ربما تكون نقطة الانعطاف المعاصرة حدثت قبل سنتين حين وقف مايكل مور في القاعة، وقد منح الأوسكار في شكل استثنائي عن فيلم له معادٍ للمؤسسة الأميركية الحاكمة، وللرئيس جورج دبليو بوش في شكل خاص، ليصرخ في وجه هذا الأخير: «عار عليك يا سيد بوش!». كان الموقف سياسياً من النوع الذي لم تعتد هوليوود عليه، حتى وان كانت السياسة اختلطت لديها بـ «البزنس» منذ زمن طويل. والحقيقة ان ما تلا ذلك من تحقيق الفيلمين الأخيرين لمايكل مور «بولنغ لكولومباين» ثم «فهرنايت 11/9»، نجاحاً تجارياً كبيراً، حدد لهوليوود خط سير جديداً. وهو تحديد ساعدت عليه بالتأكيد سياسات البيت الأبيض خلال السنوات الأخيرة اذ خضعت نهائياً لهيمنة المحافظين الجدد. وبشكل لا يمكن للنزعة «الديموقراطية» الغالبة، عادة، على هوليوود أن تستسيغه. ومن هنا، على رغم التفاهمات السرية (والعلنية) التي قامت بين سلطات واشنطن السياسية، وسلطات هوليوود السينمائية خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد عمليات نيويورك وواشنطن الارهابية في العام 2001، لم يكن في وسع هوليوود أن تسكت أكثر. فأشباح اليمين الفاشي عادت لتخيم فوق الولايات المتحدة... والأصوات النخبوية الاحتجاجية لم تعد تصل الا الى أصحابها، وأميركا تتورط أكثر وأكثر في صراعات الكون ورمال العالم المتحركة... وشعوب هذا العالم تزداد صخباً وتحركاً في موجات عداء لكل ما هو أميركي لم يسبق لها مثيل في التاريخ. هنا، في مثل هذه الأوضاع، تحتاج الأمور عادة الى تعديلات... وتحتاج الأمم الى ضمير ينهض ليشير الى ما يراه الطريق الصواب.

وليس سراً أن هوليوود، ومنذ أن أزيح عنها شبح الماكارثية اواسط خمسينات القرن الفائت، صارت الى حد ما، ميزان الضمير الأميركي في توزعه بين يقينات داخلية مكتفية بذاتها، تسود لدى الأوساط اليمينية عادة، وبين أسئلة قلقة وتزداد قلقاً ازاء تحول الولايات المتحدة نفسها من «عالم جديد حر» الى «استعمار جديد»... فكانت حرب فييتنام ثم فضيحة ووترغيت، أيام الحرب الباردة، محكاً حقيقياً لذلك التوزع. ونعرف أن اختيارات هوليوود كانت لافتة في ذلك الحين: خفتت فيها الأصوات الانعزالية والتبريرية و «الحربجية»، ليعلو صوت النقد والغضب. ونعرف أيضاً أن هذا كله كان هو ما أدى الى ولادة «هوليوود الجديدة» لا سيما على يد «أصحاب اللحى» (كوبولا، سكورسيزي... ورفاقهما، ثم الجيل التالي: ستون ومايكل تشيمنو وحتى بيتر واتكنز وتيرنس مالك... وغيرهم) من الذين أسبغوا على هوليوود وأفلامها نزعتهم التقدمية التي كانت عدوى وصلت أصداؤها العالم كله.

ثورات هوليوود

ومنذ ذلك الحين صارت هوليوود، شئنا هذا أم أبيناه، الوريثة الحقيقية لكل النزعات الثائرة والمتمردة والغاضبة في عالم السينما... صارت ضمير أميركا. ومن هنا من المؤكد أن مايكل مور لم يأت بأي جديد... اللهم الا اذا اعتبرنا الخطاب المباشر شيئاً جديداً. بيد أن ظاهرة مايكل مور، بنجاحها التجاري خاصة، نقلت الاهتمام من عند المبدعين أنفسهم، الى عالم «البزنس» والمنتجين... واذ تلاقى هذا الانتقال مع هبوط شعبية جورج دبليو وجماعته، ومع ازدياد الغضب الأميركي الشعبي والنخبوي الثقافي ازاء ما يحدث في العالم، كان من المنطقي أن يدفع هذا كله، هوليوود الى طرح الأسئلة التقليدية القديمة من جديد.

والحال أن ظاهرة التوجه السياسي الهوليوودي التي نرصدها منذ سنوات، وقد خرجت من حلقات النخب الضيقة، الى عالم الانتاج الكبير، لم تكن سوى النتيجة الحتمية لكل تلك المقدمات. هنا قد يقول قائل، وهو يتأمل ما أسفر عنه توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام، قبل أيام قليلة، أن أهل المهنة (أي الناخبين المولجين، عادة، بالتصويت لتحديد الأفلام والفنانين الفائزين بالجوائز)، أي هوليوود انتهى بها الأمر الى استبعاد الأفلام الفاقعة سياسياً من اختياراتها، بعد كل ما قيل وكتب حول هذا الموضوع.

ظاهرياً، من المؤكد أن قائل هذا الكلام محق... فالنتائج، التي أتت مخيبة للكثير من الآمال والتوقعات... أسفرت عن استبعاد واضح لكل ما كان في الواجهة السياسية لهوليوود: «ميونيخ» ستيفن سبيلبرغ، «الجنة الآن» لهاني أبو أسعد، «سيريانا» لستيفن كاغان... وخصوصاً «عمتم مساءً وحظاً سعيداً» لجورج كلوني... وهي، على أي حال، كانت أحصنة الرهان في مجال خوض معركة هوليوود السياسية، على مستوى الأوسكار، بالنظر الى ان كلاً منها، وعلى طريقته، يطاول جانباً من السياسات الراهنة من المؤكد أنه يغيظ «الاستابليشمنت» الأميركية، وغلاة المحافظين الجديد... بل يدنو معظمها من قضايا الشرق الأوسط (منطقة العواصف الأساسية في عالم اليوم)، من منطلق لا يريح هؤلاء المحافظين: وكيف يريحهم فيلم يطرح أسئلة قلقة من حول ممارسات السلطات الاسرائيلية الانتقامية التي تضع الدولة العبرية في مستوى التنظيمات الارهابية نفسها من خلال ردود فعلها على عملية ميونيخ (فيلم سبيلبرغ)؟ أو فيلم يؤنسن «الارهابيين» مقدماً وجهة نظر عربية في واحدة من أكثر قضايا اليوم تعقيداً، وذلك في وقت تصل فيه الى أعلى مستويات السلطة في فلسطين فئة يصنفها اليمين الأميركي ارهابية (فيلم هاني أبو أسعد)، وهل يمكن للمؤسسة الأميركية أن تفرح حقاً بفيلم يكشف اواليات العلاقة اللئيمة بين لعبة الأمم والسياسات النفطية والاستخبارات المركزية («سيريانا»؟) ثم... وكأن هذا كله لا يكفي يأتي واحد من أكثر النجوم شعبية في سينما اليوم الأميركية لينصب نفسه مخرجاً، ويحقق واحداً من أجمل وأقوى الأفلام التي، من خلال ايقاظها للماضي الأميركي الماكارثي، من سباته، تدين اعلام أميركا اليوم... هذا الاعلام المتواطئ مع السلطة في لعبة تضليل كامل، عبر سرد حكاية رجل اعلام عرف أيام الماكارثية كيف يتصدى لها ولكآبتها مؤلباً الرأي العام عليها (فيلم «عمتم مساءً وحظاً سعيداً» لجورج كلوني)...

ضغوط؟

في الوقت الذي كان فيه فوز كل هذه الأفلام، أو بعضها بالأوسكارات الرئيسة مؤكداً ومضموناً (لا سيما بعدما أعلنت جوائز «الغولدن غلوب» التي تعتبر عادة تمهيداً للأوسكار... وكان من بين فائزيها «الجنة الآن» لهاني أبو أسعد في سابقة نادرة في تاريخ هوليوود)، اختار الناخبون من أبناء المهنة أفلاماً أخرى ليمنحوها جوائزهم... وكانت المفاجأة كبيرة أدت الى تكهنات وحديث عن نظرية المؤامرة وما شابه... والحال أن الحس السليم لا يمكنه الا أن يستبعد أي كلام يقول إن «الاوسكاريين» خضعوا لأي ضغوط كانت هي ما أبعدهم عن الأفلام السياسية. ففي الاختيارات لمنح جوائز الأوسكار لا تجرى الأمور على هذا النحو.

طبعاً لا يمكن أحداً أن يزعم هنا ان في امكانه أن يعرف «حقيقة ما حدث»... فاختيار أسماء الفائزين يتم، عادة، من طريق الآلاف من أهل المهنة في السينما الأميركية، من الذين – وبالاقتراع السري – يختارون، من بين الأسماء المرشحة، من يرونه جديراً بالفوز... وهي لعبة تدور على هذه الشاكلة منذ ثلاثة أرباع القرن. وليس من المنطقي الافتراض بأنها تبدلت هذا العام لـ «تستبعد الأفلام السياسية». في اعتقادنا أن كل ما حدث هو أن أهل المهنة الأميركيين، اذ وجدوا أنفسهم – وهذا الأمر يشرف هوليوود بالتأكيد – أمام نوعيتين من الأفلام التي سادت ترشيحاً هذا العام، فضلوا نوعية على نوعية أخرى. ولنوضح هذا الأمر: لقد كان اللافت بشكل استثنائي هذا العام، أن الترشيحات الأوسكارية تركزت على الأفلام السياسية من ناحية، وعلى الأفلام الاجتماعية من ناحية أخرى. أي، من جهة، على أفلام تغوص في البعد السياسي – والأميركي خصوصاً – في شكل مباشرة يحمل قدراً كبيراً من الادانة، ومن جهة أخرى على أفلام تدخل فيها الرمال المتحركة لعدد لا بأس به من محظورات (تابوات) المجتمع الأميركي المحافظ اجتماعياً، بقدر ما هو محافظ سياسياً... والناخب السينمائي الأميركي اذ فضّل أن يؤسكر «اصطدام» و «بروكباك ماونتن» و «عبور الخط» و «كابوتي» (وهي الأفلام التي فازت بالجوائز الأساسية، في مقابل أفلام ضخمة، مثل «نارنيا» و «كنغ كونغ» أعطيت جوائز تقنية، عن حق)، بدلاً من الأفلام السياسية التي كانت متوقعة، رأى – كما يبدو – ان الثورة الاجتماعية الداخلية أكثر استحقاقاً لصوته – وربما، حتى، أكثر استفزازاً للأنظمة القائمة الراسخة على مستوى البنى التحتية للمجتمع – من حال الغضب السياسية التي مثلتها «الأفلام المستبعدة»... بما فيها «الجنة الآن» الذي أثار استبعاده غيظاً عربياً - عبرت عنه تعليقات اعلامية عدة - هو الذي كان وجوده أصلاً مدعاة لغيظ عربي، لم يقلّ حدّة عن الغيظ الاسرائيلي تجاهه!

والحقيقة أننا نقول هذا ونحن نفكر بالأفلام الفائزة بقدر ما نفكر بالأفلام التي لم تفز... فإذا كان الواحد منا قد أغاظه استبعاد أفلام راهن عليها وأحبها واعتبرها تمثل ثورة حقيقية في تعاطي هوليوود مع الشأن السياسي ومع التاريخ الأميركي، وخصوصاً في تعاطي مخرج من طينة ستيفن سبيلبرغ، في «ميونيخ» مع واحدة من أخطر القضايا، من منطلق الأسئلة المقلقة – والمقلقة بخاصة لإسرائيل التي كان قدم لها الكثير في الماضي وها هي ترجمه الآن لمجرد أنه، بدلاً من اليقين الصهيوني المعهود، طرح أسئلة الانسان القلق...

وحتى أسئلة اليهودي الذي لم يعد يفهم تماماً كيف تحولت الدولة التي كانت «مثالاً» في نظره، الى عصابة انتقام، تدمر ابناءها بقدر ما تدمر أعداءها -؟ فإن المرء يجب ألا يعمى عن واقع ان النسغ الرفضي – الانتقادي في العمق، الذي تجابه به الأفلام الفائزة، الايديولوجية والحلم الأميركيين، انما يطاول هذين في الصميم. فحين تمجد السينما كاتباً مثل ترومان كابوتي – مثّل دائماً نقيض الحلم واليقين الأميركيين، أو مغنياً مثل جوني كاش – مثل ثورة الغناء «الريفي» على القيم المحافظة الأميركية، وحين يتنطح الفيلم الفائز «اصطدام» لمقارعة يقينات الحياة اليومية الأميركية ونزعتها الاختزالية العنصرية، من خلال تصوير 36 ساعة من حياة لوس انجليس والتمييز العنصري المستشري فيها... وحين يمجد فيلم «بروكباك ماونتن»: الصداقة وما يتجاوزها – في خرق اضافي لبعض أكثر المحظورات الأميركية حميمية -، لا يجوز اعتبار الثورة الاجتماعية الهوليوودية أقل أهمية وخطراً من ثورتها السياسية.

وفي يقيننا أن من لا يدرك هذا – حتى وان لم يكن موافقاً على كل أصناف خرق المحظور – سيظل يشعر بالغيظ أمام توزيع الأوسكار، ويظل يتحدث عن «نظرية المؤامرة» وصولاً الى حال عداء تجاه الأفلام الفائزة، تنشر اعتقاداً مضحكاً بأنها أفلام رضيت عنها الادارة الأميركية ولهذا أعطاها الناخبون اوسكاراتهم!!

الشرق الأوسط وبؤس العالم في مرآة هوليوود

من الصعب أن يمر عام ولا تنتج فيه هوليوود فيلماً أو أكثر يطاول قضية الشرق الأوسط، أو قضاياه المتعددة... ولا يقتصر الأمر على القضايا السياسية او على «الإرهاب» المرتبط بهذه المنطقة من العالم، إذ ومنذ بدايات هوليوود، كان هناك حضور لألف ليلة في سينماها، كما كان ثمة حضور لقصور الحريم وما شابه.

غير ان اللافت منذ حرب الخليج الأولى - على الأقل -، ان السياسة الشرق أوسطية قفزت فجأة بالسينما الهوليوودية الى مستوى أكثر كثافة، وفي بعض الأحيان، أكثر انصافاً وعدلاً في التعامل مع منطقة العواصف هذه. ومن هنا لم يعد من الجائز تكرار القول بأن هوليوود تقدم - دائماً - صورة سيئة للعرب وللمسلمين. مثل هذا القول كان ممكناً في الماضي. أما اليوم، فإن المسائل باتت أكثر رهافة، وحل التساؤل - الايجابي غالباً - محل اليقين السلبي. وحسبنا أن نعود بالذاكرة الى أفلام مثل «المحارب الثالث عشر» و «ثلاثة ملوك» لندرك فحوى الصورة الجديدة، إذ أظهر الأول صورة حضارية للعربي - المسلم، في مواجهة همجية أوروبا في العصور الوسطى، فيما تحدث الثاني عن حرب الخليج الأولى بنغمة تنتقد السياسة الحربجية الأميركية من ناحية، وتنصر شعب العراق من ناحية ثانية.

طبعاً كان يفترض بعمليات 11/9/2001 الإرهابية ان تبدل الصورة من جديد وتعيدنا الى صورة العربي (أو المسلم) «الإرهابي»... لكن هوليوود تبدت أكثر حذراً وذكاء من أن تقع في مثل هذا الفخ، فيما عدا بعض الأفلام التجارية الساذجة التي سرعان ما طواها النسيان. بل ان بعض النتاجات التي تحققت انطلاقاً مما حدث في «أيلول»، كانت أكثر عداء للسلطة الأميركية محملة إياها اجزاء كبيرة من المسؤولية، منها الى العرب، في شكل عام... ولا سيما حين راحت تميز بين العربي والمسلم من ناحية، والارهابي - عربياً ومسلماً كان أو كان غيرهما - من ناحية ثانية. ويقيناً ان الفيلم الذي يحققه الآن أوليفر ستون عن انهيار برجي التجارة... سيعطي الصورة العامة آفاق تفكير أرحب.

أما بالنسبة الى الأفلام التي أنتجت في الآونة الأخيرة، فإن الشرق الأوسط كان حاضراً فيها بقوة، والأهم من هذا: في شكل فعال ولا يحمل أي عداء مقصود للشعوب العربية، ولا حتى للقضية الفلسطينية. وهذا ما دفع جان - ميشال فرودون، رئيس تحرير مجلة «كراسات السينما» الفرنسية الى عنونة موضوع أخير له بـ «الشرق الأوسط يحير هوليوود»... فحتى اذا وضعنا هنا جانباً فوز فيلم «الجنة الآن» لهاني أبو أسعد بجائزة «غولدن غلوب» أفضل فيلم أجنبي، وترشيحه الى الاوسكار عن الفئة نفسها، سيظل أمامنا فيلمان كبيران غاصا كلياً في رمال شرقنا الأوسط المتحركة، من دون أن ينظرا الينا والى قضايانا بأي خبث أو عداء، ولا سيما فيلم «ميونيخ» الذي وازن فيه مخرجه سبيلبرغ بين خطيئة التنظيم الفلسطيني الذي تسبب في مجزرة ميونيخ 1972، وبين الأداء السيئ والعشوائي للاستخبارات الاسرائيلية التي انتقمت للعملية، حاصدة في طريقها أبرياء طارحة على رجالها أسئلة جادة حول المسألة الأخلاقية في خضم الصراع.

أما الفيلم الأبرز في الإطار الشرق أوسطي هذا، فهو بالطبع «سيريانا» (ولا علاقة له، طبعاً بسورية) الذي يفضح، تحت كاميرا ستيفن كاغان (في فيلم أول له كمخرج بعدما اشتهر بكتابته سيناريو «تهريب» الذي يفضح موقف السلطات الأميركية من تهريب المخدرات ونشرها)، يفضح لعبة البترول والسياسات الرسمية الأميركية المنطلقة من مصالحها في هذه اللعبة... هذان الفيلمان يأتيان، إذاً، بجديد هوليوودي حقيقي عنوانه «ثمة أشياء فاسدة جداً في مملكة البيت الأبيض والأفكار الغربية المستقرة». فإذا أضفنا اليهما فيلم «الجنيناتي الدؤوب» الذي يفضح - بدوره - مسألة استغلال بؤس القارة الأفريقية من قبل احتكارات صناعة الأدوية وبيعها، نصبح من جديد في مواجهة سينما تتنطح لمعالجة الواقع - واقع الشرق الأوسط والعالم الثالث عموماً - من وجهات نظر لم تكن معهودة من قبل، إلا لدى النخب الهوليوودية.

ريس ويذرسبون: أجر مرتفع وفوز مفاجئ

 في الوقت الذي لم يكن أحد يتوقع أن تعطى جائزة أفضل ممثلة، هذا العام، للشقراء الأميركية ريس ويذرسبون، كانت الممثلة شارليز ثورون، منافستها في الترشح على الجائزة نفسها، تؤكد ان ريس هي التي ستفوز، متفوقة على منافساتها الأربع. وفي النهاية، على الضد من التوقعات كلها صدقت شارليز وفازت ريس، عن دورها في فيلم «عبور الخط» الذي يروي حياة المغني الأميركي الشهير جوني كاش... وإذا كان قيل لاحقاً ان توقع ثورون، انما كان من قبيل السخرية، إذ أدركت، هي، ذات لحظة، انها لن تكون الفائزة فتحقق مأثرة الفوز بالأوسكار مرتين... في المقابل رأت الصحافة الانغلوساكسونية، ولا سيما منها مجلات وصحف متخصصة لم تنظر أبداً الى فن ريس ويذرسبون، في الأفلام الكثيرة التي مثلتها حتى الآن، على انه يستحق الاهتمام... ان ريس، ذات شعبية كبيرة ويحبها الأميركيون المتوسطون (لأنها شديدة الشبه بهم) وهي فنانة خفيفة الظل تبرع كثيراً حين تعطى أدواراً خفيفة مسلية أو حتى ميلودرامية، ولكن «حين يجد الجدّ» كان من الصعب ان تجد لها مكاناً بين الكبيرات. ومن هنا كانت المفاجأة الأولى حين تم ترشيحها، ثم كانت المفاجأة الثانية حين فازت داخلة رواق الفنانات الخالدات.

غير ان مجلات مثل «فاريتي» و «إمباير» كانت، مسبقاً وقبل إعلان الجوائز، قد خففت من غلواء هذا الفوز، وتحديداً من خلال الحديث عن أن المشكلة الأساس تكمن في أن هوليوود لم تعط خلال العامين الأخيرين أية أدوار كبيرة لممثلات نساء... كل الأدوار الآن للرجال. إذ ثمة نزعة ذكورية مسيطرة تماماً على هوليوود، بحيث باتت أفلام تقدم شخصيات مثل إيرين بروكوفتش (جوليا روبرتس)، أو أفلام تتألق فيها ميريل ستريب، أو نيكول كيدمان جزءاً من الماضي. وفي هذا المجال يبتسم ناقد أميركي وهو يقول: تصوروا حتى حين أعطت هوليوود الأوسكار لفنانة حقيقية - هي هيلاري سوينك - قبل عام، ميزتها لأنها خاضت في الفيلم الذي فازت عنه («طفلة المليون دولار»)، لعبة الملاكمة التي جعلتها أقرب الى الذكور منها الى الاناث! مهما يكن، شكّل ترشيح ثم فوز ريس ويذرسبون بالأوسكار هذا العام، مفاجأة (سيئة للكثر)، لكن هذا ذكر عاصمة السينما ومصنع أحلامها ونجومها، بأن الوقت حان للعودة الى الأدوار النسائية الكبيرة، ما من شأنه أن يعطي فرصاً لفنانات، معروفات أو مجهولات، يقدمن فناً حقيقياً، لا يكون الفوز عنه اكسسوارياً أو مدعاة للغيظ... حتى ولو تحدثت الصحف، من قبل إعلان فوز ريس بالأوسكار، عن انها صارت الأعلى أجراً بين فاتنات هوليوود، إذ يصل أجرها الآن الى 30 مليون دولار عن الفيلم الواحد... ففي النهاية، لم يكن ثمة تطابق أبداً، في تاريخ هوليوود بين ارتفاع الأجر، وارتفاع مستوى الأداء.

الحياة اللبنانية في 10 مارس 2006

 

في العدد الجديد من مجلة «سينما» العربية الباريسية ... يسرا وجيم جارموش ونقاد من المشرق والمغرب

باريس/ الحياة: 

في الوقت الذي تغيب المجلات السينمائية الجادة عن المشرق العربي اذا استثنينا مجلة «الحياة السينمائية» التي تصدر عن مؤسسة السينما في سورية، لكنها لا تصدر بأكثر من عددين في السنة، ما يفقدها اهميتها وزخمها ويجعل من المسائل التي تعالجها، مسائل متجاوَزة زمنياً، تنشط في المغرب حركة إصدار المجلات السينمائية، ولا سيما منذ تسلم الناقد نور الدين صايل زمام المركز الوطني للسينما، مما جعله، اضافة الى الاهتمام بالإنتاج ومضاعفة وتيرته، سواء على شكل أفلام قصيرة او روائية طويلة، يهتم بدعم المجلات السينمائية، كما بتشجيع جمعيات النقاد والمهرجانات ونوادي السينما على إصدار مطبوعات غنية تهتم بالإنتاج المغربي ولكن كذلك بمعالجة شتى مواضيع وشؤون الفن السابع، وأحدث هذه المجلات «سينما» التي وصلت الى عددها السادس بعد تعثر طويل، و «وشمة» التي تصدر عن جمعية سينمائية هي التي تقيم مهرجان تطوان. وفي الأفق مشاريع جديدة مقبلة.

اما المجلة الوحيدة التي تجمع اليوم بين المغرب والمشرق، فهي «سينما» (وهي طبعاً غير «سينما» المغربية)، التي تصدر مع شقيقة سياسية شهرية هي «الحدث» تحت رئاسة تحرير الزميل الناقد قصي صالح الدرويش، في باريس معلنة عن نفسها مجلة للنقاد العرب، بقدر ما هي مجلة للقراء العرب المهتمين. وهذه المجلة تصل اليوم الى عددها الخامس والثلاثين في انتظام ما كان يمكن احداً ان يتوقعه لها، على رغم ضآلة الأسواق وصعوبة التوصيل والتوزيع، وعدم اهتمام بلدان عربية بالسماح لها بالدخول، من دون إبداء اية ذريعة لذلك.

المهم ان «سينما» أصدرت عددها الجديد الخامس والثلاثين، مكرسة صفحاته الأنيقة لمراجعة عدد كبير من أبرز الأفلام العربية وغير العربية التي عرضت خلال الشهور السابقة، في مقالات غنية حملت تواقيع عدد من أبرز نقاد السينما العرب، من سمير فريد الى وائل عبدالفتاح، ومن كمال رمزي وعصام زكريا الى مصطفى المسناوي وأمل الجمل وآمال فلاح وغيرهم. اما رئيس التحرير فقد انتهز فرصة عرض فيلم محمد ياسين الجديد «دم الغزال» للإشادة بأداء يسرا الفني وحضورها المبهر في الساحة الفنية المصرية والعربية قائلاً: «طبعاً من التعسف اعتبار السبعين فيلماً التي قامت يسرا ببطولتها، حتى الآن، من عيون السينما المصرية، ولكن ثمة دائماً لحظات ألق خاصة بيسرا ستجدها في هذا الفيلم أو ذاك...».

وفي العدد الجديد من «سينما» الى هذا، وقفات عند افلام مثل «ويجا» و «دينا» و «يوم جديد في صنعاء القديمة» و «ليلة سقوط بغداد» و «ملك وكتابة» و «البستاني الدؤوب»... إضافة الى ملف العدد وهو مكرس هذه المرة للسينمائي الطليعي الأميركي جيم جارموش انطلاقاً من فيلمه الأخير «زهور محطمة».

الحياة اللبنانية في 10 مارس 2006

لا تزال الموضوعات الكبيرة ملحة وضرورية في رأيه...

غسان شميط: التقمص مدخلي الى قصة حب

دمشق – فجر يعقوب 

يجيء المخرج السوري غسان شميط إلى فيلمه الروائي الثالث «الهوية» - اسم موقت - متكئاً على فكرة أساسها الأفكار الكبرى التي ابتدعها الشرق: فكرة تناسخ الأرواح، وانتقالها من جسد إلى آخر، أو «التقمص» كما يسميها الناس في بلادنا. يقوم الفيلم على خط درامي ملخصه أن بطل الفيلم عهد، هو شاب فلسطيني في العشرين من عمره، ويعيش في إحدى قرى شمال فلسطين، ويعمل في صناعة الأواني الفخارية، تلاحقه الذاكرة بهواجس لا تنتهي حول حياة سابقة في أمكنة أخرى. ويقرر الشاب ملاحقة هذه الهواجس ومطاردتها على رغم معارضة «العائلة الحالية»له، وهو خلال رحلته يتذكر كل حياته الماضية، ويكتشف أن اسمه الأصلي فواز، وكان يعيش في قرية جولانية سورية، وهو كان عاشقاً من قبل لفتاة جميلة في القرية اسمها حياة، يزوجها أهلها غصباً لابن عمها ما يدفع بالعاشق فواز إلى الانتحار ببندقية صيد في تلك الحياة الأولى.

سيناريو الفيلم من كتابة وفيق يوسف وغسان شميط والإنتاج للمؤسسة العامة للسينما، ويتوقع المخرج شميط ان يدخل غرفة المونتاج قريباً لانجاز توليف الفيلم. ولمناسبة انتهائه من التصوير كان لـ «الحياة» هذا اللقاء معه:

·         لا يبدو صعباً اكتشاف هذا الميل نحو القضايا الكبرى الذي يميز السينما السورية في فيلمك الجديد.

- ربما يجوز قول هذا، فأنا ابن قضية كبيرة. الجولان فقدته وأنا صغير، وحتى اللحظة لا أرى في الأفق أي بوادر لحل هذه المشكلة على رغم أنني أتذكر جيداً أنه مع اللحظات الأولى التي سبقت خروجنا من الجولان، كان أبي يمني النفس بالقول: «أيام قليلة ونعود». وكبر أبي ومات وكبرنا نحن، وما زال الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي. أنا أرى أن هذه «المواضيع الكبيرة» ملحة وضرورية والأجدر بنا أن نتكلم عنها طالما لدينا هذا الهامش في المؤسسة العامة للسينما الذي يتيح لنا أكثر من غيره الحديث عن القضايا التي تهمنا، ولو كان هناك قطاع خاص لفرض علينا الكثير من القيود. ولك أن تلاحظ أن الجو الإنتاجي في المؤسسة يفسح مجالاً للعمل بعد أخذ الموافقة على النص طبعاً (يضحك) بحرية إنتاجية أكبر، وهذ امتياز للمخرج السوري.

·         هذه «الطمأنينة الإنتاجية» التي تتحدث عنها ألا تعكر من صفو التجريب عند المخرج السوري؟

- طبعاً. فأنا بعد كل شيء لا أرى استقراراً إنتاجياً، نحن أقل الناس استقراراً من الناحية الإنتاجية، كون المؤسسة غير قادرة على إنتاج كمٍ كبير من الأفلام. وقد يتطلب الأمر من المخرج أن ينتظر فترة تمتد سنوات أحياناً حتى تتسنى له الفرصة التالية لإنجاز عمل روائي جديد. ولكني أقول إنه في اللحظة التي تهل فيها فرصة عمل فيلم فإنه يصبح لدى المخرج السوري إمكانية تنفيذ العمل في شكل يكاد يكون أقرب إلى ما يرغب به هو ويشتهيه. أما موضوع البحث عن فرص، فأنا مقتنع تماماً أنه حالياً لا يوجد قطاع خاص، ولو وجد فلن يكون مثقفاً إلى درجة كافية كي يستطيع أن يعطيك فرصاً تتحدث فيها عن قضايا كبيرة أو عن أفكار جادة.

سلبيات وإيجابيات

·         هل القضايا الكبيرة فقط هي ما يميز سينما القطاع العام؟

- لا طبعاً. في القطاع العام هناك سلبيات وهناك إيجابيات. والسلبيات موجودة ومعروفة ولا حاجة أصلاً للحديث فيها، ولكن من أهم إيجابيات المؤسسة أنها استطاعت أن تقدم فرصاً ذهبية لكثر من المخرجين السوريين، إن لم يكن لغالبيتهم، وأتاحت للناس أن يتعرفوا إلى أعمالهم. وأقول إن كثراً من المخرجين السوريين عرفوا من خلال المؤسسة، وقد يتنكر البعض لذلك. ولكن أنا أعتبر أن الفضل الأول والأخير يعود للمؤسسة والأفلام التي قدمتها. أما من الناحية الفنية فقد نختلف على بعض الطروحات التي نقدمها وهذه وجهات نظر تظل خاصة.

·     هذا هو فيلمك الروائي الثاني الذي تتحدث فيه عن «التقمص» بعد «الطحين الأسود»... هل تلاحقك هذه الأفكار بسبب انتمائك الى بيئة محددة؟

- عملياً كانت هذه الفكرة من ضمن مشروعاتي وطموحاتي، ولكنها ظلت مؤجلة لحين مجيء فرص تحقيقها. وأعتقد أن الفرصة حانت الآن واختمرت الفكرة تماماً. أما موضوع التقمص فطرحته من قبل في فيلم «الطحين الأسود» في شكل غير مباشر. أما في هذا الفيلم فإنه يحتل الحيز الأكبر، لا بل هو أساس الفيلم، وأعتقد أنه سيشد المشاهد من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك إمكانية العمل عليه، وخصوصاً من خلال المنحى الذي اخترناه له، وأنا لا أخفيك أن البيئة، ومكان ولادتي وتربيتي هي من فرض عليّ المواضيع التي أعمل عليها كونها قريبة مني، واستطيع أن أقدمها بصدق وأمانة. وأعتقد أن موضوع التقمص مهم وهو لصيق بتراثنا وسبق وقدم في السينما العالمية، ورأيي الشخصي أنه قدم في شكل سطحي بما يخص الفكرة..!!

·         هل تحضرك بعض العناوين؟

- هناك الكثير من الأعمال. وعلى أية حال تظل فكرة التقمص جديرة بنا نحن، ولنا أن نتناولها، وخصوصاً أنها ولدت في الشرق (بلاد ما بين النهرين). وإذا ما عدنا إلى التاريخ القديم فسنجده يرتبط بأعياد وتقاليد تترافق مع الربيع والولادة المتجددة.

ذريعة

·         ألا يمكن الذهاب إلى فكرة التقمص مواربة، باعتبار أن التقمص نفسه نوع من المواربة في النفس؟

- تناولنا التقمص كفكرة أساسية في العمل، ثم ابتعدنا عنه لنسير في خط الفيلم الرئيس الموازي، وكان ذريعة للوصول إلى فكرة نريد طرحها بعيداً من معتقدات دينية بعينها. ونحن هنا لا نطرح أفكاراً دينية ولا ندخل في خصوصيات طائفة معينة، ولكنه كان مدخلاً نحو قصة حب كبيرة. شخصيات الفيلم تحب في شكل كبير حد التدهور إن كان على مستوى العشيقة أو الفتاة أو على مستوى حب الأرض، أو على مستوى العلاقات الشخصية. بطل الفيلم الرئيس فواز (لعب دوره مجد فضة) يقتل نفسه من أجل حبيبته، ثم «يعود» بعد عشرين عاماً إلى قريته. لذلك أرى أن التقمص كان ذريعة لسرد قصة هذه المنطقة بأهلها عبر عشرين عاماً من الاحتلال الإسرائيلي، وهو يشكل بانوراما واسعة لقصة الجولان نفسه. وهكذا نرى فواز متجسداً في جيل آخر (عهد)، كما لو أن هناك شيئاً داخلياً يشده للعودة إلى الأمكنة نفسها والعمر نفسه الذي قضى فيه وذلك في زمن الإضراب نفسه الذي قام به أهل الجولان رفضاً للهوية الإسرائيلية. نحن نؤكد هنا على هويتنا، وعلى ارتباط القضية الفلسطينية بالجولان المحتل، فالمصير واحد.

·     فيلمك الروائي الطويل الثالث قبل أن تتقاعد مثل بقية الزملاء. محمد ملص أحيل إلى التقاعد بعد فيلمين روائيين طويلين. هل هذا مصير يخص المخرج السوري وحده؟

- كما يقال ليس هناك ما هو أبدع مما كان. أفضل أن أعمل فيلماً روائياً على العمل في التلفزيون، لأن الفيلم السينمائي لديه إمكانيات لا تتحقق إلا فيه. وأنا من الذين يدعون دوماً المخرجين لإنجاز الأفلام التسجيلية القصيرة بين الفيلم والفيلم، لأن هذا النوع لا يقل أهمية عن الأفلام الروائية على رغم أنهم لا يعطونه تلك الأهمية في بلادنا. وأعتقد جازماً أن الزمن كفيل بإنصاف هذا النوع من الأفلام كما يحدث في أوروبا حيث توجد صالات خاصة تعرض له. أنا أنجزت ثلاثة أفلام تسجيلية قصيرة بين «الطحين الأسود» و «الهوية».

وأحب أن أنوه هنا أن إحالة المخرج السوري إلى التقاعد مسألة تجب إعادة النظر فيها، إذ لا يمكن لفنان أن يحال على التقاعد لأن في ذلك تهلكته وموته. ففي اللحظة التي يُركن فيها جانباً يتوقف عن أن يصبح مبدعاً.

·         أحياناً ألا يبدو موت المخرج ضرورياً حتى يتسنى له «تقمص» حياة مخرج آخر لديه من غزارة الإنتاج ما يجعله إمبراطوراً حقيقياً؟

- (يضحك) لو يحصل التقمص بهذه الطريقة التي تتحدث عنها كنت قتلت نفسي مباشرة.

·         الآن بعد ثلاثة أفلام لو طلب إليك أن تتذكر تفاصيل رافقت ولادة فيلمك الأول «شيء ما يحترق» ماذا تتذكر؟

- «شيء ما يحترق» أحبه كثيراً وأذكر كل يوم من أيام تصويره. ولحظة الدخول فيه هي لحظة خروجنا منه. والسيارة التي حملتني مع أهلي ونحن نغادر الجولان هي نفسها التي استأجرتها للفيلم، والأسلاك الشائكة نفسها التي يذهب إليها أبو رمزي في الفيلم كنا نذهب نحن إليها.

الحياة اللبنانية في 10 مارس 2006

 

سينماتك

 

كيف استُبعد «ميونيخ» و «الجنة الآن» وفازت أفلام عن الصداقة وخرق المحظورات..

ماذا تفعل حين تُخيَّر بين ثورة اجتماعية في العمق وحال غضب سياسي نزيه؟

بيروت – ابراهيم العريس

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك