عندما زارت وزيرة الخارجية الأمريكية القاهرة خلال الشهر الماضى، كان متاحاً للجمهور المصرى فرصة فريدة من نوعها للاختيار بين أن يتفرجوا عليها على شاشات التليفزيون وهى تشرح قضايا الحرب والسلام فى الشرق الأوسط، أو أن يذهبوا إلى دور العرض السينمائية لكى يروا شبيهة لها تؤدى رقصة هز البطن الشرقية وتشترك فى مواقف للكبار فقط.

لقد كان ذلك فى فيلم ليلة سقوط بغداد الذى يصور الهواجس المصرية حول الحرب والجنس والولايات المتحدة. وبسبب موقفه المعادى لأمريكا، استطاع الفيلم أن يصمد بقوة فى دور العرض المصرية ما يزيد على الشهرين حتى الآن، وفى الفيلم نرى المصريين وهم يتخوفون من الغزو الأمريكى لمصر واحتمال دمار العاصمة المصرية القاهرة، كما يصور الفيلم الأمريكيين على أنهم أشرار ومغتصبون وسفاحون بلا عقل، وبالمناسبة ليلة سقوط بغداد فيلم كوميدى.

إنه واحد فقط من سلسلة أفلام ومسرحيات جماهيرية تكشف عن القلق العميق الذى يشعر به المصريون تجاه الأمريكيين، فمنذ عامين ظهر الأمريكيون اليانكى فى مسرحية اللعب فى الدماغ على أنهم أشرار شرسون يرتدون ملابس المارينز، ويطوفون وسط الجمهور مثل البلاسيرات يعطون الأوامر القاسية للمتفرجين، وفى مسرحية ماما أمريكا يتم تفجير تمثال الحرية.

لقد بدأ الأمريكى القبيح يظهر على الشاشة المصرية فى العام الماضى فى فيلم يوسف شاهين اسكندرية نيويورك الذى انتقد مواقف الولايات المتحده تجاه العرب. وفى الكوميديا السينمائية السوداء معلش إحنا بنتبهدل يحكى الفيلم عن أب يرسل ابنه إلى العراق لتسليم شحنة من المانجو ليجد نفسه مضطراً للحاق به حتى يخرجه من سجن أمريكى، وخلال رحلته يقع الأب فى الحفرة التى يختفى فيها صدام حسين، حتى يقبض الأمريكيون عليه ويأخذوه لكى يقابل الرئيس بوش، الذى يدفعه لأن يضع لحية مستعارة ويعترف بتفجير السفارة الأمريكية، وينجح الأب فى الهرب بطريقة ما يخدع فيها الأمريكيين، ويبيع شحنة المانجو، ويعود مع ابنه للوطن.

ليس المصريون وحدهم الذين يصورون الأمريكيين على الشاشة باعتبارهم أشراراً، فالفيلم التركى وادى الذئاب: العراق الذى بدأ عرضه فى تركيا العام الماضى يصور بطلاً تركياً ينتقم من القوات المسلحة الأمريكية التى تحتجز بعض الجنود الأتراك فى شمال العرق. إن الأمريكيين فى أحد المشاهد يطلقون النار على المدنيين خلال حفلة زفاف، ويفجرون ويحرقون مسجداً، وينفذون أحكام الإعدام المتسرعة فى بعض الضحايا، كما يظهر التعذيب فى سجن أبو غريب فى مشهد فرعى آخر. ويعلق نبيل شوكت - كاتب العمود الساخر فى الصحيفة اليومية ديلى ستار - عن هذه الأفلام قائلاً: إنها تظهر البارانويا تجاه أمريكا فى كل مكان، وفى حالة مصر فهو الشعور العام بالعجز أمام الأمريكيين. لكن ليس هناك اتفاق بين النقاد المصريين على أهمية وجدية فكرة العداء لأمريكا فى فيلم ليلة سقوط بغداد، فقد اعتبره البعض محاولة رعناء لإلقاء اللوم على الأجانب، كما وصفه ناقد فى جريدة الأهرام المصرية بأنه كوميديا صبيانية تعبر عن وجهات نظر شاب مراهق لا يملك ثقافة سياسية واسعة.

إن مصر تعتبر من الناحية الرسمية أحد أهم حلفاء أمريكا فى الشرق الأوسط، والمصريون العاديون يتصرفون على نحو تلقائى بقدر من التوسل هكذا فى النص!! تجاه الزوار الأمريكيين، ويؤكدون لهم المرة بعد الأخرى ودون ملل أنهم يحبون أمريكا. لذلك فإن ظهور الأمريكى على أنه شرير فى السينما المصرية يعتبر أمراً استثنائياً يختلف عن صورته فى الماضى، حين كان المستعمرون البريطانيون هم هدف هذه الصورة السلبية، وفى فترة لاحقة كان الأجنبى - دون تحديد جنسيته - يظهر على الشاشة فى صورة من يحاول سرقة ثروة مصر، أما إذا ظهر الأمريكيون فهم يبدون ضحايا غير واعين لمرشد سياحى ماكر، أو على أنهم أناس لهم عادات غريبة لكنها لطيفة، مثل ارتداء السراويل القصيرة فى العلن. وهناك كوميديا ساخرة تعود إلى أعوام مضت، وهى فيلم زيارة السيد الرئيس، تصور عمدة قرية يحاول بشتى الطرق المضحكة أن يظهر حماسه تجاه صداقة أنور السادات للولايات المتحدة الأمريكية، لكنه لا يفهم كيف كانت الولايات المتحدة عدوا لمصر منذ سنوات قليلة خلت، وقد تم منع الفيلم لفترة طويلة من العرض فى مصر!!.

لقد كان الشر الرئيسى يأتى من الإسرائيليين، حتى فى الأفلام الكوميدية. وفى فيلم السفارة فى العمارة الذى عرض فى العام الماضى، يعود مهاجر مصرى إلى الوطن ليحاول الانخراط فى علاقات جنسية فى شقته القديمة، لكنه لا يستطيع لأن السفارة الإسرائيلية تقيم فى شقة مجاورة له بنفس العمارة، لذلك فإن القذائف تنهال عليه من النوافذ، كما يغلق الحراس مداخل ومخارج العمارة، وهكذا يغادر جميع السكان المبنى، ويبقى الرجل الذى يزعجه وجود السفارة فيرفع دعوى لطردها ويصبح بطلاً قومياً.

أما فى ليلة سقوط بغداد فإن ناظر مدرسة يحاول أن يجند أحد تلاميذه النابهين السابقين لكى يصنع سلاحاً رادعا يمكن استخدامه إذا قام الأمريكيون بغزو مصر، إن الشاب كان قد أصبح مدمناً على تدخين الحشيش، لكنه يعجب بابنة الناظر الثورية الجميلة فيقبل المشروع، ويرتب الناظر لزواج ابنته من الصبى، ويحاول إقناعها بذلك: إقبلى عشان الوطن. لكن الرجال فى الفيلم يعانون من مشكلات جنسية، فالشاب يفشل فى الشعور بالإثارة فى ليلة الزفاف، وتنتابه الأحلام الجنسية مرة مع كوندوليزا رايس وأخرى مع جندى مارينز يدعى جاك، كما أن الناظر وكل أصدقائه يعانون من العجز الجنسى، ولكن مشكلاتهم تزول عندما ترتدى زوجاتهم ثياب المارينز وتمثلن أنهن أمريكيات منهكات فى الصحراء.

وتنهال التقارير عن الفظائع الأمريكية فى العراق، ويشكل المصريون ميليشيا رثة لكى تواجه الغزو المتوقع، وعندما يفشل اختيار سلاح الردع الذى يخترعه الشاب، يصاب الناظر بالكوابيس عن اغتصاب ابنته فى سجن أبو غريب. وبالقرب من ذروة ليلة سقوط بغداد يطلق أحد الجنود الأمريكيون الرصاص على رجل مصرى يستقبل القوات الغازية بالتحية فيرديه قتيلاً. ويتحدث محمد أمين مخرج الفيلم عنه قائلاً: لقد شعرت بأن حدثاً مثل سقوط بغداد لا يمكن أن يمر دون أى نوع من التعليق، فقد كان كل ما استطاع العرب أن يفعلوه هو الجلوس أمام شاشات التليفزيون ليتفرجوا على ما يحدث، لذلك قررت أن أصنع فيلماً عن العجز، وهذا كان ما يدور فيلمى حوله.

إنه ثانى أفلام محمد أمين، فقد سبقه فيلم ثقافى الذى يحكى قصة مجموعة من الشبان المصريين يحاولون دون جدوى أن يجدوا مكاناً يجلسون فيه وحدهم للفرجة على شريط فيديو إباحى. وهو فى فيلمه ليلة سقوط بغداد يسخر من الحياة والسياسة فى مصر ولكن دون شكل صارم كذلك الذى استخدمه لتصوير الأمريكيين، فعندما يريد الناظر أن يرفع من معنويات أفراد الميليشيا فإنه يعرض عليهم شريطاً يسجل إنجازات مصر منذ حربها مع إسرائيل فى عام 1973، فلا يجد إلا هدفاً سجله فريق الكرة المصرى فى مباراة تعادل فيها فى كأس العالم. كما يقترب الناظر من قائد الميليشيا ويسأله إذا ما كان من الممكن وجود أسلحة متطورة فى مصر، فيجيبه الرجل بأن الصناعة العسكرية مشغولة بصناعة الشماسى والمظلات، كما يؤكد أحد المعارف أن مصر تمتلك بالفعل سلاح دمار شامل، ويقول إنه يعرف ذلك منذ الليلة التى انقطعت فيها الكهرباء عن مصر كلها وغرقت فى الظلام، بما يفسره الرجل بأن السبب كان استخدام كل مصادر الطاقة عندئذ لتخصيب اليورانيوم.

لقد أحدثت مشاهد التخيلات الجنسية مع كوندوليزا رايس تعليقات سلبية فى مصر، لكن محمد أمين يدافع عن هذه المشاهد على أساس أن الشخصية الضعيفة تحلم بالضرورة بامتلاك شخص أكثر قوة، ويفسر ذلك قائلاً: لقد كان الشاب يكره الرسميين الأمريكيين، لذلك فإنه يحقق هزيمتهم فى الفراش فى صورة رايس، إن رايس تأتى دائماً إلى مصر لكى تعطينا دروساً، لذلك فإن الأمر يبدو كما لو أن مراهقاً يحلم أحلاماً جنسية مع مدرسته. ويؤكد محمد أمين فى إصرار أنه ليس معادياً للأمريكيين، ويقول إن فيلمه القادم يدور حول أهوال العراق لكنه أيضاً عن أعمال الخير التى قام بها أطباء أمريكيون مؤخراً بفصل أحد التوائم المصرية الملتصقة، ويضيف: إننى أريد أن أفهم كيف يمكن لبلد مثل الولايات المتحدة أن تقوم بأعمال الخير فى نفس الوقت الذى ترتكب فيه الشر.

العربي المصرية في 2 أبريل 2006

 

فى فيلم وثائقى جديد

ضحى الزهيرى تفتح ملفات أبو مازن

ماهر حسن 

ملفات أبو مازن هو عنوان الفيلم التسجيلى والوثائقى الثانى، لضحى الزهيرى إذ كان فيلمها الأول لعبة الانتخابات حول الانتخابات الرئاسية لمصر، أما فيلم ملفات أبو مازن فهو يجمع بين صيغتى الحوار والفيلم التوثيقى أما الحوار فقد أجرته ضحى بنفسها مع أبو مازن فى الأرض المحتلة والذى حرصت أن تقدم فيه للملمح الإنسانى لأبو مازن مع الملمح السياسى وكانت ضحى، قد تخرجت فى كلية الآداب جامعة القاهرة قسم لغة إنجليزية، ثم حصلت على دبلومة من الجامعة الأمريكية فى مجال الصحافة التليفزيونية، ثم انخرطت فى تجربة إعداد الأفلام الوثائقية، وكانت قد انجزت تقاريرا إخبارية وبرامج تسجيلية لقناة العربية إلى أن طلب منها مدير القناة عبدالرحمن الراشد إنجاز فيلم وثائقى وتسجيلى عن الانتخابات الرئاسية فى مصر، والتى أنتجته على نفقتها الخاصة.

فلما أنجزت فيلمها الثانى عن أبو مازن قامت العربية بإذاعة حوارها مع أبى مازن الذى تضمنه الفيلم قبل بث الفيلم نفسه كاملا، وقبل الانتخابات الفلسطينية وكانت قد أقنعت أبو مازن بأن يكون التصوير فى بيته ومع أحفاده بكاميرا واحدة.. لتكون اللقطات طبيعية حيث حرصت على ألا يشعر الأطفال بوجود فريق تصوير كبير.

وقد استغرق تصوير الفيلم نحو شهر، وكانت ضحى هى الممول والمخرج والمنتج والمنتج المنفذ والمصور الرئيسى لهذا الفيلم، وكان قد عُرض على قناة العربية على مدى ثلاثة أيام متصلة، هى أيام 23 و24 و25 يناير فيما يعد سابقة إذاعية للقناة، وكان إنجاز هذا الفيلم بمبادرة من ضحى بالاتفاق مع القناة.

أما موضوع الفيلم فهو يتناول الحقبة الفلسطينية المتحركة، التى بدأت وقائعها تتلاحق فى سخونة وسرعة بدءا من توقيع اتفاقية أوسلوا مرورا بسفر عرفات للاستشفاء والانشقاقات الفلسطينية التى اندلعت بين الفصائل الفلسطينية وجميعها منهجية لم تؤثر فى المشترك الوطنى الفلسطينى العام، ثم شهادات لقيادات فلسطينية ممثلة للأطياف السياسية حول هذه الخلافات، فضلا عن الرؤى الخلافية بين أجيال كل فصيل فلسطينى على حدة سواء فى فتح أو حماس، ثم وصول أبو مازن لقمة السلطة، ثم شهادات لقيادات فلسطينية حول أبو مازن ودوره ومنهجه السياسى.

ولقطات لعودة مهاجرين وإفراج عن معتقلين وأفراح فلسطينية، وممارسات صهيونية ومقابلات مع الناس فى الشارع الفلسطينى ولقطات متفرقة لجولات ومباحثات ومؤتمرات واتفاقيات قام بها أبو مازن.

حنان عشراوى قالت: إنه ورث ميراثا صعبا. ودحلان قال: إنه جاء على وضع صعب وأبو مازن بعد وصوله للسلطة وتحقيقه بعض المكاسب فى اتجاه تحرير بعض من الأرض المحتلة.. بفضل الاتفاقات يقول يخطب فى الجماهير قائلا: انتهى الجهاد الأصغر وجاء الجهاد الأكبر، وفى بيته ووسط أبنائه وأحفاده يقول لضحى.. لقد احتاروا فى تصنيفى.. وعجزوا عن تلفيق شيء ضدى، لكنهم وجدونى للأسف من البيت للمكتب ومن المكتب للبيت!

ويضيف أبو مازن قائلا: بعض الناس يقولون ما الذى أنجزناه ونحن نقول إنه فى ظل هذه الأوضاع القاسية، وفى ظل الكثير من الاختلافات المنهجية فى الرؤى السياسية للفصائل قد أنجزنا الكثير ومن بين ما أنجزناه، أن نلنا جزءا كبيرا من الأرض، وقد حظر على الإسرائيليين دخولها، ولم يقتحموها إلا حينما اضطرتهم لذلك بعض التصرفات الفلسطينية الخارجة عن السياق، ومما أنجزناه أيضا أننا سننا ثلاثين قانونا يجرى تطبيقها الآن.

قال أبو مازن أيضا: إن المسئولية التى كان يراها الأصعب، هى محاولة رأب أى انقسام فلسطينى فلسطينى والبحث عن مشترك نضالى فلسطينى واحد يضم كل الصفوف الفلسطينية فى صف واحد، وقال إن ملف الأسرى الذى تم الاتفاق عليه فى شرم الشيخ ملف حيوى لكنه تعرقل، وتفعيله سيسهم فى تهدئة الأوضاع لحد كبير.

وكانت ضحى قد أجرت حوارها مع أبو مازن على مدى الساعة ونصف الساعة بين العمل والمنزل، وكانت فقرات الحوار تتخللها مداخلات على ما يقول وشهادات عن أدائه ورؤيته.

وكان يتكلم بحميمية وبساطة.. لم يعتدها الناس، فقد اعتادوها مغرقا فى رسمية وكشف الحوار عن جانبه الإنسانى فى محيطه الأسرى.

الفيلم كان متدفقا.. وجامعا لفسيفساء المشهد الفلسطينى الراهن وجمع بين رأى الساسة ورجل الشارع، وتحدث الزعماء بجرأة عن طبيعة الخلافات بين الصف الواحد، وبين الصفوف الفلسطينية غير أن السؤال فرض نفسه فقلنا ل ضحى.. هناك قفزة مهنية ومنهجية بين الفيلمين فيلم انتخابات الرئاسة المصرية وفيلم ملفات أبو مازن فلم كانت العجلة فى القفز إلى المحيط العربى والفلسطينى.. رغم أن ملف الواقع المصرى الراهن مازال فيه الكثير الذى يتعين قوله على سبيل المثال.. البطالة.. والإسكان والتعليم والصحة.. وتفشى الإجرام.. والبلد الذى فى طريقه للتوريث.. وغير ذلك فقالت ضحى: ربما ما شد انتباهى هو نتائج الانتخابات الفلسطينية، فضلا عن مسرح الأحداث الساخنة هناك، وهذا ما حملنى على القيام بهذه المغامرة ربما من قبيل اختبار مهاراتى، وربما لأننى وجدت فيها تحديا من نوع ما.. غير أن ملف الواقع المصرى لم يغب عن ذهنى، ولكن فكرة هذا الفيلم لم يكن ممكنا تأجيلها، حيث القضية الفلسطينية قضية ملحة مازالت تفرض نفسها على المسرح السياسى الراهن.

العربي المصرية في 2 أبريل 2006

 

بين وجود غائب فى المجتمع وتهميش درامى على الشاشة

المرأة.. قطة تبحث عن اللذة!

محمد جمال 

حدث مهم استوقفنى مغزاه.. وهو إصدار قسم النشر بالجامعة الأمريكية موسوعة المخرجات العربيات فى مناسبة اليوم العالمى للمرأة.. وقد ضمت الموسوعة الرائدات بهيجة حافظ، وآسيا، ومارى كوينى، وفاطمة رشدى، وأمينة رزق، على خلفية زمنية للعصر الذى كانت تناضل فيه كل منهن لإثبات حق المرأة فى العمل والإبداع، وهو زمن رغم أنه كان يغلق على المرأة البيت، إلا أنه لم يعرف حوادث الاغتصاب أو التحرش بالنساء! وأكدت فيه النساء المبدعات مواهبهن بروح المبادرة.. سواء فى التعليم ملك حفنى ناصف أو السياسة هدى هانم شعراوى أو فى السينما حين اقتحمت بهيجة حافظ عالم الفن السابع بفيلمها ليلى بنت الصحراء عام 1937.. وكانت من قبل قد اقتحمت عالم التأليف الموسيقى.. قبل أن تتجه للإنتاج ثم التمثيل والغناء!

قارنت بين هذا الجيل من المبدعات الذى خرج من رحم حركة التحرر الوطنى الأولى ثورة 1919 وبين جيل العولمة.. والهبوش.. الذى بلغ فيه الإسفاف بصورة الأم على الشاشة أن يقف ممثل ليقول لزميله المنولوجست: يا ابن اللى ما بتقولش لأ! أو يستظرف آخر فى واحد من هذه النوعية من الأفلام ويقول: يا سلام على فايزة لما تبقى عايزة!! وإلى آخر هذه العينة من الإفيهات التى يبدعها ترزية السيناريوهات فى زمن البالونات الملونة والمولات الصاخبة بالصبيان والبنات الذين تم تفريغ شحنة حماسهم على شاشة ترسخ صورة مشوهة للمرأة.. فهى مرفهة من النادى إلى الغردقة أو شرم الشيخ!

قضيتها أصبحت كيف ترضى زوجها، أو كيف تخونه ردا على خيانته، كما فعلت جيهان فاضل فى فيلم سهر الليالى!

وصورتها.. رغم كل ما يقال عن البطولات النسائية.. والأدوار النسائية لم تخرج عن كونها امرأة جميلة معذبة لا ينقصها سوى دفء الرجل.. مجرد سنيدة.. ربما ظهرت محاولات لمحو هذا التهميش كما فى فيلم هالة خليل أحلى الأوقات، وفيلم محمد خان بنات وسط البلد!

ولكن الصورة العامة تكرس الوجود الهامشى لها على الشاشة.. وتبلغ المفارقة مداها فى الأفلام الكوميدية التى ظهرت فيها غادة عادل، وحلا شيحة، وحنان ترك، ومنة شلبى، وهند صبرى.. حيث يقترب كراكتر الدور من الشخصيات المتخلفة عقليا! ربما ظهرت محاولة أو محاولتان حاولتا اقتحام التابوهات وقدمت من الباب الموارب للمجتمع إطلالة على عالم المراهقة.. والموضة، والأزياء وموديلات العشاق، وباترونات الأفكار، والعلاقات، وقواميس الغزل.. حيث تصطدم الأحاسيس بالمتناقضات السياسية كما فى مذكرات مراهقة وأسرار البنات وأخيرا ويجا وكلام فى الحب.. حيث يبدو التناقض أو بالأحرى الشيزوفرينيا فى ذروة ظهورها.. لمجتمع مرتبك يستسلم بعقله أمام شاشات الكمبيوتر والتليفزيون وينام كل ليلة على سرير فى كهف من كهوف العصور الوسطى.. يتحدث عن الفياجرا! ويتبرأ من المشاهد الإباحية والقبلات والمايوهات.. ويمتدح السينما النظيفة!

وإذا أردنا البحث عن ملامح مشتركة للسينما الشبابية من خلال صورة المرأة.. كزوجة.. وحبيبة.. وأم.. فهى لا تأتى مكتملة مع الواقع الذى يطرح نماذج جادة ومحترمة ومكافحة.. تستفزها البيوت الفخمة والسيارات الفارهة، ومشاهد الفنادق المثيرة على شواطئ شرم الشيخ والغردقة.. ناهيك عن مشاهد التحرر التى تعكس واقعا متناقضا قائما بالفعل.. واقع انهارت فيه كل الأيديولوجيات، وتغيرت فيه الثوابت.. وأصبحت فيه الأرض رخوة تغوص فيها الأقدام.. إلى آخر مدى مجهول.. وهو ما يجعلنا نختار بين موقفين لا ثالث لهما. إما إعادة تقديم المرأة بصورة تتفق مع أحلامنا القديمة أو نستسلم لزمن الكوابيس!

والإجابة تبدأ من لحظة التحرر من هذه المشاهدة السلبية وفقا لشعار الجمهور عاوز كده والتى تجعلنا جميعا نشترك فى صناعة ثقافة الإفيهات التى تُمتهن فيها المرأة.. وتستظرف فى أفلامها البطل الذى يسخر منها قائلا: يا سلام على فايزة لما تبقى عايزة! أو يبالغ المؤلف غالبا الرجل فى ترسيخ صورة الأنثى الذليلة لاحتياجاتها من الرجل.. حيث تبدو بلا أى قضية سوى أن تتصيد الرجل وتوقعه فى شباكها!

وبعيدا عن الصورة النمطية والتجارية التى ترسخ صورة المرأة المشوهة فى الحياة.. السنيدة على الشاشة.. لابد ألا نفقد الأمل فى أى طرح جديد وطازج ينسب لإبداعات سينما المرأة التى تحترم عقل المشاهد منها ما قدمه مؤخرا الثلاثى المنتجة نهاد عبدالعزيز، والمؤلفة شهيرة سلام، والمخرجة المنطلقة منال الصيفى، فى فيلمهن المثير منتهى اللذة.. وإن كان لنا أن نسألهن: كم امرأة ممكن أن تستغفل زوجها وتدخل الشات رووم لتتحدث مع حبيبها السابق؟ كما ظهر فى الفيلم! أو كم امرأة ترفض الإنجاب من زوجها؟! وكم فتاة فقيرة ممكن أن تضحى ببكارتها تحت سطوة رجل ثرى؟!

ربما توجد هذه النماذج.. ولكن فى مقابل غالبية من النماذج الأكثر احتراما! وهو ما يجب أن يلتفت إليه صُناع السينما الجديدة.

العربي المصرية في 2 أبريل 2006

لماذا لم يحقق فيلم ملك وكتابه

النجاح الجماهيرى الذى يستحقه؟

سعيد شعيب 

أظن أن فيلم ملك وكتابه سيظل من الأفلام الهامة فى السنوات الأخيرة، صحيح أن هناك بعض التحفظات، وصحيح أن هناك اختلافا مع بعض المفاهيم التى طرحها، كما أن هناك شيئا ما ينقصه، شيئا ما جعله لا يحقق النجاح الجماهيرى الذى يستحقه.. ولكن ورغم كل هذا، يمكن القول بقلب مطمئن أنه عمل فاتن والأسباب كثيرة.

أولها اختيار الفكرة وهى قماشة درامية مختلفة تماما عن السائد فى السوق السينمائى، وهى مخاطرة فنية وإنتاجية لابد أن نحسبها لأصحابها والتى تتناول علاقة رجل تجاوز الخمسين هو الفنان محمود حميدة وشابة صغيرة هى الفنانة هند صبرى، صدام ما بين عالمين، الأول منضبط لحد الجمود القاسى، ولكنه ناجح طبقاً للمعايير الشكلية الاجتماعية، ولكنه يخفى فى عمقه خواءً رهيباً، خواء الروح.

والثانى مشحون بالحياة، بما فيها من أمل وإحباط، سعادة وتعاسة، خليط من كل الأشياء، ولكن تحمل فى جوهرها الإصرار على صناعة البقاء والبهجة.

هذه هى التيمة الرئيسية للفيلم، والتى تفرعت الى تفاصيل غاية فى الشاعرية، تفاصيل جارحة ولكن السيناريو الذى كتبه احمد الناصر وسامى حسام قدمها دون فجاجة وغلظة، منها مثلا الطريقة التى يجرى بها الطلبة أمام حميدة قبل أن يدخل المحاضرة، أو ارتباكه الرهيب فى تمثيل مشهد صغير وهو أستاذ يدرس التمثيل.. ومنها أيضاً صوت المنبة الذى يصاحب المشاهد الأولى التى ترسم فيها المخرجة كاملة أبو ذكرى ببراعة الشخصية، ففى الوقت الذى يسرد فيه حميده حياته باطمئنان ورضى، نجد الصور تهيئ المشاهد أن الأمر ليس كما يسمعه، فترى فيه الأداء الوظيفى لممارسته الجنس مع زوجته عايده رياض، ثم نجدها فى المشهد التالى فى عمق الكادر وحيدة وحزينة وبائسة، وهنا يظهر الدور الهام لمدير التصوير أحمد مرسى بالزوايا التى يختارها للكاميرا وتوزيع الإضاءة.

فالصورة هنا ليست تنفيذ حرفى ولكنها إضافة إبداعية، وبالمثل ديكور محمد أمين، فبيت البطل رغم اتساعه ضيق، بهذا الممر الطويل الذى ينتهى بالحمام، والبيت الذى انتقل اليه بعد انفصاله عن زوجته متسع ومريح. وديكور منزل خالد أبو النجا يشعرك أنه مصنوع ومرتبك رغم اتساعه.

فالعناصر الفنية لهذا الفيلم مصنوعة بإتقان وفنية عالية، فالظهور الأول للفنانة هند صبرى تصاحبه موسيقى جعلها خالد شكرى حية مشبعة بالحياة، والمشهد الذى يمزق فيه حميدة خطاب زوجته السابقة متوترة ولكنها حازمة.

بالإضافة الى المونتاج البديع للفنانة دينا فاروق، فمن أجمل المشاهد عندما اكتشف حميدة خيانة زوجته، نجد تقطيع متبادل على وجهيهما ينتقل من عنف المفاجأة وصدمتها للطرفين الى الاستسلام لقدرهما، قدر انهيار هذا العالم المنضبط المزيف، المنضبط على خواء مرعب لبشر يعيشون لأنهم يعيشون، وفى هذا المشهد تظهر البراعة اللافتة لعايده وحميدة وهذا التدرج المذهل لتعبيرات الوجه.

ولكن المشكلة الأساسية فى هذا الفيلم هى أنه ينطلق من رؤية كلية مجردة بل ومسبقة، وخضعت لها الدراما قسرا وفى أحيان كثيرة بتعسف، فعالم محمود حميدة لابد من تحطيمه كاملا، بمعنى أنه بالكامل لا يصلح، وهذا غير صحيح إنسانيا ودراميا، وبالمقابل عالم هند صبرى كله صحيح.. وهذا افقد الدراما سخونتها وإدهاشها، أى الصراع والنتائج غير المتوقعة.. كما تسبب فى قلة الأحداث، كما أن العالم القديم للبطل لم يكن مجسدا فى بشر ولكنها أفكار تلبست البطل ولابد أن يخلعها.

كما أن الفيلم لم يمتلك جسارة أن يفاجئنا بإمكانية العلاقة بين البطلين رغم فارق السن ولكنه اختار الحل الأسهل وهو أن يتركها لحبيبها السابق الشاب، وقد تكون هذه هى وجهة نظر أصحاب الفيلم ولكن هذا من المستحيل أن يحدث دون صراع بين الشخصيات أو حتى داخلها ولذلك تشعر وكأن الفيلم قد انتهى فجأة فى مشهد ختامى تم فيه غلق الخطوط الدرامية المفتوحة بتعسف.

الفخ الثانى الذى وقع فيه السيناريو هو اللجوء الى الأنماط الشائعة للشخص المتزمت الجامد، فلابد أن يرتدى بذلة كاملة ولابد وحتما أن يكون دقيقا فى مواعيده وقاسى فى شغله.. وفى المقابل الشخص المنفتح لابد أن يرتاد أماكن بعينها وأن يشاهد مثلا رويى.. أى أن السيناريو لم يحاول البحث عن التفاصيل التى تخص الشخصيات التى طرحها.. ومع ذلك فقد منح محمود حميده وهند صبرى الشخصيات حيوية شديدة.. واخترعا لها تفاصيل حركية وإيماءات وغيرها.

ولكن هذه النمطية جعلت الشخصيات ذات بعد واحد، وليست كيان مركب من رغبات متناقضة ومتصارعة مثل كل البشر، وبالتالى فالاختيارات أمامها إما أبيض أو أسود ومن هنا فقد الفيلم قدرته على الإدهاش. ناهيك عن ضعف آخر فى السيناريو وهو عدم اهتمامه بالشخصيات الثانوية المؤثرة فى الأحداث، فالزوجة عايدة رياض ظهرت فى المشاهد الأولى واختفت تماما لا نعرف عنها شيئا، ولا موجودة حتى فى داخل البطل وأنها تم مسحها باستيكة، فلم يبق منها سوى مشهد الخيانة. وذات الأمر حدث مع شخصية لطفى لبيب، فلا نعرف من هو ولا لماذا نشأت صداقة بينه وبين حميدة التى تتناقض معه فى كل شيء.

أظن أن هذه التحفظات وربما هناك غيرها هى ما جعلت هذا الفيلم الجميل لا يحقق النجاح الجماهيرى الذى يستحقه.

العربي المصرية في 2 أبريل 2006

 

كلام فى الحب.. مجرد كلام!

منى غازي 

هل تكفى النوايا الحسنة لصنع عمل فنى جيد؟ هذا ما تطرحه شخصية حسن مساعد المخرج عمرو واكد فى فيلم كلام فى الحب، فهو يسعى لتقديم عمل فنى جيد يأخذ به مكانا وسط مخرجى السوق، ورغم رداءة الألحان وضعف الكلمات وابتذال المطرب من وجهة نظر حسن إلا انه يقبل ويقرر ان يصنع من الفسيخ شربات ويصر على أن يقدم كليبا مختلفا.

ويبدو أن تلك النظرة لم تكن بعيدة عن عيون صناع فيلم كلام فى الحب المؤلفة زينب عزيز، وزوجها المخرج على إدريس، فقد حاولا كما حاول حسن صنع شربات من فسيخ، وليته فسيخ مصرى، إلا أنه فسيخ مستورد ولكن هذه المرة ليس من الصين كالعادة ولكن من فيلم أمريكى بعنوان طرق جانبية سيناريو وإخراج ألكسندر بين، عن رواية روكس بيكت.

فقصة الفيلم ببساطة تحكى عن فتاتين يخرجان من تجارب حب فاشلة بحثا عن تجارب جديدة، من خلال مجموعة علاقات فى جو أشبه بالدراما التليفزيونية المطعمة ببعض الكوميديا التى تأتى مفتعلة فى اغلب الأحيان، مع نهاية تقليدية تحمل الحلول للجميع والسعادة والرقص والغناء لرسم ابتسامة على وجه الجمهور، الأمر الذى جعل البناء العام للفيلم به الكثير من نقاط الضعف التى تبدأ من التترات حيث نرى ناهد تودع حبيبها او احباءها -الله اعلم- فى ثلاثة مشاهد الاول وهو ذاهب للحرب عام 1972 على محطة القطار، والثانى على الميناء عام 1979، والثالث فى المطار عام 1992، وسواء كان المحبون ثلاثة أو واحدا، المهم هنا أن ناهد واحدة وهذا يعنى ان مع بداية الاحداث فى 2006 تكون ناهد فى الخمسين من عمرها تقريبا هذا بفرض ان حبها الاول كان فى سن السادسة عشرة عام 1972 ودعك من ذلك ولكن استخدام ناهد وحدها فى التترات يمهد لفيلم يتتبع حياة تلك الشخصية وهو ما لم يحدث.

وتبدأ الأحداث فنجدها من خلال خطين متوازيين الاول يتابع ناهد وسلمى وحسن ومركزه الرئيسى المطعم، الثانى يتابع ازمة ابراهيم وبانتهاء خط ابراهيم فى منتصف الفيلم تظهر ازمة مفتعلة لحسن لنستكمل الفيلم فى اطار البناء المتوازى، واغلب الظن ان هذا التوازى تم استخدامه لكسر الحالة المسرحية التى فرضتها الاحداث المركزة بشكل اساسى داخل المطعم فمنه نعرف ناهد وسلمى وحسن، وفيه يحدث الحب بين ابراهيم وناهد وسلمى وحسن، وفيه أيضا تقع كل الأحداث الرئيسية الدافعة لتطور الفيلم، وبالنظر خارج المطعم نجد ما يلى: مشاهد عمل حسن فى السينما وفيها يظهر المخرج سمير سيف ومدير الإضاءة محسن احمد والممثلان رانيا فريد شوقى وتامر عبد المنعم فى مشاهد لم تقدم سوى عرض من عروض الميكنج الذى يعرض عن تصوير الافلام دون اضافة حقيقية للحدث الدرامى سوى افساح الفرصة لطلعت زكريا ليقدم افيهات جاء اغلبها مفتعلة.

وبعيدا عن المطعم نرى حياة ابراهيم وهى اكثر ميلا للدراما التليفزيونية انقذتها براعة هشام سليم واحمد كمال، من السقوط فى الرتابة ورغم ذلك جاءت بعض المشاهد مفتعلة ودون مبرر مثل مشهد تركيب دش الجيران ومشهد قهوة الفلاح، إلا أن شخصية إبراهيم جاءت واضحة ومرسومة بشكل جيد خلاف باقى الشخصيات التى جاءت خالية الملامح فنحن لا نعرف عن ناهد سوى انها مطلقة دون اى مرجعية لاسباب او شكل حياتها الحالى وعلاقته بماضيها بينما كان لسلمى اب وام لا يتحركان من امام التليفزيون، كذلك شخصية حسن التى سقطت كالبلح من فوق النخلة، فأصبح أبطالنا شخصيات بلا هوية او ملامح، فلا نجد اى مبررات على الاطلاق لما يحدث من الاربعة فابراهيم يقرر فجأة الاهتمام بناهد وسلمى تشعر فجأة بالعاطفة تجاة حسن وحسن يحبها من لحظة المصارحة الاولى وناهد تقبل ببساطة الخروج مع ابراهيم والدخول معى فى ارتباط عاطفى كما لو كان كل منهم فى انتظار لاى عرض عابر فى الطريق واى كلمة حب تقال ليسقطوا بعدها فى علاقات عاطفية!!

ومع هذا التفكك تعامل على ادريس بشكل حرفى ينطبق مع رأى يطرحه فى الفيلم حول المخرجين حين قال المطرب للمخرج يلا بقى اعملنا الحبتين بتوعك فنجد الكاميرا تنطلق فى الحركة من اعلى الى اسفل ومن اسفل الى اعلى يمينا ويسارا فى افتعال واضاءة ملونة ومتحركة لخلق جو روش دون دواع درامية، مثل المشهد الذى ينقلنا فيه على ادريس الى أمريكا لنجدها عبارة عن حديقة مع مجموعة من الممثلين الصامتين، وهم ليسوا أقل من أبطالنا الذين قدمهم الفيلم بلا هوية أو لحم ودم حقيقيين، أسهم فى إظهار ذلك الشكل الإنتاجى العام للفيلم الذى جاء ضعيفا جدا ولعبة السفر لشرم الشيخ لخداع المشاهدين جاءت بنتيجة عكسية تماما فالصورة فى المطلق كانت فقيرة للغاية رغم كل محاولات المخرج إظهار عكس ذلك. تبقى الإشارة إلى نجاح الموسيقى التصويرية لعمرو أبو ذكرى فى إنقاذ الكثير من المشاهد واعطائها تأثيرا دراميا خاصا، فى الوقت الذى كانت الاضاءة اغلب الوقت استعراضية، والمونتاج اقرب الى الفيديو منه للسينما، حتى حيلة الشاشة المنقسمة المأخوذة عن الفيلم الأمريكى لم تفلح فى تقديم إضافة يمكن أن تحسب للمخرج.

العربي المصرية في 2 أبريل 2006

 

ملحمة أمريكية حول الصراع على البترول

سيريانا الأكثر جدلاً فى المنطقة العربية

دعاء فتحي 

الفساد هو ما يحمينا، الفاسد هو ما يجعلنا آمنين ودافئين، الفساد هو سبب ربحنا هذه المقولة من حوار ورد بالفيلم الأمريكى الجديد سيريانا بين أحد المؤثرين فى قطاع النفط بولاية تكساس ومحام أمريكى.

كان لابد من البدء بهذه الفقرة من نص الفيلم لنحاول فك بعض الخيوط العديدة والتى تزدحم بها أحداثه، والتى استوحاها ستيفين جاجن مؤلف ومخرج الفيلم من الكتاب الذى أثار جدلا واسعا بالمنطقة العربية لا ترى شرا ل روبرت بير هذا الرجل الذى كان يعمل كضابط فى وكالة الاستخبارات الأمريكية ويكشف من خلال هذا الكتاب عن تجربته فى العمل لصالح الوكالة فى منطقة الشرق الأوسط من عام 1976 وحتى عام 1997.

حيث تدور الأحداث حول ناصر الأمير العربى لأحد البلدان الخليجية المصنعة للنفط، ولأنه مجتهد ونشيط ومؤمن بمبدأ الإصلاح والوريث الشرعى للحكم يقرر وقف التعامل مع شركة أمريكية تدعى كوينكس تعمل فى مجال النفط، وذلك للتعامل مع شركة صينية لتقديمها سعرا أعلى من الشركة الأمريكية، وهذا القرار اعتبرته الشركة الأمريكية صفعة قوية لها بشكل خاص ولمصالح الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة بشكل عام.

وهنا يبدأ بوب بارنز جورج كلونى فى الظهور كعميل ميدانى فى وكالة الاستخبارات الأمريكية ال سى. آى. إيه أثناء إنجازه لآخر عملية ميدانية سيتقاعد بعدها، حيث يغتال تاجرى سلاح فى طهران فيكتشف أن شابا مصريا الشيخ عجيزة عمرو واكد قد حصل منهما على صاروخ سترينجر، وهنا يشير الفيلم إلى هذا الشاب المصرى كأحد أذرع بن لادن والقاعدة فى المنطقة، ويكلف بوب من جهة الوكالة بمهمة أخيرة أخرى وهى اغتيال الأمير ناصر ليحصل بعدها على ترقية كبيرة، ولكن عملية الاغتيال تفشل عندما ينقله أحد مصادره عليه ويصبح بوب كبش فداء ل سى. آى. إيه الوكالة التى فنى عمره من أجل خدمتها، حيث يكتشف أنها استخدمته وخدعته، ولم تكشف له أبدا عن الدوافع الحقيقية وراء العمليات التى كان يقوم بها.

الأحداث تدور فى أكثر من مدينة فى الولايات المتحدة وأوروبا والمنطقة العربية، حيث يمتلئ الفيلم بموضوعات كثيرة كان له أثر على الساحة السياسية فى الفترة الأخيرة، فيقترب من الدسائس والمؤامرات التى تحاك من أجل النفط فى المنطقة العربية.

الفيلم وجبة دسمة للغاية تم حشره بالكثير من المشاهد واللقطات التى يمكن الاستغناء عنها ولا تؤثر على أحداث الفيلم، ولكن المؤلف كأنه أراد أن يثير فيلمه جدلا أوسع، مما أثاره كتاب روبرت بير فلم يترك حدثا أشار الكتاب إليه إلا واقترب منه وطرحه، حتى ولو فى بضع دقائق من الفيلم.

غير أن جورج كلونى يعلق قائلا: لم يكن هدفنا تقديم مواعظ لأى طرف من الأطراف بهذا العمل، فالفيلم الناجح هو الذى يطرح موضوعه للمناقشة والبحث، وهذا ما يقوم به فيلم سيريانا، فهو يفتح باب النقاش عن الفساد المرتبط بصناعة النفط، كما يأمل جاجن عن طريق هذا العمل أن يتعرف الشعب الأمريكى على شخصيات وأحداث بعيدة وغريبة عنه.

العربي المصرية في 2 أبريل 2006

 

سينماتك

 

بسبب ليلة سقوط بغداد وأفلام مصرية أخرى..الواشنطن بوست تكتب عنهم

الأشرار فى السينما المصرية

بقلم: دانييل ويليامز - ترجمة: د.أحمد يوسف

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك