بعد رحلة لم تنتهِ بعد في أكثر من ثلاثين مهرجاناً سينمائياً في العالم وعدد كبير من الجوائز، قدم أمس المخرجان جوانا حاجي توما وخليل جريج فيلمهما الروائي الطويل "يوم آخر" A PERFECT DAY في عرض اول في بيروت خصص للصحافة، أتبعه مؤتمر صحافي في سينما أمبير صوفيل. انها تجربة المخرجين الروائية الثانية بعد عمل أول في العام 1998 بعنوان "البيت الزهر". خلال السنوات الفاصلة بين الفيلمين، أنجزا فيلمهما الوثائقي "الفيلم المفقود" وآخر قصير، "رماد"، الى أعمال فنية أخرى من تجهيزات ومعارض. يترقب المخرجان خروج الفيلم في الصالات اللبنانية في 11 ايار المقبل بشيء من الترقب المشوب بالرهبة. كيف سيستقبل المشاهد المحلي هذه التجربة التي يعتبرانها خاصة لجهة علاقتها بالزمن الحاضر الذي يصفانه ب"الهستيري"؟ فهل سينجحان في الوصول الى المتفرج المحلي على غرار ما تحقق لهما مع المتفرج الأجنبي في المهرجانات وفي عروض الفيلم في الصالات الفرنسية؟ التكهن صعب، يدركان ذلك تماماً. فما من شروط محددة تحكم علاقة المشاهد اللبناني بالفيلم اللبناني. نحو من ثمانية أفلام لبنانية عرضت خلال العقد الأخير، تفاوت استقبالها بين المشاهدين. منها ما حقق جماهيرية كبرى ومنها ما عانى مشكلات الدعاية وتحكم الموزعين واعراض الناس وسطوة الموضوع... خليل يصف فيلمه بـ"الشعبي" من منظور يوضحه في سياق هذه المقابلة مع مخرجي الفيلم حول عملهما وثمرته النهائية. · يوحي لنا فيلم "يوم آخر" بأن المدينة تسير بشكل طبيعي بينما حيوات الأفراد هي المشكلة. اي ان المشكلة في الناس وليس في محيطهم. هل تقصدتما الفصل بين حياة المدينة وحياة الشخصيات؟ ـ جوانا: لم نتقصد الفصل بين حياة الأشخاص وحياة المدينة. بل هناك شيء من الانعكاس للمدينة في الشخصيات والعكس.الفكرة الأساسية تكمن في الايقاع. هذه المدينة "ماشية" ولا تتوقف. شخصية "مالك" في المقابل تعاني من مشكلة انقطاع التنفس بما يجعل جسده غير فعال في بعض الاوقات. اذاً، هنا يكمن الخلل الأول بين نبض المدينة ونبض "مالك". ماذا يستطيع هذا الشاب ان يفعل ليلحق بايقاع المدينة والناس؟ ولكن الآن حين تطرحين هذا السؤال، أتذكر اننا عند كتابة الفيلم وفي المراحل الأولى تحديداً كنا نشعر بأننا نشتغل كثيراً من دون ان نصل الى مكان. كأننا نتحرك في اماكننا. وأعتقد ان هذا يشبه حاضرنا كثيراً ويعكس احساس الافراد بأن المدينة تتغير وتسير من دون توقف بينما هم يراوحون في اماكنهم. ـ خليل: هذا فيلم عن القصص الكامنة والمخبأة، القصص السرية اذا جاز التعبير. لا توجد قصة كبيرة في الفيلم انه عن حياتنا اليومية وكيفية عيشنا لها. لذلك اخترنا يوماً واحداً في حياة الشخصيات. لا نعرف عنهم شيئاً من قبله ـ وان كان يمكننا الاستنتاج ـ ولا بعده. اي ان الخط السيكولوجي للشخصيات غير موجود هنا. اذاً الرغبة في الحديث عن اليوم كانت خلف هذا الفيلم فضلاً عن هاجس آخر هو اننا اذا لم نستطع ان نكتب عن اليوم فكيف سيمكننا ان نكتب تاريخنا؟ أعتبر هذا الفيلم "شعبياً" لأنه أقرب الى حياتنا اليومية المحلية من "البيت الزهر" مثلاً الذي انجزناه قبل ست سنوات. · ولكن على الرغم من انها حكاياتنا، نشعر ازاءها بشيء من الدخول في خصوصيات واسرار... بهذا المعنى كيف تصنفان علاقة الفيلم بالواقع؟ ـ جوانا: أفلامنا على قلتها حملت دائماً ثقل الماضي كأنها تصفي حسابات او تحل قصصاً. اكتشفنا في نهاية المطاف اننا غير قادرين على حل كل تلك القصص ويكفينا ان نحكي عن حياتنا اليومية. لذلك اشتغلنا كثيراً لنعبر عن تفاصيل يومية تمس كثيرين تاركين في كل مشهد مساحة للمشاهد كي يأخذ الفيلم الى حيث يمكنه أن يبني حكايته الخاصة داخله. اذاً المشاهد ليس فقط شاهداً على قصة انما يقوم ببناء قصته الخاصة. وهذا الحوار بين الفيلم وصانعه والمشاهد هو ما نؤمن بأهمية وجوده. ـ خليل: اشتغلنا ايضاً في السياق عينه على الصورة. حاولنا العثور على صور مختلفة ليست ترميزاً للواقع ولا استعارة منه ولا بديلاً منه. لذلك أقول ان علاقة الفيلم بالواقع عَرَضية. اي اننا لم نعد تركيب الواقع انما نبحث فيه عن الأحداث وننتظر ما الذي ستقدمه لنا. وهذا يفرض علاقة مختلفة مع الواقع لأننا في العادة نعيد تركيبه كما نتخيله او بحسب صورة مسبقة. بينما هنا نترك الخيارات مفتوحة لنتائج هذا اللقاء العرضي بين المتخيل في الفيلم وبين الواقع. وهذا برأينا ينتج صورة غير مستهلكة.
ـ جوانا:
ليس في الفيلم اي ارتجال وانما حقن للمتخيل في الواقع. ـ خليل: في النهاية نحن لا نستطيع ان نمنع المشاهد من تركيب الرموز والاستعارات. فهناك مثلاً من فسر وجود المسدس على انه يعبر عن الرغبة في قتل الأب للتحرر. ولكن قصدت القول اننا لم نتقصد العمل على الرمز او الاستعارة لأن ذلك برأينا يحد المعنى. · تحدثتما في حوار سابق عن "المصفاة" التي مرت عبرها كتابة الفيلم للوصول الى شكله النهائي. لنعد قليلاً الى الوراء ونستعيد كيف بدأ العمل عليه وبأي دوافع؟ ـ جوانا: الفيلم هو تعبير عن مرحلة شخصية عشته وخليل. كنا قد توقفنا لسنوات عدة بعد فيلمنا الأول "البيت الزهر" وتساءلنا أية افلام نريد ان نقدم وماذا نريد ان نحكي. لذلك عندما أنظر الى الفيلم اليوم أراه مركباً من تفاصيل من حياتنا معاً. انه يروي قصصاً أراها عندما أخرج الى شرفة منزلي. حتى المرض الذي يعانيه "مالك" في الفيلم هو في واقع الحال مزيج من مشكلة التنفس التي أعانيها منذ مراهقتي ومن الخلل الذي يعانيه خليل مع النوم. ثم ان هذه الحالة في الفيلم هي اقتراب من الموت وربما هي موت للحظات يعود بعده الى الحياة بمساعدة من يحبونه (امه او حبيبته). اذاً هذا ايضاً تعبير عن معنى الحب الذي يخلص والحب الذي لا يمكن ان يحيا اذا لم يكن لطرفيه ايقاع متشابه. نعود هنا الى مشكلة الايقاع واحساسنا الذي لازمنا لفترة بأن ثمة خطباً في علاقتنا بالمدينة. لماذا نفكر كثيراً بعلاقتنا بها وارتباطنا بها؟ لماذا لا تكون الاشياء أكثر طبيعية وعفوية؟ هكذا تناسلت الأفكار والموضوعات حول علاقتنا بالمدينة التي تقول بوجود خلل ما ربما سببه انتقالنا المفاجئ من واقع الى آخر أو من زمن الى ثانٍ بدون ان نفهم ماذا جرى. ـ خليل: لنقل ان حياتنا كأفراد في هذه المدينة تعاني من خلل الانتساب الدائم الى كيان ما يثقل كاهلنا كالدين او الطائفة او العائلة. ربما لذلك نخرج كثيراً في الليل للبحث عن فرديتنا لنخرج من واقعنا لنجد عائلة أخرى نختارها. وربما للسبب عينه نذهب الى الأماكن نفسها. · الشخصيات في الفيلم متفاوتة البناء. "كلوديا" هي الشخصية الوحيدة التي تقوم على عمق ما بعلاقتها بالماضي والحاضر والمستقبل. الشخصيات الأخرى وتحديداً "مالك" لا يحضر خارج زمن الفيلم. ـ جوانا: هذا صحيح الى حد بعيد. الفارق الأساسي بين "مالك" و"كلوديا" هي علاقة كل منهما بالزمن. علاقة الاولى بالماضي قوية وربما تعيش حاضرها في ماضيها. يتوضح من مشهد السيارة بين الاثنين ان "مالك" يدرك ان والده مات من 51 سنة اي منذ اختطافه. اما بالنسبة الى "كلوديا" فهو لم يمت وربما سيعود في أية لحظة. انها اسيرة فكرة الانتظار ومقتنعة بانها ان توقفت عن انتظارها فلن يعود. علاقة "مالك" تقتصر على حاضره ربما لأن علاقة جيله بالماضي انقطعت بهدف النسيان والمضي قدماً. مستقبله غامض وحاضره هستيري اي انه يتكرر بموجب طقس معين. وهذ الفكرة عن علاقة كل منهما بماضيه اقتبسناها من نص لجلال توفيق يتحدث على معاناة المجتمعات التي مرت في حروب أهلية. وفيه يقول ان امام هذه المجتمعات خيارين: إما النسيان وقلب الصفحة فتتحول الى ما يشبه "الزومبي" او ان تقبل بوجود الأشباح، أشباح الماضي، كجزء من حاضرها. بهذا المعنى، "كلوديا" تعيش مع شبح الماضي ولذلك تقول لمالك انها ترى والده بينما هو لا يراه. · تقول "كلوديا" في مكان ما انه "صار لازم نعيش فترة حداد". هل هذه الجملة تختصر حال اللبنانيين الذين لم يمروا في عملية الحداد؟ ـ جوانا: لنذكر بداية بأن الفيلم ليس عن الحرب بل عن الحاضر ومشكلة المفقودين هي جزء من هذا الحاضر. بالفعل نحن بحاجة لعملية الحداد هذه لنخرج من أشياء كثيرة عالقة. ولكن الفيلم ليس دعوة الى ذلك لأن لا حل مثالياً في مثل هذه الظروف. هل اعلان والد "مالك" ميتاً هو الحل الأنسب؟ لا نعرف. صحيح ان "كلوديا" ذهبت الى المحامي لتوقيع ذلك ولكنها ذهبت رغماً عن ارادتها. ـ خليل: أنا أعتقد ان "كلوديا" متقبلة الفكرة أكثر من "مالك". الأخير يعيش حالة الرفض ليس فقط مع ماضيه انما ايضاً مع حاضره حيث يرفض ان يتقبل ان علاقته بصديقته وصلت الى نهاية. وهنا يتبدى الصراع بين الجيلين. ـ جوانا: خليل عايش هذه الحالة عن قرب باختفاء خاله ولاحظ كيف ان كل فرد من العائلة واجه الأمر بطريقته الخاصة. ـ خليل: ولكن برغم ذلك عندما أعلنته عائلته ميتاً بعد 51 سنة من تاريخ اختفائه وأقيم القداس في الكنيسة، الجميع بكى كأن الأمر حدث للتو. أعتقد ان ما كان يستدعي البكاء هو كل هذا الحزن والحداد في غياب الجسد الذي يؤكد انه مات. هذه نقطة تجعل قناعتنا الشخصية بموت المفقودين تهتز وتمنعنا من ان نرتاح. · ثمة تركيز واضح على التناقض بين الداخل والخارج. الاماكن المقفلة والاماكن المفتوحة، داخل الشخصيات وخارجها... لاسيما في شخصية "كلوديا" الصامتة والوحيدة بعكس جلبة الشارع والكلام الكثير في الخارج... ـ خليل: "كلوديا" تبدو غريبة خارج محيط البيت. واذا تلقت اتصالاً هاتفياً لا تعرف ماذا تقول. عندما يكون الانسان يعيش حالة بتلك الخصوصية والألم فإنه من الصعب جداً ان يجد من يشاركه ذلك. ـ جوانا: عندما فكرنا بشخصية "كلوديا" فكرنا بها كأذن كبيرة. انها تسمع طوال الوقت لأنها تعيش حالة انتظار على صوت السيارات والحركة الخارجية بانتظار اشارة ما الى عودة زوجها · الحوار في الفيلم مقطوع. ولكن برغم ذلك نشعر بأن كلاماً كثيراً يدور وأشياء تحدث من دون ان تكون مباشرة... ـ جوانا: منذ البداية كان خيارنا ان هذا الفيلم لن يحكي كثيراً ولكنه سيقول أشياء كثيرة. اشياء نحسها ونشعر بها بدون تفسير. ـ خليل: انها فكرة الكمون التي اشتغلنا عليها في أعمال أخرى أي وجود شيء غير ملموس وانما نحسه. هنا، هذا جزء من ان الفيلم يعبر عن حالة أكثر منه تعبير عن موقف. وينطلق من اسئلة ليس الهدف الاجابة عنها، أسئلة فنية تطاول السينما عندنا وأسئلة تتعلق بالمجتمع وبطريقة عيشنا. ـ جوانا: نحن ايضاً نعيش في بلد تاريخه غير واضح. عندنا شك مستمر في القصة وفي التاريخ وهذا كله يظهر في عملنا. لذلك ايتعدنا من السرد والقصة المباشرة. اخترنا حالة ومنها تفرعت السرديات والقصص غير المحكية. · ما قصة المسدس؟ هل هو دلالة الى ان هذا هو فقط ما ورثه "مالك" عن والده؟ ـ جوانا: هذا ايضاً أمر مرتبط بجيلنا والجيل الأصغر. معظم اهالينا امتلكوا سلاحاً في ايام الحرب وكان هذا بالنسبة الينا يجعلنا نتساءل ما هي حقيقة أبائنا المستعدين للقتل ماداموا يمتلكون السلاح. وهو ايضاً اشارة الى السلاح المحشو المنتشر في البلد. ـ خليل: هذا على الصعيد الفكري. ولكن على الصعيد السينمائي، خلق وجود المسدس نوعاً من التوتر وخلف السؤال: من سيستخدمه؟ وهو في النهاية يؤول الى "كلوديا" فهل ستستخدمه؟ كما اننا اشتغلنا من خلاله ومن خلال تفاصيل أخرى على تضليل المشاهد اي اخذه في اتجاهات لا تفضي الى مكان ولكنها تفتح احتمالات. يبقى ان مجتمعنا لا يقوم على علاقة سببية واضحة. أي انه ليس بالضرورة ان يُسجن القاتل وبالتالي فإن ابقاء هذه الناحية المتعلقة بالمسدس مفتوحة هي تعبير عن الخلل في العلاقات السببية. · فيلم عن اليوم بامتياز. كيف تتخيلان انه سيحيا مع مرور الوقت؟ ـ خليل: الفيلم يتحدث أبعد من حكايات اشخاصه. يتعداها الى علاقة بيروت بالحداثة والعولمة. ـ جوانا: اكتشفنا مع هذا الفيلم انه ازداد الفيلم محلية كلما استطاع الابحار ابعد. مع المحلية الضيقة التي يقوم عليه، انتفت الحدود الزمنية والجغرافية ووجدنا في فرنسا من يقول "هذه حكايتي". هذه الاشياء لا تتغير مع الوقت. ربما تتغير صورة بيروت مع مرور الزمن ولكن جزءاً من ذاكرتها ههنا والكثير من قصصها لا يعتق. · المحلية عادة تواجه مشكلة مع جمهورها وليس مع الجمهور الأجنبي... ـ ربما لأن المشاهد يحملنا مسؤولية التحدث باسم اشياء كثيرة تمثله ولكن ليست بالضرورة من ضمن اهتماماتنا. نحن نتحدث كأفراد. · أين تجدون موقع الفيلم بين الافلام اللبنانية التي أنجزت منذ منتصف التسعينات؟ هل تقول هذه الافلام مجتمعة شيئاً عن حالنا؟ هل هو فاتحة مرحلة جديدة من الالتفات الى الحاضر لاسيما ان افلاماً أخرى انجزت في الآونة الأخيرة بنفس الهاجس ولكنها لم تعرض بعد؟ ـ خليل: هذا سؤال لا استطيع الاجابة عنه. كل ما استطيع قوله هو ربما هناك شيء في مناخ البلد يدفع كثيرين الى التعبير عن اليوم. في نهاية المطاف السينما هي جواب على أزمات مجتمعاتها. بهذا الهاجس برزت التيارات السينمائية مثل الموجة الجديدة والواقعية وسواهما. ـ جوانا: قبل فترة وجيزة، اقام مهرجان فرنسي بانوراما للافلام اللبنانية والتجريبية. هناك تشعرين ان هذه الأفلام تتحاور في ما بينها وانها تعبر عن حالة غليان ما في هذه المدينة. بالنسبة الى السينما الروائية، الأمر مختلف ولكن استطيع القول ان الميل الى الحكي عن الحاضر بدأ يتبلور أكثر لدى السينمائيين. ربما لأننا انزلنا الحمل الثقيل عن ظهورنا وعبء الحديث عن الماضي والحرب و..و.. نريد ان نتحدث كأفراد وحسب. · اذا كان التحول الذي تمر به "كلوديا" يوضح تقبلها فكرة موت زوجها من دون ان تفقد صلتها به او بشبحه، فإن تحول "مال" يحتمل الايجابي والسلبي... ـ جوانا: ثمة تفسيرات كثيرة لمصير مالك. فهو عندما يضع العدسات اللاصقة الخاصة بصديقته كأنه يحاول ان يرى من خلالها او يقوم بمحاولة انتحارية بالقيادة بنظر مغشىً او انه يحاول تجميل الواقع كما يفعل كثيرون... تحولات الشخصيات في الفيلم تجريدية وليس واضحاً ان كانت خطوة الى الأمام ام لا. · هل تعتبران اليوم الذي اجتزناه لسرد أحداث الفيلم هو يوم عادي؟ ـ خليل: هذا يتوقف على زاوية النظر. لذلك العنوان يوحي بالمعنيين: اليوم الآخر اي الذي يشبه سابقه او اليوم الاستثنائي كما يقول العنوان بالانكليزية. · اشتغلتما مع الممثلين بدون اعطائهم السيناريو. لماذا؟ ـ جوانا: جوليا قصار كانت الممثلة الوحيدة المحترفة. بالنسبة الى زياد سعد في دور "مالك" فانه ليس ممثلاً لذلك وجدنا ان اثقاله بتبدلات الشخصية وتحولاتها قد يؤثر على نوعية الأداء التي نريدها. وكان ان وافقت جوليا ايضاً على هذه الطريقة. كانت النتيجة مرضية لأن الممثلين كانوا يعملون على كل مشهد بدون ان يفكروا بسابقه ولاحقه لأنهم لا يعرفون في الأساس موقعه في الفيلم. وقد ساعد ذلك على تقديمهم اداءً غير مدّعٍ وترك احساساً بأنهم تائهون بعض الشيء في الزمان والمكان كالشخصيات تماماً. · كيف تعملان عادةً خلال التصوير. هل تقسمان العمل ؟ ـ جوانا: خلال فترة الكتابة، ندرك تماماً ماذا نريد والى اين نريد الوصول. نحضر كثيراً قبل الذهاب الى موقع التصوير لأننا نعرف اننا اثنان وان حل الخلافات قد يضيع الوقت. ـ خليل: برغم ذلك، نتشاجر في أحيان كثيرة حول الخيارات الفنية. وعندما نختلف ندرك ان ثمة خللاً فنبحث عنه. ـ جوانا: الشيء الأهم بيننا في الحياة وفي العمل ان الـEgo غير موجود. · هل تقسمان الأدوار خلال الكتابة؟ أقصد هل تهتمين انت بكتابة الشخصيات النسائية أكثر مثلاً؟ ـ جوانا: ليس في هذا الفيلم. نحن هنا نتعامل مع اشخاص بدون تمييز بين امرأة ورجل. ولكن في بالي موضوعاً لفيلم ربما سيكون اسهل عليّ الغوص عليه بسبب موضوعه. · ماذا عن كلفة الانتاج؟ ـ خليل: الفيلم من انتاج فرنسي/الماني/لبناني. الموازنة لا تتعدى 450 الف دولار. عندما بدانا التصوير كان في جعبتنا 80 الف دولار فقط. أعدنا كتابة السيناريو ليلائم الموازنة مثل قرار عدم اعادة بناء الواقع وانما الاستفادة منه كما هو من دون ان نقوم بتنازلات فنية ونحن سعيدان بالنتيجة. في لبنان، ثمة مساهمة من وزارة الثقافة ومساهمات صغرى من اشخاص ومؤسسات خاصة عبر منتجنا جورج شقير. المشاركة اللبنانية كانت ضرورية بالنسبة الينا ولكن في الوقت نفسه لم نردها كبيرة لكي لا نقع في ديون ونقفل باب المبادرة. ـ جوانا: ولكن مستقبلاً لا بد من ايجاد طريقة ليصبح الجانب اللبناني المساهم الأكبر وليس العكس لأن الانتاج يتغير في العالم. المستقبل اللبنانية في 21 أبريل 2006
الأرمني التسعيني يروي رحلة العمر على L.B.C: أنا آرام أو محمد أو يوسف مش مهم الإسم كوليت مرشليان عرضت "المؤسسة اللبنانية للارسال" مساء الأربعاء فيلماً بعنوان "My name is Aram" أو "اسمي آرام" بمناسبة ذكرى المجازر التي طالت الشعب الأرمني، وهو ما بين الروائي والوثائقي بطله عجوز عمره 92 عاماً يدعي "آرام" أو "محمد" أو "يوسف". كيف ولماذا؟ ويسرد البطل قصته منذ كان في الثانية ونيف وفقدت نصف عائلته وتهجر النصف الثاني. مات الوالدان مع ثلاثة من الابناء ولأسباب لم يعد يذكرها. بقي على قيد الحياة هو واخته وأخ لم يعرف وجهة منفاه الا بعد تسعين عاما تبناه رجل مسلم في البداية وصار اسمه "محمد" لفترة قصيرة ثم عاد إلى الملجأ ومنه الى لبنان والمشوار الطويل. قامت باخراج الفيلم الشابة الموهوبة كارمن لبكي التي حازت منذ فترة قصيرة جائزة عالمية عن فيلمها الوثائقي "أرمن لبنان". القصة مؤثرة في تفاصيل المجزرة والتهجير والفقر والعوز والحرمان، والبطل رائع في صلابته وايمانه وقدرته الهائلة على التحمل للمضي من جديد في كل مرة كان يصل حدّ الموت في شوارع المدن الواسعة وحيداً من دون سند. قصة آرام الأرمني ـ اللبناني الذي حين يدمع يغني العتابة والميجانا والمواويل لأنه ابن هذا البلد ايضاً ولم يتعلم اللغة الأرمنية لأنه غادر وطنه الاول وهو ابن سنتين ونصف السنة. واستعانت لبكي بأطفال وأولاد صغار من أعمار مختلفة لتصور مراحل حياة العجوز، انما بأسلوب جميل ومؤثر، فكان آرام الختيار حين يعود بالذاكرة إلى مرحلة معينة، إلى ميتم صيدا أو إلى حقول بسكنتا أو إلى شوارع بيروت القديمة يلتقي في الفيلم بالأولاد الذين يؤدون الأدوار في مراحل حياته، فيحادثهم ويخاطبهم كمن يخاطب نفسه. ودمعت عينا آرام عشرات المرات وبكى ونادى امه وهو ابن 92 عاماً تماماً مثل طفل صغير أبعدته الأيام عن أمه أو مثل الطفل الذي كان والذي شهد مقتل والدته ورحيلها عنه: "يا أمي، وينك! إلي تسعين سنة بناديك. وينك! يار ريت رحت معك بوقتها! شو كان أحسن لو خليتيني حدك". أما قصة حياة آرام فلا تخلو من تشويق ومن فصول مؤثرة خاصة في لقائه بزوج اخته في بسكنتا وهو ابن 12 عاماً وعرفه الأخير من فرط شبهه بوالده أو والدة زوجة الأخير. ونزل إلى بيروت وتعرفت اليه اخته بعد 10 أعوام من التهجير من وجود شامتين مميزتين واحدة في صدره وواحدة عند البطن. وغير هذا اللقاء الكثير في حياته اذ انتشلته أخته من غربته ووحشته وتعلم مهنة الميكانيك "للسيارات" و "صرت احسن معلم ميكانيك سيارات في المنطقة" "وصرت المعلم آرام وصرت املك سيارة حين كان الرئيس شمعون يركب التاكسي والشيخ بشارة يركب التاكسي، كان المعلم آرام معو سيارة بس اكيد ما كان معو مصاري، بس حقق حلمو"! والمفاجأة الثانية حين شارك في العام الماضي مع مقدم البرامج نيشان في حلقة خاصة في ذكرى المجازر الارمنية، وتحدث عن تجربته. وقبل ان تنتهي الحلقة، ورد اتصال من سوريا من منطقة "الحسكة" حيث هتف احدهم: "انه قريبنا من دون شك، انه شبه الوالد، صورة طبق الاصل". وكانت الرحلة إلى سوريا ولقاء العائلة بعد فحص الـ (ADN) أو الحمض النووي ما بينه وبين شقيقه الذي توفي منذ عام لكن العائلة تحتفظ بخصلة شعر منه كشفت السر بعد حوالي قرن من الزمن. لآرام اليوم عائلة في لبنان وعائلة في سوريا وعائلة غابت ودفنت في ارمينا. ولآرام اليوم أيضاً أولاد وأحفاد ينظرون اليه الآن وكل يوم في المستقبل وكأنه "الأرمني" المفقود أو الراحل من كل عائلة ارمنية فجعت بالمجازر "آرام" في نهاية الفيلم عرف عن نفسه على طريقته: "آرام" أو "محمد" أو "يوسف" مش مهم الاسم. في كل منطقة كان اسمي يتغيّر.. مين أنا؟.. أنا حبة القمحة يللي بالآخر رح تصير قربانة. مين أنا؟.. أنا القمح". وفي خلفية الفيلم الذي صور في لبنان ما بين العاصمة والجبل مشهديات رائعة استغلتها المخرجة لبكي وجعلت منها أمكنة مبدلة عبر الازمنة وعبر تقنية الالوان او الانتقال من الالوان الى جمالية الاسود والابيض، ورسمت طريق آرام الولد وصولا الى آرام العجوز بابداع واحساس مرهف رافق بطل القصة في كل تعرجات رحلته وفي كل لحظات تعاسته وفرحه القليل. وطبعت المشاهد بحس ارمني عبر لقطات متداخلة من رقص شعبي أرمني وحفلات موسيقية ارمنية وغناء وموسيقى من الفولكلور والغناء الكلاسيكي الارمني القديم مع خلفية موسيقية دائمة سبق ان استعملت في فيلم "مايريغ" أو "أمي" بالارمنية للمخرج الفرنسي ـ الارمني اندريه ارنوي. انتهى عرض الفيلم علي شاشة "ال.بي.سي" ليل الاربعاء الماضي بعد حوالي ساعة ونصف الساعة من العرض، وانتهت قصة هذا الارمني "العتيق" لكنها بدأت في امكنة أخرى، آرام العجوز اليوم يتابع حياته في شارع من شوارع لبنان بالتأكيد لكنه دخل الذاكرة الارمنية واللبنانية ايضا كواحد من المواطنين الاشداء الذين يحملون في مسامهم ذرات حنين لا تنتهي ونبضات حب لا تنطفئ، وصار وجهه وجه كل أرمني غاب في المجزرة أو مهجراً بعد المجزرة، صار وجه كل الذين نحبهم، وصار ايضا وجه جدي الذي لا اعرفه الا في الصورة، هذه الصورة ـ الايقونة التي نحتفظ فيها فوق الجدار ولا شيء غيرها عن هذا الجد "الحبيب" اسطفان. آرام يشبه جدي كثيراً!! فلنجرب مع آرام ربما هو من أحد الاقارب الذين يسكنون لا الذاكرة لأننا لا نعرفهم ولا القلب بالفعل لأننا لم نعش معهم لنحبهم ربما في هذه الحالة يقال انهم يسكنون "الوجدان" الذي على ما يبدو لي في هذه اللحظة اوسع من القلب وأوسع من الذاكرة. المستقبل اللبنانية في 21 أبريل 2006 |
يتألق مثل ماسة سينمائية، ويحكي عن 18 ألف مفقود في الحرب فيلم "يوم آخر" لجوانا حاجي وخليل جورجي: لبنان.. كيف حالك والألم ؟ باريس – صلاح هاشم من أجمل الأفلام التي شاهدتها حديثا في عرض خاص في سينما لاباجود في باريس فيلم " يوم آخر" لجوانا حجي وخليل جورجي ،الثنائي اللبناني الذي قطع شوطا في صناعة الإخراج السينمائي، وبرز ونضج ،وحقق من خلال " يوم آخر " في اعتقادي أحد أجمل الأفلام اللبنانية التي صنعت في السنوات الخمس الأخيرة ، بل انه يتجاوز كل تلك الأفلام- لا لا يلغيها-- بحسه الفني الموسيقي المرهف, والسينما ليست في نهاية المطاف، سوي بناء ومعمار وإيقاع، بل انه يتجاوزها أيضا بفهمه العميق، وطرحه لمفردات اللغة السينمائية، التي افتقدناها في جل الأفلام العربية المصرية الاستهلاكية ومنذ زمن، وإذا ب " يوم آخر " بانسيابيته وبساطته، يحقق شكلا ومضمونا ، يحقق خطوة أخري كبيرة لصالح السينما عربية ولبنانية ، التي تسعي إلي أن تكون قريبة منا، ومن همومنا وطموحاتنا وأحلامنا في الخلاص، ومحاربة الهراء العام فعلي مستوي الموضوع، يقدم " يوم آخر " طرحا لمشكلة أزلية ،مثل جرح يدمي في قلب كل لبناني، الا وهي مشكلة الحرب الأهلية المروعة التي عاشها لبنان لفترة تزيد علي 15 سنة ، ودمرت تماما كل شيء، وصارت مأساة تضرر منها كل اللبنانيين، ويناقش من هذا المنظور هما يعيشه كل لبناني، وهو عند البعض مثل تلك إلام اللبنانية في الألم تراجيديا إنسانية، وطقس حياتي تعيشه في كل لحظة وبكل ما يحمله في جعبته من ارق مرعب، وخراب. ويركز الفيلم علي مشكلة المفقودين في الحرب الأهلية اللبنانية( أكثر من 18 إلف لبناني ) تبخروا فجأة هكذا، واحد لايعلم أين ذهبت جثثهم ،ومأتم هؤلاء مازال قائما حتي ينتهي الحداد عليهم، وهذا هو قدر اللبنانيين.. قدر مأساة الحرب والمفقودين ..التي صارت قطعة من تاريخهم وذاكرتهم ولحمهم.. والجميل ان الفيلم يصور ثقل هذه المأساة التي ترزح فوق القلب.. ويتأسي لها كل عربي محب للبنان واهله الطيبين ،من دون ان تطلق في الفيلم رصاصة واحدة، بل يصورها من خلال بعض اللقطات الشاردة في ما هو أشبه مايكون بغياب ( حجر الزاوية في الفيلم ): رجل يروي الزرع في حديقته ولا يلوي علي شيء، وبضع رجال من الحرس الأشداء، يقفون في زاوية من زوايا الحي، واحد لايعلم من هم ولم وقفتهم تلك،( وهنا تستطيع ان تساهم في صنع الفيلم وتخترع لهم حكاية من عندك) وعجوز تطعم علي الرصيف القطط ،..وتبحث عن قطتها ..واحد لايعرف ويللعجب ماهي قصتها.. علي مستوي المضمون يناقش الفيلم محنة إلام التي تنظر عودة زوجها المفقود في الحرب ،وتخاف حتي وهي تتفرج علي ذلك الجسد الجميل، منظر جسدها في المرآة وهي تتطلع وتتفرج علي جمالها ، الذي ينضب ويذوي مثل شمعة وينطفئ رويدا، تخاف أن يحضر شبح زوجها الذي يحاصرها في كل مكان ، كي يعاتبها علي نسيانها له وبعدما أخلصت له في الحب، وأنجبت له هذا الشاب اليافع بطل الفيلم الذي يحاول طوال الفيلم، يحاول أن يعيد وصل الحبيب، ويبحث عن حبيبته ( لبنان ؟ ) طوال النهار والليل في إنحاء المدينة، واخشي من جمال الفيلم, واستحواذه علي مشاعري وفرحتي به، أخشي هنا أن استطرد واروي لكم تفاصيل حكايته.. وليس هذا هو المهم ايقاع يوم آخر المهم في " يوم آخر " طريقة ألحكي، و الشكل السينمائي الجديد المغاير لأساليب السينما العربية التقليدية التي عفي عليها الزمن وصارت جديرة فقط بالمتاحف التاريخية وصناديق القمامة إذ يحقق الثنائي اللبناني هنا في " الكلية " الفنية للفيلم، اي توتاليته إن صح التعبير نضجا فنيا لم يبلغاه قط من قبل في فيلميهما الأخيرين، ويصلان الي بلورة قصيدة فنية سينمائية موسيقية، متوهجة بسحر الفن وهشاشته، وأشبه ماتكون بقصة قصيرة للامريكي هيمنجواي او الايطالي بيرانديلو او الروسي انطون تشيكوف ، من خلال شكل يتواصل مع الحساسية الجديدة في السينما ، ولغة السرد وقواعد الإنشاء او الإخراج او( الصنعة )السينمائية( كلمة صنعة كانت تطلق علي التآلف والإنشاء الموسيقي في الأندلس ) فاذا به اقرب الي الحفر علي الماس والنقش بالضوء علي الصخر والحجر، علي منوال.. وموال الألم، لأن الجروح الحقيقية يقينا هي التي تصنع شذرات الفن العظيم من الالم, وهي التي تمسك بجمال الحياة وعبثيتها في آن بأسلوب سينمائي فني يعتمد كما في فيلم " يوم آخر " علي إنشاء منمنمات او حكايات صغيرة مثل موتيفات وفتحات فن المشربية الارابيسك التي قد تبدو مفككة غير مرتبطة لكنها بتراكمها الصاعد تخلق توترا وتشويقا هيتشكوكيا آسران يجعلنا متلهفين علي معرفة تطور الحدث في الفيلم ، وينجح من خلا ل تراكم المشاهد والأحداث في تشييد البناء المعماري الروحاني للفيلم الذي ينسكب عذبا في أرواحنا.. ويرطب الحلوق المحروقة بالألم والحزن والشجن فيلم " تفصيص " كما أحب أن أطلق علي مثل هذه أفلام، مثل تفصيص حبات الرمان المسكر الحلو.. تحت شجرة ريحان في غرناطة فيلم " يوم آخر " علي مستوي الشكل ، يخلق كيانا صوفيا سينمائيا ، من حيث العلاقة مع الدين وعلم النفس وتطبيب القلوب وتعامله مع خلق الأحاسيس فلنجعل " يوم آخر " إذن تطبيبا للنفس اللبنانية المجروحة، و شباب لبنان الهائم علي وجهه في طرقات مدينة تحت الاعمار، وذاكرة وتاريخ تلك الحرب الأهلية المرعبة، الذي يسري في دمه مثل المرض اللعين الخبيث، يطارده وأينما حل يوم آخر: تمرينات روحية وواقع لبنان الآن ؟ كما يقترب الفيلم من إعمال المتصوفة الفنانين السينمائيين العرب الزاهدين، من حيث اهتمامه بتصوير مواجد و(حالات)، وعواطف وشطحات،ومشاعر وأحاسيس، يمتزج فيها الحزن بالألم، الثابت بالمتحول، والحضور والغياب، حتي تحين لحظة المخاض الخلاص، وإذا بالفيلم في النهاية ينفتح مثل وردة و كما تخرج العنقاء من وسط اللهب ، وتولد من جديد.. ينفتح علي الأمل الوليد.. وتلك اللقطات الجميلة المتفائلة التي ينتهي بها الفيلم، وقد راح بطله بعد ان قام من غفوته العميقة ، علي رصيف البحر، يخرج ويركض في شارع الكورنيش، في بيروت الناس والإنس والبحر، منفتحا علي الأمل في حياة جديدة، يتطهر فيها و نتطهر نحن معه، من كل أدراننا وسوءاتنا ،وبشجاعة الرجل الذي صعد إلي آخر درجات سلم اليأس والشظف والألم كما يقول نيكوس كازانتزاكيس في " تمرينات روحانية "، ندلف الي داخل المياه من دون وجل .نعم للحياة واستمراريتها، ونعم لإعادة استكشاف المكان من جديد ، لبنان الجديد تحت الاعمار،والمكان الذي انطلقنا منه فيلم " يوم آخر " اعتبره مكسبا للسينما اللبنانية والسينما العربية الجديدة، وربما كان أجمل ما في الفيلم هو انه يبعث علي التساؤل والتأمل والتفكير في واقع حياة لبنان الآن، ويجعلنا نعيش في الفيلم زمنه وإيقاعه، وانه يمسك حتي في أعلي لحظات استمتاعنا بأحداثه وشكله الفني البديع، يمسك بتوهج الحياة ذاتها.. لقاء مع الثنائي اللبناني تحية لجوانا وخليل الثنائي اللبناني الفني علي فيلمهما " يوم آخر " البديع الجديد الذي حصد العديد من الجوائز في المهرجانات السينمائية العالمية ومن ضمنها مهرجان سينما القارات الثلاث في نانت حيث فاز " يوم آخر " بثلاث جوائز دفعة واحدة من بينها جائزة المنطاد الفضي وجائزة أحسن ممثل.. وكانت " القاهرة" التقت جوانا وخليل في باريس وحاورتهما حول قضايا ومشاكل السينما في لبنان، حيث أكدا علي انهما رغم كل العقبات والمصاعب المادية والنفسية المرعبة، التي تحول دون قيام صناعة سينما في لبنان، وشبح الحرب التي يمكن ان تنشب في أية لحظة، اللهم أرحم، الا انهما عقدا عزمهما علي الاستمراية في السير علي ذات المنهج، والتشبث بذات " الخطاب "، في صنع افلام تشبهنا، وتعكس مشاكل ومتناقضات المجتمع اللبناني الجديد، وهموم اهله، مع التجريب في الشكل والصياغة، أي البحث الدؤوب في كيف نحكي ونقول، حتي تصبح السينما ابدا مفتوحة علي الحياة ، والحساسية الفنية الجديدة, ضد خزعبلات العاب الفيديو وكليباته، والهراء العام المنثور علي شاشات التلفزيون العربية... جريدة القاهرة في 25 أبريل 2006
المخرج الفلسطيني سعيد بنجاح «فتح عينيك» في رام الله... عثمان أبو لبن: أحلم بزيارة يافا وسأقدم فيلم آكشن عن القضية رام الله – يوسف الشايب على رغم أنه بدأ من «الفيديو كليب»، استطاع المخرج الفلسطيني عثمان أبو لبن أن يجد لنفسه في السينما المصرية، وعبر فيلمي «أحلام عمرنا» و»فتح عينيك» للنجم مصطفى شعبان، مساحة خاصة على الشاشة الكبيرة. واعتبر أبو لبن أن فيلمه «فتح عينيك»، الذي يحقق في فلسطين انتشاراً واسعاً، عبر عرضه في مسرح وسينماتك «القصبة» في رام الله، هو «الفيلم الأول له»، على رغم أنه سبق وأخرج فيلم «أحلام عمرنا» العام الماضي، وقال: هذا الفيلم بمثابة الخطوة الأولى لي في مجال الإخراج السينمائي، في حين أعتبر فيلم «أحلام عمرنا» مجرد بداية تعارف، وبطاقة الدخول الى هذا المجال... «فتح عينيك» الخطوة الحقيقية بالنسبة إلي. وعبر أبو لبن، لـ «الحياة» عن سعادته بنجاح الفيلم في فلسطين، وعن «اعتزازه بإعجاب النقاد والجمهور به»، مشيراً إلى أنه سيأخذ قسطاً من الراحة، قبل البدء في البحث عن سيناريو جديد... وقال: «لا أعلم ما اذا كان الفيلم المقبل مع مصطفى شعبان أم لا، حالياً لا أبحث عن سيناريو أو عمل جديد، أريد أخذ بعض الوقت للراحة»، نافياً وجود أي مشاكل صاحبت تصوير فيلم «فتح عينيك». وأكد أبو لبن أن «حلم حياتي أن أزور فلسطين»، وقال: «أنا فلسطيني لأم مصرية، هاجرت أسرتي إلى مصر عند احتلال يافا العام 1948 .. حدثني والدي كثيراً عن منزلنا في يافا، وعن جيرانه وعمله وحياته اليومية، كما حدثني عن لحظات الألم، ورغبته التي لم تتحقق بالعودة، أتمنى العودة إلى منزلنا في يافا ذات يوم، أو زيارته على الأقل».وتابع: كان لوالدتي دور كبير في حالة العشق التي تربطني بمصر، التي ولدت فيها، وتزوجت منها، وأعيش مع زوجتي وابني الرضيع خالد، فيها». وحول ما إذا كان يعد شيئاً عن فلسطين، قال أبو لبن: «أقرأ الآن سيناريوات عدة تتعلق بالقضية الفلسطينية، أو بمعنى أدق القضية العربية كما أفضل تسميتها، كونها أزمة مشتركة، أحلم أن أقدم عملاً يؤثر في الرأي العام العالمي، وبالأسلوب الإخراجي نفسه الذي أتبعه (الآكشن). الشعب العربي يهوى هذه النوعية من الأفلام، والتي لم تأخذ حقها في السينما العربية». وأضاف: «دراستي في الجامعة الأميركية أو في الولايات المتحدة لم تنسني القضية, بل على العكس تماماً، فمع كل يوم في أميركا كانت نار القضية تزداد في صدري اشتعالاً، وكذلك أشواقي لفلسطين وأهلها». وأشاد أبو لبن بالمستوى الذي وصلت إليه السينما الفلسطينية، التي كانت أول سينما عربية تحصل على جوائز عالمية بهذا الشكل، وتصل إلى المنافسة على «الأوسكار»، وقال: «شيء رائع أن نرى أفلاماً فلسطينية تنافس عالمياً، رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء شعبي بسبب الاحتلال». وحول بدايته كمخرج للفيديو كليب أوضح المخرج الفلسطيني: «عملي كمخرج للفيديو كليب أفادني كثيراً في العمل السينمائي، من حيث التآلف مع الكاميرا، كان أول إخراج فيديو كليب قمت به لهشام عباس في أغنية «عمال يحكي لي عنها»، والأخير هو «مش هاقول على اللي حصل» لحمادة هلال، الذي حاز جائزة النيل الدولية لأحسن إخراج. سأواصل العمل في الجانبين, فأنا لا أرفض إخراج أي فيديو كليب ما دمت مقتنعاً بالأغنية، لكن في وقت الفراغ، فالسينما هي الأهم بالنسبة الي الآن». الحياة اللبنانية في 21 أبريل 2006
|
جريج وجوانا حاجي توما عن فيلمهما الأخير "يوم آخر" عشية انطلاق عروضه المحلية
"في كل مشهد مساحة للمشاهد ليأخذ الفيلم
إلى حيث يستطيع أن يبني قصته فيه ريما المسمار |