بعد غياب خمسة عشر عاما قرر الفنان دريد لحام العودة إلى السينما من خلال فيلم ''الآباء الصغار'' الذي كتب قصته وقدمها للدكتور رفيق الصبان لكتابة السيناريو والحوار وشارك دريد بطولة الفيلم حنان ترك وسلمى المصري وأربعة أطفال· وعرض الفيلم الذي أخرجه دريد لحام في نقابة الصحفيين المصريين، وبذلك تحقق حلم دريد حيث ظلت القصة مرهونة بسيناريست متميز ومنتج مغامر طوال السنوات الخمس الماضية، ونال الفيلم إعجاب الحضور وهو لم يخل من ايحاءات سياسية مثل كل أعمال دريد السينمائية والمسرحية والتليفزيونية، وطالب دريد في الندوة التي أعقبت الفيلم ان يتعامل الجميع مع ''الآباء الصغار'' على انه عمل فني بسيط يدعو إلى تماسك الأسرة لأن تماسكها يعني تماسك المجتمع·

'' ودود عبدالرحمن'' وزوجته ''رضية'' وابناؤهما الأربعة ''نورا وجابر ومعن وغزال'' أسرة متماسكة يعرف كل واحد فيها مسؤوليته تجاه الآخرين، ''ودود'' يعمل رقيبا في الشرطة، وتعمل زوجته ''رضية'' في فندق لتساعده على أعباء الحياة وتحلم الزوجة بان يكمل زوجها دراسته في كلية الحقوق حتى يحصل على درجة أعلى في الشرطة وتحت ضغط الحلم الجميل ينتسب الأب لكلية الحقوق، وبينما وصل إلى السنة الدراسية الثالثة تسقط زوجته طريحة الفراش ويقعدها المرض عن العمل حتى في المنزل، فتتولى الابنة الكبرى التي لا تزال طفلة شؤون المنزل، ويضطر ''ودود'' إلى ترك الدراسة في كلية الحقوق والعمل سائق تاكسي بعد فترة عمله كرقيب في الشرطة، وتموت الأم تاركة لزوجها أربعة أطفال، ورثوا عنها النظام في المأكل والملبس وكافة شؤون الحياة، كما ورثوا عنها حلمها الكبير بأن يكمل والدهم دراسته الجامعية، لكنهم ادركوا ان هذا لن يتم الا إذا شاركوا والدهم أعباء المنزل ويفكر الأطفال الأربعة في طريقة تمكنهم من الانفاق على أنفسهم وتوفير نفقات دراسة والدهم في كلية الحقوق، فتقرر الابنة الكبرى ''نورا'' العمل في محل خضر وفاكهة، حيث تأخذ من التاجر البسلة والبامية والسبانخ وتنظفها وتقطعها وتضعها في أكياس ثم تعيدها إلى التاجر ليبيعها بسعر أعلى لزبائنه· اما ''جابر'' فقرر الوقوف في اشارات المرور ليمسح زجاج السيارات وعمل ''معن'' بائعا للورد، اما ''غزال'' أصغر الابناء فتساعد شقيقتها ''نورا'' في تنظيف الخضروات· وقرر الاطفال الأربعة الاقامة في غرفة واحدة اقتسموها بستارة تعزل البنات عن الأولاد واخلوا غرفة لوالدهم، اما الغرفة الثالثة فقرروا تأجيرها بثلاثة آلاف ليرة لفتاة مصرية هي ''أمل'' - حنان ترك - التي سافرت إلى سوريا لاستكمال بحث عن دمشق القديمة ويعمل الأبناء كل في المهنة التي اختارها لنفسه عقب ساعات الدراسة، وعندما يدخرون ثمن مصاريف والدهم في الجامعة يذهبوا إلى كلية الحقوق ويعيدون والدهم إلى الدراسة ويستخرجوا له بطاقة الجامعة، كل هذا دون ان يشعر الأب ''ودود'' بأي تغيير في المنزل وظل الوضع قائما إلى ان كشف ودود عبدالرحمن أمر ابنائه الأربعة·

مفاجأة

في إشارة المرور وقف ''جابر'' يمسح زجاج التاكسي وبينما انشغل السائق بالبحث عن نقود في جيبه لاعطائها للطفل، نظر امامه فوجد ماسح الزجاج هو ابنه، وفي اشارة مرور اخرى فوجئ بابنه الثاني ''معن'' الذي يمسك بورد يبيعه للمارة· ويسأل اخاه الذي أجلسه الاب بجواره في التاكسي لماذا ركبت تاكسي؟ يعود الأب مع طفليه إلى المنزل ليكتشف ان ابنتيه ''نورا وغزال'' تنظفان الخضروات للبقال، وفي مواجهة بين الأب وابنائه·· حكوا له دوافع عملهم وقدموا له البطاقة الجامعية والكتب الدراسية ليستكمل دراسته في كلية الحقوق، ثم فوجئ الأب بالفتاة المصرية ''أمل'' تسكن معه المنزل رغبة من ابنائه في الاستفادة من ايجار الغرفة· ويتفق الأطفال مع ''أمل'' على ان تأكل معهم مقابل المشاركة في مصاريف البيت ويوما بعد الاخر تتوطد العلاقة بين ''أمل'' والأطفال من ناحية، وبينها وبين أبيهم من ناحية اخرى وهو ما يثير الاطفال الذين شعروا بان والدهم اتجه بمشاعره إلى ''أمل'' ناسيا امهم، وتتغير معاملة الأطفال لأمل، وعندما تعرف السبب تأخذ صورة امهم دون علمهم فتزداد اتهامات الاطفال لها خاصة بعد علمهم انها تنزهت مع والدهم، ثم تفاجئهم ''أمل'' بصورة كبيرة لامهم وضعتها في برواز جميل وعلقتها في نفس مكانها، وثلاث صور اخرى الأولى علقتها في غرفة والدهم والثانية في غرفتهم اما الثالثة فعلقتها في غرفتها، ويزداد حب الأطفال لأمل خاصة عندما يقر أبوهم بانه لا يزال وفيا لامهم ولن يدخل قلبه غيرها، وتبدأ ''أمل'' وضع سياسة جديدة للمنزل حتى يتمكن الابناء من المذاكرة ويتمكن الاب من استكمال دراسته، وتنجح سياستها ويحصل الأب على تقدير جيد جدا ويتحول من رقيب شرطة إلى ضابط وبانتهاء حفل التخرج وعودة الاطفال و''أمل'' مع والدهم إلى المنزل يسدل الستار على الفيلم الذي اعقبته عاصفة من التصفيق·

وفي الندوة التي تلت الفيلم وتحدث فيها دريد لحام وحنان ترك ورفيق الصبان كان الثناء على العمل أكثر من النقد الذي يهتم بالتفاصيل الصغيرة· وأكد رفيق الصبان ان السينما المصرية لا تسير حاليا في الاتجاه الذي نريده لها حيث اهتمت بالعنف والجنس والابتذال في النكات· وأضاف الصبان: دريد لحام فنان حقيقي في السينما والمسرح والتليفزيون فقط رأى ان الوقت حان ليقول كلمته لذلك كان فيلم ''الآباء الصغار'' والفيلم يؤكد انه لا فرق بين مصر وسوريا ولا فرق بين الكبار والصغار في مشاهدته، فالعمل تمت صياغته ليناسب كل أبناء الأسرة ليروه بلا خجل، ودريد أراد من خلال الفيلم ان يقدم روشتة يقول فيها بهذه الطريقة تتآلف الأسرة وتتحد لتواجه المستقبل، ودريد قدم هذه الروشتة على طريقته، وبكثير من الحنان والتعاطف جعل الفتاة المصرية جزءا من عالم الاطفال حيث السذاجة والبراءة والنضارة، ورغم جمال العالم الذي قدمه دريد من خلال هذا الفيلم· الا انه حمل الجميع المسؤولية، حتى الأطفال·· شعروا انهم مسؤولون عن استكمال والدهم لدراسته الجامعية، وعندما قرروا مساعدته· كان هذا من منطلق رد الجميل له ولامهم التي طالما حلمت باستكمال زوجها لدراسته،·

احلموا

وقال دريد لحام: الفيلم يدعو للحلم·· احلموا فلا يوجد شيء اسمه المستحيل، وعلينا ان نتسلح بالإرادة حتى نحقق أحلامنا، وهذا الفيلم كان حلمي الأكبر، وفاجأني المنتج يوسف الديب عندما تحمس لاخراجه، واردت من خلال الفيلم ان أقول، ان العائلة المتماسكة المتفهمة هي التي تصنع وطنا متماسكا ومتفاهما، ومن خلال الفيلم، أدعو الجميع للاهتمام بالاطفال، فكثيرون يسألونني: لماذا لا نرى الاطفال في الاعمال الفنية وهم نصف المجتمع؟ هذه البراعم الصغيرة لابد من تأهيلها بشكل صحيح حتى نضمن مستقبلا أفضل لوطننا، ويجب ان تكون تنشئة الاطفال سليمة من خلال عائلة سليمة·

وحول أسباب اختياره للممثلة حنان ترك قال دريد: من يصلح لهذا الدور غيرها؟ فالدور كان في حاجة إلى ممثلة حلوة على الشاشة وتستطيع ان تقدم التراجيديا والكوميديا وتغني وتقدم الاستعراضات ولم اجد ممثلة قادرة على تقديم كل هذا سوى حنان ترك، لقد أعجبت بأسلوبها مع الأطفال وسلوكها مع فريق العمل، حتى ان الاطفال كانوا حائرين في كيفية التعبير عن حبهم لها· وحول كيفية اختياره للأطفال وتوظيفهم في الفيلم كما يريد قال دريد: الاطفال احبوا العمل وكانوا يستجيبون لتعليماتي ولم أشعر بالارهاق معهم، لانهم يحبونني واحبهم وهذا انعكس على العمل·

وقالت حنان ترك: عندما قدم لي المنتج يوسف الديب السيناريو وطلب مني قراءته فوجئت باسم دريد لحام عليه، فهو صاحب القصة وهو البطل والمخرج أيضا، ولانني اعرف ان كل أعماله لا تخلو من اسقاطات سياسية شعرت بالسعادة لانني سأعمل معه خاصة انني لا ازال في مرحلة التكوين السياسي، وأمسكت بورقة وقلم وبدأت اقرأ السيناريو واتوقف امام بعض الجمل التي اعتقد انها اسقاط سياسي ثم سألت دريد لحام عن بعض الجمل التي استوقفتني لكني فوجئت به يبسط لي العمل حيث قال: نحن ازاء فيلم تدور احداثه حول زوج تموت زوجته وتترك له أربعة أطفال، يقفون الى جواره حتى يستكمل دراسته الجامعية، وبدأت اتعامل مع الفيلم من هذا المنطلق ومع بداية التصوير دخلت العالم الجميل الذي طالما حلمت به، فعندما شاهدت مسرحية ''كاسك يا وطن'' تمنيت العمل مع دريد لحام، وعندما شعرت بأن الفن لا يقدم الكثير للاطفال تمنيت ان اقدم عملا لهم، بالاضافة إلى انني استفدت كثيرا من دريد لحام المخرج صاحب الاسلوب السهل الممتنع، والاطفال الذين شاركوا في الفيلم·· شعرت انهم ابنائي بالفعل، انهم في منتهى الروعة· أما شخصية ''أمل'' التي جسدتها فستظل عالقة بعقلي وقلبي لانني لم اقدمها من قبل، ولن أنسى ذكرياتي مع الاطفال ودريد لحام·

وقال يوسف الديب منتج الفيلم انه كان يرغب في انتاج فيلم لا يخجل ابناؤه من مشاهدته، لان ما تقدمه السينما المصرية حاليا لا يصلح لعرضه على الاطفال، واضاف: لم اهتم بالعائد المادي ويكفي انني انتجت فيلما لدريد لحام·

الإتحاد الإماراتية في 21 فبراير 2006

 

«الآباء الصغار» لدريد لحام:

دعوة شجاعة لإقرار حقوق الطفل المُعيل 

عرفنا دريد لحام سفيراً لفن السينما في بلاط الانسانية، قبل، وأيضاً، بعد أن عيِّن سفيراً للنيات الحسنة، قدرنا رؤيته الناقدة في فيلمه الأول «الحدود» حين دان بأسلوبه الساخر الترسيم الجائر للحدود الدولية من دون أدنى اعتبار لهوية المواطن وارتباطه بأهله وأرضه. وهو في فيلمه الثاني «التقرير» دان ايضاً بالأسلوب نفسه البيروقراطية المقيتة ومردودها في تعقيد حياة المواطن ومضاعفة معاناته، عرفنا في دريد لحام ايضاً أنه رجل المواقف الشجاعة يوم أعاد جوازه الديبلوماسي الى المفوضية الدولية على أثر اتهامه بمساندة الإرهاب. لماذا؟ لأن دريد لحام كونه فناناً بدرجة إنسان اصطحب أسرته الى بوابة فاطمة في جنوب لبنان لزيارة الأرض المحررة بدماء أبنائها، مما أزعج السلطات الإسرائيلية فاتخذ موقفه الرافض لمعادلة المقاومة المشروعة بالإرهاب.

قبل أيام احتشد قصر السينما في القاهرة بالإعلاميين وجمهور المعجبين بالفنان لحضور تكريم «شابلن العرب» الفنان دريد لحام من جانب الهيئة العامة لقصور الثقافة حيث قدم له رئيس مجلس ادارتها الدكتور احمد نوار درع الهيئة تقديراً لمواقفه الشجاعة وإعجاباً بأفلامه الإنسانية، وفي الليلة ذاتها كان العرض الأول لأحدث أفلامه «الآباء الصغار».

الفنان والقضية

يستند الفيلم الى قصة بسيطة تتلاحق أحداثها في سلاسة كي تطرح قضية مصيرية غاية في الأهمية لا تخص بطل الفيلم وحده بقدر ما تخص مليون انسان في العالم يعيشون على متوسط دولار واحد في اليوم وفق تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والذي يبشر الصابرين بخفض الرقم خلال عشر سنوات. فهل يمكننا إحصاء عدد الضائعين؟

كتب السيناريو وأخرج الفيلم دريد لحام، وهو قام ايضاً ببطولته مع الفنانة حنان ترك، وسلمى المصري، بالاشتراك مع أربعة أطفال اختيروا بعناية «ليحملوا على اكتافهم قضية حياتية، ويدخلوا مباشرة الى قلوب المشاهدين». ولدريد لحام أسلوبه الخاص في طرح القضية حين تفيض الكوميديا عن انقلاب الأوضاع وتبادل الأدوار. فما إن يتولى الأبناء مسؤولية الإدارة بعد رحيل امهم، وانقطاع رافد أساس لدخل الأسرة حتى تمتد رعايتهم الى أبيهم، يعاونونه على استكمال دراسته الجامعية، ويراقبون أداءه، ويحمونه من الوقوع في الحب حتى لا تتعثر مسيرته فتعلو ضحكات الجمهور في الصالة. في مركز الشرطة يستجوب «حضرة المعاون» أحد الصبية ليكشف برقة وخفة ظل عن أحد همومه المتصلة بالطفل المُعيل أسرته وحين يسأله حضرة المعاون لماذا لا تبحث عن عمل شريف، يجيبه الصبي في طلاقة ان اتفاقية حقوق الطفل تحظر عمالة الأطفال، مشيراً الى ثغرة في بنود الاتفاقية الدولية تكشف تناقضاً بين النص وواقع الأحوال في الدول النامية، فيطلق سراح الصبي وهو في حال من الدهشة لأن الاتفاقية لا تجرم التهريب ولكنها تحظر العمل؛ فتضج الصالة بالضحك. ومع تقدم الأحداث يلتقي حضرة المعاون بالصبي يرتزق عند إشارة المرور من بيع سلعة رخيصة لا تسمن ولا تغني من جوع.

تنسحب القضية الى أسرة حضرة المعاون فيجتمع الأبناء لبحث الأزمة المالية وقد أزعجهم انقطاع والدهم عن الدراسة للقيام بعمل إضافي. ويعي الصغار ان لا أمل في انتشال الأسرة من أزمتها إلا باستكمال والدهم تعليمه، وفي سرية ينطلقون للبحث عن عمل. وتتلاحق الاحداث ليشدد الفيلم في رقة متناهية وكوميدية راقية على منظومة من القيم أهمها التعليم والعمل والتآزر بين أفراد الأسرة.

الحب ... الأزمة ... الكوميديا

يتتابع السرد على مهل في النصف الأول من الفيلم الى أن تتلاحق الأحداث وتدب الحيوية في الفيلم بدخول شابة مصرية (حنان ترك) حياة الأسرة لتضفي بهجة على البيت، وتفيض مرحاً على الأسرة، يصل الى غايته حين يخرجون الى أحد المتنزهات فتغني وترقص وتحكي للصغيرة الحكايات، وكم كان سيضيف الى العرض الفني لو استعين بمدرب متخصص لتدريب حنان ترك، والأطفال، على بعض الحركات الإيقاعية البسيطة، ولو أضيف المزيد من المزارات التاريخية حيث إن حنان ترك تلعب دور باحثة أثرية في مهمة دراسية، بينما اختزال مشاهد الارتداد الى معاناة الأم في مرضها كان يمثل إضافة الى تماسك بناء الفيلم وتأكيد قضيته.

تتولد الكوميديا مع بوادر الأزمة حين يلتقط الصغار بضع إشارات ونظرات تشي بأعراض حالة حب بين أبيهم وأمل (أي حنان ترك)، مما يهدد بتعثر مشروعهم. وفي موقف طريف يدعو الابن والده على فنجان قهوة ليواجهه بقلقه على مستقبله وينصحه بمنطق الكبار أن يكمل دراسته. وبعدها «يحب على كيفه»، فتضج الصالة بالضحك. وحين يقوم الابن بإهداء أمل زهرة لتحويل عواطفها عن ابيه تطبع على جبينه قبلة اخوية فيسقط مغشياً عليه. ويستعين الصغار بالتكنولوجيا المتقدمة لمراقبة همسات المحبين، وتكون المفاجأة الضاحكة حين يخطئون في تركيب الجهاز فيكتشف الاب نظام المراقبة وتعلو الضحكات في الصالة.

يحل موعد الامتحان ويبتهل الصغار الى الله: «اللهم نجح بابا، انصره على الأسئلة، يسّر له الإجابة، ياللا نحضر العشا». فتعلو الضحكات في الصالة.

وحين يجلس الأولاد على مقعد أولياء الأمور في حفل التخرج تدمع العيون، وتعم الفرحة أفراد الأسرة حين يتسلم الأب شهادة إتمام الدراسة الجامعية، ليهنأ الجمهور بفيلم بسيط ونبيل يطرح قضية ويدعم القيم ويدعو المؤسسات الدولية الى فتح باب النقاش لإقرار عمالة الأطفال وحظر استغلالهم.

الحياة اللبنانية في 3 مارس 2006

الآباء الصغار لدريد لحام فيلم اجتماعي تربوي يسبح عكس التيار 

من انتاج سوري مصري مشترك ومن بطولة حنان ترك وسلمي المصري:

لنا عبد الرحمن 

ما من شك في أن فيلم الآباء الصغار الذي بدأ عرضه في القاهرة ويحمل توقيع دريد لحام كمخرج إضافة إلي وجود توقيعه ككاتب لسيناريو الفيلم، بالإشتراك مع الدكتور رفيق الصبان، يختلف مضمونا وأسلوبا عن سائر الأعمال السينمائية الموجودة علي الساحة، وأيضا التي قدمت في السنوات السابقة.

هذا الفيلم من إنتاج سوري مصري مشترك وتساهم في بطولته، إلي جانب دريد لحام، النجمتان حنان ترك من مصر، وسلمي المصري من سورية، بالأضافة لمجموعة من الاطفال كان لهم دور كبير في أحداث الفيلم. تدور أحداث الفيلم حول قصة عائلة يعمل فيها الأب مساعداً للشرطة ويدرس فترة بعد الظهر أي بعد دوام عمله للحصول علي شهادة جامعية، في حين تعمل الأم أيضاً في فندق لمساعدته علي تحقيق حلمه. لكن الأم تتوفي وهو يكون في السنة ما قبل الأخيرة من دراسته فيضطر للتخلي عن حلمه القديم ويعمل سائقاً علي سيارة أجرة لتعويض المبلغ الذي كانت تؤمنه الوالدة في وظيفتها. وهنا يتدخل الأبناء وينزلون الي سوق العمل لتوفير المال، كما يتفق الاطفال علي تأجير احدي غرف البيت الي باحثة تعمل في الآثار، وهو الدور الذي تجسده حنان ترك حيث تؤدي حنان دور فتاة أرسلتها منظمة اليونسكو للحفاظ علي الآثار السورية ومن المفترض ان تقدم بحثاً عن الأبواب السبعة لدمشق ما يتطلب مكوثها في سورية مدة ستة أشهر لكن ظروفها المادية لا تسمح لها بالسكن في فندق فتبحث عن غرفة للإيجار عند عائلة وتجدها عند أسرة الأستاذ ودود والذي يقوم بدوره الفنان دريد لحام. وتتصاعد الاحداث الدرامية لتقوم علاقة تآلف بين حنان ترك وأفراد الاسرة.

الحبكة في الفيلم بسيطة ومتوقعة لكن الفيلم يتميز بطابعه الجدي الذي يكرس لقيم التعاون والتسامح بين افراد العائلة، يتضح هذا منذ المشهد الاول حين يقف الاب أمام ضريح زوجته برفقة الابناء الاربعة في ذكري وفاتها يتذكرون وصايا الام ونصائحها لهم، هذه التيمة تستمر في الفيلم خاصة عندما يقرر الاطفال ممارسة العمل وتجميع المال لتسجيل والدهم في الجامعة هكذا ببساطة تقلب الادوار ليلعب الابناء دور الاب في تأمين المال لسد احتياجات الاسرة.

لكن ثمة نقاط ضعف في الفيلم تتضح في الحوار وتحميل الاطفال كلاما يتجاوز أعمارهم الامر الذي يبدو مفتعلا، هذا بالاضافة لبطء حركة الكاميرا خاصة في الثلث الاول من الفيلم قبل ظهور النجمة حنان ترك، أيضا كان التركيز علي فروقات اللهجة بين السورية والمصرية مبالغا بها خاصة مع تخصيص أغنية كاملة من اغاني الفيلم لا تتضمن سوي الفرق بين اللهجتين.

لكن رغم هذه الهنات فإن الفيلم يعيد تشكيل علاقة من التلاحم العائلي والقيمي بين الاهل والابناء خاصة مع ظهور موجة من الافلام السينمائية التي كرست لفكرة الانفصال المعنوي بين الآباء والابناء وابحار كل طرف في اتجاه معاكس للاخر، فالابناء عاجزون عن فهم عقلية الاهل ويتعاملون بأنانية، والاهل غير قادرين علي استيعاب المتغيرات العصرية التي تحيط أبنـــائهم وتولد شروخا في العلاقات، أيضا كانت معالجة فكـــرة الفقر والازمة المادية بعــيدة كليا عن الابتذال والاستسلام للواقع او اللجوء للحيلة وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، لقد ابتعد الفيلم تماما عن تقديم اي سلوك سلبي للاطفال، ولم يأت هذا الامر مفتعلا بل منسجـــــما مع السيرورة العامة للفيلم، خاصة في المشـاهد التي تركز علي سعي الاطفال للبحث عن عمل وعندما يحاول أحد الباعة ان يعرض النقود علي الابنة الكبري نورا خلال رحلتها للبحث عن عمل ترفض بإباء قائلة انا مش شحادة من هنا يعتبر فيلم الآباء الصغار فيلما تربويا يركز علي الجانب القيمي في حياتنا ويعمل علي تقديمه بأسلوب فني راق، خاصة مع تقديم أغنيات من التراث السوري والمصري يشترك فيها دريد لحام وحنان ترك والاطفال الصغار.

تجدر الإشارة إلي أن الفنان دريد لحام، الذي شارك في تمثيل عشرات الأفلام السينمائية، سبق أن أخرج ثلاثة أفلام، هي الحدود ، و التقرير و الكفرون الذي قام بأدائه مع مجموعة من الأطفال كما قدم عدة افلام سينمائية، منها خياط للسيدات واللص الظريف، وفي الثمانينيات أدي عدداً من المسرحيات السياسية للشاعر والكاتب السوري محمد الماغوط ومنها كاسك يا وطن و غربة .

هذا ويشارك فيلم الآباء الصغار بمهرجان القاهرة لسينما الأطفال الذي ستنطلق فعاليات دورته الـ 16 يوم 2 آذار (مارس) القادم.

كاتبة من لبنان تقيم في القاهرة

القدس العربي في 8 مارس 2006

 

الآباء الصغار.. دريد لحام يحلم بمستقبل أجمل

سهام العقاد 

بعد سنوات طويلة من التوقف والتأمل، عاد إلينا الفنان العربي الكبير، الممثل والمخرج السوري دريد لحام بفيلمه الأخير «الآباء الصغار» وهو من إخراجه وتأليفه أيضا، وقد عرضته نقابة الصحفيين وسط حشد من الصحفيين والإعلاميين وكم هائل من الأطفال، والفيلم إنتاج سوري - مصري مشترك يسهم في بطولته بجانب دريد لحام النجمتان : المصرية حنان ترك والسورية سلمي المصري، وأربعة أطفال سوريين0

«الآباء الصغار» فيلم مهم في تاريخ السينما العربية لأنه يفتح أمامنا أبواب الأمل، ولا يجعلنا نبكي علي اللبن المسكوب، بل يدفعنا للنظر للمستقبل برؤية أكثر إشراقا، خاصة في ظل الوهن الذي أصاب أمتنا العربية وأدي لتراجع القيم النبيلة، وسيادة العنف والتطرف والفساد والقهر0

يقول لنا دريد لحام في فيلمه « لايزال الأمل موجودا، وبإمكاننا أن نصبح شعوبا قوية قادرة علي التحدي والصمود والمواجهة0

يتناول الفيلم عبر لغة سينمائية بسيطة، حياة أسرة سورية رحلت الأم عنها، أي فقدت العمود الفقري والسند الرئيسي لها، وفي هذا المأزق يسعي دريد في محاولة جادة من جانبه لإعادة صياغة العلاقات الإنسانية داخل الأسرة العربية، وإيمانا منه بمقولة «الأطفال هم نصف الحاضر00 وكل المستقبل»، لذا قدم لنا الفيلم مفاهيم ورؤي مغايرة لما هو سائد في الوطن العربي، ليجعل من هؤلاء الأطفال آباء بالفعل يتحملون المسئولية علي أعلي المستويات0

يحمل الفيلم العديد من الرسائل والقيم النبيلة، ربما في مقدمتها اختيار الفنانة المصرية حنان ترك التي تمثل الوطن أو الأمل التي تسهم في إنقاذ الأمة العربية أو الأسرة في إشارة واضحة إلي أن مصر هي قلب العروبة ونبضها، وأنها القادرة - رغم انكساراتها المؤقتة- علي تحقيق أحلام الأمة المهدرة0

ويؤكد الفيلم أن المرأة هي عصب الحياة والمايسترو الذي يقود الأسرة0

جاء الفيلم في قالب كوميدي وتحدث المخرج بلغة سينمائية بسيطة مبتعدا عن الفذلكة الإخراجية، لذا نجح في الوصول إلي الجماهير المتعطشة0

في الندوة التي أعقبت عرض الفيلم بنقابة الصحفيين، بحضور الفنان دريد لحام وحنان ترك ود0 رفيق الصبان الذي قام بمراجعة سيناريو الفيلم0 وأوضح في البداية أن فكرة الفيلم شديدة الأهمية خاصة في هذا الزمن الذي أخذت تتفكك فيه الروابط الأسرية، واتجهت السينما للعنف والابتذال والإسفاف0

وتحدث النجم الكبير دريد لحام حول الوطن مؤكدا أن العائلة عندما تتماسك يمكنها أن تسهم في بناء وطن قوي معافي من الأمراض0

وقال : إن أكثر ما يقلقني اليوم هو عدم اهتمام السينما بالأطفال، خاصة أنهم نصف المجتمع، وإذا أهلناهم سنضمن بالتالي المستقبل0 ووصفت الفنانة حنان ترك أسلوب دريد لحام بأنه السهل الممتنع0     

الأهالي المصرية في 23 فبراير 2006

 

سينماتك

 

لغة سينمائية جديدة في الآباء الصغار

القاهرة ـ جميل حسن

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك