يكتشف المتابع لسيناريوهات الشاعر الإماراتي (محمد حسن) الأخيرة عن انحياز شخصي للثيمة المنكسرة عند الأنثى، وعن دفاع ذاتي كبير عن الاضطهاد المستتر التي تعاني منه المرأة وسط مجتمعها المغلق ووسط صرخاتها المكتومة التي تدفعها للبحث المضني عن هواء شاغر وعن هامش بسيط للحرية كي تفلت فيهما كل طيور القهر السوداء، وكي تتنفس بجسد مفتوح على الزرقة، وكان فيلم (آمين) الذي شاهدناه في مسابقة أفلام من الإمارات العام الماضي والذي كتبه (محمد) بتجاوب مطلق مع فضاءات العشق السري، هو أحد التصديرات المفعمة بالرغبة في تحطيم التابوهات المزيفة التي يغرسها الخارج وتغرسها السلطة الأبوية مثل جدران خرافية، ولكنها أيضا الجدران التي تتعامى عن قدرة الكائنات الضعيفة في النظر إلى الأسوار العالية كهدف يمكن تخطيه من خلال الأجنحة الصغيرة للرغبة ومن خلال التحليق المتآلف مع شهقة الروح.

سند معنوي

في فيلم (سماء صغيرة) تكتشف الفتاة تبدلات الأنوثة الناضجة فيها دون أن تعثر على سند معنوي ينقذها من حيرة الجسد ومن عذاباته السرية، فالفتاة التي مثلت دورها بعذوبة حسية وأدائية بالغة (آمنة السويدي) تفتقد وجود الأم بعد وفاتها المبكرة، وتعاني من الخجل في التعبير عن مشاغلها الأنثوية، خصوصا وأن والدها – يقوم بدوره وبتميز واضح (إبراهيم سالم) – يعيش حالة رهبانية تمنعه من التواصل مع ابنته والدخول معها في تفاصيل تدخل في نطاق المحرم والمعيب والمسوّر بألف طوق من الأقفال والمحاذير الاجتماعية.

يبدأ الفيلم بصورة غرائبية وكابوسية نوعا ما، عندما نرى جسد الأب الميت والمسجى على سرير أبيض، ثم فجأة نرى الأب نفسه يدخل في الكادر كي يقفز المشهد – وبحركة ذكية ومبدعة – فوق الثقل الذي يفرضه أسلوب (الفلاش باك)، فهذا التماهي بين الماضي السردي والحاضر المقطوع يدل على موهبة كل من المخرجين (عبدالله حسن) و(عمر إبراهيم) في التعامل السلس مع عنصر الزمن في الفيلم الروائي القصير، هذا المشهد التأسيسي المؤثر يدلنا أيضا من خلال كاميرا متواصلة ومشهد دائري على كامل تفاصيل المنزل من الداخل، كما أنه ينبهنا للحاجز الحسي الواضح الذي يفصل الأب عن ابنته – لم يلجأ المخرجان لأسلوب القطع بين اللقطات كي يحافظا على إيقاع المشهد وعلى تأثيره الاستحواذي المتواصل مع المتفرج – ومع مرور وقت الفيلم ومن خلال توليف بصري متناغم مع الكبت العاطفي والشعور السوداوي الذي يعتصر الأنوثة المتفتحة على أبهى حالاتها، نكتشف أن الفتاة هي ضحية ظرف لم تختره، وأنها تعيش حالة تمزق بين الطفولة الغاربة وبين نضج جسدي وعاطفي لا يجد مساحة كافية للتعبير عن فورته واندفاعه.

تكتم الإبنة كل ذلك تحت (الغشوة) والعباءة والقفازات السوداء كي تمنح والدها نشوة الطمأنينة الظاهرية وكي تضحي هي بكل السحر المخبأ فيها وبكل الدفق الأنثوي المتماوج في أعماقها، ربما لزمن آخر ولبياض يشفع حتى لقسوة الموت.        

في لقطة النهاية المعبرة نرى الفتاة وهي تغطي وجه والدها الميت على سرير المستشفى، وعلى عكس ما كنا نراه من لقطات داكنة في المنزل، فإن لقطة الختام هذه كانت مشرعة على بياض كامل، وعلى دلالات تذهب عميقا نحو فكرة الخلاص، وعندما تكشف لنا اللقطة الأخيرة عن قفاز أسود مرمي بعبث على أرضية المستشفى فإن المعنى يرتحل معنا مباشرة تجاه تفسيرين متناقضين هما اليتم والحرية، اليتم بإزاء الإرث العائلي المفتقد، والحرية بإزاء التيه الكبير في حياة تبدو وكأنها مجاز أو استعارة لحتف مؤجل!

مخرجا الفيلم: الأساليب والأفكار تجمعنا

بعد انتهاء هذا العرض المميز في المسابقة التقينا بمخرجي فيلم (سماء صغيرة) كي يحدثانا عن الكواليس الخلفية للعمل، وعن تحديات الإخراج المشترك الذي يعتبر من التجارب القليلة والنادرة في سياق التطور الكمي والنوعي لفن السينما الروائية القصيرة في الإمارات.

يحدثنا (عمر إبراهيم) أولا عن فكرة الإخراج المشترك، حيث يشير إلى أن هذا الهاجس كان يعتمل في داخله منذ مدة وتعزز هذا الهاجس لديه عندما وجد الرغبة الشبيهة عند المخرج (عبدالله حسن) وكان النص المكتوب لفيلم (سماء صغيرة) هو بداية التحدي للتعرف على آليات الإخراج المشترك، وبسبب من وجود توافق في الأمزجة والرؤى لم يواجه الاثنان صعوبات في التعامل مع هذه التجربة.

وهنا يتدخل المخرج (عبدالله حسن) مضيفاً: لقد عملت مع (عمر) في وظائف شبيهة وأماكن شبيهة، حيث عملنا سابقا في قسم واحد في قناة الشارقة وهو قسم (مبدعون)، ثم انتقلنا معا أيضا إلى قناة (سما دبي) وقد كلفتنا القناة وبالصدفة البحتة أيضا للعمل في برنامج واحد، كل هذه الظروف العملية، بالإضافة للتشابه الذي يجمعنا في الأساليب والأفكار الإخراجية جعل من موضوع اشتراكنا في إخراج عمل واحد موضوعا سلسا وبعيدا عن الاختلافات الكبيرة في وجهات النظر.

ويقول (عمر) إن أسلوب العمل المشترك في فيلم (سماء صغيرة) اعتمد بشكل أساسي على الصياغة المتوافقة لسيناريو الإخراج أو (الإستوري بورد)، وهذا التوافق سهل كثيرا من توزيع الأدوار بينهما، فكل الأمور كانت واضحة ومسيطر عليها قبل البدء في التصوير، ويضيف (عمر): إن التكنيك الإخراجي لهذا النص الجريء والحساس دفعنا لاتباع أسلوب البساطة المتمنعة أي البساطة التي تذهب إلى عمق المعنى دون فذلكة ومؤثرات مبالغ بها، وذلك حتى تصل فكرة العمل إلى المتفرج دون أن نصيبه بالارباك وعدم الفهم.

أما (عبدالله حسن) فيرى أنه دائما ما يجابه مشكلة مع الفيلم الذي يتحدث من خلال وقائع وظروف معاصرة، لأن هذه الديكورات العصرية تدخله في إشكالية التعامل التلفزيوني مع الصورة، وهو ما لا يمكن أن يلجأ إليه عند الرغبة في إخراج فيلم روائي، لذلك فهو عمد في هذا الفيلم وبالتشاور مع (عمر) إلى كسر حدّة الواقعية الظاهرية في العمل من خلال الاختزال والتكثيف والخروج من النمط التقليدي أثناء التعامل مع اللقطة ومع المشهد.

الإتحاد الإماراتية في 13 مارس 2006

 

"قوس قزح" في اليابان.. فرحة سينمائية فلسطينية.. خالصة 

أعرب المخرج الفلسطيني عبدالسلام شحادة في اتصال هاتفي من العاصمة اليابانية "طوكيو" في غزة عن فرحته الغامرة بفوز الفيلم قوس قزح لذي يعتبر نجاحا كبيرا للشعب الفلسطيني وتوضيحا لوجهة نظره ومعاناته تحت الاحتلال الاسرائيلي.. وقال "ان هذا الانجاز هدية لشعب فلسطين وقضيته العادلة".

أضاف.. انه بعد اعلان فوزه انتابه شعور مختلط من الفرح والأمل بفوز الفيلم والحزن والأسي لما يعانيه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.

وأهدي شحادة فوزه الي الأمهات اللائي فقدن أولادهن بنيران الاحتلال الاسرائيلي والي الآباء الذين فقدوا فلذات أكبادهم في الصراع مع المحتل والي الأطفال الذين فقدوا رب الأسرة والعائل علي طريق الحرية لشعب فلسطين وحلم الدولة المستقلة والي من شردوا عن بيوتهم أو هدمت منازلهم خلال عمليات الاجتياح الاسرائيلية.

نوه بتعاطف الشعب الياباني الواسع مع القضية والشعب الفلسطيني.. وقال انه فوجيء خلال عرض الفيلم بتعاطف شديد مع القضية الفلسطينية رغم البعد الجغرافي لدرجة ان العديد من اليابانيين أجهشوا بالبكاء كثيرا حزنا علي معاناة الفلسطينيين. وظهر جليا مدي اهتمامهم بالشأن الفلسطيني والقضايا العربية.. مؤكدا ان الحق سينتصر وان طال الزمن وان الاحتلال الي زوال.

في انتفاضة الأقصي

أشار شحادة الذي يعمل مديرا لقسم الانتاج بوكالة أنباء "رامتان" وأخرج العديد من الأفلام الوثائقية عن معاناة الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصي الي أنه حاول من خلال عدسة الكاميرا أن ينقل الألم ونسيان الحزن وربما الوعد بحياة أفضل.

وترصد عدسة المصور المخرج شحادة ذكريات طفولته وصباه في شوارع مخيم رفح ولقاءه بأصدقائه والواقع الأليم ومشاعر الحزن والدمار التي خلفتها آلة الحرب الاسرائيلية لدرجة وضع جثث الشهداء في احدي ثلاجات الخضار برفح بعد أن امتلأت ثلاجة المستشفي وقصف الدبابات الاسرائيلية لمسيرة سلمية تقدمها مجموعة من الأطفال مما أدي الي سقوط عشرة شهداء واصابة آخرين بجراح.

وكان الفيلم الوثائقي الفلسطيني "قوس قزح" للمخرج عبدالسلام شحادة قد فاز بالمرتبة الأولي في المهرجان الدولي "إيرث فيجين" الذي أقيم بالعاصمة اليابانية طوكيو.. ونال اعجاب واستحسان المحكمين من بين 17 فيلما لمخرجين من مختلف أنحاء العالم في الاحتفال الذي أقيم مؤخرا في طوكيو.

كان فيلم "قوس قزح" اجتاز ثلاث مراحل من التصفيات الأولية التي جرت العام الماضي حيث شارك في التصفيات الأولية قرابة 1200 فيلم.

تتمحور قصة الفيلم حول توثيق المعاناة التي مر بها الفلسطينيون خلال عملية الاجتياح الاسرائيلي لمدينة رفح في شهر مايو عام 2004 والتي أطلق عليها الجيش الاسرائيلي في حينها "قوس قزح" وراح ضحيتها أكثر من أربعين شهيدا وعشرات الجرحي. ويجيء الفيلم بعد أيام معدودة من فشل فيلم "الجنة الآن" في الحصول علي أوسكار علي الرغم من استخفافه بالمقاومة والهموم الفلسطينية.

الجمهورية المصرية في 14 مارس 2006

 

محمد سعد: جيلي غير مفلس بل يقدم ما يحب الجمهور!

يري ان السينما ليست شخصيات ايجابية فقط

القاهرة ـ القدس العربي ـ من محمد عاطف:  

أكد الفنان محمد سعد أن السينما لا يجب أن تقدم دائما الشخصيات الإيجابية.. بل يجب أن تقدم كل ما هو موجود في المجتمع.. وحاولت أن أفعل ذلك في شخصية اللمبي الذي يعلم تمام العلم أنه شخصية غير سوية.. فهو شخص ضائع لأنه نشأ نشأة متقلبة ولم يتلق أي تربية سليمة ولذلك خرج إلي المجتمع كائنا مشوها يحاول البحث عن فرصة لا يجدها لأن المجتمع ظلمه ولم يهتم به.. وعندما يقع في الحب يتلمس خطواته الصحيحة.. ومع ذلك هاجمه النقاد بشكل لم يحدث لأي فيلم آخر.. ولا أدري السبب وراء ذلكم.

البعض يري أن نجوم الكوميديا الحاليين يعانون إفلاسا في تقديم وابتكار شخصيات جديدة.. بل يسعون إلي استحضار شخصيات سبق تقديمها في أعمال سابقة بأدوار صغيرة وتم تطويعها في فيلم متكامل كما حدث معك وقدمت اللمبي في فيلم الناظر بدور صغير.. ومحمد هنيدي قدم شخصية يانا يا خالتي في مسرحية قديمة له.. وشخصيات أخري.. ويقول محمد سعد: هذا الكلام غير صحيح فنيا.. لأننا نبحث عما يحب الجمهور أن يشاهده.. وهذا ليس عيبا. وقد لمست حب الجمهور للشخصيات التي أقدمها وينادونني بها في الشارع دليلا علي ارتباطهم بها.. ويجب ألا يتجاهل النقاد أراء وذوق الجمهور الذين يساهمون في نجاح ممثل دون آخر.

ويقول سعد: أي شخصية أقدمها علي الشاشة أدرسها جيدا بكل تفاصيلها.. وأحرص علي مشاهدة نماذج لها تشبهها.. بل أقتبس بعض مصطلحاتهم عند تجسيدي لها أمام الكاميرا.. وأعتقد أن هذا من أسرار نجاحي.. فأنا غير منفصل عن حياة الجمهور الذي يقبل علي أفلامي.. مثلا هناك أفلام عالمية تحظي بإنتاج وفير ونجوم كبار ويتوقعون النجاح المبهر لها لكنها تفشل فشلا ذريعا لأن الجمهور لم يشعر بالشخصيات التي قدموها.. هنا يحدث انفصال بين الفنان والمشاهد.. والحمد لله هذا غير موجود في أفلامي وعندما أحقق في فيلمي الأخير بوحة أكثر من ستة وعشرين مليونا من الجنيهات ويعرض منذ الصيف ومازالت بعض دور العرض الصغيرة تقدمه حتي الآن فهذا لا يأتي من فراغ.

يقال أنك تستبعد النجوم اللامعين من أفلامك لتسليط الضوء عليك بمفردك مثلما حدث مع عبلة كامل ونشوي مصطفي..

ويرد: أؤمن بأن الفنان الموهوب يزيد من إقبال الناس عليه في أعماله.. ووجوده في أي فيلم يجعل له مذاقا خاصا.. والنجاح في السينما لا يأتي إلا بمجموعة من أفراد بداية بالمخرج ومرورا بالممثلين وانتهاء بأصغر عامل في البلاتوه.. ولا نجاح لممثل بمفرده.. وفي نفس الوقت هناك عنصر مهم جدا في نجاح العمل وهو حسن اختيار فريق الممثلين.. ونجاح فنانة متميزة مثل عبلة كامل أو نشوي مصطفي معي لا يعني تكرارنا سويا في كل عمل.. وإلا أصاب الجمهور الملل فالناس ترفض أي تكرار وإلا انفصلوا عن العمل الذي يرونه.

يقال أن جيلك من نجوم الكوميديا لا تتعاونون مع بعض حتي لا يسرقوا الكاميرا من بعضهم..

ويقول محمد سعد: هذا الكلام يتردد منذ فيلم ابن عز للراحل علاء ولي الدين لأنه أراد أن يرشحني معه في الفيلم.. وقيل أن أصدقاءه نصحوه برفض ذلك حتي لا أسرق منه الكاميرا.. وهو كلام خاطئ تماما لأنني اشتركت معه في فيلم الناظر ولم أسرق الكاميرا منه أو أي شخص آخر بالفيلم لأنه له حضوره وأداءه الخالص به.. وعندما رشحوني أمامه في ابن عز كنت قد تعاقدت وقتها علي فيلم 55 إسعافا وكان من الصعب أن أجمع بين الفيلمين.

كيف تري نفسك بين أبناء جيلك محمد هنيدي وأشرف عبد الباقي وأحمد آدم..

ويقول سعد: هذه المكانة يختارها لي الجمهور.. وأنا لا يشغلني هذا التصنيف بقدر ما يشغلني المحافظة علي حب الناس.

القدس العربي في 13 مارس 2006

مهرجان سينما الأطفال.. دعوة للسلام

منى درويش**  

بمشاركة 45 دولة اختتمت فعاليات مهرجان القاهرة الدولي السادس عشر لسينما الأطفال الذي قدم عروضه في الفترة من 2 - 9 مارس 2006 كان من بينها 10 دول عربية هي: مصر سوريا ولبنان وفلسطين والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية واليمن وتونس والمغرب.

وقد تنافس المشاركون على الفوز بمسابقات المهرجان الخاص للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة وأفلام الرسوم المتحركة والبرامج التليفزيونية، بالإضافة إلى جوائز وزارة الثقافة المصرية، بمشاركة 200 عمل فني.

جوائز.. وسؤال

وقد تميزت الأعمال الفائزة من فئة الأفلام الروائية الطويلة بقوة الموضوع والحس الإنساني وتفوق الأداء التمثيلي للممثلين الأطفال، مثل الفيلم المغربي "زينة" والهولندي "بوكنر" والفنلندي "الرجل البجعة".

كما تميزت الأفلام القصيرة الفائزة برسالتها السينمائية الواضحة التي تدعو للسلام ونبذ الحرب بأشكالها، مثل الفيلم اليوناني "زيتونات إلينى"، والفيلم الكندي "شجرة السلام"، والفيلم الألماني "المطر يسقط".

كما قدمت هذه الدورة من المهرجان أعمالاً تميزت بالإبداع الفكري من حيث الفكرة المبتكرة وأسلوب كتابتها وتناولها دراميًّا، إضافة إلى تركيزها على صراع الخير والشر بما في ذلك من مغامرات ومطاردات وغموض.

في حين جاءت الأعمال العربية مثل فيلمي "ابن الغابة" الكويتي و"قلوب بتحبك" المصري محملة بدعوة للتفكير والتعلم وإعمال العقل والتواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ومشجعة على الابتكار.

وتميزت الأفلام الروائية الطويلة عن القصيرة في قوة الموضوع والحس الإنساني المرتفع وتفوق الأداء التمثيلي في حين مالت الأفلام القصيرة إلى التسجيلية.

كما طرح خلال أيام المهرجان سؤال: أين الإنتاج العربي المخصص للطفل؟ وإلى متى يستمر العرب في الاعتماد على فرق العمل والتمويل الأجنبي وبعضه يأتي ناطقًا بالأجنبية؟.

إبداع وصراع

ومن الأفلام المميزة المشاركة برز الهولندي "ليبيل" الذي تميز بالفكرة الخيالية المثيرة والجميلة، وحضور حياة طفل ذي تسع سنوات بعد الاختفاء الغامض لوالديه، حيث تتولى جدته الاعتناء به؛ المفاجأة السيئة التي تصدم المشاهد أنها تستخدمه كخادم، ليهرب منها ويبحث مع طفلة من أطفال الشوارع على أبوين جديدين.

ومن أفلام الصراع الفيلم الفرنسي "أكيريكو والوحش" مدته 70 دقيقة إنتاج 2005، يتناول الفيلم قصة الطفل "أكيريكو" الذي يجلب المياه للقرية فيعم الخير في كل مكان ويقابل العديد من العقبات والمخاطر؛ إذ تحاول الساحرة الشريرة إيذاءه بينما تساعده الحيوانات والطيور الطيبة.

الشيء نفسه تكرر في الفيلم الإيراني "البطة والفلاح" والذي يحكي عن فلاح يستغل العامل الذي يساعده والذي تجسده "بطة" تعمل في الحقل بينما الفلاح ينعم بالراحة، ونتيجة لذلك تقوم الحيوانات بمهاجمة الفلاح لتخليص البطة من بطشه، وهو عمل تميز بالبساطة والنبل ويعطي المشاهد درسًا في حسن معاملة الآخرين.

اختلاف الموضوعات

وقد أبرزت الأعمال المشاركة التمايز الواضح بين أفلام الدول المتقدمة والنامية المشاركة؛ فقصص الأولى ومواضيعها تدور حول قضايا "تربوية"، مثل عدم فهم الكبار للأساليب السليمة للتعامل مع الأطفال، كما في فيلم "ليبيل" الهولندي أو ضرورة الحوار بين الكبار والأطفال كما في السويسري "الوعد" عن قصة أم شابة يتوفى زوجها تاركًا إياها مع طفلين، حيث يعاني الابن الأكبر من حزن عميق حيث تعمل والدته على مناقشة الأمر معه وتشرح له فكرة الموت، وهذا الأمر ينسحب على كثير من الأفلام القادمة من دول متقدمة.

لكن الصورة جاءت مختلفة في الدول النامية التي دارت حول قضايا اجتماعية، مثل عمالة الأطفال كما يعرضها الفيلم السريلانكي المتميز "أجنحة الفراشة"، وهو فيلم روائي طويل يتحدث عن عمالة الأطفال في مجتمع الفقراء من الكادحين، حيث الآباء الذين يعانون من مشاكل صحية تضطر الأبناء للعمل.

كما يطرح الفيلم بشجاعة مشكلة التحرش الجنسي التي يتعرض لها الأطفال والتي قدمها المخرج "سومارتن دساناياك" بنبل وعرضها بطريقة أخلاقية وغير مباشرة.

ومن القضايا التي عالجتها أفلام العالم الثالث قضايا تحث على المحافظة على البيئة مثل تلك التي عرضها الفيلم الهندي "بيت الحلوى" الذي يعالج مشكلة الجفاف والتصحر.

ضد الحرب ودعوة للسلام

وكان من اللافت للنظر في الأفلام المشاركة في مسابقات المهرجان تلك التي تناولت موضوعات حول مشكلات الحروب والدعوة للسلام والبُعْد عن الصراعات، سواء بين الدول أو ما يعرف بصراع الحضارات، ومنها الفيلم اليوناني الروائي المتميز "زيتونات إلينى".

حيث ناقش الفيلم فكرة أنه عندما تنشب الحرب ماذا يمكن أن نأخذه معنا، وماذا يمكن أن نتركه خلفنا؟ وهي قصة الفتاة الصغيرة "إلينى" المغرمة بأشجار الزيتون لكنها تجبر على ترك قريتها بسبب الحرب.

وهناك الفيلم التونسي "كأنه حلم" من إنتاج 2004 وإخراج خالد البرصاوي، والذي يقدم فكرة المقاومة ضد الاحتلال، والتخلص من الظلم من خلال صبي صغير يزور قبر والده، وفي الوقت نفسه تطارد قوات البوليس أحد الوطنيين الشباب؛ ليقوم الولد الصغير بتضليل رجال الشرطة ويتحمل كل النتائج.

وكرّس الفيلم الكندي "شجرة السلام" الدعوة إلى التآخي والصداقة، عبر عرضه لحكاية فتاتين مسلمة وأخرى مسيحية وحلمهما بالاحتفال بأعيادهما الدينية معًا، حيث تدخلان في مشاكل مع والديهما في محاولة لإقناعهم بأن السلام الحقيقي هو هدفهما الحقيقي، السلام بين الأطفال المختلفين في الطوائف والديانات.

"زينة" المغربي يتفوق

في سابقة هي الأولى من نوعها شاركت الكويت في فعاليات المهرجان بفيلم "ابن الغابة"، وهو رسوم متحركة طويل 100 دقيقة، وهي المرة الأولى التي يعرض فيها فيلم كويتي للأطفال من إنتاج مؤسسة مجلس التعاون لدول الخليج العربي.

ويحكي الفيلم، المأخوذ عن قصة "حي بن يقظان" من الأدب العربي، عن نشأة طفل في أحضان الطبيعة حيث ترعاه غزالة مع وليدها؛ ليكبر الصبي ويدرك أنه مختلف عن الحيوانات ويحاول الخروج من الغابة ليواجه عالم البشر.

وبالرغم من أن الفيلم يُعَدّ خطوة جديدة تخطوها السينما الكويتية الآن فإن هناك انتقادات طالته نظرًا لتكرار الموضوع في العديد من الأفلام؛ حيث بدا مشابهًا "لطرزان"، كما أنه لم يضف جديدًا من حيث الفكرة.

وشاركت العراق بفيلم في المسابقة الرسمية لأفلام الرسوم المتحركة وبرامج التليفزيون وهو بعنوان "قوس قزح أقوى من الحرب"، ويتناول الحرب القاسية على العراق وأثرها في تحطيم الأحلام الوردية للطفل، وانهيار غالبية الخدمات في العراق، وهو من إخراج عبد الباسط سلمان.

ويُعَدّ الفيلم الروائي الطويل "زينة" من أجمل وأفضل الأفلام المشاركة في المهرجان؛ فهو فيلم مغربي تفوقت وتميزت فيه كل عناصر العمل الفني، سواء السيناريو المكتوب بإحساس مرهف والتصوير وحركة الكاميرا والمونتاج واختيار الحكاية التي تعبر عن عشق الصحراء والفروسية والنبل.

والعمل يقدم صورة وشخصية فتاة عربية في عمر 12 سنة تعيش في الصحراء وتتميز بالشجاعة والإقدام، كما صوّر البيئة العربية الأصلية وشجاعة الإنسان العربي، وتدور قصة الفيلم حول أم ترحل عن الحياة وتترك ابنتها المراهقة زينة مع زوج أمها ويأتي الأب ليأخذ الطفلة من جدها، وكان قد انفصل عن والدتها. عندها لا تجد زينة سوى تعلم الفروسية وحب الخيل حتى تفوز بالسباق وتتمكن من الرحيل مع والدها.

وقد نال الفيلم الإعجاب الشديد من قبل الجمهور والنقاد بالرغم من كونه ناطقًا باللغة الفرنسية.

لكن السؤال "الثقيل" الذي تعرض له الفيلم كان حول جنسيته؟ وهو موضوع تم التعرض له ضمن ندوات المهرجان في ضوء التمويل والإنتاج الغربي.

ورغم ضعف المشاركة الإيرانية نسبيًّا عن بقية الأعوام السابقة فقد شاركت بثلاثة أفلام في مسابقة الرسوم المتحركة والبرامج التليفزيونية، وهي: "انعكاس" و"كان هناك القمر والثعلب" و"صديق عزيز وبرعم لذيذ".

لا صناعة ولا منافسة

وبمرور 16 عامًا على بداية انعقاد أولى دورات المهرجان كانت هناك قائمة من الأسئلة التي دارت في ندوات ونقاشات المهرجان، من ضمنها ندوة "صناعة أفلام الرسوم المتحركة في مصر" والتي تعرضت لأسباب عدم وجود صناعة حقيقية لأفلام الأطفال في مصر خاصة وفي الوطن العربي عامة.

هذا السؤال على أحقية طرحه نال نقاشًا كبيرًا من قبل الحضور وهو ما جعل فنان الرسوم المتحركة شريف محمود يتساءل عن الهدف الحقيقي من إقامة المهرجان! ما دام إلى الآن لا يقدم الإنتاج العربي الذي لم يوجد بعد؟.

وفي ضوء مشكلات الصناعة، وعدم القدرة على المنافسة يبدو أن دور المهرجان يقتصر على عرض الأفلام فقط!!! وإقامة ندوات تتكرر كل عام بنفس العناوين والجهات المنظمة والضيوف أيضًا!!.

وتعجب جمهور الحاضرين من أنه وبعد مرور 16 عامًا على المهرجان إلا أنه وإلى الآن لا توجد مكتبة فيلمية تضم نسخًا من أجمل وأميز الأفلام المشاركة، وهذا برأي النقاد يُعَدّ إهدارًا لجهود وأعمال المهرجان التي قدمها على مدار أعوامه، وبرأي المخرجة فريال كامل فإن حل هذه المشكلة يكمن في أن تدعم الدولة هذه الصناعة، وذلك بأن تجعلها في باب الخدمات الثقافية، لكن المخرج محمد صلاح يرى عكس ذلك فدعم الدولة من وجهة نظره سيؤدي إلى استمرار أشباه الفنانين والمنتفعين الذين لا يقدمون أعمالاً مهمة من حيث المضمون والإتقان الفني، ويقول: "المتابع لحالة الطفل العربي يجده يذهب لرؤية الأعمال التي تجذبه من الإنتاج العالمي ذلك الإنتاج الذي يرضيه ويقدم له مادة ممتعة ومسلية، وهو لا يلام على ذلك مطلقًا في ضوء عدم توفر البديل".

ومن المعروف أنه لا توجد مؤسسة عربية تُعنى بإنتاج أفلام ومسلسلات متميزة للطفل كـ"والت ديزني" وتكون معتمدة على نفسها من حيث الإنتاج والإخراج وكتابة القصص والسيناريو ومجموعة فناني الرسوم المتحركة.

ويرى النقاد أنه حتى تستطيع الدول العربية المنافسة عالميًّا في مجال إنتاج الأعمال السينمائية للأطفال فإنها لا بد أن تؤمن أولاً بأهمية تقديم مثل هذه الأعمال للطفل وبعمق احتياجه لها تربويًّا وفنيًّا.

** صحفية مصرية.

الحياة اللبنانية في 13 يناير 2006

 

سينماتك

 

سماء صغيرة .. دفاع عن حرية المرأة

بقلم / إبراهيم الملا

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك