هناك أكثر من تفسير لقيام بعض المشاهدين بالضحك حين سمعوا رفع الأذان في اللقطة الأولي من فيلم «سريانا» إخراج ستيفن كاغان وذلك في القاعة الكبري بمهرجان برلين التي ازدحمت بالمشاهدين .

الحقيقة أن ما حدث كان شيئا غير معمم بمعني أن الضحكات التي انطلقت في القاعة بدت متناثرة لكن لاشك أن الأمر يحتاج إلي تفسير علي كل منا أن يضعه حسب رؤيته خاصة أن رفع الأذان تم وفق شعار الشركة المنتجة ثم ما لبثت أحداث الفيلم ان بدأت.

يعني رفع الأذان هنا أن الفيلم يخص المسلمين في المقام الأول ليس فقط العرب منهم، بل أيضا يخص القادمين إلي المنطقة العربية للعيش فيها والعمل بها، وعليهم أن يتعلموا كيف يتحدثون اللغة العربية، كما يفعل صاحب أحد الأعمال حين يخبر مجموعة من الشباب القادمين من آسيا أنه من الأفضل بالنسبة لهم أن يتحدثوا باللغة العربية.

نحن أمام فيلم هو ثمرة فاتورة أحداث سبتمبر رغم أن الأحداث الرئيسية هنا مستوحاة من أحداث عربية حقيقية دارت قبل عام 2001 وهي قيام أمير دولة عربية بالجلوس بمقعد أبيه ثم جذور تدمير أو تفجير المدمرة الأمريكية كول عند سواحل اليمن، وربط الحدثين بما يدور في حقول البترول وأيضا باعتبار أن البترول هو الثروة الأكثر أهمية في العالم الآن وأنه من أجل امتلاكها يجب أن تحاك المؤامرات والدسائس في كل أنحاء العالم، ولعل هذا يعطي تفسيرا أن أحداث الفيلم تدور في أكثر من مدينة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والمنطقة العربية من خلال ما يعرف بالقصص المتوازية التي تدور في نفس اللحظة دون أن تتشابك مثلما رأينا أيضا في الفيلم المصري عمارة يعقوبيان الذي ربطه بالفيلم خيوط عديدة.

وبالفعل فإن القصتين الرئيسيتين هنا لا يتشابكان بل يمشيان بشكل متواز علما بأن الفيلم مأخوذ عن كتاب سياسي هو «لا تري شرا» لروبرت بير وليس عن رواية أدبية، ولعل هذا يفسر أيضا سبب تواجد كل هذا العدد من الشخصيات المتناثرة في المدن التي دارت فيها الأحداث، وبير هو عميل استخباراتي عمل في منطقة الشرق الأوسط طوال عشرين عاما ابتداء من 1976 .

ومن أجل أن نعرف عدد الهويات التي ظهرت في الفيلم أو كان لها صلة مباشرة بأحداثه فهناك مصريون وأمريكيون وصينيون وخليجيون ومن كازاخستان وباكستان وإيرانيون بالإضافة إلي أماكن عديدة في الولايات المتحدة خاصة رجال أعمال واقتصاد وعملاء لوكالة الاستخبارات الأمريكية وأعضاء من حزب الله وأعضاء في منظمة القاعدة يجندون شبابا من أجل القيام بأعمال «إرهابية» «انتحارية» وقد بدا الفيلم كأنه يتصرف بحيادية مع المصطلحات ويقدم الأحداث دون تعليق.

استفاد الفيلم مما جاء في كتاب «بير» لكن المؤلف وهو أيضا المخرج قام بتغيير الأسماء وبعض تفاصيل الحوادث حتي يبتعد عن التسجيلية وأيضا كي يكون له حق الإبداع بأن ما يروي عنه ليس هو الواقع بالضبط، فالقصة الأصلية في الفيلم عن الأمير الخليجي ناصر الذي يعيش في سويسرا ويقول في أحد المشاهد الأخيرة في الفيلم انه يفضل الإقامة في سويسرا، أما القصة الثانية عن المدمرة كول فقد أخذت مساحة أقل وكان عدد ابطالها محدودين للغاية سواء في المكان أو العدد قياسا إلي القصة الرئيسية حول الأمير نديم وولديه.

فقد التف حول هذا الرجل حاشية ورجال استخبارات ومحللون سياسيون ورجال اقتصاد وأبناء كان عليهم التصارع علي العرض بمجرد أن أعلن الأب عن رغبته في التخلص من السلطة والبقاء في سويسرا، أما القصة الفرعية فكان ابطالها فقط رجل القاعدة الشيخ محمد عجيزة «أدي الدور عمرو واكد» ومجموعة الشباب الذين قام بتجنيدهم للانضمام للقاعدة والقيام بتفجير المدمرة.

ومن أجل الاحتفاظ بالواقعية فإن السيناريو جعل كل الأجناس تتكلم بلغتها الأصلية دون اللجوء إلي النطق بلغة البلد المنتج فهناك عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والعربية والصينية والفارسية وغيرها، كما أن الفيلم سمي الأماكن بما هو معروف عند اطراف صراع كأن يردد الخليج الفارسي وليس الخليج العربي.

القصة الأولي هي في المقام الأول عن الفساد السياسي والاقتصادي لدي اطراف عديدة فيما يخص صفقات البترول والبقاء فوق العروش ورغم أن بوب بارنس «جورج كلوني» هو عميل الاستخبارات الذي يحاول إنقاذ الأمير الجديد ويموت معه في تفجير مؤامراتي من عدة اطراف، فإنه ليس الشخصية المحورية في الفيلم بل هو شخص مثل الآخرين ولعل ذلك ينطبق أيضا علي الأمير ناصر وحاشيته سواء من العرب أو الأجانب خاصة بريان وودمان «مات دامون» الخبير الاقتصادي الذي يعيش مع زوجته جولي في سويسرا ويغير وظيفته من العمل في الإعلام إلي أن يصبح مستشارا للأمير الخليجي الجديد.

نحن أمام فيلم لا يمكن فهم كل ما جاء به لتشعبه دون الرجوع إلي أصول الحكايات، وأيضا قراءة بعض مما جاء في الملف الإعلامي الضخم الذي توزعه الشركة علي المشاهدين في المهرجان، فهو يبدأ بإشارة واضحة التي جاءت علي لسان شخصية في الفيلم تدعي تيم بلاك بأن الفساد يولد فسادا وأن الفساد كما قال الخبير الاقتصادي ميلتون فريدمان الحائز علي جائزة نوبل - هو تصرف حكومي في السوق: لدينا قوانين ضد الفساد، لذا فإننا يمكننا الخروج من قضايا الفساد فهذا الأخير هو حمايتنا، والفساد يجعلنا آمنين ودافكين، انه الذي يسمح لنا وأنت بأن نتقافز هنا بدلا من التقاتل علي قطعة لحم ملقاة في الطريق .. الفساد هو سبب ربحنا.

الأمير نديم الشخصية العربية الرئيسية المقيم في أوروبا يستقبل ولديه ناصر ومشعل القادمين من رحلة أسيوية ويعلن أنه وافق علي عقد اتفاق للبحث عن البترول في إمارته الصغيرة مع إحدي الشركات الصينية مما يعني إلغاء عقد أقامته الإمارة مع إحدي الشركات الأمريكية ويعني أيضا أن الولايات المتحدة وشركاتها سوف تفقد ميزة احتكار إدارة الشركات البترولية في المنطقة.

الأخوان في الفيلم هما ناصر المتحرر الذي يؤمن بحرية المرأة ويميل إلي الاستقلال عن الولايات المتحدة اقتصاديا، أما أخوه الأصغر مشعل فهو يطمع في أن ينال مكان أخيه لاحقا ويتعاون مع الأمريكيين من أجل اعتلاء السلطة حتي ولو تم اغتيال الأمير ناصر.

وقصة البترول هنا تبدو سببا للتعرف علي كيف يعيش العرب في أوروبا، فالأحداث تنتقل بين أكثر من مكان من سويسرا إلي جنوب إسبانيا، كما يكشف المنافسة بين شركات البترول الأمريكية، فشركة كونكس التي تهتم فجأة بالشركة المنافسة «كيلن» تضع في اعتبارها أن تتعرف علي نشاطها ويتم تكليف وايتنج رجل الاستخبارات بالتعرف علي ما يحدث.

بوب إذن هو رجل الاستخبارات الذي سيربط بين كل هذه الأحداث فهو يذهب إلي طهران للتعرف علي سبب اغتيال مسلحين وهو يلتقي برجل مصري غامض يدعي الشيخ عجيزة يسعي للحصول علي صاروخ ستنجر، كما أن بوب يعود مرة أخري علي واشنطن لتلقي التعليمات الجديدة بأنه من الضرورة التخلص من الأمير ناصر صاحب الاتفاق الجديد مع الشركة الصينية.

أكثر ما يلفت الأنظار هنا هو علاقتنا الحضارية بالغرب، فالأمير نديم الذي يقيم الولائم الضخمة يردد كأنه يعرف شهوات الآخرين: «أرجو أن تنالوا الطعام وتستمتعوا بوقتكم»، أما الأطفال العرب فإنهم يتحرشون بماكس الطفل الذي ينضم إليهم ويحرضونه علي القفز في حمام السباحة فيموت في ظروف غامضة غير مفسرة.

كما أن صاحب العمل في أحد الحقول يقول للوافدين الجدد من الباحثين عن عمل:«عندي الكثير من المصريين» ثم يحرض هؤلاء العمال الجدد إلي تعليم اللغة العربية وهنا تبدو القصة الثانية، فإذا كانت قصة الأمير نديم وولديه تكشف عما يدور في أروقة السياسة العليا فإن قصة الشابين القادمين للعمل في الخليج تعكس ما يدور في إيقاع الاجتماعي، فالشيخ يتحدث إلي الشباب بعد أن احتضنهم عن الدين والدولة ويؤكد لهم أن الدين دولة ولا يمكن الفصل بين الدين والدولة:«الحياة العصرية لا تعالج بالقوانين أو الخصخصة والدليل علي ذلك سقوط المجتمعات الليبرالية وسقوط اللاهوت المسيحي».

وكما اشرنا فإن القصص الرئيسية تمشي بشكل متواز فبينما يقوم الشيخ بتجنيد الشابين وغيرهما وضمهما إلي منظمته الصغيرة كما يردد فإن الأحداث تنقل مع بوب إلي جنوب لبنان حيث يلتقي برجال حزب الله ويتعرض بوب لتعذيب علي يدي شخص يناصر حزب الله لكنه يمثل حالة فردية، فهناك قيادي في الحزب يعنف موسوي الذي نزع اظافر بوب كأنه يعبر عن موقف الحزب السلمي فيردد القيادي في الحزب: سعيد هاشمي غاضب عليك يا موسوي، أنت أيضا ضيف حزب الله.

وتبدو هذه الرحلات المكوكية التي يقوم بها بوب أشبه بزوائد لا لزوم لها في الفيلم، لكن يبدو أن المخرج ككاتب سيناريو أراد أن يلتزم بالكثير من الأحداث الواردة في الكتاب من ناحية، وأن يلملم كل الأطراف الموجودة في المنطقة دون أن يغفل طرف منها.

لذا فقد دخل الفيلم في المزيد من الدوائر التي قد تكون مفيدة وطريفة حين قراءة الكتاب لكنها تشتت تركيز المتفرج لهذا النوع من الأفلام، فهناك قصص عديدة متوازية نشاهد فيها تيري رئيس الاستخبارات الأمريكية، ونعوم ماكارثي الرئيس المباشر لبوب في الوكالة، والعميل السابق سان جوف، ومارلين ريتشارد التي تعمل في مكتب الأمن القومي، أما بالنسبة للمؤسسات التي يمثلها اشخاص آخرون فإن كيلين هي شركة فقط صغيرة تواجه من قبل شركة كونكس التي اعتادت احتكار عقود النفط في الخليج، بينما هناك لجنة قومية لتحرير إيران مركزها الولايات المتحدة، ومثل هذه المعلومات لا يمكن لمسها إلا بقراءة الكراس الإعلامي الخاص بالفيلم أي أنه علي الشركة المنتجة للفيلم تدبير كراس لكل متفرج، لذا فإنك لابد أن تشعر بالتيه إزاء كل هذه الشخصيات التي تمر سريعا داخل المشاهد خاصة أن السيناريو لم يتوقف فقط عند الحياة العملية والوظيفية لهذه الشخصيات، بقدر ما أدخلنا في قصص عائلية للمحلل الاقتصادي وودمان «وهو اسم يهودي» وأسرته الصغيرة.. وذلك بالإضافة إلي الأمراء الثلاثة الأب نديم السباعي وولده الأكبر ناصر الذي سيعينه أبوه أميرا عقب اعتزاله، وأخيرا الأمير مشعل الأخ الأصغر لناصر الذي سيشترك في خطة لأغتيال أخيه بعد أن تولي هذه الإمارة بينما اسندت إلي مشعل وزارة الخارجية.

ورغم كل الزحام في الشخصيات والأحداث فإن القصص التي تدور في القاع تبدو أكثر أهمية ففي حقل البترول الذي يملكه الأمير ناصر، نتعرف علي شابين غضين الأول هو وسيم أحمد خان القادم إلي الخليج من باكستان والذي يحاول العمل في المجال نفسه الذي يعمل به والده ويتم طردهما من العمل عقب تحول ملكية التعامل مع الشركة من شركة إلي أخري.. ووسيم هو الذي يقنع صديقه الباكستاني فاروق بالانضمام إلي مدرسة اللغة العربية، التي سوف يتم فيها تجنيدهما للانضمام إلي منظمة القاعدة التي لا يشير الفيلم إلي اسمها بشكل مباشر بل إن الشيخ محمد يكتفي فقط أن يقول إنها مجرد منظمة صغيرة، «جماعة حقيقية ذات إيمان عميق ومن هذه الجماعة تنبثق جماعة أخري».

إذا كنت متفرجا انتقائيا فعليك أن تركز علي قصة دون أخري فإنها بلا شك قصة الشابين في قاع هذه المؤسسة حيث يجبران علي تعلم اللغة العربية لضمان إلحاقها بالعمل، فيصبح الشيخ عجيزة هو مرشدهما فهو يشاركهما لعب الكرة، وحين يأتي موعد الصلاة فإنه يصحبهما بدلا من الكرة إلي المسجد وتصبح الكرة أمرا منبوذا فيما بعد وهذا بالفعل واحد من أساليب تجنيد الشباب لمثل هذه المنظمات وفيما بعد وقد صارا ملتزمين بأداء الشعائر تبدأ عملية التنفيذ، فهو يريهما القنبلة مرددا: سوف تريان شيئا مهما فقط أريد منكما التركيز التام، إنها صناعة أمريكية وبالكاد تصيب أي هدف من هذه الشحنة، يمكن إطلاق قذيفة من النحاس المذاب.

ويستخدم الشيخ محمد عجيزة عبارات تؤجج الكراهية ضد الأمريكيين «لدينا ستة آلاف جندي أمريكي في بلادنا» و«بلد سكانه 5% من سكان العالم يصرف 50% من ميزانيته في التسلح ».

لذا فإن الشيخ عجيزة يقول عن أهداف جماعته: العالم القادم هو العالم الحقيقي.

وقد اختار السيناريو في المشاهد الأخيرة أن يتم كل شيء بتواز ملحوظ كأن محاولة اغتيال الأمير ناصر علي أيدي خصومه الأمريكيين تتم في اللحظات نفسها التي يركب فيها الشباب زوارق صيد ينحرف أحدها نحو المدمرة الأمريكية فتنفجر وتبقي الشاشة بيضاء بدلا من صوت الانفجار لبضع لحظات وفي الوقت الذي يردد اعضاء الجماعة «الهدف أصيب»، فإن الجانب الأمريكي أي رجال الأعمال يرددون في حفل وهم يصفقون أن العملية انتهت.

كل طرف يبارك عمليته، فالأب سالم خان يردد حين يعرف بمقتل ولده في انفجار المدمرة الأمريكية: نحن من التراب وإلي التراب نعود. بينما يشرب الأمريكيون نخب انتصارهم بمقتل الأمير الذي يمثل عقبة في سبيل توقيع العقد.

مازلت مؤمنا أنه بدون الرجوع إلي الكراس الإعلامي للفيلم فإنه يصير من الصعب فهم الفيلم، فالمخرج يقول لأنه لا يوجد شر خالص أو خير نقي فمن الصعب الحصول علي إجابات للأسئلة.

هذا الفيلم الذي لابد أن يثير جدلا أكثر مما أثاره الكتاب في المنطقة العربية يتوقف عند السماح بعرض الفيلم أو منعه هو العمل الأول لمخرجه وكاتبه الذي فاز قبل ثلاثة أعوام بجائزة أوسكار كأحسن كاتب سيناريو عن فيلم «مرور» إخراج ستيفن سودبرنج المخرج الذي يتعاون دوما مع كلوني كممثل والذي شارك في تنفيذ الإنتاج مع كلوني نفسه.

كلمة لابد منها

لعلها مصادفة غريبة أن تجمع بين فيلمين الأول أمريكي والثاني مصري فرق العرض بينهما في مهرجان برلين يوم واحد وفي القاهرة أربعة أشهر، الفيلم المصري هو «عمارة يعقوبيان» فكل من «سريانا» والفيلم المصري هو العمل الأول لصاحبه كما أن كلا منهما عبارة عن مجموعة من القصص المتوازية التي يمكن التغاضي عن نصفها علي الأقل لتشاهد عملا مكثفا يستحق المشاهدة، وفي الفيلمان هناك وصف لأساليب تجنيد الشباب للانضمام إلي الجماعات الدينية المسلحة واستغلال حاجات هؤلاء الشباب الحياتية وسط أزمات نفسية اجتماعية مثل حاجة وسيم وصديقه فاروق للعمل في دول الخليج، وأيضا المكانة الاجتماعية المتواضعة لطه الشاذلي ابن البواب الذي فشل أن يدخل كلية الشرطة وصار في الكلية أحد الطلاب الأكثر فقرا فانضم إلي جماعة دينية وشارك في المظاهرات وبعد أن تم هتك عرضه في مبني مباحث أمن الدولة قرر أن ينتقم من الضابط الذي كان سببا في ذلك، فانتهي الفيلم في عملية انتحارية لقتل الضابط مات فيها هذا الأخير والشاب طه مثل النهاية التفجيرية حيث اصطدم الشابان الباكستانيان بالمدمرة الأمريكية.

كما أن الفيلمين يتحدثان في المقام الأول عن الفساد الاجتماعي والسياسي ولكل منهما لغتة التي استخدمها في الكشف عن هذا الفساد وصانعيه.

هذا الهاجس والتشابه والتقارب ليس من قبيل المصادفة أو توارد الخواطر، فما يحدث من تغيرات حادة في بلادنا العربية صار محط اهتمام المبدعين في أماكن عديدة من العالم.

جريدة القاهرة في 14 مارس 2006

 

"سيريانا"، نفطٌ وسياسة ومؤامرات

ترجمة وإعداد بسام حجار 

            يقرّر الأمير ناصِر (يؤدي دورَه الممثّل ألكسندر سايدجيت)، وليّ عهد إحدى إمارات "الخليج الفارسي" أن يبتعد عن الولايات المتحدة ويمنح إحدى الشركات الصينيّة امتياز التنقيب عن بئر جديد للغاز الطبيعيّ، مُستَبعِداً بذلك شركة "كونّكس أويل" (تكساس) التي بقيت، حتّى ذلك الحين، الجهة التي تحتكر مثل هذا الامتياز. على الأثر تستولي "كونّكس أويل" على أسهم شركة أخرى (من تكساس أيضاً) هي شركة "كيلِن" التي وقّعت للتوّ عقداً مربحاً مع كازاخستان. تخضع عمليّة دمج الشركتين لمراقبة حثيثة من قبل سلطات الحكومة الأميركيّة من خلال شركة المحاماة "سلون وايتنغ". وفي الأثناء تكلّف وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركية أحد عملائها ويدعى بوب بارنز (يؤدي دورَه الممثّل جورج كلوني) العائد حديثاً من طهران، بتصفية الأمير ناصِر. في الوقت نفسه، وفي جنيف، ينتقل بريان وودمان (يؤدي دورَه الممثّل مات دامون) وهو أحد الوجوه الطموحة الصاعدة في شركة أميركيّة تعمل في مجال موارد الطاقة، وعقِبَ مأساة شخصيّة، للعمل كمستشارٍ للأمير ناصِر. غير أنّ ناصر يُستَبعَد عن ولاية العهد من قبل والده الذي يلتف حوله الأميركيون مجدداً ويعيّن ابنه الأصغر ولياً للعهد. أمّا آخر عناصر الحبكة فهو وسيم، الشاب الباكستاني المقيم في الإمارة والذي سرّح من عمله عقِبَ إغلاق فرع شركة "كونّكس" فيها، والذي يلتحق بمدرسة قرآنية تُعتَبَرُ مهداً لتنشئة الإرهابيين.

طبعاً الأشخاص والأماكن والأسماء هنا من نسج الخيال، لكنّ الحبكة مبنية انطلاقاً من كتاب "سقوط السي آي إي" لمؤلفه روبرت باير الذي دوّن فيه وقائع تجربته كعميلٍ لحساب السي آي إي في الشرق الأوسط بين عامي 1976 و1997.

ستيفن غاغان، كاتب السيناريو (له من قبل "ترافيك") والمخرج، ينجز مع "سيريانا" فيلم تشويق على خلفية الصراعات الجيوسياسيّة المشوّقة من ناحية، والتي، من ناحية أخرى، لا تخلو من جرعة نقدٍ متبصّرة وذكية لسياسات الولايات المتحدة الخارجية، وخاصّة في منطقة الشرق الأوسط.

لمناسبة افتتاح عروض "سيريانا" في دور العرض الفرنسيّة، تناولت الصحف والمجلات الفرنسيّة، في صفحاتها المتخصّصة فيلم الثلاثي غاغان ـ كلوني ـ دامون، بعدد من المراجعات النقديّة والتقويمات. وقد ترجمنا فيما يلي بعضاً منها:

 

رجلان غاضبان

دوني روسانو

"سيريانا"، الفيلم الذي يندّد بسياسة واشنطن في الشرق الأوسط، هو في الحقيقة مزيج أنواع. أسلوب أفلام الجاسوسيّة في السبعينات يظهر مجدداً في الوقت الذي يعلو فيه صوت هوليوود احتجاجاً على سياسات جورج دبليو بوش. وبات الذهب الأسود الذي يثير الحماسات في النفوس وفي أسعار البورصة، يغذّي السيناريوات ومخيّلة كتّابها. هكذا يفضح "سيريانا" تأثير شركات النفط على واشنطن وتبعات هذا التأثير على منطقة الشرق الأوسط. هذا الإنتاج الضخم (أسرار وتشويق وأشرار) الذي يجمع ألمع نجوم السينما الأميركية (جورج كلوني، مات دامون، جيفري رايت وغيرهم) هو صنيع رجلين غاضبين، هما ستيفن غاغان، المخرج، وروبرت باير، عميل السي آي إي السابق، مؤلّف الكتاب الذي بُنيَ عليه السيناريو. الأوّل لا يكفّ عن الحركة بادي الحماسة والانفعال، أمّا الآخر فيرشف قهوته هادئاً مطمئناً.

1 ـ الكتاب

باير، عميل السي آي إي بين 1976 و1997، المختصّ بشؤون البلدان العربيّة، ذهب إلى العراق في التسعينات سعياً وراء إسقاط نظام حكم صدام حسين وقاد العمليات السرّية في إيران ولبنان وأفغانستان. "إنّ راية الديموقراطية هي مجرّد غطاء"، يقول باير متهماً، "واشنطن غارقة في الفساد. والأميركيون لا يفقهون شيئاً من أمور العالم العربي. الفيلم (سيريانا) فيلم خيالي ولكن بإمكاني ربط كلّ القصص الواردة فيه بأحداث حقيقية". فبعد تحرّره من واجب الكتمان، انكبّ العميل المتقاعد، باير، على تأليف كتاب كان له وقع القنبلة، وأسماه "سقوط السي آي إي". وقع الكتاب بين يدي ستيفن غاغان الذي كان منصرفاً إلى تأليف سيناريو "ترافيك" الذي أخرجه ستيفن سودربرغ، والذي حاز عليه جائزة الأوسكار. "لم يكن الكتاب قابلاً للاقتباس السينمائي على النحو الذي كتب به، يقول غاغان شارحاً، غير أني أردت مقابلة باير للتحدّث معه بشأنه". يعرّفه العميل السابق بمصادر معلوماته ومحاور صلاته، من قادة فلسطينيين ومهرّبي أسلحة. ويؤكّد للمخرج أنه عندما تقدّم باستقالته من الوكالة، كانت السي آي إي تخطّط لتصفية أمير عربي اعتبرته أوساط الشركات النفطيّة مزعجاً. هذه الواقعة هي صلب الحبكة في الفيلم.

2 ـ السيناريو

تعمّد غاغان اختيار بنية معقّدة للفيلم: "أردت أن يغرق المشاهد، منذ البداية، في عددٍ من السياقات السردية المتوازية، كما لو أنه يشاهد نشرة أخبار متلفزة تتطرّق إلى مواضع متعدّدة ومتشعبة. ثمّ أعمد إلى تغيير الوجهة بحيث أفهم المشاهد بأنّ القصّة تعنيه هو شخصياً، وأنّ السياقات تتقاطع". السيناريو غنيّ إلى درجة اضطررنا معها إلى إلغاء بعض الشخصيّات أثناء المونتاج لكي يبقى مفهوماً وواضحاً في ذهن المشاهد. "إنّ تأليف هذا الفيلم قد غيّر فهمي للعالم، يردف غاغان قائلاً. لقد التقيتُ من يملكون سلطة القرار الفعلي، رؤساء دول، وأرباب عمل كبار، ومحامي واشنطن. ووجدتُ أنّ وراء غيريّتهم الظاهرة يكمن الدافع المكتوم: أي المال". أمّا عن العنوان (سيريانا) الغامض للفيلم، فيعترف غاغان بأنه سمع هذه اللفظة على لسان أحد العاملين في مجال التخطيط الاستراتيجي: سيريانا لفظة تجمع بين سوريا وإيران والعراق؛ اسم لبلد متخيّل تسعى الأوساط الاقتصادية النفطية الأميركية وراء السيطرة عليه.

3 ـ الفيلم

لن يتردّد سودربرغ وكلوني في الانضمام إلى مشروع انتاج الفيلم عبر شركة الإنتاج الخاصّة بهما "سكشن أيت". ثمّ تنضمّ شركة "وارنر براذرز" بعد تردّد بميزانية لا بأس بها. يجري تصوير مشاهد الفيلم بين الولايات المتحدة والمغرب ودبي. النقّاد الأميركيون يستقبلون الفيلم محتفين بـ"وثاقة الصلة بين الحجّة والموضوع". يفوز جورج كلوني بجائزة "غولدن غلوب" لأفضل ممثّل مساعد عن دوره في الفيلم. ويُرشّح غاغان لأوسكار أفضل سيناريو. مداخيل الفيلم في عروضه الأولى في الولايات المتحدة وحدها، تتخطّى الخمسين مليون دولار. وروبرت باير يُعبّر عن فرحته الغامرة: "سيريانا هو الفيلم الأشدّ واقعية عن السي آي إي. حتّى أن زملائي السابقين يرفضون مشاهدته". أمّا الباقون، فليُقْبِلوا.

عن مجلّة "الأكسبرس" الأسبوعية الفرنسيّة

في عددها الصادر في 16 شباط 2006

في بلاد الذهب الأسود

كليمانتين غالّو

الصراع يدور حول امتياز التنقيب عن بئر للغاز الطبيعي. الأمير ناصِر، الحاكم الإصلاحي المستنير لإحدى الإمارات العربيّة، يوقف تعاونه الوثيق مع الصناعة الأميركية عبر موافقته على عرضٍ أفضل تقدّم به صينيون. هذا التخلّي يثير الهلع في أوساط الشركات النفطية الكبرى الحريصة على دوام سيطرتها على المنطقة. عقب هذه الخطوة الجريئة يُبتلى الأمير بعداوة "كونّكس" شركة البترول العملاقة، والسي آي إي التي توفد أحد عملائها للاقتصاص منه جرّاء خيانته.

"سيريانا" هي اللفظة التي تستخدمها أدمغة التخطيط الاستراتيجي في واشنطن لتسمية المنطقة المتخيّلة التي يصبون لإيجادها في الشرق الأوسط. نطاق مسالم، ملتزم بقضايا أميركا وبمصالحها الاقتصادية. ويأتي فيلم "سيريانا" في توقيت مثالي، متزامناً مع إعلان جورج دبليو بوش في خطابه لشهر كانون الثاني المنصرم، بأن أميركا "مدمنة" نفط. وهو بذلك لم ينطق إلاّ بالصواب.

يستند هذا الوثائقيّ المزعوم، الموجّه، المصنوعِ بأسلوب التنديد الذي شهدته سينما الستينات والسبعينات من القرن المنصرم، إلى مذكرات عميل سابق للسي آي إي في منطقة الشرق الأوسط. وقد أراد المخرج ستيفن غاغان أن يوثّق ما توفّر لديه من معلومات حول شبكة المجموعات النفطية الكبرى والتي تدور في فلكها مسارات الآلاف من الأفراد. يهدف هذا الريبورتاج المزعوم عن الصناعة النفطية إلى التدقيق في "التقاطعات المعقّدة" وأن يقدّم رؤيةً لا تسودها اللازمة القائلة إنّ "هناك الأشرار من ناحية، والأبرار من الناحية الأخرى"، بحسب تعبير غاغان. غير أنّ هذا المسعى المحمود أو هذه الانعطافة الهوليوودية المرجوّة، لا تحول دون طغيان الوعظ الأخلاقي على السيناريو، وتقبيح السباق على المال والسلطة. الفيلم لا ينجو ـ ولكن هل الأمر خطير حقاً؟ ـ من هذه المانوية الحائرة. فيتقدّم السياق، على نحو الاصطفاء التربوي الدارويني، متمحوراً حول فكرة "الترابط بين الأمور قاطبة"، مستعرضاً حياة شركات الوقود من ألفها إلى يائها، والرابط بين شتات تفاصيلها جمعٌ مؤلف من محام من العاصمة واشنطن، ومموّل من تكساس، ومحلّل في مجال الطاقة من جنيف، وعمال عاطلون في الخليج الفارسي، ومصريّ غامض ذو عينين زرقاوين يجنّد الراغبين في تنفيذ عمليات انتحارية. ويوضح لنا المخرج أربع حقائق هي قناعاته الراسخة حول عالم الأعمال الفاسد هذا: فهو يرى، لجهة معسكر الغرب، أنّ الشركات لا تحظى بعقودها المثمرة إلاّ بالحيلة وبالتحايل على القانون، كما يرى، لجهة الشرق، حالاً لا تتصف بقدر أقلّ من الفساد...

إنّ التعاون الفعّال بين كلوني وسودربرغ في مجال الإنتاج السينمائي المنحاز إلى الأفلام ذات الطابع الاتهامي، بات يجسّد الطليعة الديموقراطية الجديدة في هوليوود. ولا تخفى على المشاهد المعني بصمة سودربرغ الدامغة في هذا الشريط التشويقي الاتهاميّ الملتزم. أمّا كلوني فيبدو زاهداً، على غرار الدور الذي أدّاه في "ليلة سعيدة وحظاً موفقاً"، في أدوار فتى الشاشة الأوّل، ويواصل تجسيده لشخصيّات عاديّة، متواضعة، وملتحية (لا بل مشوّهة).

تبدو وصفة القصص المتداخلة، والمونتاج المتعاقب، وصفة ناجحة. إذ لا شكّ في أن محصلة هذه التقاطعات مفيدة في آخر المطاف (وبذلك تتفوّق على المحاججة الثقيلة التي تغلب على فيلم ـ نيكولاس كايج ـ "أمير حرب") كما أنها لا تخلو من فتنة أكيدة.

عن صحيفة "لوفيغارو" الفرنسيّة في عددها الصادر في 22 شباط 2006

 

قصّة الصورة فيما وراء الصورة

توماس سوتينال

المظهر يوحي، في وقتٍ معاً، بمظهر أحد أفراد "حرّاس الثورة" الإيرانيين (اللحية، وغياب ربطة العنق) وبمظهر رجل أعمال أميركي (تصميم البدلة، والامتلاء في الجسم). خلف هذا الرجل الذي يسير في شارعٍ ما من شوارع الشرق الأوسط، سيّارة تشتعل. قد يحسب المشاهد أنّها صورة لحدث واقعي من الأحداث الدائرة في وقتنا الراهن، سوى أنّه، برغم اللحية وبعض السمنة، سرعان ما يتعرّف في الصورة على وجه جورج كلوني.

هذه الصورة، وهي إحدى لقطات فيلم "سيريانا" نشرتها صحيفة "لوموند" على صفحتها الأولى في عددها الصادر في 22شباط المنصرم. كما نشرتها صحفٌ فرنسيّة أخرى. وكما يحدث عادة لدى إطلاق فيلم جديد، يبدو أن صورةً واحدة منه تنفرد في تصدّر وسائل الإعلام، وكأن الفيلم الروائي الطويل لا يتألّف عادةً مما يربو على المئة ألف صورة. هذه الظاهرة تنبع في الحقيقة من خيارَين متضافرين: الأول يحثّ المنتج والموزّع على التقليل ما أمكن من عدد الصور الموزّعة على وسائل الإعلام، حفاظاً على هويّة الفيلم المعلَن عنه وتأكيداً لها؛ والثاني هو ما يدفع المشرفين على إخراج الصفحات في وسائل الإعلام المكتوبة إلى اختيار أكثر الصور تعبيراً عن مضمون الفيلم.

في حالة "سيريانا" وسائل الإعلام هي التي اختارت صورة جورج كلوني أمام سيّارة مشتعلة من بين 58 صورة وزّعتها شركة وارنر في فرنسا. "إنّها صورة ملائمة للصفحة الأولى، لأنها تشبه صور الأحداث التي نشهدها في هذه الآونة"، يقول ماتيو بولاك، العامل في قسم التصوير في صحيفة "لوموند". إنها توحي بعمل إرهابي في الشرق الأدنى وتبدو أكثر مشهديّة من الصور الأخرى التي هي لقطات مشاورات بين كبار هذا العالم والتي هي أكثر تمثيلاً لمضمون الفيلم وأجوائه.

إنّ كرم شركة وارنر في توزيعها الصور ليس هو القاعدة في هذا المجال. ذلك ان بعض الفروع الفرنسيّة للشركات الأميركيّة المعنية تضيّق إلى أقصى الحدود هامش الاختيار بين الصور القليلة المتاحة لوسائل الإعلام. وفي هذه الحال قد تتوجّه الصحف إلى الشركات الأمّ. أما شركات الإنتاج الفرنسيّة فلا توزّع عادة سوى نصف دزّينة من اللقطات المختارة، وخاصّة إذا كان الأمر يتعلّق بأفلام فرنسيّة. كما يطالب بعض المنتجين الصحف ووسائل الإعلام بنشر الصورة نفسها وهم يفضّلون عادةً أن تكون هي صورة الملصق.

رغبة المنتجين هذه غالباً ما تكون مصحوبةً بضرورة ملحّة: إذ غدا تصوير معظم الأفلام يجري في هذه الأيام من دون اللجوء إلى مصوّرين فوتوغرافيين في مواقع التصوير نفسها. والحقيقة أنّ ميزانية التصوير الفوتوغرافي هي البند الأوّل القابل للإلغاء في حال تعذّر التمويل أو تخفيضه. وعندئذ تكون الصور الموزّعة هي صور منقولة عن الشريط السينمائي، وليست من النوعيّة الجيّدة. (...) غير أنّ مهنة التصوير الفوتوغرافي في موقع التصوير السينمائي لم تنقرض كمهنة. وفيليب كايس ما زال يعمل في هذا المجال حتّى يومنا هذا. وهو يرى أن عدداً من المنتجين الذين اكتفوا فيما مضى بصور رقميّة لأفلامهم، يميلون اليوم إلى إعادة النظر في موقفهم. (...) في العادة يسمح المصوّرون الفوتوغرافيون للمنتجين باستخدام دزّينة من صورهم لا أكثر. وإذا شاءت الصحف أن تحصل على المزيد فيتوجّب عليها أن تشتريها من المصوّر نفسه أو من الوكالة التي يعمل لحسابها.

المستقبل اللبنانية في 5 مارس 2006

أحمد بدير: مفيش حاجة اسمها الضحك للضحك في قاموسي الفني

يقول أن الكوميديا تطهر النفس وتغسل الهموم

القاهرة ـ من عمر صادق:  

يعود نجم الكوميديا أحمد بدير للمسرح السياسي بعد غياب طويل حيث يبدأ بروفات مرسي عايز كرسي لتقديمها في الموسم الصيفي الذي يبدأ أوائل حزيران (يونيو) القادم.. وتدور في إطار كوميدي. اشتهر بدير بأعماله المسرحية التي تناولت أوضاعا سياسية مثل ع الرصيف و دستور يا اسيادنا وغيرها والتي أثارت ضجة لدي الرأي العام عند عرضها علي المسرح الخاص. يقول الكوميديا تطهر النفس وتغسل الهموم والرقابة وقتها كانت متفهمة ولم تحذف أي مشاهد .. وأكد علي أن الرقابة حاليا تتشدد باتجاه أي نص يناقش قضايا سياسية رغم وجود كوميديا باهتة موضوعا مهترئة وضعيفة .

·         ما رأيك في مصطلح الضحك للضحك الذي أصبح معتمدا لمعظم نجوم الكوميديا في الوقت الحالي؟

مفيش حاجة اسمها الضحك للضحك في قاموسي الفني.. لأن أي نص لابد أن يكون له معني والمؤلف وشطارته في إلقاء الضوء علي قضيته وامتلاك ناصية موضوعه.. وهذا لا يمنع من وجود عروض مسرحية تافهة تعتمد علي الإفيهات والقفشات ولا يمكن أن نعتبرها مسرحا.. المسرح الذي نعرفه وقدمناه لابد أن يكون له هدف ورسالة مضمون يقدمه للمشاهدين أما غير ذلك فمن العيب ان نطلق عليه مسرحا.

·         لماذا نجحت عروض مثل ع الرصيف و دستور يا اسيادنا وفشلت عروضك التجارية الأخري؟

أسباب نجاح هذه الأعمال يرجع إلي الجرأة في التناول وكانت تناقش قضايا ملحة وقتها.. صحيح أنها كانت قضية محلية لم تتطرق فيها مثلا إلي الصراع العربي الإسرائيلي ولا للغزو الأمريكي علي العراق ولكنها مست أوتار وقلوب الناس لأنها جريئة والرقابة ساعدتنا في تناولها.. ومن الصعب حاليا الخروج دراما سياسية تناقش أوضاعا راهنة في ظل كوميديا ذات موضوعات ضعيفة.

·         المسرح الخاص يشهد تراجعا في الآونة الأخيرة فما السبب؟

المشكلة في ارتفاع ثمن تذكرة هذا المسرح وبالتالي يعتمد علي الموسم السياحي حيث يرتاده أشقاؤنا العرب لأنهم قادرون علي تحمل ثمن تذكرة قيمتها 200 جنيه أما جمهورنا فهو غلبان ولا يستطيع أن يرتاد هذا المسرح بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة.

·         قدمت بروفات مكثفة علي عرض العلوج.. وصلوا وكان من المفترض عرضه في دور شمال أفريقيا.. فلماذا لم ير العرض النور؟

الأزمة بدأت بسبب عنوان المسرحية العلوج التي اطلقها محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقي السابق علي قوات التحالف إبان غزو العراق وطلبت تغيير الاسم إلي يا عرب واقتنع المخرج رزيق البهنساوي آنذاك بوجهة نظري لأنني ضد أن نستهزأ من أنفسنا.. ولكن حالت الأمور المادية دون خروج العرض للنور وتوقفت لهذا السبب.

·         هل يزعجك نجاحات الكوميديانات الحاليين؟

حدثني عن الكوميديانات الذين سوف يظهرون في المستقبل.. لأن هنيدي وأشرف عبد الباقي وصلاح عبد الله ومحمد سعد لم يعودوا كوميديانات جددا.. وأصبحوا كبارا وحققوا جماهيرية واسعة.

·         لماذا أدارت السينما ظهرها لجيلك رغم أنك أحد نجومها منذ الثمانينيات؟

أزمة وتمر.. ومع ذلك أنا لست ضدها.. بالمناسبة فهناك جيل من الشباب يحرص علي مشاهدة أعمال هذا الجيل من الشباب ولكن يحسب للوسط السينمائي أنه لا يزال يسمح بمشاهدة أعمال جيل الرواد وعلي رأسهم المخرج العالمي يوسف شاهين.

·         هل تري أن هذه المعادلة مطلوبة الآن؟

بالتأكيد.. التنوع مطلوب والأذواق لابد أن تتعدد فما يقبله الشباب من الجائز أن يرفضه الكبار وبالتالي عندما نري أعمالا للمخرج الشاب خالد يوسف مثلا وأخري ليوسف شاهين ظاهرة صحية لأن انفراد جيل بعينه بالساحة يضر بالجميع ولا يكون في صالح أحد.

·         أنت وعايدة رياض كونتما ثنائيا ناجحا.. لماذا اختفت هذه الظاهرة من الساحة؟

الثنائيات كانت أيام زمان.. فكثيرا ما نراها بوضوح في شويكار وفؤاد المهندس وشادية وكمال الشناوي وعماد حمدي ومديحة يسري وفاتن وعمر الشريف ويا ريت تظهر ثنائيات جديدة لأن الدراما الحالية لا تسمح بتواجدها بدليل اختفائها من الساحة في الفترة الأخيرة.

·         برغم شعبيتك الجارفة في العمل النقابي من خلال نقابة الممثلين إلا أنك رفضت الترشيح في الانتخابات الخيرة.. فما السبب؟

أنا قدمت عمري للعمل النقابي ومن حقي أن أترك الساحة لغيري والتقط أنفاسي بعد فترة عمل دامت أكثر من 16 سنة قدمت خلالها كل خير لزملائي.

·     استقبل مهرجان برلين الفيلم المصري عمارة يعقوبيان بحفاوة بالغة ومع ذلك لم يفز بجائزة برغم أنه يجمع عددا كبيرا من كبار النجوم فما السبب؟

مشاركة الفيلم في المهرجان في حد ذاته عودة إلي تمثيل الأفلام المصرية في المهرجانات العالمية الكبري.. وأعتبر عدم حصولنا علي جائزة أمر لا يحزننا ويكفي شرف التمثيل.

·         ما هو دورك في هذا الفيلم؟

ألعب شخصية عبد الجواد المنادي مؤذن أحد المساجد في القرية حيث يشاهد أثناء صعوده لآداء الآذان جريمة قتل بشعة ويقوم بالإبلاغ عنها إلا أن هذا المجرم ينجح في خطف ابنه.

·         هل أنت متفائل بمستقبل السينما؟

جدا.. لأن الساحة لم تعد تعتمد علي الكوميديا فقط ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة أفلام لها مضمون وهدف مثل عمارة يعقوبيان مثلا فهو فيلم اجتماعي يدور في إطار كوميدي ولكن من خلال كوميديا الموقف التي تنبع من أحداث ونسيج العمل.. وعندي أمل بأفول سينما الكوميديا الحالية لأنها أخذت أكثر من حجمها.

القدس العربي في 14 مارس 2006

 

مخرجة سعودية نالت إعجاب الجمهور والنقاد

هيفاء المنصور: السينما الخليجية بلا بنية أساسية  

مسقط  “الخليج”: هيفاء المنصور مخرجة سعودية واعدة من أبرز تجاربها في المجال الفني فيلمها القصير “نساء بلا ظل” الذي حصل على جائزتين في مهرجان مسقط السينمائي الرابع. “الخليج” التقتها خلال وجودها في مسقط، فكان هذا الحوار:

·         هل تعتقدين أن السعوديات يعشن على الهامش؟

 النساء في الفيلم بلا ظل، رغم وجود المرأة السعودية في الكثير من المحافل ولها دور كبير في الحياة، إلا أنني اعتقد أن وجودهن كالحاضر الغائب، ربما كان عنوان الفيلم فيه شيء من القسوة، والبعض يعتقد أن الفيلم محاكاة للغرب، لكن أقول إنني صنعته بعيداً عن ذلك، وفي كل أفلامي كانت البيئة السعودية واضحة.

والكل يعرف أن المجتمع السعودي يمر بمرحلة حاسمة من التغير ولا بد من التغلب على العادات القديمة التي لم تعد تخدم المجتمع، ولست وحدي في هذا المجال بل هناك الكثير من سيدات الأعمال والشاعرات والكاتبات وكلهن يطالبن بتحسين أحوال المرأة السعودية. وفيلم “نساء بلا ظل” شارك في العديد من المهرجانات ونال إعجاب النقاد وكتبت عنه الصحافة المصرية عند عرضه في مهرجان الإسماعيلية رغم أنه عرض في قسم البانوراما ولكن صداه كان قويا بشكل أسعدني وفي مهرجان بيروت للأفلام الوثائقية والقصيرة (دوكيديز) حصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم وعرض أيضا في تركيا وبرلين.

·         هل كانت لك تجربة في التلفزيون؟

 التلفزيون ليس من طموحاتي وأعتقد أن السينما في منطقة الخليج مقبلة على عصر مزدهر وأتمنى أن تكون مساهمتي واضحة في تطور السينما في المنطقة. وأهم مراحلي السينمائية في اعتقادي هي فيلم “أنا والآخر” الذي تم تصويره بكاميرات سينما 16 مم وعرض في الكثير من المهرجانات. عموما طريقي في المجال السينمائي لا يزال في بدايته وأتمنى أن تكون هناك محطات أخرى.

·         كيف استطعت التعبير عن فكرة الفيلم وعلى ماذا اعتمدت ؟

 الفيلم حقيقة نسج نفسه بنفسه، وبدأت بفكرة ولكن سرعان ما بدأ الفيلم باتخاذ منحى مختلف. النساء البسيطات اللاتي يرضخن لضغوط اقتصادية واجتماعية قاهرة دوما يشددن انتباهي، وعموما الفكرة بدأت مختلفة عن الفيلم. كنت أحاول تتبع النساء اللاتي يعملن في المهن الدنيا كبائعات متجولات حيث وجودهن المهني ضد الكثير من العادات القديمة وحتى المد المتشدد.

·         كونك إعلامية ومخرجة هل تجدين معوقات وصعوبات تواجه المرأة السعودية؟

 في الحقيقة بالعكس كوني امرأة من مجتمع محافظ سلط الضوء كثيراً على تجربتي ودفعني إلى الأمام بشكل قوي. ولكن هناك معوقات في وجه السينمائيين بصفة عامة سواء كانوا نساء أم رجالاً. فالبنية التحتية للسينما غائبة والكوادر المدربة نادرة والمعدات السينمائية نفسها غير متوفرة، وغياب السينما كصناعة وثقافة أكبر معوق يواجه المهتمين بهذا المجال. واستعنت بشقيقي لأنني كنت غير قادرة على الاستعانة بممثلين محترفين وهذا طبيعي في الأفلام القصيرة، وساعدني وجوده على التحرك بحرية أكبر خلال تصوير الفيلم، في تجربتي السابقة “أنا والآخر” استعنت ببعض النجوم، لأن الوضع المادي لم يسمح لي خاصة أن الأفلام القصيرة يصعب تسويقها وليس لها مردود مادي، والفيلم لم يكلف مبلغاً يذكر لأنني صورته بآلة التصوير الديجتال، لذا أنصح الشباب باللجوء الى ذلك وألا يتوقفوا أمام العوائق المادية، وعندما عرض الفيلم لم يتعرض للقص أو الحذف وأنا لست ضد الرقابة ففي إيران رقابة ولكنهم يصنعون أفلاماً جدية وتطرح أمورا ذات أهمية اجتماعية.

·         هل تعتقدين أن المرأة المخرجة تستطيع التعبير عن مشكلات بنات جنسها في المجتمع؟

 بالطبع المرأة أكثر قدرة على تجسيد تجربتها الإنسانية لأنها تعرفها عن كثب. ولكن ذلك لا ينفي أن هناك مخرجين شديدي الحساسية والمصداقية في تناول قضايا مهمة للمرأة مثل المخرج المصري مجدي أحمد علي في فيلم “أسرار البنات” وفيلم “يا دنيا يا غرامي”. وفي فيلمي التقيت بنساء سعوديات وتحدثن بصراحة عن مشكلاتهن، وهذا قد لا يحدث مع المخرج الرجل، رغم أنني حذفت عدداً من المشاهد خوفاً عليهن من الانتقادات الاجتماعية.

·         طموحاتك ورؤيتك للمستقبل كيف تعبرين عنها؟

 أدرس مشروع فيلمي الروائي الطويل الأول من إنتاج روتانا، لأنه بعد إنجاز هذا الفيلم القصير لا اعتقد أنني أستطيع الاستمرار بمفردي خاصة ان السينما عمل جماعي، ويحتاج إلى ميزانية كبيرة وسوف يكون بمشاركة نخبة من النجوم وكتب السيناريو بلال فضل، وسنستقطب ممثلين من شباب السعودية. وأيضا هناك بعض الأفكار للأفلام القصيرة.

·         كيف تنظرين إلى مشروع السينما الخليجية؟

 طموحي أن تكون هناك بنية أساسية للسينما في منطقة الخليج، لأنها غائبة حالياً ولا توجد استوديوهات أو معامل تحميض، رغم وجود جيل متذوق للفن ويحب العمل في السينما والمتابعة والاحتراف، وأنا كسعودية لا اعترض على التقاليد ولكن أحاول تقديم فنون سينمائية جديدة تعبر عن مشكلاتنا وتمثلنا بكل صدق.

الخليج الإماراتية في 14 مارس 2006

 

في "حريم كريم" توليفة غير واقعية و'شنكلة'!

كتب عماد النويري:

الاستاذ كريم (مصطفى قمر) يقوم بتدريس اللغة الانكليزية في احد المعاهد ويحب احدى طالباته (ياسمين عبدالعزيز) ويتزوجها بعد قصة حب سريعة تستغرق مقدمة الفيلم ِ يبدأ الفيلم لنتعرف على صديق كريم الذي يورطه في سهرة حمراء وتكتشف زوجة كريم خيانة زوجها الذي لم يخن وتطالب بالطلاقِ كريم يشعر انه مظلوم ويحاول الرجوع الى زوجته الحبيبة التى تصده فلا يجد امامه سوى صديقاته القديمات ليساعدنه في حل مشكلتهِ في البداية نتعرف على الصديقة مها (داليا البحيرى) ونعرف انها متزوجة من ضابط شرطة خالد سرحان وتتبادل ذكريات الجامعة مع كريمِ ونتعرف على الصديقة الثانية هالة (علا غانم) صاحبة بيوتي سنتر ومطلقة وتكون مقابلتها لكريم بعد عشر سنوات وقد حدث لها تغيير جذري شكلا وموضوعا وهي تعتقد مع نفسها انها اجمل امرأة في الدنيا حتى في صراعها على كريم ليس لأنها تحبه ولكن من مبدأ انها الافضل وبالتالي تحاول ان توقعه في حبهاِ ونتعرف على الصديقة الثالثة وهي نيفين (ريهام عبد الغفور) التي عاشت في اميركا فترة طويلة، مما ينعكس على شخصيتها وتصرفاتهاِ

بحث ووساطة

الصديقات الثلاث يحاولن كل واحدة بطريقتها حل مشكلة كريم ويصل الامر الى تفرغهن الكامل لحل مشكلة الصديق القديمِ مها تترك بيتها وتأخذ اولادها وتقيم في منزل كريم وهالة تتردد على كريم بين الحين والاخر ونيفين تترك خطيبها لتتفرغ ايضا لحل مشكلة 'اخونا كريم' وخلال تطور الاحداث سنعرف ان الحياة قد توقفت للبحث عن مخرج للأزمة الكبرى التي سببها طلاق كريمِ الصديقات الجميلات يحاولن التوسط بين كريم ومطلقته لكن تفشل المحاولة تلو الاخرى ويتضح بعد العديد من المفارقات انهن 'شنكلوه' بدلا من تخليصه من مشكلته التي تنغص عليه حياتهِ لكن بعد اربع اغان من مصطفى قمر مملوءة بالرجاء والتوسلات والغرام وطلب العفو وبعد زيارة اخيرة لشرم الشيخ حيث الهدوء والرقص والمناظر الساحرة، والسهرات الصاخبة، يلين قلب الزوجة، وتعود إلى كريم وكذلك تنصلح كل احوال الصديقات وتعود مها الى زوجها وتتزوج هالة وتعود نيفين الى خطيبها.

زوايا تصوير وشكل مختلف

اذا شاهدت الفيلم عليك ان تضع المنطق جانبا ولا تفكر كثيرا في واقعية الأحداث لأنك لو فعلت ذلك فمن المؤكد انك ستسأل هل من الممكن ان يحدث ما حدث في المجتمع العربي؟ هل من الممكن ان تترك زوجة بيتها هي واطفالها لتقيم عند صديقها لتحل مشكلته؟ وهل من الممكن ان تقبل زوجة وساطة صديقات زوجها لتعود اليه؟ لأنك لن تجد إجابات شافية ومقنعة فمن الأفضل ان تستمتع بالفيلم كما هو على أمل ان يأتي اليوم الذي يتقبل فيه المجتمع العربي تلك العلاقات الإنسانية السامية بين البشر واشك في ان هذا اليوم سيأتي قريبا!

في الفيلم 'الفن' هناك زوايا تصوير جميلة وهناك لقطات موظفة بطريقة معبرة وهناك أربع أغنيات جميلة وهناك أيضا إعادة اكتشاف لمصطفى قمر كممثل قادر على التعبير وقابل للتطويرِ وغير اداء مصطفى قمر المميز يمكن الإشارة أيضا إلى علا غانم كممثلة تملك إمكانات فنية عالية وكذلك ريهام عبدالغفور التي نجح المخرج في تقديمها بشكل مختلفِ وهناك اشارات لا بد منها ايضا لخالد سرحان وطلعت زكريا وادوارد فقد عزفوا في حدود الممكن على اوتار الكوميديا في الفيلم وقد تميز منهم خالد سرحان في دوررجل الشرطة، وقدمت داليا البحيرى دورا يحسب لها وكذلك فعلت ياسمين عبدالعزيز.

'حريم كريم' يقدم لك توليفة غنائية كوميدية غير واقعية والمهم الا تشعر ب 'الشنكلة' كما فعل مصطفى قمر.

القبس الكويتية في 14 مارس 2006

 

سينماتك

 

محمود قاسم يكتب عن فيلم «سريانا»:

عندما ارتفع الأذان لأول مرة في القاعة الكبري لمهرجان برلين

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك