جمال عبدالناصر‏,‏ السادات‏,‏ المشير عامر‏,‏ حليم‏,‏ أم كلثوم‏,‏ أسمهان‏,‏ الشيخ زكريا أحمد‏,‏ بليغ حمدي‏,‏ سعاد حسني‏,‏ محمد علي‏,‏ والملك فاروق‏,‏ أسامة بن لادن‏,‏ وأخيرا حسن البنا‏..‏ مؤسس جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ الأعمال التي تردد أن هناك أكثر من شركة تتبني المشروع وستعمل علي إنجازه بغض النظر عن إمكانية تحقق ذلك علي أرض الواقع‏..‏ وظهور هذا العمل إلي النور‏,‏ فهناك الكثير من الأسباب التي قد تحول دون تحققه‏,‏ إلا أن الجدل الذي أثاره هذا المشروع ورفض أسرة البنا لتصدي الصحفي محمد الباز‏,‏ لكتابة فيلم عن الإمام‏,‏ وتهديدهم برفع دعاوي قضائية في حالة ما إذا كان السيناريو يحمل أي إساءة لشخصية الراحل‏..‏ تلك الحالة من الوصاية من جانب الورثة تعيدنا من جديد إلي قضية حدود تدخل الورثة فيما يتعلق بإنجاز أعمال عن شخصيات عامة‏,‏ وفرضهم وصاية علي خيال المبدع أو الكاتب‏..‏ وحديثهم عن ضرورة الالتزام بوجهة نظرهم؟‏!‏ لذلك نتساءل هل الشخصية العامة هي ملك للناس والجماهير أم ملك للورثة؟‏!‏ وإذا كان لكل منهما حق فما الحدود التي ينبغي أن يقفوا عندها؟ ولماذا هوجة الأفلام التاريخية‏..‏ الأهرام العربي تفتح الملف‏.‏

فلاش‏..‏ باك

بالتأكيد لا أحد فينا ينسي ما حدث من ضجة حول سيناريو المشير والرئيس‏..‏ والذي وقفت أسرة المشير عامر له بالمرصاد وحالت دون خروجه للنور حتي الآن؟‏!‏ خاصة أن نهاية السيناريو كانت لا تتفق مع رواية أسرة المشير في حادث وفاته‏,‏ السيناريو في النسخة الأولي انتصر للرواية السائدة وهي انتحار المشير‏,‏ وبعد احتجاج الأسرة‏:‏ الفنانة‏,‏ برلنتي عبدالحميد‏,‏ وابنه عمرو وأولاده الآخرين قررت أسرة الفيلم تصوير نهايتين للحدث الانتحار والقتل العمد‏,‏ من وجهة نظر شخصين مختلفين‏..‏ وعلي الرغم من ذلك لم يخرج السيناريو إلي حيز التنفيذ حتي الآن‏.‏

وأيضا مع خروج فيلم عن الزعيم جمال عبدالناصر للسوري أنور القوادري‏,‏ ظهرت اعتراضات لأسرة الزعيم علي الفيلم‏,‏ وكذلك المسلسل الذي تم البدء في تصويره عن الشيخ زكريا أحمد‏..‏ ومع اعتراضات الورثة توقف المشروع‏,‏ ونفس السيناريو تكرر مع نزار قباني فعلي الرغم من عرض المسلسل في رمضان الماضي‏..‏ إلا أن القضايا بين منتج العمل وأسرة نزار لاتزال قائمة‏,‏ ومشروع فيلم أسمهان الذي أجهض من قبل الورثة‏,‏ وحاليا هناك مسلسل يجري تنفيذه للسوري نبيل المالح‏,‏ وما حدث مع فيلم السادات من هجوم عليه قبل عرضه ثم منع عرضه في الكثير من الدول العربية‏.‏

هوجة‏..‏ الأعمال التاريخية

أول سؤال يتبادر إلي الأذهان هو لماذا هناك زيادة في عدد الأفلام المنتجة حاليا عن الشخصيات العامة وقد تكمن الإجابة في الانفتاح الذي يشهده السوق في المرحلة الحالية‏,‏ كذلك زيادة رؤوس الأموال التي تعمل علي الاستثمار في مجال السينما‏,‏ وكذلك زيادة دور العرض‏..‏ كل هذا أتاح تنوعا أكبر في النوعيات السينمائية المقدمة‏..‏ خاصة أن النجاح الذي حققه فيلما السادات وناصر‏56‏ أكدا علي أن هناك رغبة في استعادة لحظة تاريخية بعينها وضرورة مشاهدة أبطالها‏,‏ الذين أصبحنا نفتقد نماذج مثلهم في واقع مليء بالإحباط‏,‏ وأحيانا قد يكون لأن السينما أو الفيديو يقدمان لنا ترجمة لما تربينا عليه ودرسناه عن التاريخ والشخصيات أو الصدمة في بعض الروايات التاريخية وقد يكون ذلك هو الحافز وراء إنتاج مثل هذه الأعمال‏.‏

يتفق الناقد السينمائي علي أبو شادي مع هذا الطرح مؤكدا علي أن حالة الحماسة لإنتاج أفلام تاريخية هو شيء كنا نفتقده في السينما المصرية التي طالما شهدت العديد من هذه التجارب‏,‏ خاصة أن الهدف من هذه الأعمال ليس فقط خلق متعة فنية وقتية لدي المشاهد بل نقل تجربة إنسانية إلي شعوب تري أن تاريخها يعيد نفسه‏.‏

الإعلامي عماد الدين أديب والذي بدأ من خلال شركته جود نيوز إرساء نمط مختلف عن الإنتاج‏..‏ أعلن منذ البداية عن تفكيره في تقديم سينما ذات إنتاجات ضخمة بدأها بحليم وعمارة يعقوبيان ويستعد حاليا لفيلمي محمد علي وأسامة بن لادن وينطلق أديب من أن المرحلة التاريخية والتحولات التي تشهدها المنطقة جعلتنا في أمس الحاجة لاستعادة لحظات تاريخية مضيئة أو إعادة اكتشاف المجهول في تاريخنا‏..‏ من نفس المنطق تحاول شركة نخيل ليوسف الديب أن تنوع في إنتاجها ما بين الأفلام الاجتماعية والتاريخية فهي صاحبة مشروع الملك فاروق للكاتب وحيد حامد‏.‏

الدراما التاريخية قد تفضح المسكوت عنه في حياتنا السياسية أو الاجتماعية‏..‏ بهذه المقولة بدأ الكاتب وحيد حامد‏..‏ ويواصل في أحيان كثيرة تكتشف أن كتابة التاريخ قد خضعت لوجهة نظر واحدة وأن هناك تشويها متعمدا لشخصيات بعينها وهذا مثلا ما اكتشفته وأناأقوم بكتابة سيناريو الملك فاروق‏..‏ وأعتقد أن السيناريو سيقدم صورة مغايرة تماما للملك فاروق الذي سمعنا وقرأنا روايات مختلفة عن شخصيته المثيرة للجدل‏,‏ وهنا تكمن أهمية تقديم أفلام عن شخصيات تاريخية‏..‏ كما أن للأجيال الجديدة حقا علينا في ضرورة تعريفها بتاريخها‏.‏

حدود‏..‏ الورثة

الجدل الذي أثاره السيناريو الذي صاغه الصحفي محمد الباز عن مؤسس الإخوان حسن البنا والذي آثار غضب عائلته‏..‏ حيث أكد المفكر جمال البنا شقيق مؤسس الجماعة أنه يعتزم مقاضاة من يعرض سيرة الإمام للتشويه‏,‏ خاصة أن كاتب السيناريو رفض أن يطلع الابن سيف الإسلام حسن البنا والشقيق علي تفاصيل السيناريو كما أنه لم يرجع إليهم أصلا في التأكد من بعض المعلومات والحقائق الخاصة بحياته الإنسانية بعيدا عما تداولته الكتب والدراسات والأبحاث‏,‏ الباز اعتبر أن ذلك وصاية من جانب أسرة الإمام‏.‏

يعلق الكاتب وحيد حامد‏..‏ والذي طلب منه كتابة سيناريو عن حسن البنا‏,‏ لشركتين من كبري شركات الإنتاج ـ عن توقف المشروع حاليا ـ بأنه يرفض وصاية الورثة بشكل عام‏,‏ ولكن الأمور يجب ألا تؤخذ علي علاتها فأحيانا يكون الرجوع إلي الورثة أمرا شديد الأهمية لمعرفة التفاصيل الإنسانية في حياة الشخصية التي نعمل عليها‏..‏ ولكن صياغة هذه التفاصيل والرؤية الكاملة للعمل الإبداعي‏..‏ هي من حق المؤلف والمخرج خاصة أن كتابة سيناريو عن شخصية مهمة تحتاج لمجهود شاق بدءا من جمع كل ما كتب عنه حتي لو كان خبرا صغيرا‏,‏ ثم تجمع الآراء المتناقضة‏..‏ هنا يكون حدس الكاتب وقيامه بعمل رؤية بانورامية هو الفيصل في الحكاية طالما يتعامل بإنصاف‏..‏ أقصد أنه لن يكون هناك خلل في الحقائق التاريخية‏.‏

علي النقيض يؤكد محمد شبانة من ورثة الراحل عبدالحليم حافظ‏,‏ والذي أثار الكثير من الجدل فيما يتعلق بعمل مسلسل تليفزيوني عن حليم وكذلك الفيلم السينمائي‏..‏ أن للورثة الحق المطلق في حماية النجم لأنهم يخشون أن يتعرض تاريخه للتشويه‏,‏ فهناك بعض الكتاب قد ينتصرون لكل ما هو سيء عن الشخصية‏..‏ وليس معني كلامي أن تكون الشخصية ملائكية‏,‏ ولكن أقصد أن هناك صورة ذهنية يجب الحفاظ عليها‏..‏ وطبيعي أن يكون للورثة حق معنوي وحق مادي‏.‏

المخرج مجدي أحمد علي والذي هو بصدد عمل مسلسل عن بليغ حمدي وسعاد حسني يتفق مع ما طرحه الكاتب وحيد حامد بأن للورثة الحق في النقاش حول الشخصية في إطار معرفة عادات وسلوكيات خاصة بالنجم الذي نعمل عليه لكن الإطار الفني ذلك حق لكاتب النص‏..‏ ومخرج العمل‏.‏

أماهيثم حمدي ابن شقيق الراحل بليغ حمدي فيري المسألة بمنظور مختلف‏..‏ حيث يؤكد أن بليغ حمي شخصية عامة ملك للناس ولجمهوره ومن حقهم علي ألا أبخل بمعلومة لصالح إنتاج عمل عن حياته‏..‏ وفي النهاية هو إنسان له مميزاته وعيوبه‏,‏ وكل الأفلام التي أنتجتها السينما العالمية عن شخصيات موسيقية مثل بيتهوفن وموتسارت شاهدنا هذه الشخصيات بكل تفاصيلها الحياتية‏..‏ السيء والحلو هذا يجعل الشخصية أقرب إلي الناس‏,‏ بدلا من وضعها في إطار علي الناس أن يتعاطوه والمهم أن هناك عملا يخلد الشخصيات التي أثرت حياتنا الفنية والسياسية وينصفها‏,‏ لأن هناك بعض الشخصيات قد لا يتم إنصافها في زمانها‏.‏

بعيدا عن خلافات الورثة‏..‏ وحقوقهم الأدبية والمعنوية تظل فكرة إنتاج أفلام تاريخية بالشيء المهم‏..‏ الذي يعيد للسينما العربية بعض بهائها‏..‏ ولكن الأهم هو إنتاج هذه النوعية من الأفلام بشكل ثري يتناسب مع تلك الفترات التاريخية‏..‏ وفي النهاية تظل أي شخصية سياسية أو فنية آثارت جدلا ملكا لجمهورها وصانعيها أو مؤيديها وبعيدا عن التعصب الذي يتصرف به بعض الورثة‏..‏ علينا أن نأخذ العبرة من السينما العالمية التي قدمت شخصياتها العامة بكل متناقضاتها وعلي الرغم من ذلك وقع الجمهور في غرامها وعشقها لأنهم في النهاية بشر وليسوا أنبياء‏*‏

الأهرام العربي في 11 مارس 2006

 

‏..‏ ونجل حسن البنا يشهر سيف القانون‏:‏ تجار السينما يريدون التربح باسم والدي

أجري الحديث ـ بشير حسن 

فيلم سينمائي عن حسن البنا مؤسسس جماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسميا‏..‏ لماذا الآن؟

الرجل مضي علي رحيله أكثر من‏57‏ عاما‏,‏ لم يتناوله كاتب في عمل فني‏,‏ وفجأة تحول إلي مادة سينمائية ثرية يحوم حولها العديد من كتاب السيناريو‏,‏ حتي الإخوان المسلمين أنفسهم فطنوا إلي أهمية الشخصية دراميا فشرعوا في التحضير لفيلم يتناول حياة الرجل‏,‏ كل هذا مشروع‏,‏ لكن غير المشروع‏,‏ هو رفض أحمد سيف الإسلام أن يتعرض أحد لشخصية والده إلا من خلاله‏,‏ فيما يري آخرون أن حسن البنا أصبح ملكا للجميع بعد مضي أكثر من خمسين عاما علي رحيله‏,‏ حملنا وجهة النظر هذه وطرحناه علي سيف الإسلام فجاء رده في هذا الحوار‏.‏

·         القانون كفل لأي كاتب تناول شخصية حسن البنا في عمل فني بعد مضي أكثر من‏50‏ عاما علي رحيله وأنت ترفض لماذا؟

القانون كفل ذلك شريطة أن يتوافر حسن النية في الكاتب الذي يتصدي للشخصية العامة‏,‏ كما ينبغي عليه ألا يتعرض لحياة الشخصية الخاصة وأن تكون الوقائع المنسوبة إليه صحيحة‏,‏ وفي هذه الحدود يكون تناول الشخصيات التاريخية في الأعمال الفنية‏.‏

·         ولماذا تفترض سوء النية في من يتعرضون لحياة حسن البنا؟

التعويض في جرائم النشر صعب‏,‏ فإذا تم النشر وقعت الجريمة كاملة‏,‏ ولا سبيل إلي التعويض فيها‏,‏ كما أن من الصعب أن تمحو جريمة السب والقذف بعد وقوعها‏,‏ لذلك كان القضاء حاسما عندما أوقف تنفيذ أي عمل فني يتناول شخصية تاريخية لحين العودة إلي الورثة‏,‏ ولا سلطان علي أي كاتب يتعرض لشخصية حسن البنا إذا التزام بالقانون‏.‏

·         حسن البنا مضي علي وفاته أكثر من نصف قرن‏,‏ لذلك تحول إلي ملكية عامة؟

أعمال حسن البنا الأدبية والدينية ينطبق عليها هذا القانون رغم أنه ليس دستوريا‏,‏ أما الشخص نفسه فتناوله في عمل فني يوقع ضررا علي ورثته‏,‏ فإذا جاء كاتب ليقول إن حسن البنا كان إرهابيا‏,‏ ألا يوقع ذلك ضررا علي أبنائه وأحفاده وحتي علي الجماعة التي أسسها؟

·         هل اعتراضك والإخوان المسلمين علي تقديم فيلم عن حسن البنا سببه الأقاويل الكثيرة التي تناولت حياته ومواقفه؟

حسن البنا بكل تواضعه من أطهر الزعماء وأتحدي بطهارته أي شخص وليس في ماضيه ما يسيء إليه‏.‏

·         من له الحق في الاعتراض أنت أم الإخوان؟

صاحب المصلحة الذي يقع عليه الضرر المادي والأدبي‏,‏ وأنا وأسرتي أصحاب مصلحة وجماعة الإخوان أيضا لأن مؤسسها حسن البنا‏,‏ لذلك من حقي وحقهم أن نعترض علي تقديم فيلم دون الرجوع إلينا‏.‏

·         إذا لم يكن في ماضي حسن البنا ما يسيء إليه فلماذا الخوف؟

الخوف من أن يشوه كاتب صورة حسن البنا‏,‏ لأن الحرب علي الإخوان حاليا قائمة‏,‏ وهناك رغبة في تشويه جماعة الإخوان وهذا قد لا يحسن صورة حسن البنا باعتباره مؤسس الجماعة‏.‏

·         ألا تريد فيلما يخلد اسم حسن البنا؟

نعم أريد‏,‏ لكن أين هو؟ فالرغبة في تقديم فيلم عن حسن البنا شيء والظروف المحيطة بنا حاليا شيء آخر‏.‏

·         من يكتب إذن فيلما عن حسن البنا؟

الذين كانوا أقرب إليه‏.‏

·         أنت مثلا؟

لا أزكي نفسي‏,‏ لكن بحكم معايشتي له أعرف عنه كل شيء‏,‏ لقد مات والدي وعمري‏15‏ عاما‏,‏ وعاش جدي بعده‏9‏ سنوات وكان حريصا علي أن يطلعني علي كل شيء خاص بوالدي‏,‏ كما أن لدي مكتبة مليئة بالمعلومات عن والدي جمعها الإخوان المسلمين من الإخوة الذين عاشوا بجوار والدي‏.‏

·         ولماذا لا تكتب الفيلم؟

أنا جاهز‏,‏ لدي أكثر من ألف موقف لحسن البنا جمعتها في وحدة عضوية تصلح لعمل سينمائي‏,‏ ولدي عروض من إخوة في الكويت يرغبون في إنتاج الفيلم وبالفعل صورنا بعض المواقع قبل انقراضها للاستفادة منها‏,‏ كما رفضت تقديم حياة والدي في مسلسل تليفزيوني لأنني كنت أنوي تقديم الفيلم‏.‏

·         هل تشكك في معلومات كاتب بحجم وحيد حامد عن حسن البنا باعتباره أحد الراغبين في كتابة فيلم عنه؟

لا أعرف حجم المعلومات لدي وحيد حامد‏,‏ لكن هناك أشخاصا رصدوا حياة حسن البنا جيدا‏,‏ وأنا لا أعترض علي أي شخص يتناول حياة والدي في فيلم‏,‏ المهم أن يستند إلي وقائع حقيقية وأن أراجع السيناريو‏.‏

·         لماذا تشعرني بأن حسن البنا معصوم من الخطأ؟

الرسول فقط هو المعصوم من الخطأ‏,‏ وحسن البنا قد يخطيء ويصيب لأنه بشر‏,‏ لكن أخطاءه كانت قليلة وتكاد لا تذكر‏.‏

·         من منطلق أنك كاتب تتصدي لحياة حسن البنا ما أخطاؤه؟

أنا لم أرها‏,‏ لكني مستعد لمناقشة أي أخطاء في شخصية حسن البنا مع أي شخص يأتيني بها‏,‏ وحسن البنا كان زعيما‏,‏ والزعماء ثلاثة أنواع‏,‏ الأول زعيم بالفهلوة والثاني جعلته الظروف زعيما مثل الثورات‏,‏ والثالث صنعه الله حتي يكون زعيما ليحيي رسالته وهذا هو حسن البنا‏.‏

·         لماذا هذا التكالب علي تقديم حسن البنا في فيلم رغم أنه متاح منذ عشرات السنين؟

من يريدون تقديم فيلم عن حسن البنا ثلاثة أقسام الأول لديه نزعة تجارية يرغب في التكسب لأنه يدرك أنه إذا أنفق‏10‏ ملايين علي الفيلم سيكون العائد مائة مليون‏,‏ والثاني معجب بحسن البنا وهم أتباعه والذين عرفوه‏,‏ والقسم الثالث يضم أعداء الإخوان المسلمين في الداخل والخارج وأبرزهم الصهيونية العالمية‏.‏

·         أعتقد أن خوفك من تقديم حسن البنا في فيلم لست كاتبه سببه بعض المواقف التي حسبت ضد حسن البنا؟

مثل ماذا؟

·         مثل هتافه لإسماعيل صدقي في عابدين واتهامه بالتحريض علي قتل النقراشي وموقفه من الإنجليز؟

حسن البنا لم يهتف لإسماعيل صدقي في عابدين وهذه معلومة مغلوطة‏,‏ كما أنه لم يحرض علي قتل النقراشي‏,‏ فالذين تربصوا بالنقراشي هم الطلبة الذين قتل النقراشي منهم العشرات عندما فتح كوبري عباس فسقطوا في المياه‏,‏ أما موقف والدي من الاستعمار الإنجليزي أو غيره فهو معروف لأنه أول من طالب بجلاء الاستعمار‏,‏ هذه المعلومات المغلوطة تجعلني حريصا علي مراجعة أي سيناريو يكتب عن والدي‏.‏

·     لماذا ثار الإخوان عندما ورد في أحد السيناريوهات أن حسن البنا كان هدفه من انتقال الإخوان إلي فلسطين مجرد التدريب لا الدفاع عنها‏,‏ خاصة أن الحكومة المصرية رفضت تدريب الإخوان علي الذخيرة الحية في الصحراء؟

هذا كلام ينافي الحقيقة‏,‏ والإخوان انتقلوا إلي فلسطين للتنفيذ لا للتدريب‏,‏ وقد قاتلوا حتي أوشكوا علي دخول تل أبيب‏,‏ ولولا قرار النقراشي بوقف القتال لدخلوا تل أبيب‏.‏

·         من الممثل الذي ترشحه لتجسيد شخصية حسن البنا؟

عندما ننتهي من كتابة السيناريو سيهدينا الله إلي هذا الممثل‏.‏

·         هل تخشي من أن يكون الممثل غير مقتنع بحسن البنا أو لا يحبه؟

الممثل من الممكن أن تكون لديه القدرة علي الصدق الفني‏,‏ بعيدا عن صدقه الشخصي‏,‏ وبذلك يكون قادرا علي تقديم الشخصية بصدق‏.‏

·         ألا تخشي من ألا يقدم الممثل شخصية حسن البنا وفقا لرؤية الإخوان لها؟

لهذا السبب قلت إن الظروف الحالية لا تسمح بتقديم فيلم عن حسن البنا‏,‏ والظروف سوف تسمح عندما يقبل الممثل علي تجسيد الشخصية وهو مقتنع بها ودون خوف من أحد‏,‏ وكل ما أخشاه حاليا أن يجمع أحد كل الأباطيل في فيلم ويقول إنه حسن البنا‏*‏

الأهرام العربي في 11 مارس 2006

الأوسكار الشرفي أقل تقدير لأفلامه

اعتراف متأخر بقيمة روبرت ألتمان

محمّد رُضا 

الأوسكار الشرفي الذي ناله المخرج روبرت ألتمان كان أقل ما تستطيع أكاديمية العلوم والفنون السينمائية القيام به حيال مخرج منحته جائزة واحدة في 1970 ثم توقفت رغم أنه حقق بعد ذلك أفلاماً أخرى تستدعي الفوز. الفيلم الذي نال الأوسكار عنه كان “ماش”، كوميديا ساخرة عن فريق طبّي خلال الحرب الكورية، بعده أنجز أفلاماً أخرى مهمة من بينها “ماكاب ومسز ميلر” و”ناشفيل” و”ثلاث نساء” “عرس” و”كانساس سيتي” و”جاهز للبس” و”اللاعب” وغيرها.

المؤكد أن أفلام ألتمان لا تتعامل والمألوف الذي عادة ما يخطف الأوسكار. بالتالي، التقدير النقدي الكبير الذي تحظى به أفلامه تباعاً لا تأثير له يُذكر في ناخبي الأوسكار البالغ عددهم 5800 عضو او يزيد قليلاً. هذا لا يُقيّم مخرجاً أمضى في السينما 34 سنة أنجز خلالها أربعين فيلماً آخرها “صحبة البيت الريفي”، الذي وزّع فيه البطولة على عدد من الممثلين بينهم ميريل ستريب ول. كيو جونز، وتومي لي جونز، وكيفن كلاين، ووودي هارلسون، وجون س. رايلي وليلي توملين.

وكلمة توزيع البطولة تعني ما توحي به، فمعظم الأفلام يتولّى بطولتها ممثل او اثنان، وأحياناً ثلاثة. فيلم سيرجيو ليوني “الجيّد والسيئ والبشع” كان من بطولة كلينت ايستوود ولي فان كليف وايلي والاك. فيلم وولتر هيل “48 ساعة” كان من بطولة نك نولتي وإيدي مورفي و”رامبو” كان من بطولة سلفستر ستالون، والصفحة بأسرها يمكن أن تمتلأ بأمثلة على هذا النحو. لكن القليل من الأفلام هي التي توزّع البطولة على مجموعة من الممثلين المشتركين ضمن غمار حدث واحد.

بالنسبة لألتمان، فإن أفلامه انقسمت دائماً إلى قسمين: أفلام سردت قصصاً أخرى تناولت شخصيات، تلك التي سردت قصصاً كانت قريبة من السائد العام (أفضل من معظمها لكنني لن أقيّم الآن) وتلك التي سردت شخصيات كانت من غير السائد وهي التي توزّعت البطولة فيها على ممثلين عدّة. وفيلمه الأول في هذا النحو كان “ماش” حيث لا قصّة ولكنه موضوع، وحيث الشخصيات هي التي عليها أن تبرز إلى المقدّمة وليس الممثلين. ما يفعله الممثل -في هذه الحالة- الانغماس في حركة وإلقاء وتشخيص يخرجه من أي شيء ألفه او تعلّمه على مقاعد الدراسة الدرامية. ألتمان في هذه الأفلام كان ولا يزال عدوّاً للتمثيل ويحرص على نفيه من الفيلم الذي يعمل عليه مستبدلاً الشخصية الواحدة بالشخصيات العدّة.

“ماش” كان من هذا النوع: دونالد سذرلاند وإليوت جولد وتوم سكيريت وسالي كلرمان وروبرت دوفال كانوا ضمن المجموعة الكبيرة تتحرك في إدارة متجانسة تصيغ كل شيء في سبيل إبراز الكوميديا الساخرة حول الموضوع المطروح. وفي تلك الفترة، كان ألتمان لا يزال يجرّب. فيلماه السابقان “ذلك اليوم البارد في الحديقة” و”العد التنازلي” كانا قصتين، كذلك الفيلمان اللاحقان “بروستر ماكلاود” و”ماكاب ومسز ميلر”. لكنه عاد إلى نوعية “ماش” بعد عامين في فيلم “صور” الذي لم يقدّر حق تقديره رغم أنه اختير لمسابقة مهرجان “كان” في ذلك العام. وكان من تمثيل سوزانا يورك ورينيه أوبرجنوا والفرنسي مارسيل بوزوفي.

بدأ المخرج أعماله الروائية بفيلم “المُهمَلون” (1957) واستعار ألتمان من خلفيته كمخرج تسجيلي لتلوين أسلوبه هنا دامجاً التسجيلي بالروائي وهو الأسلوب الذي حافظ عليه في أفلامه القائمة على الشخصيات وصولاً إلى “صحبة المنزل الريفي”. الفارق هو أن “المُهمَلون” أريد له أن يتحدّث عن طيش شبابي تسبقه ملامح من الظروف الدافعة إليه. إنه فيلم فيه الكثير من المشاهد التي شوهدت في أفلام الخمسينات الشبابية: التباهي والثراء والطيش والتحلّق حول صراعات والتشرذم في عصابات. ومشاهدته اليوم تشي بأن ألتمان كانت لديه الفكرة ولم تكن لديه التجربة على الإطلاق.

لا عجب أن المخرج ابتعد بعده عن العمل في السينما وآثر التلفزيون وذلك حتى 1968 عندما عاد بما يعتبره عديدون بمثابة الفيلم الأول. جيمس كان وجوانا مور وروبرت دوفال هم أبطال هذا الفيلم الخيالي- العلمي (الوحيد من نوعه بين أعمال المخرج) وفيه أن “ناسا” في سعيها للوصول إلى القمر قبل الروس سارعت بإطلاق مركبة فضائية على متنها رجل من دون تأمين عودته.

الموضوع درامي وعاطفي في فيلمه اللاحق “ذلك اليوم البارد في الحديقة” (1969) مع ساندي دنيس في دور ثرية تعيش وحدها في منزل يشرف على حديقة وفي إحدى الليالي ترى فتى يتحمّل البرد والمطر جالساً في الحديقة ليلاً. إذ تفتح له البيت فإن حاجتها إليه ربما أكبر من حاجته إلى مأوى.

“ماش” كان الأول من نوع البطولة الجماعية كما ذكرنا. معالجة ابتعد عنها عامين قبل أن يعود إليها في فيلم جيّد بعنوان “صور” (1972) والموضوع، مرة أخرى، كان عن الوحدة مع سوزانا يورك ورنيه أوبرجونوا والفرنسي مارسيل بوزوفي.

قبل “صُور” بهت ألتمان متابعيه بفيلم من بطولة وورن بيتي وجولي كريستي ورنيه أوبرجونوا وويليام ديفان وآخرين.

إنه عن الغرب الأمريكي وكيف بنته الرأسمالية على أنقاض حضارة أخرى. لجانب الأسماء المذكورة في البطولة هنا بطولة أخرى هي للثلج. ألتمان لا يستخدم الثلج كلون ولا كعنصر للتأكيد على الفصل من السنة، بل كمتدخّل فوري وحاسم فيما يدور على الشاشة. لاحقاً استخدم العنصر الطقسي في فيلمين على الأقل هما “الخبّار” (1998) و”د. تي والنساء” (2000) كما في فيلم “خماسي” في الأسطر التالية.

أبرز ما تبقّى من أفلام السبعينات لألتمان كان أربعة منهما فيملان على منوال القصة أولهما “الوداع الطويل” عن رواية رايموند شاندلر حول التحرّي فيليب مارلو (يلعبه إليوت غولد) وهو يبحث عن قطّته وعن حل لجريمة غامضة، وثانيهما “خماسي”، مستقبلي داكن جداً مع بول نيومان والإيطالي فيتوريو جاسمان والأسباني فرناندو راي والسويدية بيبي أندرسون (لاحظ التنويعة). والآخران فيلمان من النوع الشخصياتي هما “ثلاث نساء” (1977) الذي كان أقرب إلى تابلوهات من الأنوثة مع شيلي دوفال وسيسي سبايسك وجانيس رول، ثم “عرس” (1978) الذي كان فيلم المكان الواحد والعشرات من الشخصيات الصغيرة والكبيرة من بينها كارول بارنت، جيرالدين شابلن، هوارد داف، ميا فارو، ليليان غيش، لورين هاتون وبول دولي.

الخليج الإماراتية في 12 مارس 2006

 

لقطات جماليه يعجز أى سيناريو أن يجعلها فيلما

فتح عينيك.. عندما يجب أن تعتذر السينما للفيديو كليب!

أحمد يوسف 

قد يبدو من الغريب أن نبدأ مقالاً نقدياً عن فيلم بالاستعانة بفيلم آخر، لكن المثال يفرض نفسه لتوضيح الطريقة التى يفكر بها المخرج عثمان أبولبن، ففى فيلمه السابق أحلام عمرنا مشهد يبدو مثيراً، إذ تسقط الشخصية التى يمثلها رامز جلال فى البحر، ويبدو مشرفاً على الغرق، ويزداد الخطر عندما تظهر زعنفة سمكة من أسماك القرش وهى تقترب منه، ثم.. ثم لا شئ، وأرجو أن يصدق القاريء أن هذا هو ما يظهر على الشاشة بالفعل، فسوف يمضى هذا المشهد إلى حال سبيله، وسيظهر رامز جلال فى المشهد التالى كأن شيئاً لم يحدث، مما يؤكد أن عثمان أبو لبن قد راقت له فكرة سمكة القرش المزعومة دون أن يفكر فيما سوف يفعل بها، ودون أن يقرر أن يحذفها فى المونتاج لأنها بلا معنى وخارجة عن السياق، وها هو فى فيلمه الثانى فتح عينيك لم يستطع أن يتخلص بعد من ذلك الوسواس القهرى الذى يدفعه دفعاً للبحث عن لقطات حلوة يحشو بها فيلمه، أما ماذا تعنى عنده تلك الحلاوة فهذا أمر آخر قد نستطيع أن نجيب عنه لاحقاً.

ليس غريباً إذن أن يبدأ وينتهى فيلم فتح عينيك وكأنه مجموعة من اللقطات التى يعجز أى سيناريو أن يجعلها تبدو متماسكة، وهى حالة تستشرى فى بعض مخرجى هذه الأيام الذين يفكرون بطريقة الفيديو كليب، مع الاعتذار للفيديو كليب باعتباره فناً له جمالياته وتقنياته التى لم نستطع بعد استيعابها فى مصر إلا فى القليل النادر. أرجو أن تتأمل على سبيل المثال مشهد ما قبل البداية فى فتح عينيك، الذى لن تستغرب أنك رأيته عشرات المرات فى أفلام أمريكية، والذى يدور عن شريحة إلكترونية مطلوب الحصول عليها من شخص ما بالقوة، وها هى العصابة تقتحم منزلاً لتقيد أفراد الأسرة بالحبال، وينجح زعيم العصابة فى الوصول إلى الشريحة بالتهديد والتعذيب، ويخرج الأشرار من المنزل الذى يتحول بعد انفجاره إلى كتلة من النيران، وهنا تطق فى دماغ صانع الفيلم أن يصور زعيم العصابة وهو يسير نحو الكاميرا فى حركة بطيئة بينما ترتفع ألسنة اللهب فى الخلفية، وهى لقطة حلوة من وجهة نظره ولن نسأله هذه المرة عن معناها، لكن هذا المشهد سوف ينتهى بفوتومونتاج سريع -مع نزول التيترات- لمجموعة لقطات من نشرات الأخبار تبدأ بأطفال الحجارة وتنتهى بتسوماني، دون أن نعرف هنا أيضاً العلاقة بين هذا وذلك!

إن كان للحركة البطيئة معنى فى بطن المخرج فى لقطة زعيم العصابة، فما هو المعنى فى أن يظهر بطل الفيلم مصطفى شعبان بالحركة البطيئة ذاتها فى المشهد التالى وهو يغازل بوقاحة سافرة كل النساء فى طريقه. إنها لعبة استهوت صانع الفيلم، الذى يظل يتلاعب بهذه الحركات التقنية سرعة، إبطاء، توقف.. وكل ما تشتهيه الأعين دون أن يكون لاستخدام هذه التقنيات أى معنى جمالي، وأرجو أن يكون واضحاً أن المقصود بالجماليات ليس الجمال كما يعتقد البعض، وإنما توظيف التقنيات لتحقيق تأثير محدد لدى المتفرج، يتعلق بمضمون الرسالة المطلوب توصيلها، وليس من الضرورى على الإطلاق أن تكون هذه الرسالة خطاباً حماسياً أو صريحاً، بل أنها على نحو أدق هى المشاعر والأحاسيس والأفكار التى تتسلل إلى وجدان المتفرج وعقلة دون أن يشعر، من خلال ما يتتابع أمامه من اللقطات والمشاهد فى ظلام قاعة العرض.

المفارقة الأكبر أن صناع فتح عينيك يتصورون أنهم قد أتوا بما لم تأت به الأوائل من خلال تلك الألاعيب التقنية، وباستخدام دراما للتشويق البوليسي، كما يتصورون أيضاً أن لديهم رسالة على درجة عالية من الخطورة، ولتجهز نفسك من الآن لاستقبال هذه الرسالة وفتح عينيك. يحكى الفيلم عن الصحفى على مصطفى شعبان الذى يعمل فى صحيفة أو مجلة من ذلك النوع الذى يخلط بين الصحافة والإعلان، وهذا الصحفى يبدو كأنه يعيش فى رغد من العيش لا يعيشه فى واقع الحياة أى رئيس تحرير له شنه ورنة، فهو يحيا حياته بالطول والعرض، خاصة مع اصطناع مصطفى شعبان لدور الجان، بملابسه الأنيقة وماكياجه الثقيل وضحكته المصطنعة وحركة رقبته التى تبدو كأنها إفيه حركى ولكنه سوف ينساه بعد لحظات. المهم أن صاحبنا على تقوده قدماه لعمل تحقيق وإعلان عن رجل الأعمال مسعد مختار خالد زكى صاحب المشروعات السياحية، وفى عالم رجال الأعمال سوف يقابل الفتاة ياسمين نيللى كريم التى نعرف أنها ابنة رجل أعمال منافس تكاثرت عليه الأمراض بعد حملة صحفية ضده يقال إن كابتها هو شريف صديق على وزميله، لكن على يشك فى ذلك لأن صديقه شريف شريف كما يدل اسمه! وفجأة فى ليلة ما، وأمام عينى علي، تطيح سيارة مجهولة بصديقه شريف لتقتله.

هنا تبدأ الموسيقى الحزينة، ويتحول على بين عشية وضحاها من الهزل إلى الجد، لأنه يبحث عن السر وراء موت صديقه شريف، وهو متأكد من أنه اغتيال وليس حادثاً عرضياً. يدور على بين أفراد عائلة الصديق باحثاً عن معلومة قد تقوده للحقيقة، ويلتقى بالخطيبة الحزينة رشا بشرى التى تسح الدموع سحا من عينيها بكاء على حبيبها، ويأخذ طوفان الحزن صناع الفيلم إلى مشاهد مع الأم المكلومة، ثم إلى على وهو فى غرفة صديقه الراحل يجتر ذكرياته معه، وفجأة....وكل شيء فى الفيلم يحدث فجأة يذهب على إلى الضابط الوحيد فى جمهورية مصر العربية لأن على سوف يظل يقابله طوال الفيلم فى أماكن غامضة مختلفة كأنه يقابل ديب ثروت أو الزور العميق فى فيلم كل رجال الرئيس، أما سبب هذه المقابلات فهو أن على يؤكد للضابط أن هناك جريمة يجب التحقيق فيها، لكن الضابط رأسه وألف سيف أن كل شئ تمام، غير أن على يقرر أن يتابع التحقيق بنفسه كأنه مخبر سرى محترف.

نسيت أن أقول لك إن كل المشاهد السابقة واللاحقة لن تتوقف عن التلاعب الكومبيوترى باللقطات سرعة وبطئاً، كما سوف يحشر الفيلم شخصية المصور الصحفى مدحت عبد السلام النابلسى - أقصد طلعت زكريا القادمة من تلك الصورة النمطية الساذجة عن عالم الصحافة، مع فرصة لطلعت زكريا أن يوزع إفيهاته الغليظة هنا وهناك قبل أن يفتح الله عليه ببطولة حاحا وتفاحة. المدهش أن هناك شخصية نمطية أخرى هى موظف الأرشيف سيد الراوى خالد صالح الذى يشرح لعلى كيف يربط بين الأحداث، لأن الراوى يبدو هنا كأنه العارف ببواطن الأمور لأنه من موقعه فى الأرشيف -الذى اختاره اختيارا- يستطيع أن يراقب العالم وينصح على بأن ينسى الموضوع لأن الدنيا مسرح كبير، لو دخلت الكواليس وشفت الحقيقة مش ها تقدر تغمض عينيك -ليس على طريقة روتانا- أو بالك يرتاح. هل يفتح على عينيه إذن أو يغلقهما؟ وسط متاهة من الأحداث بلا أى رابط منطقى أو تصاعد درامي، يظل الفيلم يكرر نفس السؤال حول السبب فى موت الصديق شريف ومن الذى قتله، لكن المهم أن شريف اتقتل عشان فتح الستارة ودخل الكواليس، وهذا هو ما يرد به على هذه المرة على سيد الرواي، أما ما فى الكواليس فهو حديث عن شركة تطوير سلاح وتهريب للأموال واتفاقية الكويز، وقيام مصطفى شعبان -الذى لا يكاد أن يخلو مشهد واحد منه- بحركات جيمس بوند فى دهاليز رجل الأعمال الشرير، وموعد غامض لتفجير على طريقة 11 سبتمبر، وحافلة بها قنبلة زمنية، وحاجات من هذا النوع، سوف أترك لك فرصة الاستمتاع بها بنفسك ومعرفة نهايتها التى لابد أن تدور فى أماكن أمريكانى مثل جاراج السيارات أو المولات أو مخازن العصابات وأوكارها، مع المونولوج التقليدى للشرير الذى يشرح خطته قبل أن يقتل البطل، وكأن أشرار السينما لم يتعلموا أن هذا المونولوج هو السبب فى إعطاء الفرصة للبطل حتى يقتلهم! وينتهى الفيلم بقدر هائل من الزيطة والموسيقى الصاخبة وإطلاق الرصاصات وانفجارات السيارات وأعداد هائلة من القتلى والجرحي، مع اكتشاف أن هناك شخصية خائنة لم تكن تتوقعها وإن لم يكن لذلك أى لازمة. وأرجو أن تسأل نفسك بعد كل هذا الصخب البصرى والسمعى وحشر كل موتيفات أفلام التشويق، ما هى الرسالة التى يريد الفيلم أن يقولها، وإذا ما كان مطلوباً أن تفتح عينيك حقاً على مثل هذه الأفلام التى تذكرك فى اهتمامها بالألاعيب أكثر من الدراما بذلك الرجل الذى عثر على زرار فقرر أن يصنع له بدلة، لكنه بدلاً من ذلك ظل مشغولاً طوال حياته بالبحث عن مزيد من الزراير التى أصبحت لديه كومة هائلة منها دون أن يصنع البدلة أبداً، وهكذا شريط فتح عينيك: حشد هائل من اللقطات، لكن لا فيلم هناك!

العربي المصرية في 12 مارس 2006

 

سينماتك

 

من ناصر وفاروق ومحمد علي وحليم إلي حسن البنا‏:‏

الأفلام التاريخية‏..‏ صداع في رأس السينما المصــريـة

علا الشافعي

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك