منذ فيلمه الأول ''المبارزة'' الذي كان مشروع تخرجه في العام ،1971 لم يكشف ''ستيفن سبيلبرج'' في مشواره السينمائي الطويل عن أية بيانات فكرية واضحة ولا عن لافتات سياسية حاسمة، لأنه إما أن يذهب تجاه الخيال المفرط والمدعوم بتنبؤات مستقبلية غامضة، كما في أفلامه ''إي تي''، وعلاقات قريبة مع النوع الثالث، وذكاء اصطناعي، وتقرير الأقلية···· وإما أن يعتمد على الوثائق التاريخية، والأحداث المدونة في الكتب وسجلات الذاكــــــرة مثل ''آميســـتاد'' عن قصة العبيد المهجّرين قصرا إلى أمريكا، وفيلم ''لائحة شندلر'' وإنقاذ ''الجندي رايان''·

في فيلمه الأخير ''ميونيخ'' لا يبدو ''سبيلبرج'' ميالا لطرح ميوله العقائدية وتوجهاته السياسية، إلا من قبيل التأكيد على محاكمة مقولة العين بالعين الشهيرة التي تبرر دموية وعشوائية فعل القصاص، لأن دائرة العنف والانتقام التي يصورها ''سبيلبرج'' في هذا الفيلم بوضوح وقبح كاملين هي الدائرة التي عمقت سوء الفهم الدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين· ولكن هذا الانتقاد المبطن والضبابي أحياناً قد يخلط الأدوار، وقد يوزع دم الجريمة على قمصان الضحايا والقتلة معا!

أيلول الأسود

يتحدث الفيلم عن تداعيات هجوم فصائل مسلحة من تنظيم (أيلول الأسود) على مقر إقامة الرياضيين الإسرائيليين في القرية الرياضية لأولمبياد ميونيخ ·1972 أسفر هذا الهجوم عن صفقة سياسية فاشلة لتحرير المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل· فشل هذه الصفقة أتى كنتيجة طبيعية لمذبحة المطار التي أسفرت بدورها عن مقتل عدد من الخاطفين وإبادة كل المخطوفين الإسرائيليين· تظهر تفاصيل وملابسات هذا الحادث البشع والدموي في ثلاثة مقاطع موزعة على زمن الفيلم من خلال ''فلاش باك'' لاهث وسريع ومشبع بإيقاع صارخ حد العنف والترويع والإنهاك الوحشي للجسد·

في المشهد اللاحق نرى رئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت جولدا مائير تقوم بدورها لين كوهين وهي تقول لحارسها الشخصي السابق وللمجتمعين معها: انسوا السلام الآن، علينا أن نريهم كم نحن أقوياء!·

هذا الخطاب الذي أتى مباشرة بعد أحداث ميونيخ سيكون هو عصب الفيلم، والخط الذي سينتهجه مسار السيناريو في البحث عن الرؤوس المدبرة للهجوم وتصفية القيادات الفلسطينية المشاركة في التخطيط واحدة تلو الأخرى· وللتأكيد على جدية القيادة الإسرائيلية في الانتقام والرد الموازي لعنف المذبحة، يتم تجنيد خمسة عملاء من الموساد كخلايا خفية يتم إرسالها إلى أوروبا للبدء في عمليات التصفية·

يقود هذه الخلية الحارس الشخصي السابق لرئيسة الوزراء ويدعى ''آفنير'' ويقوم بدوره الممثل ''ايريك بانا'' الذي يتحول تدريجيا إلى الشخصية المركزية في الفيلم، والتي تجتمع من خلالها كل الخيوط والأحداث الدرامية في العمل· تستقطب هذه الشخصية أيضا كل الأسئلة والنتائج الخفية التي تنعكس بشكل متوار ومضبّب في نفسية منفذي عمليات الانتقام والتصفية·

يتحول ''آفنير'' إلى صورة مثالية للضحية والجلاد معا، لأنه وفي وسط انشغاله بالعمليات الموكلة إليه، يشعر وبقوة أنه شخص منفي وغير موجود· فهو حسب تعليمات جهاز الموساد ولمجرد الحفاظ على أسرار الدولة ليس سوى شخص مجهول وفاقد للانتماء والهوية· وعندما يشد ''آفنير'' رحاله إلى أوروبا بحثا عن الطرائد الفلسطينية فإنه يترك وراءه زوجة في الشهر السابع من حملها·

مثل هذه التمزقات الداخلية تحول ''آفنير'' إلى كبش فداء لاختبار قيمة التضحية بكل شيء من أجل المبادئ الوطنية العليا، هذه المبادئ التي تلغي وتنسف كل العواطف البشرية الفطرية· إنه غسيل دماغ هائل لإغراق وجرف الضمير الإنساني لدى المجندين· فالشخص المجند في جهاز الموساد يجب أن يتحول إلى أداة قتل لا أكثر، وأن يكون مجرد ترس في الماكينة الخرافية المروجة لدولة إسرائيل، والمدافعة بشراسة عن وجودها المهدد بالفناء·

استعان سبيلبرج في هذا الفيلم بالأجواء الهيتشكوكية التي تعتمد على إحداث الصدمة اللامتوقعة في ثنايا المشهد· نتذكر هنا مشهد عودة الطفلة الفلسطينية للرد على الهاتف المفخّخ في الشقة الباريسية التي يشغلها والدها المرصود كهدف للانتقام، وكيف أن هذه العودة تحولت إلى مشهد غاية في القلق والتصعيد المهلك لأحاسيس المتفرج·

امتاز الفيلم أيضا بالأمانة الكبيرة تجاه التفاصيل الخاصة بالديكورات الداخلية والخارجية التي لونت فترة السبعينات· ولم يكن هناك أي خلل في صياغة المشهد السبعيني بدقة وشمولية لدرجة أن سبيلبرج استعان بالعدسات السينمائية المستخدمة في تلك الفترة لإسباغ صفة الإقناع القصوى والمترجمة بصدق لمناخات وأجواء السبعينات·

لماذا هاجم العرب الفيلم؟

ويستغرب المرء من نظرة النقاد العرب الذين هاجموا الفيلم انطلاقا من أرضية هشة ومعتمدة فقط على العواطف السياسية والانفعالات الأيديولوجية التي تحاكم الأفلام ظاهريا دون أي التفات للقيمة الفنية والتحليلية، ودون انتباه للجهد الجمالي المبذول فيه، رغم أن الإسرائيليين أنفســــــهم وصفوا سبيلبرج بالصديق غير المخلص لإسرائيل لأنه أعطى الصوت الفلسطيني فرصة كبيرة كي يتحدث عن رأيه ووجهة نظره وهواجسه المبررة في حوارات الفيلم·

يتحدث الفيلم من خلال صفاء أيديولوجي وانطلاقا من ذهنية تربت على الثقافة الليبرالية عن استحالة التشابك بين أغصان الزيتون ومواسير البنادق· وعن التبعات الروحية المدمرة لعمليات الانتقام العشوائي· ويعرّج الفيلم أيضا على المأزق التاريخي الذي وضعت إسرائيل نفسها فيه من خلال تغليب المبادئ القومية والدينية العنصرية على حساب المبادئ الإنسانية، القائمة على تحييد العنف وإعلاء شأن العاطفة الداخلية المرتبطة بالأوطان الصغيرة المتمثلة في عائلات المجندين، لا في الأوهام السياسية الكبرى التي لم تجلب سوى الألم والدموع والعذابات الباحثة بيأس عن خلاصها المنتظر·

الإتحاد الإماراتية في 31 مارس 2006

 

إسـرائيل تقتـحـم الساحة الفنية المصرية

معتز أحمد‏

بالتأكيد سيكون الفن هو أفضل وسيلة للتطبيع بيننا وبين أصدقائنا المصريين أصحاب الباع الفني الطويل في المنطقة‏,‏ وأؤكد أننا لو سرنا في طريق التطبيع الفني سنبني علاقات جيدة‏,‏ ليس فقط بين إسرائيل ومصر بل بين إسرائيل وجميع الدول العربية بلا استثناء‏'.‏

بهذه الكلمات رد رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيجن علي سؤال وجه إليه بعد أول زيارة قام بها إلي مصر بعد الإعلان رسميا عن بدء محادثات السلام بين إسرائيل ومصر حول الوسيلة التي من الممكن أن تعجل بالتطبيع فيها بين الطرفين‏,‏ وهي الأمنية التي مازالت تراود كبار القادة والمسئولين السياسيين في تل أبيب ويتمنون تحقيقها في أقرب وقت‏.‏

اللافت أن أهمية تصريحات بيجن تتزايد مع الخطوات التي تقوم بها تل أبيب من أجل التطبيع الفني مع العرب‏,‏ حيث أقامت حتي الآن قرابة‏200‏ هيئة ومؤسسة فنية تعني بالتعاون ومخاطبة المؤسسات الفنية العربية‏,‏ وهي المؤسسات التي تنال دعما كبيرا من قبل الحكومة الإسرائيلية‏,‏ والذي يصل شهريا إلي قرابة مليون دولار لكي تقوم إسرائيل بمشاريعها الخاصة بالتطبيع‏'‏ الثقافي‏'‏ أو الفني‏'‏ مع العرب‏.‏

ويرتكز عمل هذه الهيئات أو المؤسسات علي دعم الأعمال المشتركة التي تقدم بين العرب من جهة وبين الفنانين الإسرائيليين من جهة أخري‏,‏ وعرضها إما في إسرائيل أو في بقية دول العالم‏.‏

وتعني العديد من المؤسسات الاقتصادية العالمية بتوزيع هذه الأعمال في المدارس والمعاهد العالمية مجانا عن طريق إسطوانات ليزر‏CD‏ أو غيرها من وسائل العرض الأخري المتعددة حتي تساعد علي تعميم الشعور بأن طريق التطبيع الفني بين العرب وإسرائيل يسير بقوة‏.‏

حسنين

ومن هنا كانت لإسرائيل تحركات مثيرة يقوم بها فنانوها بصورة عامة‏,‏ وكانت آخر هذه الزيارات ما قام به مغني الراب الإسرائيلي وقائد فرقة أسكوربيون الشهيرة عمري حسنين وثيق الصلة بالفنانين اليهود داخل إسرائيل والذي يحظي بشعبية كبيرة في جميع الأوساط الفنية الإسرائيلية خاصة مع طرحة العديد من الألبومات الغنائية بصورة دورية في إسرائيل بل وغنائها باسم إسرائيل في العديد من دول العالم‏.‏

وكانت آخر زيارة خارجية قام بها حسنين‏'‏ للقاهرة‏'‏ وهي الزيارة التي احتفت بها وسائل الإعلام الإسرائيلية بجميع توجهاتها بداية من العربية أو العبرية سواء من أصحاب التوجهات اليسارية أم اليمينية بل والمتطرفة في تل أبيب‏.‏

المثير أن هذه الزيارة التي تمت منذ قرابة شهر كانت لإحياء عدد من الحفلات في مدينة الإسكندرية وبالتحديد مع فريق واي كرو المصري الذي وصفه حسنين بأحدي أهم الفرق الغنائية في مصر والتي تتمتع بشعبية كبيرة في القاهرة‏.‏

وقام حسنين في إطار هذه الزيارة بتسجيل ألبوم بعنوان‏'‏ بيني وبينك‏'‏ التي ستطرح في الأسواق الإسرائيلية قريبا وهو الألبوم الذي سيكون أول ألبوم غنائي بين فنان إسرائيلي ومغنيين عرب‏,‏ الأمر الذي دفع بإذاعة صوت إسرائيل للزعم بأن هذه الخطوة هي أهم خطوة تقوم بها تل أبيب في مجال التطبيع الفني مع الدول العربية‏.‏

المثير أن وسائل الإعلام الإسرائيلية باتت تعرض وبشكل متكرر حفلة حسنين في مصر خاصة مع رغبة العشرات من الفنانين الإسرائيليين في السير علي نهج حسنين والقيام بأعمال فنية مشتركة مع نظرائهم المصريين في ظل الشعبية التي يتمتع بها حسنين في إسرائيل‏.‏

حسنين أكد في حوار له مع إذاعة الشمس الإسرائيلية أن ما قام به في مصر كان بمثابة حلم عظيم راوده منذ دخوله في مجال الغناء خاصة مع المكانة الكبيرة التي يتمتع بها فنيا بجانب أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام العديد من زملائه من الفنانين الإسرائيليين للتعاون مع نظرائهم المصريين بل والعرب خاصة مع المكانة الكبيرة التي تتمتع بها القاهرة عربيا في المجال الفني أو السينمائي‏.‏

ويضيف حسنين أنه سعيد للغاية خاصة وأن الأمر لم يتوقف عند حد الغناء أو إحياء الحفلات في مصرـ بل امتد ليشمل التعاون مع إحدي الشركات الفنية التي لم يرض حسنين الكشف عنها بالإضافة لموقع يطلق عليه اسم‏MAETAKES‏ وهو الموقع صاحب الشعبية الكبيرة بين الشباب المصري‏.‏

الغريب أن حسنين أكد في حواره أن الجمهور المصري لم يفهم كلمات أغانيه التي غناها في الحفلات التي قام بها وعلي الرغم من ذلك كان الجمهور المصري متفاعلا للغاية مع هذه الأغاني‏.‏

روتانا

وتمني حسنين أن تفتح زيارة القاهرة‏-‏ وهو الاسم الذي تطلقه الصحف الإسرائيلية علي زيارة حسنين‏-‏ له الباب نحو التعاون مع شركة روتانا الفنية لأنها تعتبر واحدة من أهم الشركات الفنية في العالم العربي خاصة مع قبول المصريين له مشيدا بتفاعل الصحافة المصرية معه‏,‏ زاعما أن عددا من الصحف المصرية الكبري تناولت أخباره‏,‏ الأمر الذي يعكس الاهتمام المصري الرسمي به وبأن التطبيع معه أو الاحتفال به يعتبر أمرا رسميا يجب عليه القيام به‏.‏

غير أن أخطر جزء في حوار عومري هو محاولته ربط مدينة الإسكندرية المصرية بمدينتي حيفا الساحلية في إسرائيل زاعما أن كلتا المدينتين تتمتعان بنفس المميزات الفنية‏,‏ بداية من سحر البحر أو جمال الأجواء المصاحبة لهما‏,‏ وهي الأجواء التي تزيد مما أسماه عومري بقدرة الفنان علي الابتكار الفني والغناء‏.‏

جدير بالذكر أن الخطوة التي قام بها الفنان الإسرائيلي عومري لم تكن الأولي في طريق التطبيع الفني الذي ترغب تل أبيب في القيام به‏,‏ بل سبقها عدد من الخطوات ذات الدلالات المهمة للغاية‏,‏ ومثال ذلك ذهاب العديد من الفنانين بل والإذاعيين العرب لإسرائيل لكي يحييوا عددا من الحفلات بها أبرزهم الإعلامية الأردنية أسيل خريشا التي أحيت أخيرا حفل ملكة جمال إسرائيل الذي نظم برعاية مجلة ليلك إحدي أهم المجلات الإسرائيلية‏,‏ واحتفلت وسائل الإعلام في تل أبيب بـ‏'‏ خريشا‏'‏ التي كانت أول إعلامية عربية تحيي حفلا من هذا النوع‏.‏

واحتفت مجلة الصنارة الإسرائيلية بـ‏'‏خريشا‏'‏ معتبرة أن قدومها إلي إسرائيل وإحياءها لحفل غنائي يعتبر بمثابة خطوة جبارة تتمني أن تليها العديد من الخطوات الأخري المهمة التي ستتوج‏'‏ طريق التطبيع الفني‏'‏ بين إسرائيل والدول العربية‏.‏

غير أن المثير أن إسرائيل وعن طريق الآلة الإعلامية الخاصة بها والتي تسعي إلي نشر حوارات مع العديد من الفنانين المصريين والعرب‏,‏ وهو ما بات وجبة فنية تعرضها وسائل الإعلام الإسرائيلية بصورة دورية‏.‏

وعلي الرغم من خطورة التحركات التي يقوم بها عدد كبير من الفنانين العرب في إسرائيل داخل الدول العربية وبالتأكيد مساءلة الأجهزة الأمنية لهؤلاء الفنانين عما شاهدوه أو تعرضوا له في القاهرة عند عودتهم إلي إسرائيل إلا أن الواقع يؤكد أن هناك العشرات من هؤلاء العرب ممن يجب بالفعل الوقوف بجانبهم بل واحتضانهم في المؤسسات الإعلامية العربية‏,‏ خاصة وأنهم في النهاية عرب فرضت عليهم إسرائيل ولم يقبلوا هم بها ولكن في النهاية هم مواطنون إسرائيليون وبالتالي يجب الاهتمام بهم ولكن بحذر أي بتروي وعدم الاندفاع وراء مساندتهم بقوة‏,‏ خاصة وأن الفرد في النهاية يكون أمام مواطن إسرائيلي يحمل الهوية الإسرائيلية ويعاشر الإسرائيليين منذ عدة عقود‏,‏ ومن الممكن استثناء فقط من هو معروف سواء علي المستوي السياسي أم الشخصي مثل الدكتور عزمي بشارة‏,‏ أو محمد بركة أو رائد صلاح وجميع هؤلاء لا يمكن أن يشكك أحد في فلسطينيتهم أو هويتهم العربية وشعورهم الوطني وهو ما يعرضهم للعديد من المشاكل مع المؤسسة الأمنية في تل أبيب‏.‏

في الحلقة المقبلة يتطرق الموضوع لأبرز الفنانين العرب الذين سعت تل أبيب لتشويه صورهم‏,‏ وكيف يقوم الصحفيون الإسرائيليون بنشر العديد من الحوارات مع هؤلاء الفنانون وكيف تتعامل إسرائيل ووسائل الإعلام المنشورة بها مع هذه الحوارات‏*‏

الأهرام العربي في 25 مارس 2006

 

الفنان الكبير كمال الشـناوي‏:‏

قدمت شخصيات مكررة في أفلامي‏..‏ ولكننـي لم أتنـازل‏!‏

كتبت‏:‏ إلهام الحجر 

مايقرب من‏200‏ فيلم سينمائي‏,‏ و‏20‏ مسلسلا و‏50‏ جائزة هي حصيلة مشوار نجمنا الكبير كمال الشناوي عن عمل متواصل علي مدي‏57‏ عاما من ابداع‏,‏ وبرغم احتفاله بعامه الحادي والثمانين‏,‏ فانه لايزال متألقا وعاشقا للفن الذي قدم فيه الادوار المتميزة التي تجمع بين البساطة في الاحساس والتقمص والصدق‏..‏ وعن ذكريات هذا المشوار تحدثنا‏.‏

·         اين أنت من السينما الآن؟

عندما يطلبني المخرجون في دور أشعر بأنه يضيف إلي رصيدي الفني‏,‏ اوافق فورا‏,‏ وهم يطلبونني دائما لانني قدمت ادوارا متنوعة منها الفلاح والارستقراطي والشرير ورجل الاعمال والطبيب‏,‏ ولكن الادوار الموجودة الآن لاتناسبني‏,‏ لذلك لايعقل أن اقبل دورا اتنازل فيه عن مكانتي الفنية‏.‏

·         ما الفرق بين جيلك والجيل الحالي؟

ـ لابد أن نأخذ بيد الجيل الجديد ونوضح له ما لايفهمه‏,‏ فالتجربة التي عشتها ليست ملكي الخاص‏,‏ وعندما يكون هناك نجوم جدد امامي اوجههم واعطيهم ماعندي لكي تستمر المسيرة‏.‏

·         انتجت عدة أفلام‏..‏ فلماذا لاتكرر التجربة الآن؟

ـ عندما تكون هناك سينما سوف اعود للانتاج‏,‏ وانا احب الانتاج‏,‏ ولكن اين القصة الجادة التي أتحمس لانتاجها‏.‏

·         شاركت في كتابة بعض الافلام قديما‏..‏ لماذا لم تكرر التجربة؟

ـ انا كتبت أغلب أفلامي التي انتجتها وشاركت في كتابة السيناريو مع سيناريست آخر حتي أعيش التجربة قبل عرضها بداية من وجهة نظري في السيناريو وحتي التتر‏,‏ وان يكون الاخراج بشكل لافت للنظر بالاضافة إلي اختيار الموسيقي التصويرية التي تعبر عن حالة العمل فأنا أملك تذوقا موسيقيا وجماليا‏,‏ ولا اترك اي شيء صغير إلا ويكون لي وجهة نظر فيه‏.‏

·         هل ساعدك تكوينك الشخصي علي اداء ادوار الوزير أو رجل الاعمال؟

ـ تكويني وأخلاقي لانني رجل جاد وملتزم‏,‏ لذلك لعبت هذه الادوار كأنها جزء من تاريخي وتكويني الحقيقي

·         ما سر استمرارك طوال نصف قرن؟

ـ الصدق والاحساس أهم أدواتي‏,‏ وتعلمت ان يكون التعبير بصدق أبلغ من الكلام في احيان كثيرة‏..‏ وان يظل الفنان محافظا علي النجومية‏,‏ لان هذا أمر بالغ الصعوبة واري ان النجومية التي وصلت إليها هي منحة من الخالق‏.‏

·         هل تشعر بالرضا عن مشوارك الفني؟

ـ الحمد لله اشعر بالرضا عن كل ماقدمته سواء في السينما او في التليفزيون‏,‏ وكنت اتمني تقديم اعمال علي خشبة المسرح لتكتمل مراحل ابداعاتي في الفنون الثلاثة‏..‏ وكل الأفلام التي شاركت فيها انا مسئول عنها واشعربأنها ترضيني كفنان‏.‏

·         من الذي تستمع اليه عندما ينتقد اعمالك؟

ـ الفنانة شادية هي الناقدة الاولي لاعمالي‏,‏ وبعد مسلسل آخر المشوار اتصلت بي وهنأتني كما انها تبادلني الرأي في أعمالي الفنية‏.‏

·         هل اختلفت السينما الآن عن أيام جيلكم كثيرا؟

ـ بالطبع هناك اختلاف كبير قد يكون ايجابيا في بعض الأشياء وقد يكون سلبيا في اشياء أخري‏,‏ ولكنني اعتقد ان جيلنا كان لديه أساتذة اصحاب خبرة‏,‏ وتعلمنا علي ايديهم الكثير الذي افادنا وساعدنا طوال مسيرتنا كما كان يجمعنا جو من الحب والالفة والانسجام حتي ان الفيلم الواحد كان يمكن ان يجمع بين اكثر من نجم ويحقق الجميع النجاح‏,‏ ولكن بالطبع لم نكن نسمع عن الارقام التي تحققها السينما حاليا‏,‏ والنجوم الذين يتقاضون الملايين‏.‏

·         ما أسباب اختفاء قصص الحب من أعمالنا الفنية؟

ـ سيطرت الماديات علي المشاعر وتحول الحب إلي سلعة‏,‏ فالرومانسية لم يعد لها وجود في الافلام ولا في الاغاني‏,‏ وبالتالي في الحياة العامة‏..‏ وحتي عندما نراه علي الشاشة يأتي مجردا من الاحساس والمشاعر وخاليا من الصدق‏.‏

·         تقول انك لم تقدم طوال مشوارك سوي ماتقتنع به‏..‏ فهل لايوجد في رصيدك تنازلات؟

ـ بالعكس كانت هناك تنازلات كثيرة ولكنها ليست مخجلة‏,‏ ولم اصل فيها لمرحلة الندم‏,‏ فقد وجدت نفسي بعد فترة مسجونا في الادوار الخفيفة والافلام الغنائية وشخصية الدنجوان‏,‏ وحاولت كثيرا التغيير ولكنني لم استطع بسبب الجو الذي كان سائدا خلال الخمسينيات وبالتالي تنازلاتي لم تكن في قبول ادوار غير مقتنع بها‏,‏ وإنما في تمثيل شخصيات مكررة وهو شيء تخلصت منه بعد ذلك‏.‏

·         هل كرهت أحد أدوارك اثناء تصويرها؟

ـ نعم كرهت دور خالد صفوان في فيلم الكرنك‏,‏ فأنا من اشد المعجبين بكتابات الاديب العالمي نجيب محفوظ‏,‏ وعندما صدرت رواية الكرنك توقفت عند شخصية خالد صفوان رئيس المخابرات ويد التعذيب التي لاترحم‏,‏ وتمنيت لو أقدم هذا الدور بعيدا عن مفهوم رجل الشرطة التقليدي صاحب الصوت العالي والاوامر القاسية‏,‏ ولكنني بعد قراءة السيناريو كرهت خالد صفوان لقسوته وخشيت ان يكرهني الناس وقبلت التحدي‏,‏ وكان النجاح الجماهيري مفاجأة لي‏.‏

الأهرام اليومي في 29 مارس 2006

في حوار مع «الأهالي»:

عزت العلايلي يطلق النار علي السينما والمسرح والتليفزيون     

أميرة عبدالسلام 

«أهلا يا بكوات» مسرحية سياسية علي درجة عالية من الإتقان الفني، تناقش أزمة تطورنا الحضاري وتشير إلي العيوب والسلبيات المسئولة عن سقوطنا مرة أخري في دائرة التخلف.

مسرحية ناقدة تتعرض للجماعات الفكرية المتخلفة التي تريد تصفية منجزات الفكر الإنساني ودفعنا إلي كهوف الجهل والتخلف.

حالة من الانتعاش يحياها الآن المسرح القومي كأن نهضة الستينيات المسرحية تستعيد قوتها مرة أخري بإعادة عرض مسرحية «أهلا يا بكوات» والتي بدأ عرضها منذ ما يقرب من شهرين بكامل طاقمها، والبطولة للنجمين «عزت العلايلي» و«حسين فهمي» والتأليف للكاتب «لينين الرملي» والإخراج «لعصام السيد».

عُرضت المسرحية للمرة الأولي عام 1989، واستمر عرضها دون انقطاع حتي عام 1993 ولكن بعد ستة عشر عاما من توقفها يجري عرضها الآن لتعيد للمسرح القومي من جديد لافتة «كامل العدد» التي غابت عنه لفترة طويلة.

في حوار مفتوح مع النجم «عزت العلايلي» بطل المسرحية والذي حرص علي المشاركة رغم ظروفه الصحية الأخيرة، ليعود إلي جمهوره العريض من رواد المسرح القومي الذي فتحنا باب الحوار من داخل أروقته عن كل شيء، الوضع السياسي القائم، وارتباطه بالمسرحية وظروف إعادة العرض، ومساحات التغيير فيه، وصولا إلي السينما وآخر أعماله بالتليفزيون.

أهلا يا بكوات

·         ما مدي ارتباط الواقع المسرحي الذي قدمته مسرحية «أهلا يا بكوات» بالواقع المصري الآن؟

-ارتباط في مرحلة الثبات، نابع من زيادة كل مساوئ الأوضاع السياسية القائمة، فالناس في المجتمع المصري أصبح «شكلهم فلكلوريا»، مازال السؤال الذي يسيطر عليهم «هل ندخل الحمام بالرجل اليمين أم الشمال»، كذلك أصبحوا في مرحلة ثبات غريبة جدا، يسيطر عليهم الشك في كل شيء حتي في عقيدتهم، مثلما قدم واقع المسرحية.

·     هل تعيش الساحة السياسية المصرية الآن أجواء ديمقراطية حقيقية، يمارس فيها الفنان حرية التعبير عن آرائه تجاه القضايا السياسية؟

-نحن نعيش علي هامش محترم من الديمقراطية والفن في ظل هذه الأجواء أصبح له دور سياسي مهم، ففي المجتمع الشمولي، السياسة تفرض رأيها علي الفن، لكن في مجتمعنا الفن له دور حقيقي في تغيير الواقع السياسي، حتي ولو في ظل القليل من الديمقراطية.

المسرح والمجتمع

·         هل يستطيع المسرح السياسي تصحيح مسارات المجتمع المصري تجاه ديمقراطية حقيقية؟

-بالطبع الفن المحترم دوره الأساسي هو تصحيح الواقع الحقيقي للمجتمع الذي يقدم من خلاله، وإذا كان هذا المجتمع يحتاج إلي تغيير أوضاع سيكون للمسرح دور كبير فيه.

·         بدأ العرض المسرحي بجُملة التأكيد علي أن كل الوقائع والأحداث التي تسردها المسرحية حدثت بالفعل لماذا؟

-هذا نوع من أنواع التكنيك المسرحي للتأكيد علي مدي ارتباط أحداث المسرحية بالواقع الذي نعيشه.

·         ما السبب وراء تغيير اسم الشخصية التي تؤديها في المسرحية من «نادر» إلي «محمود»؟

-هو مجرد تغيير في الأسماء لصبغها بالشيوع فاسم «نادر» له مدلول تعبيري عن ندرة هذه الشخصية في المجتمع، أما اسم «محمود» فهو اسم عادي له مدلول مرتبط بالتعدد والتنوع.

·         في المسرحية انتهي بك الحال لتُصبح «مجذوبا» فهل هذا مصير كل سياسي مُعارض في مصر من وجهة نظر هذا العرض؟

-أنصح كل سياسي مصري معارض ألا يبحث عن الحقيقة بإخلاص، حتي لا يجن، لأن كل الرؤي الواقعية تؤدي إلي الجنون خاصة بعد اختلاط الثوابت فالإنسان الذي يمتلك قدرا كبيرا من الإخلاص ويصطدم بهذا الواقع اللامنطقي واللامعقول، يصبح مصيره الأخير في «سراية المجانين».

الواقع لم يتغير

·         ما مدي مساحة التغيير في المسرحية من عام 1989 إلي 2006؟

-العمل المسرحي كله الذي نقدمه اليوم نُسخة من العرض الذي قُدِم عام 1989، لم يتغير فيه شئ نصا أو إخراجا، فبرغم مرور ستة عشر عاما إلا أن الواقع للأسف كما هو.

أرفع قبعتي للجمهور

·         بعد أكثر من ستة عشر عاما هل اختلف جمهور 2006 عن جمهور التسعينيات؟

-بالطبع لا، فالجمهور واحد، جمهور مُثقف مُحترم أرفع له القبعة، فنحن في حاجة فعلا إلي هذه النوعية من الجمهور المصري الذي لا يستطيع أن يخدعه أحد مهما زيف البعض الفن وطعّمه ببعض الجُمل الوطنية، فالجمهور ذكي لا يستطيع أحد أن يضحك عليه، فهولاء يضحكون علي أنفسهم فمصر تتمتع بجمهور محترم من أول الإنسان البسيط حتي «كبير المثقفين».

ظاهرة صحية

·         هل العودة إلي النصوص المسرحية القديمة وإعادة عرضها مرة أخري هي ظاهرة صحية أم افتقار لنصوص جيدة علي الساحة؟

-هذه ظاهرة صحية وصحية جدا، فكل مسارح العالم المحترمة تُعيد تقديم النصوص الجيدة مرة أخري، خاصة في ظل افتقار الساحة المسرحية لنصوص جيدة كما هو الحال الآن.

مسرح القطاع الخاص.. «هلس»

·         ما رأيك فيما يجري تقديمه علي كل من مسرح الدولة والمسرح الخاص؟

-رغم ندرة ما يقدم علي مسرح القطاع الخاص إلا أنه لا يوصف إلا ب «الهلس» والعيب المسرحي، فهو يضحكنا بلا هدف ملموس وما هو إلا ظُرف مسرحي فقط، أما مسرح القطاع العام والذي يطلق عليه «مسرح الدولة» فهو مسرح يهز المواطن المصري ويخجل المسارح الأخري.

لينين وصبحي يستحق التقدير

·         ما رأيك في نوع المسرح الذي يقدمه «محمد صبحي» بصفته المسرح السياسي الوحيد الذي قدم علي مسارح القطاع الخاص؟

-مسرح «صُبحي» و«لينين الرملي» يستحق كل الاحترام والتقدير من الجميع علي ما قدمه لتاريخ المسرح السياسي المصري، لذلك لا نستطيع أن نقول عليه مسرح «صبحي» فهو مسرح «لينين» و«صبحي» تلميذ مجتهد نجيب، تعلم من لينين الرملي وكل من حوله، لكن في رأيي أن الثلاث مسرحيات الأخيرة التي قدمها «صبحي» تحت عنوان «المسرح للجميع» لم تكن في مستوي أعماله الأخري.

العمل الجيد يفرض نفسه

·         ما آخر أعمالك التليفزيونية؟ وماذا عن دورك فيه؟

-آخر عمل تم عرضه كان مسلسل «المنصورية» وحاليا يتم إعداد مسلسل «كارنتينا» للعرض أقوم فيه بدور مراهق آخر العمر، دور بالفعل مختلف أحببته فعلا، لأنه جديد علي، لم ألعبه في حياتي، فقررت أن ألعبه علي شاشة التليفزيون، وحتي الآن لم يتحدد ميعاد عرضه، والبطلة أمامي هي الفنانة «نرمين الفقي».

·         هل أنت من المهتمين بالاشتراك في ماراثون رمضان؟

-لا طبعا، فالعمل الجيد يثبت نفسه في أي وقت، والحشو الدرامي الذي يصيب التليفزيون في شهر رمضان ما هو إلا سياسة إنتاجية، لا أشغل بالي بها أصلا.

الدراما المصرية هي الأصل

·         ما رأيك فيما وصلت إليه الدراما المصرية الآن في ظل تعدد الدراما العربية، من سورية وخليجية وغيرها؟

-الدراما المصرية بخير، وهي الأصل في كل أنواع الدراما العربية، سواء السورية أو الخليجية، وعلي العموم حتي الآن هي في المقدمة وأنا سعيد بنجاحهم، فهم أبناء الدراما المصرية في الأصل.

·         المط والتطويل أصبحا السمة الأساسية للدراما المصرية الآن 00 فكيف يمكن تطويرها، والقضاء علي هذه المشكلة؟

-يرجع مرض المط والتطويل الذي سيطر علي معظم المسلسلات حاليا بالفعل إلي أسلوب الإنتاج، وحل هذه الأزمة يكمن في أن يعرف كل فرد في المسلسل بداية من المؤلف حتي الممثل حجمه وقيمته الحقيقية فهو الذي في يده أن يرفع من قدر نفسه أو العكس.

سينما «فيشار»!

·         أين «عزت العلايلي» من السينما الآن؟

-السينما الآن أصبحت غريبة عنا تماما.

·     هل تعتقد أن السبب الحقيقي لذهاب كبار النجوم إلي التليفزيون يرجع إلي هجر السينما لهم في الفترة الأخيرة، خاصة بعد سيطرة الشباب عليها؟

-صحيح السينما المصرية هجرت فرسانها الكبار واقتصرت علي الشباب فقط، لكن التليفزيون عوضنا الكثير عما افتقدناه في السينما.

·         ما رأيك بصراحة في السينما التي تقدم حاليا؟

-أنا لست من أنصار هذه النوعية من السينما فهي موجودة علي مر تاريخ السينما المصرية لكن كان بجانبها سينما ذات قيمة عالية جدا، عكست البُعد السياسي والاجتماعي للمجتمع الذي تخرج منه، استطاعت أن تمثل مصر في العديد من المهرجانات العالمية، لكن السينما الموجودة الآن لا تستطيع حتي الدخول في مهرجان «الكازوزة».

·         هناك من يقول إن «الفن سلعة» يحكمها العرض والطلب وسوق نجوم الشباك؟ فما رأيك؟

-هناك نوعان من الفن الآن، وكل منهما سلعة بالفعل ولكن هناك فن لا يقدر بمال وفن مثل «الفيشار» للتسالي فقط!.

الأهالي المصرية في 29 مارس 2006

 

سينماتك

 

فيلم ميونيخ : حفلة صيد بشرية!

إبراهيم الملا:

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك