أوشكت العمليات الفنية على الانتهاء، استعداداً لعرض الفيلم الروائي السعودي الطويل الأول «ظلال الصمت» للمخرج المؤلف عبدالله المحيسن، الذي قاد فريقاً متكاملاً من الفنانين والفنيين العرب، لتصوير هذا الفيلم بين دمشق وتدمر، في الصيف الماضي. وكان من أبرز العاملين معه المخرج الجزائري أحمد راشدي، والمصور السينمائي طارق بن عبدالله، إلى جانب أطياف من أهم الممثلين العرب، بلهجات مختلفة، منهم: غسان مسعود، محمد المنصور، رجاء فرحات، جميل عواد، إحسان صادق، منى واصف، فرح بسيسو، فتحي الهداوي، محمد أغومي، عبدالمحسن النمر، نايف خلف، باسم قهار، حكيم، رامز عطاالله، وغيرهم.

لم يكن هذا الحشد العربي إلا إشارة واضحة إلى أن ما يطرحه الفيلم من صورة لمشكلة عربية، ليست مقصورة على بلد واحد. كما أن إطلاق هذا الفيلم سيفتح المجال أمام انطلاقة جديدة للسينما في دول الخليج كلها.

يقول الفنان عبدالله المحيسن عن فيلمه: «هو عمل مفتوح، أقرب إلى الفيلم الملتزم في خطابه الفكري والسياسي، وأقرب إلى الأسلوب التعبيري في شكله ولغته وأسلوبه وإيقاعه».

في معهد متطور وغامض، في بلد متخلف، تجرى أهم أحداث الفيلم، حيث التقنية العالية تخدم القوى المسيطرة التي تضطهد الناس، وتغسل أدمغتهم وتقمع المفكرين وتستدرجهم لخدمة أهدافها الخفية التي ترتدي أقنعة أنيقة من الشعارات المزيفة والخطابة الخادعة.

يتحول المعهد إلى مختبر غني بالتجارب والمعلومات التي تصب في خدمة القهر والتخلف والديكتاتوريات، والنزعات الفردية المريضة، التي تستخدم الترهيب والترغيب.

وليس هذا المعهد بعيداً من مؤسسات ملتبسة بأسماء مختلفة، تخدم أجهزة غاشمة، تعمل على مصادرة حريـة الإبداع والقول والعمل، ولم يكن التعصب الأعمى والتدمير والقتل إلا نوعاً من الاستبداد الذي نـعاني منه، كما عانت البشرية من حروبه الطاحنة التي لا ينتصر فيها إلا الموت والخراب.

قد لا نستطيع أن نتلمس تفاصيل هذا الفيلم قبل عرضه الأول، لكن قراءة السيناريو التنفيذي تشير إلى أهمية التغيير في حياتنا من الداخل، لمواجهة العنف والتدمير الذاتي والخراب العشوائي الذي أصابنا بكوارث مروعة، وهذا ما يجب أن يكون هنا الآن، لأننا في سباق مع المتغيرات الكبرى التي لا تسمح بالانتظار، أو التأمل الطويل.

هنا لقاءات سريعة مع عدد من الممثلين الذين أدوا أدواراً بارزة في هذا الفيلم:

محمد منصور: الأعمال المشتركة تعطي قوة لدور الفنان

تواصلت تجربة الفنان الكويتي محمد المنصور منذ السبعينات في أعمال فنية مختلفة، وهو يستند إلى ثقافة واسعة وحرفية واضحة من خلال علاقته الخاصة بالمسرح، ولم يكن مصادفة فوزه بجائزة الدولة التقديرية في الكويت لعام 2005. كما ان نشاطه لم يكن بعيداً من السينما حيث شارك في فيلم «القادسية» لصلاح أبو سيف، وفيلم «بس يا بحر» لخالد الصديق.

يؤدي محمد المنصور في فيلم «ظلال الصمت» دور «بهاء الدين» وهو كما يقول «يمثل الإنسان الحالم الذي يشكل شريحة في كل المجتمعات المختلفة، ويتعامل مع الماضي والحاضر والمستقبل، من خلال أحلامه. أراد بهاء الدين أن يكشف كل معطيات المكان – المعهد وطاقاته غير العادية، كمعهد متطور في مجتمع متخلف، بفعل القمع السري، وهو الذي درس وفهم وأراد أن يجدد التقنية الجديدة، أو يوظفها في مسار أحلامه، ووجد فيه ما لم يجده في الواقع، واستهوته اللعبة الكبيرة، المدهشة والمسلية معاً».

·         ولكن... كان للمعهد وجه آخر مختلف وملتبس فكيف استمرت اللعبة؟

- من معطيات المعهد وفرة التقنية والراحة والعمل وحرية التفكير والتعبير، من حيث المبدأ، وهذا ما جعل بهاء الدين جزءاً من تضاريس المكان، من خلال وجوده بين الأدمغة المختلفة التي توحي، شكلياً، بكل معطيات الحياة من فكر وفن ووعي، فصار يعرف كيف يتواصل مع هذا المكان.

·         استطاع المعهد أن يمنحه أفكاراً جديدة لكي يستمر انسجامه مع تضاريس المعهد؟

- كان بهاء الدين يعيش في مثلث متساوي الأضلاع، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولكن بعد عقد من الزمن تغير هذا المثلث، وصار متساوي الساقين، بعد أن استطالت قاعدته الاقتصادية التي تحرك ما حولها، ومع ذلك ظل بهاء منسجماً مع اللعبة، على عكس الآخرين، صارت حياته معلقة في كبسة زر، يتحرك معها من مكان إلى آخر، فهو بسيط، يأخذ الحياة على علاتها، أراد أن يلتقي مع الكاتب بديع وزملائه ويساعدهم، ولكن اصطدم بنظام المعهد.

·     تبدو تجربتك الفنية متواصلة في المسرح والتلفزيون منذ السبعينات ولكن فرص العمل في السينما قليلة، بعد انحسار الإنتاج السينمائي العربي، فأين تجد نفسك؟ وما هي أهمية الإنتاج العربي المشترك؟

- في السينما اشتركت في فيلم «القادسية» لصلاح أبو سيف، ولكن فـرص العمل في المسرح والتلفزيون كانت متواصلة منذ السبعينات، أذكر منها: «صفقة مع الشيطان، ثم غاب القمر، الوجه الآخر للقمر، الوعد، دخان البنادق، حوش المصاطب»... وكانت لي أدوار مهمة في أعمال مشتركة مع فنانين من مصر وسورية ولبنان، والأعمال المشتركة تعطي قوة لدور الممثل حيث تتسع الأرضية التي يتحرك عليها.

إن السينما تستطيع أن تعطي للأجيال أفكاراً تجعلهم يفهمون واقعهم، بما فيه من معطيات وعادات وتاريخ وجغرافيا.

عبدالمحسن النمر: خصوصية الفيلم انعكست على أدائي

منذ عام 1979 كان عبدالمحسن النمر حاضراً في النشاطات المسرحية والتلفزيونية السعودية والخليجية، وكان له دور خاص في فيلم «ظلال الصمت». يقول عبدالمحسن أنا أحمل صفة فنان خليجي من خلال اشتراكي في أعمال مسرحية وتلفزيونية عمانية وكويتية وإماراتية، وتساعدني لهجتي في الانسجام مع اللهجات الأخرى.

·         عملت لفترة طويلة في التلفزيون والمسرح، فكيف استقبلت عملك في السينما؟

- لم أكن بعيداً من السينما، حيث كنا في بعض الأعمال التلفزيونية نتعامل مع كاميرا واحدة، وهذا ما يقترب من التصوير السينمائي، كما اشتركت في فيلم «الثواب والعقاب» عن رواية «الكونت مونت كريستو» من تأليف وإخراج مجيد عبدالرزاق، حيث سيعرض هذا الفيلم في ثلاث نسخ: عربية وفارسية وهندية.

·         هل وجدت خصوصية في دورك في فيلم «ظلال الصمت»؟

- لهذه التجربة خصوصية انعكست على أدائي، فإلى جانب خصوصية عمل عبدالله المحسين كان هناك فريق فني منوع ومحترف، من السينمائيين العرب، من تجارب مختلفة.

·         كيف استوعبت دور «عمر»؟

- تمثلت شخصية عمر، وهي طبيعية حرة لا عقدة فيها، استوعبتها في جلسة طقسية وناقشتها مع نفسي، وتلبستني.

·         هل كان لعلاقتك مع الممثلين الآخرين تأثير على أدائك؟

- أرى أن الممثل لديه مساحة واسعة من الحرية، وأنا اعتدت العمل مع ورشات فنية تختلف فيها الآراء وتلتقي، ويدون كل ممثل ملاحظاته، وفي هذه المرة ناقشت المخرج وطرحت عليه رؤيتي الخاصة للشخصية وتحولاتها، ومع أن المخرج هو المؤلف إلا أنه اتفق معي، وجلست مع زملائي الذين يشتركون معي في المشاهد المختلفة وتفاهمنا على الإيقاع الخاص بنا.

بعض الممثلين كنت مشتركاً معهم في أعمال تلفزيونية سابقة، وبعضهم التقيت به للمرة الأولى، ولكنني لم أجد أي صعوبة في التعامل معهم، مع كل الاختلاف في بيئات العمل.

رجائي فرحات: اكتشفت وجوهاً مجهولة

يعيش الفنان التونسي رجائي فرحات بين تونس وباريس، وهو الذي درس في ميلانو وجامعة باريس الثالثة، وأنجز بعدها نحو أربعين عملاً مسرحياً وسينمائياً وتلفزيونياً، إضافة إلى أعماله الإدارية المسرحية في مهرجان قرطاج والحمامات. وأنجز سلسلة تلفزيونية وإذاعية عن «مدائن الشرق». يؤدي رجاء فرحات في فيلم «ظلال الصمت» دور شخصية ملتبسة هي البروفسور حمود.

·         كيف ترى خصوصية هذا الفيلم؟

- يحمل فيلم «ظلال الصمت» مغامرة فكرية وفنية، يغلب عليها طابع الأسئلة الجريئة أكثر من طابع اليقين، أو الخطاب المباشر. عندما قرأت السيناريو أعجبتني الجرأة ووضوح الرؤية في تناول موضوع مسكوت عنه، عموماً، في الإنتاج السينمائي العربي، حيث نجد الإنسان محاصراً في محيط الهزات والمواجهات الجوهرية أمام كل ألوان السلطة السياسية والفكرية والاجتماعية.

·         كيف استقبلت دورك في فيلم «ظلال الصمت»؟

- إن الوقوف أمام الكاميرا مع صفوة مختارة من الممثلين والفنيين العرب، من المشرق والمغرب، حالة نادرة ومثيرة، بينما نجد أن المخرج عبدالله المحيسن يدير المجموعات وإيقاع اللقطات والمشاهد وحركة الكاميرا والممثلين بأسلوب خاص، يشبه حركة النار الهادئة، بلا تشنج أو انفعالات سلبية، مما يؤكد استيعابه المسبق لكل التفاصيل، أما الارتجال فإنه يأتي في تفاصيل صغيرة تفرضها طبيعة المكان كحلول لمشكلات طارئة.

·         أخذت في الفيلم دوراً لشخصية ملتبسة، هي شخصية حمود، فما هي ملامح هذه الشخصية؟

- حمود هو العالم الذي يعشق علمه وفنه وخبراته الواسعة، وهو يقوم بمهمته وكأنه قائد عسكري، وهو العقل المدبر للتقنية ومخططات المعهد، لكن في شخصيته شرخاً يدفعه إلى اعتبار المؤسسة أهم من الإنسان، ولهذا فهو يتحمل الصدمات لكي يستمر في خدمة أهداف المعهد.

·         ماذا تعني لك هذه التجربة، في شكلها وموضوعها؟

- اكتشفت من خلال هذه التجربة وجوهاً مجهولة في حياتنا الثقافية العربية، حيث كان فريق العمل ينتمي إلى المساحات الواسعة والمتنوعة للثقافة العربية، فالممثلون والفنيون كانوا من السعودية والأردن وسورية والكويت ولبنان وتونس والعراق والجزائر، وبعضهم كان يعيش بعيداً عن وطنه، وهذا في حد ذاته مصدر قوة خاصة لأي عمل فني. ومن هنا كانت الفرصة فريدة لتكامل التجارب على اختلافها.

·         اللقاء بين مجموعة من الممثلين العرب حالة نادرة، ما هو انطباعك الأول حول هذا اللقاء؟

- عندما كنا نلتقي لتصوير مشهد من الفيلم كان العاملون ينسون شخصياتهم الحقيقية ويذوبون في الطقس العملي والفني للفيلم، وبعد الانتهاء من التصوير كانت الحوارات تتواصل بلهجات متنوعة، مع محاولات طريفة للخلط بين هذه اللهجات، فبعض الممثلين المشرقيين كان يتحدث باللهجة الجزائرية أو التونسية، والبعض الآخر من الممثلين المغاربة كان يحاول أن يحكي باللهجة الخليجية أو السورية.

الحياة اللبنانية في 17 مارس 2006

 

عودة مرة اخري الي فيلم ماروك لليلي المراكشي: لكن ماذا وراء عالم فيلات أنفا ؟!

عبد الله كرمون 

يبدأ فيلم ماروك الذي لا يزال يعرض في بعض القاعات الباريسية، باستعراض متأنٍ لسيارات فاخرة ممهور بسخرية بدئية بركوع أحد الحراس بينها في استغراق شعائري ويكاد الفيلم ينتهي بنفس الأمر لولا أن سيارة النهاية امحت واندغمت في عدم، وكانت الصلاة الأخيرة شبيهة بالعشاء الأخير وتصاعدت التراتيل العبرانية في دفن يوري في قرافة يهودية.

بين هذا وذاك لم تدرك المخرجة حقيقة ما ترغب في أن تقدمه أم أنها اقتنعت عن خطأ وسبق إصرار أنها علي وفاق تام مع سينما حقة وأنها تسهم بفيلمها هذا إذن في تناول وتداول القضايا التي تقلقنا جميعا في الصميم. إن كان الأمر علي هذه الشاكلة فإنها تعرضت لخيانة ذاتية ما، وكان اضطراب رؤيتها شديد الدلالة علي ذلك. في البدء لست ممن صدمهم الفيلم، وهم كثر، فما أحوجنا في هذا الزمن الكامد إلي صدمات متتالية كي نعي قليلا كل ما يجري حوالينا. صدمة الذين صدموا كانت أخلاقية ومساً بالمقدسات. الصدمة التي أقصدها وأري جدوي مفعولها ليست من هذه الفصيلة، لذلك أري أن ما وشت به المخرجة طرة فيلمها لا يسهم في شيء في إنتاج سينمائي متماسك وذي رؤية ما إلي العالم مهما كانت، وإنما هو تيهان ورغبة ملحة في تماد ادعائي.

أراد الفيلم في نظري أن يثير بالخصوص ثلاث موضوعات أساسية، ولهو حقيق به أن ينتبه إليها ويسعي إلي قول ما عنها. تتعلق الأولي بتناول أوساط مراهقي البرجوازية المتسلقة المغربية. والثانية تشير إلي عودة نفس شباب تلك الطبقة أحيانا إلي الدين وشاء في الأخير أن يمس وترا ذا جرس خاص في الظروف الدولية الراهنة وذلك بوضع موضع جس، دائما في الأوساط نفسها، ارتباط يهودي مع مسلمة.

يسهل كثيرا تلخيص الفيلم في فقرة عجفاء لأنه اختُزل في الأصل، ولم تبد عليه حصانة التماسك، مع الأسف، علي أي مستوي. وإن كانت الصور جميلة فإنها لا تكفي ما دمنا في السينما وكانت الإضاءة الهامة التي يكفلها مناخ بلد مثل المغرب تؤكد لنا ما للطبيعة أولا في نصاعتها قبل أي حديث عن أية جدارة تقنية. لكن كيف سعي الفيلم إلي تقديم رؤيته عن هذا الثلاثي الهام الذي أراد تناوله؟ وماذا منح لنا كمتلقين، أردنا أن ننصت ونري ونكتشف؟

يدور الفيلم حول شخصيتين متقابلتين، هما غيثة وأخوها ماوي (محمد)، فهما معا يمثلان الموضوعة الأولي بينما يمثل ماوي وحده الموضوعة الثانية كي تنفرد غيثة بإبرازها للموضوعة الأخيرة في علاقتها مع يوري.

بغض النظر عن تلك السيارات التي رأينا وكل تلك الموسيقي التي استمتعنا بها وكل ذلك الصخب الذي تم اقتيادنا إليه في نفس البوات البيضاوية ماذا يتبقي من الفيلم؟ هل ليسي الليوطي أم محاولة غيثة أن تبدو كشخص يحاول العقلنة في عالم يؤثثه منطق آخر من دون المنطق؟! أم صلاة ماوي أو محمد إن شئنا؟

أري أن الفيلم لم يوفق في تعامله مع موضوعاته، هذه التي تتداخل فيما بينها في واقع الأمر، غير أن التشتت الذي طبعه، لم يكن، وحبذا لو حصل ذلك، تشذرا نابعا عن وعي ما، وإنما عجزا عن تناول متين لإشكالات اجتماعية وسياسية هائلة. فالفيلم عكس ذلك سعي مثل إشهار إلي تبضيع ظواهر أو وقائع جديرة بتفحص وتحليل مسلحيين برؤية فكرية قوية.

أعتقد أن انعدام هذه الرؤية الفكرية والفنية هو ما يستبيح كل ذلك الخلل الصارخ البادي في خطاب الفيلم، ما هوي به في هشاشة لا تغتفر لأول عرض طويل للمخرجة.

تسجل للفيلم خلاف ذلك تلك الجرأة الخاصة في استعمال اللغة المطموسة دوما والمحرمة أبدا. شيء أساسي هو سعي الفيلم إذن إلي تسمية الأشياء بأسمائها الحقة. غير أن كل ذلك جاء علي لسان شباب في مقتبل العمر وخلال انغمارهم في شرب مفرط ما يفجر في دواخلهم تلك الترسانة المتوارية من المفردات التي تبوح بقاموس جمعي مغيب لدي اللغة العالمة والضرورة الأخلاقية، ما يشير أيضا إلي تسيب أولئك الشباب واستهتارهم في نظر السلطة الواعية المتسلطة بقيم الأمة ومعايير سدادها.

فكيف تناول الفيلم إذن موضوعاته الحميمة؟ كيف قدم لنا مراهقي أحياء أنفا الراقية؟

يدخل بنا في البدء إلي بوابة العلب الليلية وشجارات ما بعد السكر، وإن كان قبل ذلك يقابل بشكل تماثلي، أحد البدلات الزرق يصلي بين صف من السيارات الجميلة ولعله حارسها الليلي وفي الطرف المقابل ذلك الشاب الذي يغازل فتاته داخل السيارة في لثم والتحام، وكأن الفيلم بذلك يضعنا جنب حذر من كون الأمرين يعنيان أكثر مما لا نبصره تعلق الصلاة بالفقر وتشبث الراكع بإله يعطف عليه ويمنحه علي الأقل ذلك الأمان الداخلي وهو يحرس ويرعي حياة الأثرياء ويتحمل ببرودة دم صلافة أبناء تلك الطبقة وإسرافهم البالغ، أما الشاب فيمضي في سيولة حياته اللينة.

هذا التقابل سيكون دوما ما يشكل سكينة الفيلم. ثمة دوما طبقة من المهمشين تلقي الحياة بظلالها عليهم في كنف حريري يكونون فيه من يسدي بعض خدمات ويتلقون أجوراً ما. النساء الخادمات لدي عائلة غيثة ثم السائق لحسن إشارة إلي نوع من انتماء خاص من الدرجة الثانية بعد الفقر، كذلك سائق عائلة يوري والأستاذ الذي يقدم دروسا خصوصية في الرياضيات لغيثة في بيتها.

أما رجل الشرطة، فيبدو في الفيلم أجوفَ ومعري، سواء من خلال تقديمه كمرتشٍ أو من خلال خوفه المضمر من تلك الفتاة التي تجرأت وخاطبته وجها لوجه عكس ما تم تنميطه بهذا الخصوص من الخوف السائد من رجل الشرطة أو المخزن بشكل عام، ذلك أن علاقات الزبونية أو المعارف قد تطيح برجل الشرطة متي تجرأ علي مس أحد الأطراف التي تشكل جنب علاقة من النوع الذي ذكرت. علي أي كانت تلك لفتة بسيطة لنوع من الفساد الذي يستشري في بلد مثل المغرب.

الشخصيات المهمشة اجتماعيا كعينات دالة تهمش كذلك في الفيلم، فلا يكون لها سوي ذلك الحضور الباهت، كي يفسح المجال لسرد الانشغال اليومي لتلاميذ ثانوية الليوطي وزملائهم (الثانوية من مخلفات الزمن الاستعماري بالدار البيضاء كانت تخرج أبناء المعمرين وأبناء عملائهم ومن أصول راقية ولا تزال ليومنا هذا تحمل مشعل الفرنكوفونية، والليوطي أحد أشهر المقيمين العاميين بالمغرب، وقد تجمع الفقهاء تحت نافذة إقامته بمراكش يقرؤون القرآن لما مرض حسب ما ورد لدي الأب فوكو)، سواء عبر رتابة مقعرة في العلب الليلية أو خلال سباق السيارات كنوع من التسري الخاص أو في آخر الأمر بخصوص التفاهة البالغة والتي تشكل أس أيامهم.

لكن الفيلم لم يقم سوي بعرض صور أولئك ولم يذهب عميقا في تفكيك بُني عالمهم، سواء كانت الإرادة هي في نقده أو في ترجيح نمط حياتهم نموذجا لأفضل حياة !

ثانوية ليوطي كانت حاضرة كما ذكرت في كثير من لحظات الفيلم سواء من خلال لقطات خارجية أو من تواجد جواني أو من خلال تسارع للصورة عاكس لتكرار ورتابة فعل ما مثل ارتياد المكان. أسجل في البدء تناول فصلين من خلال الفيلم، الأول يتعلق باقتسام المشاهد مع التلاميذ درسا في الفلسفة يتمحور حول بعض قضايا سبينوزا ، ويقدم لنا المشهد الآخر تحليلا في اللغة العربية لإحدي قصائد جميل بن معمر في محبوبته بثينة. مرة أخري لم يستطع الفيلم أن يربط بين قضايا الدرسين والفيلم سوي من خلال ما يشغل غيثة، سواء في تمردها الظاهر علي أستاذ الفلسفة لما عاتب تشردها مشيرا إلي عدم اهتمامها، أما هي فردت محتجة علي عدم اهتمام أحد بالشغف بالحياة. أما درس الشعر فكان المشهد يعني غيثة مرة أخري ويتقابل قلق جميل بن معمر مع قلق غيثة في عدم تبين معالم حبها ومدي مبادلة يوري لها نفس العشق ولم تكن غيثة سوي من يشرد مرة أخري لأن الدرسين في كلتا الحالتين لم يكونا سوي نوع من المنبهات الخارجية لما يعتمل خصوصا في دواخلها.

يعود ماوي من الغرب، ونكتشف شيئا فشيئا أنه كان نفسه من أحد عناصر شلة الشبان، وأنه كان من يقاسمهم كل أنشطتهم اليومية. منذ البدء يبدو رزينا حازما ما تؤكده هيئته وإرساله للحية متعهدة بعناية مع انفتاحه النسبي. يقدم إلينا وهو يصلي ويصوم ما دام الزمن في الفيلم هو شهر الصيام. أخته غيثة حاولت أن تقاطعه وهو يصلي ما أريد به أن يكون نوعا من جهل عناصر تلك الفئات الاجتماعية بضوابط الصلاة وبأن من يصلي مثلا يكون في انقطاع وبأن لا مجال لأن يتواصل سوي مع عالمه الروحي. لم يشر الفيلم إلي سبب انكفاء ماوي وتوبته، وحتي السنة التي تم تأريخ الفيلم بها ليس من السهل معرفة إلي ماذا تشير، إلا إذا كانت مجرد مرجعية ذاتية خاصة. أما ماوي الذي رأينا بعد حين من عودته يزور مقبرة الناحية ويبحث عن قبر شخص يسمي محمد رضوان لم ندرك حينها من يكون ذلك الفقيد حتي اللحظة التي اتهمته فيها أخته غيثة بالقتل مدافعة عن نفسها في شأن كونها لم تكن سوي من تحيا حياتها، كي يجيبها ماوي بأن الأمر متعلق بحادثة. جميلة إذن هذه التقنيات في جسد الفيلم. علي كل ليس ثمة في الفيلم ما يشير إلي سبب التغير الطارئ لدي ماوي لأنه في وضع متأزم سوي عقدة الذنب المرتبطة بندم ما، خاصة وأنه كان قد سكر كثيرا لما صدم ذلك الولد في قارعة الطريق، إن اضطرابه النفسي وعدم قدرته علي تحمل كل الثقل الهائل الذي يشكله سفك دم بسبب تهور ما دفع به إلي التفكير في إعادة الاعتبار في قطار الحياة الذي يقود، واختار كما يحدث دائما الارتكان إلي الدين كنوع من السند المعنوي لدن تأزم عصي علي التدارك. غير أن ماوي، عكس ما حاول البعض أن يشير إليه، لم يصبح إسلاميا ذا ميول سياسية وإن كانت طريقه غير بعيدة عن ذلك، لأن أصل ذلك ليس سوي ما ينبع من تأزم نفسي أو تأزم اجتماعي، فيمنحنا الأول أفرادا مجندين للانخراط في الحركات السياسية التي يمنحنا التأزم الثاني.

لم يكن بمقدور الفيلم سوي أن يجتر كل الدعاوي التي أريد بها أن تكون حقا في تناول قضية إنسانية المشاعر بغض النظر عن التلوينات العرقية أو الدينية أو اللغوية وتلك ذات العلاقة مع لون البشرة. فإذا انتصرت الأساطير في زمن ما لأن سندها المادي كان من يتلاعب بقدر الناس فإن السياسة ونفس السند القديم هما من يعاود الذهاب بنا إلي نفس الكارثة، ونصدم البعض مع الآخر كي تضيع البوصلة ويتمكن المنتصر من تأبيد انتصاره.

علاقة غيثة مع يوري كانت فيها ضمن كل ما فيها من ايجابي تلك السلسلة العنقية التي مرت من عنق إلي آخر وذلك الجد الممزوج بالمزاح من طرف غيثة لما دعت حبيبها إلي أن يسلم، وتلك العبارة التي تتكرر دوما سواء بين يوري ورفاقه من نفس الديانة هؤلاء العرب! أو بينه وبين غيثة، ما يشير إلي نوع من إعاقة مزمنة لتعايش ما. وكان موت يوري في الأخير نوعا من القدر والرغبة الفنية في قتل بطل سيأتي ما لا نرغب فيه أو نوعا من اليأس التام جُعلت الصدف هي أيضا غير موافية له البتة.

فيلم ماروك إذن في تركيب اسمه مغرب_روك، أو أكثر من ذلك نوع من النطق الأجنبي لاسم بلد المغرب وكأن الأمر يتعلق بتصور أجنبي لما يدور في المغرب أو بتصور لما يدور لما هو أجنبي داخل المغرب بإضافة الحرف الأخير، أو لهو فقط صيغة ماكرة لنفس الشيء.

فيما يتعلق باللغة في الفيلم كانت الفرنسية لغة عائلات الفيلات كنسخ حرفي للواقع، ولا أري أن علينا أن نري فيه بالضرورة تعاليا ما. إذ في الواقع ليس ثمة تفاضل منطقي بين اللغات وكل تفاضل يصير إلي أمور أخري كتفاضل بين ألوان البشرة وغيرها. وأري أن الأمر في الفيلم يتعلق فقط بواقعية فجة ليس إلا.

حاول الفيلم بأدواته الخاصة أن يقدم شيئا جميلا، غير أنه تعثر وخانته القوة اللازمة والرؤية الفنية الجديرة بفيلم جيد وناجح، فرمي مع ذلك حجرا في سكون ورج هدوء الذين يخافون من تملي الواقع نصب العين أو الذين يودون دائما إخفاء الصارخ، ويسمون أجزاء من اللغة كلمات ساقطة.

يلزم نوع من العمق ونظر ثاقب وحوار عالٍ وهدف واضح كي يكون الفيلم رائعا. وفي انتظار انجاز في المستوي قد يكون بوسعنا أن نلقي نظرة علي الفيلم.

كاتب من المغرب

القدس العربي في 17 مارس 2006

 

يؤكد أن بعض النجوم لم يرحب بتمثيله «حاحا وتفاحة»... طلعت زكريا: صعدت الى البطولة باستفتاء شعبي

القاهرة - عصام السيد 

ظل الفنان الكوميدي طلعت زكريا أكثر من عشرين عاماً واقفاً في الطابور، بين أبناء جيله من الكوميديين منتظراً دوره للحصول على فرصة حتى ولو صغيرة للتعبير عن نفسه، وعن خفة الدم التي يمتلكها وتؤهله للجلوس في الصف الأول بجوار نجوم الكوميديا. إلا أن أحداً لم يلتفت إليه حتى نسي الكوميديا بينه وبين نفسه، وتوقفت أحلامه عند الحصول على دور تاجر مخدرات أو تاجر فاكهة اعتاد المخرجون منحه اياه على الشاشة الصغيرة. واعتبر هو الآخر ما يقدمه مجرد «أكل عيش».

ومع ظهور نجوم الكوميديا هنيدي، ورفاقه، كانت سعادة زكريا كبيرة فهو واحد منهم، وقدم أعمالاً كثيرة على خشبة المسرح مع هنيدي، وسعد، والراحل علاء ولي الدين، وكان واثقاً أن نجوم جيله لن يخذلوه. وكان محقاً في توقعه اذ خلال فترة قصيرة تحول طلعت زكريا إلى أحد الوجوه المعروفة على شاشة السينما، حتى أن البعض تصور أنه أحد الوجوه الجديدة، وتحول إلى تميمة للنجاح، وكان أكثر نجوم الكوميديا يرفضون التصوير من دون وجود دور له. لكن الذي كان في الأمس صديقاً لهم، أصبح اليوم منافساً قوياً بعد نجاح أول أفلامه في عالم البطولة المطلقة «حاحا وتفاحة»، وتجاوزت إيرادته 6 ملايين جنيه متفوقاً على أفلام «دم الغزال»، و «ويجا»، الذي يضم كتيبة من نجوم الشباب، و «فتح عينك»، و «ليلة سقوط بغداد».

·         قصة فيلم «حاحا وتفاحة» من اختيارك أم أن الظروف هي التي وضعتها أمامك لتجسدها؟

- لا أريد أن أكون مثالياً أكثر من اللازم وأقول أن ما جذبني إلى الفيلم الموضوع الذي يناقشه كما يقول معظم النجوم. فأنا كنت أنظر الى منطقة أخرى تماماً. كنت أبحث عن الضحك. وعندما قرأت سيناريو الفيلم شعرت أنني استطيع أن أقدم هذا العمل، و «قلبي جامد». كما لا يستطيع أحد أن ينكر أن الفيلم يتضمن قيمة فكرية بجوار الكوميديا وهي ترتبط بعلاقة الاخوة التي أثرت فيها الماديات. ومن الصعب خلال الفترة الحالية العثور على سيناريو يجمع بين القيمة، والكوميديا، لهذا وافقت على «حاحا وتفاحة» وأعدت كتابة سيناريو الفيلم 6 مرات حتى يخرج بصورة أفضل بناء على توجيهاتي أنا، والمنتج محمد السبكي، وكاتب السيناريو بلال فضل.

·     إعادة كتابة سيناريو الفيلم 6 مرات هل كانت بسبب السعي لتحقيق الفيلم بشكل جيد أم من أجل البحث عن أكبر قدر من «الإفيهات»؟

- الكوميديا والإفيهات كانت موجودة منذ بداية كتابة سيناريو الفيلم، وإعادة كتابة سيناريو الفيلم جاءت حتى لا تُتهم أسرة العمل بالتفاهة، فسقوط المنزل في نهاية الفيلم الذي كان سبباً في النزاع بين الأخ وشقيقته لم يكن موجوداً في البداية، وإنما أضفنا هذا المشهد؛ لنؤكد أن المهم العلاقة الطيبة بين الأشقاء.

مرتبة أولى

·     تجاوزت إيرادات الفيلم ستة ملايين جنيه واحتل المرتبة الثانية بين أفلام العيد بعد فيلم «ظرف طارق» بطولة أحمد حلمي، هل كنت تتوقع هذا النجاح؟

- أنا أحتل المرتبة الثانية بين أفلام العيد وإنما المرتبة الأولى متفوقاً على أحمد حلمي، ولكن البعض لا يريد الاعتراف بهذا ففيلمي يُعرض في 50 دار عرض فقط أما فيلم أحمد حلمي فيعرض في 65 دار عرض ولو كنت حصلت على فرصته في العرض لحققت إيرادات كبيرة جداً على رغم أن البعض لم يكن يرغب في حصولي على أول بطولة، وكانوا يعتبرون الرهان عليّ غير مضمون، وأنني حصان أعرج، ولكن المنتج محمد السبكي كان يثق فيّ بشكل كبير، أما الموزعون فكانوا مترددين، وفي النهاية وفقني الله عليهم.

·         هل قال البعض لك بشكل صريح أنك لا تصلح للبطولة؟

- لم يكن هذا الكلام يصلني بشكل صريح، وإنما كنت أشعر به من طريقة الكلام، وأقرأه في العيون. وكذلك كنت أحس إثناء تحضير وتصوير الفيلم أنه سيكون عملاً عادياً ولكن ربنا ستر. وهذه النظرة التي لم تكن تؤلمني لأنني مؤمن بالنصيب والقدر. والأسماء التي لم تكن متحمسة لصعودي للبطولة كانت ترفض تصوير أعمالها من دون مشاركة طلعت زكريا، وينتظرونني حتى انتهي من التصوير وأشارك معهم، وهذا تناقض كبير لديهم. البعض يعتبرني ظاهرة، ولكن هذه ليست حقيقة فأنا موجود على الساحة منذ عشرين عاماً ولم أحصل على البطولة مرة واحدة وبضربة حظ وكنت أتوقع النجاح الكبير الذي حققته بسبب حب الجمهور لي كممثل خلال الأفلام التي قدمتها والتي وصل عددها إلى 15 فيلماً. والجمهور الذي شاهد هذه الأفلام هو الذي ساندني عندما أصبحت بطلاً، وشباك التذاكر هو الاستفتاء الشعبي على نجاح الممثل، ولم يكن لديّ أي نوع من القلق أو الخوف في مواجهة باقي الأفلام لأن علاقتي بالعمل تنتهي مع انتهاء التصوير والنجاح والفشل من عند الله، والإيرادات الكبيرة التي حققتها ليست دليلاً على جودة الفيلم، وإنما على حب الجمهور لي كممثل، والكوميديا الموجودة داخل الفيلم.

الناقد حرّ

·         فيلم «حاحا وتفاحة» تعرض لانتقادات شديدة واعتبره النقاد عملاً مسفاً إلى أقصى درجة.. هل لديك رد على هذا؟

- كل ناقد حر في رأيه، وسأحترم رأيه. لا يوجد عمل فني مكتمل، ولكن يجب أن يتوقف رأي الناقد على العمل الفني فقط، وليس على الممثلين المشاركين في العمل اتهامهم بعدم القدرة على التمثيل. لو هاجمني أحد النقاد في شخصي سأرد له الاهانة، ولن أعتبرها نقداً لأن هناك فرقاً كبيراً بين التجريح والنقد، من يريد أن ينقد الفيلم أهلاً به.

·         قبل عرض الفيلم قلت أن الفيلم سيتعرض لهجوم شديد من النقاد هل كان وراء هذا القول عدم ثقتك في العمل الذي تقدمه؟

- جاء هذا القول لأنني أعرف أن كل الأفلام الكوميدية تتعرض للهجوم مهما كانت جودتها، وهذه قاعدة. أما الأفلام البعيدة عن الكوميديا مثل «ملك وكتابة»، و «دم الغزال»، فيشيد بها النقاد ويعتبرونها أعمالاً جيدة بعيداً من رأي الجمهور وعلى طول الخط يوجد اتهام من النقاد لنجوم الكوميديا أنهم لا يجيدون اختيار أعمالهم الفنية، ويبحثون عن الضحك فقط، وأنا لا أنكر هذه التهمة. أنا أسعد لحظات حياتي عندما أشاهد الجمهور يضحك داخل دور العرض حتى لو لم يفهم العمل الذي يشاهده فرسالتي في الحياة إضحاك الجمهور.

أغنية مرفوضة

·         شهد فيلم «حاحا وتفاحة» اعتراضاً من جانب الرقابة على بعض مشاهد الفيلم فما طبيعة هذه المشاهد؟

- الرقابة لم تعترض سوى على أغنية تقول «مساطيل من يومنا والله» على وزن أغنية «حلوين من يومنا والله»، وأنا صاحب فكرة هذه الأغنية، وبعد اعتراض الرقابة حذفت من الفيلم.

·         ومشاهد المطربة مروى لم تعترض عليها الرقابة؟

- لم تعترض عليها حيث يوجد مطربات شاركن في أفلام أخرى وظهرن بشكل أبشع، كما أن دور مروى مطربة في أحد الأحياء الشعبية؛ ولابد أن تظهر بهذا الشكل.

الحياة اللبنانية في 17 مارس 2006

مديرة مهرجان روتردام السينمائي الدولي ساندرا دين هامر لـ"المستقبل":

هناك سينمات غير قادرة على بلورة الغليان الداخلي لمجتمعاتها بسبب ضعف إمكاناتها

روتردام ـ ريما المسمار 

يشكل مهرجان روتردام السينمائي الدولي حالة خاصة بين المهرجانات السينمائية العالمية. فهو مهرجان كبير باكتشافاته وثري باختياراته ولكنه لا يتماشى مع المظاهر الرنانة للمهرجانات الأخرى. لا يضيره ان يعرض أفلاماً سبق لها ان جالت على كان وبرلين والبندقية ولا يتحرق ليحوز عضوية "المنظمة الدولية للمنتجين السينمائيين" FIAPP. ولكنه برغم ذلك محط أنظار العديد من السينمائيين بسبب تحرره من القواعد والقوانين وانفتاحه على التجارب الجديدة واهتمامه بالسينمائيين الشباب واتبعاده من التنافسية والمفاضلة. ولعل وقوعه في صف ثانٍ بعد المهرجانات الاولى يحيده عن "سيف" الاضواء المسلطة والنقد السليط الذي يطاول الاولى بسبب موقعها الذي بات يتخطى مضمونها الى شيءٍ من صوغ صورة عامة يجب الحفاظ عليها. خلال الدورة الاخيرة لروتردام التي اختتمت اوائل الشهر الفائت، تحدثت مديرته ساندرا دين هامر الى "المستقبل" عن خصوصية المهرجان وطموحاته وخياراته معرجة على علاقته بالسينما العربية.

* * *

·     اول ما يلفت الى مهرجان روتردام السينمائي أقسامه التي تراعي المساواة بين الأفلام وفئاته التي لا تفاضل بينها. ما هي الفكرة خلف هذا التقسيم لاسيما انه اعتُمد حديثاً؟

ـ يركز مهرجان روتردام بالدرجة الأولى على تقديم المواهب الشابة واكتشافها. وهو مساحة حرة للسينما كفن وللأفكار والأفلام خارج الاطار التنافسي. هناك مسابقة للأفلام الاولى والثانية فقط. أما الافلام الباقية فتتجاور وتتحاور في فئات لا تقوم على المفاضلة بل على روحية الافلام. والواقع ان فكرة التصنيف في خانات هدفها توضيح الصورة لرواد المهرجان. فئات البرنامج الرسمي هي التي تعكس مواصفات المهرجان: سينما المستقبل في "ستورم أند درانغ"؛ سينما العالم في "تايم أند تايد" حيث الأفلام تعكس المجتمعات التي نحيا فيها وتقدم صوراً من ثقافات لا نعرفها وهي أفلام تستحيل مشاهدتها خارج المهرجانات لأن 90% من العروض السينمائية في الصالات الاوروبية هي لأفلام أميركية من الخط السائد؛ والفئة الثالثة هي فئة "مايستروات السينما" أي أفلام المخرجين المؤلفين الكبار في السينما المعاصرة. اتبعنا هذا التصنيف منذ الدورة الفائتة. قبل ذلك، كان هناك فئة البرنامج الرئيسي التي تتضمن قرابة 150 فيلماً. أعتقد ان العدد الكبير للأفلام هو عنصر أساسي في المهرجان لأنه يمنحه البعد الاستكشافي. كأن المشاهد يدخل عالم المهرجان من دون ان يعرف مسبقاً ما الذي ينتظره. ولكن من جهة ثانية يخدم التصنيف او يشرح طريقة عملنا ورؤيتنا للأفلام ويكرس مواصفات المهرجان. انه مهرجان المواهب الشابة وسينمات العالم والمخرجين المؤلفين.

·     ثمة مهرجانات أخرى في العالم تقدم الافلام الاولى والثانية وتضيء على السينما العالمية. كيف يكتسب مهرجان روتردام خصوصيته في ظل ذلك؟

ـ بالمقارنة مع مهرجانات أخرى مثل كان وبرلين، روتردام هو الأكثر تركيزاً على العناية بالمواهب الشابة وسينما المؤلف. في مسابقتي كان وبرلين، نعثر على عدد كبير من أفلام "الماينستريم" الى الحضور الطاغي للنجوم. اما في روتردام، فنردد دائماً ان نجومنا هم المخرجون الشباب. خلال اثني عشر يوماً مدة الدورة الخامسة والثلاثين استقبلنا 370 مخرجاً وأعتقد انهم نجوم المستقبل لأن هذا ما حدث بالفعل في الماضي. فالمخرج الصيني وانغ زاوشواي الذي حاز جائزة لجنة التحكيم في الدورة الماضية لمهرجان كان، قدمه مهرجان روتردام للمرة الاولى قبل ثماني سنوات. وعندما قدم كريستوفر نولان فيلمه الأول في روتردام لم يكن يعرفه أحد وها هو يدخل هوليوود بفيلم "باتمان".

·     تشيرين الى افلام فنية وأخرى "ماينستريم" في الوقت الذي تبدو فيه الحدود بين انواع الافلام مموهة. هل من السهل تصنيف الافلام على هذا النحو وكيف؟

ـ الحدود ليست واضحة تماماً، هذا صحيح. ولكن عندما أقول سينما "الماينستريم" فإنني أعني الأفلام التي تُصنع بهدف جني المال. تلك ليست فناً بقدر ما هي مشروع تجاري. السينما الفنية هي التي يصنعها المؤلف ويحملها وجهة نظره وأفكاره. أعتقد ان الفصل يقوم بالدرجة الاولى على ميل الفيلم الى الترفيه او الفن. كما ان السينما السائدة تعتمد في بنائها على النوع والنمط المسبق. السينما التي نبحث عنها هي السينما الذاتية التي تحمل رؤية وتبحث عن أساليب تعبيرية جديدة. هذه مواصفات خاصة بالافلام الفنية. في المقابل، هناك أفلام مثل Good Night and Good Luck لجورج كلوني او Tideland لتيري جيليام او Brokeback Mountain لآنغ لي.. طالعة من هوليوود ولكنها أفلام جيدة وتحمل المواصفات التي تحدثنا عنها. بمعنى آخر، النمط الانتاجي ليس دائماً هو الذي يحدد نوعية الفيلم بدليل ان ثمة أفلاماً جيدة تطلع من هوليوود ولكنها تشذ عن النمط السائد.

·         كيف يكمل العمل على المهرجان خلال السنة؟

ـ نتعامل من فريق من المبرمجين انا واحدة منهم. نجوب المهرجانات العالمية ولكل نوعية عمله وحدوده. يتركز عملي مثلاً على فئة "تايم اند تايد". اولى محطاتنا بعد روتردام هي برلين في العادة ونتنقل بعده بين المهرجانات. وهناك فريق من 25 شخصاً يعمل طوال السنة.

·     يعرض روتردام أفلاماً قدمت في مهرجانات أخرى. ألا يؤثر ذلك على خصوصيته؟ وهل فكرة العرض الاول تضيف الى مصداقية المهرجان وموقعه؟

ـ ثمة توازن نسعى اليه في روتردام. فنحن من جهة نقدم أفلاماً عُرضت في برلين وكان والبندقية وهي في معظم الاحيان أفلام فئة "مايستروات السينما". ومن جهة ثانية، نستأثر بالعرض العالمي الاول لاثنين وخمسين فيلماً ومايقرب من ذلك العدد في عرض دولي اول. أي ان هناك زهاء مئة فيلم تُعرض للمرة الاولى في فئة الافلام الروائية الطويلة ناهيك بالقصيرة. هذا التوازن ضروري للمهرجان لأنه في نهاية المطاف منصة للأعمال السينمائية وللحصاد السينمائي السنوي وبالتالي لا نستطيع ان نستثني افلاماً لأمثال هانيكي وكيتانو بحجة انها عرضت في مهرجانات أخرى. وعلى صعيد آخر نتيح للموزعين والمنتجين في العالم ان يكتشفوا المواهب الجديدة.

·     من اللافت ان روتردام ليس عضواً في الـ FIAPP التي هي الجهة الرسمية بشكل او بآخر التي تشرع حضور المهرجان السينمائي.

ـ قبل سنوات، قمنا بمناقشات حول دخول مهرجان روتردام "المنظمة الدولية للمنتجين السينمائيين" FIAPP ولكن كانت هناك لائحة طويلة من الشروط والالتزامات. أعتقد ان بعض التغييرات أجري عليها لاسيما في ما يتعلق بموضع العرض الاول للافلام حيث لم يعد شرطاً اساسياً في المهرجانات السينمائية ان تكون افلام المسابقة تقدم للمرة الاولى. روتردام يقدم السينما المستقلة ويهمنا في الوقت عينه ان نحافظ على استقلالية المهرجان وحريته. لا نريد ان يملي علينا أحد عدد العروض المسموح بها للفيلم في المهرجان او ان يفرض علينا كيفية طبع الكتالوغ... شروط الذذءةئ تفصيلية جداً ومحددة. ربما أصبحت أكثر ليناً ولكن علي ان أطلع عليها ثانية وعندها نقرر ما اذا كان الانتساب الى المنظمة سيؤثر على استقلالية المهرجان ام لا.

·     الى أي حد ترتبط اختيارات المهرجان للسينمات الصغيرة على موقعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي؟ هل ان اهتمام المهرجانات يتجه الى السينمات الطالعة من بلدان تعيش نوعاً من السخونة او الغليان كالعراق مثلاً؟

ـ إختياراتنا لأفلام السينما العالمية مبني على السفر والتنقل والبحث. لا نجلس في مكاتبنا ونقرر ان نبحث عن افلام في بلد معين. بل نعتمد على مشاهدة أكبر كم من الافلام لنتمكن من معاينة التيارات الجديدة ومواقعها. كذلك يساعدنا برنامج "هيوبرت بالس فاند" التابع للمهرجان الذي يدعم المشاريع السينمائية في اختيار المشاريع الجديدة والطازجة والتي ندرك سلفاً انها تحمل مقومات جيدة بناءً عليه تنال المساهدة الانتاجية. كما اننا من خلاله نعرف بالمشاريع قيد الانجاز في وقت مبكر ويتسنى لنا متابعتها. الى ذلك، نقوم بورش عمل في بلدان كثيرة مع سينمائيين بما يمكننا من متابعة عملهم عن كثب. قبل سنوات مثلاً، بدا واضحاً من عدد المشاريع المقدمة الى "هيوبرت بالس فاند" ان ثمة حركة سينمائية في الارجنتين فواكبناها.

·     الملاحظ ان برنامج روتردام يتضمن افلاماً كثيرة أُنجزت بدعم من "هيوبرت بالس فاند". الا يشكل ذلك عبئاً على اختيارات المهرجان وحريته لاسيما ان مشاريع كثيرة تبدو جيدة على الورق ولكنها لا تثمر بالضرورة افلاماً جيدة ؟

ـ الفكرة الاخيرة صحيحة تماماً لذلك غيرنا القوانين قبل عامين فلم نعد نعرض كل فيلم يدعمه البرنامج. الاخير يدعم الافلام في ثلاث مراحل: السيناريو، الانتاج وما بعد الانتاج. ما تقولينه عن خروج فيلم عادي من سيناريو جيد يصح في المرحلتين الاولى والثانية. لذلك لم نعد نعرض كل الافلام التي حازت دعم البرنامج في مرحلتي السيناريو والانتاج وانما نختار ما يتناسب مع المهرجان. اما المرحلة الثالثة فهي تقوم على دعم الفيلم في عمليات المونتاج والميكساج الاخيرة وتالياً فإن الفيلم يكون منجزاً ويمكن الحكم عليه. لذلك نعرض كل الافلام المدعومة من "هيوبرت بالس فاند" في المرحلة الاخيرة.

·         هناك تململ بين السينمائيين والصحافيين العرب تجاه تقصير المهرجانات العالمية في تمثيل السينما العربية وتقديمها...

ـ هذا صحيح الى حد ما ولذلك بدأنا هذا العام بالتعاون مع مهرجان الفيلم العربي في روتردام ومديره الفني انتشال التميمي لنتمكن من تقديم السينما العربة بشكل أفضل من خلال التعرف الى لاعبيها الاساسيين والاطلاع على أحدث انتاجاتها.

أود العودة الى نقطة سابقة وهي "الافتتان" اللحظوي الذي يحظى به بعض السينمات نتيجةً لظرف ما وغالباً يكون بعيداً من المستوى الفني كالسينما الايرانية التي نلاحظ وجود ثمانية من أفلامها في روتردام وليس مبالغاً القول ان بعضها اقل من عادي. الامر نفسه ينطبق على فلسطين واليوم العراق.

ـ علينا ان ننتظر سنوات قبل ان نحصل على "زبدة" الابداع. بكلام آخر، من الطبيعي ان تتجه الأنظار الى منطقة الصراعات والتحولات لأن ذلك ينطوي على احتمالات ابداعية كبرى، قد تحتاج لسنوات لتتبلور. انظري الى شمال افريقيا في مرحلة ما بعد سياسة التمييز العنصري. إن أفلاماً مهمة تخرج من هناك لأن ثمة الكثير من القصص والحكايات التي تتفجر عن حقبة صعبة. ولكن واقع الحال ان هذا وحده ليس كافياً لأن ثمة نقصاً في التمويل والدعم للسينما. هناك غليان داخلي ولكنه عاجز بسبب فقر الامكانيات عن الوصول الى بلورة تيار او حركة افلام روائية. أعتقد ان ما يحدث للسينما العربية يشبه ذلك كثيراً وتالياً فإن اختيار المهرجان الاضاءة على هذه السينمات انما للقول ان هناك شيئاً ما يحدث ولكنه في بدايته.

·         ما هي برأيك وظيفة المهرجان السينمائي؟ وهل تجدين تقصيراً في ادائها على المستوى العام؟

ـ أعتقد ان مهمة المهرجان السينمائي تتخطى عرض الافلام الى دعمها والبحث عن المواهب الشابة من خلال اقامة ورش عمل حول العالم. اي ان على المهرجان ان يغذي السينما ومواهبها من دون ان ينسى مسؤوليته تجاه مجتمعه. لمهرجان روتردام التزامات تجاه المجتمع الهولندي تتلخص في ان يكون نافذته على سينمات العالم التي لا تصله عن طريق أخرى. كذلك يتوجب على المهرجان ان يحدد مهاماً له خلال العام وليس فقط في فترة انعقاده وان يسعى الى اعادة عرض افلامه في الصالات السينمائية كما نحاول ان نفعل في روتردام فضلاً عن آفاق المشاهدة المفتوحة في عصر الديجيتال حيث هناك موقع الكتروني خاص بالمهرجان يمكن زواره من مشاهدة بعض الافلام الى إصدار بعض الافلام على "دي.في.دي" وتوزيعها.

المستقبل اللبنانية في 17 مارس 2006

 

افتتاح "سينما سيكس" في أمبير صوفيل للعروض البديلة

إصرار على نجاح المشروع ترافقه هواجس الهوية والبرمجة

ريما المسمار

من الجرأة بمكان ان تُستعاد "الصالة السادسة" Salle Six او "سينما سيكس" على ما استقر عليه الاسم الجديد. فهذا المشروع الطموح والضروري لايجاد صالة سينمائية متخصصة بالعروض البديلة او العروض المخلفة عن السائد التجاري والذي انطلق في العام 1999 بتخصيص إحدى صالات مجمع السوديكو له، اصطدم بحائط مسدود بعيد وقت قصير فاندثرت الآمال. وأقول من الجرأة استعادتها اليوم لأن ذلك ينطوي على أمرين هامين: الاول هو الاصرار على انجاح هذا المشروع ايماناً بأن ثمة أرضية خصبة له والثاني هو الاعتراف بأخطاء المحاولة الاولى والعمل على تجاوزها.

لعل أول الجهود المبذولة في هذا المجال انتقال "سينما سيكس" الى موقع آخر هو سينما صوفيل بما هو تأكيد على فهم القيمين على المشروع لأهمية الموقع الجغرافي والكيان المستقل لمشروع من هذا النوع. بمعنى آخر، ثمة حاجة الى فصل هذه الصالة عن المجمعات الكبرى ودور العرض التجارية بامتياز ليتسنى لها ان تكون مساحة ذات كيان خاص. ولا عجب ان يتم اختيار صالتي صوفيل لهذه المهمة نظراً الى الدور الذي لعبتاه في السنوات الاخيرة في احتضان التظاهرات السينمائية والمهرجانات فضلاً عن انهما صالتان أي مساحة مضاعفة للعروض. لقد اكتسبت صالتا امبير صوفيل سمعة جيدة خلال الفترة المنصرمة لجهة تقديمها النتاج السينمائي المختلف متى توفر. جل ما اختلف اليوم انها باتت تحمل الصفة الرسمية لذلك مع ضرورة الا تفقد عفويتها وانفتاحها على التجارب الجديدة والمبادرات الناشئة.

الى ذلك، ينطوي اختيار صوفيل على استيعاب أكبر لامكانيات هذا المشروع التي تتخطى العروض الجديدة. بمعنى آخر، تتيح استقلالية المكان ووقوعه على هامش خارطة الصالات السينمائية المتنافسة على اجتذاب جمهور أكبر لأفلام ذات مواصفات تجارية بحتة، إقامة برامج سينمائية كالاستعادات والتكريم وسواها من المبادرات التي تسمح للجمهور بإعادة إكتشاف سينمات وأفلام وتؤمن للمشهد السينمائي المحلي صيرورة وحيوية مفقودتين.

بالمقارنة مع التجربة الاولى، تبدو هذه التغييرات أساساً ضرورياً للاستمرارية. فغياب استقلالية المكان في التجربة السابقة الى عوامل أخرى أدى الى تمويه هوية الصالة لتتحول مستوعباً لأفلام متباينة يجمع بينها انها غير جماهيرية. فهناك مثلاً كان يتجاور الفيلم ذو المواصفات الفنية الذي لا يتوجه بطبيعته الى جمهور عريض ("سوف تحملنا الريح" على سبيل المثال لا الحصر مع الفيلم المصنوع بهدف حشد الجمهور وانما فشل في تحقيق ذلك (The !3th Floor كمثال). ليس متوقعاً ان تتكرر هذه التفاصيل مع اعادة اطلاق الصالة نظراً الى ابتعادها من المنافسة على الموقع الجماهيري موقعاً وشكلاً ومضموناً لاسيما ان افتتاح مجمع صالات "أ.بي.سي" القريب من "صوفيل" أعفاها من تلك المهمة نهائياً. كما ان الرؤية لهوية هذه الصالة اتسعت. ففي كلمة مدير المشروع، ماريو جونيور حداد، التي تتصدر النشرة الاولى، اشارة الى ان "سينما سيكس" ستركز على عرض "الافلام النوعية" سواء أكانت اوروبية او اميركية او حتى منتجة في نظام الاستديوات وانما تحمل ملامح خاصة. وتلك رؤية معاصرة تستلزم الكثير من الجهد والعمل والحس الفني العالي لخلق هوية متحررة ومتحركة للسينما الجديدة تتماشى مع النتاج البصري الحالي التائق الى الانعتاق من القيود والتسميات والتصنيفات.

هواجس

في البرمجة الاولية لـ"سينما سيكس" تندرج أفلام مثل capote وMatch Point لوودي آلن والبلجيكي L'Enfant لجون بيار ولوك داردين والفرنسي Palais Royal لفاليري لوميرسييه واللبناني "يوم آخر" لخليل جريج وجوانا حاجي توما... ولكن تلك أفلام ستعرض ايضاً في صالات أخرى مما يشرع التساؤلات حول ما اذا كانت أفلام الصالات الأخرى ستخترق عروض "سينما سيكس". كما تؤكد تلك اللائحة الاولية على أن عروض "سينما سيكس" للمدى القريب تندرج في إطار الافلام التي يملك أصحاب الصالة حق توزيعها. الا انه لا يُخفى على أحد ان تفعيل دور الصالات البديلة يستوجب من القيمين عليها استقدام افلام وبرمجة خاصة بها تراعي الهوة الكبرى التي تفصل بين الجمهور السينمائي والسينمات بعيدة المنال ومنها العربية كسينما المغرب العربي. بمعنى آخر، ان تتحول من صالة للافلام المتوفرة الى صالة ذات خطة بعيدة المدى تعمل على صوغ برمجتها الخاصة وتسعى الى جلب الأفلام التي تتناسب مع أهدافها وتكرس هويتها.

الافتتاح والبرنامج الفرنكوفوني

كانت أمسية الافتتاح اول من أمس بمثابة العينة التي حاولت تكثيف تلك الرؤى بما جمعته من اختيارات سينمائية: شريط هاني طمبا القصير Aftershave الفائز بسيزار افضل فيلم قصير، العرض الاول للفيلم اللبناني­السويدي "زوزو" لجوزيف فارس، العرض الاول لشريط بينيت ميللر Capote وThe Producers النسخة السينمائية للمسرحية الشهيرة من اخراج سوزان سترومن. يحمل كل من تلك الافلام الصفات التي تخوله ان يكون بين عروض "سينما سيكس". فالاول ينتمي الى فئة الشريط القصير المحرومة من العرض في الصالات السينمائية التجارية والثاني فيلم سيرة لمخرجه اللبناني المقيم في السويد من إنتاج سويدي. اما Capote فهو من افلام العام الفضلى التي تصوغ شخصياتها وأحداثها بخصوصية وفرادة.

"أسبوع الفيلم الفرانكوفوني"هو اول البرامج المدرجة على جدول أعمال "سينما سيكس". انطلق مساء أمس ويستمر الى الثاني والعشرين من الجاري متضمناً أفلاماً ممولة جزئياً من الوكالة الدولية للفرانكوفونية. تقدم الافلام يومياً في موعدين السابعة والنصف والتاسعة والنصف ليلاً وهي:

* الجمعة: Strass لفينسنت لانو (بلجيكا 2001)؛ Sois Mon Amie لناصر قطاري (تونس، 2000).

* السبت: "أسرار البنات" لمجدي أحمد علي (مصر 2001)؛ "أرض مجهولة" لغسان سلهب (لبنان 2002).

* الاحد: A La Petite Semaine لسام كارمان (فرنسا 2002)؛ Les Invasions Barbares لدوني أركان (كندا 2002).

* الاثنين: Filles Uniques لبيار جوليفيه (فرنسا 2002)؛ Millionaire pour un Jour لنيكولاي فولف (بلغاريا).

* الثلاثاء: Orchestre Sans Nom لليودميل كيركوف (بلغاريا)؛ "باب الشمس: الرحيل" ليسري نصر الله (مصر 2004).

* الاربعاء: Des Examens a un Moment لإندو­ايفانكا غرابتشيفا (بلغاريا)؛ "باب الشمس: العودة" ليسري نصر الله.

المستقبل اللبنانية في 17 مارس 2006

 

سينماتك

 

«جامعة» فنية للشعوب العربية في فيلم عبدالله المحيسن الروائي الأول...

«ظلال الصمت» عمل مفتوح على مواجهة ساخنة مع التدمير والخراب

دمشق - بندر عبدالحميد

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك