< بالوثائق: تاريخ بدء الإنتاج السينمائي في مصر يعود إلي 1907 في محل «عزيز ودوريس» بالإسكندرية

< أدعو كل الجهات المعنية بأن تنتبه إلي هذه المناسبة حتي تخرج بالمظهر اللائق في عام 1995 احتفل العالم بمرور 100 سنة علي أول عرض سينمائي أمام جمهور عام مقابل تذاكر مدفوعة الثمن، مما يثبت نجاح اختراع السينما، وتم ذلك في فرنسا قبل أية دولة أخري، يوم السبت 28 ديسمبر 1895، في الصالون الهندي بالمقهي الكبير «جران كافيه» 14 شارع كابوسين في باريس، ثم أخذت العروض السينمائية في الانتشار خارج فرنسا بعد ذلك، وقد شاركت مصر في عام 1995 كغيرها من الدول في الاحتفال بمرور 100 سنة علي أول عرض سينمائي في العالم.  

هذا التاريخ 1895 يحدد في الواقع موعد أول عرض سينمائي وأول توثيق للإنتاج السينمائي في فرنسا في الوقت نفسه، فالأفلام التي شملها هذا العرض كانت أفلاما قصيرة من إنتاج الأخوين ليميير اللذين تمكنا من تصميم آلة العرض السينمائي في مصنع والدهما بمدينة ليون، وبذا كان لهما السبق في هذا المجال بين كل العلماء الذين كانوا يتسابقون في سبيل اختراع هذه الآلة، سواء في أمريكا أو إنجلترا أو ألمانيا أو سواها، وكانت الأفلام الأولي لهذين الأخوين ليميير قصيرة جدا تسجل مشهدا محددا، مثل خروج العمال من مصنع والدهما في مدينة ليون، أو دخول القطار في محطة سكة حديد المدينة نفسها أو ما إلي ذلك، وبهذه المناسبة أود أن أذكر أن الشارع الذي يقع فيه مصنع ليميير في مدينة ليون، اسم شارع «أول فيلم»، هكذا أصبح عام 1895 تاريخا ثابتا لنجاح اختراع السينما وبدء الإنتاج السينمائي الفرنسي، تاريخا لا يختلف عليه أحد. أما باقي الدول فقد تتالي تاريخ بدء العروض السينمائية في كل منها، وكذا تاريخ بدء الإنتاج السينمائي المحلي الذي يحدده عرض الأفلام القصيرة قبل أن يفكر أحد في إنتاج أفلام روائية طويلة، وأصبحت الدول تتتالي في الاحتفال بمرور مائة عام علي بدء الإنتاج السينمائي في كل منها فيما تلا عام 1950.

فما هو تاريخ أول عرض سينمائي عندنا في مصر> وما تاريخ إنتاج وعرض أول فيلم سينمائي مصري مهما كان طوله ونوعه؟ حتي يحين لنا أن نحتفل نحن في مصر بمرور مائة عام علي ظهور السينما المصرية؟

لقد اختلفت كل المراجع المصرية في تحديد هذين التاريخين.. أول عرض وأول إنتاج محلي. فبعض الباحثين يرون أن أول عرض سينمائي في مصر حدث خلال شهر يناير 1896، وبالتحديد يوم 5 يناير مستشهدا بجريدة «الأهرام»، أي بعد 8 أيام فقط من أول عرض في جميع أنحاء العالم الذي قدمه مخترعا جهاز العرض السينمائي الأخوان ليميير!! والبعض يري أن أول عرض تم يوم 28 يناير 1896 مستشهدا بجريدة «المؤيد»، وفريق آخر استقر علي أن هذا العرض تم في تواريخ أخري خلال عام 1896، ويصل فريق أخير إلي أنه حدث بعد عامين من عرض باريس الشهير.

وفي يناير 1987، أثناء انعقاد الاجتماع الشهري لمجلس إدارة نادي السينما بالقاهرة، قبل أن يحتجب عن حياتنا الثقافية، والذي كنت أتشرف بانتخابي رئيسا له وقتئذ، أثارت الزميلة خيرية البشلاوي الناقدة السينمائية موضوع الحاجة إلي كتابة تاريخ السينما في مصر كتابة محايدة دقيقة موثقة قبل أن تندثر مراجع المراحل الأولي منه، وأن حلول مناسبة مرور 60 عاما علي عرض فيلم «ليلي» ـ وذلك في نوفمبر 1987 ـ يمكن أن يكون مناسبا لصدور أول جزء من هذا التاريخ، وعلي أن يتولي نادي السينما إصدار هذا الكتاب بكل أجزائه ورحب جميع أعضاء المجلس بالفكرة، واتفقنا علي تقسيم تاريخ السينما في مصر إلي أجزاء.

واقترحت الزميلة خيرية البشلاوي أن أتولي أنا كتابة الجزء الأول، الذي يغطي مرحلة 35 سنة من بدايات السينما عندنا، أي من تاريخ أول عرض سينمائي في مصر عام 1896 إلي آخر عام 1930، حيث إنني أكبر الموجودين سنا، وبالتالي فأنا أقربهم إلي تلك المرحلة.

وكانت مفاجأة لي جعلتني أرفض في البداية، ثم ما لبثت بعد إعادة التفكير أن قبلت هذه المهمة في الجلسة نفسها، للسبب المذكور بالإضافة إلي أنني تصورت في حماسي عندئذ، أنه يمكنني أن انتهي من إعداد الجزء الأول من هذا الكتاب لتفرغي ـ لبلوغي سن المعاش ـ مع بداية شهر مايو 1987، وهي مناسبة مرور 60 عاما علي عرض فيلم «قبلة في الصحراء»، حسب معلوماتنا الخاطئة عندئذ، وسرعان ما اتضح لي عندما بدأت هذه المهمة في يناير 1987 أن تقديري الزمني للانتهاء منها لم يكن علي أساس حساب دقيق، إذ كانت كل خطوة أخطوها تؤدي إلي خطوات أخري لم تكن في حسابي، وكل مرجع أرجع إليه كان يشير إلي مرجع آخر لم يكن في خطتي، وانتهي الأمر بأن رجعت إلي جميع الجرائد والمجلات والكتب التي صدرت خلال تلك المرحلة بدون استثناء بما في ذلك الجرائد والمجلات التي كانت تصدر باللغتين الإنجليزية والفرنسية في مصر.

ولم اكتف بهذا، بل قررت عندما أتواجد في فرنسا لحضور مهرجان «كان» السينمائي في مايو 1987 أن أمضي أياما تالية لبحث كل الوثائق المتاحة هناك التي تتعلق بظهور السينما في مصر، حيث اتضح لي أن كل المعدات السينمائية الأولي عندنا كانت مستوردة من فرنسا، كما أن كل الأفلام السينمائية الأولي التي عرضت في مصر كانت فرنسية أيضا. كما اقترح علي المخرج أحمد كامل مرسي (توفي في 3 أغسطس 1987) أن انتقل إلي إيطاليا بعد فرنسا لكي أزور أيضا المخرج توجو مزراحي في روما، لأعرف منه المزيد من المعلومات عن فترة النشاط السينمائي الذي بدأه بعض الأجانب في مدينة الإسكندرية، في أوائل القرن العشرين، وكان توجو مزراحي قد انضم إليهم في هذه البدايات وعاصر هذه الفترة، قبل أن ينتقل بنشاطه إلي القاهرة وليصبح واحدا من البارزين في مجال الإنتاج والإخراج السينمائي (أخرج 30 فيلما وانتج أكثر من ذلك)، قبل أن يخرج مع اليهود الذين هاجروا من مصر ليستقر في روما.

وبعد أن حصلت علي المعلومات التي امكنني الحصول عليها من باريس، توقفت في روما، حيث اتصلت تليفونيا بمنزل المخرج توجو مزراحي حسب الخطة، وكان ذلك يوم 4 يونية 1987، وللأسف عرفت من زوجته أن توجو مزراحي توفي وأن اليوم التالي يوافق ذكري مرور سنة علي وفاته، أي أنه توفي يوم 5 يونية 1986، كما عرفت منها أن توجو من مواليد الإسكندرية في 2 يونية 1901، وعدت إلي القاهرة لأواصل بحثي عن المعلومات والحقائق.

وهذا هو السبب في أن الجزء الأول من كتابي «تاريخ السينما في مصر» لم يصدر إلا في أبريل 1989، أي بعد 27 شهرا من الجهد والتوثيق والمثابرة، حيث لم اعتمد إلا علي نفسي، وحتي أكون متيقنا ومسئولا عن كل المعلومات والتواريخ التي وثقتها، ومع ذكر المرجع في كل منها ومع تصوير المستندات المهمة الفاصلة كلما تمكنت من هذا.

> تاريخ أول عرض سينمائي في مصر

اتضح لي أن كل ما ذكر من قبل عن بدء العروض في مصر خلال شهر يناير 1896 استشهادا بجريدتي «الأهرام» و«المؤيد» مجرد تلفيق لا أساس له من الصحة ولا أي ذكر له في الجريدتين المذكورتين، ولا يمكن أن يكون ذلك صحيحا، فكيف يمكن أن ينقل ليميير آلة عرض سنيمائي مع أحد معاونيه إلي الإسكندرية لتبدأ عروضها يوم 5 يناير 1896!! إن هذا يعني حقيقة أن يكون ليميير قد بدأ إرسال آلة العرض إلي الإسكندرية قبل أن يبدأ عرضه الأول في باريس، فكلنا نعرف كيف كانت وسائل النقل في ذلك الوقت بالقطار وبالباخرة، وإذا كانت المراجع التي أطلعت عليها في باريس تحدد أن سينما ليون هي ثاني مكان في العالم يجري فيها عرض سينمائي حيث بدأت العروض بها يوم 25 يناير 1896، فكيف نصدق تاريخ عرض 27 يناير في القاهرة أو 28 يناير في الإسكندرية، هل يمكن تصديق هذا؟

أما نتيجة بحثي أنا فقد نشرت جريدة «لاريفورم» «La Reforme» التي كانت تصدر في مدينة الإسكندرية ولكن باللغة الفرنسية، في عددها رقم 198 صباح يوم الأربعاء 4 نوفمبر 1896 في صفحة 3 عمود 3 أول خبر عن السينماتوغراف في الإسكندرية، بل وفي مصر كلها، وفيما يلي ترجمته: «السينماتوغراف».

«لقد بدأ العمل في إحدي صالات بورصة طوسون باشا لتركيب أجهزة السينماتوغراف، ونأمل أن تكون معدة للعمل مساء غد».

ثم نشرت الجريدة نفسها «لاريفورم» صباح يوم الجمعة 6 نوفمبر 1896 في ص 3 ع 1 الخبر المهم بالنسبة لنا، ببدء عروض السينماتوغراف يوم الخميس 5 نوفمبر 1896، وفيما يلي ترجمته: «السينماتوغراف».

«لقد بدأت السينماتوغراف عروضها مساء أمس لأول مرة في الإسكندرية. ويتكون جهاز السينماتوغراف من فانوس سحري هائل وآلة تلف شريطا من السليولويد من صور فورية، لتنتج مناظر متحركة».

«وننصح قراءنا بالتوجه لمشاهدة هذا التقدم الأخير للنبوغ الإنساني، فلن يندموا علي ما يقضونه من وقت.

«ويمكن مشاهدة السينماتوغراف في بورصة طوسون باشا من الساعة 5 إلي الساعة 11 مساء، مرة كل نصف ساعة».

ويعني هذا الخبر الأخير أن أول عرض سينمائي في مصر تم في الإسكندرية مساء يوم الخميس 5 نوفمبر 1896 في إحدي صالات بورصة طوسون باشا، وباستيضاح الأمر عن مكان بورصة طوسون اتضح لي أنها عبارة عن مبني يتكون من أكثر من طابق ويتكون كل طابق من عدد من الصالات المختلفة المساحة والأغراض، يتم استخدام إحداها أو بعضها أو كلها في الاحتفالات ومراقص الجاليات الأجنبية في الإسكندرية وتقع البورصة في شارع الباب الجديد.

ثم نشرت جريدة «الأهرام» في عددها الصادر صباح الاثنين 9 نوفمبر 1896 خبرا في ص 3 ع 1 يؤكد ما تم في بورصة طوسون، وهكذا تأكد الخبر، ويلفت النظر فيه أن أجرة الدخول كانت 4 قروش للرجال وقرشين للأولاد، وهذا الثمن مرتفع تماما بالنسبة لأسعار نوفمبر 1896.

وواصلت جريدة «لاريفورم» ذكر أسماء الأفلام القصيرة التي كانتتتضمنها عروض بورصة طوسون بدءا من عددها الصادر صباح الاثنين 9 نوفمبر 1896 وبعض الأعداد التالية.

أما عن بدء العروض السينمائية في القاهرة فقد نشرت جريدة «المقطم» يوم الثلاثاء أول ديسمبر 1896 ص 3 ع 2 خبرا يحدد هذا إذ يذكر: «.. وقد ظفر حضرة المسيو دلسترولوجو بامتياز عرض هذه الصور في القطر المصري وقد عرضها مساء السبت الماضي في حمام شنايدر بجانب دائرة البرنس حليم باشا علي جماعة من أهل الذوق ورجال الأدب يتقدمهم سعادة محافظ العاصمة فراقهم ما رأوه من الصور المتحركة حتي خيل لهم أنهم يرون أمامهم أشباحا متحركة وأجساما حية لا ينقصها إلا الصوت.. وهذه الصور تعرض علي الجمهور كل يوم في الحمام المذكور من الساعة 4 إلي الساعة 11 بعد الظهر».

ويتفق هذا الخبر تماما مع ما نشرته جريدة «المؤيد» في اليوم السابق الموافق الاثنين 30 نوفمبر 1896، ولم أتمكن شخصيا من الاطلاع علي جريدة «المؤيد» في هذه المرحلة لعدم إمكان تداول نسخها لما أصابها من تلف، ولكن خبر جريدة «المؤيد» ورد في صفحة 10 من كتاب «تاريخ السينما المصرية» من تأليف الزميل الراحل إلهامي حسن مما يدعم حدوث هذا العرض، ثم نشرت جريدة «لاريفورم» في يوم الثلاثاء أول ديسمبر خبرا في ص 2 ع 6 وتكملته في ص 3 ع 1 فيما يلي ترجمة أجزاء منه:

«السينماتوغراف في القاهرة»

«دعا مسيو هنري ديللو سترولوجو مساء السبت الماضي صفوة مجتمع القاهرة إلي حفل افتتاح سينماتوغراف السادة ليميير حيث هو صاحب الامتياز في مصر».

«ولقد حاز هذا العرض المثير للاهتمام إلي أقصي درجة إعجاب ودهشة المتفرجين الأفاضل.. داخل صالة حمام شنايدر.. وتوالت 15 صورة.. منتجة مناظر حية ومتحركة».

«ويجب علي جميع العائلات أن يصطحبوا أطفالهم معهم..».

«ومساء السبت الماضي» المذكور هنا يعني مساء السبت 28 نوفمبر 1896، ويتفق هذا مع ما ذكرته جريدتي «المؤيد» و«المقطم» أي أن أول عرض سينمائي في القاهرة تم مساء السبت 28 نوفمبر 1896 بصالة حمام شنايدر.

> تاريخ أول إنتاج سينمائي مصري

يعتبر أكثر من اسهموا في كتابة تاريخ السينما في مصر أن الفيلم الروائي الطويل المصري «ليلي» (1927) هو بداية الإنتاج السينمائي المصري، وبالتالي فهم يعتبرون أن عام 1927 هو العام الذي يجب أن يتم الاحتفال به كلما أردنا أن نحتفل بمرور عدد مناسب من السنوات علي بدء الإنتاج السينمائي عندنا، ومن بين هذه الاحتفالات ما أقيم في عام 1977 تحت مسمي «اليوبيل» الذهبي للسينما المصرية»، وما أقيم في عام 2002 باعتبار مرور 75 عاما علي ظهور فيلم «ليلي»، وهذا الاعتبار خطأ، ولا يمكن أن تنسب بداية الإنتاج السينمائي عندنا إلي عام 1927 لسببين واضحين:

> السبب الأول: لو كانت بداية الإنتاج السينمائي في أية دولة يمكن أن تنسب لظهور أول فيلم روائي طويل، وهذا خطأ، فإن أول فيلم روائي طويل في مصر ليس فيلم «ليلي» الذي ظهر في 1927، فقد اكتشفت خلال بحثي الذي استغرق 27 شهرا كما ذكرت من قبل أن هناك فيلما مصريا طويلا آخر ظهر قبل ذلك بأكثر من أربعة أعوام، وأن فيلم «ليلي» يصبح هو الفيلم رقم 2 في تسلسل الأفلام المصرية الروائية الطويلة، أما الفيلم الطويل رقم «1» عندنا فهو فيلم «في بلاد توت عنخ آمون»، فقد ظهر أمامي فجأة الخبر الطويل التالي في جريدة «الأهرام» يوم الخميس 12 يوليو 1923:

«حفلة سينماتوغرافية علمية ومفيدة»

دعا الأستاذ فيكتور روسيتو مساء أمس جمهورا من الأدباء والأخصاء والصحفيين إلي حفلة سينماتوغرافية أقامها في دار «سينماجيك ماتوسيان» ليعرض عليهم شريط الرواية المهمة التي وضعها وسماها «في بلاد توت عنخ آمون» والتي قصد فيها نشر الدعوة المصرية والآثار الفرعونية والمناظر النيلية في بلاد أوروبا وأمريكاو.

ففي الساعة السادسة والنصف مساء أمَّ دار السينما نحو من مائة مدعو ما بين رجال مصريين وأجانب وسيدات أوروبيات، فعرض عليهم الشريط المذكور فإذا هم أمام رواية محكمة الوضع دقيقة الحوادث ذات مناظر خلابة.

وقد تخلل الرواية بعض الأدوار الغرامية والحوادث المثيرة للشجون فاكسبتها حلة قشيبة ومغزي ساميا إذ أظهرت للحاضرين ما اتصف به المصري من الكرم، وحب الضيافة، وإيواء الغريب، وإغاثة الملهوف أيا كان جنسه، وما فطر عليه من دماثة الأخلاق و... ومما يؤثر عن هذه الرواية الطويلة ذات الخمسة فصول أنها وضعت في القطر المصري وأخذت مناظرها في قصر انطونيادس بالإسكندرية، وفي مختلف الجهات وفي صحاري الوجه القبلي، وقد عرض علي الجمهور المتفرج منظر وادي الملوك مع الأعمال التي أجريت فيه لفتح مقابر توت عنخ آمون...

ثم نشرت مجلة «الصورة المتحركة» في عددها الصادر في 26 يوليو 1923 في صفحة 21 بالكامل ما يلي:

«في بلاد توت عنخ آمون أول شريط عن مصر».

نهنئ المسيو فيكتور روسيتو علي الشريط السينماتوغرافي الذي عمله وصرف عليه ألفا وتسعمائة ولم يخش الفشل..

والرواية كلها ممثلة في القطر المصري وجميع المناظر التي يقال عنها في الشريط إنها حدثت في لندن مثلت في الإسكندرية والممثلين الذين قاموا بالرواية ثلاثة منهم إيطاليين واثنين مصريين و..

نعم إن الرواية خشنة وليست متصلة المناظر وبها بعض التطويل..

وتتضح لنا معلومات أخري من إعلان فيلم «في بلاد توت عنخ آمون» عندما عرض جماهيريا في ا لقاهرة ابتداء من يوم السبت أول مارس 1924 في سينما متروبول، وقد ظهر هذا الإعلان في جريدة «الأهرام» يوم 29 فبراير 1924 ص 5، ومن إعلانه عندما عرض جماهيريا في الإسكندرية، والذي ظهر في مجلة «سينما عدد 5 أبريل 1924 ص8.

ويتضح من كل ما سبق أن فيلم «في بلاد توت عنخ آمون» هو أول فيلم مصري روائي طويل (80 دقيقة)، وهو من إخراج فيكتور روسيتو وتصوير محمد بيومي ومن بين ممثليه المصريين فوزي منيب ويكون فيلم «ليلي» هو الفيلم رقم 2 .

> السبب الثاني: جميع الدول تعتبر أن تاريخ بدء الإنتاج السينمائي لديها هو تاريخ بدء أول فيلم مهما كان طوله أو نوعه، وهو في جميع الحالات كان فيلما قصيرا، وهذا ما اتبعته فرنسا أولا فهي التي ثبت أن إنتاجها السينمائي من الأفلام القصيرة بدأ في عام 1895، ثم تبعتها دول أخري قبل أن تنتقل كل منها إلي إنتاج الأفلام الروائية الطويلة إلي جانب الأفلام القصيرة بأنواعها، وهذا هو المرجع المنطقي والحد الذي يوضح أي دولة من الدول قد سبقت الأخري في هذا المجال.

والآن ماهو تاريخ بدء الإنتاج السينمائي عندنا؟ أي متي بدأ إنتاج أول فيلم مصري قصير؟ كانت كتب السينما المصرية فيما سبق تؤرخ للأفلام المصرية القصيرة بظهور الجريدة السينمائية التي تحمل اسم «جريدة آمون» في عام 1923بفضل مغامرة وحماس الرائد السينمائي محمد بيومي الذي كان يقوم بكل ما يلزمها من مهام بدءا من التمويل ثم التصوير والتحميض والطبع والتركيب، واستمرت هذه الجريدة ثلاثة أعداد فقط خلال ذلك العام 1923، وكان من بين ما صوره فيها رجوع سعد باشا زغلول من منفاه، وخروج عبدالرحمن فهمي بك من السجن وافتتاح البرلمان المصري.

ثم اتضح لبعض الباحثين ماهو أسبق من هذا العمل وهذا التاريخ ، ألا وهو جريدة «في شوارع الاسكندرية» وهي جريدة سينمائية قام بتنفيذها مسيو دولاجارين في عام 1912 ، وهو صاحب دار عرض بمدينة الاسكندرية، وكان من بين ماظهر في أعداد هذه الجريدة السينمائية، بورصة القطن بالاسكندرية، وكنيسة سانت كاترين في صباح يوم الأحد، وحركة المسافرين والعائدين بمحطة سيدي جابر، وغيرها.

ولكنني اكتشفت خلال بحثي في كل المتاح من المراجع القديمة أن هناك ماهو أسبق من عام 1912، إذ نشرت جريدة «الأهرام» يوم الجمعة 21 يونيو 1907 في باب «الاسكندرية» ص 2 ع2 الخبر التالي:

«أخذ محل عزيز ودوريس المصورين المشهورين في الثغر وأصحاب محل الصور المتحركة في محطة الرمل مناظر زيارة الجناب العالي للمعهد العلمي في مسجد سيدي أبي العباس لإبرازها في معرض الصور المتحركة في الأسبوع القادم وقد جاءت غاية في الإبداع يري فيها الجناب العالي بموكبه حين قدومه وكيفية استقباله ثم تفقده قسماً من المعهد وحفلة تشييعه وانصرافة ومرور تلامذة المدارس والعلماء الكبراء والذوات والطلاب وغير ذلك مما تسر رؤيته ولاشك في أن الإقبال علي هذا المنظر الوطني الجميل سيكون عظيماً جداً».

والجناب العالي المذكور في هذا الخبر هو الخديوي عباس حلمي الثاني.

ثم نشرت جريدة «لاريفورم» يوم الخميس 11 يوليو 1907 ما يؤكد عرض نتيجة هذا التصوير السينمائي علي الجمهور ضمن برنامج سينمافون عزيز ودوريس.

وبعد تصوير زيارة الخديوي لمعهد سيدي أبي العباس، قام محل عزيز ودوريس بالإسكندرية بتصوير شريط آخر عن الأعياد الرياضية في مدرسة الفرير المعروفة باسم سانت كاترين، فقد أعلن هذا المحل ضمن برامجه في جريدة «لاريفورم» يوم الخميس 25 يوليو 1907، إنه بناء علي نجاح تصوير الأحداث فإنه سيقدم احتفالات مدرسة سانت كاترين للفرير تصويرهم وتحميض معاملهم في وسط البلد.. الألعاب الرياضية وتحية العلم.

ولقد نشرت هذه المعلومات المهمة في كتابي «تاريخ السينما في مصر» الجزء الأول من بداية 1896 إلي آخر 1930، الذي أصدره نادي السينما بالقاهرة في أبريل 1989، أي منذ 17 سنة، ومنذ ذلك الوقت وحتي الآن لم يظهر ما يثبت أن هناك تاريخا اسبق من عام 1907 ظهر فيه إنتاج سينمائي مصري لأي أفلام مهما كان طولها أو نوعها، وهو ما قمت بتوثيقه.

ويعني هذا أن تاريخ بدء الإنتاج السينمائي في مصر يعود إلي عام 1907، وهو ما يدعوني إلي اعتبار أن العام القادم عام 2007 هو العام الذي يصح فيه الاحتفال بالعيد المئوي للسينما المصرية.

وهكذا أدعو كل الجهات المختصة للاهتمام بهذا التاريخ والاستعداد للاحتفال بهذه المناسبة العزيزة علينا والتي نفخر بها بين الدول، وأخص بالذكر من هذه الجهات وزارة الثقافة وغرفة صناعة السينما ونقابة المهن السينمائية والمعهد العالي للسينما والجمعيات المتخصصة والصحافة الفنية وكل من يهمه هذا الأمر، ولنبدأ استعداداتنا من الآن دون تسويف حتي تظهر هذه الاحتفالية بالمظهر اللائق بها ولكي يتم التعاون والتنسيق بين كل الجهات المسئولة، ولكي نثبت مكانتنا بين الدول بالنسبة لهذا الفن الذي نحبه والذي قطعنا فيه كل هذا الشوط الطويل.

جريدة القاهرة في 28 مارس 2006

طارق الشناوي يكتب:

المفتي يحرم التماثيل والتصوير.. ومجمع البحوث يحرم فيلم المسيح.. انتبهوا المجتمع يرجع إلي الخلف!  

> قبل 100 عام أباح الإمام محمد عبده صناعة التماثيل.. ووافق المجتمع علي قيام مخرج قبطي بإخراج فيلم عن أم هاشم .. فماذا جري للمجتمع الآن ؟! 

أباح الإمام محمد عبده قبل أكثر من مائة عام صناعة التماثيل والتصوير وقال: إن هذه التماثيل إذا كانت تنحت من أجل العبادة فإنها حرام ولكن إذا صنعت من أجل الزينة والاستمتاع بها فهي حلال.. ولكن د. علي جمعة الذي كان يبدو عندما تولي مسئولية دار الإفتاء المصرية قبل عامين بأنه عالم ديني مستنير إلا أنه تورط مؤخرا في تلك الفتوي التي أصدرها ووضعته في جانب رجال الدين المتزمتين حيث حرم نحت التماثيل ووضعها ولو علي سبيل الزينة، ومع الأسف يأتي هذا الصوت من المؤسسة الدينية الرسمية في وقت نري فيه التيار الإسلامي من خلال الإخوان المسلمين غير المعترف بهم رسميا إلا أنهم يصدرون بين الحين والآخر فتاوي ترحب بالأعمال الفنية بل وسبق لهم مؤخرا من خلال فرع الإخوان المسلمين بالإسكندرية أن اشادوا وبكل من عادل إمام ومحمد صبحي... خطورة فتوي د. جمعة انها تأتي في وقت يبدو فيه المجتمع وهو يجنح إلي التزمت والمفروض أن رجال الدين بما يملكون من مصداقية عند الرأي العام يستطيعون أن يلعبوا دورا في إيقاف هذا الجنوح المرضي.. الجمود الذي يسري في بعض قطاعات المجتمع يقف وراءه مع الأسف قوي محسوبة علي التحرر.. إن الأمر يزداد خطورة لو أننا ألقينا نظرة مثلا علي ما حدث مع مشروع فيلم المسيح حيث اعترض البابا شنودة مبدئيا وقال إنه لن يقرأ السيناريو ولن يوافق علي الفيلم وأنه لا يوجد في مصر من هو قادر علي أن يؤدي دور المسيح عليه السلام.. وواكب هذا التصريح رأي مجمع البحوث الإسلامية الذي أصدر فتواه بأنه يحرم مشاركة أي مسلم سواء بالإنتاج أو التأليف أو التمثيل في هذا الفيلم.. رغم أن الفيلم ينتجه ثلاثة من المسلمين: محمد عشوب وسمير صبري وإسعاد يونس ومن المنتظر أن يشارك فيه العديد من الفنانين والفنيين المسلمين ومن المعروف أن عددا كبيرا من المسلمين شاركوا من قبل في تمثيل أفلام تثقيفية تنتجها الكنيسة ولم يحرم أحد تلك المشاركات رغم أن الأفلام تقدم من أجل نشر تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية علي الجانب الآخر، الأقباط المصريون يشاركون في العديد من الأعمال الدينية الإسلامية التي تقدم في النهاية دعوة لفضائل الدين الإسلامي ولم نسمع صوتا من الكنيسة يحظر ذلك أو يحذر من ذلك. عندما شرع كمال عطية في الستينيات في إخراج رواية يحيي حقي.. قنديل أم هاشم تعالت بعض الأصوات الرافضة التي قالت كيف أن مخرجا مسيحيا يقدم فيلما يحمل اسم أم هاشم ـ السيدة زينب ـ لكن هذه الأصوات كانت تشكل الأقلية في المجتمع المصري وهكذا قدم كمال عطية قنديل يحيي حقي وأصبح واحدا من أفضل الأفلام المصرية والعديد من مشاهده كانت تتم داخل الجامع. الأصوات الدينية الرافضة للفن والتي كنا نستمع إليها بين الحين والآخر علي استحياء أعتقد أنها بعد فتوي د. علي جمعة سوف يعلو صوتها أكثر وأكثر كنا نتهم الشيخ متولي الشعراوي بأنه يعبر عن التزمت ولكن الشعراوي لم يسبق له أن أفتي بتحريم اقتناء أو صناعة التماثيل.. الأصوات المتزمتة التي تطالب بتحريم الموسيقي سوف تجد لها صدي بعد فتوي جمعة بأن تعاود مرة أخري مهاجمة الموسيقي. تحريم التماثيل كان مرتبطا ببداية عهد الإسلام عندما حرم عبادة الأوثان أي أنه تحريم مرتبط بمرحلة زمنية عاشها المجتمع في الجاهلية قبل الإسلام أما الآن فلم يعد هناك ما يدعو لمثل هذا الخوف فلا يوجد بين المسلمين من يريد أن يعود لعصر عبادة الأوثان. إننا تعودنا أن نحتفل في أعيادنا الإسلامية في مصر بصناعة تماثيل من الحلوي عروسة للبنت وحصان للولد وهي عادة جاءت إلينا مع الفاطميين ومنذ ذلك التاريخ ومع كل احتفال بميلاد الرسول الكريم نجد أن كل المحلات وقد امتلأت بهذاالنوع من الحلوي وطبقا لفتوي د. جمعة لن تستطيع هذه المحلات بيع هذه التماثيل.. الأغرب من فتوي د. جمعة هي أن المفتي الأسبق د. فريد واصل يؤيدها وكأنها كانت تعبر عن رغبة دفينة لم يستطع أن يفصح عنها وهو علي مقعد المسئولية قبل بضع سنوات والأشد غرابة ودهشة أن البعض بدأ في تحديد نوع من التماثيل الشرعية والمحرمة تبعا للحجم... واعتبر أن التمثال الكبير محرم والصغير شرعي علي أساس أن التماثيل الكبيرة من الممكن أن تغري بعبادتها أما الصغيرة فهي لضالة حجمها لن تشكل أي عامل جذب للناس لكي يعبدوها، إلي هذه الدرجة تبدو النظرة للبشر وكأنهم لا يدركون المعني وراء التمثال ويعبدونه إذا كان كبير الحجم.. هل رأينا في تاريخنا المعاصر نحاتا ادعي مثلا أنه قادر علي أن يبث الحياة في تمثال وإذا حدث فرضا هل يعني ذلك أن نحطم التماثيل ونفعل مثل طالبان الذين فجروا تمثال بوذا قبل أربع سنوات بنفس الحجة وهي أن التماثيل محرمة. الإسلام بحاجة إلي شيوخ لهم رؤية عصرية مثل الإمام محمد عبده الذي شجع علي سبيل المثال الموسيقار اليهودي المصري داود حسني علي احتراف التلحين ووقف وراء إصدار كتاب تحرير المرأة لصديقه قاسم أمين ولولا رحابة فكر الإمام محمد عبده ما كان من الممكن أن تدخل في مرحلة مبكرة جدا صناعة السينما إلي مصر حيث عرفت مصر أول عرض سينمائي عام 1896 في مدينة الإسكندرية ولو لم يكن لدينا فكر الإمام محمد عبده الذي رحل عام 1905 بعد 9 سنوات من عرض الأفلام في مصر لكان من الممكن أننا حتي الآن نسأل هل السينما حلال أم حرام؟!

في فيلم مواطن ومخبر وحرامي قدم الكاتب والمخرج داود عبدالسيد مشهدا شديد الدلالة والبلاغة وذلك عندما اقتحم شعبان عبدالرحيم منزل خالد أبوالنجا ووجد تمثالا عاريا فقرر أن يغطيه بحجة أن العري حرام.. ولكن ما حدث في الواقع تجاوز خيال داود.. لأنه ليس فقط عري التمثال حرام ولكن التمثال نفسه أصبح حراما.

جريدة القاهرة في 28 مارس 2006

 

نديم جرجوره: <<الواجهة المثقوبة>>

ليست السينما وحدها في الواجهة 

كتاب الزميل نديم جرجوره طريف في فكرته، إذ أنها من المرات النادرة التي يصدر فيها كتاب لا يتناول الابداع وحده بل يتناول صناعته وإنتاجه وتقديمه. المهرجانات العربية <<ثقافية وفنية>> سؤال كبير لا يتعلق بالابداع وحده وإنما بالقدر نفسه بالسلطة والمجتمع، والأرجح ان جانبا كبيرا مما يقوله الزميل عن المهرجانات السينمائية ينطبق بالقدر نفسه على المهرجانات الأدبية والفكرية الكثيرة، البهرجة الاعلامية كما يسميها الزميل هي ذاتها هنا وهناك. وهي ذاتها التي تحول المهرجانات الى ظاهرة <<اجتماعية>> تبتعد عن فنيتها. فتجيز كما يقول الزميل <<الانتقاء السيئ>> وتسهل فوز عمل رديء. المهرجانات كلها تخضع للتوزيع الجغرافي الذي لا غبار عليه من حيث المبدأ كما يقرر الزميل لكن تحكيمه في العمل وتحويله الى معيار في محاكمة الابداعات ذو نتائج كارثية. ثم هناك الاستمرارية التي تتحول الى <<تقليد>> وإلى <<فولكلور>> بدلا من ان تتحول الى تطور ومراجعة وتوسع. اما الجمهور وهو البعد الثالث للمهرجان فهو أيضا قد يتحول الى عنصر سلبي. ان تفضيلاته تؤثر كما تؤثر لا مبالاته وعدم امتلاكه لتقاليد تلقٍ راسخة. هكذا نجد ان كتاب جرجورة رحلة في المهرجانات السينمائية، عروضها ونشاطاتها المصاحبة والكتب التي تصدر عنها وجمهورها وتحكيمها وجوائزها. في كل ذلك للزميل نظر نقدي متواصل يخشى منه على قرائه من ان يسوقهم الى التشاؤم. فيطمئنهم الى ان ثمة مهرجانات واعية لغرضها، معنية اولا بالسينما والفن، مصنوعة بخطة دقيقة وإذا كانت أمثلة الزميل على هذا النوع من المهرجانات ليست كثيرة <<مسابقة الافلام الاماراتية و<<نما في بيروت>> و<<جنوب جنوب>> الا ان للزميل ملاحظاته ايضا على هذه المهرجانات الناجحة. قصة المهرجانات العربية طويلة ومبادرة الزميل جرجوره الى الكتابة عنها في محلها. هذه المهرجانات تترجم علاقات السلطة وعلاقات المثقفين والمبدعين بالسلطة. كما تترجم علاقات المثقفين والمبدعين ببعضهم البعض. أي إن المهرجانات مرآة مكبرة لهذا التقاطع الواسع بين السلطة والثقافة. عنوان كتاب الزميل <<الواجهة المثقوبة>> معبر وبوسعنا ان نضع بموازاته <<المرآة المحطمة>> فصورة الثقافة العربية في مهرجاناتها متشظية وقاتمة، نقد المهرجانات من لوازم نقد المشهد الثقافي وربما من أولياته. ففي المهرجانات يرتسم المشهد الفني والثقافي بكل علاقاته. إذا كانت السلطات العربية تجعل من المهرجانات اهراماتها المعاصرة فإن هذه المهرجانات تعكس اسوأ ما في هذه الثقافة: فولكلوريتها وضحالتها وجمودها وخضوعها الدائم لاعتبارات غير ثقافية وغير فنية، لنقل ان المهرجانات في جانب منها فضيحة هذه الثقافة.

السفير اللنانية في 28 مارس 2006

 

ســــبيلبرج‏..‏ والرقص علي الحبال‏!‏

كتبت‏:‏ ماجدة حليم 

منذ أن أعلن المخرج ستيفن سبيلبرج عن انتهاء تصوير فيلم ميونيخ الذي تم في سرية تامة‏,‏ والجدل حول الفيلم لم يتوقف‏..‏ الفيلم يروي ما حدث بعد دورة ميونيخ الأوليمبية التي قام فيها مجموعة من الفلسطينيين الألوية السوداء باغتيال مجموعة من اللاعبين الإسرائيليين‏.‏

الفيلم يعرض الرد الإسرائيلي علي هذا الحدث‏,‏ عندما قررت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت اغتيال كل من قاموا بهذا الحادث‏..‏ لهذا جندت ضابطا من الموساد ووضعت تحت يده كل الامكانيات‏,‏ ولكن بشرط صغير‏,‏ أن يستقيل من الموساد ويتخلي عن هويته الإسرائيلية‏,‏ حتي لا ترتبط عمليات قتل الفلسطينيين بإسرائيل‏,‏ وتنتقل الكاميرا من ايطاليا‏,‏ لفرنسا‏,‏ لبيروت‏,‏ لليونان حتي يستطيع أن يغتال أغلب المشتركين في هذا الحادث‏.‏

الفيلم يدين جولدا مائير التي توارت وراء موت شقيقتها لكيلا تحضر جنازة اللاعبين‏..‏ وأيضا لم تحاول التفاوض مع الفلسطينيين‏.‏

وهناك الدعاية الإسرائيلية التي يقوم بها البطل عندما يشترك في حوار مع أحد الفلسطينيين قائلا‏:‏ لماذا ترهقون أنفسكم من أجل شجرة زيتون أو قطعة أرض‏,‏ أنها معركة بلا جدوي‏..‏ فيرد الفلسطيني أن الوطن هو الحياة‏.‏

أيضا يركز المخرج سبيلبرج علي أن بطله لا يقتل الأطفال‏,‏ انما ينفذ مهمته في المطلوبين فقط‏..‏ وهو يدعونا للتعاطف معه كرجل يحب زوجته‏,‏ ويتلهف ويبكي عند سماع صوت ابنته الصغيرة في التليفون‏.‏

لكن الشك من أن يكون الوسيط الذي يرشده لأماكن الفلسطينيين يعمل مع الفلسطينيين أيضا لتصفية هذه المجموعة‏,‏ والوسيط هنا يرمز الي المافيا‏.‏

وعندما تنفلت الأمور من البطل ويموت اخرون بدون سبب‏..‏ وأيضا عندما يشترك جيش إسرائيل في عملية لبنان‏..‏ ثم يقوم بقتل جاسوسة في هولندا‏,‏ يطلب منه ان يتقاعد ويترك المهمة خاصة لأنه فشل في قتل قائد المجموعة الذي احتمي بالمخابرات الأمريكية‏.‏

لكن شهوة القتل تتملك البطل‏,‏ فلم يعد يستطيع التوقف أو التراجع‏..‏ وهكذا يتم اغتيال رجاله واحدا وراء الآخر‏..‏ كما تتم مطاردته مع أسرته التي تعيش في أمريكا‏..‏ ويعيش حياة يملؤها التوتر والخوف من القتل حتي يموت في النهاية‏.‏

لكن تترات الفيلم تقول إنهم تمكنوا من قتل الفلسطينيين الخمسة الآخرين ومن بينهم قائد مجموعة عملية ميونيخ‏.‏

المخرج سبيلبرج بهذا الفيلم يبدو كمن يرقص علي الحبال‏..‏ انه يعرض القضية لكنه في سياق الفيلم يقدم دعاية لإسرائيل‏..‏ وبرغم فشله في الفوز بالاوسكار‏,‏ إلا أن توقيت عرض الفليم واقتراب مونديال كأس العالم المقبل في المانيا يدعونا للتفكير والتساؤل‏:‏ لماذا تذكر سبيلبرج هذه القضية الآن‏,‏ ولأي سبب؟‏!‏ وبجانب الاخراج فإن الموسيقي المصاحبة تكاد تثير الشجن‏..‏ مع المونتاج السريع الذي يوجد جو الاثارة للأحداث‏.‏

الأهرام اليومي في 29 مارس 2006

 

سينماتك

 

أحمد الحضري شيخ مؤرخي السينما المصرية يكتب:

نحن مقبلون علي الاحتفال بمئوية السينما المصرية فهل أنتم مستعدون لهذه المناسبة الكبيرة؟

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك