بين ثقل الماضي والرغبة في استمرار الحياة يتخبط بطلا جوانا وخليل جريج في فيلمهما الأخير «يوم آخر».

بين جيلين تدور الكاميرا خلال 24 ساعة من عمر عائلة، هي في طريقها اليوم، في هذا اليوم الآخر، لاتخاذ قرارها الكبير. قرار من شأنه أن يحذف اسم الزوج الأب من عالم الأحياء وينقله الى عالم الأموات.

15 سنة مرّت على اختطافه والنبأ السعيد بعودة الغائب لم يصل أبداً... ومع هذا على الحياة ان تستمر.

«يوم آخر» ربما يكون بداية النهاية. نهاية الأمل والتسليم بالأمر الواقع مع «شخطة» قلم صغيرة. لكنه من دون شك يوم شاق حافل بالألم والتردد.

كل دقيقة من الـ 24 ساعة التي يصوّرها الفيلم، يعيشها المشاهد مع بطليه كلوديا (جوليا قصار) ومالك (زياد سعد)، بعبئها وضغطها. كل دقيقة تختزن غضب السنوات الماضية من دون جدوى.

تعابير وجه بطلتنا. صمتها. حزنها. قسوتها. ترددها. خوفها... لا تبتعد كثيراً عن تلك الوجوه التي تنقلها إلينا الشاشة الصغيرة يومياً من خيمة المخطوفين وسط بيروت. وجوه النسوة المعلقات بخيط أمل يعيد المفقود.

سبعة عشر ألف مخطوف لا يعرف ذووهم إن كانوا بين الاحياء أو الأموات. عشرة منهم كرّمهم الجيش اللبناني الأسبوع الماضي بعد تحديد مصيرهم، واكتشاف رفاتهم في مقبرة جماعية.

هذا في نشرات الأخبار أما في الفيلم فبطلتنا لا تعرف مصير زوجها. استحقاق النهار - توقيع وثيقة الوفاة - يرهقها.

ابنها يبدو أقل تردداً منها. يريد أن ينتهي من الماضي الذي يكبله. يريد أن يفتح صفحة جديدة. يريد أن يحيا... لكن كل شيء من حوله يتدهور. علاقته بصديقته تتدهور. صحته تتدهور. نوبات النوم الفجائية التي تصيبه تتفاقم في كل مكان... في الملاهي، عند إشارات المرور، على الكورنيش...

بطلان سلبيان، كل على طريقته، يقتربان ثم يبتعدان... ما يضع جيل الآباء في مواجهة مع جيل الأبناء... مواجهة أرادها مخرجا الفيلم، صامتة بين جيل عاش الحرب، أو صنعها (ربما)، وجيل يحمل ترسباتها.

هستيريا

طبعاً ليس سهلاً ولوج موضوع بهذه الحساسية. ومع هذا لم يكن صعباً على الزوجين الثنائي جوانا حاجي توما وخليل جريج أن يقتحما عالم المخطوفين. هما اللذان ناداهما الى الموضوع واقع عايشاه منذ أواسط الثمانينات بعيد خطف خال المخرج في الحرب. يقول خليل: «اختطافه كان بمثابة الحافز الرئيس لأصنع فيلماً عن المخطوفين. إذ عشت تلك اللحظات المرة التي يتكبدها أهل المخطوف. والى اليوم لا يزال السؤال عن مصير الـ 17000 مخطوف يؤرقني. أين هم؟ هل هم احياء ام اموات؟ إن كانوا أحياء لماذا لا يعيدونهم سالمين؟ وإن قتلوا، أين رفاتهم؟»

فيلم جوانا وخليل جريج فيلم شخصي يحاول ان ينقل صورة من الواقع. لكنه ليس فيلماً وثائقياً بل عمل درامي.

«لم نكن نريد ولوج الموضوع بشكل وثائقي»، تقول جوانا وتتابع: «أردنا أن نقدم هذه القضية بطريقة سينمائية فنية. أردنا أن نقدم فيلماً من الواقع، ونصور الجيل الذي ننتمي إليه. حب السهر، بيروت في الليل، الخمول... باختصار: الحاضر الذي نعيشه بطريقة هيستيرية».

وإذا كان «يوم آخر» فيلماً عن الحاضر، فالحرب لا تغيب عنه. لكنه مع هذا ليس فيلماً عن الحرب، وإن كانت الحرب تشكل خلفية أحداثه: الأب المخطوف، الخوف من توقف الحياة فجأة، وبالتالي استغلال كل دقيقة تمرّ. تقول جوانا: «طبعاً الحرب موجودة في فيلم يصور الحاضر في لبنان، طالما اننا لم نستطع حتى اليـوم الخــروج منها. لكن الفيلم ليس عن الحرب، بقدر ما يصور آثارها. فأنا مثلاً في كل مرة أعود فيها الى بيروت يتغير نمط حياتي بالكامل، وأصبح في حاجة الى السهر، فلا أفوّت أمسية، على عكس ما أعيش في الخارج. ولعل السبب يعود الى الشعور بضرورة الاستفادة من كل لحظة وعدم ترك الوقت يمرّ هدراً. وهذا الشعور هو طبعاً من مخلفات الحرب».

ثقل الوقت

الإحساس بالوقت لعبة اراد مخرجا العمل أن يشتغلا عليها في فيلمهما، هما اللذان سعيا لتكون وطأة الـ 24 ساعة (زمن الفيلم) واضحة. يقول خليل: «العالم من حولنا مصنوع بطريقة تجعلنا ننسى الوقت. فالأعباء كثيرة والمغريات كثيرة. لكن الوقت ضيق. وفي السينما عندما يذهب المشاهد ليتابع عملاً ما، يكون في ذهنه انه ذاهب لإضاعة الوقت. من هنا أردنا في هذا الفيلم ان ننقل الى المشاهد ضغط الوقت، ونجعله يشعر بثقل كل دقيقة تمر. فنحن لم نمكث 3 سنوات في صناعة هذا العمل كي يمر مرور الكرام».

«يوم آخر» فيلم مشغول على الطريقة الأوروبية غير الفرنسية. حوارات قليلة، تركيز على المادة البصرية، على العلاقة بين الجسد والحداثة. وبالتالي لا وجود لأي شروحات، إنما بكل بساطة يترك للمتفرج متعة المشاهدة. تقول جوانا: «من قال ان هناك قاعدة وحيدة في العمل السينمائي؟ من قال ان عليّ أن اعتبر مشاهدي سلبياً وبالتالي يتـوجب عليّ أن أشـرح له كل شاردة وواردة؟ في عملنا نريد ان نشرك المشاهد معنا. نريد ان نبني معه علاقة مختلفة. والإيقاع المعتمد هو الذي يعزز هذا الأمر».

وإذا كان الفيلم مختلفاً في إيقاعه عن الأفلام العربية التي عهدها الجمهور، فإنه أيضاً مختلف في طريقة إدارة ممثليه. تقول جوانا: «أردنا أن نضفي على العمل عنصر المفاجأة، فلم نعط الممثلين السيناريو. طبعاً ممثلة قديرة كجوليا قصار لم يكن سهلاً إقناعها بهذا الأمر، لكنها في النهاية خاطرت ووثقت بما نفعله، علماً اننا لم يكن لنا معها أي تجارب سابقة».

ويبدو أن ثقة جوليا قصار كانت في محلها، خصوصاً أن العمل جال في المهرجانات العالمية، وحصد الجوائز، وكتبت عنه الصحافة الغربية. حتى ان مجلة «كاييه دي سينما» الفرنسية المتخصصة في شؤون النقد، أفردت له صفحتين من عددها الأخير. في واحد من مقالين ضمهما الملف قالت المجلة: «للوهلة الاولى، وكما في الفيلم الياباني الذي عرض في باريس الشهر الفائت في عنوان «ثنائي متكامل»، ليس في هذا اليوم الذي يدور في بيروت ما هو كامل على الإطلاق. فالشاب مالك (زياد سعد) لا يتمكن هنا من استعادة صديقته السابقة زينة (الكسندرا قهوجي)، حتى وإن كان في مرتين على الأقل قد اعـتقد أنه دنا من ذلك. ذلك ان عليه أولاً ان يجهّز الإقرار الرسمي بموت والده، الذي كان اختفى مثله 17 ألف شخص آخر خلال الحرب اللبنانية، اختفاء لا تفسير له. أما كلوديا (جوليا قصار)، امه التي لا يشعرها أي شيء بالعزاء، وتتسم بحب امتلاك قاس، فإنها لا تتـوقف عن ضخ هاتفه المحمول بمكالماتها المستجوبة. ومالك، المصاب بنوع خاص من الداء العصبي، ليس حتى واثقاً من ان في الإمكان الحديــث عن يوم ما (...). وإذا كان جوانا وخليل جريـج قد عنونا فيلمهما الرابع «يوم آخر» (الترجمة بالفرنسية هي «يوم كامل»)، فما هذا إلا لأن الحاضر لا يقترن هنا بأي زمنية أخرى.

صحيح أن النهار والليل يتعاقبان كعهدهما دائماً، لكنهما ليسا هنا سوى ترابط بين السواد والنور، بين اليقظة والنوم، بين الحضور والغياب. وكل هذا لا يفتح على أي حلم او عودة الى الماضي، طالما ان الوعي عاجز عن إقامة أي علاقة مع الماضي.

سيرة سينمائية ووثائقية

يعتبر فيلم «يوم آخر» ثاني فيلم روائي طويل من توقيع المخرجين الشابين جوانا حاجي توما وخليل جريج، بعد تجربة أولى لهما في العام 1999 في «البيت الزهر».

ولعل السمة المشتركة بين العملين هي التشابك بين الماضي والحاضر. فإذا كانت المواجهة بين جيل الآباء وجيل الأبناء ظاهرة للعلن في الفيلم الأخير، فإن المواجهة بين عقليتين، واحدة محافظة والثانية ثورية من أهم سمات الفيلم الأول.

ولا تقف مسيرة الثنائي السينمائية عند هذين الفيلمين، إنما كانت لهما تجارب اخرى في أعمال وثائقية، منها «الخيام» (52 دقيقة) صور سنة 2000، و «الفيلم الضائع» سنة في 2002. أما في العام 2003 فكانت عودة الثنائي الى الأفلام الروائية من خلال فيلم قصير بعنوان «رماد»، رشح لجائزة «السيزار» عام 2005.

وعدا عن عملهما السينمائي صمم الزوجان جوانا وخليل معاً أعمال تجهيز في مجال التصوير والفيديو منها: «بيروت تخيلات مدينة» و «بيروت العجيبة».

واللافت في مشوار الزوجين السينمائي، هو دخولهما عالم السينما من حيث لا يدريان، فهما درسا معاً الادب في الجامعة. ثم قادهما الحظ وحده الى السينما، كما يقولان. واليوم لا يكتفيان بالعمل السينمائي، فهما استاذان محاضران في جامعة القديس يوسف في بيروت. جوانا مسؤولة عن قسم السيناريو، وخليل يدرّس جماليات الصورة والفيديو التجريبي.

الحياة اللبنانية في 24 مارس 2006

 

مهرجان الجزيرة للإنتاج التلفزيوني.. مسابقات وأنشطة متنوعة

الدوحة - عدنان حسين أحمد 

برعاية الشيخ حمد بن ثامر آل ثانى تنطلق فى الدوحة الإثنين المقبل، 27 مارس/آذار 2006، فاعليات مهرجان الجزيرة الدولى للإنتاج التلفزيونى وتستمر لغاية الثلاثين منه. وقد تضمنت الدورة الثانية للمهرجان برنامجاً حافلاً بالعديد من العروض السينمائية، والندوات، والأنشطة الثقافية. فعلى مدى أربعة أيام سيُعرض فى المهرجان 94 فيلماً تسجيلياً، بضمنها عدد غير قليل من التحقيقات، والتقارير الصحفية، والإعلانات والبرامج الحوارية، والاجتماعية، والسياسية.

وقد توزّعت عروض المهرجان على ثمانية محاور رئيسة لعل أبرزها "محور أفلام المسابقات" والذى ضمَّ 34 فيلماً والتى تمثّل عدداً من القنوات الفضائية العالمية، وشركات الإنتاج التلفزيونى إضافة إلى المنتجين والمخرجين المستقلين ومن بين الأفلام المشاركة فى هذه المسابقات "الكشات" لتلفزيون قطر، و"الحنين إلى الأم: آسيا بعينى طفل" للتلفزيون اليابانى "NHK"، و"لعنة النفط" لشركة عراق فيلم، و"سريلانكا الأيام العصيبة" لقناة الجزيرة الفضائية، و"البصيرة" لكردسات، و"وحدن بيبقوا" لقناة "LBC" اللبنانية، و"ذكريات المدينة الفاضلة" لنجلاء رزق، و"عربيزي" لداليا الكوري، و"أرض النساء" لجان شمعون، و"أنا معك" لماسييه آدميك، و"جميل شفيق" لعبلة البيلي، و"الندّاهة" لزكريا إبراهيم، و"علكة ملعونة" لعمّار سعد.

ويكرّس المهرجان عروضاً خاصة للأفلام التى أنتجتها "قناة الجزيرة" مؤخراً وهى تسعة أفلام من بينها "سيجار وقهوة عربي"، و"اغتيال عرفات ج2"، و"السويس ..الذاكرة المنسية"، و"قطعة حلوي" كما ستُعرض الأفلام الفائزة بالجوائز الذهبية فى مهرجان الجزيرة الأول وهى "طريق لغروب أقل" و"الطنطورة" لقناة المنار، و"يعيشون بيننا" للمخرج المستقل محمود سليمان.

وهناك برامج مخصصة لعرض الأفلام الصينية، والفرنسية، والإيرانية، فضلاً عن خمسة أفلام من أمريكا اللاتينية. وقد حظيت السينما الإيرانية بحصة الأسد إذ سيعرض لها المهرجان 15 فيلماً تسجيلياً أبرزها "طهران: الساعة الخامسة والعشرون" لصمديان، و"وحيداً فى طهران" لبيروز كلانتري، و"طريق الحرير" لناهد رضائي. ومن بين أهم الأفلام الصينية "اقتفاء أثر اللوحة المفقودة" و"هل ضللك الإعلام الغربي؟" و"دوبا يغني". بينما ستقدّم السينما الفرنسية "بول فى بيته" و"قريباً جداً من النجوم" و"غبار المدينة". أما سينما أمريكا اللاتينية فستتحفنا ببضعة أفلام أهمها "طبيعة العالم" و"جسر لاكونو: مفاتيح المجزرة".

أما عروض الأفلام الجانبية أو التى لم تشترك فى المسابقات فهى 14 فيلماً من بينها "الغرفة الرابعة" لناهد عواد، و"بورتريت لدورا دولز" لسونيا هيرمان دولز، و"بيت وشجرة" لسهاد الخطيب، و"الجدار الحديدي" لمحمد العطار، و"الحارس" لسعيد البيطار.

أما فيلم الافتتاح فهو "درس خارج عن المنهاج: اخبرنا عن حياتك" للتلفزيون اليابانى NHK، والذى سيُعرَض بعد كلمة راعى المهرجان الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، ويليها مباشرة تقديم بعض الجوائز التكريمية. وسوف يشترك فى هذا المهرجان عدد كبير من القنوات التلفزيونية، وشركات الإنتاج التلفزيوني، ومخرجون مستقلون سيتنافسون على 27 جائزة ذهبية، وفضية، وبرونزية تحمل شعار الجزيرة، إذ ستُمنح 9 جوائز للأفلام التسجيلية، والتحقيقات الصحفية، والتقارير الصحفية العربية، و9 جوائز أخر للأفلام والتحقيقات والتقارير الصحفية غير العربية، بينما ستُفرَد 3 جوائز للتنويهات، وهى مسابقة موحدة لجميع الأعمال المشاركة فى المهرجان. أما جوائز "أفق جديد" فسوف تمنح لأفضل الأفلام التجريبية الفائزة التى يقدمها الشباب فى جامعاتهم ومعاهدهم أو فى مشاريع تخرجهم، وعددها 6 جوائز تمنح 3 منها للأفلام التسجيلية العربية، و3 للأفلام التسجيلية غير العربية. ويجب ألا تزيد مدة الفيلم التسجيلى والتحقيق الصحفى عن 60 دقيقة، أما التقرير الإخبارى فمدته 7 دقائق، فى حين أن التنويه Promotion الذى يروِّج لفكرة أو لقناة تلفزيونية أو لبرنامج معين فتقتصر مدته على دقيقتين فقط. وبالتوازى مع أيام المهرجان الأربع سوف يقام معرض تشارك به عدد من المحطات التلفزيونية، وشركات تجارية عاملة فى الحقل الإعلامي، ومنتجون مستقلون، ودور نشر وتوزيع. أما حفل الاختتام فسوف يكون مساء الخميس 30 مارس بقاعة الدفنة، فى شيراتون الدوحة حيث يتم تكريم لجان التحكيم أولاً، ثم يعقبه حفل توزيع جوائز المسابقات. وجدير ذكره أن العروض والأنشطة الثقافية ستكون فى قاعات "سلوي1"، و سلوي3" وقاعة المجلس فى شيراتون الدوحة.

موقع "العرب أنلاين" في 25 مارس 2006

إمبراطورية لميير.. وأول فيلم في العالم

فريدة العاطفي 

وصلت عائلة لميير إلي مدينة ليون سنة 1870، وبعد استقرارها بسنوات سيبني أنطوان لميير وهو مصور ورسا م فرنسي مميز قصرا يعكس ذوقه الباهر في الديكور والرسم والهندسة والتصميم والصورة وتذوق الألوان والأثواب.

يقع القصر في مدينة ليون الفرنسية الحاضنة لجبال الألب والواقعة علي الحدود السويسرية الايطالية في حي سيسمي فيما بعد حي أول فيلم، وفي شارع عريض وشاسع سيسمي شارع الأخوين لميير. أما الأخوان لميير فليسا لويس وأوغست لميير ابنا أنطوان لميير، اللذان بعد بنائهما لأجنحة ملحقة بقصر والدهما سيحولان ذلك القصر إلي إمبراطورية للسينما، فيها سيصور أول فيلم في العالم، واليها سيتم إحضار أولي الات التصوير والكاميرا.

في سنة 1982 سيتحول قصر أنطوان لميير الي معهد يعتبر من الآثار الجميلة في مدينة ليون والشاهدة علي البدايات الأولي لانطلاق السينما، وهو يتكون من صالة عرض ومكتبة سينمائية ومتحف بالإضافة إلي القصر ذاته الذي ما زال يحافظ علي بهائه وجماله، وقد هدم منه للأسف الجناح الذي كان يعيش فيه الأخوان لمثير لمشروع لم يتم انجازه.

متحف لميير يرحب بالزوار

لاتنس انك تدخل عالم السينما في بداياته الأولي وأنت تدخل متحف لميير إذ يمكنك إن تشاهد 85 فيلما كل فيلم يتكون من 52 ثانية عرضت علي شاشات متفاوتة الأحجام خلف الزجاج بشكل يجعل الزائر محاطا بالأفلام من كل ناحية.

في البدء كانت دهشة الصورة

في البدء كان الاندهاش بالصورة والكاميرا فصور الأخوان لميير بالكاميرا الكثير من لقطات الحياة اليومية في تلك المرحلة التاريخية مثل حركة الناس في شارع الشانزلزيه، وبانوراما برج إيفل في باريس، وصول قطار إلي محطة بيراش بليون،
إلي تصوير عمال يعبدون الطرقات، وأفراد من الطبقة البورجوازية يلعبون الورق، فمجيء رجال الاطفاء لاخماد حريق.. الخ

ثم كان الانطلاق نحو العالم

بعد سنة 1895 وبعد نجاحهما في فرنسا، سينطلق الأخوان لميير بالكاميرا نحو العالم لاكتشافه وهكذا في أخر القاعة يجد الزائر ثماني شاشات صغيرة متراصة الواحدة فوق الأخري أربعة إلي جانب أربعة، ومن خلال الأفلام المقدمة في هذه الشاشات تستطيع أن تشاهد عن قرب كيف تحركت كاميرا لميير في اليابان ومصر والسويد وروسيا والجزائر وتونس والمكسيك وايطاليا وامريكا وانكلترا وايرلندا وتركيا..

في كل هذه الأفلام وغيرها كانت كاميرا الأخوين لميير تحتفي بالحياة في حركيتها، فصورت وصول القطارات والسفن، وحركة المراكب، وصخب الناس في الجسور والشوارع والساحات العمومية، صورت أيضا المواكب الرسمية مثل موكب القيصر الروسي متجها إلي الكنيسة، موكب الباي في تونس واستعراض قدماء المحاربين الجرمان، ولم تنس تلك الكاميرا التوقف عند خصوصيات البلدان فتوقفت أكثر من مرة عند الأسواق العربية في الجزائر وتونس، عند الأهرامات في مصر، في مصر أيضا صورت جنازة المثير فيها كان مشاركة النساء، كما توقفت عند فن المبارزة في اليابان ووجبات الطعام عند الهنود في المكسيك، أداء الصلاة في الجزائر والحفلات في ايطاليا.

في كل هذه الأفلام كانت الكاميرا تتحرك بسرعة في اندفاعها نحو الناس لكنها تبدو أكثر بطئا وهي ترصد با نوراما المظاهر الطبيعية.

إعلانات الأفلام الأولي

بالإضافة إلي الأفلام توجد ملصقات جدارية هي نماذج لأولي الإعلانات السينمائية، حيث كان الإعلان عن فيلم يعتبر فنا بحد ذاته تتنافس فيه أسماء كما تتنافس في التصوير والرسم وبرز بشكل قوي انطلاقا من سنة 1886 بريسبو واوزول.

أولي الكاميرات وآلات التصوير

في وسط قاعة العرض وفي واجهة خشبية يغطيها أحيانا الزجاج يتحول الأمر إلي متعة حقيقية ونحن نتأمل أولي الكاميرات وآلات التصوير التي تم استعمالها في الأفلام السينمائية الأولي، وأكثرها لفتا للانتباه آلة كاميرا يخيل إليك وأنت تراها
أنها آلة خياطة يدوية تقليدية، لكنها في الواقع آلة تصوير استوحاها لميير من آلة الخياطة التقليدية، أما الأفلام فكانت توضع في علب ذهبــية صغيرة ومستديرة يقدم المتحــــــف نماذج منها كما يقدم نماذج لآلات ســـــاهم في تطويرها سينمائيون آخرون معاصرون للأخوين لميير مثل باطي الذي تحمل اسمه أضخم دور السينما في فرنسا، فمونكي وماني.

في بعض الأدراج الخشبية، يعرض المتحف نماذج من الصور التي التقطها الأخوان لميير حيث كانا بالإضافة إلي موهبتهما في السينما احدي العلامات البارزة في فن التصوير خصوصا لويس لميير، لان أوغست كان أكثر شغفا بالطب. وفي الاستقبالات تستطـــيع تصفح وشراء مجموعة من هـذه الصور علي شكل كارت بوسطال التقطها لويس لميير وفيها نماذج من صور التقطت لمدينة مراكش المغربية مابين 1902 و1934.

ما تبقي من القصر

لايمكن للزائر أن يزور متحف لميير دون الصعود إلي الطابق العلوي مكان سكن الأب أنطوان لميير الذي كان قد صممه المهندسان الشهيران في تلك المرحلة وهما الكيس وبوشي، بينما رسوم جداران السلالم وجداران غرفة النوم فكانت من رسم الفنان اوجين يونو 1834 ـ 1907 وهو فنان كان مختصا فيما يعرف بصباغة الزهور علي الجدار.بينما ما زالت غرفة نوم أنطوان لميير محافظة علي نضارتها وحميميتها بستائرها الزيتية القاتمة وصالونها الأخضر وتحفها المتوزعة بشكل مدروس داخل الغرفة وخارجها.

في باقي الغرف يستمر عرض نماذج أخري من الأفلام والصور، أما الطابق الثالث فقد كان مخصصا للخدم.

وأنت تنزل من الطابق العلوي تصادفك لوحة زيتية عملاقة في حجمها وفي عملها وتعكس عظمة أنطوان لميير الذي تحتفظ فرنسا بلوحاته وتعرضها في المتاحف إلي جانب الأسماء القوية والعلامات البارزة في الرسم الفرنسي.

توفي أنطوان لميير عن عمر يناهز 71عاما في مدينة باريس سنة 1911 بينما توفي لويس لميير سنة 1948 وأوغست لميير 1954. وقد خلفوا وراءهم إمبراطورية تتصدر عرشها السينما ولكن يصاحبها الرسم والتصوير إضافة إلي جمال الذوق الهندسي والتصميم مع إطلالة ممتعة علي التاريخ والعادات والتقاليد وطرق اللباس ودرجة الرقي الحضاري لفرنسا ولعديد من البلدان التي اخترقتها بفضول باهر كاميرا الأخوين لميير في نهاية القرن التاسع عشر والمنتصف الأول للقرن العشرين.

شاعرة من المغرب تقيم بفرنسا

afrodite8_8@yahoo.fr

القدس العربي في 25 مارس 2006

 

سينماتك

 

حرب ما بعد الحرب من خلال فيلم جوانا حاجي توما وخليل جريج الذي يجوب المهرجانات منذ شهور...

«يوم آخر» شريط ماضٍ لبناني لا يمضي وأسئلة حائرة عن آلاف المخطوفين

بيروت - فيكي حبيب

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك