تشهد العاصمة البريطانية حالياً تقديم مسرحية «ميسيسيبي بلوز» للأميركي الراحل آرثر ميللر ومن إخراج السينمائي الهوليوودي روبرت ألتمان الذي يخوض أول تجربة له كمخرج مسرحي خارج الولايات المتحدة. ويروي هذا العمل الذي هو آخر ما كتبه ميللر قبل وفاته، حكاية مأسوية تجري أحداثها في جمهورية ديكتاتورية وهمية في أميركا الجنوبية واختار ألتمان منح الأدوار الرئيسية في المسرحية لأميركيين هم ماثيو مودين الممثل الذي تولى بطولة فيلم «شورت كاتس» (طرق مختصرة) لألتمان أيضاً، وجين أدامز بطلة فيلم «هابينيس» (سعادة) للمخرج تود سولونز وأخيراً النجمة الجميلة ذات الشهرة العالمية نيف كامبل.

لمعت نيف (وليس نيفي) كامبل الكندية الجذور، وهي بعد مراهقة، في عدد من الأعمال المسرحية الكندية والأميركية وأيضاً في مسلسلات تلفزيونية شعبية. وعلى عكس ما يحدث للكثيرين من المراهقين في الفن الاستعراضي الذين ينتهي بهم المطاف فور تجاوزهم مرحلة المراهقة وتغير ملامحهم بعض الشيء، نجحت كامبل في تحقيق استمرارية فنية جلبت لها تقدير النقاد وحب الجمهور، الى درجة انها تعتبر حالياً من أفضل نجمات هوليوود على صعيد الموهبة وأذكاهن لأنها تتكلم ثلاث لغات بطلاقة وتمارس التمثيل والإنتاج والفن الاستعراضي من رقص وغناء بمهارة فائقة إضافة الى كونها مثقفة حصلت على شهادة جامعية في الفلسفة، وفوق كل هذا لم تتجاوز الثلاثين من عمرها.

إلا ان الفيلم الذي أطلق شهرة كامبل على المستوى العالمي عنوانه سكريم» (صرخة) وعمره الآن أكثر من عشر سنوات، ما يعني أنها مثلت فيه وهي لم تبلغ سن العشرين، وهي من أجله غيرت ملامحها وتحولت شابة تشبه بطلات أفلام الفريد هيتشكوك، أي رقيقة ناعمة لكن باردة وقوية جداً في الوقت نفسه، مثلما كانت عليه غريس كيلي عندما أدت الدور النسائي الأول في «النافذة الخلفية» أحد أهم أفلام هيتشكوك على الإطلاق. وأثر نجاح «سكريم» قررت الشركة المنتجة له تنفيذ تكملة له وثم حلقة ثالثة أيضاً من بطولة نيف التي حصلت على جائزة «إم تي في موفي أورد» كأحسن ممثلة عن أدائها في الجزء الثاني. ولا تعتبر هذه الجائزة الوحيدة في مشوار النجمة الشابة التي تكرست أفضل ممثلة تلفزيونية واعدة عن دورها في الحلقات التلفزيونية الأميركية «»فايف» الفائزة بعدة جوائز «غولدن غلوب» بفضل نوعيتها المتفوقة.

وبين أهم أفلام كامبل غير سلسلة شرائط «سكريم» هناك «ذي كومباني» (الفرقة) وهو يحكي كفاح امرأة شابة من أجل تحقيق طموحها كراقصة باليه كلاسيكية في فرقة كبيرة ومعروفة، وسمح الفيلم الذي أخرجه روبرت ألتمان باكتشاف قدرات كامبل الاستعراضية كراقصة باليه. إلا ان العمل الاستعراضي الأشهر لكامبي هو «شبح الأوبرا»، إحدى أنجح المسرحيات الغنائية الراقصة على مدى السنوات العشرين الأخيرة.

في غرفتها في مسرح «أولد فيك» اللندني العريق استقبلت نيف كامبل «الحياة» من أجل هذا الحوار.

·         لماذا تعملين في لندن في زمن يشهد بحث الممثلات الأوروبيات بشكل عام على أدوار في نيويورك؟

- لأن المرء لا يرضى أبداً بما يأتي إليه في هذه الدنيا ويعتبر أن كل ما يحدث لغيره أفضل مما يحدث له شخصياً، لذلك يقال «أن الحشيش أكثر اخضراراً في الحديقة المجاورة». أنا أحلم منذ أن بدأت ممارسة مهنتي الفنية بالعمل فوق المسرح في لندن، وأعرف إنني لست الوحيدة في هذه الحال، ألم تقدم نيكول كيدمان قبل ست سنوات مسرحية «ذي بلو روم» (الغرفة الزرقاء) في لندن أولاً ثم في نيويورك؟ أن لندن هي عاصمة النشاط المسرحي في العالم كله وتتميز بطرح أعمال ذات نوعية متفوقة فريدة من نوعها من الكتابة والإخراج والتمثيل ولا بد لهذه الصفات أن تغري الفنان الأجنبي وتحثه على التفتيش عن فرصة للمشاركة في مسرحية لندنية. أما عن «ميسيسيبي بلوز» فهي من تأليف آرثر ميللر. صحيح أن المخرج روبرت ألتمان أميركي بدوره إلا أنه أراد أن يجرب حظه في إنكلترا ونجح في إقناع إدارة مسرح «أولد فيك» بفسح المجال أمامه ليحقق أمنيته. ويا ليتك رأيت ألتمان في سهرة افتتاح المسرحية فهو كان مثل الصبي في يوم إعلان نتائج امتحان نهاية العام الدراسي علماً أنه من أكبر المخرجين الأميركيين في العالم وعمره حوالى 80 سنة. وعن نفسي فقد مارست بعض الضغوط الودية عليه للحصول على دور في المسرحية ولعبت ورقة الصداقة التي تجمع بيننا منذ أن عملنا معاً في السينما خصوصاً أنني أنتجت فيلمه «ذي كومباني» (الفرقة) فكيف يرفض لي طلبي بعد ذلك (تضحك)؟

·         وما الفرق بين العمل في لندن وفي أميركا إذاً؟

- الجمهور ولا شيء سواه، فالمتفرج هنا في لندن يعير المسرح أهمية غير موجودة في نيويورك ولا في أي مدينة في العالم. أنها مسألة احترام تتعلق بالثقافة المحلية وبالتقاليد، فالبريطاني عموماً معتاد على التردد إلى المسرح مثلما يذهب الأميركي إلى مطعم الهامبورغر، وأقصد بكثرة وبشراهة، لكنه لا يتصرف في المسرح مثلما يتصرف الأميركي في المطعم طبعاً.

·     لنتكلم عن السينما فما الذي جذبك في سيناريو فيلم «ذي كومباني» الاستعراضي المختلف جداً عما اعتدت تقديمه حتى توافقين على المشاركة فيه؟

- جمال القصة وكونها حدثت بالفعل في الحقيقة، ثم قوة شخصية البطلة وإصرارها على تحقيق أهدافها وإنقاذ حياتها العاطفية من دون أن تقضي على مسيرتها المهنية الفنية الصعبة في إطار فرقة باليه معروفة مهما تطلب الأمر من تضحيات. فأنا أميل إلى أداء الشخصيات الذكية والقوية، خصوصاً إذا كانت مثلما كان الحال هنا ممزوجة بشيء من الرومانسية. لقد فرحت جداً بالعمل إلى جوار النجم مالكوم ماكدويل الذي مثل شخصية مؤسس الفرقة ونحن اتفقنا إلى درجة جعلتنا نعد بعضنا البعض بتكرار هذا في أول فرصة ممكنة.

الدفء الإنساني

·         هل أنت امرأة قوية تعرفين كيف تحققين أهدافك في الحياة اليومية مثلما تفعله بطلة فيلم «ذي كومباني» التي تؤدين دورها؟

- هذه الصورة تلازمني لأنني بدأت العمل الفني وأنا بعد مراهقة ولأنني أتكلم لغات عدة وأتممت تعليمي الجامعي بتفوق وأمارس الإنتاج إلى جوار عملي كممثلة، علماً أنها مهنة رجالية عموماً. ولا بد من أن يكون في هذه الحكاية بعض الصحة فأنا ذكية ورصينة ومتزنة أعرف ماذا أريد وأسعى لتحقيقه. وغير ذلك أعتقد بأني أجمع بمهارة بين حسن إدارتي أمور حياتي المهنية والدفء الإنساني في حياتي الخاصة مع محيطي العائلي مثلاً.

·         أنت تمارسين الإنتاج فهل تفضلينه نوعاً ما عن التمثيل؟

- أنا في حاجة إليه لأنه يناسب شخصيتي وعزيمتي في الحياة. ولأفسر كلامي دعني أقول لك أني أعشق تحمل المسؤوليات الكبيرة ولا أعتبر التمثيل بمثابة عبء ضخم في النهاية لأن المخرج هو الذي يراقب بمساعدة المنتج كل التفاصيل ويحمل الفيلم من الألف إلى الياء فوق كتفيه وليس على الممثل بالتالي أكثر من إتقان دوره لقطة بعد لقطة وهذا أمر سهل في نظري إذا كان الشخص يتمتع ولو بحد معقول فقط من الموهبة.

أنا أحقق ذاتي في الإنتاج وأحب إدارة تفاصيل العمل من الناحية المالية وتخطيط الموازنة ومباشرة التركيب في النهاية ثم انتظار حكم الجمهور على العمل يوم نزول الفيلم إلى صالات السينما. إنها عملية مثيرة لا أتخيل نفسي أعيش من دونها الآن. غير إني من ناحية ثانية أحتاج إلى التمثيل وإلى النزوات التي تسمحها لي ممارسته بفضل شخصيتي كنجمة معروفة.

·     حدثينا عن تجربتك الخاصة بتقمص شخصية تشبه ما كانت تفعله غريس كيلي فوق الشاشة في أفلام هيتشكوك، وأقصد من خلال بطولتك لفيلم «سكريم» بأجزائه الثلاثة؟

- ربما أعتبر هذا الدور من أصعب ما أديته أمام الكاميرات، أولاً لأن غريس كيلي لا تزال أسطورة حية في الأذهان والجمهور يستمر في مشاهدتها من خلال إعادة عرض أفلام هيتشكوك في السينما أو في التلفزيون أو على شكل شرائط فيديو وأسطوانات DVD. لقد شعرت بأن هناك مسؤولية ضخمة على عاتقي عندما تلقيت التعليمات بتمثيل الدور مثلما كانت تمثل هي أدوار الخوف والإثارة في «النافذة الخلفية» وفي «أضغط على حرف الميم للجريمة». لقد بقيت طوال فترة تصوير الأجزاء الثلاثة سجينة شخصية غريس كيلي وأعترف الآن بأني بصرف النظر عن اعتزازي بحصولي على هذا الدور، عانيت منه ولا أحتفظ بذكريات طيبة عن فترة العمل فيه علماً أنه من جانب آخر غير حياتي وجعلني نجمة.

·         هل كنت تتمنين العمل تحت إدارة الفريد هيتشكوك لو كان لا يزال حياً؟

- لا أعتقد بأن عقليته تناسب العصر الحالي، فهو تميز بنظرة إلى النساء يصعب تقبلها اليوم ولا علاقة للأمر طبعاً بموهبته ولا بعبقريته السينمائية الفذة. كنت فعلاً تمنيت العمل معه لكن شرط أن يعيرني الاحترام الضروري وألا يتصرف معي مثلما فعل مع الممثلة تيبي هيدرن بطلة فيلميه «الطيور» و «مارني» والتي أصيبت بانهيار عصبي حاد أثر تحملها مزاجه المستحيل فوق بلاتوه التصوير.

·         هل تنوين الاستمرار في ممارسة اللون الاستعراضي في السينما؟

- لا أعرف في الحقيقة، فأنا شعرت قبل كل شيء برغبة ماسة في كسر الصورة التي لازمتني منذ أن مثلت الخوف في الأجزاء الثلاثة من «سكريم»، خصوصاً انني أتلقى بشكل دوري سيناريوهات كثيرة مبنية حول حكايات تشبه هذا العمل وأنا لا أطيق التكرار والدخول إلى سجن الدور الواحد الذي تعرفه أكثر من ممثلة، وقد تحولت إلى منتجة كي أفرض نفسي في أعمال تعطي الجمهور وأهل المهنة صورة جديدة عني مهما كان اللون الذي أظهر فيه، من استعراضي أو كوميدي أو عاطفي، فالمهم بالنسبة إلي هو تفادي التخصص في نوع واحد وحسب.

الحياة اللبنانية في 24 مارس 2006

 

مدير دائرة السينما في العراق:

كل النشاطات الابداعية متوقفة

بغداد - جودت كاظم

على رغم ان دائرة السينما والمسرح في العراق تهتم بشؤون المسرح والسينما، الا ان المراقب لعملها ونشاطاتها يدرك ان عملها يكاد يتركز على الجانب المسرحي اكثر مما على السينما وشؤون الواقع السينمائي، ما قاد هذا الواقع الى انحسار واضح في الوقت الحاضر، حين تضع هذه الحقيقة امام المسؤولين في هذا القطاع الفني، تجدهم يقدمون لك من الاسباب والعوامل ما يجدون فيه «عذراً» عن «التقصير» الحاصل في هذا الجانب الحيوي والمهم من الحياة الفنية.

«الحياة» التقت المدير العام لدائرة السينما والمسرح، رياض عبدالحافظ المرسومي، بغية تسليط الضوء في شكل اوضح على هذه المشكلات والعقبات التي تعيق المسيرة السينمائية، والتي جعلت من «المشهد السينمائي العراقي» مشهداً غير واضح المعالم، او محدد السمات... وخلال اجاباته فضل المرسومي العودة باسباب الازمة الى البدايات.. ملاحظاً انه «على رغم البدايات البعيدة للسينما العراقية، وبما هي قريبة فيه تاريخياً من بداية السينما المصرية» فان المشكلة بالنسبة الى السينما العراقية – كما يراها – هي في «انها اعتمدت مبدأ المبادرات الشخصية اكثر مما ارتكزت الى انتاج مستمر، فضلاً عن عدم وجود اهتمام او احتضان من الجهات الرسمية».

·     ولكن كانت ثمة ومضات سينمائية ولمسات جزئية لا سيما في تجارب عدد من الفنانين، والمخرجين خصوصاً، في تحقق من أفلام روائية، واخرى تسجيلية يمكن القول عنها انها عكست التوجه الحقيقي والرفيع للسينما العراقية؟

- هذا كان موجوداً... الا انه لم يمثل حالاً من الاستمرارية يمكن ان تشكل تراكماً.

·         ولماذا توقفت السينما العراقية اليوم؟

- ليست السينما وحدها التي توقفت اليوم، وانما كل انشطة الابداع. وكذلك الامر في سائر مفردات الحياة، نظراً الى عدم توافر الاستقرار والشروط التي يتطلبها الابداع، كل ابداع، على رغم ان الخطاب السينمائي اكثر قدرة على الاقتراب من الواقع ومن المنعطفات الكبرى التي تنقل الحياة من واقع الى آخر بتلك الحدة وذلك العنف. قبل فترة حين استقرت الظروف بعض الشيء حاول بعض السينمائيين اعادة النشاط مستثمرين اجواء الحرية المتاحة حالياً، الا ان العقبات الانتاجية حالت دون ذلك، فلم تظهر اعمال جديدة، سوى شريط واحد هو «غير صالح» الذي اخرجه عدي رشيد، وقد انجز بتمويل هزيل.

تعددت الاسباب

·         دعنا، اذا شئت، نتوقف عند ابرز مشكلات صناعة السينما في العراق؟

- الحقيقة ان ليس هناك سبب واحد او عامل محدد لغياب او تعثر الافلام العراقية، وانما يمكن الاشارة الى عوامل عدة، في مقدمها العامل الانتاجي وعدم توافر الاجواء وعدم وجود الكتاب المتخصصين... واعتقد ان وجود الجمهور والاستقطاب الاجتماعي ووجود دعم مركزي للسينما الى جانب الاستمرارية هو ما يعزز الطاقات والمهارات في تقنيات هذا الفن بما يستدعيه من حرفيين في المونتاج وفي التصوير، حتى نصل الى قضية ايجاد السوق الفنية وكيفية تصدير هذه الافلام وتسويقها. ان القضية التي يجب الانتباه اليها هي ان الفن السينمائي ليس فناً ابداعياً وحسب، بل هو مشروع انتاجي معقد يحتاج الى قدرات تتوزع على مفاصل عدة، فضلاً عما يلزمه من دعم كبير.

·         اذا اتفقنا على ان هناك ازمة فعلية في السينما العراقية، فأين تكمن هذه الازمة برأيك؟

- اعتقد بأن السبب الفعلي والحقيقي والمؤثر للازمة يكمن في عدم توفير الدعم المركزي من قبل المؤسسات الحكومية وعلى رأسها وزارة الثقافة، حيث لا بد الآن، على ضوء الواقع، من اعادة قطاع السينما الى القطاع العام، لا ان يترك الى اصحاب رؤوس الاموال والانتاج الذين يصنعون افلاماً تجارية هدفها الربح بعيداً عن القيم الجمالية والانسانية التي ينبغي ان يتميز بها الخطاب السينمائي. حين يتحقق مثل هذا الدعم فمن السهل السيطرة على العوامل الاخرى والتحكم بها.

ما يليق بالتاريخ

·         ولكن ألا يمكن الاستفادة من منظمات المجتمع المدني ورأس المال غير العراقي في عمليات التمويل والانتاج السينمائي؟

- يمكن الافادة من أي عون سليم النيات ويحمل مشروعاً حقيقياً، لكن المهم ان تمر هذه المشاريع عبر سياسة الدائرة، ففي الوقت الذي تبرز الضرورة ملحة لقيام سينما قطاع خاص او بدعم من رؤوس اموال معينة، من المهم ايضاً ان تصب توجهات هذه المشاريع في اطار المسار الثقافي والإعلامي الذي تتبناه الدائرة، ووزارة الثقافة، وبما يليق بتاريخ وسمعة السينما والثقافة العراقية عموماً.

·         ولكن دور العرض السينمائي في العراق تعاني من عدم اقبال الجمهور عليها...

- لا شك في ان السينما في كل دور العالم تأثرت بظاهرة انتشار الفضائيات وشيوع اجهزة العرض الحديثة في المنازل حيث غابت، في المقابل، او تراجعت، تقاليد وطقوس الذهاب الى دور السينما، الا ان هذا لم يمنع من وجود النخب وعشاق السينما بما يجعل للسينما روادها على رغم شيوع التقنيات الحديثة.

·         هل لدائرة السينما العراقية علاقات مع مثيلاتها في الدول العربية؟

- هناك اتصالات جارية بيننا وبين بعض وزارات الثقافة والمؤسسات العربية النظيرة من اجل اقامة تعاون مثمر وحقيقي معها، وبما ينعكس على الواقع السينمائي العراقي الذي يعاني عزلة واضحة جراء سياسات النظام السابق وترويضه الثقافة بحقولها كافة، ولا سيما عبر إنتاج الافلام الساذجة التي تمجد الحرب... ومع هذا فنحن بانتظار استقرار الوضع لاستثمار هذه العلاقات وانتاج اعمال يمكن ان تشارك في المهرجانات العربية والإقليمية، وقد وصلتنا دعوات كثيرة بهذا الشأن.

·         بحسب تصورك وخبرتك، ما الخطوات او الشروط التي يمكن ان تسهم في نهضة السينما العراقية؟

- نسعى في هذه المرحلة، وعلى رغم صعوبة الظروف الامنية والاقتصادية السائدة، ان نباشر بمشاريع الورشة السينمائية، وهي تجربة شاعت في العالم، ومعناها، باختصار، مشاركة جميع العاملين في صناعة الفيلم من مخرج وكاتب سيناريو وممثلين ونقاد في مناقشة فكرة معينة وتقديم مقترحات او مقاربات لتحويلها قصة سينمائية تعتمد السيناريو او البناء الصوري، الى جانب ما نسعى اليه من استقطاب طلبة معهد الفنون الجميلة واكاديمية الفنون والهواة من اجل القاء الحجر في المشهد الساكن والمتوقف، لإعادة الحياة للسينما العراقية.

الحياة اللبنانية في 24 مارس 2006

 

أول كتاب بالعربية يتناول فن الأداء في عمق أعماقه...

«الممثل والحرباء» الخط الفاصل بين التمثيل في الفن والتمثيل في الحياة

خالد عزب 

يمثل صدور كتاب «الممثل والحرباء» لسامي صلاح الأستاذ في أكاديمية الفنون بمصر، نقلة نوعية في مؤلفات السينما والمسرح في مصر، إذ بعد سنوات من الترجمة والنقل والاستنساخ، بدا وكأن أكاديمية الفنون في طور بلورة مدارسها الفنية العلمية. وهذا الكتاب يعكس إمكانية تدريس الإبداع مدرسياً، خصوصاً طرائق تكوين الممثل، فالكتاب إذاً محاولة للتعمق في بعض جوانب علم، فن التمثيل. هي محاولة تحمل مخاطرة كبيرة، غير أن قارئ الكتاب يكتشف فجأة داخل نفسه أنه ممثل يقوم بأداء دوره بصورة جيدة على مسرح الحياة. فالتمثيل يشكل جزءاً متأصلاً في حياتنا. لو نظرنا حولنا لوجدناه في كل جوانب حياتنا اليومية تقريباً. الدافع إلى التظاهر واللعب شائع في البشرية، وأن تمثل/تتصرف هو أن تفعل وتتفاعل، أو تتظاهر بالفعل وبأنك تتفاعل. وهذا واحد من الامور التي يؤكد عليها هذا الكتاب.

هناك طبعاً ما يمكن تسميته بـ «التفاعل أو التمثيل الاجتماعي»، والذي يمكن أن يتنوع بدءاً من استقبال الضيوف بحرارة في حين أن المضيف لا يرغب في رؤيتهم، إلى إخفاء صداع نصفي بحيث لا ندمر بهجة رفيق السهرة، وإلى التظاهر بالجهل بأن الحفل - المفترض أنه مفاجأة - قد خُطط، إلى القصة التي يحكيها الموظف لزوجته - والتي يضرب بها المثل - عن اضطراره إلى العمل متأخراً في المكتب، في حين أنه كان في الواقع خارج المدينة. هذا التمثيل أو التفاعل الاجتماعي يتضمن بعداً لا يكون موجوداً في ألعاب الطفولة. فالممثل يؤدي/ يعرض من أجل منفعة شخص ما آخر (في حالات كثيرة جمهور من شخص واحد فقط)، ونجاح عرضه/ أدائه يتألف من (أو يتوقف على) إقناع شخص ما آخر أن غير الحقيقي هو حقيقي. ومع أن سلوك بعض الناس في مواقف كهذه يكون واضحاً وشفافاً إلى درجة أنه لا يخدع أحداً أبداً، فإن كل شخص - تقريباً - يقوم بتطوير درجة ما من المهارة عند هذا المستوى. فمثلاً نحن نجد أن كثراً ممن يخدعون زوجاتهم، عُرفوا بأن لديهم فترات»عروض» طويلة وناجحة جداً.

انطلاقاً من هنا يطرح المؤلف في سياق كتابه سؤالاً مهماً هو من يكون الممثل؟

هناك طرائق كثيرة لتعريف الممثل أو وصفه، لكنها كلها تكاد تتفق على أن الممثل أشبه بالساحر الذي يبني صوراً إيهامية/ خادعة بغية أن يوحي بواقع ما. كما أنه يعيد ترتيب الأشياء، أو يعيد تنظيم مكوناتها لكي يجعل المتفرج يصدق، بل يؤمن أنه - أي الممثل - شخص آخر. وكاتب هذه الرسالة يتفق مع هذا الرأي الذي يتردد في كثير من الأبحاث، ويضيف أن الممثل يكون – في شكل أو في آخر - «نصاباً» أو محتالاً يجيد عمله! (والساحر يعتبر نصاباً في شكل ما!)، والاثنان - الساحر والنصاب - يعتمدان على التظاهر والكذب والتصنع وانتحال شخصية أخرى (أو تحويل شيء أو شخص إلى شئ آخر أو شخص آخر)، لكن قواعد اللعبة تحتم عليه أن يتظاهر بصورة توحي بالأمانة، وأن يكذب في شكل صادق، وأن يتصنع بصورة مقنعة، وأن ينتحل - أو يحاكي - الشخص الآخر في شكل يقترب من الواقع.

وحيث إن أشكال «النصب والاحتيال» - الكذب والتظاهر والتصنع والانتحال - تختلف من ضحية إلى أخرى، أو من مسرحية إلى أخرى، ومن شخصية إلى أخرى، وأيضاً من جمهور إلى آخر، فالممثل/النصاب أو المحتال يغير لونه حسب كل بيئة (المسرحية وظروفها، والشخصية ومواصفاتها، والجمهور ونوعيته، إلى آخره). وعلى ذلك، يمكننا أن نضيف إلى تعريف الممثل أنه مثل الحرباء، يتصف بالسمة الرئيسة فيها، وهي التلون بلون البيئة التي توجد فيها! بل يمكننا أن نزعم أن هذا الوصف يمتد إلى الإنسان «العادي» (مفترض أن الممثل يكون شخصاً «غير عادي)».

والمقصود بالإنسان العادي هنا ذاك الذي لا يتخذ التمثيل منهة له. فإننا نجد في حياتنا اليومية مظاهر عدة للتلون وتغيير الألوان، بل الاحتيال: فالتلميذ - مثلاً - يصبح مهذباً منمق الحديث أمام أستاذه في حين أنه يكون مع البواب - مثلاً - شخصاً آخر قريباً من طبائع السادة، أو على الأقل هناك يمحي التهذيب والحديث المنمق ليحل محله كلام فيه كثير من العجرفة والتعالي. والأستاذ يكون غاية في التحضر والتكلف في حفل في سفارة ما، في حين أنه قد يتخذ سلوكه شكلاً مختلفاً تماماً في بيته، مع ابنه السيئ السلوك، أو مع خادمته الحسناء! الأمثلة كثيرة، ومن الصعب - وليس من الضروري - حصرها، وهي تدل على قدرتنا العجيبة على التلون والتغير حسب البيئة.

والكتاب يرى أن أدوات الممثل هي: الجسد، الصوت، وكينونته. وتتطلب أساليب الأداء المختلفة أن تتوافر مهارات مختلفة تكون في خدمة هذه الأدوات.

إن مبدأ «الكينونة» يقتضي الاعتراف بأن التمثيل العظيم يكون كشفاً في داخل الممثل، أكثر منه تصويراً متقناً لما في داخل شخص آخر (الشخصية التي يؤديها)، ولذا نجد أن الاتجاه السائد في تدريب الممثل، هو الاعتماد على شخصية الممثل نفسه ليستقي منها ما يفيده في تجسيد الشخصية التي كتبها المؤلف، ويقوم بالمزج بين عناصر شخصيته وعناصر الشخصية التي يؤديها لينتج الشخصية التي تصل إلى الجمهور، والتي يرى فيها كل هذا المزيج، لكنه يميل إلى متابعة الشخصية التي ابتكرها المؤلف. وفي رأي كاتب هذه السطور أن هذا الاتجاه هو الاتجاه الصحيح.

الحياة اللبنانية في 24 مارس 2006

هاني طمبا عن "بيروت بعد الحلاقة" والسيزار والسينما

غياب السينما يؤخر عملية التغيير لأنها مرآة المجتمعات

ريما المسمار 

شغل اسم هاني طمبا خلال الاسابيع الاخيرة الوسط السينمائي اللبناني والفرنسي منذ اعلان ترشيح فيلمه القصير "بيروت بعد الحلاقة" Aftershave لجائزة سيزار الموازية في فرنسا لجوائز الاوسكار وحتى فوزه قبل اسبوعين بها. يتناول المخرج في شريطه الممزوج بالكوميديا وبأسئلة حول بيروت وحاضرها شخصية "ريمون" المعتكف في بيته البيروتي القديم منذ وفاة زوجته، لا يغادره كي لا يفقد طيفها الذي يرافق يومياته. ولكن سلسلة أحداث تقع وتجره للخروج الى بيروت لا يعرفها. تقاسم ادوار البطولة كل من رفيق علي احمد وجوليا قصار ومحمود مبسوط وعبد الله حمصي وفادي رعيدي.

هنا حوار مع طمبا الذي يحضر حالياً لمشروع فيلم طويل هو الاول له، يلامس معنى هذه الجائزة ورويته للسينما اللبنانية ولبيروت مع الاشارة الى انه كرم من قبل وزارة الثقافة الاسبوع الفائت وعُرض فيلمه في افتتاح اسبوع الافلام الفرانكوفونية في "امبير­صوفيل" بعد عرضه في الصالات الفرنسية.

·         هل لك ان توضح لنا بداية خلفية الفيلم الانناجية وكيفية تأهله للجائزة الفرنسية التي تُمنح فيلماً فرنسياً؟

نعم كان الفيلم مؤهلاً للترشح لجائزة "سيزار" لأن تمويله فرنسي ومنتجه كذلك. اما المنتج المنفذ فلبناني وهو شركة "في.آي.بي فيلمز" (VIP FILMS). يمكن القول ان الانتاج مشترك لجهة تنفيذ الفيلم ولكن تمويله فرنسي خالص. نحن موعودون الآن بمساعدة من وزارة الثقافة نتمنى ان تأتي وان متأخرة. وثمة مساهمة أخرى رمزية هوالتكريم الذي أحاطتني به. الفرنسيون بدعمون سينمات كثيرة وفيلمي تلقى دعماً من "الركز السينمائي الوطني" (CNC) ووكالة الفرنكوفونية ومن محطة "فرانس 3". كل تلك العناصر اضافة الى ان المنتج فرنسي جعلت الفيلم مؤهلاً للجائزة. روح الفيلم وقلبه لبنانيان ولكن تمويله فرنسي.

·     هل تعتقد ان الموضوع ومعالجته لعبا الدور الأكبر في فوزه؟ أقصد ان الفيلم يخالف التوقعات بعض الشيء في كيفية نظرته الى بيروت اليوم ومقاربته الخفيفة المرحة.

كان لفيلمي مسيرة ناجحة في فرنسا قبل السيزار. الجائزة الاولى التي حازها كانت من مهرجان "كليرمون فيرون" الفرنسي وهي جائزة الموهبة الجديدة التي تقدمها "فناك" (محال كبرى لبيع الافلام والـDVD والالكترونيات) وتتألف من شقين: المال واصدار الفيلم على "دي.في.دي". هكذا وجد فيلمي مساحة واسعة ليتواصل مع الجمهور فضلاً عن عرضه التلفزيوني. بهذا المعنى، لاقى الفيلم سمعة طيبة وعُرف بين المختصين في مجال السينما. اللجنة التي رشحته تألفت من ثلاثة آلاف عضو. وعلى الرغم من انه ناطق بالعربية وأن احداثه تدور في لبنان، الا ان موضوعه واسع وكذلك اسلوبه. فهو كوميديا اولاً ويقول أشياء عميقة بأسلوب مرح... هذا لا يعني انني لم أتفاجأ بفوزه ولكن من جهة ثانية أستطيع ان أؤكد انه ليس الموضوع تحديداً سبب فوزه. وذلك يينفي ايضاً الاحكام المسبقة التي نملكها عن ضرورة ان تكون الافلام العربية سياسية لتفوز. الحظ لعب دوره حتماً ولكن هذه الجائزة هي تعبير عن رأي فردي وليست نتيجة مشاورات. من صوت للفيلم أحبه باختصار ولمس فيه شيئاً.

·         في الفيلم كم من النوستالجيا. هل تشعر بالحنين الى الماضي؟ وهل "بيروت بعد الحلاقة" تحية لذلك الزمن؟

سمعت هذا من آخرين ولكن لا أدري الى اي مدى التعبير دقيق. النوستالجيا هي العيش في الماضي وانا لست كذلك. ربما أحلم بالماضي ويثير اهتمامي ولكنني مدرك ان لا مفر من المستقبل والسعي اليه. ربما تكون الشخصية الاساسية في الفيلم، "ريمون"، هي مصدر النوستالجيا لأنها تعيش في الماضي وغير قادرة على الحركة حتى بالمعنى الجسدي. فهو لا يغادر القصر ويخاف مواجهة الماضي والمستقبل معاً. كما ان النوستالجيا تقوم على تصوير الماضي بإيجابية مطلقة وهذه ايضاً ليست حال الفيلم او حالي. صحيح انني أحب هذا المكان الذي نجلس فيه لأنه محتفظ بشيءٍ من السبعينات وقد يخيب املي ان تم تجديده ولكنني لا أسمي ذلك نوستالجيا بقدر ما هو الحفاظ على تفاصيل من ماضينا وتاريخينا. لعلني اميل الى ان اكون متحفظاً وحذراً بعض الشيء في هذه الأمور ولكنني أؤمن بضرورة المساكنة بين الماضي والحاضر.

·         كيف راودتك فكرة الفيلم؟ هل ثمة شيء ألهمك في خلق الشخصيات؟

ـ الفكرة الاولى التي بدأت الكتابة بها كانت بيروت اليوم. والكوميديا كانت شيئاً مؤكداً لأنني أحب مقاربة الامور بشيء من الفكاهة. وفكرت بشخصية رجل لا يبرح منزله ويخاف من مواجهة ماضيه او التطلع الى حاضره. اما شخصية الحلاق فاستوحيتها من فيلم وثائقي صورته في بيروت عام 1997 عنوانه "حلاقو بيروت". من بين شخصيات الفيلم الأخير، كان هناك حلاق جوال تعرفت اليه في وسط بيروت قبل اعادة اعماره حيث كان يحلق ذقن زبون. صورته وبحثت عنه لاحقاً لأعطيه الصورة وليكون جزءاً من الفيلم الوثائقي. ولكن هذه الشخصية تركت أثراً عميقاً فيّ. هذا الرجل الذي يمارس مهنة فيها الكثير من النبل­جعل الناس يبدون بأحلى حلة ـ والذي لم يتوقف عن العمل طوال سنوات الحرب. لذلك عندما كنت أبحث عن شخصية في "بيروت بعد الحلاقة" لتخرج الرجل من عزلته، خطر لي ان يكون هو الحلاق لأنه قادر على دخول قصره والتحدث اليه. والرجل يحبه لأنه بمعنى ما يهندمه لكي يلتقي زوجته التي هي في واقع الحال شبح.

·     يدل البناء على الزمن الذي تدور أحداث الفيلم فيه. ولكن ثمة إحساس بأنه يتحرك خارج هذا الزمان وانه في بيروت وخارجها في آن. اي انه يبني مكانه وزمانه الخاصين داخل االواقع.

ـ هذا صحيح. لذلك بدأت بثلاثة مشاهد متتالية لوسط بيروت في الصباح الباكر بينما عمال التنظيفات منهمكون بعملهم. أردت ان أقدم "بيروت الجديدة" التي تشبه القديمة ولكنها ليست هي لأنها بلا روح. انها جميلة ولكني لا أشعر بالانتماء اليها. في الوقت عينه أفكر ان ما من بديل منها. هي بطبيعة الحال افضل من الدمار. نحن نرى بيروت الحاضر من خلال هذه المشاهد السريعة ونعرف عنها أكثر من كلام "ابو ميلاد". قصدت ان التقط بيروت القديمة في "ابو ميلاد" وحنينه اليها وان أظهر بيروت الجديدة بشكل "سريري" ونظيف خالية الا من أشباحها. حتى شبح بيروت القديمة حاضر في بيروت الجديدة كما هو شبح زوجة "ريمون" حاضر في القصر.

·     هناك صورتان بالغتا التطرف لبيروت في الفيلم. بيروت الجديدة الخالية من الروح وبيروت الذكريات التي بشكل ما تنقصها ايضاً الحياة. ألست قادراً على رؤية شيء بين "البيروتين"؟

ـ هناك بالطبع أشياء أخرى وتفاصيل بين بيروت القديمة والجديدة. ولكن الفيلم كان مركزاً على "ريمون" وعلى ما يدور في رأسه. لذلك تشعرين ببطئه كأنه يتحرك في خيال ريمون وليس في الواقع. انه حالة ذهنية لأشباح تائهة في المدينة.

·         أريد من خلال ذلك ان احاول الى فهم علاقتك ببيروت.

ـ معقدة. عشت ثلاثين سنة خارج بيروت ولكنني لم انقطع عنها فكنت متنقلاً بين باريس ولندن وبيروت. وفي السنوات العشر الأخيرة صرت أزورها أكثر. لذلك أشعر انني عشت في مدينتين: مدينة قبل الحرب ومدينة ما بعد الحرب. اليوم أشعر بقشعريرة كلما زرتها. أشتاق الى العودة اليها ولكنني في الوقت عينه أحتاج الى الابتعاد عنها، الى مسافة منها. يقلقني بعض الشيء انني في كل زيارة أرى تغييرات ولكنها خارجية في المطاعم والحانات وتنقل حياة الليل من مونو الى الجميزة ثم لا اعرف الى اين. ولكن الناس لا يتغيرون والمشكلات لا تتغير. برغم ذلك، نستمر بالعيش وبالتفاؤل. أعتقد ان السينما أمر حيوي ينقصنا لأنها قادرة على التغيير. السينما تعكس مجتمعاتها ولكننا هنا لا نرى الكثير من صورنا وصور مجتمعنا.

·         تقصد القول ان غياب السينما يؤخر عملية التغيير؟

ـ نعم لأننا لا نملك في هذه الاثناء سوى "ستار اكاديمي" والمسلسلات المكسيكية وبرامج التوك­شو لنتماهى فيها. نحن كمن يعمي نفسه ويعيش في فقاعة تمنعنا من المضي قدماً. يجب ان نتيح الفرصة للسينما للأفلام التي لم تُنجَز بعد، الواقعية منها وغير الواقعية. كل موضوع مهم في السينما مادام يعبر عن صاحبه لذلك يجب ان تكون هناك فرص للسينما لتقول ما تريده عن الحرب والشباب والحاضر ومشكلاته. غياب السينما هو نقص فعلي. حتى التلفزيون يجب ان يلعب دوره بالالتفات الى امور اساسية وجدية وخلع ثوب السطحية الذي يرتديه منذ سنوات طويلة. الفيديو­كليب الذي يحتل الشاشات كأنه يعبر عن حاجة اللبنانيين الى اللهو ولاشيء غير اللهو. نحن نلتهم كل ما توفر كأننا في سباق مع الزمن وفي خوف مستمر ان تنتهي هذه المرحلة ونعود الى الحرب مجدداً. ولكن برغم ذلك، الناس يائسون بسبب كل أحداث السنة الفائتة.. ثمة تناقض رهيب بين ما نشعر به وما نواجهه وما نفعله...

·         الفيلم القصيرشكل تعبيري يعاني قلة تواصله مع المشاهد. بالنسبة اليك. هل هو محطة ام مشروع قائم بذاته؟

ـ الفيلم القصير مرحلة اساسية قبل الانتقال الى الفيلم الطويل. كان علي انجاز أربعة أفلام قصيرة لأتأكد من قدراتي وأدعّمها قبل ان أمضي في مشروعي الطويل. الفيلم القصير هو بمثابة مدرسة وتمرين وهو ايضاً شكل تعبيري له جمهوره وهواته. أفلامي القصيرة وأفلام غيري من السينمائيين اللبنانيين مثل جوانا حاجي توما وخليل جريج ودانيل عربيد لاقت اقبالاً في فرنسا حيث نستطيع ان نلمس تقديرهم للأفلام اللبنانية. الواقع اننا مهملون هنا وليس في الخارج. أحضر الآن لفيلم طويل وأبحث عن تمويل في لبنان لأنه من المهم بالنسبة الي ان تكون هناك مشاركة. لا يكفي ان يكون الفيلم لبنانياً بمخرجه وممثليه فقط. حالياً، أملك جزءاً من الموازنة من فرنسا.

·         ايضاً عن بيروت اليوم؟

ـ نعم هو مشروع كوميدي عن بيروت اليوم وسيتيح لي قول ما أريده عن بيروت في اطار واقعي. تتلخص القصة بدعوة سيدة لمغن فرنسي صاحب أغنية كانت رائجة قبل الحرب، الى حفل عيد ميلادها في بيروت اليوم. يحرك وجود المغني المسن وأغنيته الشهيرة الكثير من الذكريات والافكار.

·     ولكن ثمة خلل حقيقي في هذه المسألة لأن الجمهور يتجه الى الفيلم الكوميدي الخفيف والممول المحلي ان وجد يذهب في الاتجاه عينه. كيف يمكن التطلع الى بناء علاقة بين المشاهد والفيلم اللبناني في ظل اختيارات الأول الضيقة التي تصب عن الافلام الخفيفة والكوميدية فقط؟

ـ أفهم ما ترمين اليه. ولكن هناك أفلام ترتضي على نفسها الذهاب في مغامرة الترفيه والتجارة. فيلمي هو بين فيلم المؤلف والفيلم الجماهيري. أحب صنع افلام مسلية. أصنعها لنفسي اولاً. ولكن السؤال محق حول توجه المال المحلي الى السينما التجارية فقط والجمهور كذلك. دعينا لا ننسى ان هذا الجمهور، أُحيط لسنوات طويلة بأفلام هوليوود وبات يطالب الفيلم اللبناني ان يقوم على معادلة مماثلة بينما يسبعد ذلك كأنه يساوي بين النوعية والفيلم الهوليوودي. لذلك عندما جاءه فيلم بمقومات جماهيرية ويجمع عناصر الكوميديا والميلودراما و..و.. آمن به وبالسينما اللبنانية. هذا ليس سيئاً تماماً ولكن المهم ان يعي المشاهد ان ذلك لا يمثل وحده السينما وما يجب ان تكون عليه. لذلك نعود الى نقطة البداية وهي ضرورة فتح المجال لافلام مختلفة لتعبر عن نفسها. في لبنان اليوم نوعان من الأفلام: الافلام العميقة المركبة والافلام التجارية البحتة. ثمة شيء ناقص لكي تكتمل السلسلة وليعتاد المشاهد ان التنوع امر طبيعي وضروري وان الفيلم اللبناني هو أكثر من فيلم عن الحرب او من عمل تجاري خالص. وثمة شق آخر لمسألة علاقة الجمهور بالفيلم اللبناني هو ما ذكرناه سابقاً عن رفضه مواجهة الحقائق والاتجاه الى اللهو والنسيان. في حين ان الموضوعات الحساسة مثل الحرب لن تتوقف عن الظهور في السينما لأنها اساسية وهي جرح مفتوح.

·     في ظل ما يتردد دائماً عن وجود "مدونة" ما يمنح الفرنسيون التمويل بحسبها. ماذا تقول وهل تعتقد ان رؤيتك لبيروت اليوم وانت خارجها تتلاقى مع ما يتوقعه الجمهور او الممول الأجنبي؟

ـ أحياناً يقرأ الفرنسيون سيناريوات ولكنهم لا يعتبرونها لبنانية لأنها لا تحكي عن الحرب او الدين او السياسة. كنت متخوفاً من رد الفعل عندما قدمت اليهم مشروعي الحالي لأنه كوميدي بينما نحن في نمط تفكيرهم لسنا مؤهلين لصنع افلام النوع. ولكن أعتقد ان ثمة تغييراً في هذا الموقف وهو باتوا يدركون ان الموضوعات التي يمكن السينما تناولها لا تُحصى وان اليوم لا يقل أهمية عن الماضي والكوميديا ليست اقل من الحرب.

·         أخيراً أريد ان أسألك عن الممثلين الذين تعاملت معهم في "بيروت بعد الحلاقة".

ـ لقد كنت محظوظاً بالتعامل معهم الى ابعد حد. هم لا يعرفون او ربما لا يصدقونني عندما انقل اليهم ردود الفعل الايجابية على ادائهم في فرنسا. ما من مهرجان كنت فيه الا وسمعت تعليقات حول "الممثلين الرائعين" في الفيلم. هناك رفيق علي أحمد الذي أعرفه ممثلاً مسرحياً كبيراً ولكنه فاجأني بقدراته الكوميدية. وجوليا قصار التي شاهدتها في مشهد في فيلم "زنار النار" وأسرني حضورها واداؤها. ومحمود مبسوط وعبد الله حمصي اللذان ينتميان الى مدرسة كوميدية أحترمها وأجد انه من المشين انه لم يتم الاستفادة منهما ومن طاقاتهما. وفادي رعيدي الذي على الرغم من دوره الصغير ترك اثراً بأدائه الواقعي. وبالطبع الشكر لمدير تصويري ولمؤلف موسيقى الفيلم خالد مزنر وأخص هؤلاء بالشكر لأنهم ما يراه الجمهور على الشاشة في نهاية المطاف. كل تلك العناصر هي التي جلبت السيزار للفيلم.

المستقبل اللبنانية في 24 مارس 2006

 

أبرزهم محمد فؤاد ومصطفى قمر وآخرهم يوري مرقدي ... لماذا يهرب المطربون إلى التمثيل؟

القاهرة - سعيد ياسين 

يبدو أن الركود الذي أصاب سوق الكاسيت جعل عدداً كبيراً من المطربين يركز اهتمامه خلال الآونة الأخيرة على التمثيل، مع الحرص على أن تـحتـوي هـذه الأعمال الفنية سواء سينمائية أو تلفزيونية أو مسرحية على بعض الأغنيات التي يعتبرونها بمثابة متنفس لهم وان لم يكن فأداء أغاني المقدمة والنـهاية لهذه الأعمال.

من هنا صرنا نقرأ باستمرار عن استعداد مطربين ومطربات للقيام بالتمثيل في أعمال فنية فيما تتأخر أخبار استعدادهم لطرح اغنيات أو ألبومات غنائية. وفي الوقت الذي يعرض حالياً فيلم «غاوي حب» لمحمد فؤاد وحلا شيحة واخراج احمد البدري، يستعد فؤاد لتقـديم فيلم جـديد عنـوانه «تـيـفـة وتـومة في أرض الحكومة» عن قصة له وسيناريو وحوار أحمد البيه وكان مقرراً تقديمه قبل فـترة ولكن الظروف الانتاجية ارجأت تنفيذه وكان فؤاد شارك من قبل في «اسماعيلية رايح جاي» الذي كتب ايضاً قصته و «رحلة حب» و «هو فيه ايه» و «اميركا شيكابيكا» وغيرها.

أما مصطفى قمر الذي صار يحرص على تقديم فيلم سينمائي في كل عام فقد اتجه اخيراً الى التلفزيون حيث يلعب بطولة مسلسل «علي ياويكا» من تأليف مصطفى محرم واخراج محمد النجار وكان قد ظهر في الموسم الصيفي فيلم «حريم كريم» امام داليا البحيري وعلا غانم وريهام عبد الحكيم وبسمة من اخراج علي ادريس. ومن قبله شارك في بطولة أفلام عدة منها «البطل» و «الحب الاول».

وتعرض حالياً التجربة التمثيلية الأولى للمطرب اللبناني يوري مرقدي من خلال فيلم «الحياة منتهى اللذة» امام حنان ترك ومنة شلبي واخراج منال الصيفي.

وعلى هامش مهرجان القاهرة السينمائي عرض فيلم «دنيا» لمحمد منير وحنان ترك واخراج جوسلين صعب، ويستعد منير ايضاً لبطولة فيلم «رق الحبيب» امام نيكول سابا واخراج خالد يوسف. وكان منير شارك من قبل في بطولة أفلام عدة منها «حدوتة مصرية» و «المصير» و «حكايات الغريب» و «يوم حلو ويوم مر».

ويصور عامر منيب حالياً تجربته السينمائية الثالثة من خلال فيلم «الغواص» امام داليا البحيري بعدما قدم من قبل «سحر العيون» و «كيمو وانتيمو».

ويركز مدحت صالح منذ فترة اهتمامه على التمثيل، ففي الوقت الذي يعرض له حالياً فيلم «علمني الحب» امام داليا مصطفى ووفاء عامر وجيهان قمري وإخراج ياسر زايد انتهى من تصوير دوره في مسلسل «الحب والوهم» امام نشوى مصطفى وإخراج محمد السيد عيسى، ويستعد لبطولة مسلسل جديد، وهو ما يحدث مع علي الحجار الذي يشارك في مسرحية «آه يا غجر» امام سوسن بدر وألفت إمام وإخراج ناصر عبد المنعم وكان قدم من قبل عدداً من المسرحيات منها «خايف اقول اللي في قلبي» امام روجينا و «رصاصة في القلب» امام أنغام التي تنوي هي الأخرى القيام بأول بطولة سينمائية لها قريباً بعد فترة طويلة من التردد.

ويـتـردد ان عمرو دياب سيعـود هو الآخر الى التمثيل من خلال فيلم جديد يكتبه مدحت العدل بعد غياب ما يـزيد على عشرة أعوام أي منذ قدم فيلم «ضحك ولعب وجد وحب» امام عمر الشريف ويسرا (1994) وهو ما يـتـكرر مع لطيـفة التي لعبـت من قـبـل مع يـوسف شاهين بطـولة فـيلم «سكوت هنصور»، كما يستعد عـدد آخـر من المطربـين الشباب لتكرار تجاربهم السينمائية ومنهم تامر حسني وحمادة هلال وشيرين وروبي.

الحياة اللبنانية في 24 مارس 2006

 

سينماتك

 

أطلقها المخرج الهوليوودي روبرت التمان قبل عشر سنين...

نيف كامبل: أعرف ما أريد وأجمع بمهارة بين حياتي المهنية والخاصة

لندن – نبيل مسعد

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك