الفوضي الخلاقة‏,‏ ذلك المصطلح الذي أطلقته كونداليزا رايس‏,‏ علي أنه سياسية دولية بالنسبة للشرق الأوسط‏,‏ والكاتب محمد حسنين هيكل‏,‏ الذي قرأ من خلاله الوضع الحالي في المنطقة العربية‏,‏ حيث تختلط الأوراق وتتناثر في حالة فوضي‏,‏ قد ينتج عنها ترتيب أوضاع جديدة‏,‏ وبما أن السينما هي مرآة للمجتمع‏,‏ تعكس كل حالات عدم الانضباط التي تسوده‏,‏ فهي بالضرورة أصبحت تعيش حالة من الفوضي تتماشي مع كل ما نشاهده‏,‏ ولذلك ليس من الغريب أن نجد أن مخرجنا يوسف شاهين‏,‏ يحضر لفيلمه الجديد بعنوان هي فوضي‏.‏

كنا قد نوهنا في الأهرام العربي وبالتحديد في العدد السنوي‏,‏ عن حجم الاستثمارات العربية ورءوس الأموال التي أصبحت تتدفق إلي السوق المصري‏,‏ وطرحنا تساؤلات حول ماهية هذه الأموال التي رأي البعض أنها قد تكون عمليات غسيل أموال؟‏!‏ ورفض البعض الآخر هذا التحليل مؤكدا علي أن كثرة عدد القنوات الفضائية التي تقوم بالأساس علي عرض الأفلام السينمائية‏,‏ هو ما زاد من حجم الاستثمارات خاصة أن الفيلم أصبح مضمون الربح علي المدي البعيد‏.‏

ترتب علي هذه الأوضاع وجود أفلام ذات إنتاجات ضخمة تخطت ميزانياتها الـ‏20‏ مليون جنيه‏,‏ وأفلام متوسطة التكلفة‏,‏ وأفلام راق للبعض أن يطلق عليها أفلام بير السلم‏,‏ خاصة أنه يتم تصويرها بنجوم ليس لهم علاقة بفن التمثيل‏,‏ وتكون أقرب إلي الإستهبال الفني‏,‏ ويتم عرضها لفترات قليلة بدور العرض‏,‏ ثم تباع إلي الفضائيات التي تحتاج إلي ملء فضائها في الـ‏24‏ ساعة‏.‏

الأهرام العربي تفتح ملف الفوضي التي تجتاح السوق السينمائي‏,‏ خاصة أن المسألة في هذا النطاق لا تخلو من مظاهر إيجابية تتمثل في زيادة عدد دور العرض‏,‏ وزيادة المعروض من الأفلام‏,‏ تقديم الكوادر الفنية الجديدة‏,‏ تطور المعامل السينمائية وتقنيات الصناعة بشكل عام‏,‏ تنوع الأفلام والتي ظلت في فترة من الفترات محصورة في اللون الكوميدي‏.‏

في نفس الوقت يشهد السوق السينمائي نموا في حركة السينمائيين المستقلين‏,‏ بعدما تأسست شركة سمات للإنتاج السينمائي التي تقوم بدعم الأفلام القصيرة والتسجيلية وظهرت مجموعة أخري من الشركات الصغيرة‏,‏ أو التجارب الفردية التي تقدم إنتاجها في مجال الأفلام القصيرة والتسجيلية‏,‏ ومن إيجابيات هذا التيار المستقل قيام سمات بالتأسيس لقافلة السينما العربية ـ الأوروبية‏,‏ بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس ومهرجان روتردام للفيلم العربي‏,‏ ومهرجان أيام بيروت‏,‏ حيث شهدت القاهرة والإسكندرية عروضا متميزة لأهم الإنتاج السينمائي العربي والأوروبي في السنوات الماضية‏,‏ والجميل هو نجاح السينمائيين الشباب من خلال تعاونهم معا في دعم وتبني فكرة قافلة السينما والتي ستجوب بلدانا عربية‏,‏ الأردن‏,‏ ثم بيروت‏,‏ ثم دول أوروبية مثل هولندا وباريس‏,‏ وغيرها من المدن‏.‏

تلك هي ملامح السوق السينمائي المصري والذي يشهد لخبطة كبيرة لذلك فتعليق الفنان محمود حميدة‏,‏ والذي ذكره لي مرارا في أكثر من حوار‏,‏ إن غياب القانون هو السر الحقيقي وراء أزمة السينما المصرية سواء في أزمة قلة الإنتاج سابقا أم في ظل الظروف السائدة حاليا‏,‏ فالإنتاج السينمائي الذي ظل يعتمد لفترة طويلة علي الأفراد ثم تحول إلي شركة متوسطة‏,‏ وشركات برءوس أموال في حدود الـ‏50‏ إلي‏100‏ مليون‏,‏ وبعد ذلك حدث التحول الكبير في دخول عماد الدين أديب‏,‏ إلي السينما وقيامه بإنتاج عمارة يعقوبيان بتكلفة‏22‏ مليون جنيه‏,‏ وكذلك حليم‏16‏ مليون جنيه‏,‏ وتخيل لصاحبها ناصر الخرافي‏,‏ والذي بدأ أولي إنتاجاته بفيلم الآباء الصغار للنجم السوري دريد لحام‏,‏ والذي لم يحقق نجاحا يذكر في السوق المصرية‏,‏ ويستعد حاليا لـ الملك فاروق ورجل الأعمال الأردني وليد الكردي‏,‏ صاحب دولار فيلم‏,‏ وبدأ إنتاجه بفيلم الحاسة السابعة وحاليا فيلم أحلام حقيقية والذي تتراوح ميزانيته من‏8‏ إلي‏10‏ ملايين جنية‏.‏

ويشهد السوق كذلك دخول الأمير ترك بن عبدالعزيز‏,‏ والذي قام بالاتفاق مع وحيد حامد‏,‏ علي كتابة فيلم سينمائي عن عبارة السلام أو عبارة الموت وهناك رجل الأعمال كامل أبوعلي‏,‏ صاحب الباتروس للإنتاج والذي تقوم شركته بإنتاج الأفلام التجارية مضمونة الربحية‏.‏

كما يقوم حاليا رجل الأعمال أشرف مروان‏,‏ بتأسيس شركته الجديدة في مجال الإنتاج السينمائي بعد افتتاحه قناة ميلودي للأفلام‏,‏ وكذلك رجل الأعمال نجيب ساويرس في محاولة للحاق بالشيخ صالح كامل‏,‏ والوليد بن طلال‏.‏

يعلق المخرج السينمائي داود عبدالسيد‏,‏ علي الفوضي التي تسود السوق المصري‏,‏ قائلا‏:‏ غياب القانون عن الصناعة هو سر أزمتها الحقيقية‏,‏ ولكن ما يحدث الآن ليس بالشيء السلبي تماما‏,‏ فلو أن المسألة تم تنظيمها ستتعدد الأنماط الإنتاجية وسيكون ذلك في صالح الصناعة وليس ضدها‏,‏ والحركة التي تحدث حاليا هي في حد ذاتها مؤشر إيجابي‏,‏ أما بالنسبة لرءوس الأموال العربية‏,‏ فمنذ زمن طويل وصناعة السينما تعتمد عليها‏,‏ من أيام ماري كوين وآسيا‏,‏ وجان خوري‏,‏ ومثلا المنتج حسين القلا الذي قدم مع مخرجي الثمانينيات مجموعة من أهم أفلام السينما المصرية‏.‏

أما المنتج هاني جرجس فوزي‏,‏ والذي يعود للسينما بعد غياب وآخر أفلامه بحب السيما يتفق مع طرح داود عبدالسيد‏,‏ في أنه علي الرغم من اللخبطة التي تسود حاليا فإن الحركة التي يشهدها السوق هي شيء إيجابي‏,‏ وأكد أنه عاد للسوق بخطة محددة وهي إنتاج أفلام متوسطة التكلفة بكتاب ومخرجين جدد ونجوم يتبناهم‏,‏ وسيكون الرهان في هذه الحالة علي جودة الأعمال المقدمة‏,‏ وبالتأكيد ستكون لدي هذه الأفلام فرصة في العرض بدور السينما إلي جانب الترشيح في المهرجانات‏,‏ وذلك في نفس الوقت لا يتعارض مع فكرة قيامه بإنتاج فيلم لهاني رمزي‏,‏ أو غيره‏,‏ حيث يحضر حاليا لبدء تصوير فيلم هاني ظاظا رئيس جمهورية والذي يعود به المخرج علي عبدالخالق للسينما بعد آخر أعماله يوم الكرامة‏.‏

تلك هي حال السوق السينمائي المصري الذي يشهد صراعا عنيفا بين رءوس الأموال العربية سواء علي الإنتاج السينمائي أم النجوم المصرية‏*‏

الأهرام العربي في 15 أبريل 2006

 

«سيريانا» تحالف المال والسياسة والفساد

حسين قطايا

«سيريانا» فيلم ينتمي إلى نوعية «البولار»، أي التوتر. «بولار» سياسي متضمن حيثيات اجتماعية وأخرى انسانية. لا يتوانى عبرها السيناريست ستيفن غاغان في اخراجه ا لثاني عن دفع كل أحداث الفيلم من نوافذ كثيرة، تصب بمجملها فوق منصة واحدة، مركبة، منفصمة، فاسدة، ضيقة مثل كوكب الأرض، الذي لا يتسع لحكاية سيريانا، المرتبطة ببعضها عنوة، في خيط من حكائية مبعثرة، وممزقة، تمزق الاتجاهات الفكرية لتعدد أنماط الحياة الاقتصادية وما تنتجه من تنوع ثقافات، تصير حجة لإشعال الحروب والصراعات الدموية.

حين يقوم كاتب سيناريو بإخراج عمل سينمائي وإدارته بالكامل، لابد وان يكون البناء الدرامي قد شيد باحكام، ولا تعود لنجومية الممثل أهمية في انجاح العمل بمعنى ان ليس من فرصة لبطولة سوى «الحكاية» والعمل بكل تفاصيله مجتمعة أي ان الممثل يؤدي دوراً مندمجاً في عمل جماعي، هذه ميزة جديدة في عالم الفن السابع تلامس أسلوب الانجاز على خشبة المسرح بكل تنوعاته لا يقدم الفيلم الكثير من التفسيرات الجديدة لتحالف الرأسمال والشركات الضخمة مع أجهزة المخابرات والاداراة السياسية، فالكثير من مفكري القرنين التاسع عشر والعشرين وفي طليعتهم كارل ماركس بنوا مستوى من نظرياتهم لتطور الأنساق الاقتصادية على هذا النحو وكذلك لا يمكن اغفال تحذيرات صدرها العديد من سياسي الغرب والشرق حول التخوفات من تحالف مراكز القوى مع بعضها ومهما يكن من أمر.

فقد عرف غاغان كيف يطوع مروية روبرت باير عن كتابه «سي نو إيفيل» إلى عمل بصري متماسك بإدارة تصوير وسينوغرافيا للمخضرم روبرت آلسويت الذي أدهشنا بعمله مع جورج كلوني في «غودنايت آند غود لاك» المصوّر بالأبيض والأسود، فاختياره لزوايا اللقطات جاء رمزيا يشي بغرضه في «سيريانا» خصوصاً تلك التي داخل السيارات أو في إقلاع وهبوط الطائرات، إلى الكلوزات التي منحت كل كادر استقلاله الكامل من جهة، والتصاقه بالنسق البصري من جهة ثانية.

* انتقادات إلى كلوني

تعرّض الممثل جورج كلوني إلى انتقادات حادة من أوساط اليمين المحافظ المسيطر على القرار في الإدارة الأميركية الحالية. كونه شارك في إنتاج «سيريانا» إلى جانب استوديوهات «ورنر بروس» الضخمة.

وهو من فكر وأعد هذا المشروع منذ بدايته. فاقترحه على ستيفن غاغان، وأمن له التمويل اللازم بمساعدة صديقه وشريكه في بطولة الفيلم مات دامون، فاتهمه البعض بأنه أساء كثيراً إلى الليبرالية الأميركية بمفهوميها كحرية اقتصادية وسياسية، وتناسى هؤلاء أن مساحة الحرية «الليبرالية» تتسع لمن يريد الإشارة إلى فساد في سلوكيات أفراد ومؤسسات أحياناً.

فالديمقراطية في جوهرها حق للاختلاف، ليس كشعار فقط، بل إن مراكمة العمل بهذا المفهوم المفترض أن يؤدي إلى سلوكيات مشبعة بأخلاق إنسانية، تبتعد بالإنسان عن استغلال أخيه الإنسان. هذا طموح بالطبع، يمكن أن يتحقق بمثابرة المثقف الفنان على طليعية دوره الوجودي.

هذا الوعي اكتسبه جورج كلوني أولاً من والده الصحافي الذي واكب المرحلة المكارثية، ومن ثم متابعته الحقيقية لما يجري في عالم اليوم من أحداث، تقض مضجع البشرية، لما فيها من إراقة دماء تصيب الفقراء في العالم الثالث بضراوة، قد يتشظى منها البعض في العالم الأول.

لا شك بأن فيلم «سيريانا» عمل فضائحي، يكشف زيف سياسات أميركية، وتأثير تجارة النفط عليها، فالشركة النفطية «كونيكس» الضخمة تحاول ابتلاع شركة أصغر منها حصلت على عقد استخراج النفط من كازاخستان، والمخابرات الأميركية تجند عناصرها لخدمة الأثرياء.

فتتاجر بالأسلحة مع أجهزة مخابرات معادية، وتسعى لقتل أمير عربي غايته الإصلاح وتطوير بلاده نحو الديمقراطية، وتشجع والده الملك على توريث السلطة إلى شقيقه الأصغر الخاضع كما الوالد لما تمليه عليه كونيكس ومحاميها الذي يبدو كشيطان بهيئة إنسان.

والأهم أن الفيلم يشير بوضوح إلى أن البطالة والسياسات الأميركية المعولمة «المتوحشة» هي المحرض الرئيسي لإنتاج التطرف والإرهاب في العالم الإسلامي إلى جانب رسالة الفيلم التي يريد أن يقولها ينجح مخرجه في إدارة ممثليه، وسرد قصته بمهنية عالية سوف تؤكد حضوره المستقبلي كمخرج جديد لامع.

البيان الإماراتية في 15 أبريل 2006

 

أفلام الصيف تصطدم بمباريات كأس العالم

درويش برجاوي 

المعروف في السينما المصرية، ان الموسم الصيفي هو موسم صيد الملايين التي تتراوح بين 80 ومائة مليون جنيه في أشهر يوليو، اغسطس، وسبتمبر، وتكون بداية عروض الأفلام الجديدة في النصف الأول من شهر يونيو بعد انتهاء الموسم الدراسي مباشرة.

وفي الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة تصوير الأفلام المضحكة، وانتهاء تصوير بعضها، للحاق بموسم الصراع والتنافس، فان احدا لم يعلن بعد عن تحديد مواعيد عرض هذه الأفلام، باستثناء فيلمين فقط تأكد الاعلان عن عرضهما هما: 'عمارة يعقوبيان' لمجموعة من النجوم على رأسهم عادل امام ونور الشريف ويسرا، و'حليم' للفنان الراحل أحمد زكي، ومعه ايضا مجموعة من الفنانين، بينهم ابنه هيثم الذي يخوض تجربة التمثيل لأول مرة، وكلا الفيلمين تزيد مدة عرضه على ثلاث ساعات، وهو أمر غير مألوف في السينما المصرية.

ويكاد يكون من المؤكد ان يكتسح هذان الفيلمان ايرادات الموسم، في مواجهة فيلم محمد سعد 'تتح' من اخراج احمد عواض، وفيلم محمد هنيدي و'وش اجرام' من اخراج وائل احسان، وفيلم هاني رمزي 'ظاظا رئيس جمهورية' من اخراج علي عبدالخالق، وفيلم 'جعلتني مجرما' لأحمد حلمي، من اخراج عمرو عرفة، وأخيرا فيلم 'لخمة راس' لأشرف عبدالباقي ومعه احمد رزق، من اخراج احمد البدري، هذا بالاضافة الى بضعة أفلام لا تنتمي الى الكوميديا ومن نجومها كريم عبدالعزيز، واحمد عز، ومصطفى شعبان، واحمد السقا، مما ينبئ بموسم سينمائي ساخن.

لكن الكثير من المنتجين والنجوم بدأوا يتخوفون من الموسم السينمائي، ويفكرون في تأجيل عرض أفلامهم، لسببين مهمين، أولهما الخوف من عدم القدرة على تحقيق ايرادات عالية في مواجهة فيلمين قويين هما 'عمارة يعقوبيان' و'حليم' اللذان سيعرضان في غالبية دور العرض، اما السبب الثاني فهو بطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستلتهم مدة شهر كامل من أشهر الموسم السينمائي الصيفي الثلاثة، التي ستبدأ من 9 يونيو الى 9 يوليو، اي في عز الموسم الصيفي لجمهور السينما، الذي يبدأ في التوجه الى المصايف البحرية في الاسكندرية والساحل الشمالي في شهري يوليو واغسطس.

ومن المؤكد ان كرة القدم العالمية ستؤثر بشكل واضح وكبير في ايرادات الافلام كلها، حتى الأفلام التي ستفرض وجودها على شباك التذاكر، وقد يكون ذلك سببا لإعادة الحياة الى بقية شهور السنة غير الصيفية، بعرض الأفلام الجديدة على مدار العام، وليس في أشهر الصيف فقط.

القبس الكويتية في 16 أبريل 2006

تطرح سينما ذات رسائل وأفكار

أفلام جديدة تعرض قضايا خطيرة

هوليوود - محمّد رُضا

حين أنجز جورج كلوني فيلمه الممتاز “ليلة طيّبة، وحظ سعيد” قال لأحد النقاد: “أريد لهذا الفيلم أن يثير في هوليوود والحياة الأمريكية عموماً ما أثارته أفلام الستينات والسبعينات عندما كانت تطرح قضايا مهمة من دون أن تكون عبئاً على المشاهدين. أفلام لا تخطب بل تكشف وتثير وتطرح التساؤلات”.

كرر القول نفسه في مقابلة ثانية إثر “سيريانا” منوهاً عن أفلام لمخرجين من أمثال هال أشبي وفرنسيس فورد كوبولا وألان ج. باكولا صاحب “المنظر المتوازي” أحد أهم الأفلام التي أحتوت على قيمتين عاليتين، واحدة في نطاق الفن والأخرى في نطاق الموضوع المطروح.

لا أستطيع القول إن كلوني شق الطريق بفيلميه هذين لكنه بالتأكيد ساهم في ذلك. فحالياً تطالعنا مجموعة من الأفلام الجديدة التي تطرح مواضيع سياسية واجتماعية شائكة. بعضها يستند الى أحداث حدثت وأخرى الى أحداث خيالية تماماً، لكن المقصود واحد: طرح ما يمكن تسميته ب “بعد سياسي” او ب “رسالة الفيلم” وذلك بحد ذاته عودة جيّدة لسينما آمنت بأن لكل فيلم رسالة وأن ذلك لا يتعارض لا مع الفن أو الترفيه إذا ما كان المخرج يريد إيصال رسالته تلك الى أوسع عدد ممكن من المشاهدين.

التالي بعد النماذج لأفلام انتهى تصويرها او يكاد دون أن ننسى أن “ميونخ” لستيفن سبيلبرج (ويُفتتح قريباً في بعض مدن العالم العربي) من الأعمال التي لا يمكن أن نمر من دون ذكر “ف للإنتقام” المعروض حالياً والذي يطرح الصراع بين السلطة والشعب داعياً الى حل “ثوري”.

“كل رجال الملك”

هناك فيلم للراحل آلان ج. باكولا عنوانه “كل رجال الرئيس” (1973) حققه حول فضيحة ووترجيت، لكن هذا الفيلم لا علاقة له به بل بآخر كان روبرت روزّن (مخرج راحل عمل في الثلاثينات والأربعينات حتى سقوطه ضحية المكارثية في الخمسينات) حققه حول سياسي انطلق في حملته لدخول انتخابات الكونجرس الأمريكي معتمداً على علاقته الوثيقة بالناس. لكن حال وصوله الى السلطة استدار وأخذ يمارس السياسة. شون بن، من بين كل الممثلين، هو الذي أختير ليلعب البطولة. هذا وحده يجب أن يضع الفيلم في نطاق الأعمال التي يتوقع لها اهتماماً. الى جانبه جد لو، كيت وينسلت، أنطوني هوبكنز ومارك روفالو.

“مادة ساخنة”

الشيء المشترك بين “الجنة الآن” لهاني أبو أسعد و”ف للإنتقام” لجيمس ماكتيج هو التالي: كلاهما ينزح لتصوير الجانب الإنساني للإرهابي (او من يُسمّى بالإرهابي بين مصطلحات اليوم). “مادة ساخنة” هو ثالث هذه المحاولات من حيث إنه يصوّر حياة المناضل الجنوب أفريقي باتريك شاموسو، الذي مال للنضال المسلح وسُمي إرهابياً أيضاً، في الفترة التي كان فيها النظام العنصري سائداً هناك. الأحداث، المنسوجة من الواقع، تصوّر ذلك العامل في مضخة نفط يتحوّل الى العنف بعدما تعرّض وزوجته الى اعتداء البوليس الأبيض. يقوم بالدور ديريك لوك والمخرج (الأسترالي الأصل) فيليب نويس صاحب المسيرة الحافلة بالكثير من الأفلام التي تدعو الى الاحترام من بينها “موجة حارة” (1982) و”ألعاب وطنية” (1992) و”الأمريكي الهاديء” (2002).

“يونايتد 93”

يعود العنوان الى اسم الرحلة التي أقلعت في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 والتي تحطّمت بعمل إرهابي من دون أن تبلغ هدفها الذي قيل إنه البيت الأبيض. وهي الطائرة الرابعة التي سادها صراع بين الخاطفين والركّاب والتي انتهت محطّمة بعيداً عن هدفها. المخرج الأيرلندي بول جرينجراس، الذي حقق “سيادة بورن” و”الأحد الدامي” من قبل، يلتزم بالرواية الرسمية مع بعض التعديلات وسيتطلب الأمر قوّة إرادة والكثير من كبت المشاعر العاطفية عند مشاهدة الفيلم مهما كان الموقف الشخصي من كل التركيبة التي صاحبت وتبعت ذلك التاريخ المشؤوم.

آخر ملك لاسكتلندا

رغم عنوانه، فإن المقصود ليس اسكتلندا بل يوجاندا، وليس هناك من ملك بل قصة حياة الرئيس عيدي أمين الذي صوّره الغرب على ما صوّره عليه من همجية ووحشية منذ أن بدا واضحاً أن الرجل لديه موقف معاد ل “إسرائيل”، ربما كانت له سيئاته، لكن مع عدم وجود نظرة سينمائية واقعية له (ووجود أفلام سابقة كان همّها الحديث سلباً عنه) كيف نصدّق وجهة نظر واحدة؟ ما نعرفه عن “آخر ملك لاسكتلندا” هو أنه من إخراج كيفن مكدونالد، المتحوّل هنا من ناصية الفيلم التسجيلي. ولابد من ملاحظة أن هذا الفيلم الغربي عن افريقيا يتبع سلسلة بدأت قبل عامين وظهر منها عدة أفلام أهمها “فندق رواندا” و”سيد الحرب” و”الحدائقي الدائم”.

“المدينة المفقودة”

بعدما استمعت الى أندي جارسيا قبل بضعة أعوام يتحدّث في السياسة أستطيع القول إن هذا الفيلم سينتمي الى اليمين. جارسيا الذي هربت أسرته من حكم كاسترو وهو أحد المعادين للرئيس الكوبي، شأنه في ذلك كل المهاجرين من الجزيرة، وفيلمه يدور عن النظام الكوبي وكيف دمّر فيديل كاسترو البلاد ونشر الفقر وأعاد البلاد الى الوراء. هذا المتوخى من الفيلم يؤكده جارسيا حين يقول مؤخراً:

“أنا مهاجر سياسي من كوبا وثمار وضع إيديولوجي قسّم بلادي”. جارسيا، الذي ظهر في “أوشن 11” من بين أفلام أخرى أخرج الفيلم ويقوم ببطولته.

“مركز التجارة العالمي”

المخرج أوليفر ستون ينهض من دمار “الإسكندر” الذي كاد أن يقضى تحته عائداً الى نوعيته المفضّلة من الأفلام، التي تمزج بين الحدث والقراءة الموازية له وسبق له أن أخرج “نيكسون” و”جون ف كندي” و”مولود في الرابع من تموز/ يوليو” بنفس الطريقة متناولاً ما يوصف بنظريات المؤامرة متوازية مع نسخته مما حدث.

لكن المخرج ستون يعرف ما يواجه في فيلم يدور حول الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وسيكون من الشجاعة بمكان أن يدلي بما يؤدي الى مناهضة الرواية الرسمية عما حدث لبرجي مركز التجارة العالمي. رغم ذلك، فإن الفيلم، مثل الأفلام المذكورة قبله، إشارة واضحة على أن حركة نشطة تجاه “السينما ذات الرسائل والأبعاد” و”السينما التي تفكّر” بدأت ومستمرّة بنجاح.

الخليج الإماراتية في 16 أبريل 2006

 

المفكرة ... ثالث أفلام الذوادي  

باشر المخرج البحريني بسّام الذوادي تصوير ثالث فيلم روائي له بعد “الحاجز” و”الزائر” وعنوانه “حكاية بحرينية” ويتولى فيه تصوير إنعكاسات هزيمة حرب 1967 على شخصياته متابعاً الأحداث من تاريخ النكسة حتى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.

الذوادي أنشأ سينما بلاده حين أخرج فيلمه الأول “الحاجز” (1990) وحقق حلم تحقيق فيلم بحريني. شيء ما في كل الأيام التي نتداولها ونعود فيها دائماً الى خدمة البلد الذي نشأنا فيه. سمّ ذلك الوطنية او سمّه العودة الى الجذور، ومهما يكن فإن الذوادي هو السينما البحرينية والسينما البحرينية هي هو. لكن هذا ليس كل ما يمثّله، ومن خلال معرفتي به يجسّد الذوادي الرغبة في تقديم الفيلم العربي الصحيح. فعل ذلك في فيلمه الأول، ثم تراجع الى حدود الفيلم السريع الذي يمكن له أن يقع  تقريباً  في أي بيئة مشابهة في فيلمه الثاني (2004)  والآن ينجز ما هو أكثر إتساعاً من مجرد الرقعة التي ينتمي اليها أبطال الفيلم. لما فيه من بعد عربي، يشكّل جزءاً من تاريخ الأجيال الثلاثة او الأربعة التي لا تزال تعيشه.

أفلام تحت التصوير

فيرد نيرست شاب أمريكي صرح قبل عامين قائلاً: أرى نفسي هناك الى جانب مارتن سكورسيزي وفرنسيس فورد كوبولا، وهذا العام يبرهن لنفسه ولنا إذا ما كان سيستطيع فعل ذلك أم لا، حيث باشر تصوير فيلمه الجديد “تثفيف تشارلي بانكس” بميزانية قدرها عشرة ملايين دولار. لا يريد البوح عن موضوعه لكن بعض المواقع ذكرت أنه فيلم علاقات اجتماعية تدور في رحى الجامعة. تحت إدارته ممثلون ظهروا في أفلام شابة من قبل هما كريس ماركيتس وجاسون ريتر وجيسي آيزبيرج.

كارلوس الزراقوي ممثل أمريكي من أصل عربي ظهر ومثّل بصوته في 22 فيلماً الى الآن وذلك من عام 1996. وحاليا يدلي بصوته في فيلم للمخرج الاسترالي جورج ميلر عنوانه “قدمان سعيدتان”، ولمن سمع بإسم ميلر من قبل لكنه لا يذكر أين هو ذات المخرج الذي حقق قبل 27 سنة “ماد ماكس” حين كان مل غيبسون لا يزال شاباً يتساءل المرء عما إذا ما كان سيبلغ شأناً ما في السينما. أنجز ميلر أيضاً “ماد ماكس 2” ثم “ماد ماكس 3” وفي الولايات المتحدة “ساحرات إيستويك” و”زيت لورنزو” ثم  قبل 12 سنة  “بايب: خنزير في المدينة” الذي لم يبرح مكانه نقدياً او تجارياً.

“قدمان سعيدتان” قد يكون فانتازيا، لكن “باسم الملك: حكاية حصار دونجيون”، وهو من إخراج سينمائي جديد آخر هو آو بول سبق له (او لها؟) إنجاز ثلاثة عشر فيلماً سينمائياً من قبل أشهرها “منزل الموتى” (2003) و”بلاكوودز” (2002)، جاسون ستاثام، راي ليوتا، بيرت رينولدز وليلي سوبييسكي هم أبطال هذا الفيلم.

والفيلم الأكثر إثارة للترقّب حالياً هو “ثعابين في الطائرة”. هذا فيلم رعب يمكن تخيّل كاتبه او مخرجه وهما يلخّصانه للمنتجين بالقول: “فكرة بسيطة: صندوق مليء بالأفاعي يتم فتحه على طائرة مدنية بين الركاب العالقين بين الأرض والجو”. لو كنت منتجاً لفتحت محفظتي ووقعت العقد على الفور، المخرج هنا هو ديفيد ر. إليس.. أين قرأت هذا الإسم؟ ألم يكن مخرج الجزء الثاني من “إتجاه نهائي 2”؟ (الثالث معروض حالياً في أوروبا). نعم وقبله عمل مخرج الوحدة الثانية على فيلمين هما “هاري بوتر وجوهرة الساحر” و”ماتريكس مشحوناً”، لكنه عاد فأخرج “هاتف نقّال” فيلم تشويقي جيد مع كيم بايسنجر وجسيكا بيل وويليام مايسي وجاسون ستاثام. “ثعابين في الطائرة” من بطولة سامويل ل. جاكسون مع كيث دالاس وأدام بار، وبايرون لوسون من بين نحو 80 راكباً، أقصد ممثلاً.

محمد رضا

merci4404@earthlink.net

الخليج الإماراتية في 16 أبريل 2006

 

سينماتك

 

رجال أعمال‏..‏ رءوس أموال عربية‏..‏ وصراع النجوم

فوضي السوق السينمائي

علا الشافعي

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك