبه الجاف في تعاملها مع الآخر، كلها عناصر قد تكون ناتجة من جرح عميق في وجدانها قد لا تشفى منه مدى الحياة.

في باريس حيث قدمت ثيرون للترويج لفيلمها الجديد «نورث كاونتري» (المنطقة الشمالية) الذي تلعب فيه دور امرأة تعمل في منجم، ثم لتحضر عرض أزياء «ديور» لكونها سفيرة رسمية لعطر «جادور» التابع للدار نفسها، إلتقتها «الحياة» في هذا الحديث.

·     مثلتِ في أفلام صغيرة قبل أن ينتشر إسمك وصيتك عالمياً بفضل فيلم «شريك الشيطان». فكيف عشت نجوميتك الفورية عقب هذا الفيلم، علماً انك كنت ممثلة محترفة وصاحبة خبرة قبل ذلك؟

- مثلت فعلاً في المسرح والسينما قبل أن أشتهر بسنوات عدة، والمسألة تتعلق دائماً بالحظ والصدفة. فالأفلام التي مثلت فيها قبل «شريك الشيطان» لم تعرف الرواج العالمي، مما لا يعني أبداً انها رديئة، بل أستطيع التأكيد أن بعضها يتعدى «شريك الشيطان» من ناحية النوعية، وعلى العموم حتى إذا كانت في نظر بعضهم دون المستوى فهي سمحت لي بتعلم مهنتي وبالتالي لا أنكر فضلها علي. لكن الحكاية مثلما ذكرت للتو ترتبط بالحظ، فإذا نجح الفيلم على المستوى، العريض انتشر إسم بطلته أو بطله بسرعة البرق وهذا ما حدث معي.

لقد عشت نجوميتي في الأساس بفرح شديد وتخيلت نفسي ملكة فوق عرش السينما ثم نزلت من فوق سحابتي لأكتشف أن الحياة ليست أسهل بفضل الشهرة وأن الحفاظ على النجاح أصعب من الوصول إليه.

فتاة في الغربة

·         ما هي الصعوبات التي تعرضت لها إذاً؟

- التنويع في الأدوار من أصعب ما يتعرض له الفنان، خصوصاً الفنانة، وأنا نجحت في فيلم تضمن بعض المواقف الساخنة، وبالتالي تلقيت من بعده مجموعة من العروض المشابهة، وبدا أن من المستحيل بالنسبة إلي أن أكسر هذا الإطار المبني حولي وأن أظهر في أفلام من نوع آخر. وإثر ذلك بقيت فترة بلا عمل حتى أزيل الصورة المكونة عني في الأذهان وأبدلها بأخرى جديدة، وصدقني إذا قلت لك إني عانيت من قلة العمل وأنه كان من الصعب علي التنازل عن الأدوار والمبالغ المالية المعروضة عليّ لمجرد تحقيق أمنيتي في التنويع من دون أي ضمان مسبق بالنجاح في تنفيذ خطتي. وعدت إلى العمل في حقل الموضة لأكسب لقمتي على رغم كوني لا أميل اطلاقاً إلى عرض الأزياء الذي أعتبره من أسخف المهن وأقلها إثارة، لكنني فضلت هذا الشيء في انتظار فرص سينمائية جديدة ومختلفة بدلاً من خلافة شارون ستون على عرش الإغراء، مع احترامي الشديد لها ولموهبتها ولشخصيتها الفنية طبعاً.

·         يقولون انك إمرأة طموح وعنيدة؟

- أنا أجنبية في هوليوود، ومثل أي فتاة في الغربة أتذرع بالصبر ولا أترك المصاعب تحطمني.

·         في فيلمك الأول الناجح «شريك الشيطان» تقاسمت البطولة مع أحد أكبر عمالقة السينما، آل باتشينو، حدثينا عن تجربتك معه؟

- شعرت فعلاً وأنا مع آل باتشينو أمام الكاميرا بأنني حققت أمنيتي في الحياة وأصبحت ممثلة ناجحة وعالمية. أقول ذلك لأن باتشينو ينتمي إلى فئة الأبطال الذين أثاروا مخيلتي وأنا بعد مراهقة، ولم أتصور العمل إلى جواره في يوم من الأيام. كنت أضايقه في أيام العمل وأبدي له إعجابي الشديد طوال الوقت وهو كان يعاملني بمنتهى اللطف وكأنني إبنته الصغرى، ونشأت بيننا علاقة صداقة وحنان أعتز بها جداً، فهو فتح لي قلبه في شأن بضعة أمور واعترف لي مثلاً بأن العروض السينمائية التي يتلقاها الآن لم تعد تعجبه، مثل أدواره أيام «ذي غودفاثر» (العراب) مثلاً.

·     مثلتِ في فيلم «السطو الإيطالي» دور خبيرة في فتح الخزائن تعمل لحساب الشرطة ثم تتحول إلى لصة وتتعاون مع محتالين كبار بهدف السطو على خزانة تحوي ملايين الدولارات، ما الذي جذبك في هذه الشخصية المختلفة جداً عن سائر أدوارك؟

- كونها مختلفة عن سائر أدواري بالتحديد، فقد وجدت في السيناريو شيئاً عرفته في حياتي الشخصية ولا أقصد تحطيم الخزائن، ولكن رغبة فتاة تعيش حياة بسيطة بلا نكهة في تحطيم كل ما يحيط بها وتحقيق بعض الإنجازات في حياتها. وأنا شخصياً نفذت رغبتي بواسطة التمثيل وأعرف عشرات النساء بين صديقات طفولتي حلمن كثيراً ولم يحققن أي شيء على الإطلاق. وبطلة الفيلم تحلم في عقلها الباطن بخوض تجارب مثيرة، إلا أنها تمتنع عن ذلك احتراماً للقيم الأخلاقية التي تربت عليها، إلى أن يصلها خبر موت والدها فيكون بمثابة رسالة لها بضرورة الانتقام له، ما يجعلها تستخدم موهبتها في فتح الخزائن من أجل أن تحقيق هذا الهدف.

·         حدثينا عن عملية تغييرك مظهرك من أجل فيلم «مونستر» (وحش) الذي جلب لك جائزة أوسكار أفضل ممثلة؟

- دعني أسرد لك الحكاية من أولها، فأنا أسست شركة للإنتاج السينمائي لأنني لا أرغب أبداً في المعاناة من قلة الأدوار الجميلة والاضطرار إلى قبول العمل في فيلم لا يرضيني لمجرد الحاجة إلى كسب المال، ثم أيضاً لأنني إمرأة أعمال أحب مباشرة المشاريع والمجاذفة بالمال وبصورتي الناعمة الراسخة في الأذهان، وأول عمل من إنتاجي كان «مونستر» الفيلم الجريء والقوي والذي يصعب على المشاهدين من ذوي الأعصاب المتوترة أو الحساسية المرهفة أن يتحملوه، ومن أجله تنازلت كلياً عن مظهري الناعم وتحولت إمرأة دميمة في نظر الغير وبغيضة في تصرفاتها حتى إذا كانت ظروف الحياة هي التي قادتها إلى المأساة، ونجحت خطتي، إذ ان الفيلم جلب إليّ جائزة أوسكار أفضل ممثلة وشهادات تقديرية أخرى كثيرة.

وللرد على سؤالك الخاص بعملية تغييري مظهري، فقد اضطررت شخصياً للخضوع لجلسة ماكياج لا أول لها ولا آخر، في كل صبـاح قـبـل بدء التصوير، مثلما تعلمت التكلم بصوت مختلف عن صوتي، بمعنى أنه كان أقوى وأكـثـر خشونـة وتميز بلكـنـة مـن الجنوب الأميركي وقـد بقيت أسابيع كاملة أتدرب على الكلام بإشراف معلم متخصص قبل أن يبدأ تنفيذ الفيلم.

·     وها أنت في فيلمك الأخير «نورث كاونتري» (منطقة شمالية) تكررين تجربة تغيير مظهرك وتتنكرين في ملامح إمرأة تعمل في منجم، فهل حلمت بأوسكار جديد من أجل هذا الدور الصعب؟

- لم أحلم بالجائزة، لكنني كنت قبلتها بصدر رحب في حالة فوزي بها، لكن الأمر لم يحدث وهو شيء لا يحول دون شعوري بفرح شديد أمام نجاح الفيلم على المستوى الجماهيري العريض، ويبدو بالفعل انني صرت متخصصة في تبشيع مظهري على الشاشة.

·         هل هناك أي قاسم مشترك بين الدورين في نظرك غير حكاية تغييرك مظهرك؟

- نعم فكل واحد منهما مستوحى من حكاية حدثت بالفعل، إلا أن شخصيتي في «نورث كاونتري» ضحية وليست مجرمة مثلما في «مونستر».

·         هل تعتبرين نفسك متأثرة جداً حتى الآن بالظروف القاسية التي طبعت صباك ومراهقتك؟

- (تفكر بعض الشيء) نعم وكيف لا أكون كذلك؟ ربما أن رغبتي في فرض شخصيتي كفنانة أصيلة وليس كإمرأة جميلة سببها الى حد كبير ظروف طفولتي ومراهقتي، لكن الحكاية تحتاج إلى طبيب نفساني، أليس كذلك؟

·         لكنك من ناحية ثانية سفيرة عطر «جادور» التابع لدار ديور، وهذه مهمة لا تقدر على القيام بها سوى إمرأة جميلة جداً؟

- صحيح انني ألعب بالنار وأسبب حيرة لجمهوري، لكنني ممثلة وبالتالي أستخدم كل الأسلحة المتوافرة لدي لأحقق شخصيتي، وبينها الجاذبية طبعاً، طالما أنها لا تتحول علامة مميزة تلتصق بجلدي الى الأبد.

الحياة اللبنانية في 21 أبريل 2006

«الأجنحة المنكسرة»: قصة مفبركة... مبنية على الصدف

الرباط – طارق أوشن 

يبدأ شريط «الأجنحة المنكسرة» للمخرج المغربي عبدالمجيد رشيش من إحدى رياض الأطفال التي يضطر الأبناء للبقاء داخلها ساعات طويلاً في انتظار عودة الآباء من مقرات عملهم واصطحابهم إلى البيت. وتلك كانت حال الطفل «المهدي» آخر من غادر الروضة ذات يوم بمعية أخيه الكبير - الصغير عمراً. وفي الطريق إلى البيت يتوه المهدي عن أخيه ويختفي عن الأنظار متتبعاً أحد باعة البالونات.

اليوم يوم عيد ميلاده الرابع، لكن قدره ساقه بعيداً من الأهل المتأهبين للاحتفال، فتحول الفرح إلى رحلة معاناة وبحث متواصلين عن الابن المفقود. لقد سقط المهدي في يد متسولة من سكان الأحياء الهامشية التي قررت السفر بعيداً من الدار البيضاء(؟) لاستخدامه في التسول، فكان أن انتقلت معه إلى مراكش حيث يشتد عوده ويكبر في جهل تام بمكان وجود عائلته الحقيقية. لكن الظروف تشاء أن يعود الاثنان إلى الدار البيضاء مجدداً حيث تتسارع الأحداث «تجاوزاً» لتحقيق اللقاء المنتظر بين العائلة وابنها الغائب وفق صدف لا نرى إمكان تحققها إلا في مخيلة كاتب السيناريو عبدالإله الحمدوشي والمخرج الرشيش. الحبكة السينمائية في الشريط تذكر بموضوعات الأفلام الهندية، لكنها في «الأجنحة المنكسرة» رديئة لا تحقق لا متعة سماعية ولا فرجة بصرية، ولم يكن ينقص القصة غير شفاء الأم المكلومة «كنزة» من إعاقتها كمقعدة لم تعد تقوى على الحركة لنبحث عن شاروخان أو أميتاب باتشان (مع تسجيل الفارق) في اللائحة الفنية للشريط.

إن مشاهدة «الأجنحة المنكسرة» تحيلنا الى فقر إبداعي كبير على كل المستويات من سيناريو وإخراج لم ينقذنا منه إلا الأداء المتميز لفاطمة خير في دور الأم التي اعتصرها ألم غياب الابن الصغير، في وقت لم يستطع رشيد الوالي تجسيد مشاعر الأب الباحث عن فلذة الكبد باستثناء بعض من لقطات النهاية. أما الممثلون الآخرون فلم تكن أدوارهم العادية جداً تستدعي مجهوداً خارقاً لضعف بنائها الدرامي وسطحية المعالجة التي كانت الميزة الأساسية للسيناريو.

ابتعاد التماهي

السيناريو في «الأجنحة المنكسرة» مفكك الأوصال يعتمد على الإطالة والتمطيط حد السأم مع البحث عن صدف غريبة لا واقعية يصعب تصديقها، وهو ما يجعل المتفرج غير آبه بتتبع الأحداث وغير مصدق الوقائع التي يراها على الشاشة في شكل يبعده تماماً من التماهي مع الألم المفترض في حياة عائلة فقدت أحد أفرادها، وطفل مبعد عن الأهل ومستغل في حرفة لا تشرف ممتهنها في شكل اغتصبت معه طفولته التي بدت في الأصل على قدر لا بأس به من الرفاه. كما أن المخرج لم يستطع منح شريطه تلك اللمسة التحليلية لواقع مجتمع مغربي يفترض أن قصته تعالج سبعة عشر عاماً من تاريخه المعاصر(مدة غياب الطفل) بما حملته من متغيرات اجتماعية وسياسية وعمرانية، لدرجة اعتماده، في نشر خبر غياب المهدي، على جريدة «الصباح» التي لم تظهر إلا منذ خمس أو ست سنوات إلى جانب خبر يتحدث عن توقيف بث قناة «المنار» في الديار الأوروبية الذي لم يقع إلا في بداية 2005.

وفي جانب آخر أسرف المخرج والكاتب في تصوير مشاهد تسول رحمة والطفل المهدي/ عبدالقادر في لقطات بائسة لم تسلم من بؤسها غالبية مشاهد الفيلم، وكأن المغرب لا يعيش غير ذلك الفقر المدقع وذاك البؤس الاجتماعي من تشرد وتسول وشعوذة وهجرة سرية وغيرها من المواضيع التي رغب الواقفون وراء إنتاج «الأجنحة المنكسرة» الخوض فيها مرة واحدة من دون عمق فني أو إبداع سينمائي، وهو السعي الذي حمّل شريطهم أكثر من قدرته الممكنة في شكل بدا واضحاً في تشتت الوقائع وانفصال بعضها عن بعض. وكان حرياً بهم التعمق أكثر في العلاقة التي تجمع والدي المهدي ومدى تأثرها بفقدانه وهو ما ظل مغيباً في الأحداث على رغم أهميته في البناء الدرامي للقصة، حيث بدت لنا العلاقة ملتبسة لا نعرفها حباً أو قدراً لا فرار منه أو كراهية، مع العلم أنها مفصل مهم كان حرياً اعتماده للدفع بالحدث الدرامي إلى الأمام.

وعندما نتحدث عن الصدف المميزة لكل ما يجري على الشاشة، لا يمكننا أبداً التغاضي عن واحدة من أكثرها إثارة للشفقة على البناء الحكائي: حين يكتشف الأب أحمد صورة ابنه المهدي بعد سبعة عشر عاماً من الغياب بين صور التقطتها ابنته سكينة، بمساعدة الأخ الثاني خالد، استجابة لانجذاب داخلي أحست به تجاه المهدي/ عبدالقادر بائع السجائر في الميناء. الأب تعرف إلى الابن الغائب في شكل مباشر من دون اعتبار لتغير الملامح ولا حتى لإمكان تراخي الذاكرة عن الاهتمام بالموضوع بعد كل تلك السنوات من الفراق والمعاناة.

إنها الرغبة المعلنة لدى الكاتب في إنهاء قصته مع دنو المدة الزمنية المفترضة في إخراج شريط مطول ليس إلا. هذه الرغبة في التسريع بالأشياء وفق هدف محدد سـلفاً يفضي إلى النهاية السعيدة، على رغم مرض الأم، أفسدت السيناريو وأفقدته شرعية التحول إلى شريط سينمائي يمكنه تشكيل إضافة نوعية للمتن الفيلمي المغربي.

«الأجنحة المنكسرة» قصة ضلت طريقها إلى الشاشة الفضية. أما قصة جائزة مهرجان دمشق السينمائي التي فاز بها الفيلم، فلا نراها إلا إعادة للدين الذي فرضه منح الشريط السوري «باب المقام»، الضعيف أيضاً، جائزة لجنة التحكيم في مهرجان مراكش في دورته الأخيرة. فشكراً لإخواننا في الشام، الذين على رغم اختلافاتهم مع محمد ملص، ردوا التحية بأفضل منها ولو على حساب المقومات المجردة للسينما.

الحياة اللبنانية في 21 أبريل 2006

 

«العميل» أول فيلم سينمائي لـ «الإخوان المسلمين»

القاهرة - أحمد مصطفى 

على مدار ما يزيد على أربع ساعات نظم طلاب «الإخوان المسلمين» قبل أيام مهرجاناً فنياً على مسرح نقابة الأطباء في القاهرة أظهروا فيه مدى تمكنهم من استخدام الفن كواحد من أساليب الاحتجاج والرفض لبعض الظواهر المجتمعية. ومن الاعمال التي قدمت في المهرجان اسكتش حمل اسم «مرات الأسد» ناقش فيه الطلاب قضية البطالة الشديدة التي يعانيها خريجو كليات الطب، وجسد العمل في شكل فكاهي ساخر حجم المشكلة.

أما مفاجأة الحفلة فكانت فيلماً سينمائياً بعنوان «العميل» استطاع جذب انتباه الحضور الذين أبدوا دهشتهم من مستوى الطلاب المشاركين في العمل ومدى إتقانهم أدوارهم. تدور قصة الفيلم حول مخطط يضعه جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (موساد) لزرع عملاء له داخل الجامعة المصرية، ثم يرسل اثنين من أكفأ رجاله الى مصر لتجنيد أحد الطلاب داخل كلية الطب ليقوم بدور «العميل»، ولكن يتم اكتشاف هذا المخطط ليتحول الطالب العميل الى العمل لمصلحة الاستخبارات المصرية.

عاصم عبداللطيف بطل الفيلم وهو أحد الطلاب الفرقة الثالثة في كلية الطب، وهو الذي قام بدور (طارق) أو العميل، أكد أن الهدف من الفيلم «التحذير من المخططات الخارجية التي تحاك لإفساد شباب مصر وتحويلهم للعمالة» باستغلال حال «الفقر والبطالة التي يعيشها معظم شباب مصر». وأضاف ان الإمكانات التي أتيحت لانجاز العمل كانت إمكانات شخصية، فالكاميرات التي صورنا بها كاميرات شخصية بسيطة والسيارات التي تم استخدامها في الفيلم خاصة بالطلاب، ومن قام بالتصوير والمونتاج والاخراج كلهم طلاب من كلية الطب، وهذا ليس أول فيلم ننجزه، إذ عُرض فيلمان في المهرجان الفني الثاني العام الماضي.

وأوضح عبداللطيف أن طلبة «الاخوان» لهم «رؤية خاصة ومتطورة للفن»، إذ يرون أن له «رسالة هادفة وقوية وربما هو أكثر تأثيراً من الخطب والمحاضرات الطويلة؛ لأن هذه الرسالة تأتي بأسلوب سهل خفيف». وأضاف ان التصوير تم في أماكن عدة مختلفة منها مدينة الاسكندرية، وأكد أنه بمجرد عرض الفيلم حوّل الطلاب الى التحقيق من جانب إدارة الكلية.

الحياة اللبنانية في 21 أبريل 2006

 

سينماتك

 

من أجمل نجمات هوليوود لكنها متخصصة في أدوار الشخصيات البشعة...

شارليز ثيرون: لا أطمح الى خلافة شارون ستون على عرش الاغراء

باريس - نبيل مسعد

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك