لم يكن فوز فيلم راشيل كوري.. ضمير امريكي بالجائزة الفضية في مهرجان الجزيرة الدولي الثاني للانتاج التلفزيوني مفاجئاً. فلقد توفر هذا الفيلم الوثائقي الطويل مدته (80 دقيقة) علي اغلب مستلزمات الفوز وشروطه، سواء فيما يتعلق بثيمة الفيلم، والكشوفات الفكرية التي يقدّمها، او بالتقنيات الفنية التي عززت من مكانة الفيلم وقوته في الرصد والمتابعة والتحليل. وقبل الولوج في تفاصيل الفيلم الكثيرة لا بد من الاشارة الي ان جريمة قتل ناشطة السلام الامريكية راشيل كوري هي ليست المرة الاولي التي يموت فيها مواطن امريكي علي ايدي القوات العسكرية الاسرائيلية. ففي 29 آذار (مارس) 2002 قتلت القوات الاسرائيلية امراة امريكية من اصل فلسطيني عمرها 21 سنة لانها كانت تحمل طفلها في حضنها فقط! وفي الثامن من حزيران (يونيو) عام 1967 هاجمت القوات الاسرائيلية سفينة USS Liberty وقتلت (34) مواطنياً امريكياً، كما جرحت (172) آخرين كانوا علي متنها. ومثلما غُيبت هذه القضايا الكبيرة، فان مصير قضية راشيل كوري لم يكن باحسن من القضايا السابقة، بل انها اختُزلت بتوصيف حادث مؤسف لا غير! وبتبريرات سمجة مفادها ان سائق البلدوزر الاسرائيلي لم يسمعها علماً بانها كانت تنادي عليه بمكبّرة صوت! وكان لا يراها هو الآخر من النافذة الصغيرة التي تتخلل زجاجته الامامية المدرعة ضد الرصاص!

وصف تفصيلي للحادث المؤسف:

في الساعة الثالثة بعد الظهر من يوم الاحد المصادف 16 آذار (مارس) 2003، وفي مخيم رفح للاجئين، التابع لقطاع غزة المحتل آنذاك، وقفت راشيل كوري ومعها سبعة اصدقاء من ناشطي السلام بوجه البلدوزرات الاسرائيلية التي كانت تقوّض منازل الفلسطينيين، وتقتلع اشجارهم، وتجرّف اراضيهم الزراعية، وتدفن آبارهم. وقد وقفت راشيل تحديداً اما بلدورز وزنه (60) طناً كان يحاول تدمير احد المنازل، غير ان راشيل اتخذت من نفسها درعاً بشرية وتصدت للبلدوزر وهي تحمل مكبرة صوت، وقد نجحت في منعه لمدة ساعتين تقريباً من الوصول الي الدار. غير ان السائق الاسرائيلي لم يتحمل اصرار راشيل فتقدّم نحوها، وحينما اراد ان يدهسها بجرافته الامامية تسلقت الي باطن الجرافة المملوءة بالتراب والانقاض غير انه حملها في باطن الجرافة وقلَبها علي الارض فدفنت تحت التراب، ولم يكتف بذلك بل تقدم الي الامام ساحقاً اياها بنصل الجرافة الحديدي، ثم عاد الي الخلف ليجهز علي حياتها نهائياً. وفي الساعة الرابعة والدقيقة السابعة والاربعين كان ناشطو السلام ينبشون التراب ليخرجوا راشيل من تحت الانقاض، لكن بعد فوات الاوان اذ تحطمت جمجمتها، وكسرت اضلاع صدرها، واصيب عمودها الفقري بتلف كبير. وفي تمام الساعة الخامسة وخمس دقائق كانت راشيل ترقد في مستشفي النجار في رفح حيث كان الاطباء يبذلون قصاري جهدهم لانقاذها من الموت، لكن الدكتور علي موسي في المستشفي ذاته قد صرح لصحيفة ها آرتس بان سبب الوفاة يعود الي كسور في الجمجمة والصدر.

مشاعر الابوين بعد الحادث المفجع

طار الوالدان كريج وسندي كوري علي جناح السرعة الي غزة حيث استقبلهم الغزاويون استقبال الابطال، وقدموا لهما التعازي لمناسبة مصابهما الجلل، فراشيل كوري بنت الثالثة والعشرين كانت علي وشك التخرج من جامعة ايفر كرين ، ولكن نشاطها وحماسها منقطع النظير لدعم وتعزيز حركة التضامن العالمي هو الذي دفعها لان تجازف بحياتها من اجل الشعب الفلسطيني الاعزل الذي يقاوم الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية بالحجارة، ولهذا فقد كانت مقتنعة بان تكون درعاً بشرية في الاقل تمنع الآلة العسكرية الاسرائيلية من تقويض منازل الناس الفلسطينيين البسطاء، لكن التضحية كانت كبيرة حتي في طريقة موتها ومواجهتتها لمصيرها المحتوم امام العنف الاسرائيلي المفرط. وعندما عاد الوالدان الي الولايات المتحدة الامريكية وهما يحملان جثمان ابنتهما راشيل، اتصلا بعضوين من مجلس الشيوخ تمثلان ولايتهما (فهي من مدينة اولمبيا التابعة لواشنطن) وقد اعربت كل من باتي موراي وماري كانتل اللتان تنتميان الي الحزب الديمقراطي عن اسفهما الشديد لوقوع هذا الحادث المؤسف، وعبّرا عن مشاعر الحنق والصدمة، ووعدتا الاسرة المنكوبة باجراء تحقيق عادل منصف يقتص من السائق الاسرائيلي المجرم ومن الناس الذين يؤازرون هذا النوع من الجرائم اللاانسانية. وحينما عاد العضوان الي واشنطن، واستقبلهما اللوبي الصهيوني تراجعا عن الوعود التي قطعاها علي نفسيهما، ولم يلتقيا بوالدي راشيل علي الاطلاق، بل ان الادارة الامريكية لم تحرّك ساكناً بشان قضية المواطنة الامريكية التي قُتلت بشكل متعمد علي يد جندي اسرائيلي، وباموال امريكية مقتطعة من الضرائب المفروضة علي المواطنين الامريكيين. واللافت للنظر ان الادارة الامريكية لم تقدّم اي شكل من اشكال الاحتجاج ضد هذه الجريمة التي تقشعر لها الابدان، بل انها لم تستنكر اعمال العنف التي وقعت ضد اعضاء حركة التضامن العالمي حيث اصيب عدد غير قليل من المتظاهرين بجروح خطيرة، وسجن البعض الآخر منها، بينما ابعدت السلطات الاسرائيلية عدداً آخر منهم بحجة عدم الامتثال للقوانين الرسمية، وتعريض انفسهم للخطر. وقد صرح جاكوب دلال، الناطق العسكري باسم الجيش الاسرائيلي قائلاً: هذه حادثة مؤسفة جداً. ونحن نتعاطي مع مجموعة من المحتجين الذين يتصرفون بطريقة غير مسؤولة، وهم يضعون اي شخص في مواجهة خطر... الفسلطينيين انفسهم وقواتنا العسكرية . وحتي الآن لم تتخذ الادارة الامريكية اي اجراء رسمي معقول، وكانهم سجلوا القضية ضد مجهول، او يحاولون اقناع العالم بان السائق لم يرَها رغم انها ترتدي صدرية برتقالية لامعة، ولم يسمع صوتها الملعلع من مكبرة الصوت ابداً وهو يؤدي مهمته الوطنية! .

شهود عيان

لم يكتف المخرج بمتابعة الابوين كريج وسنْدي كوري وتصوير مشاعرهما الانسانية التي هزت الجميع، ولكنه سلط الضوء علي عدد كبير من ناشطي السلام، وبالذات من اصدقائها الامريكيين والبريطانيين الذين شرحوا تفاصيل الحادث المؤلم، واكدوا بالاجماع علي ان السائق الاسرائيلي كان متعمداً في جريمته البشعة، وانه لا يعير شاناً لروح اي مواطن سواء اكان امريكيا او فلسطينياً او منتمياً الي اية بقعة من بقاع العالم. احد اصدقائها من المحتجين البريطانيين عمره 18 كان علي مبعدة بضع ياردات عنها قال: كانت تعتقد بان السائق سيتوقف، ولكنه مضي في تقدمه. لقد حاولتْ ان تستوي واقفة، ولكنها سقطت علي ظهرها، وقد سحبها البلدوزر تحت نصله، بينما كان اربعة من المحتجين العالميين يلوحون للسائق، ولكنه واصل تقدمه وكانت هي تحت هيكل البلدوزر بالكامل. ثم يمضي الي القول لم استطع ان اصدق ما حدث. كنت متاكداً من ان السائق سيتوقف.. وعندما وصلنا اليها بعد ان استدار السائق وتراجع ساحقاً اياها مرة ثانية، كانت حية، ولكن الدم كان يغطي وجهها بالكامل . وقد اوضح التحقيق الابتدائي بان حادثة القتل غير متعمدة، وان النوافذ في الزجاج المدرع للبلدوزر كانت صغيرة، ولا تتيح المجال الا لرؤية محدودة جداً.

لا شك في ان تصريحات راشيل كوري لوسائل الاعلام قد اغاظت المسؤولين الاسرائيليين، فهي تري ان الآلة العسكرية الاسرائيلية تدمّر كل يوم المنازل الفلسطينية تدميراً ممنهجاً! لكن الفلسطينيين لديهم قدرة عظيمة علي المقاومة والبقاء. اما زميلتها في الدراسة آنا فيشيل فقد اكدت بان كوري كانت تتبع قناعاتها في هذا الصدد، ولم تعر شاناً للمخاطر التي قد تواجهها. اما المتحدث الرسمي باسم السفارة الامريكية في اسرائيل فقد رفض الادلاء بالتصريحات بشان الحادث ولكنه اكتفي بالقول ان وزارة الخارجية قد حذرت الامريكيين من السفر الي الضفة الغربية وقطاع غزة . وعلي مدي (80) دقيقة كانت هناك ثمة حوارات، ومقابلات مؤثرة جداً سواء مع الفلسطينيين الذين عاشت معهم راشيل او مع اعضاء حركة التضامن العالمي او مع اصدقائها وصديقاتها في الجامعة، او مع امها وابيها وشقيقتها، ولعل من المفيد الاشارة هنا الي الرسائل المعبرة التي كانت تبعثها الي والديها والتي تترك اثراً عميقاً في النفس البشرية، وهي تصور فيها مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب الفلسطينيين الذين كانت تقابلهم او تعيش معهم، فلقد شاركتهم حياتهم اليومية، وتقاسمت معهم خوفهم علي منازلهم ومزارعهم وآبارهم، هذا اضافة الي خشيتهم علي حياتهم الشخصية التي يهددها الجيش الاسرائيلي في كل لحظة. لقد وصفت في هذه الرسائل الطبيعة الهمجية للعدوان الاسرائيلي المتواصل علي الاراضي الفلسطينية، بل انها شبّهت ما يحدث بـ الابادة الجماعية وان الحياة في غزة تكاد تكون ضرباً من المستحيل! وحسناً فعل المخرج يحيي بركات حينما بدا الفيلم بلقطات قصيرة تصور بلدوزرات الكاتر بيلر وكأنها نوع من الديناصورات القديمة التي حوّلت ضاحية رفح الي كومة من النفايات المكدسة من انقاض المباني التي دمرتها الجرافات الاسرائيلية، لينتهي الفيلم بتعليقات الوالدين، وبوحهما العميق الذي يكشف عن حبهما لراشيل، وتعلقهما بهذه الفتاة التي نذرت نفسها، وضحت بحياتها من اجل قضية انسانية لم يعد يختلف عليها اثنان. وربما تكون القصيدة التي كتبتها راشيل هي خير خاتمة لهذا الفيلم الناجح الذي حرّك مشاعر المشاهدين، وكشف لهم بعض الحقائق التي كانت مخبأة عن اعين الناس في كل مكان. والقصيدة تكشف في بعض جوانبها شوق الاطفال الفلسطينيين للذهاب الي البحر والتمتع بمياهه، ورمله، وساحله، لكنه ممنوع علي الفلسطينيين، ومحجوب عنهم بقوة السلاح. ربما حاول الفلسطينيون ان يردوا هذه التضحية الكبيرة بتخليد ذكراها هنا وهناك في المدن الفلسطينية، فالجمعية الخيرية التي تم تأسيس مقرها في غزة يحمل اسم راشيل كوري، كما ان العديد من المؤسسات والمنظمات الانسانية سميت باسم كوري، وهذا امر طبيعي، ولكننا يجب ان نحفر اسمها في ذاكرة العقل والقلب معاً، ونستذكرها دائماً، لكي نكون بمستوي تضحيتها الكبيرة التي تستحق رفع القبعة والانحناء لها، عندما نعلّق علي اغصان الشجرة التي غرسها الوالدان في مكان الحادث وكانَّ لسان حالها يقول ان دماء راشيل الزكية ستسقي هذه الشجرة، وتمدها باكسير الحياة. وانني لموقن تماماً بان من يقف امام هذه الشجرة الخالدة سيري رؤيا اليقين ملامح راشيل في شكل شجرة الحرية التي نتمني ان يكون اصلها ثابتا وفرعها في السماء.

بقي ان نقول ان المخرج الفلسطيني يحيي بركات هو استاذ لمادة وسائل الاتصال العامة وتحديداً في قسم الانتاج التلفزيوني في جامعة القدس في فلسطين. وقد صوّر نحو (80) ساعة توزعت في قطاع غزة، والضفة الغربية، وواشنطن خلال سنتين عقب الحادث مباشرة. وقد صنع يحيي بركات كولاجاً وثائقياً لهذا الحادث الجلل، وقد ضم اصواتاً شريفة لرسل السلام الامريكيين والبريطانيين الذين يقفون الي جانب القضية الفلسطينية المشروعة، ويتصدون للعقوبات الجماعية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي المحتل الذي تسانده الادارة الامريكية بقوة، وتدعمه وسائل الاعلام الامريكية اليمينية المتطرفة.

ناقد من العراق يقيم في هولندا

القدس العربي في 11 أبريل 2006

ضوء ... مدائح في وصف الأفلام

عدنان مدانات 

يعلن مقدمو ومعدو البرامج السينمائية الأسبوعية في المحطات التلفزيونية العربية عن ما يتوافر في برامجهم (وهي بالمناسبة، تنتمي كلها إلى المصدر نفسه)، من أفلام جديدة بطريقة تنم عن حالة من الانبهار بهذا الجديد من الأفلام، خصوصاً إذ تحقق أرباحا كثيرة في أسبوع عرضها الأول. وتتضمن طريقة التقديم أوصافا من نوع مدهش، عظيم، تحفة، وأخرى، لا داع لذكرها، تنتمي إلى عائلة المدائح نفسها. هذا مع أن غالبية الأفلام التي يتم الإعلان عنها لا تستحق هذه المدائح فهي مجرد أفلام تجارية ترفيهية استهلاكية.

يكرر عدد كبير من الذين يكتبون عن الأفلام الجديدة في الصحف والمجلات العربية الممارسة المدائحية ذاتها للأفلام الغربية مع إضافة تفاصيل سردية تقتضيها أطوال المقالات. يكمن الفرق الرئيسي بين الكتّاب عن الأفلام في الصحف وبين معدي البرامج السينمائية في التلفزيون، في حجة الانبهار المعلنة. ففي حين يتحجج المعدون بحجم الأرباح المحصلة في شبابيك التذاكر، يستند الكتّاب والصحافيون السينمائيون إلى جوائز حصل عليها الفيلم من مهرجانات سينمائية ذات صيت، أو إلى سمعة وشهرة المخرج، وفي أحيان أخرى يعتمد السند على كتابات النقاد الغربيين.

ومن المناسب هنا الإقرار بأن إطلاق المدائح الوصفية على الأفلام الجديدة ممارسة شائعة عند غالبية الذين يكتبون عن الأفلام السينمائية في العالم الغربي الصناعي، فالعديد منهم لا يكتبون باعتبارهم نقادا مستقلين لهم فهمهم وتقويمهم الخاص للأفلام ويمارسون مهمتهم كنقاد بهدي موقف موضوعي من وظيفة النقد السينمائي، بل باعتبارهم جزءا من جهاز الدعاية للأفلام يتعاون مع شركات الإنتاج وشركات التوزيع الكبرى، ذلك أن الكتابة عن الأفلام في الغرب تستخدم في حالات كثيرة كرديف وكتنويع لأساليب الدعاية والترويج للأفلام، بحيث يكون الغرض الدعائي مموها ومستترا وراء شكل من أشكال الكتابة “النقدية” أو “التحليلية” المطعّمة بعبارات المديح الطنانة. ويكفي للتأكد من واقع وشيوع هذه الممارسة قراءة الإعلانات المباشرة عن الأفلام في المجلات أو المطبوعة على أغلفة أقراص ال(دي.في.دي) وغيرها، المعدة للتوزيع التجاري، ففي هذه الحالات غالبا من يتم الاستشهاد بآراء النقاد واللجوء إلى الترويج لأشرطة الأفلام المعدة للبيع بواسطة عبارات مادحة مقتبسة من كتابات النقاد والصحافيين السينمائيين المنشورة مذيلة بإشهار وإبراز أسماء الكتّاب والمطبوعات الصحافية التي ينشرون كتاباتهم فيها.

يتأثر الكثير من الكتَّاب “النقاد” الصحافيين السينمائيين العرب بكتابات النقاد الغربيين، وتصبح الكتابات العربية صدى لتلك الكتابات أو أنها تتعامل معها كمرجعية موثوق بها. ويتخذ هذا التأثر شكل الفعل المنعكس الشرطي الذي تحدث عنه العالم النفسي بافلوف. فإذا ما مدح النقاد الغربيون فيلما ما، وإذا ما أغدقت عليه المهرجانات الجوائز، سال لعاب الكتاب الصحافيين السينمائيين العرب عليه فانهالوا عليه، بدورهم، بالمدائح.

في العادة، يجري تقسيم النقد إلى نوعين رئيسيين، الأول منهما يسمى النقد التحليلي وهو نوع يفترض فيه أن يكون موضوعيا ومعرفيا، والثاني منهما هو ما يطلق عليه صفة النقد الانطباعي وهو نقد ذاتي أساسه المشاعر والانفعالات التي راودت كاتبه زمن المشاهدة، يصاغ أحيانا ببلاغة أدبية قد تثير إعجاب القراء، وقد يتضمن اجتهادا في التفسير أو حشدا من المعلومات العامة المتعلقة بالفيلم وبمخرجه، وهو نقد قد يكون أحيانا صادق النية وجدّيا في احترامه للقارئ، غير أن منطلقاته وآلياته واجتهاداته تظل ذاتية على الرغم من كل هذا، وبالتالي لا يمكن التعويل عليه، بطبيعة الحال، للوصول إلى معرفة موضوعية سليمة بالفيلم شكلا ومضمونا.

لا تنتمي الكتابات “المدائحية” المنبهرة بكتابات النقاد والصحافيين السينمائيين الغربيين وبجوائز المهرجانات الاستعراضية إلى هذين النوعين من النقد. فهي كتابات غير أصيلة، لا ذاتية ولا موضوعية، كتابات لا تستند إلى معرفة وخبرة، ولا تعكس ولا تعبر عن موقف أو رأي خاص بكاتبها لأنها نتيجة تأثير خارجي وتقوم على أساس الفعل المنعكس الشرطي.

لا تكمن خطورة هذا النوع من الكتابة عن الأفلام فقط في كونها مضللة للقارئ، وهي مضللة في مجال وعي الفيلم موضوع وهدف الكتابة خاصة، كما في مجال وعي السينما عامة، بل تكمن خطورتها الأساسية في دورها القمعي. فهذا النوع من التعريف بالأفلام هو الأكثر شيوعاً في وسائل الإعلام العربية المقروءة والمسموعة والمرئية، وهو بسبب شيوعه يصبح النوع الأكثر هيمنة وتأثيراً في القارئ والمستمع والمشاهد العام وعلى أغلبية محبي السينما وهواة مشاهدة الأفلام غير المزودين بالمعارف الكافية وبالوعي النقدي المستقل. ويزداد تأثير هذا النوع من التعريف بالأفلام بسبب من سطحية مضمونه وسهولة لغته وبساطة خطابه وعموميته فلا يحتاج المتلقي إلى ثقافة عميقة ومعارف خاصة ولا يضطر لأن يكابد مشقة التفكير والتفكر ولا يعاني كي يتلقى ويفهم فحواه.

وهكذا، فعندما ينقل هذا النوع من الكتابة عن الأفلام عدوى انبهاره المنعكسة شرطياً عليه بفيلم ما إلى الرأي العام فإن الكتابة الأخرى التي يتولاها أهل الخبرة والاختصاص ونقاد محترفون والمستندة إلى خبرة ومعرفة وتهدف إلى التحليل الموضوعي تجد نفسها في موقع من يسير عكس التيار عندما يكون لكاتبها رأي بالفيلم المعني مخالف ومناقض تماماً. ينتج عن ذلك أن يقع النقد الموضوعي التحليلي المنهجي في موقف محرج قد يتسبب في تردده في الكتابة أو حتى امتناعه عنها.

الخليج الإماراتية في 11 أبريل 2006

 

"عمرو واكد" بعد العودة من هوليوود: أمريكا صانعة الإرهاب الأولي

لا أحب التمثيل.. خارج الاستديو

كتب- صفوت عمران: 

يعكس فيلم "سيريانا" كواليس عالم السياسية وحرب النفط بين الغرب والدول العربية ويعكس الصراع الدائر من جانب أمريكا لتحقيق مصالحها تحت شعارات مختلفة لكن جاءت مشاركة الفنان المصري "عمرو واكد" عبر مجموعة من المشاهد القليلة في الفيلم كبداية لتواجده في السينما العالمية والذي عرض له مؤخرا فيلما "دم غزال" و"كلام في الحب".. "الجمهورية" التقت به فقال كل ما عنده:* في البداية قال: أرفض اطلاق لفظ ارهابي علي "محمد بن الشيخ عجيزة" شخصيتي في الفيلم فهذا الرجل تصرفاته نابعة من الظروف التي مر بها وجميع أفعاله معللة واذا أطلقنا عليه ارهابيا لاستخدامه العنف فان أمريكا تعتبر أول الارهابيين لاستخدامها العنف المفرط لتفرض علي الابرياء في كل أنحاء العالم ما تريده. ومن وجهة نظري لا يوجد في الاساس ما يسمي بالارهاب لكن أمريكا اخترعت ذلك المصطلح لكي تظهر مجموعة من المسلمين الذين يستخدمون العنف غير المبرر بالارهابيين لتبرر تدخلها غير الشرعي في شئون جميع الدول الاسلامية فالمسلمون الذين يستخدمون العنف هم في الواقع مجموعة من المتطرفين اضطرهم الفقر واليأس والبطالة الذين هم في الاساس صناعة أمريكية إلي اعلان الحرب عليها.

* بخصوص جنسية الارهابي في الفيلم وهي مصرية هذا يرجع لرؤية الكاتب ودرايته بتاريخ المنطقة فمصر منذ الخمسينيات كانت قوة الردع العربية وكأنه أراد ان يقول لو ان المصري راض عما يحدث فسوف يرضي الجميع لذا أظهر المصري بأنه أكثر الرافضين لما يحدث علي مستوي العالم من بلطجة خاصة ان مصر شهدت مولد الحركات الاسلامية عقب نكسة 1967 والذين استخدموا العنف باسم الاسلام بداية من جماعة التكفير والهجرة لكن هل هذا الاختيار خاطيء أم سليم ليس لدي حكم علي ذلك لكنه شخصيته تدخل في سياقها الدرامي.

* مشاركتي في الفيلم لم تكن ضعيفة نتيجة ظهوري في أربعة مشاهد فقط وأنا راض جداً عن التجربة ولا أقيس الدور بطوله لكن بتأثيره في الأحداث ويكفيني ان الفيلم يبدأ بظهوري وينتهي أيضا بي اضافة لمشاركة مجموعة من النجوم العالميين وأكثر من 70 ممثلاً وممثلة واعتبر ذلك خطوة البداية ورغم ذلك كان هناك جزء حذف من الفيلم كان به ثلاثة مشاهد لي لكن انا راض جداً بالتجربة واعتبرها خطوة علي الطريق الصحيح نحو السينما العالمية.

والفيلم يؤكد ان الارهاب صناعة أمريكية من خلال نظام وضعته في المنطقة تتحكم فيه ليفرز ما تطلق عليهم ارهابيين لتحقق هي في النهاية مصالحها والفيلم قد يهاجم أمريكا رغم أنه بتمويل أمريكي كامل لأنهم يتمتعون بحرية ابداء الرأي وجميعاً نذكر الفيلم التسجيلي "فهرانهيت 11/9" الذي هاجم الرئيس جورج بوش ويجب ان نعرف ان جورج كلوني ينتمي للحزب الديمقراطي بينما بوش جمهوري وكان لابد من ان يحدث بينهم صدام فكري ولقد وصف البعض جورج كلوني بالخائن لأنه علي حد قولهم قدم فيلما يثير عاطفة الشعب الأمريكي نحو العرب ويظهرهم بشكل ايجابي.

* أنا مسلم مؤمن لكن ما يفعله هولاء يسيئون للاسلام وأكثر المستفيدين ذلك اليهود وأمريكا فالرسول كان يعامل أسري الحرب بكل احترم وجميعنا يعرف ما فعله مع أسري غزوة بدر حيث قرر اطلاق سراح كل أسير يعلم عشرة من المسلمين في تقديس لشأن العلم واذا نظرنا إلي جميع عمليات القتل التي يقوم بها متطرفون سوف تجدهم يصورون أنفسهم وهم ملثمون فمن أدرانا أنهم مسلمون وليسوا أجانب بعيون زرقاء وشعر أصفر؟ فيجب ان ندرك ان الاعلام العالمي يسيطر عليه اليهود لكن للأسف بعض الشباب المسلم المتهور يصدق ذلك.

* لا أحب ان أمثل في حياتي كما أمثل أمام الكاميرا لذا أتحدث بصراحة وأقول وجهة نظري بدون خوف ويجب ان يدرك الجميع اننا يجب ألا نضيع وقتنا في التفاهات والصراعات نحن نضيع اذا لم نكن ضعنا فعلاً وأمريكا تستنزف كل مواردنا الاقتصادية ويجب ان نواجه أنفسنا والا ندفن رءوسنا في الرمال ونكتفي فقط باطلاق الاحكام علي الآخرين بالغرور أو التعالي دون سند أو منطق.

الجمهورية المصرية في 11 أبريل 2006

 

سينماتك

 

راشيل كوري.. ضمير امريكي ليحيي بركات:

شريط تسجيلي يوثق لسياسة القتل الممنهج في اسرائيل

عدنان حسين احمد

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك