منذ نهاية الثلث الأول من القرن العشرين، والثلث الأول من عمر الفن السابع كذلك، اهتمت السينما الأميركية والغربية بمدينة الدار البيضاء، فصورتها في أفلام – حقق معظمها على أي حال داخل الاستوديوات ولم يكن فيه من المدينة نفسها إلا الاسم وبعض الخيالات الاستشراقية. ومع هذا يبقى فيلم «كازابلانكا» (1942) لمايكل كورتس، الأشهر والذي أمعن في فتح شهية السينمائيين على تلك المدينة. ومن هنا كان طبيعياً حين ولدت السينما المغربية نفسها لاحقاً، أن تتخذ من الدار البيضاء محطة لها. وهي لم تكتف بأن يتكثف الانتاج انطلاقاً منها، بل صورت أفلاماً كثيرة تحكي عنها وعن أهلها. وسبب أساس في هذا ان عدداً كبيراً من المخرجين المغاربة هم أصلاً من مواليد الدار البيضاء وسكانها. وفي هذا المقال استعراض لبعض حضور هذه المدينة في سينما مغربية تنمو وتزداد انتاجاً، وارتباطاً بالمكان، عاماً بعد عام.

إذاً بحكم ان أكثرية المخرجين السينمائيين المغاربة يقيمون في الدار البيضاء، إضافة الى تمركز معظم شركات الانتاج فيها، وبناء بعض الاستوديوات في ضواحيها... فهذا الانتماء الجغرافي والانتعاش الصناعي والاقتصادي السينمائي لمدينة الدار البيضاء حفز وفي شكل تلقائي المخرجين المقيمين هنا لإنجاز أفلامهم الروائية الطويلة فيها وعنها، منهم من استقى عناوينها مباشرة من اسمها، وهي خمسة أفلام بالتحديد:

- «حب في الدار البيضاء» سنة 1991، لعبدالقادر لقطع.

- «بيضاوة» سنة 1998، للمخرج نفسه.

- «الدار البيضاء، الدار البيضاء» سنة 2002، لفريدة بنليزيد.

- «الدار البيضاء ليلاً» سنة 2003، لمصطفى الدرقاوي.

- «الدار البيضاء داي لايت» 2004 للمخرج نفسه.

ومنهم من اكتفى بتصوير مجمل أحداث فيلمه في فضائها من دون الاستئناس باسمها في العنوان، والأمثلة كثيرة سنورد بعضها تفصيلياً بعد وقفة تاريخية إبان ظهور أول فيلم طويل وهو «الابن العاق» لمحمد عصفور (1958) والذي صور في الدار البيضاء – وبعد عشر سنوات سيصور فيلم ثان في المدينة – وهو ثالث فيلم في الفيلموغرافية الروائية المغربية الطويلة: «الحياة كفاح» للمرحوم أحمد المسناوي ومحمد التازي سنة 1968 ويروي ملخصه: «قرر كريم النجار، أن يغادر قريته الصغيرة بالريف في اتجاه الدار البيضاء حيث حظوظ النجاح أكيدة، لكنها مملوءة بالصعاب والمتاعب»، وقد لعب بطولة هذا الفيلم كما هو معلوم الفنان عبدالوهاب الدكالي الى جانب ليلى شنا وعبداللطيف هلال... وهو من نوع الأفلام الميلودرامية التي يتخللها الغناء على طريقة الميلودرامات المصرية التي كانت سائدة آنذاك وعادة ما تسند بطولتها لمطربين مشهورين (عبدالحليم حافظ/ فريد الأطرش...) وتأثر المسناوي بهذا النوع راجع الى تكوينه السينمائي في مصر.

فيلم روائي طويل سيوقعه المخرج لطيف لحلو المولود في الجديدة والمقيم بالدار البيضاء منذ صغره الى الآن، ويؤرخ هذا الفيلم لأول تعامل بين الأدب والسينما المغربيين: «شمس الربيع» سنة 1969 (35 ملم 90 د. أبيض وأسود) عن قصة قصيرة للأستاذ عبدالكريم غلاب الذي ساهم في صوغ حواره أيضاً. من بطولة حميدو بنمسعود وفاطمة الشيخ... جاء في ملخصه: «قصة شاب بدوي يشتغل كموظف صغير في مدينة الدار البيضاء، لم يتمكن من الانسجام مع نمط حياة المدينة ولا من تحقيق مطامحه بها...».

بعد ذلك ستتدفق هذه العينة من الأفلام على الدار البيضاء حتى ولم تتشح باسمها كعنوان إلا أن الأحداث تتفاعل في أزقة وشوارع وشقق هذه المدينة/ الغول كما يحلو للبعض تسميتها، بل ان بعض المخرجين وطوال مسيرتهم السينمائية لم يغادروا قط هذه المدينة شخصياً وسينمائياً، فأقاموا بها وصوروا مجمل أفلامهم، إن لم نقل كلها – بمختلف فضاءاتها ولا يزالون – ولعل أبرز مثال المخرج حكيم نوري المولود بها والذي يروي ملخص أول أفلامه «ساعي البريد» (1980): «تعب «ساعي البريد» علي من عمله الروتيني، يجد عملاً عند إحدى العائلات الثرية في مدينة الدار البيضاء كسائق...»، لتتوالى بقية أفلامه في المدينة: «المطرقة والسندان» (1990)، «الطفولة المغتصبة» (1994)، «سارق الأحلام» (1995)، «عبروا في الصمت» و «مصير امرأة» (1998)، «فيها الملحة والسكر» (1999) و «قصة حب» (2000).

ليلاً... ونهاراً

ومثله سيفعل مصطفى الدرقاوي ولو انه مولود في مدينة وجدة، لكن إقامته استمرت بالدار البيضاء التي وقع بها أول افلامه بعنوان «أحداث بلا دلالة» سنة 1971 الذي جاء في ملخصه: «مجموعة من السينمائيين تبحث عن موضوع... من حديث لآخر تعثر على حالة خاصة جديرة بالتصوير، جريمة قتل بالدار البيضاء». وكسابقة تتوالى بقية أفلامه في المدينة نفسها «أيام شهرزاد الجميلة» (1982)، «عنوان موقت» (1995) و «غراميات الحاج المختار الصولدي» (2000)، الى ان توج بالفيلم الذي حقق مداخيل عالية ولقي اقبالاً جماهيرياً كبيراً، لجرأة طرحه وإثارته لموضوع أخلاقي حساس طالما وصمت به «الدار البيضاء ليلاً»، أردفه بالجزء الثاني «الدار البيضاء نهاراً» (2004).

وعلى ذكر مصطفى الدرقاوي نعود لنذكر بفيلم روائي طويل ساهم فيه هو الآخر كمخرج الى جانب ستة مخرجين آخرين تدور أحداثه كلها في الدار البيضاء. وهو «رماد الزربية» (1977) من بطولة محمد الحبشي الذي كان يعتبر نجم السينما المغربية خلال تلك المرحلة. أما المخرجون الباقون الذين وقعوا هذا الفيلم فهم: العربي بلعكاف – سعد الشرايبي – نور الدين كونجار – عبدالقادر لقطع، ثم محمد الركاب الذي هو صاحب الفكرة الأساسية للفيلم وكاتب سيناريوه الأول، ويبدو ميسمه واضحاً في أسلوب الإخراج والموضوع. هذا الموضوع الذي يقدم مدينة الدار البيضاء اجتماعياً بالاقتراب من الطبقة المتوسطة، أو بالأحرى المسحوقة التي حفل الأدب المغربي بالكتابة عنها في عدد من الروايات والقصص القصيرة، وأعمال المرحوم محمد زفزاف في الدرجة الأولى...

هذا العالم هو الذي سيعود اليه المرحوم محمد الركاب – كنوع من إشفاء الغليل بعد المشكلات والمعاناة التي تعرض لها في «رماد الزريبة» – وذلك في فيلمه التاريخي / الظاهرة عن جزء لا يستهان به في المجتمع البيضاوي الفقير، والذي يحمل اسم حي من أحيائها: «حلاق درب الفقراء» (1982)، جاء في ملخصه: «تدور أحداث الشريط داخل حي شعبي من أحياء الدار البيضاء: قصة حلاق فقير يصبح ضحية ألاعيب ودسائس أحد وجهاء الحي الذي يسعى الى الاستحواذ على دكانه وزوجته... يزوره في دكانه صديق قديم يحترف اللصوصية، نتيجة وشاية كاذبة، يجد الحلاق نفسه في السجن...» كتب سيناريو وحوار هذا الفيلم يوسف فاضل الذي أخلص بدوره وفي مجمل أعماله المسرحية الى مدينته الدار البيضاء... ولعب بطولته النجم محمد الحبشي الذي جسد بصوته المخروم وتقاسيم وجهه الصارمة نموذجاً مثالياً للطبقة البيضاوية المطحونة وما تعانيه من تعسف السلطة وأذنابها في الأحياء الشعبية. ومن باب التذكير، فقد نال محمد الحبشي عن دوره في «حلاق درب الفقراء» جائزة افضل ممثل في مهرجان واغادوغو الافريقي ببوركينا فاسو (1983) كما حصل الفيلم على تنويه خاص من الصحافة الوطنية المعتمدة في المهرجان الوطني الأول للفيلم المغربي سنة 1982. وفي ذلك العام سيفوز محمد الركاب باعتباره أيضاً مدير تصوير فيلمه على جائزة التصوير في مهرجان قرطاج السينمائي بتونس.

وبهذا، وكما خلد هذا الفيلم التحفة – إبان إنجازه – اسم مخرجه الراحل، فقد خلد أيضاً مدينة الدار البيضاء من خلال حي من أحيائها الشعبية، وأصبح بدوره مشهوراً بفضل هذا الفيلم ذاته، يبيح لنا تصنيف هذا الأخير في خانة «أفلام الحارات»» في السينما العربية والتي عرفت بمدن معينة. حارات أو أحياء تختزل المدينة التي تنتمي اليها عبر شريط سينمائي في عدد من تجلياتها الاجتماعية السياسية والاقتصادية. علماً بأن مخرجاً مغربياً آخر نهج هذا النهج بإنجاز فيلم – عن حي بيضاوي شعبي اتخذ من اسمه عنواناً كاملاً وهو محمد عبدالكريم الدرقاوي في «زنقة القاهرة» (1998) إلا أنه فيلم باهت فنياً وموضوعياً لم يعكس من الدار البيضاء إلا جزءاً ضئيلاً كعنوان وكديكور خارجي، وبالتالي لم يخلف أي صدى فني بعكس «حلاق درب الفقراء» الذي يبقى الى الآن أفضل فيلم روائي مغربي طويل وثق لمدينة الدار البيضاء، إبداعياً وتاريخياً واجتماعياً، وأكثر مما حققه «الدار البيضاء، الدار البيضاء» لفريدة بنليزيد التي بدت كأنها لا تعرف كثيراً المدينة التي اتخذتها فضاء لأحداث فيلمها، وكانت ستكون موفقة فيما لو اختارت مسقط رأسها طنجة أو أي منطقة من مناطق الشمال.

هذا بعكس فيلمي عبدالقادر لقطع «حب في الدار البيضاء» و «بيضاوة» ولو ان هذا الأخير لم يلق صدى جماهيرياً ولا نقدياً يذكر، إلا أنه ظل وفياً لمسقط رأسه محاولاً معالجة ظواهر اجتماعية، ويمكن ان نعتبر فيلمه الثالث حتى ولو لم يحمل اسم أو نعت المدينة، تكملة لهما وهو «الباب المسدود».

إقامة وأفلام

أما بقية المخرجين المغاربة الذين اتخذوا من مدينة الدار البيضاء فضاء لأفلامهم الروائية الطويلة حتى وإن لم يدرجوا اسمها أو ما يشير إليه في عناوينها فهم:

- حسن بنجلون (ولد في سطات ومقيم في الدار البيضاء) أفلامه البيضاوية طبعاً: «عرس الآخرين» (1990)، «يا ريت» (1993)، «محاكمة امرأة» (2001)، «الغرفة السوداء» أو «درب مولاي الشريف» 2004.

- سعد الشرايبي ولد في فاس، مقيم في الدار البيضاء، أفلامه: «رماد الزربية»، «وقائع حياة عادية» (1991)، «نساء ونساء» (1998) و»جوهرة بنت الحبس» (2004).

- عبدالرحمن الخياط: ولد في الدار البيضاء ومقيم فيها، فيلم «الورطة» (1983).

- لطيف لحلو: ولد في الجديدة، فيلمان: «شمس الربيع» (1969) و «شبهة» (1986).

- عبدالحي العراقي: ولد في فاس ومقيم في البيضاء، جزء كبير من فيلمه «منى صابر» مصور في الدار البيضاء وهو عن الاعتقال السياسي، وفيه لقطة اعتصام أمام سجن درب مولاي الشريف الحقيقي الذي اتخذه حسن بنجلون عنواناً مباشراً لفيلمه السابق الذكر.

- محمد لطفي: ولد في وجدة، فيلم «ريزوس، دم الآخر».

- أحمد المعنوني ولد في الدار البيضاء، له «الأيام الأيام» وهو عن الهجرة القروية الى الدار البيضاء، ثم «الحال» الذي رصد فيه ظاهرة ناس الغيوان بمتابعتهم في سهراتهم وأحيائهم البيضاوية الحقيقية لا سيما الحي المحمدي.

- إيمان المصباحي: ولدت في تطوان ومقيمة في الدار البيضاء، فيلمها «جنة الفقراء» صور الجزء الأكبر منه في الدار البيضاء وجزء آخر في باريس وهو عن الهجرة الى الخارج.

- حسن المفتي: ولد في تطوان ومقيم في الدار البيضاء، له فيلم شهير أيضاً جرت أحداثه كلها في الدار البيضاء، وإن في ديكورات داخلية، وهو من النوع الميلودرامي الغنائي «دموع الندم» (1982) من بطولة المرحوم الفنان محمد الحياني، وقد حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

- المرحوم نجيب الصفريوي: ولد في فاس، وكان يقيم في الدار البيضاء، فيلمه: «حب بدون فيزا» وهو عن داء السيدا، صور كله في الدار البيضاء وخصوصاً في شاطئ عين الذياب، لكن معالجته السينمائية الركيكة حكمت على الفيلم بالنسيان السريع.

- المرحوم أحمد ياشفين: ولد وأقام وتوفي في الدار البيضاء، له فيلمان، صور جزءاً يسيراً من أولهما في الدار البيضاء وهو «كابوس» (1984) ثم الجزء الأكبر من فيلمه الثاني الأخير «خفايا» (1995) بينما صور الجزء الآخر بمدينة آزمور.

- نبيل عيوش: ولد في باريس ومقيم في الدار البيضاء – يمكن اعتبار فيلمه «علي زاوا» سنة 2000، ظاهرة متميزة في تاريخ السينما المغربية جرت أحداثه بكاملها في مدينة الدار البيضاء تفاعل الجزء الأكبر منها في الميناء كديكور طبيعي خارجي والذي أطره نبيل من زوايا متعددة، وفي أوقات متباينة، كما أطر عدداً من الشوارع والساحات الفارغة التي يتجمهر فيها عادة أبناء الشوارع، وكذا بعض المعالم المعمارية الحديثة التي ازدانت بها مدينة الدار البيضاء وعلى رأسها ناطحتا السحاب التوأم. إلا ان حرارة موضوع (علي زاوا) وديناميكية كتابته السينمائية لا سيما من حيث لجوئه الى أطفال حقيقيين غير ممثلين استقدم بعضهم من صلب الشارع، والبعض الآخر من جمعية تعنى بالأطفال المشردين، فكل هذا منح للفيلم صدقية واقعية، ولمدينة الدار البيضاء كوحش يدوس الصغار كما الكبار ممن لا سند لهم، صيتاً دولياً بما حققه من نجاح جماهيري، نقدي، ومهرجاني داخل المغرب وخارجها، ولكنه مع ذلك فيلم لا يمكن أن ندرجه في عينة أفلام الحارات، ولا أفلام المدينة، وبالتالي فالوقائع التي جرت به يمكن أن تقع في أية مدينة مغربية كبيرة سواء كانت ساحلية أو داخلية لانعدام الخصوصية المحلية به.

- محمد عسلي: ولد في الدار البيضاء وفيها يقيم، يعتبر فيلمه الروائي الطويل والأول «الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء» بدورة ظاهرة متميزة خلال الموسم السينمائي المغربي 2004، لجودة طرحه الموضوعي والفني بتناوله لحياة ثلاثة أصدقاء بسطاء يشتغلون نوادل في مطعم شعبي بمدينة الدار البيضاء التي تسحق آمالهم وأحلامهم ليكتشفوا بفعل المشكلات التي تتراكم عليهم ان هذه المدينة / الغول مجرد وهم كاذب استحوذ عليهم... ففوق وفي الدار البيضاء الملائكة لا تحلق، وإنما وحدها الصقور تحلق عالياً.

حقق الفيلم الى الآن إقبالاً نقدياً ومهرجانياً وطنياً ودولياً لافتاً بنيله جوائز كان آخرها جائزة أحسن إخراج في مهرجان شيكاغو... وقبله الجائزة الكبرى – التانيت الذهبي – في مهرجان أيام قرطاج السينمائي بتونس (تشرين الأول / اكتوبر 2004)، والجائزة الأولى في مهرجان الاسكندرية (أيلول/ سبتمبر 2004)، فجائزة أول عمل في بينال السينما العربية السابع بباريس (حزيران/ يونيو 2004). ثم جائزتا أحسن سيناريو والعمل الأول في المهرجان السينمائي القومي المغربي الثامن بطنجة (كانون الثاني /ديسمبر 2005).

الحياة اللبنانية في 31 مارس 2006

 

رؤية سينمائية أميركية مناهضة للاحتلال...

«تقسيم العراق» سينما مجزأة على غرار التفتيت الذي يصيب البلد

أمستردام - صلاح حسن 

انتهت قبل ايام عروض مهرجان منظمة العفو الدولية الثامن للافلام الوثائقية بعرض فيلم المخرج الأميركي جيمس لونكلي «تقسيم العراق». يتألف الفيلم من ثلاثة اجزاء مدة كل جزء منها نصف ساعة. خصص القسم الاول لبغداد والثاني لجنوب البلاد في مدينة الناصرية والثالث لاقليم كردستان في الشمال. واختار المخرج طفلاً في العاشرة ليروي سيرة بغداد المدينة والناس. المدينة المثقلة بجراحها النازفة والضائعة بفقدان هويتها وربما ذاكرتها ايضاً، من خلال ذاكرة هذا الطفل الذي لم يعرف المدرسة ولا الأبوة معاً.

يعمل الطفل الذي اعدم ابوه الضابط وهو صغير في كاراج لتصليح السيارات ويتلقى معاملة قاسية من صاحب الكاراج تتعدى الاهانة الى الضرب المبرح والطرد من العمل في نهاية المطاف بعد ان يفشل الطفل في التواصل مع المدرسة التي لم يمكث فيها سوى شهرين فقط.

تتنقل الكاميرا بين وجه الطفل الضاج بالبراءة والحزن وبقع الزيت وبين وجه سيده الغاضب من الحرب والاحتلال والمصير المجهول الذي ينتظر البلد بعدما بدأ ينزلق الى كارثة الحرب الاهلية. ولأن الفيلم في جزئه الاول بُني على الذاكرة البصرية للطفل فأن عين المخرج الخبيرة تلتقط فوراً طائرات الاباتشي التي تحلق على ارتفاعات واطئة لتطغى على هذا الصوت الصغير وهو يحاول ان يوثق لحظة عسيرة على التفسير، او عند مرور دبابات أميركية في الشوارع مخلفة الغبار والقلق في مشهد يختفي فيه كل شيء باستثناء صورة الجندي الاميركي وظله في المكان الذي يأخذ لون الفراغ. ولكي تكتمل الصورة البشعة في مخيلة المشاهد يختار المخرج اكثر أحياء بغداد قذارة وإهمالاً في منطقة البتاويين وهي المنطقة الصناعية التي تكثر فيها كراجات تصليح السيارات.

ترك المخرج بطله الصغير يروي حكايته من دون ان يتدخل في هذا السيناريو الشفاهي المتدفق، وعلى خلاف رؤية الكثير من السياسيين العراقيين فقد حلل هذا الطفل بذكاء فطري وبراءة نادرة وجود هؤلاء الجنود الغرباء على ارض بلاده. ولأن احلامه صغيرة مثله وتعكس المفارقة والمحنة التي يعيشها العراقي الان فأنه يريد ان يصبح طياراً لكي يهرب من بغداد بطائرته الى مدن جميلة وهادئة لا يسمع فيها صوت اطلاق النار ولا ترى في شوارعها الجثث والقذارة. يقول الطفل في مونولوجه الطويل (الدنيا هنا مخيفة... الحياة هنا غير آمنة... كل شيء مخيف... أريد ان أهرب الى مدينة راقية خالية من الدبابات والأوساخ).

منطقة ساخنة أخرى

في الجزء الثاني من الفيلم ينتقل المخرج جيمس لونكلي الى منطقة ساخنة اخرى من العراق ويتجه الى مدينة الناصرية الجنوبية التي يتمركز فيها أنصار رجل الدين الراديكالي مقتدى الصدر. وقبل ان ترينا كاميرته التي لا تتوقف عن التهام المكان في بؤره المتوترة، قوة وحجم هؤلاء الاتباع الشباب المتدرعين بالاسلحة والسيوف والملثمين بالاسود والمطمئنين الى صدق نهجهم، ينقلنا الى طقوسهم في اللطم على الصدور بالسلاسل وتطبير الرؤوس بالسيوف وتدمير الذات. سهولة انخراطهم في هذا التيار الذي اصبح قوة قادرة على فرض شروطها على الجميع بما فيها القوات الغازية. تسيطر قوات الصدر على المدينة في شكل كامل وتثير الخطب النارية في شوارعها حالة من الهستيريا الجماعية بحيث تقام صلاة الجماعة في العراء لعدم وجود مسجد يستوعب هذه الجموع. ويمارس المتنفذون في هذا التيار وهم شباب في العادة دور رجال الدولة والأمن ولا يتورعون من القبض على أي شخص وايداعه في السجون الخاصة التي انشأوها لهذا الغرض.

حاول المخرج ان يسلط الضوء على الظاهرة الدينية الراديكالية التي بدأت تتحول الى سرطان في مدن الجنوب العراقي الذي اهمل وعزل عن بقية مدن العراق زمن النظام السابق، بحيث تحول الى بؤرة لاستقطاب كل ما من شأنه اثارة العنف والفوضى ومنطقة معزولة أتاحت لايران فرصة ذهبية للعبث في الجنوب العراقي وتنفيذ مخططاتها ضد القوات المحتلة على الارض العراقية السائبة وضد ابنائها في الوقت نفسه. وقد اظهرت لقطات طويلة لشاب موثق اليدين ومعصوب العينين اعتقلته قوات الصدر مدى قدرة هذه الجماعات على فرض خطابها وهيمنتها .. يقول الشاب: «الى أين أذهب؟ في زمن صدام كانوا يوثقون يدي ويعصبون عيني، والان انتم تفعلون الامر نفسه... من هو الذي على حق؟ ماذا افعل حتى اخلص من هذا الوضع؟».

الجزء الأخير من الفيلم ينتقل الى قرية نائية من قرى مدينة السليمانية في كردستان ويعرض حالة البؤس التي يعيشها الانسان الكردي وبالتحديد الشباب الحالم بالتعلم والمدنية بطريقة تشبه الاعتراف ولا تخلو من خيبة الامل التي خلفتها الحرب، فلا الاحلام تحققت ولم يتغير أي شيء على الارض. شاب كردي من القرية النائية يعود كل يوم من المدرسة لكي يهتم بالاغنام او يقوم بتغذية الفرن البدائي لصناعة الطابوق. (يركز المخرج على هذه العملية البدائية التي يستخدم فيها «النفط» والتي تدمر الطبيعة بسبب الادخنة المرعبة التي تخلفها). الاب بدوره يفصح عن خيبة امله لان حياته القاسية لم يحدث فيها أي اثر ايجابي من كل ما جرى للعراق واكثر من ذلك انه يشعر بالذنب لانه يسمع من هنا وهناك ان الاكراد أتوا بأميركا الى العراق.

ليس عبثاً ان يقوم المخرج بتقسيم فيلمه «تقسيم العراق» الى اجزاء ثلاثة هي الحالة الفعلية التي يعيشها العراق الآن وقد خصص لكل جزء نصف ساعة. فبغداد مدينة العلم والثقافة تخرج اطفالاً لا يقرأون ولا يكتبون، ايتام يعكسون ضياع المستقبل وقتامة الحياة ورعبها الذي يبثه ارهابيون في شوارعها ويغذيه المحتل كلما هدأ الموت. بغداد الأمل الاخير الذي يتبدد كل لحظة تمر، كل ابطال الفيلم المرتجلين يقولون ان الغد اسوأ من اليوم... وبعد غد سيكون اكثر سوءاً. اما الراديكالية الاسلامية التي تلف الجنوب بعباءتها السوداء فهي تزحف كالسرطان تغذيها جهات معروفة تريد ان تقضي على البلاد في شكل نهائي بإثارة الفتنة الطائفية التي لم تكن نائمة ابداً. والاكراد الذين يظنون – كما أراد ان يقول الفيلم – انهم حصلوا على ما يريدون لم يحصلوا الا على الخيبة والشعور بالذنب والحياة القاسية في الجبال الجرداء.

الحياة اللبنانية في 31 مارس 2006

نفت خلافها مع طلعت زكريا... ياسمين عبدالعزيز:

تنازلت عن أشياء كثيرة بسبب «حاحا وتفاحة»

القاهرة - عصام السيد 

تعيش الفنانة الشابة ياسمين عبدالعزيز حالياً حالاً من السعادة بسبب نجاح أحدث أفلامها «حاحا وتفاحة» وتفوقه على الأفلام التي تعرض مقابله، وتحقيقه إيرادات بملايين الجنيهات. ياسمين لم تكن تخفي قلقها على الإيرادات التي تنتظر الفيلم لاعتبارات كثيرة أهمها أن هذه هي المرة الاولى خلال مشوارها الفني التي تقدم فيها دوراً كوميدياً صريحاً وتحتاج ان تثبت أقدامها في هذا الاتجاه، ثاني هذه الاعتبارات انها المرة الاولى التي تتصدر افيش السينما وتتحمل مسؤولية عمل فني بجوار فنان يصعد هو الآخر هو طلعت زكريا.

حال السعادة التي تعيشها ياسمين لم يعكر صفوها الهجوم الشديد الذي تعرض له الفيلم، فالايرادات الكبيرة «غطت على كل شيء». لهذا وقبل ان نطرح عليها أي سؤال بدأت هي الكلام قائلة: «تنازلت عن اشياء كثيرة حتى أقدم هذا الفيلم. فأنا منذ قرأت السيناريو تمسكت به لأنني وجدت فيه ما أريد أن أقدمه. منذ فترة طويلة وأنا أتمنى تقديم عمل كوميدي لأنني أريد أن اثبت انه كما يوجد نجوم رجال يقدمون اعمالاً كوميدية جيدة تحقق ايرادات كبيرة يوجد فنانات لديهن القدرة على تقديم أعمال كوميدية. في داخلي أشعر بأنني أمتلك إمكانات كوميدية كبيرة فما قدمته في فيلم «حاحا وتفاحة» ليس سوى القليل مما عندي. أنا أستطيع أن أقدم أشياء أفضل من هذا.

·         حُذف عدد من مشاهدك في الفيلم فما سبب ذلك؟

- هذا الحذف جعلني غير راضية تماماً عن دوري في الفيلم خصوصاً ان الحذف طاول بعض مشاهدي لمصلحة آخرين ما أغضبني.

·         لمصلحة من تم حذف مشاهدك في الفيلم؟

- حُذفت مشاهد كثيرة ووضعت بدلاً منها مشاهد أخرى ولا أريد الدخول في تفاصيل والحمد لله ان المشاهد التي حُذفت لم تؤثر في دوري وهذا ما جعل الأمر يمر في شكل عادي، فالايرادات التي حققها الفيلم حتى الآن ورد فعل الجمهور، كل هذا جعلني أنسى أي شيء وأفكر في تقديم عمل كوميدي آخر.

·         هل تعتبرين نفسك قادرة على منافسة نجوم الكوميديا؟

- ليس معقولاً أن أقول بعد تجربة واحدة انني قادرة على المنافسة، فجيلي ما زال في البداية ونحن منذ فترة فقط بدأت اسماؤنا تلمع وهذه هي المرة الاولى التي يوضع فيها اسمي في المقدمة على الملصق. والمقارنة بين الفنانات والفنانين غير واردة حالياً ومن الممكن أن يتحقق هذا في المستقبل فلا أحد يعرف ماذا سيحدث غداً.

·         ذكرت أنك تنازلت عن اشياء كثيرة حتى تقدمي فيلم «حاحا وتفاحة» فما الاشياء التي تنازلت عنها؟

- لا أريد أن أدخل في تفاصيل وهذه الاشياء لا يجب أن أتنازل عنها وأقل هذه الاشياء أنني وافقت على الظهور من دون مكياج وارتديت ملابس بسيطة وكان هذا لمصلحة الدور والكوميديا. هناك فنانات كثيرات يرفضن الظهور بهذا الشكل لكني اخترت الظهور هكذا وطلبت من «الكوافير» «تسريحة» شعري التي ظهرت بها في الفيلم. الكوميديا في حاجة الى الظهور بهذه الطريقة حتى يضحك الجمهور. مهما يكن أخبركم أنني استعد خلال الفترة المقبلة لتصوير عمل كوميدي.

·         هل جاء تقديمك عملاً كوميدياً جديداً لاستغلال نجاح فيلم «حاحا وتفاحة»؟

- أنا لا أفكر بهذه الطريقة ولكن في داخلي إمكانات كوميدية. طالما أن العمل سيقدم بطريقة جيدة فما الذي يمنع أن أقدم أعمالاً كوميدية؟ الافلام التي قدمتها قبل ذلك لم تكن كوميدية بالمعنى المعروف وانما أعمال مختلفة أما في فيلم «حاحا وتفاحة» فأخذت راحتي في التمثيل بسبب وجود مساحة كبيرة.

·         تردد وجود خلافات قوية بينك وبين الممثل طلعت زكريا بسبب ترتيب الاسماء على الملصق؟

- هذا الكلام بعيد من الحقيقة. والسوق هو الذي يحدد مكان الممثل على الملصق، كانت هناك مشكلة في فيلم «حريم كريم» بسبب ترتيب الاسماء وفي النهاية السوق هو الذي وضع كل ممثل في المكان الذي يستحقه، والمنتج لن يجازف بوضع اسم لا يحقق له أرباحاً.

·     قبل عرض «حاحا وتفاحة» أكدت أن الفيلم سيحقق النجاح ويتفوق على الأفلام الأخرى المعروضة فما الذي جعلك واثقة من نجاح الفيلم على رغم صعوبة المنافسة؟

- لا استطيع أن أوضح سبب تأكدي من نجاح الفيلم. (وبعد ضحكة طويلة واصلت كلامها) قائلة: سر الخلطة وخطواتي أحسبها في شكل جيد وكل شيء أفعله لسبب، فالأعمال التي لا أشعر بقوتها أعتذر عنها من دون تردد. الفنان عندما يريد أن يحقق النجاح لا بد أن يخطط لنفسه ويعرف ما يريده.

·         والنصيب والقدر ألا يوجد لهما مكان لديك؟

- لا أحد يستطيع أن ينكر النصيب والقدر فأنا لم أكن أفكر في التمثيل وإنما كنت أريد أن أصبح مخرجة إعلانات ولكن النصيب وضعني في طريق التمثيل.

·         الايرادات التي حققها الفيلم لم تمنع تعرضه لحملة نقد شديدة وصلت الى حد وصفه بأنه عمل مسف؟

- كنت واثقة من تعرض الفيلم للهجوم من جانب النقاد لأنه عمل مختلف عن الأفلام المعروضة ومنها أفلام «دم الغزال» و «ملك وكتابة» و «ليلة سقوط بغداد». ولكن الجمهور ليس له حسابات النقاد ومن الصعب وجود عمل فني يرضي كل الأذواق وأنا لا أغضب من النقد طالما أنه في حدود العمل الفني.

اعتراض مرفوض

·         تردد أنك اعترضت على مشاركة المطربة اللبنانية مروى في الفيلم وهددت بالانسحاب منه؟

- هذا لم يحدث وأنا ليس من حقي الاعتراض على مشاركة أحد في الفيلم فهذه مسؤولية المنتج والمخرج وعلاقتي بمروى طيبة ومشاركتها في الفيلم لم تؤثر فيّ وهي كانت لطيفة معي للغاية وهذا واضح في الفيلم التسجيلي الذي صُور اثناء الفيلم. أما الباقي فإشاعات ضد الفيلم.

·         لك تجارب قليلة على شاشة التلفزيون فهل ابتعادك عن الشاشة الصغيرة بسبب تركيزك على العمل على شاشة السينما؟

- ابتعادي عن التلفزيون ليس مقصوداً وانـما مصادفة فـقـد عرض علي خلال الفترة الأخيرة اكثر من عمــل تلفـــزيوني واعتذرت عنها لأنني أريد تقــديم بـطولة على شاشة التلفزيون والأعمال التي عرضت عليّ لم يتوافر فيها ذلك وعندما أجد عملاً مناسباً لن أتردد لأنني واثقة أن بعض المشاهدين في القرى لا يعرف الجيل الجديد.

·         بعض الفنانات يعاني من تدخل الأزواج في الأدوار المعروضة فهل تعانين من ذلك؟

- زوجي لا يتدخل في الأعمال التي تعرض عليّ ورأيه استشاري ودائماً ينصحني بتقديم أفلام رومانسية لأنه يراني فيها.

·         ألا يشعر بالغيرة من تقديمك الأفلام الرومانسية؟

- الغيرة ليس لها وجود عندنا فهو الذي يطلب مني تقديم هذه الأعمال وعندما شاهد نجاح فيلم «حاحا وتفاحة» طلب مني تقديم أعمال كوميدية.

·         تشاركين خلال الأيام المقبلة في فيلم «تُمن دستة أشرار» فأي جديد تقدمين في هذا العمل؟

- أقدم ثلاث شخصيات وهو عمل كوميدي يشاركني بطولته محمد رجب وخالد صالح ونيكول سابا ولطفي لبيب، عن سيناريو وحوار المخرج المسرحي خالد جلال ومن اخراج رامي إمام، وبعد الانتهاء من تصوير هذا الفيلم ابدأ مباشرة تصوير فيلم «ساعة الصفر» مع احمد عز حيث اقدم دوراً رومانسياً.

الحياة اللبنانية في 31 مارس 2006

 

ياسمين عبدالعزيز بطلة وش إجرام و‏8/1‏دستة أشرار‏:‏

ابنتي الصغيرة تجبرني علي تقديم أفلام جيدة 

علي الرغم من كم الانتقادات الحادة التي وجهت لأحدث أفلامها حاحا وتفاحة إلا أنها لم تتوقف كثيرا أمام تلك الآراء أو تفكر في الابتعاد عن تجسيد شخصية الفتاة الشعبية‏..‏ إنها الفنانة الشابة ياسمين عبدالعزيز أكدت في حوارها معنا أن حاحا وتفاحة حقق نجاحا جماهيريا كبيرا وهذا هو الأهم‏,‏ وأن شخصية الفتاة الشعبية طالما تقدمها في كل مرة من زاوية مختلفة فإنها لا تخشي من حرق نجوميتها وأشارت إلي أن الفترة القادمة ستشهد قيامها بدور البطولة في فيلمي وش إجرام أمام النجم محمد هنيدي و‏8/1‏ دستة أشرار أمام محمد رجب‏,‏ وأن دورها في كلا الفيلمين يعد مفاجأة للجمهور‏,‏ هذا ما كشفت عنه للأهرام العربي

·     تعرض فيلمك الأخير حاحا وتفاحة لانتقادات حادة من قبل بعض النقاد الذين وصفوه بأنه مجرد اسكتشات كوميدية فماذا تقولين؟ وهل يغضبك النقد؟

عن نفسي أنا سعيدة جدا بهذا العمل وسعيدة أيضا بتجربتي فيه لأنني من خلاله قدمت شخصية جديدة علي تماما ومختلفة عما سبق وقدمت‏,‏ فمثلا كثير من الأفلام تناولت موضوعات عدة ولكن لم يتحدث أحد عن أزمة أنابيب البوتاجاز ولكنني ذكرتها في فيلم حاحا وتفاحة إلي جانب أن الشخصية نفسها كانت جديدة ومختلفة تماما فهي شخصية شعبية وأنا سبق وقدمت أدوارا شعبية في أفلام عديدة من قبل ولكنه لا يمكن مقارنتها ببعضها أو حتي مقارنتها بهذه الشخصية التي قدمتها في هذا الفيلم‏,‏ أما عن النقد فأعتقد أن العمل حقق إيرادات تجاوزت الـ‏9‏ ملايين جنيه وهذا معناه أن هناك كثيرين شاهدوا الفيلم وأن العمل حقق النجاح الجماهيري وهذا هو المطلوب‏.‏

·     يغلب علي أدوارك الفنية خلال الفترة الأخيرة تجسيدك المتكرر لشخصية الفتاة المنتمية لحي شعبي‏..‏ ألا تخشين من حصر موهبتك في هذا النمط؟

الأدوار الشعبية تختلف عن بعضها ولا يمكن لشخصية أن تتشابه مع الأخري وهذا واضح من التباين الموجود في كل الشخصيات التي سبق وأن قدمتها‏,‏ فمثلا شخصية تفاحة في فيلم حاحا وتفاحة كانت لفتاة تتشاجر وتتصارع مع أخيها من أجل الحصول علي الشقة التي تركها لهما الأب وهي تختلف عن شخصية فتنة بائعة الكشري المسترجلة التي قدمتها في فيلم فرحان ملازم آدم فقد كانت تساند والدتها في صراعها مع الحياة وتقع في حب الشاب الصعيدي الساذج والشخصيتان مختلفتان تماما عن شخصية نعمة التي قدمتها في فيلم صايع بحر وكانت لفتاة محجبة تتمسك بالقيم والأخلاق وتري أنه لا يمكن لأحد أن يأخذ منها شيئا غصبا عنها وعندما تحب تدافع عن هذا الحب ولا أخفيك سرا أنني أعشق تقديم شخصية الفتاة الشعبية بنت البلد وهذا ليس معناه أنني سأتخصص فقط في تقديم تلك الشخصية لأنه لا يمكن لي أن أقدم الأدوار الشعبية فقط وفي فيلمي الجديد الذي أقوم بتصويره حاليا أقدم شخصيات متنوعة وذلك لأن هدفي البحث عن الأدوار الجيدة فأنا لا أدع فرصة أي عمل متميز لأي سبب طالما هناك تنوع في الأدوار لأنني أرفض مبدأ رفض الأعمال طالما هناك فرص جيدة وفنانو زمان كانوا يقدمون عدة أفلام في السنة ولم تكن هناك مشاكل‏,‏ هذا بخلاف أنني سعيدة بتحمل مسئولية أفلام كبيرة وأريد أن أختبر كل مواهبي وأستغل طاقاتي‏.‏

·     غالبية الأفلام التي قمت ببطولتها أخيرا لعبت خلالها أدوار البطولة النسائية بجانب البطل فهل ترفضين المشاركة في أفلام البطولات الجماعية؟

علي العكس تماما فأنا لا أرفض البطولات الجماعية ولكنني أنتقي من المعروض علي ما يضيف لي فنيا وقد سبق وشاركت في بطولات فيلم حريم كريم مع بسمة وعلا غانم وداليا البحيري‏,‏ أي أنني لا أرفض البطولات الجماعية وعندما أجد عملا جيدا لا أرفضه بل أتمسك به فورا حتي لو كان دورا صغيرا‏..‏ فالفيصل عندي هو مقدار ما يضيف إلي فنيا‏.‏

·     تردد أخيرا وجود خلافات بينك وبين مني ذكي وحنان ترك فما مدي صحة ذلك ومتي نراكن في عمل فني واحد خلال الفترة المقبلة؟

لا توجد أية خلافات بيني وبين زميلاتي في الوسط الفني والسبب في عدم مشاركتي العمل لأي منهن هو أنه لم يعرض علينا عمل من الممكن أن يجمع بيننا فقط وليس أكثر من ذلك وبشكل عام أنا أرحب بأي عمل جيد يقدمني بشكل جديد سواء أشارك فيه بالبطولة الجماعية أم البطولة المنفردة‏.‏

·         تقومين حاليا بتصوير فيلم‏8/1‏ دستة أشرار فماذا تقولين عنه؟

‏8/1‏ دستة أشرار فيلم للمؤلف خالد جلال والمخرج رامي إمام وأشارك بطولته مع نيكول سابا ومحمد رجب وخالد صالح وأقدم في العمل ثلاث شخصيات الأولي حنان وهي فتاة رومانسية حالمة رقيقة تبحث عن الحب والمشاعر العذبة والشخصية الثانية هي شخصية نبيلة بنت البلد الشعبية‏,‏ وفي الجزء الثاني من الفيلم تتحول نبيلة إلي شخصية أخري أرستقراطية فنري التحول في الشخصية من خلال طريقة الكلام والحركة وكذلك طريقة الأكل وذلك في إطار كوميدي خفيف‏,‏ وفكرة الفيلم جديدة بالنسبة لي تماما لا سيما وأن الشخصيات التي أقدمها جديدة علي تماما فكل شخصية وقد قمت بالاستعداد لها جيدا خاصا وأخذت وقتا كبيرا في قراءتها‏,‏ فكل شخصية أحضر ملابسها الخاصة والأداء لكل موقف والكوميديا أيضا وربما كان هذا السبب في قيامنا كأسرة العمل بالتحضير للفيلم في فترة زمنية كبيرة شملت التحضير لكل مشاهد الفيلم وتفاصيله‏.‏

·         تستعدين حاليا لمشاركة النجم محمد هنيدي بطولة فيلمه الجديد وش إجرام فماذا تقولين عن هذا العمل ودورك فيه؟

وش إجرام فيلم من تأليف بلال فضل وسيقوم بإخراجه وائل إحسان وتدور أحداثه في قالب اجتماعي كوميدي حول شخصية طه الشاب العاطل الذي تعلم تعليما متوسطا ولظروف ما يتعرض للخطف علي يد عصابة مسلحة تطلب من أهله فدية ويتحول العمل بعد ذلك إلي الضد تماما عندما يصبح هذا الشاب عبئا علي هذه العصابة وتتمني التخلص منه وأنا سعيدة جدا بهذا العمل الذي سأشارك فيه المؤلف بلال فضل التجربة الثالثة بعد فيلمي حاحا وتفاحة وصايع بحر وهي المرة التي أقوم فيها بالبطولة أمام الفنان الكبير محمد هنيدي وهو ممثل ونجم كوميدي كبير وتجمعنا جلسات عمل كثيرة للتحضير للفيلم ونقضي أوقاتا لطيفة جدا وسوف نبدأ التصوير في أقرب وقت بمجرد الانتهاء من التحضير للعمل‏.‏

·     ألا تخشين من تصوير فيلمين في وقت واحد؟ وما رأيك فيما يتردد حول الممثلات اللائي يشاركن نجوم الكوميديا البطولة من أنهن مجرد سنيدات للبطل؟

أولا لا أجد مشكلة في تصوير العملين في نفس الوقت وربما لا يتزامن نفس وقت التصوير لأنه في فيلم‏8/1‏ دستة أشرار بدأنا التصوير منذ أسبوعين تقريبا والمخرج رامي إمام يضرب بيد من حديد حتي لا يضيع وقت التصوير ولننتهي من تصويره في نفس الفترة المحددة له منذ البداية‏,‏ أما فيلم وش إجرام فحتي الآن لم يتحدد موعد محدد لبدء تصويره‏.‏

أما ما يطلق حول الممثلات اللائي يشاركن نجوم الكوميديا بطولة الأعمال وأنهن مجرد سنيدات فهذا غير حقيقي وأنا عن نفسي سأتحدث عن تجربتي في فيلم وش إجرام حيث إن دوري فيه كان مفاجأة كبيرة بالنسبة لي ومختلفا تماما عما سبق وقدمت أو حتي ما سبق وقدم في السينما ولم أشعر للحظة بأنه دور سنيدة وهو ما أنظر إليه في كل الأفلام وليس في فيلم دون آخر بالعكس أنا سعيد جدا بأنني سأشارك في بطولة هذا الفيلم وسعيدة أكثر بأنني سأعمل مع فنان كبير مثل محمد هنيدي وهو فنان جميل ورائع‏.‏

·         في الفترة الأخيرة تحرصين علي التواجد بأكثر من عمل خلال العام الواحد ـ ألا تخشين من حرق نجوميتك؟

أحرص علي الوجود في كل موسم سينمائي وأكون سعيدة جدا بذلك ولكن نحن نقوم بتصوير الأعمال ولا نعرف توقيت عرضها أما فكرة الانتشار أو حرق النجومية فلا أخشاها مادمت أقدم أعمالا مختلفة عن بعضها فلا توجد أزمة‏.‏

·         هل أثرت تجربة زواجك والأمومة المبكرة علي اختياراتك الفنية؟

أنا لا أري أنني تزوجت أو أنجبت في سن مبكرا وبصراحة تغيرت حياتي وأحسست بالمسئولية عندما رزقني الله بابنتي ياسمين وبرغم أنها مازالت صغيرة إلا أنها تمنعني من تقديم أي عمل غير جيد لأنني أريدها أن تفتخر بي وبأفلامي عندما تكبر‏..‏ أما عن اختياراتي الفنية فزوجي لا يتدخل فيها ويترك لي الحرية الكاملة في الاختيار‏*‏

الأهرام العربي في 25 مارس 2006

 

سينماتك

 

مقاربة تاريخية لسيرة المدينة من خلال أفلام حملت اسمها أو مواضيعها أو عالمها...

«الدار البيضاء» شخصية سينمائية منذ التزييف الهوليوودي وحتى سنوات الجمر والنار

الرباط – خالد الخضري

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك