عندما أرادت السينما الأميركية ان تحقق فيلماً ينطلق من رواية «الاخوة كارامازوف» لكاتب روسيا الكبير تيودور دوستويفسكي، وقف المخرج وكاتب السيناريو ريتشارد بروكس يتحدث عن اشتغاله على النص مفسراً الرواية لعدد من مساعديه. وكان في مقدم ما قاله ان «الاخوة كارامازوف» هي «في الوقت نفسه حكاية بوليسية ورواية دينية وتنويع على موضوعة أوديب، حيث يرغب الابن في قتل أبيه (يقول ايفان في احدى لحظات الرواية: ترى هل ثمة رجل لم يرغب ذات لحظة في أن يقتل أباه؟)، وكتاب حول العادات والأعراف في روسيا عند نهاية القرن التاسع عشر، وتاريخ لثورة الفلاحين الروس، ونصّ حول ظهور البورجوازية في روسيا، وقصة حب، ونص مبكر يستبق الفكر الفرويدي... إضافة الى كونه نصاً تشويقياً سيكولوجياً يرويه مؤلف درامي عظيم الموهبة... حين قال بروكس هذا لم يكن، طبعاً، في معرض تحليل الرواية نقدياً أو تفسيرها، بل كان يريد التساؤل عن أي مدخل يمكن السينما أن تتخذه لولوج هذه الرواية، طالما أن من المستحيل نقل هذه السمات كلها الى الشاشة... في ساعتين قد لا تكفيان فصلاً واحداً من فصول «الاخوة كارامازوف». والحقيقة ان بروكس كان محقاً في تساؤلاته، ومن يشاهد فيلمه المقتبس عن رواية دوستويفسكي اليوم يفهمه تماماً: فالذين تعرفوا الى الرواية من طريق الفيلم، لا يعرفون شيئاً عن هذه الرواية على الاطلاق. وكيف يمكن صوراً متحركة في ساعتين ان تترجم نصاً ظل مؤلفه يكتبه طوال حياته؟

> فالحقيقة ان رواية «الاخوة كارامازوف» التي كانت آخر عمل كبير خطّه قلم دوستويفسكي قبل رحيله في أواخر الشهر الأول من العام 1881، أي بعد أسابيع قليلة من نشر آخر فصول الرواية في مجلة «الرسول الروسي»، انما كانت أشبه بوصية أدبية وانسانية لهذا الكاتب، وأكثر من هذا: تكثيفاً لكل أدبه وملخصاً لكل الأفكار التي دارت في رأسه حول الانسان والدين والإيمان والله، والخير والشر، منذ وعى على هذه الحياة الدنيا. ومن يستعرض اليوم، كل أدب تيودور دوستويفسكي منذ البدايات وحتى «الأخوة كارامازوف» لن يخالجه أدنى شك في أن كل ما كتبه طوال حياته موجود في تلك الرواية الأخيرة، بقلقه وأسئلته وحنانه وقسوته، ودقة تصويره للصراعات الجوانية لدى الانسان، ناهيك بعمق تصويره للعلاقات البشرية، ليس كما كانت تتجلى في زمنه، بل كما تتجلى منذ فجر البشرية. ومن هنا لم يكن بعيداً من الصواب الناقد السوفياتي ألكسندر سولدفييف، حين كتب في تقديم لإحدى طبعات هذه الرواية: «لقد أعطانا دوستويفسكي في «الاخوة كارامازوف» خلاصة أدبه وفنه. ففي هذه الرواية نجد التعارض الذي رأيناه في رواية «المراهق» بين الأب والابن، ونجد الصراع الذي رأيناه في رواية «الشياطين» بين الإيمان والكفر، ونجد هيكل ما رأيناه في رواية «الأبله» من شخوص ومن تنافس بين غريمين: وقد كان اسم اليوشا في مسودة «الاخوة كارامازوف»، الأبله... ونرى ان غروشنكا في «الاخوة كارامازوف» تذكر بآناستازيا في «الأبله». أما ديمتري فيكاد يكون راسكولنيكوف «الجريمة والعقاب»، وسمردياكوف هو هو فومافومتش «قرية ستيباتتشيكوفو». والمشكلة المطروحة في حلم المفتش الكبير في «الاخوة كارامازوف» هي نفسها المطروحة في قصة «الجارة» التي كتبها دوستويفسكي في مطلع شبابه».

> واضح ان هذا كله انما يجعل من «الاخوة كارامازوف» صورة مصغرة لعالم دوستويفسكي... ومع هذا، فإن ما لا بد من الاشارة اليه هنا هو أن «الأحداث» نفسها في هذه الرواية لا تبدو استثنائية، فهي في نهاية الأمر حكاية جريمة يقترفها ولد (غير شرعي) في حق أبيه، ويستغرق الأمر فصولاً طويلة قبل أن يصل التحقيق الى القاتل الحقيقي، بعدما كان هذا التحقيق قد وجه شكوكه في نواح أخرى عدة، ولا سيما في اتجاه الابناء الآخرين (الشرعيين) للرجل القتيل. في هذا الاطار الحدثي ليس ثمة ما هو خارق للمألوف... وليس ثمة حتى ما هو خارق للمألوف في بناء شخصية القتيل، أو في بناء الجو العائلي المشحون بالتوتر بين الأب وابنائه. فكل هذا تمكن مطالعته ملايين المرات في الحياة اليومية، كما في الأدب منذ فجر التاريخ. غير ان الأمور تبدأ في التعقد واتخاذ الطابع الاستثنائي، منذ أن ندرك دوافع الجريمة، ورسم العلاقات الضمنية بين الشخصيات، ومنذ أن ندرس مع دوستويفسكي، في صفحات رائعة، سيكولوجية كل شخصية وأهدافها. بل حين نكتشف أخيراً، حقيقة الجريمة نجد ان من اقترفها بالفعل ليس الابن الذي قتل الأب، بل اللغة، اللغة التي يستخدمها ابن آخر، خلال حديثه مع الابن الذي سيقتل، موحياً اليه بحتمية القيام بالجريمة. هنا، نجدنا، كما في «عطيل» شكسبير، أمام الفكر والكلام القاتلين. فإذا كان سمردياكوف قد قتل أباه، فإن القاتل الحقيقي هو إيفان، المفكر ذو العقل البارد، الذي إذ يسيطر على الوعي الباطني لأخيه سمردياكوف،يبدفعه بالتدريج الى ارتكاب الجريمة. فإيفان كان هو – أصلاً – الذي يريد أن يقتل الأب العجوز فيدور. وليس هذا – بالطبع – لأنه كان يكن له كراهية مطلقة وخاصة. فالكراهية تجاه ذلك الأب الفاسق البخيل وزير النساء، كانت مشتركة بين الأبناء الشرعيين الثلاثة، ايفان، ديمتري (ميتيا) واليوشا. أما سمردياكوف، الابن غير الشرعي والذي كان يعيش في كنف الأسرة، خادماً لا أكثر، فإنه كان، في الأصل، الأكثر وداً تجاه الأب – الذي لا يعترف به – وكان جلّ أحلامه ان ينال هذا الاعتراف، بل إن ألمه كان متوجهاً دائماً ناحية «اخوته» الذين بدورهم يعاملونه كخادم... كان يحسدهم طوال الوقت ويسعى الى التقرب منهم، لكنهم كانوا يصدونه. أما لماذا انفرد ايفان، المثقف دون غيره، بتنمية الرغبة في قتل الأب في داخله، فما هذا إلا لأن الباقين من اخوته كانوا متدينين، وجبناء في الوقت نفسه. ايفان (النيتشوي) – نسبة الى نيتشه – والذي تداعبه أفكار التقدم والسمو الفردي، كان متخلصاً من عبء القيم. لكنه – لأنه الأكثر ذكاء ودهاء – عرف ان عليه ألا يقترف الجريمة بنفسه. ومن هنا يسيطر على سمردياكوف، جاعلاً منه مجرد أداة تنفذ له الجريمة التي يريد. فهل ترانا هنا أمام جريمة عادية؟ هل نحن في مواجهة إيفان أمام شخص عادي؟ أم اننا في الحقيقة أمام حكاية البشرية كلها منذ فجر التاريخ؟ أمام اسئلة الخير والشر الخالدة؟ أمام لعبة الشيطان وأمام ضعف الانسان البسيط الطيب أمام هذه اللعبة؟... والحقيقة ان هذه الرواية التي تطرح اسئلة لم يكف دوستويفسكي عن طرحها طوال حياته، هي أيضاً رواية عن الحب والنعمى، ورواية عن البراءة... وما انتصار براءة اليوشا واستاذه الراهب الطيب زوسيما، في نهاية الأمر، على شر إيفان وضعف سمردياكوف، سوى الاشارة الأساس الى هذا. ومن هنا فإن «الاخوة كارامازوف» وعلى عكس ما قد يتصوره كثر، ليست رواية متشائمة، بل هي رواية تفتح أمام الانسان آفاق الحب والطيبة، من دون أن تخدعه دافعة إياه الى اعتبار النعمى مكافأة الطيبين وحسب. النعمى هي مكافأة الطيبين، شرط أن يعوا طيبتهم (وهنا يكاد يبدو لنا دوستويفسكي وكأنه يحدد الطرق التي لم يسر عليها بطل «الابله»)... فالوعي لا ينبغي ان يكون وقفاً على الاشرار.

ونعرف ان دوستويفسكي ما إن انتهى من كتابه «الاخوة كارامازوف»، حتى شعر للمرة الأولى منذ سنوات طويلة بسعادة ، حيث كتب في آخر صفحات مدوناته، التي كان يحرص على كتابتها حتى آخر أيامه: «الآن... أريد أن أحيا وأن أكتب عشرين سنة أخرى». لقد بدا عليه انه التقط الجوهر الحقيقي للفن، ولكن للإيمان أيضاً. ولكن – وكما يحدث دائماً في مثل هذه الحال – من المؤكد ان التقاط المبدع جوهر الابداع يعني انتفاء حاجته الى كتابة المزيد. وهكذا، كانت «الاخوة كارامازوف» مسك الختام لعمل روائي، ابداعي فكري تواصل حتى رحيل الكاتب وهو في الستين من عمره، بعد أن أبدع كل ذلك المتن العظيم من الروايات والقصص القصيرة، التي جعلته، بالتأكيد، واحداً من أعظم روائيي العالم في كل الأزمنة والعصور.

الحياة اللبنانية في 22 مارس 2006

 

رجل المافيا يفشل سينمائياً وينجح مسرحياً

دي نيرو في «جسر الملك سان لويس»

أبوظبي ـ محمد الأنصاري: 

يُعرض حالياً في صالات السينما في دولة الإمارات فيلم «جسر الملك سان لويس» بطولة النجم العالمي روبرت دي نيرو وإخراج ماري ماك جوجن، وهو النسخة الثالثة لرائعة الكاتب المسرحي ثورنتون وايلدر، ويؤدي أدوار البطولة فيه إلى جانب دي نيرو مجموعة من النجوم أبرزهم: كاثي بيتس، و غابرييل برني، وموري إبراهام.

ورغم أن الفيلم أنتج عام 2004، إلا أنه يعرض بعد سنتين لأسباب غير معروفة، وتدور أحداثه حول مصرع خمسة أشخاص بعد انهيار جسر «الملك سان لويس» في بيرو في القرن الثامن عشر، حين كانت أسبانيا تسيطر بالكامل على تلك الدولة اللاتينية والمناطق المجاورة.

تبدأ أحداث الفيلم بمشاهد من القدّاس الجنائزي الذي يُقام على أرواح أبطال القصة الخمسة الذين قضوا في انهيار جسر «الملك سان لويس»، ويظهر رئيس الأساقفة «روبرت دي نيرو» وهو يتحدث عن سخط الله وغضبه على بعض الأرواح البشرية للذنوب التي يقترفها الناس، ثم تنتقل المشاهد لرئيس الأساقفة وهو يجادل الكاهن «جونيبر» (يلعب شخصيته الممثل غابرييل برني)، ويقدمه للاستجواب في إحدى محاكم التفتيش ـ السيئة الصيت ـ في عاصمة بيرو حول ما أسماه هرطقته وتجديفه على الذات الإلهية في تحقيق الكاهن الذي استمر 6 سنوات حول ضحايا الجسر، والذي خرج فيه بنتيجة مفادها أن لا مجال للصدفة في تلاقي هؤلاء الضحايا في وقت واحد، وأن الأمر يعدو كونه حادثاً قدرياً.

اعتمدت المخرجة على مدى أحداث الفيلم الطريقة المعكوسة في التراتب الزمني للأحداث، حيث بدأت من النهاية لتقدم للمشاهد عن طريق سرد الكاهن «جونيبر» في محكمة التفتيش الكنسية حكاية الضحايا الخمسة وخيوط التلاقي بينهم، فتسرد حكاية الماركيزة «دونا ماريا» (تلعب شخصيتها الممثلة كاثي بيتس) التي تظهر بشكل ثرية محبطة ومدمنة على تعاطي الكحول، بسبب وحدتها وآرائها المتطرفة تجاه الإيمان بالغيب ،بعد فراقها لابنتها الكونتيسة التي ترحل من بيرو لتتزوج بأحد أبناء الأسرة المالكة الأسبانية في مدريد.

ثم تظهر شخصية العم «بيو» (يلعب الشخصية الممثل هارفي كيتيل) الذي يرعى إحدى أشهر ممثلات بيرو «بيرتشولي»(تلعب شخصيتها الممثلة بيلار لوبيز)، ويقدمها من خلال مسرحياته إلى الجمهور، فيقع نائب ملك أسبانيا( حاكم بيرو) في غرام الممثلة الشابة ويتخذها عشيقة له، ويرزق منها بطفل؛ وتشاء الأقدار أن تصاب الممثلة «بيرتشولي» بوباء الجدري وتؤثر اعتزال الفن والاعتزال مع طفلها في قرية نائية بعد أن فقدت جمالها، الشيء الوحيد الذي كانت تملكه.

وتأتي ساعة اللقاء في منطقة الجسر، وتتقدم الماركيزة يتبعها العم «بيو» حاملاً معه طفل الممثلة «بيرتشولي»، والخادم «استيبان» الذي كان يخدم في إحدى الكنائس والقبطان البحري «بيبتا» الذي كانت له قصص كثيرة مع الموت، فينهار الجسر وتبدأ معه تحقيقات الكاهن «جونيبر» الذي يخلص إلى نتيجة الحكمة من هذا الموت .وتستمر أحداث الفيلم حتى الحكم عليه من قبل المحكمة بإحراقه وكتبه التي ألفها عن الحادث، لتطلق إحدى الراهبات كلمة تدل على فلسفة الحكاية: «هناك أرض للأموات وأخرى للأحياء، والجسر هو الحب الذي يجمع بين الأرضين».

ولم يظهر دي نيرو نجم «المافيا» الإيطالية الذي اشتهر في أدائه أدوار الشر والجريمة؛ مختلفاً هذه المرة إلا من خلال العنوان الذي ظهر به. فهو في أفلامه السابقة كان زعيم «مافيا»، لكن «مافيا ـ دي نيرو» هذه المرة كانت عبارة عن رئاسته لأسقفية تتمتع بنفوذ مقيت على حساب العلم والحرية التي تسعى البشرية لنيلها.

 

ويبدو أن دي نيرو في هذا الفيلم استعاد إرثه من أدائه المسرحي الذي كان يزاوله في مطاعم وصالات نيويورك الصغيرة والتي سبقت دخوله عالم السينما، أي قبل حصوله على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد في عام 1973عن فيلم «العرّاب» لعملاق السينما المخرج فرنسيس فورد كوبولا، وكانت تلك فترته الذهبية في أفلام مثل: «سائق التاكسي»، و«الثور الهائج»، وعدة أفلام إلى أن بدأ مستواه الفني بالهبوط طيلة ثمانينات القرن الماضي، ثم عاد مرة أخرى ليؤدي بعض الأدوار القوية مع روبن ويليامز و آل باتشينو و مارلون براندو وبعض الأدوار الكوميدية التي حاز عنها عشرات الجوائز.

لم يوفق روبرت دي نيرو باختياره رواية وايلدر «جسر سان لويس راي» إذ ان الأداء المسرحي الغالب على الفيلم، أخرج الرواية من دائرة الفن السابع لتغوص بعيداً في أجواء المسرح، وهذا الفيلم جاء خلافاً للصورة الرائعة التي ظهر بها آل باتشينو في فيلم «تاجر البندقية» قصة الكاتب المسرحي الإنجليزي ويليام شكسبير، حيث استطاع فريق العمل والمخرج وبطل الفيلم الخروج من النمط المسرحي للرواية وتحويلها إلى فيلم سينمائي متكامل لجهة الشروط الفنية والأداء، وهو ما لم يوفق به دي نيرو لكونه المنتج الذي يتحكم بمجمل عناصر الفيلم، وليته أبقى على النص المسرحي كما هو ولم يحاول التجريب عليه سينمائياً.

لقد استطاع عشرات المخرجين أن ينجزوا كتابات ثورنتون وايلدر المسرحية سينمائياً ويحصدوا عنها عشرات الجوائز، بل أن وايلدر نفسه حاز على أول جائزة «بوليتزر» في حياته عن رواية «جسر سان لويس راي» التي صدرت عام 1927. واستطاع المخرج إيلي كازان أن ينطلق في الشهرة من خلال مسرحية أخرى للكاتب نفسه بعنوان «جلد أسناننا» عام 1942 التي حاز عنها «كازان» جائزة النقاد في نيويورك، إضافة لعدة روايات أخرى استفاد منها مخرجو السينما في هوليوود، وحولوها إلى أفلام ناجحة، ومع ذلك فإن دي نيرو قد جازف بصورة غير مسبوقة في إنتاج هذا الفيلم، وربما سيكون عليها في الأشهر والسنوات المقبلة البحث عن طريقة للعودة للشاشة البيضاء من خلال عمل يعيد إليه بريقه.

ربما يُفهم من كلامنا أن الفيلم فاشل من ناحية التقنيات كالصوت أو التصوير أو المؤثرات الأخرى وحركة الكاميرا، لكن الأكيد أنه لم يفشل من هذه الناحية؛ بل انه أخفق في إخراج الرواية من قمقمها المسرحي وتقديمها في شكل فني يناسب السينما. وربما نكون مخطئين في حكمنا هذا، ولكن العمل لو قدم بالصورة ذاتها للمشاهد على أنه عمل مسرحي، فلا شك أنه سيكون من أجمل الأعمال المسرحية التي يمكن للمرء مشاهدتها في القرن الحادي والعشرين.

وختاماً، ثمة جملة للكاتب ثورنتون وايلدر من روايته «جسر الملك سان لويس»، لعلها تستطيع التعبير أفضل من الفيلم عن الرواية: نحن أيضاً نحب لفترة ما، ثم يطوينا النسيان، ولكن يظل الحب في اكتفاء تلك النبضات الدافقة من الحب، يرجع الفضل فيها لصانعها الحب، حتى ان الذاكرة والذكريات ليست ضرورة للحب، وهناك أرض للأحياء وأخرى للأموات، وبينهما «هوّة» يستحيل عبورها إلا فوق جسر الحب، كل شيء يزول؛ إلا المعنى وحده، فهو يمكث في الأرض.

البيان الإماراتية في 22 مارس 2006

اغتيال المخيّلة

نديم جرجوره  

لا يكتمل رفض تدخّل الأزهر في شؤون مسيحية بحتة، إلاّ برفض <<تحريم>> الكنيسة القبطية فنانين يؤدّون أدواراً في فيلم سينمائي يتناول سيرة المسيح عن العمل الفني. ذلك أن مكافحة التشدّد الديني، خصوصاً في مجالي الفن والإبداع، لا ينتصر للحقّ الفردي في التعبير والقول إذا هادن سلطة من دون أخرى، أو إذا تغاضى عن ممارسات مناهضة للفكر الحرّ والديمقراطي والنقدي تقوم بها إحدى السلطات، من دون مواجهة ما تفعله السلطات الأخرى في المجال نفسه.

لا يُمكن التغاضي عن <<المهزلة>> الجديدة التي تشهدها القاهرة، حالياً: هناك من رفض قرار سلطة دينية، من دون أن يحسم موقفه من قرار سلطة دينية أخرى. وهذا أمر خطر، لأن معركة الديمقراطية والحريات لا تفرّق بين السلطات، الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية أيضاً، التي تمارس القمع والمنع، معتبرة نفسها الآمر الناهي في كل ما يخصّ شؤون البلاد والعباد على الأرض (وربما في السماء أيضاً).

أصرّ المنتج محمد عشوب والسيناريست فايز غالي على عدم الخضوع لأي قرار يصدره الأزهر بخصوص مشروعهما السينمائي الجديد، الذي يتناول سيرة المسيح من وجهة نظر أرثوذكسية عربية مشرقية. فهما لا يُقرّان بأي صفة للأزهر تسمح له بإصدار قرار الموافقة على تنفيذ المشروع أو رفضه، ولا يجدان مبرّراً لرفض <<تصوير>> المسيح، لأن العقيدة المسيحية لا تمنع تصوير الأنبياء وتجسيدهم في إيقونات وصُوَر بشر (هم في النهاية ممثّلون يؤدّون أدواراً فنية)، ولأن المسيح ظهر في أفلام غربية عدّة عُرضت في الصالات المصرية، ولأن قراراً أزهرياً في شأن مسيحي سيفتح مجالاً (أوسع) لمزيد من التسلّط الأزهري على المجتمع المسيحي (كما أشار البعض). من ناحية أخرى، فإن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التي ستعلن موقفها النهائي إثر قراءة السيناريو الكامل، تزمع أن تفرض على الفنانين الذين سيمثّلون في الفيلم التوقيع على <<شرط جزائي يحرّم عليهم العمل في السينما أو في أي عمل آخر بعد هذا الفيلم>> (كما جاء في تقرير ل<<وكالة الصحافة الفرنسية>>).

لا يحقّ للأزهر أن يتدخّل في شأن كنسي مسيحي (هل يحقّ للكنيسة أن تبدي رأياً ما في شأن ديني إسلامي؟)، ولا يحقّ لأي سلطة دينية أخرى أن <<تُفتي>> أمراً ما بخصوص الفن والإبداع. صحيح أن الكنيسة لم تعد تُصدر فتاوي بحقّ فنان أو مبدع، ولم تعد تُطلق وراءه قتلة يهدرون دمه لأنه قال رأياً يخالفها. لكن، أن يستمرّ بعض <<فقهائها>> في اعتماد فكر قروسطي متحجّر لمناقشة الآنيّ، فهذا يعني أن هناك من يسعى إلى <<الحجْر>> عليها وعلى أبنائها، كما على المجتمع برمّته. وأن يرفض البعض سطوة سلطة دينية على إنتاجه الثقافي، و<<يخضع>> لقرار سلطة دينية أخرى، فهذا يعني <<اغتيالاً>> للمخيلّة الإبداعية، وارتباكاً فاضحاً في فهم المعنى الأسمى لحرية الفكر والقول والتعبير والاجتهاد العقلي.

السفير اللبنانية في 23 مارس 2006

 

كيف الحال.. اول فيلم سينمائى سعودى على شاشات العالم العربي 

دبى –العرب أونلاين-وكالات: يعرض اول فيلم سينمائى سعودى تقوم ببطولته اول ممثلة سينمائية سعودية هذا الصيف فى صالات كل الدول العربية باستثناء السعودية حيث ما تزال السينما ممنوعة.

وفيلم "كيف الحال" من انتاج شركة "روتانا" التى يملكها الملياردير السعودى الامير الوليد بن طلال روائى يجسد بحسب منتجيه الخلاف بين المعتدلين والمتطرفين فى ظل سعى جيل الشباب الى الدخول فى عصر العولمة مع الابقاء على القيم الاسلامية الراسخة.

وبسبب غياب صناعة الافلام فى السعودية صور "كيف الحال" فى امارة دبى واخرجه الفلسطيني-الكندى ازادور مسلم وكتب السيناريو اللبنانى محمد رضا.

وحرص القائمون على الفيلم على مراعاة طبيعة الحياة السعودية وتقاليدها الصارمة محاولين قدر المستطاع تحديد ما يجب اظهاره.

وقال مدير الانتاج فى قسم الافلام فى "روتانا" ايمن الحلوانى "حرصنا على الا نظهر اى مشهد قد يستفز المجتمع السعودى لدرجة اننا راقبنا عينى الممثلة لنقرر ما اذا كانت نظراتها فى هذا المشهد او ذاك مناسبة او غير مناسبة".

ويروى الفيلم قصة الشاب سلطان الذى يلعب دوره السعودى هشام عبد الرحمن الذى فاز فى مسابقة برنامج تلفزيون الواقع "ستار اكاديمي" للعام 2005.

ويعيش سلطان فى منزل عمه بعد وفاة والديه ويصطدم باستمرار مع ابن عمه خالد المتزمت بسبب اسلوب حياته الغربي.

ويلعب الممثل السعودى مشعل المطيرى الذى له تجارب سابقة فى المسرح والدراما التلفزيونية دور شخص اصولى يتقرب من خالد وعائلته الا انه كان يحاول التقرب من شقيقته بينما يدعى التدين.

اما سحر التى تلعب دورها ممثلة اردنية فكانت تهرب من الضغوط فى المنزل عبر الخروج مع صديقتها دنيا التى تلعب دورها ممثلة سعودية للمرة الاولى وهى هند محمد.

وحلوانى الذى فضل عدم اعطاء المزيد من التفاصيل عن الفيلم خاصة لجهة ما اذا كانت قصة حب قد نشأت بين سحر وسلطان اكد ان الفيلم لا يتضمن اى مشاهد رومانسية فهو لا يتطرق لاى علاقات خارج اطار الزواج ولا يعرض اى تشابك للايدى بين الجنسين او اى لقاءات عاطفية سرية.

واضاف ان "الفيلم لا يسعى الى تحديد ما هو الصواب وما هو الخطأ فنحن اردنا ان نترك ذلك للمشاهد".

وتؤكد هند محمد انها تريد ان تمضى قدما فى حياتها المهنية كممثلة سينمائية بالرغم من المعارضة التى قد تواجهها فى المجتمع السعودى المحافظ. وقالت فى اتصال اجرى معها فى الرياض "اريد ان اثبت ان المراة يمكنها ان تصنع شيئا بنفسها رغم ان اهلها يربونها انسانة ضعيفة ويعتقدون ان المراة عار ولا يجب ان يرتفع صوتها".

وكانت هند محمد تعمل خلال السنوات الثلاث الاخيرة فى برامج اذاعية كما كانت تعمل فى دبلجة برامج الرسوم المتحركة.

اما المراة الابرز المشاركة فى الفيلم فهى السعودية هيفاء المنصور التى تشارك فى انتاج الفيلم. وكانت المنصور اصدرت العام الماضى فيلما وثائقيا مثيرا للجدل بعنوان "نساء فى الظل" يعلن فيه رجل دين اصلاحى انه ليس اجباريا على المراة ان تغطى وجهها ما اثار غضب رجال الدين المتشددين.

وعرض الفيلم فى 17 مهرجانا سينمائيا عالميا وجذب انتباه صاحب شركة "روتانا".

وتعرب المنصور عن تفاؤلها ازاء الخط الاصلاحى الذى ينتهجه الملك عبدالله بن عبد العزيز وتريد ان تستمر فى صناعة الافلام فى السعودية.

وتقول فى هذا السياق "انتمى الى السعودية ولا اريد الاستفزاز وجرح المشاعر وان كنت لا اتقبل الكثير من الامور فى مجتمعي. لكننى اعتقد اننى قادرة على تسوية هذه الامور باسلوب يجعل المجتمع يسمعنى ويفتح ابواب الحوار بينى وبينه".

الا ان المطيرى يرى ان شيئا لن يتغير فى المجتمع السعودى ما دامت بعض الاصوات ترى فى سعينا وراء الحداثة والتعبير عن النفس عن طريق فنون مثل السينما على ان "تعلقا غير اخلاقى بالقيم الغربية".

ويقول انه كان آخر شخص تخرج من كلية المسرح بجامعة الملك سعود فى الرياض عام 2000 قبل تعليق العمل فيها مؤقتا من قبل بعض الاساتذة المتشددين. ويضيف ان مشكلة الفن فى السعودية هى ان "نصفه حرام ونصفه الآخر عيب".

موقع "العرب انلاين" في 23 مارس 2006

 

سينماتك

 

ألف وجه لألف عام - «الأخوة كارامازوف»:

أسئلة الانسان منذ فجر البشرية

ابراهيم العريس

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك