ولد علي بدرخان في 25/4/1946، أي أنه في هذا العام ـ أمد الله في عمره ـ يبلغ عامه الـ 60.. وبهذه المناسبة نقدم هذه الدراسة عنه وعن أعماله.

سنوات الطفولة والصبا

نشأ علي بدرخان في جو سينمائي، فوالده هو أحمد بدرخان أحد رواد الإخراج الأوائل في السينما المصرية، ومنذ الصغر اجتذبته الطبيعة بألوانها الجذابة فراح يرسم لوحات مستوحاة منها بألوانها الزاهية وأشكالها المتناسقة، كما عشق التصوير الفوتوغرافي ووجد في بيته مجموعة كبيرة من كاميرات التصوير ومعملا خاصا لتحميض الأفلام الفوتوغرافية، فراح يلتقط الصور من الواقع ويقوم بتحميضها بنفسه ـ ولعل هذه البداية هي ما حسمت الاتجاه الواقعي الذي انتهجه في أفلامه فيما بعد ـ حتي اجتذبته السينما عما عداها من المجالات الفنية.. يقول علي بدرخان: «.. نشأت في جو سينمائي، كنت ألعب في حديقة الاستوديو، وأسمع جلسات المناقشة في السيناريو.. حتي أخذت السينما بعقلي، فكنت أهرب من المدرسة وأذهب كل يوم لمشاهدة الأفلام التي في المدينة.. وعندما لا يبقي فيلم أعود لمشاهدة الأفلام مرة أخري، ثم أعود للمدرسة..». إلا أنه في ذلك الوقت لم يفكر قط في احتراف السينما، كان يعتقد أنها هواية فقط، وكان لعشقه للبحر منذ الصغر وتعلقه به، أمنية رسم بها مستقبله في التحاقه بالكلية البحرية.. إلا أن والده كان له رأي آخر، فقد أصر علي أن يدخل «علي» معهد السينما ويدرس التصوير، ورفض أن يعطي له موافقة ولي الأمر علي أوراق البحرية التجارية التي تقدم لها بالفعل، ودفع إليه بمجموعة كبيرة من الكتب عن تاريخ التصوير وحرفية السينما لقراءتها والاستعداد لامتحان القبول بمعهد السينما، ورضخ الابن لرغبة والده ولكنه اختار أن يدرس الإخراج بدلا من التصوير الذي اختاره والده.. يقول بدرخان: «.. في تلك الأيام وما قبلها، كنت مبهورا ومشدودا لحكاية الإخراج، فكنت أحضر جميع جلسات العمل الفني التي كانت تضم والدي مع باقي الفنانين، من كاتب السيناريو إلي أبطال الفيلم، وأسمع مناقشاتهم وكيف يتم تحويل هذا الكلام المكتوب فوق الورق.. إلي حياة وحركة ونبض.. لهذا حسمت المسألة وقلت لأبي سألتحق بقسم الإخراج..».

بدايات الاحتراف

ومنذ التحاقه بمعهد السينما، عمل علي بدرخان كمساعد مخرج لوالده، ثم عمل مع صلاح أبو سيف ونيازي مصطفي، إلا أن التجربة الأساسية التي استفاد منها فيما بعد وأثرت علي اختياراته واهتماماته كانت تجربة العمل مع المخرج الكبير يوسف شاهين، خاصة في فيلم «العصفور»، وفور تخرجه في معهد السينما عام 1967 سافر في منحة لدراسة السينما في استوديوهات إيطاليا بالتحديد استوديوهات «زد»، «تشيني تشيلد» لمدة عامين.. وعندما عاد وبالتحديد عام 1970، كان يعمل كمساعد لوالده في فيلم «نادية»، وكان هذا العام وهذا الفيلم هو بداية تعرفه بالفنانة السندريللا سعاد حسني والذي تزوجها فيه أيضا في علاقة زوجية وفنية امتدت ما يقرب من إحدي عشرة سنة أثمرت 6 أفلام، 4 منها أثناء زواجهما واثنين بعد انفصالهما عام 1980، وآخر فيلم قدمه معها كان آخر فيلم للفنانة سعاد حسني علي شاشة السينما.

رؤية لمجمل أعماله

معروف للجميع أن علي بدرخان اختار منذ البداية الاتجاه الواقعي وأنه ينتمي لما اصطلح علي تسميته بالواقعية الجديدة، تميزا لها عن رواد الواقعية الأوائل (كمال سليم، صلاح أبو سيف.. وغيرهم). إلا أن التسمية والوصف ـ في رأيي ـ لم يعبر عن اتجاه هذا الجيل الذي يضم إلي جانب علي بدرخان، داود عبدالسيد، عاطف الطيب، محمد خان، خيري بشارة، لأن الأفلام التي قدموها حتي الآن تحمل أكثر من رؤية واقعية للحياة، ونقترح تسمية أخري هي «الواقعية الفكرية» ونقصد بها أن الواقعية «عند هذا الجيل» لم تكن رصدا وتحليلا للواقع الإنساني بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقط، وإنما تتعدي ذلك لتقديم رؤية لحياة أفضل، وتشير من قريب أو من بعيد لسبل تحقيق ذلك.. وفي حالة علي بدرخان نراه منذ البداية ينحاز لقضايا الإنسان وكرامته وحريته المسئولة ولدور الوعي في تنمية قدرات الإنسان وتفتيح عقله علي حياة أفضل، ففي أول أفلامه «الحب الذي كان» (1973) يتحدث عن الحرية في الحب، ليس بمعني الإباحية، ولكن بمعني أن يعطي للعواطف الإنسانية جوا صحيا بعيدا عن كل القيود التي تجعل من هذا الحب خطيئة، وتري أن الزواج الشرعي الذي يقوم علي غير الحب ودون إرادة الطرفين هو بغاء مستتر بقوانين من أجل الإبقاء علي مظهر الاستقرار في المجتمع، وحتي إن كانت هذه النظرة صادمة للمجتمع، إلا أنها صادقة ونابعة من انحياز واضح لسعادة الإنسان باختياراته، أما في فيلم «الكرنك» (1975)، وهو البداية الحقيقية للسينما السياسية في مصر والذي تناول من خلاله (الممارسات التي كانت تصدر من بعض الأشخاص المتسترين برداء النظام والتي استهدفت كرامة الإنسان وتحطيم معنوياته)، وتعتقد أنها بذلك تخدم النظام السياسي القائم، إلا أنها في الحقيقة تهدمه وتحطم معه إنسانية المجتمع وتتركه خائفا يترقب لا يقوي علي الفهم أو البناء، وهو ما نراه واضحا في الفيلم كأسباب لهزيمة 1967، ويطرح في نهاية الفيلم محاولة لإعادة البناء وتضميد الجراح، والثأر من المتسببين في الهزيمة بالهجوم علي خالد صفوان في نهاية الفيلم. أما في «شفيقة ومتولي» (1978) في هذا الفيلم يعري «بدرخان» الوجوه ليفضح النفوس في إطار الحكاية الشعبية التي أعاد صياغتها مع صلاح جاهين، في هذا الفيلم يناقش العلاقة بين الشرق والغرب، والانفتاح علي الغرب الذي حدث في الماضي ويحدث الآن ثانية.. ونراه يحول الحكاية من حكاية عرض وشرف إلي عبودية الشعب لأسياد تهتك عرضه وشرفه تسوقه في حبال السخرة لمصلحتها دون النظر لأي اعتبارات أخري، فكما تخضع شفيقة لاستغلال جنسي من قبل الباشا ومن فوقه، يخضع متولي لسياط السخرة هو وآلاف (بيشقوا بحر القنال والشمس قيالة/ والشمس تلفحهم/ مايرتاحوش إلا لما الموت يريحهم/ أو النفر من العطش يحصل في عقله جنان).. عطشان يا ظالم يموت في بلاد بلا دية!! ويكمل صلاح جاهين تعبيره عن الوباء الذي أصاب مصر عبر عصورها المختلفة (زي المنصابين دول سخرة ومجاعة ووباء طول عمرها تعاني/ وكل حاكم غريب يحدفها للتاني/ والدنيا مستغربة علي مصر عايشة إزاي لحد الوقت/ لما الغلب أسواني) وفي أغنية شديدة الحساسية، شديدة العذوبة والألم في نفس الوقت تغني سعاد حسني «بانو» وترقص علي نغماتها كالطير المدبوح (دوروا وشوكوا عني شويه كفياني وشوش/ ده كم من وش غدر بيه ولا ينكسفوش/ وعصير العنب العنابي.. نقطة ورا نقطة يا عذابي) إنها صرخات مصرية تحاول الانعتاق من الذوق والعبودية والسخرة وتحلم بعالم أفضل يسوده الحب.. وفي نهاية الفيلم لا ينسي «بدرخان» أن يقدم لنا نهاية جديدة بدلا من النهاية التقليدية للحكاية الشعبية (ففي النهاية الجديدة، أصبحت الحكاية أبعد من حكاية عرض وشرف.. في هذه النهاية نجد متولي يمشي حاملا سلاحه وهو يبكي.. لأنه يعرف أن التقاليد فرضت عليه أن يقتل شفيقة (هما قالوا إنه قتلها لكن إحنا شفنا غير كده، سواء كده أو كده، شالها في أحضانه يبكي عليها وعليه، وعلي بنات الناس اللي تبيع عرضها في القحط وزمانه القصد لما بلد تنباع بجملتها تتباع رعيتها قطاعي وبالملاليم!!) ولعل الجملة الأخيرة تفضح العلاقة غير المتكافئة بين الشرق والغرب.. ونصل إلي ذروة أفلامه «أهل القمة» (1981) في هذا الفيلم يناقش «بدرخان» فترة التحول الاقتصادي في سبعينيات القرن العشرين والمفاهيم الاشتراكية، وظهور قيم جديدة تحارب القيم الأصيلة.. في زمن بدأ الناس يعتقدون فيه أن الشاطر هو الذي يهبر.. ويعرض لنماذج إنسانية تستجيب تحت إلحاح الحاجة لمتطلبات هذه الأوضاع المقلوبة، خاصة أصحاب الوظائف الخطيرة والحساسة في الدولة، ويعلق الناقد الكبير علي أبو شادي علي هذا الفيلم: (إن قيمة أهل القمة تكمن في أنه استطاع أن يقدم صورة لمجتمع في طور التغيير تعصف به الرياح السامة تبدل قيمه وتعدل علاقاته، ونجاحه في شرح وتحليل الظروف التي أفرزت أهل القمة الجدد وإدانته لواقع معاش، حي، ومعاصر ليأتي الفيلم وثيقة فنية عن تلك الفترة بإشارتها الواعية وتحذيرها من تلك الطبقة الطفيلية الدراكولية التي تعيش علي امتصاص دماء الدولة، والمواطنين.. وليكشف عن صمود الإنسان العادي في مواجهة ذلك رغم عجزه، ويفتح باب الأمل من خلال وحدة الألم والقهر بين الجميع في مشهد التحام الجموع في نهاية الفيلم، وربما كانت تلك النهاية، بداية جديدة يدرك فيها المواطنون عددهم الحقيقي.. مصاصي الدماء من أهل القمة!!). يتبقي لنا فيلم «الجوع» (1986)، وهو من أكثر الأفلام التي عبرت عن فكرة الواقعية الفكرية، كما شرحناها في البداية، لأنه في هذا الفيلم ينير الطريق إلي ما بعد الخلاص وكيفية امتلاك المستقبل والمحافظة علي المكتسبات التي حققتها الجماهير، أو كما قلنا في البداية يقدم رؤية لحياة أفضل عبر عنها في نهاية الفيلم بالأيدين الشغالة تصنع مستقبلها وبضحكة الطفل البريئة ونظرات الحب التي تملأ العيون، كل هذا في جو مشمس تتقاطع فيه أشعة الشمس مع الأيدي والعيون والابتسامات والأمل الكامن في غد أفضل، في هذا الفيلم المقتبس عن مجموعة أعمال أدبية ـ كما يقول «بدرخان» ـ إلا أن العمل الرئيسي له هو ملحمة «الحرافيش» لـ «نجيب محفوظ»، وتدور القصة في إطار البحث الدائم عن الأمن من قبل الحرافيش وصراعها مع طبقة التجار، وفيما بينهم، عالم الفتوات الذي يتراوح بين الانحياز للحرافيش أو الاندماج في عالم الأغنياء، ويكسر الفيلم هذه القاعدة في رؤية «بدرخان» هنا أن يتحول كل إنسان إلي فترة يحافظ علي مكتسباته ويحمي مستقبله دون انتظار لمن يحميه أو يعطي له حقه، وهذا الطريق يبدأ بالوعي للعلاقات المعقدة للواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يعيش فيه، وبالتعلم وامتلاك الرؤية الواضحة للمستقبل، والوحدة الشعبية التي تتحطم عليها أي استبدادات سياسية كانت أو اقتصادية، بهذه الرؤية يتعدي «بدرخان» التحليل الواقعي لتقديم رؤية حياة أفضل عن وعي وقناعة أهلت في رأيي «علي بدرخان» ليكون بين صفوة المبدعين في السينما المصرية والعالمية، وهي أيضا ما أهلته لتمثيل مصر بأفلامه في أهم المهرجانات العالمية مثل: مهرجان طشقند «الاتحاد السوفييتي» 1974 بفيلم «الحب الذي كان»، ومهرجان بلجراد «يوغوسلافيا» 1976 بفيلم «الكرنك»، ومهرجان قرطاج «تونس» بفيلم «شفيقة ومتولي» 1978 وحصل علي الجائزة البرونزية منه، ومهرجان تانت للقارات «فرنسا» بنفس الفيلم، ومهرجان نيودلهي «الهند» 1981 بنفس الفيلم.  

أما فيلم «أهل القمة» فأكثر أفلامه تمثيلا في المهرجانات الدولية:

ـ مهرجان تورنتو «إيطاليا» 1981.

ـ مهرجان لوكارنو «سويسرا» 1981.

ـ مهرجان الأوسكار 1982.

ـ مهرجان بوانييه «فرنسا» 1983.

ـ مهرجان مونتريال «كندا» 1984.

أما عن الجوائز التي فاز بها:

ـ جائزة التفوق من المجلس الأعلي للثقافة 2004.

ـ شهادة تقدير عن السيرة الذاتية. مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2003.

ـ أحسن إخراج من مهرجان الإسكندرية 1991 عن فيلم «الراعي والنساء».

ـ أحسن إخراج من المهرجان القومي الثاني للأفلام الروائية 1992 عن نفسه الفيلم.

ـ حصل علي جائزة الدولة كأحسن فيلم «أهل القمة» 1981.

ـ حصل علي الجائزة الأولي في الإخراج من وزارة الثقافة عن فيلم «الكرنك» 1975.

ـ كما حصل علي جائزة خاصة في الإخراج من جمعية الفيلم 1975.

ـ حصل علي جائزة نقاد السينما المصريين كأحسن فيلم «الحب الذي كان» 1973.

كما كانت له إبداعاته في الأفلام التسجيلية منها:

«المباراة الدولية» 1976، «شاطئ النخيل» 1982، «جنود الرخاء» 1982، «الخروج من بيروت» 1982، «هل هناك أحد» «عن مذابح صبرا وشتيلا» 1983، «عم عباس المخترع» 1984.

كما أشرف علي إدارة الأفلام الروائية القصيرة وأفلام الأطفال بالمركز القومي للسينما (1988 ـ 1994).

ويعكف حاليا علي كتابة فيلم «القافلة» أو «العملية صلاح الدين»، والذي يدور حول التعاون العربي خلال حرب اليمن في ستينيات القرن العشرين، وهو مأخوذ عن مذكرات المراسل الصحفي جمال حمدي الذي كان مكلفا بتغطية الحرب، وهو الفيلم الذي رشح له الممثل القدير محمود حميدة.

كما أنه صرح بأنه سيقدم فيلما عن الزعيم الكردي مصطفي بارزاني، وذلك خلال زيارة لمدينة أربيل العراقية، بالتعاون مع وزارة الثقافة بإقليم كردستان والتي ستقوم بإنتاجه، والمرشح للفيلم هو عمر الشريف، كما يساعد أيضا في إنشاء وتأسيس معهد للدراسات السينمائية هناك.  

فيلموجرافيا لأعماله الروائية:

ـ «الحب الذي كان» 1973.

ـ «الكرنك» 1975.

ـ «شيلني واشيلك» 1977.

ـ «شفيقة ومتولي» 1978.

ـ «أهل القمة» 1981.

ـ «الجوع» 1986.

ـ «الراعي والنساء» 1991.

ـ «الرجل الثالث» 1995.

ـ «نزوة» 1996.

ـ «الرغبة» 2002.

جريدة القاهرة في 11 أبريل 2006

الناصرة تحتفي بالمخرج هاني ابو اسعد:

تكريم ناقص.. فهم يتطلعون خارج الاسوار!

وسام منير جبران 

من الرّائع والمؤثّر أن يُكرّمَ فنان أو عالم أو مبدع، أيّاً كان مجال ابداعه، من قبل أبناء وطنه وفي بلاده. من الرّائع أن نحترم مُبدعينا ونعبّر عن مدي تحضّرنا من خلال تكريمنا لهم. ومن الجميل وجود مُبدعين لدي كلّ شعبٍ/ عائلة، كما من الجميل أن يكون هنالك شعب/ عائلة لكل مُبدع. ولكن، كيف يكون التكريم وكيف يكتمل؟

لقد أبدي رئيس بلديّة الناصرة المهندس رامز جرايسي لفتةً رائعة في تكريمه (باسم أهل المدينة) لهاني أبو أسعد مخرج الجنة الآن الحاصل علي جائزة هامّة اعلاميّاً. ومهما كان رأيي في فيلم هاني، فهو بلا شك أنجز مهمةً (مع طاقمه الفني والحرفي) ليست بسهلة، ويستحق دعمنا وتشجيعنا والتفافنا حوله جميعاً، وتُحسب لرئيس البلدية هذه المبادرة الكريمة باسمنا.

يبقي هذا التكريم ناقصاً. لماذا؟

هاني أبو أسعد وغيره من الفنانين الحائزين علي جوائز وغير الحاصلين عليها بعد، يتوجهون بانظارهم وطموحاتهم الي خارج الناصرة. ومن الصّعب التأكيد علي أن الناصرة بلدةً وبلديّةً ومؤسسات لها فضل حقيقي ومساهمات حقيقية في تشكيل مُبدعيها وبناء مُنجزاتهم. ومن الصّعب الايمان بأن المبدع الناجح يرغب حقيقةً في البقاء في هذه البلدة. فلا يأخذ الفنان المُغترب قسريّاً، الباحث عن نجاحه، لا يأخذ معه من الناصرة غير الحب والحنين والحسرة، فارغين من أيّ مضمونٍ موضوعيّ.

فكيف نكرّم الفنان؟ كيف نُبقيه في أرضه؟

الكثير من الجوائز القيّمة (التي لها دلالة قيميّة نوعيّة وليس بالضرورة اعلاميّة) مُنحت لعدد من أبناء الناصرة، جميعها من قبل جهات ودول ومؤسسات خارج نصراويّة، وما عدا الجوائز التي لها قيمة اعلاميّة لا يتم تكريم أحد من أصحابها. ماذا نستشعر من هذا؟ ان التكريم مَنوط بالعائد الاعلامي الذي يوفّره نجاح الفنان لمن يكرّمه؟!

والأسوأ من هذا (حتي لو لم يكن مقصوداً) أننا لا ننتبه لمبدعينا ولا نكرمهم الاّ اذا اعترف بهم الأمريكيّون أو سواهم من الأغراب، ولا نفلح الاّ في سبّ اللوبي الصهيوني (الوهمي) في حين أن دولة اسرائيل وصناديقها هي الممول الأول لمعظم الأفلام الفلسطينيّة وأن اللوبي الصهيوني اختفي فجأةً حين حصل هاني أبو أسعد علي الجائزة المحترمة، وكأن حول جائزة الكرة الأرضيّة الذهبيّة لوبياً فلسطينياً قوياً! لماذا نهين الجائزة حتي عندما نرغب في تكريمها؟ لماذا نهين معرفة وثقافة الناس وكأن ليس هناك من مختصّين ومتعقّبين وعارفين بتفاصيل الأمور من بيننا؟!

لماذا لا نريد أن نعترف وننتبه بأن الفنان النصراوي (وآخذ نفسي كمثال لا تباهياً بل لصدق معرفتي بما حصل لي وبما أشعر) يعاني ويتألم حين يُمنح جوائز من قبل من تربيّنا علي أنهم أعداؤنا، دون قيد أو شرط، بل لمجرّد اعترافهم المهني بقدراتنا وانجازاتنا.. أما أولئك الذين أفنَيْنا عمرَنا في نشر مبادئهم وفي عطائنا لهم ودفاعنا عنهم، وما زلنا، ينتظرون تكريماً أمريكيّاً صاخباً اعلاميّاً لكي يقفزوا أمامنا بباقات الزهور التي، وبالمناسبة، لا تساويها كل جوائز الدّنيا.

انّ باقة زهور من رامز جرايسي أو أي رئيس بلديّة يمثل بلدي هي أجمل من جائزة نوبل نفسها، بشرط أن تعبّر لا عن تقدير رئيس البلديّة لتقدير أمريكا لنا، بل تعبّر عن تقديره (كممثل للناصرة) هو لنا. والتكريم لا يعبّر عن المُكَرَّم الاّ بمقدار ما يعبّر عن المُكَرِّم.

التكريم لا يكتمل، علي كلّ حال، الا حين نضع أمام أعيننا رؤية تؤسس لبناء وتنشئة أجيال من المبدعين وممن يملكون الكفاءة علي تقديرهم وحماية المناخ الذي يحتاجه الفن والابداع والعلم.

اليوم يُشرع في اعادة ترميم المعهد الثقافي الذي حرقه معتوهون خسيسون سَفَلة. فهل يُعاد ترميمه تجهيزاً للحريق القادم؟ هل هناك من رؤية هندسية أمنيّة واضحة؟ والأهم، هل هناك تخطيط جدّي ورؤيّة جادّة اداريّة ثقافيّة اعلاميّة تسويقيّة لهذا المعهد الذي يُفترض أنه يمثل واجهة الثقافة وبيت الثقافة وحضن الثقافة لمدينة الناصرة، مدينتنا الحبيبة؟ هل هناك تواصل حقيقي بين بلديّة الناصرة وبين مُبدعيها ومثقفيها وفنانيها من أجل صياغة خطّة جديرة بالثقة، تعبّر حقيقةً عن مضمون الشّعار الرائع المرفوع منذ زمن: الناصرة مدينة الثقافة ؟!

أكتب بمحبّةٍ، رغم الألم، وبمحبّة تتغلّب علي الألم.

القدس العربي في 11 أبريل 2006

 

"بن لادن" في فيلم سينمائي بنسختين عربية وإنكليزية  

القاهرة ـ القبس: في المهرجان الأول للسينما العربية الذي اقيم في البحرين قبل حوالي خمس سنوات، التقى أصدقاء المخرج الراحل مصطفى العقاد من نقاد وصحافيين في صالون الفندق الرئيسي للمهرجان يسألونه عما آل اليه مشروعا فيلميه 'صلاح الدين' و'الأندلس'. وكان رده ان سيناريو الفيلمين جاهزان للتنفيذ بانتظار البحث عن التمويل اللازم لهما، مؤكدا ان العقد المبرم بينه وبين شون كونري لأداء دور 'صلاح الدين' ساري الصلاحية. لكن العقاد يومها فجر مفاجأة من العيار الثقيل، بتأكيده ان ما يشغل باله آنذاك هو الاستعداد لعمل فيلم عن 'بن لادن' كشخصية درامية مثيرة للجدل في أميركا والغرب، قبل ان يكون ذلك في العالم العربي والاسلامي على ان تبدأ خيوط الدراما في الفيلم من كون 'بن لادن' أداة في يد اميركا ومن صنعها للتصدي للوجود السوفيتي في افغانستان، ثم خروجه عن السيناريو المرسوم، وتمرده على من هيأ له الظروف، ليحكم هو افغانستان من خلال 'القاعدة'.

وفي لقاء بين مصطفى العقاد وكاتب هذه السطور في مهرجان القاهرة السينمائي بعد احداث سبتمبر التي هزت اميركا والعالم في العام 2001، قال العقاد ان مشروع فيلم 'بن لادن' لم يعد يصلح لأن ما حدث كفيل بتحقيق فشل ذريع للفيلم في حالة تصويره بسبب سيكولوجية المواطن الأميركي تحديدا، والغربي بشكل عام. لأن هذا المواطن لا يمكن ان يقبل جرح كبريائه وكرامته، مرة في الواقع، ومرة اخرى من خلال السينما، باستعادتها لما حدث.

واليوم، ظهرت في القاهرة اشارات تنبئ بعمل فيلم سينمائي عن 'بن لادن' يقف وراءه المنتج عماد الدين اديب، ومن تأليفه، اما السيناريو والحوار فللدكتور مدحت العدل، والاخراج لعادل اديب، والمرشحون لتجسيد الأدوار فيه آل باتشينو، ومحمود عبدالعزيز، ومورغان فريمان، وعمر الشريف. اما دور 'بن لادن' فان النية تتجه لإسناده الى ممثل جديد، كما ان التفكير يركز على عمل نسختين للفيلم، واحدة باللغة الانكليزية والثانية باللغة العربية، وهو ما سبق للمخرج الراحل مصطفى العقاد، وفعله في فيلميه الشهيرين 'الرسالة' و'أسد الصحراء ـ عمر المختار'.

القبس الكويتية في 11 أبريل 2006

 

سينماتك

 

نحتفل معه بميلاده الستين

علي بدرخان.. مخرج من «أهل القمة»

محمد عبدالعزيز

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك