هي فنانة مثيرة للجدل، لا تحب الحياة في البحار الهادئة، تريد أن تحيط بها الأمواج من كل جانب لتثبت قدرتها على التحدي والمغامرة.

لا يمكن اختصار حضورها في الحياة العامة كفنانة فقط فهي كاتبة وشاعرة وصحفية وست بيت، وكما تجيد تقديم الدور الجيد تجيد فن الطهي هي الفنانة رغدة التي أثارت الجدل حولها خلال الأيام القليلة الماضية عندما صرحت أن سيدة الغناء العربي أم كلثوم والفنانة فاتن حمامة ساهمتا في قهر المرأة.

سألتها في البداية:

·     صرحت خلال الفترة الماضية أن أغان أم كلثوم وأفلام فاتن حمامة ساهمت في قهر المرأة المصرية وهو الأمر الذي استفذ عدد كبير من عشاقهما.. فماذ الذي تقصدينه بهذا الرأي ؟

- فأجابت ''أنا لم أقصد أم كلثوم وفاتن حمامة بالذات وما صرحت به جري تهويله أكثر من اللازم من جانب البعض، وهذا ليس معناه أنني تراجعت عما صرحت به وما كنت أقصده  هو أن الفن لعب دوراً في تكريس دور المرأة المقهورة، ولم يقتصر الأمر على أم كلثوم وفاتن حمامة فقط هناك فيلم شهير جدا مثل البوسطجي رغم قوة موضوعه، إلا أنه كان يحمل تحذيرا لأية فتاة تحب وتتمرد وتنحاز إلى من اختارته وتتزوج من أحبته، وإلا سيكون مصيرها الذبح.

·         هل عانيت من القهر الذي تحدثت عنه بسبب انحياز المجتمع للرجل، أم أنك كنت دائماً متمردة؟

- طالما أن المجتمع ينحاز للرجل بشكل صارخ فمن المؤكد أنني عشت لحظات قهر في الطفولة وفي المراهقة والشباب، والحقيقة أنني تمردت علي هذا، إلا أن المجتمع كان أقوى من طموحاتي، ولكنني أعتبر نفسي أقل قهراً من الأخريات وفي بعض الأحيان المرأة تكون مسئولة عن قهرها.

·         هل كان انشغالك بالكتابة مقدمة لابتعادك عن التمثيل؟

- أستبعد حدوث هذا لأنني أتعامل مع التمثيل كهاوية، وأكون سعيدة جداً عندما أجد سيناريو جيد وفريق عمل قوي وآخر شيء أفكر فيه هو المقابل المادي.

·      من المعروف أنك مشغولة بأشياء كثيرة جدا مثل التمثيل والكتابة وكتابة الشعر والعمل العام فما الذي يقدمه لك الانخراط في العامل العام وحضور الندوات والمؤتمرات؟

- أنا أعتبر هذا هو دور الفنان الحقيقي الذي لا يجب أن يعيش داخل غرف مقلة داخل الاستديوهات والبلاتوهات ويعيش وسط الأدوار التي يقدمها فقط بل لابد أن يخرج للمجتمع ويعيش هموم المواطن العادي. وهذا يحدث من كل نجوم العالم، فالفنان عضو فعال في المجتمع والدين يدعوا للعمل العام.

·         ألا يأخذك الانخراط في كل هذه الأمور عن مهنتك الأساسية وهي التمثيل؟

- أنا لا أعرف أن أعيش كممثلة فقط أموت، فلابد أن أكون أماً مشغولة بأولادها وأحضر المؤتمرات والندوات لأعيش هموم الوطن الذي أنتمي إليه وأنا أتحدث في السياسة، لأنها مرتبطة بالاقتصاد وبالحياة الاجتماعية التي تنعكس علي كمواطنة لما أحب أن أعيش حالة الكتابة التي تعطيني قدرة علي الخيال والتحليق في الفضاء.

·         تعرضت للكثير من الشائعات بسبب ارتباطك بالعمل العام.. ألم تفكري في الابتعاد حتى تبتعد عنك الشائعات؟

- لم أندم علي عملي بالعمل العام وكل شيء في الحياة له ثمن وضريبة. ومازلت أدفع ثمن العمل العام ولم أهتز لحظة واحدة وأي ثمن أدفعه لا يساوي شيئا بجانب معاناة الشعب الفلسطيني والعراقي، ولا توجد أية حكومة في العالم أن تمنع رزق أحد، فهذا شيء بيد الله وحده.

·         وصفت نفسك قبل بداية الحوار بأنك غير دبلوماسية ألا يعد هذا عيبا في الممثل؟

- من المؤكد أنه عيب كبير، ولكن أحب أن أكون صادقة مع نفسي ولا أكذب على الآخرين وصراحتي هذه تبعدني عن الاختلاط بالآخرين حتى لا أدخل في مشاكل.

شخصية قوية

·         دائما ما يشاهدك الجمهور في الأدوار صاحبة الشخصية القوية هل أنت كذلك في الحقيقة؟

- لست كذلك في الحقيقة فأنا إنسانة بسيطة جدا وكما قدمت أدوار المرأة صاحبة الشخصية القوية قدمت دور المرأة المقهورة وليس صحيحاً أن الضعف من صفات المرأة فقد وضع هذا الموروث الرجال حتي يكونوا أصحاب الحق في كل شيء ونحن حاليا في أسوأ مراحل تاريخنا الاجتماعي والإنساني والاقتصادي فنحن في الحضيض.

·     في بدايتك الفنية قدمت أعمال قوية فرضت اسمك علي شاشة السينما.. فهل تعانين حالياً من العثور على أدوار جيدة تناسب مرحلة منتصف العمر التي تمرين بها؟

- البعض يتحدث حاليا علي اعتبار أن جيلي أصبح العواجيز في حين أن من يقلطون عليهم شباب يعملون منذ أكثر من عشرين عاما وأنا حاليا لا أستطيع أن أقدم دور فتاة جامعة ولابد أن يقدم الفنان الدور الذي يناسبه، فعندما قدم عادل إمام  فيلم ''عريس من جهة أمنية'' حقق نجاحاً كبيراً لأنه مناسب للمرحلة العمرية التي يمر بها كذلك عندما قدم الفنان الراحل أحمد زكي فيلم ''اضحك الصورة تطلع حلوة'' حقق النجاح نفسه والمناخ الفني حاليا أصبح غير جيد ورغم ذلك عندي دائما تفاؤل وطموح في تقديم أعمال لا تقل عن التي قدمتها قبل ذلك وخلال الفترة الماضية عرض علي أحد الأفلام ورفضته وقدمته فنانة أخرى وسبب رفضي له أنه يواكب سينما الإفيهات، وأنا لا أستطيع أن أقدم هذا فأنا أعتبر نفسي ممثلة مسئولة عما تقدمه وأرقض أن أقدم أعمال هايفة حتى لو كانت ستحقق لي نجومية كبيرة، فأنا غير مهمومة بهذه المسميات وأنا لست نجمة وإنما ممثلة.

·         عدم شعورك بالنجومية ألا يجعلك أقل حماساً للعمل ويقتل عندم الرغبة في النجاح؟

- يوجد فرق كبير بين القناعة والطموح في كل شيء والإنسان كتلة واحدة، ولا أستطيع أن أقسم نفسي إلى أجزاء بحيث تكون عندي قناعة في شيء وعندي طموح في شيء آخر وأنا عندي قناعة في كل شيء، وبالتالي لابد أن تشمل الفن. وأمنيتي في الحياة أن أظل مستورة من الناحية المادية فسيارتي تعاني كثيراً من الأعطال منذ سنوات طويلة وهذا لا يغضبني وأكون سعيدة جداً عندما أركب تاكسي مثل بقية الخلق، فلا يوجد عندي طموح أن أركب سيارة أحدث موديل وعندي قناعة فنية أنني قدمت فنا جميلا علي مدي 23عاماً ولن أتنازل عن المستوى الذي قدمته قبل ذلك.

·         وإذا لم تجدي أعمالاً بالمستوي نفسه الذي قدمتيه قبل ذلك؟

- سأكتفي بما قدمته ولن أقدم أي أعمال جديدة.

·         تقديم أعمال متوسطة القيمة، أليست أفضل من الجلوس بدون عمل؟

- إذا لم أجد عملاً يضيف إلي في السينما، فعندي التليفزيون الذي أعمل على شاشته طوال عمري الفني، وليس حاليا فقط مثل نجمات السينما الجميلات بعد أن تغيرت ظروف السينما والحقيقة أنهن حققن إضافة للتليفزيون.

·     كنت الفنانة الوحيدة بين نجمات جيلها التي لم تنقطع علاقتها بالتليفزيون، فهل تأثرت باتجاه نجمات السينما إلى التليفزيون خلال الفترة الماضية؟

- لم أتأثر بهذا بدليل أنني أقدم عملا واحدا في العام كما كنت أقدم قبل ذلم وكنت محظوظة أن بدايتي جاءت قوية، حيث كان يوجد مناخ فني جيد فقد عملت مع كبار الصحفيين.

·         هل كان من الصعب أن يستمر جيلك بجوار الجيل الجديد؟

- هم قدمون نوعية مختلفة وبعيدة تماما عن اتجاهنا تخيل نجما أو نجمة تعمل مع أحد في ''الملطشة'' والمصيبة أنهم يقومون بكتابة الفيلم بعد موافقة البطل.

·         إلهام شاهين وليلي علوي ويسرا لهن تجارب مع نجوم الشباب، فما سبب ابتعادك عن هذا الجيل؟

-  عملت في هذه التجارب فقد قدمت مع الراحل علاء ولي الدين فيلم ''عيون الصقر'' وهذا الفنان افتقدناه، وأعتبر محمد هنيدي ممثلاً موهوباً وكان من الممكن استثماره بشكل جيد، وأتمنى له التوفيق في تجربته الجديدة.

·         هل من الصعب أن يسترد جيلك مكانته الفنية علي شاشة السينما؟

- لا توجد أية صعوبة في هذا، فأنا أعتبر الأرضية السينمائية التي يقف عليها نجوم السينما الشباب هشة.

·         من الملاحظ أنه يوجد عند إصرار للابتعاد عن شاشة السينما خلال الفترة الحالية؟

- هذا الأمر ليس مقصود مني وغيابي بسبب ضعف السيناريوهات التي تعرض علي، وأنا أموت من الجوع ولا أقدم عملاً ضعيفاً.

·     لا يوجد فنان في العالم أدواره على نفس المستوى، حيث توجد له أعمال ناجحة وأخرى متوسطة وأيضا أعمال فاشلة، فلماذا لا تؤمنين بهذا؟

- أنا أعرف هذا الكلام جيداً، وبسبب اعتذاري عن الأعمال التي تعرض علي أنها ضعيفة من البداية، ومن الصعب أن تحقق النجاح وأي فنان يتمنى نجاح كل أعماله وفي بعض الأحيان يعرض عليه دور قوي ويقبله، ولكن العمل لا يحقق النجاح بسبب ظروف خارجة عن إرادته مثل التوزيع وعدم توفير دور عرض كافية، ولابد أن يسعي النجوم الكبار لإنقاذ السينما.

·         ولماذا لا تقومين بهذه المبادرة؟

-  أنا لا أفهم في الإنتاج وكل ما أفعله هو الوقوف بجوار فنان من الذين أنتجوا قبل ذلك وأحصل على أجري بعد عرض الفيلم.

·         اتجهت خلال الفترة الأخيرة للوقوف على خشبة المسرح.. هل كان هذا هروباً من الوضع الصعب للسينما؟

- كل ما في الأمر أن عرض ''حكاية لم تروها شهرزاد'' عندما عرض علي أعجبت به وقررت تقديمه والحمد لله لاقي العرض نجاحاً كبيراً ونجاحه دفعني إلى تكرار التجربة وهذا ما سأفعله في الفترة القادمة.

·         ما جديدك خلال الفترة القادمة؟

- أستعد للعودة للشاشة الصغيرة مع أحد أعمال الكاتب الكبير محمد جلال عبدالقوي الذي يتكتم تفاصيله حتي يبدأ التصوير.

·         بعيداً عن قهر المرأة ما هي آخر مشاريعك الفنية خاصة أنك بعيدة عن شاشة التليفزيون منذ أكثر من عام؟

- عرض علي خلال الفترة الماضية أكثر من عمل علي الشاشة الصغيرة، وبعد قراءة هذه الأعمال لم أشعر أنها ستقدم لي المتعة التي أبحث عنها عندما أقف أمام الشاشة فاعتذرت عنها، وأحد هذه الأعمال قدمته زميلة أخرى على الشاشة خلال شهر رمضان الماضي، وعندما شاهدته لم أشعر بالندم لأنني اعتذرت عنه.

·         هل ضعف الأعمال التي عرضت عليك فقط هي سبب غيابك أم أن هناك أسباباً أخرى؟

- الحقيقة كانت توجد أسباب أخرى، حيث انشغلت خلال الفترة الماضية بالكتابة وسرقني الوقت ولم أشعر إلا بعد مرور عام، ورغم فترة الغياب هذه، إلا أنني سعيدة جدا لأنني أنجزت شيئاً مهما بالنسبة لي وهو الانتهاء من كتابة قصتين يصلحان للسينما والتليفزيون، وسأبدأ خلال الفترة القادمة في تحضيرهما ودخولهما حيز التنفيذ، ولا أريد الحديث حول ما أطرحه فيهما من قضايا حتى لا تسرق الأفكار.

الوطن البحرينية في 17 أبريل 2006

 

زوزو قصة صبي لبناني بعدسة سويدية

فيلم عن ذكريات الطفولة وأشباح وأحلام الحرب

عصمان فارس/ ستوكهولم 

يعتبر فيلم Zozo من الافلام السويدية الجيدة والتي تضاف الي انجازات المخرج الشاب يوسف فارس بعد نجاح فيلمه Jalla.. Jalla والفيلم الثاني Kops .. تمتاز افلام يوسف انها ذات مواضيع اجتماعية مهمة وفيها مسحة كوميدية صادقة وهي من نوع كوميديا الموقف. وفيلم زوزو ممتع يتناول حياة قصة صبي عمره عشر سنوات يعيش في بيروت ايام الحرب الاهلية اللبنانية وصوت القنابل والانفجارات و زوزو اسم الدلع لهذا الصبي وهو الشاهد علي اجواء بيروت القتل والحرب والقتال العشوائي.. وسط اجواء الموت والمأساة تقرر عائلة زوزو الهجرة الي السويد للالتحاق بالاقارب وهما الجد والجدة يعيشان في السويد، وبعد رحلة مضنية الي السويد يلتحق الصبي بالمدارس السويدية لتعلم اللغة، وفي المدرسة يصادف بعض الطلاب وهم يسببون الازعاج له ويضايقونه وينهره الطلاب وينعتونه بالكلمات القاسية والمزعجة. وهو يخاف الاختلاط بهم، ومن المفارقات الكوميدية جده يشجعه علي الخصام مع هؤلاء الطلاب وضربهم وهذه مخالفة للقوانين السويدية، ولكن مع ذلك زوزو يود ان يختلط مع الجميع وينسجم معهم دون اي مشاكل ولكن دون جدوي وهذا شيء صعب وغير واقعي، وشخصية زوزو الصبي هي سيرة ذاتية وانعكاس لشخصية يوسف فارس وشعوره بالالم لأنه كان يحلم بسويد آمن والبلد الذي يحميه من الخوف والهلع الفارغ وعدم سماع ازيز الرصاص ورائحة الموت في بيروت.

وعندما جاء زوزو الي السويد كان جده هو المعلم الاول والمربي له، وهو نفسه الذي مثل دور الاب في فيلمه الاول يلا.. يلا ويعتبر زوزو جده الفيلسوف الذي يعطيه ويملي عليه النصائح لحمايته من المتوحشين في الحياة، وفيلم زوزو ذات مسحة كوميدية وتبرز فيه الكثير من ملامح القيم الانسانية والمعاني الهادفة والجميلة وقيم التعامل والاختلاط مع الآخرين والاندماج ضمن بوتقة الثقافة السويدية والعلاقات الاجتماعية والاندماج  والذوبان داخل اسرة كيان المجتمع السويدي وفق العلاقات الانسانية النبيلة، والفيلم ذات رسالة مهمة للبشر وكيفية التعامل بطبائع بشرية فيها نوع من المزاج الراقي والفكاهة والمزحة، وبما ان الفيلم هو سيرة ذاتية لطفولة المخرج يوسف فارس ويمتاز بقيمته الفنية والواقعية، طفولة في زمن الحرب بيروت واجواء الحرب وحالة الناس والحياة المسيئة والجامدة في زمن الحرب ينتهي كل شيء وتداس القيم الانسانية وتسود لغة الرصاص والمدافع وجحيم الانفجارات.. بيروت الملاجئ والاقنعة الواقية، لا ماء ولا كهرباء كل شيء مات ومعرض للموت.

زوزو ترك ملاعب كرة القدم وترك ذكريات مليئة بصور الطفولة ومشاكسات الاصدقاء والتجأ الي السويد بحثاً عن الحماية في المنفى داخل المدرسة وجد حياة العزلة والغربة ومحاولة التكيف مع الواقع الجديد. تمتاز افلام يوسف فارس بموضوعاتها الجميلة وانها جذابة وترضي الجمهور السويدي وكذلك المهاجرين لواقعيتها..

والفيلم عبارة عن ذكريات الطفولة واشباح واحلام الموت

موقع "ألف ياء" في 18 أبريل 2006

ضوء ... التجريب وسينما الهواة

عدنان مدانات 

السينما فن تجريبي بامتياز. هذا ما تؤكده كل مراحل تاريخ السينما باتجاهاته وتنوع تياراته ومدارسه. كانت السينما ساحة يجول فيها المخترعون لاكتشاف تقنيات عرض جديدة. كانت الأفلام السينمائية مادة جرّب فيها المخرجون والمصورون السينمائيون وسائل تعبير مختلفة في محاولة منهم لاكتشاف ماهية وإمكانات السينما نفسها. استخدم الفنانون التشكيليون السينما للعثور على أجوبة عن أسئلة مطروحة في حقل الفن التشكيلي. حاول الموسيقيون الاستفادة من السينما لإعطاء الصورة الموسيقية التجريدية شكلا مجسدا متحركا. وكل هذه التجارب، سواء أخفقت أم نجحت، أسهمت في توضيح إمكانات السينما كفن وتشكيل ما يسمى بلغتها. وبشكل عام يمكن القول إن التجارب التي ارتبطت بفن وتقنيات السينما كانت مرتبطة بهدف ولم تكن مجانية أبدا.

والآن، بعد قرن ونيف على ولادة السينما واختراع التقنيات الرقمية، بات سؤال التجريب يطرح مجددا وبقوة.

غير أن التجريب صار في بعض الأحيان يسير في منحى مختلف ويتحول إلى هدف بحد ذاته، أحيانا بسبب الهوس بإمكانات التقنيات الرقمية غير المسبوقة، وأحيانا أخرى بسبب الاستخدام المجاني لهذه التقنيات من قبل مخرجين غير موهوبين أو من قبل هواة يفتقرون إلى الخبرة والدراية والثقافة السينمائية. وفي النتيجة بدأ يظهر اصطلاح جديد من نوعه هو “السينما التجريبية”.

تاريخيا، لم يعرف تطور الآداب والفنون عالميا أسلوبا إبداعيا واحدا تجمد زمن الإبداع عنده ولم يتجاوزه، فقد كانت حركة الإبداع في الفن والأدب على الدوام في حالة تطوير مستمر في الأشكال والمضامين كما في الأساليب والمناهج الفنية. وإلى حد كبير يمكن اعتبار هذا التطور المتواصل قانونا ثابتا من قوانين الإبداع. والتطور يعني الجديد المتجدد.. المتجدد الذي يتحقق عن طريق البحث والتجريب، استنادا إلى ثلاثة أسس متداخلة أو منفصلة، الأساس الأول هو استناد التجريب إلى أرضية تقوم على ما هو متحقق تاريخيا في مجال الإبداع الفني والأدبي، أي إلى التراث الراسخ، والثاني هو التجريب المستند إلى موهبة إبداعية كبيرة، بحيث يكون التجريب نوعا من الاكتشاف واختراعا لأشكال وأساليب جديدة، أما الأساس الثالث فينطلق من موقف فكري فلسفي مسبق يسعى لمطابقة الإبداع مع الموقف والمفهوم الفلسفي وجعله معبرا عنه.

عرف القرن العشرون، والذي تميز بسرعة وتائر النمو فيه على مختلف الأصعدة وتنوع مساراتها، حالات من البحث المحموم عن أساليب جديدة ومدارس في الإبداع الفني والأدبي قادرة على التعبير عن طبيعة العصر وتعقيداته ليس فقط من خلال المضمون بل بشكل خاص من خلال الشكل، ونتيجة التنويع المتواصل في المدارس الإبداعية والتي يترسخ بعضها ويمتد أثرها طويلا في الزمن في حين يخفت بريق بعضها الآخر بسرعة، بدأ ينتشر مصطلح جديد، حل محل المصطلحات السابقة من نوع المدارس والأساليب الفنية، هو مصطلح التجريب. وصار هذا المصطلح مع الأيام شائعا مشاعا بحيث غالبا ما صار يتم استخدامه لتبرير صفة الغموض في الأعمال الأدبية والفنية، أو لتبرير أعمال فنية وأدبية ضعيفة الموهبة، أو أنها تعاني من خلل أسلوبي أو بنائي، فإذا ما وجّه اتهام لعمل فني بأنه ضعيف أو غامض، يأتي الرد سريعا بأنه عمل تجريبي. هكذا صار مصطلح أو مفهوم التجريب ملتبسا.

التجريب في واقعه هو من ناحية، علاقة ذاتية ما بين المبدع وفكرته الأولية، ومن ناحية ثانية هو علاقة ما بين المبدع وأدواته التعبيرية. واعتمادا على هذا الفهم فإنه لا يجوز أن ينعكس التجريب على الإنسان المتلقي للعمل الفني أي على القارئ أو المتفرج، لا يجوز أن يبدو العمل الفني في صيغته النهائية عملا محض تجريبي لم يجد تكوينه وشكله الخاص بعد، فالتجريب الحق هو الذي ينتج عنه عمل إبداعي مكتمل واثق من نفسه.

بهذا المعنى يمكن النظر إلى التجريب في الفن والأدب، مثلما يُنظر إلى العلم. إن أي إنجاز علمي هو في نهاية الأمر نتيجة لجهد تجريبي قام به عالم أو مجموعة علماء. وما يعرضه العالم على البشرية هو فقط النتيجة الكاملة المتكاملة التي توصل إليها وأصبحت منجزا علميا، أما أعماله السابقة وتجاربه فتبقى، على الرغم من أنها ستنعكس على منجزه النهائي علاقة خاصة بينه وبين محاولته تجسيد فكرته الأولية. هذا مع العلم بأن الكثير من التجارب تفشل ولا تفضي إلى نتيجة ولا تعود تعني أحدا، إلا باعتبارها تجارب فاشلة يجب عدم تكرارها.

إن الكاتب أو الفنان إذ يشرع في الاشتغال على عمل فني أو أدبي جديد، وإذ يهدف للتجديد وعدم تكرار ما تم التوصل إليه واكتشاف أساليب ووسائل تعبير جديدة، فإنه مثله مثل العالم يجري تجاربه داخل مختبره الإبداعي الخاص وعليه أن لا يخرج من المختبر إلا بنتيجة مجدية. وهذه الجدوى تحتاج إلى أن تستند التجارب إلى أصول وخبرات تربط فيما بينها لكي تتجسد في بناء متكامل بحيث إن النتيجة النهائية المطروحة أمام المتلقين على شكل لوحة أو قصيدة أو مسرحية أو فيلم سينمائي، يجب أن تكون محصلة متماسكة وذات منطق داخلي، وليس مجرد تجميع فيزيائي غير منتظم لعناصر تعبيرية متفرقة. وبهذا الصدد نستذكر العنوان الذي روّس به الشاعر رامبو أحد مقاطع كتابه المهم “فصل من الجحيم” وهو “كيمياء الكلمة”. فالتجريب الصحيح هو الذي يحدث فيه تفاعل يؤدي إلى امتزاج كيميائي بين العناصر التعبيرية المتجانسة بحيث يؤدي ذلك إلى إنتاج نوعية جديدة مكتملة الخصائص.

فالتجريب إذن هو أمر بين المبدع وذاته، ويجب ألا يبين للغير إلا باعتباره جوابا مجددا ذا بنية متماسكة على سؤال ذكي وجوهري.

لهذا السبب على الأغلب ظل مفهوم التجريب يعبّر عن الرغبة في التميز والتجديد الإبداعيين من دون أن يرتبط هذا المفهوم بالإقرار بوجود “مدرسة” أو مدارس فنية وأدبية تجريبية، ومن دون أن يؤدي رواج هذا المفهوم أو المصطلح إلى الاعتراف بالتجريب كنوع إبداعي مستقل، والتجريب في نهاية المطاف هو الوسيلة وليس الغاية.

الخليج الإماراتية في 17 أبريل 2006

 

رواية «عمارة يعقوبيان» فيلماً مثيراً ...وكتاب جريء بالانكليزية

القاهرة - أمينة خيري 

أخذت رواية «عمارة يعقوبيان» للروائي علاء الاسواني شكلاً جديداً بعدما تحولت فيلماً سينمائياً.

تصور الرواية في شكل جريء وحاد الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والديني في مصر، وتعرضت منذ صدورها في 2002 لانتقادات، لا سيما من جهتين اساسيتين، الأولى: «الحرس» القديم في عالم الأدب والرافض الدماء الجديدة الى عالمه على رغم أن عمر أسواني تعدى الثامنة والخمسين. والثانية: أنصار «كله تمام في بلادنا»، ولا تصح «تعرية» الواقع المؤلم سواء كان سياسياً أو دينياً أو أخلاقياً.

المشكلة الرئيسة التي يتوقع أن يواجهها الفيلم تتمثل في «حاتم رشيد» الصحافي الشاذ وصاحب الشخصية الرئيسة في الرواية، وبالتالي الفيلم. ومع أن الفيلم يحوي أسماء عدد ضخم من الأسماء العملاقة في عالم التمثيل، إلا أن عملية البحث عمن يؤدي هذا الدور كانت شاقة وعسيرة· ويكفي أن ثلاثة ممثلين رفضوا اداءه خوفاً من ردود الفعل حياله، وهم: فاروق الفيشاوي وهشام عبدالحميد وأحمد بدير، لكن الفنان خالد الصاوي رضي به، وهو صاحب الآراء والمواقف السياسية المثيرة للجدل أصلاً.

لم يعبأ الصاوي بما يمكن أن يتعرض له مثلما حدث قبل ما يزيد على ثلاثة عقود حين قام الفنان يوسف شعبان بدور رجل «مثلي» في فيلم «حمام الملاطيلي» ووجه إليه سيل من الانتقادات.

صحيح أن القيام بدور الرجل «المثلي» ليس حدثاً جديداً في السينما المصرية، فأدوار «صبي العالمة» التي قام بها ممثلون مثل فاروق فلوكس وغيره كثيرة، هذا إضافة إلى مئات التلميحات في هذا الشأن وهي مفهومة شعبياً. لكنها المرة الأولى تكون فيها إحدى تلك الشخصيات «محورية» في عمل سينمائي، أو في معنى أدق انها المرة الأولى تكون فيها هذه الشخصية واضحة وصريحة ولها وجود وكيان بعيدان من الشكل الهزلي المثير للضحك والسخرية، والاحتقار طبعاً.

وإذا كـانـت هـذه الـشـخـصـيـة أثـارت زوبعـة مـن الانـتـقـادات في «فنجان» رواية علاء الأسواني قبل تحويلها فيلماً، فإن خروجها إلى الجماهير التي ترتاد الصالات بدلاً مـن الفـئـة المـحـدودة جـداً التي تقبل على شراء رواية لقراءتها، وهي غالباً تتـمتع بحد أدنى من الثقافة، سيجعل من تجسيد الشخصية «لحماً ودماً» على الشاشات «حرباً» وليس «زوبعة» في فنجان، على رغم أن «عمارة يعقوبيان» باعت ما يزيد عـلى 800 ألف نسخة منذ صدرت في عـام 2002 وترجمت حديثاً الى الفرنسية وصـدرت عن «دار اكت سود» ولقيت نـجاحاً، اضافة الى ترجمتها الانكليزية.

وكالعادة تم تفسير «عمارة يعقوبيان» إلى لغات أجنبية في ضوء نظرية «المؤامرة» الغربية التي تستهدف تسليط الضوء على «الغسيل القذر»، وتشجيع الفسق والترويج للفجور، وكأن الإشارة إلى وجود شخصيات مثلية حقيقية تعيش في عالمنا العربي تعصف بسمعتنا ومظهرنا وثقافتنا التي يجب ألا تشوبها شائبة، أو ينتقص من قدرها خروج على الأعراف والعادات والتقاليد والقيم والمبادئ التي يسعدنا التغني بها ليلاً ونهاراً. ولعل خروج كتاب باللغة الإنكليزية عنوانه «حب غير متكلم عنه» أو (Unspeakable Love: Gay and Lesbian Life in the Middle East) لا يحتاج إلى مزيد من الجهود في نظرية المؤامرة، لا سيما إذا كان مؤلفه هو بريان ويتاكر محرر شؤون الشرق الأوسط في جريدة «غارديان» البريطانية الواسعة الانتشار.

يغوص ويتاكر من خلال كتابه «القنبلة» في أغوار الحياة اليومية للمثليين والمثليات في العالم العربي. إذاً، فهو يتعدى مرحلة التساؤل والاتهامات المصاحبة عما إذا كان هناك وجود للمثلية في هذا الجزء من العالم إلى مرحلة أكبر، وهي كيف يعيش أولئك، وطبيعة علاقاتهم بأسرهم وأصدقائهم، ومدى تقبل المحيطين بهم لهم.

الكتاب الذي صدر حديثاً عن دار الساقي في بيروت يطرح سؤالاً: هل سيوزع في بقية العواصم العربية الأقل «انفتاحاً»؟ ولو لم يصدر الكتاب في بيروت، فإن الحديث عنه في وسائل الإعلام سيفتح على ويتاكر ودار النشر قدراً غير قليل من الهجوم، وغالب الظن أن ويتاكر يتوقع ذلك·

الحياة اللبنانية في 17 أبريل 2006

 

سينماتك

 

قالت إن صراحتها أبعدتها عن الآخرين رغدة لـ«الوطن» :

السينما المصرية أصبحت «ملطشة»

حاورها في القاهرة - عصام الدين راضي

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك