تأخذ الجدة المشرط بيدها، تفتح ساقي الفتاة الصغيرة الملقاة على البساط، صراخ ودماء تناثرت على المنديل الأبيض وانتهت العملية: لقد ختنت الفتاة ياسمين.

تصل دنيا (حنان ترك) لتجد نفسها أمام الأمر الواقع الذي طالما حاولت تفاديه طوال أحداث الشريط الذي يحمل اسمها عنواناً له. فكان هذا الحوار الصادم:

- دنيا (موجهة كلامها الى الجدة): خلاص خلتيها زيك. فاكرة انك انت كده بتحميها. انت طفتيها. حتخللي طبيخها يفضل طول العمر بارد حتى وهو ع النار. طبيخ ملح الدنيا كله مش حيحدقوا.

- الجدة: دي ضنايا.

- دنيا: عارفة. ضناك وبتحبيها وخايفة عليها ونفسك تعمليها ست محترمة (تحمل الفتاة باكية) بس في الآخر دبحتيها.

انتهى الحوار. لكن معاناة ياسمين وكثيرات مثلها من فتيات مصر وبعض البلدان الأخرى لا تزال متواصلة مع الختان وعواقبه على الجسد والروح. في شريط «دنيا» للمخرجة اللبنانية المشاكسة جوسلين صعب محاولة سينمائية للاقتراب من هذه الممارسة الاجتماعية. لكن الشريط لا يعالج هذا الموضوع كـ «تيمة» أساسية، بل اتخذه ذريعة لملامسة أحد أكثر المحرمات المسكوت عنها في مجتمعاتنا: الحب الحقيقي.

دنيا فتاة مصرية شابة تائهة تبحث عن ذاتها في علاقاتها مع الآخرين ومع محيطها المجتمعي بكل مرتكزاته العقائدية والاجتماعية الموروثة. تتنازعها رغبات عدة متناقضة. فهي تسعى الى تعلم الرقص الأكاديمي على أصوله، ولا تجد حرجاً في الارتماء بين أحضان راقصات شعبيات لا يعرفن عن الرقص غير هز الوسط كيفما اتفق من دون أدنى روح استيتيقية أو ذوق فني. كما أنها موزعة بين الرغبة في العيش في المدينة (القاهرة) والحنين إلى أصل والدتها في الصعيد. والأهم هو ترددها في حسم علاقتها مع حبيبها ممدوح (فتحي عبدالوهاب) الذي أصبح زوجها في ما بعد مع أستاذها المشرف على رسالتها في الماجستير «الحب في الشعر العربي» بشير (محمد منير) وأستاذها في الرقص أيضاً. فمع الأخير تعلمت كيف تكتشف جسدها وكيف يمكنها تطويعه لإيصال مشاعرها إلى الآخر، ومع الثاني تفتحت على آفاق الحب الصوفي الرومانسي وتطبيقاته، في حين كانت علاقتها مع الأول جسدية. وفي خضم هذا التيه الذي يؤرق حياة دنيا، نستعرض مع المخرجة نماذج متصارعة من صميم الواقع المعاصر المكبل بالتقاليد والأعراف والتواق إلى «التحرر» ولو في صيغ هجينة غير مؤصلة.

دنيا فتاة تبحث عن الحب وتسعى إليه بكل حواسها، لكن الخوف الذي تربى لديها من الإقدام على خطوة غير محسوبة قد تكون نتائجها «كارثية» على نفسيتها وعلاقتها مع المحيط، وقف دوما سداً منيعاً بينها وبين تحقيق رغبتها كاملة غير منقوصة. لقد سعت دنيا دوماً إلى تحقيق التوازن المفروض بين نظريات الشعر الذي تحضر رسالتها حوله وبين متطلبات الجسد. امتحان صعب قررت دنيا عدم رهن مصير علاقتها المستقبلية بمحمود في إمكان تقبل الأخير لتلك الحقيقة من عدمه.

الخوف من الحب

في بعض من مشاهد الشريط يكرر الأبطال مقولة كيف أن ليس في مجتمعاتنا قانون يمنع الحب. فلمَ الخوف إذاً من الإقبال عليه؟ فأسلافنا، بحسب الأستاذ بشير، انطلقوا أحراراً في الحب مستدلاً بكتاب «ألف ليلة وليلة» وفناء العاشق في المعشوق عند ابن حزم وعبارات العاشق عند ابن عربي وأشعار بشار بن برد وأبي نواس وغيرهم كثير. لكن الأغاني المعاصرة من محمد عبدالوهاب ومجايليه ومن تبعهم في درب الغناء مملوءة باللوعة والعذاب، معبرة عن شعوب تخاف الحب وتهابه بل تعتبره ضعفاً ومهانة. وحتى المتعة في الحب، بحسب بشير دوماً، لا نقوم إلا بخطفها خطفاً في فضاءات مؤثثة بالعيب والمحرمات على رغم عدم إمكان فصل اللذة عن الأدب العربي كله. والسؤال المطروح: كيف وصل بنا الأمر إلى هذا الكبت أفراداً وجماعات؟

صحيح، بحسب الأستاذ بشير، أن شعر الحب ماجن وفاجر وفيه شيء من الكفر. لكن أين ولدى من؟ في نظرة الناس إليه وطريقة استقبالهم له. لكن الذي يعرف القراءة جيداً سيعرف معنى الجمال وسيعرف أن شعر الحب الحقيقي هو فن الحياة نفسها.

تلك مجموعة من الأفكار التي حاولت المخرجة جوسلين صعب تمريرها على لسان شخصيات شريطها، محاولة إبراز التناقض في مجتمع يعرض باعته، مثلاً، على واجهات محالهم ملابس النساء الداخلية استثارة للزبائن، لكن مواطنيه يرفضون للمرأة حق تملك جسدها. لكن كل ما عرضه الشريط لا يبيح أبداً إجازة العلاقات غير الشرعية التي جمعت عدداً من شخصياته في مقابل تراخي العلاقة الجنسية كلما كان الزواج هو الرباط بين العاشقين. فليس في الانحلال الدواء الشافي للمنع والكبت الجنسي المسيطرين على المجتمع. ولا سبيل لإقناع المتتبع الواعي بتلك النظرية المخالفة للتعاليم الدينية وللطبيعة «السوية» للإنسانية. التحرر شيء محبذ، لكن الانحلال والتفسخ أمر ما أنزل الله به من سلطان، والتخفي وراء قيم الحداثة والعصرنة لتمرير خطابات من تلك الطينة أمر يسيء فعلياً إلى صاحبه ويضعه محل تشكيك واتهام.

لقد حاول الشريط استباق مثل هذه الأحكام، التي تجد لها شرعية وامتداداً لدى الكثر ولو لم يكونوا متحاملين على العمل، بموازاة قصته الرئيسة المتعلقة بالجسد واللذة بقصة فرعية تعالج القمع الفكري والسياسي المؤطر للعلاقات المجتمعية في بلداننا من خلال المواجهة التي تزعمها الأستاذ والصحافي بشير في مواجهة القوى «المتطرفة» وأجهزة الدولة المتهمة بمصادرة الكتب وإغلاق المطابع وقمع الحريات في ظرف زمني مفصلي في تاريخ الأمة مطبوع باتهامات التخوين والعمالة وغياب الحوار الهادئ والرصين. صراع أدى ببشير إلى العمى وفقدانه البصر في هجوم استهدفه لينطلق هو الآخر في رحلة بحث عن فهم العالم من حوله اعتماداً على أحاسيسه العميقة وفهمه لثنايا جسده ومكنوناته. وفي هذا ربط مباشر بين الواقع المجتمعي المعيش بالاختيارات والاملاءات السياسية للحكام. وهو اختيار إبداعي ليس غريباً على جوسلين صعب الصحافية التي تحولت الى السينما بالتزامها السياسي المعروف عنها منذ بداياتها في الميدان.

أرض الجفاف

في «دنيا» فلتات سينمائية رائعة، ولعل مشاهد الحب التي جمعت بشير بعاملة الفندق أولاً ثم دنيا ثانياً دليل على حرفية المخرجة. فالمشاهد لا قُبَل ولا «عري» فيها. كما أن أداء الممثلين كان في أغلبه موفقاً وبعيداً من السائد الذي ألفناه في الأفلام المصرية. فحنان ترك بجسدها النحيف تملكت الشاشة طوال أحداث الشريط وتلاعبت به كما شاءت، خصوصاً في مشاهد الرقص التي أبدعت فيها بلا منازع وكانت بارعة في ايحاءاتها، نظرات عينيها ومشيتها أيضاً. وعايدة رياض بدت متفوقة في دور المرأة المحبة للحب على رغم عملها سائقة تاكسي، مما يستدعي، طبيعياً، كل مقومات الرجولة لمن يسعى لامتهانها. أما محمد منير فكان غناؤه صداحاً مؤثراً أكثر من أدائه. في حين أبدع فتحي عبدالوهاب في دور العاشق المحروم وسوسن بدر في دور الأستاذة المتحررة. وبدت وجوه الممثلين متعبة بلون أرضي يظهر الجفاف المسيطر على حيواتهم ومشاعرهم إلا في حالات اللذة القصوى حيث تضيء الوجوه وتتنور.

وعلى رغم غير قليل من الفراغات في السيناريو والبناء الحكائي ظلت أوصال الشريط مشدودة إلى بعضها بعضاً ولو بصعوبة. لكن ما يعاب على جوسلين صعب يبقى إسرافها الكبير في مشاهد الإيحاءات الجنسية وتكرارها من دون فائدة درامية حقيقية تدفع بالحدث إلى التصاعد. ولعل مشهد النهاية يبقى مثالاً على عدم نجاح المخرجة في بلورة توجه فكري أصيل غير مستغرب ولا مغرب. فكيف لنا تقبل العلاقة الجنسية بين دنيا وأستاذها بشير في مقابل تخليها عن الزوج تحت ذريعة توحد الجسد والروح؟ كما أن التناقض بين شبقية الشخصيات النسائية في الشريط ومفهوم الختان الذي تدعي المخرجة معالجته يطرح أكثر من علامة استفهام حول وحدة الموضوع والتيمة المطروقة.

الشريط احتفاء بالشعر والغناء والرقص، ودعوة لاكتشاف الحب والوجد المتبادل من خلال تحقيق التوازن بين رغبات الجسد والروح وملاءمتهما بعضهما بعضاً. وللرقص في نظر جوسلين صعب الدور الأكبر في منح جسد المرأة النعومة والطراوة المطلوبتين لاستثارة مشاعرها قبل مشاعر رفيق الدرب. وتلك نظرية فيها نظر.

الفيلم حامل لفكر مستورد، لكنه أبداً لا يسيء إلى مصر أو غيرها كما اتهم به في مهرجاني القاهرة ودبي. وفيه شيء من السينما تمنينا لو سارت به المخرجة إلى النهاية لتقديم شريط مختلف في المظهر والجوهر عن السائد السينمائي الاستسهالي المسيطر على السينما العربية والمصرية منذ سنوات.

«دنيا» عمل سينمائي مصري برؤية إبداعية لبنانية - فرنسية ساهمت القناة المغربية الثانية في إنتاجه، وهو ربما واحد من أحسن الأشرطة المنتجة أخيراً في المتن السينمائي العربي.

الحياة اللبنانية في 7 أبريل 2006

حقق أول فيلم عماني «ألبوم»...

خالد الزدجالي: بين إرضاء الجمهور ومصالحة النقاد

أبو ظبي – فجر يعقوب 

تقع أحداث فيلم «البوم» للمخرج العماني خالد الزدجالي في قرية ساحلية اشتهر أهلها بالصيد وصناعة السفن، إلا أن المهنتين اندثرتا تدريجاً، وبدأ معظم شباب القرية بهجرها والتوجه نحو العاصمة للبحث عن موارد أخرى قائلين ان البحر قد قلَّ رزقه، وأن الأسماك لم تعد تفي بطموحاتهم.

الشيخ إبراهيم أحد وجهاء القرية كان عاملاً مساعداً على هجرة الشباب، فمشاريعه التي لا يعرف عنها أحد أي شيء (ولا عن شركائه العمانيين والأجانب) كانت تتلخص بشراء السفن والقوارب القديمة، وحتى البيوت القريبة من الساحل. ولم يقف في مواجهة هذه الهجرة إلا الرجل الخمسيني سالم الذي تربطه بالبحر علاقة وطيدة، والذي يقال ان ابنه زاهر قد خرج إليه في رحلة صيد ولم يعد. لذا يظل سالم بانتظاره ويقوم في الوقت نفسه برعاية الفتاة التي خطبها له، ويصر على إصلاح سفن الصيد القديمة. ويجد الشيخ إبراهيم أن سالم عقبة في طريقه، فيبدأ بمحاربته بكل الوسائل ويلجأ إلى نشر الإشاعات حول علاقة غير سوية تربطه بخطيبة ابنه، ويقوم بالتشكيك بوجوده.

فيلم «البوم» هو الفيلم الروائي الطويل الأول في تاريخ سلطنة عمان، وهو من تمثيل صالح زعل، زهى قادر، سعود الدرمكي، طالب محمد، أمينة عبد الرسول، ومن إنتاج الجمعية العمانية للسينما... وقد اختتمت به مسابقة أفلام من الإمارات في المجمع الثقافي (أبو ظبي).

هنا حوار مع خالد الزدجالي:

·         ما الذي يعنيه لك ولادة أول فيلم روائي طويل في عُمان؟

- هذه فاتحة خير تشهدها بلادنا المحرومة حتى اللحظة من الإنتاج السينمائي. وآمل أن يجر هذا الفيلم سلسلة طويلة من الأفلام لا تنتهي. سلسلة لي ولزملائي الآخرين، خصوصاً أن فيلم «ألبوم» ولّد أثراً طيباً لدى العمانيين.

·         من المشاهدة الأولى يلحظ المرء هذا النزوع المكثف نحو الأسطورة...

- هناك قرى عمانية لا تزال تقتات من الغيبيات والأساطير إن صح التعبير وهناك كثر في بلادنا لا يزالون يؤمنون بالخرافات ويقومون بتأصيلها بين الناس بغية تخويفهم والاستفادة من نشوء أوضاع جديدة تخدم مصالحهم.

·         إلى أي مدى تعتقد أن المزج ما بين الأسطوري والواقعي قد تحقق في الفيلم؟

- ليس إلى ذلك الحد الذي قد تبدو عليه الأشياء كما ظهرت في الفيلم. أنا لم أرد أن أدخل كثيراً في تفاصيل أسطورية قد ترهق جسم الفيلم. لقد ابتدأ الفيلم بـ «الزار» والكثير من دول الخليج تعتمده للتخلص من «العفاريت والجن». وهكذا ترى أن الخرافات موجودة، والفيلم يمسك بالخيط من البداية وحتى النهاية وهدفنا من وراء ذلك أن نقول للناس كونوا واقعيين، وأن المشكلة في الحقيقة هي من صنع البشر.

·         أكان يجب أن يموت سالم في النهاية؟

- أنا أردته أن يموت لأن جميع أهل القرية كانوا يعتمدون عليه. أردته أن يموت لأن من غير المعقول أن نظل نربط مستقبلنا بعجوز إلى ما لا نهاية. أعتقد أن موته كان ضرورياً من أجل أن يصل الشباب إلى بر الأمان.

·         أرى أنك تخالف كثيراً فكرة (المخلِّص) السائدة.. إذ ما الذي سيحل بالناس من بعده؟

- أعتقد جازماً أنه يجب أن نعتمد على أنفسنا ونعمل، فلا يجوز أن تتوقف الحياة عند هذا «المخلِّص» إن وجد. أرى أن الاعتماد على النفس هو الحل.

·         ألا تعتقد بوجود بعض الميلودراما في فيلمك؟

- أنا أتعامل مع جمهور يشاهد سينما عمانية للمرة الأولى، فإذا ما تفاعل معها، قد تصدمه بعض الأعمال إن لم يفهمها جيداً أو تؤثر فيه. أنا في فيلمي الأول كان هاجسي ألا أبتعد عن الجمهور، وأقترب من النقاد. حاولت أن أمسك العصا من منتصفها. بصراحة أردت أن أرضي الجمهور وأعمل مصالحة مع النقاد. وعندما تتمكن من الساحة التي تعمل فيها، فهذه مسألة أخرى.

·         إلى أي مدى استفدت من معاونيك في الكتابة الدرامية... هناك استشارة درامية؟

- لقد أردت لهذه الاستشارة الدرامية أن تكون موجودة في مرحلة الكتابة الأولى حتى تسمح لي بالاقتراب من الجمهور ولمس مشاعره بفيلمي الأول، وأعتقد أن هذه الاستشارة حققت الأهداف التي أردتها.

الحياة اللبنانية في 7 أبريل 2006

 

«أين العراق؟» صرخته الفنية الأولى...

باز البازي: كيف نحقق أفلاماً في عالم الخراب؟

أربيل (العراق) – لينا سياوش 

عاد مخرج فيلم «أين العراق؟» ومنتجه باز البازي الى وطنه مجدداً، فهل جاءت عودته بحثاً عن جواب لسؤاله، أم أنها تأكيد على ضياع الهوية؟ يؤكد البازي في حديثه مع «الحياة» أن عودته لم تكن مدخلاً للضياع بمقدار ما هي اثبات جديد للهوية، و «المهاجر العراقي لم يكن ضائعاً بل كان في انتظار عودته للبحث عن الحقيقة في بلده والإسهام في بناء المجتمع الذي يريده».

بعد مغادرته العراق باكراً، استقر البازي في كندا معتبراً إياها منفاه، ولم تكن سنوات غربته سوى دافع له ساهم في شحذ معالم فنه السينمائي الذي يجد فيه «تحقيقاً لهوية انفرد بها عن زملائه من السينمائيين العراقيين».

يركز البازي، وهو رسام وكاتب الى جانب كونه سينمائياً، في أعماله على عناصر الطبيعة والانسان ولملمة اجزائه المشتتة بفعل الزمن، فالسينما تعني لديه «عملية اصلاح للذات البشرية».

فيلمه «أين العراق؟»، صوره على الحدود الأردنية – العراقية بُعيد سقوط النظام العراقي السابق عام 2003. يومها كان آتياً لزيارة بلده والبدء بمعالجة سينمائية لا علاقة لها بالفيلم، الا أن ظروفاً حالت دون دخوله الأراضي العراقية، ما اضطره الى البقاء في الأردن اسابيع تمكن خلالها من تسجيل معاناة العراقيين هناك، مصوراً اياها في فيلم شارك في أكثر من 15 مهرجاناً عربياً ودولياً، كما حاز جائزة لجنة التحكيم في مهرجان الفيلم الوثائقي القصير في بغداد.

عن ذلك يقول البازي: «ليس من الضروري ان أكون في بلدي كي أفكر بسينما تتحدث عنه، فالعمل السينمائي عالم أصنع زمانه ومكانه وفقاً للمعطيات الخاصة بي».

وحول أعماله الجديدة يقول البازي أنه انتهى من توليف فيلمه الروائي الوثائقي الطويل (Monologue the fading live)، ومشاهد الفيلم الذي تبلغ مدته 100 دقيقة صورت في كندا. كما أنه مستمر في كتابة المعالجة السينمائية لعملين روائيين يقول عنهما إنهما «يحتاجان الى معالجات تصاعدية تركز على الذات البشرية وكيفية علاجها في بلده العراق».

السينما الشعرية

يهتم البازي الذي يُعرف نفسه سينمائياً بالمخرج المؤلف (Cinema venite) بالسينما الشعرية والوثائقية (الواقعية) لكونه لم يعمل حتى الآن في السينما الكلاسيكية، ويجد أن السينما الشعرية هي الأكثر تميزاً كونها الأكثر نخبوية: «هي سينما معقدة، مشاهدوها غير موجودين وهويتهم غير معروفة».

ويضيف: «لا اهتم بصناعة سينما تستقطب شريحة واسعة من الجمهور، اهتمامي هو بنوعية المشاهد ومدى تفهمه أعمالي السينمائية، بخاصة انني أحاول ومن خلال افلامي طرح أسئلة أترك للمشاهد مهمة أيجاد أجوبة لها، لذا عليه أن يفكر للخروج بأبعاد جديدة، وهذا يعني أنني ساهمت في أفكار جديدة من خلال عملية تضاد يعيشها المشاهد». ويضيف البازي أنه يبتعد عن «الأسلوب الإيحائي المباشر» في إخراجه السينمائي، مفضلاً «التركيز على المدلولات الرمزية التي تحتاج الى جهد وتفكير من المشاهد لفك طلاسمها»، لذلك جاء «عملي نخبوياً جداًَ، وبعيداً كل البعد من العواطف والسينما التجارية، والاعمال التي أُخرجها لا تجد مطلبها عند المشاهد البسيط.أحاول الارتقاء بنتاجي السينمائي من طريق مخاطبتي للأبعد وهي مخاطبة لا تخلو من محاكاتي لنفسي».

ويعتقد البازي أن نسبة كبيرة من الفضائيات والاعلام والسينما في شكل عام تحولت الى عملية تجارية، ادت ليس فقط الى تسطيح فكر المشاهد، بل ساهمت في قتله وقتل أفكاره وقيمه الإنسانية من خلال دأبها على إطعامه طعاماً مستهلكاً يؤدي الى تسميمه.

وعن تقويمه للسينما العراقية قبل سقوط النظام العراقي السابق ووصولها ووضعها الحالي، يؤكد: «السينما العراقية الآن جيدة» وهناك «بوادر جميلة للإنتاج السينمائي والروائي»، مستشهداً بفيلم عدي رشيد الوثائقي عن العراق، و «الحلم» لمحمد الدراجي. ويرى أن ماكينة العمل ستستمر، الا انه يجد ان سوء الوضع الأمني الذي يشهده البلد يؤثر في تطور السينما في العراق: «لا يمكن عمل سينما في بلد تُقطع فيه الروؤس» – كما يقول - متابعاً أن السينما على ايام النظام السابق كانت ممسوخة ولم يكن لها هيكل مؤسساتي، «كانت سينما حكومية ولم تكن هناك مؤسسة السينما للإنتاج والاعلام، وفي الحقيقة لم تكن هناك سينما ذات تقاليد واضحة بل كانت اجتهادات ضائعة».

وحول الواقع الصعب الذي يعيشه العراق اليوم وكيف يمكن السينما أن تُسهم في علاجه، يرى البازي انه: «يمكن السينما أن تلعب دوراً في ذلك إن كانت مبنية على المعالجة التسامحية بأسس واقعية مدروسة، فالعراق يعيش اليوم واقعاً مفتتاً وعلينا جمع أجزائه المفتتة، هذا لن يحدث من دون تسامح».

الحياة اللبنانية في 7 أبريل 2006

 

سينماتك

 

نظرة من المغرب الى الفيلم المصري «دنيا» للبنانية جوسلين صعب...

شريط يلامس المحظور العربي وشخصيات تبحث عن الحب الحقيقي

الرباط – طارق أوشن

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك