للعام الثاني على التوالي اقيم في القاهرة – مجمع الأوبرا - مهرجان أفلام دول الاتحاد الأوروبي. وهو مهرجان فريد من نوعه في العالم، اذا لا مثيل له حتى في أوروبا، كما يقول المشرف عليه، الناقد سمير فريد، الذي يؤكد انه مرة أخرى، حرص عند اختياره للأفلام ان تكون ممثلة لأكبر عدد ممكن من بلدان الاتحاد الأوروبي. ويعني هذا – في هذه الدورة – انه كان ثمة، في العروض الرسمية 18 فيلماً من 18 بلداً كانت لها انتاجات سينمائية جديرة بهذا الاسم، خلال العامين الفائتين. لقد جرت العادة في مثل هذا النوع من المهرجانات، أن تعرض أفلام بأعداد تتناسب مع حجم الانتاج في كل بلد من البلدان... فإذا كانت فرنسا تنتج سنوياً عشرين ضعف ما تنتجه المجر، فمثلاً، يعرض من فرنسا أفلام يفوق عددها كثيراً ما يعرض من الانتاجات المجرية، لكن الأمور تختلف في مهرجان أفلام دول الاتحاد الأوروبي، لأن الغاية هنا تقديم أوسع نظرة بانورامية يمكن للمتفرج في مصر أن يحصل عليها بالنسبة الى تلك السينمات البعيدة – القريبة، وسط عالم عروض تهيمن عليه، من ناحية الأفلام الأميركية، ومن ناحية ثانية، نتاجات السينما الجماهيرية المصرية التي باتت متشابهة ومتهافتة الى درجة مرعبة.

جمهور

المهم ان المهرجان الأوروبي أقام دورته الثانية، واستقطب جمهوره، ما جعل هذه الدورة تؤكد ديمومة ما، اعلنها سمير فريد حين حدد سلفاً موعد الدورة الثالثة المقبلة. والمهم أيضاً أن هذا المهرجان الذي لا جوائز فيه ولا تنافس، ولا نجوم تزحمه ولا صخب احتفالات اجتماعية، دخل – وليس فقط من خلال عروض أفلامه الرئيسية – صلب الثقافة والابداع السينمائيين. وكان هذا انطلاقاً من أن المهرجان تجاوز، وبكثير، الحدود التي كان رسمها لنفسه: لقد قدم هذه المرة، كالمرة السابقة، أفلاماً جديدة لكل منها أهميته ومكانته في سياق أفضل النتاجات في بلاده... لكنه، أي المهرجان، في الوقت نفسه، قدم على هامش المهرجان، تظاهرتين مفاجئتين، أولاهما «110 سنوات على السينما: التراث السينمائي في دول الاتحاد الأوروبي» وثانيتهما «السينما المستقلة في مصر». صحيح ان التظاهرة الأولى تبدو مندمجة تماماً في صلب موضوع المهرجان، حتى وان كانت «تاريخيتها» تبعدها عنه بعض الشيء، لكن التظاهرة الثانية تبدو – تماماً – خارجة عن سياقه. ومع هذا لا بد من الترحيب فيها... ويزداد هذا الترحيب منطقية حين يشاهد المرء نحو 44 فيلماً قصيراً أو متوسط الطول، عرضت طوال عشرة أيام، وهي تتراوح انتاجياً بين العام 1997 والعام 2006... «ليكتشف» ان ثمة في مصر «سينما أخرى»، ينتجها سينمائيون شبان آثروا الطريق الصعب، والتحرر الكلي – أو الجزئي – من التراث المكبّل، محققين أفلاماً وضح أن معظمها منفصل تماماً عن تاريخ السينما المصرية. لكنه في الوقت نفسه مرتبط بنظرة طازجة وحادة الى العالم والى المجتمع والى داخل الذات. حكاية هذا التيار ستعود اليها «الحياة» في الأسبوع المقبل، لأن ازدهاره المفاجئ بات جديراً بأن يلاحظ في استقلال عن مجالات عرضه الهامشية التي جعلته، حتى الآن، يذكر دائماً في سياقات أخرى. أما هنا فنتوقف من جديد عند مجموع عروض الأفلام الأوروبية، ولا سيما عند ضيف المهرجان المخرج النمسوي جورج ميش الذي افتتحت عروض المهرجان بفيلمه التسجيلي «استدعاء هيدي لامار» وهو – كما يدل اسمه - عن حياة نجمة هوليوود في أواسط القرن العشرين، التي يتتبع الفيلم ولادتها في فيينا واكتشاف ماكس لينهاردت لها، وعملها في السينما الألمانية – النمسوية، قبل انتقالها الى عاصمة السينما الأميركية وذروة شهرتها في فيلم «شمشون ودليلة» من اخراج سيسيل ب. دي ميلي الذي صارت تلقب منذ ظهورها فيه بـ «أجمل امرأة في العالم»...

كيف حال أوروبا

بقية الأفلام أتت من شتى الأنحاء الأوروبية، وكان أبرزها بالتأكيد «الفيلم الجديد» للمخرج الدنماركي لارس فون تراير، الذي كان اختير لتمثيل الدنمارك في جائزة أحسن فيلم أجنبي. واللافت هنا هو أن هذا الفيلم الذي يحمل اسم صاحب «دوغفيل» و «ماندرلاي»، هو من اخراج زميل له. أما دور فون تراير فيه فكان دور التحدي حيث انه طلب من المخرج الصديق يورغن ليث، أن يعيد اخراج فيلم قديم له مقيماً في وجهه خمسة عوائق. ومن هنا حمل الفيلم عنوان «العوائق الخمسة»، وبدا غريباً في موضوعه وتكوينه كاشفاً من جديد عن القدرات اللامحدودة للفن السينمائي.

في كلاسيكية أكثر وضوحاً بدا الفيلم التشيخي «أعلى وأسفل» والفنلندي «حجرات المرض الثلاث» في اطلالهما على الواقع الاجتماعي في بلديهما. أما من فرنسا فأتى فيلم «الكورس» الذي لم يتوقف منذ العام 2004، عن أن يكون ظاهرة استثنائية، حيث حقق مردودات غير متوقعة على رغم بساطة موضوعه... هذا الفيلم الذي لا يضاهي في تعبيره الفني أفلاماً كثيرة حققت في فرنسا في الآونة الأخيرة، نال حظوظه الكبرى من خلال موضوعه وبيئته، حيث أن أحداثه تجري في فرنسا بعيد الحرب العالمية الثانية، داخل مدرسة للأطفال المشاكسين الصعبين. طبعاً حين عرض الفيلم بدا لكثر مجرد محاكاة لأفلام كثيرة مشابهة... غير انه أثار في الوقت نفسه ضجة، لم ير كثر من الذين شاهدوه في مصر انها مبررة.

أفلام أخرى من بلدان أخرى، كشفت في معظمها عن عودة مدهشة الى نوع من الكلاسيك ولعبة العواطف... وكذلك عن نزعة انسانية (في السينما الأوروبية كما في المجتمعات الأوروبية) تتناقض، مثلاً، مع ما هو سائد في السنيما الأميركية الرائجة. اننا هنا أمام أفلام تخاطب الانسان داخل الانسان، سواء من خلال ردود فعل على كرة القدم («يوم واحد في أوروبا» من المانيا)، أو عن الحس الدافئ بالحنان (في «لمسة حارة» من اليونان)... غير ان هذا لا يمنع المشاعر الحادة من التفاعل مع أفلام تشويق مثل «تحكم» من المجر أو «جسد» من بولندا. أو أفلام بحث وتنقيب (عن الخارج الذي سرعان ما يتبدى تنقيباً من الداخل) كما في «جيورتسي» من هولندا، أو «مفاتيح المنزل» لجياني اميليو من ايطاليا...

سينما عن السينما

طبعاً هذا ليس كل ما عرض في هذا المهرجان الطموح، لكنه يمثل نماذج لسينما ذكية تجتهد في استخدام أقصى طاقات الكاميرا والصورة لتقديم البشر والمدن والعلاقات، مؤكدة مرة أخرى ان السينما والانسان صنوان، وحدها السينما الأوروبية تعرف. في أيامنا هذه، كيف تربطهما من طريق الصورة وفعاليتها.

غير ان هذا كان دائماً (وكما تؤكد لنا تظاهرة «110 سنوات على السينما») جزءاً من الأسس التي بنيت عليها السينما الأوروبية، سلباً أو ايجاباً. وللتأكيد على هذا أكثر وأكثر، أصدر المهرجان كتاباً يتضمن مقالات ودراسات عن أفلام نموذجية وأساسية في هذا الاطار، لكنه – أكثر من هذا – عرض مجموعة مهمة وبعضها نادر، من كلاسيكيات السينما الأوروبية من «كلب أندلسي» للويس بونويل، الى «صفر في السلوك» لجان فيغو، و «أولمبيا» لليني ريفنشتال و «أنا فضولية» لستيغ بوركمان... واللافت هنا هو أن معظم أفلام هذه العروض أتت أفلاماً في السينما عن السينما، وفي مقدمها «50 سنة × 2 من السينما الفرنسية» لجان – لوك غودار، و «ليلة صناع الأفلام» و «برتولوتشي والامبراطور الأخير» و «رحلة شخصية مع السينما البريطانية» و «أياً كان من يقول الحقيقة سوف يموت» عن بازوليني...

أما المفاجأة الكبرى فأتت من الأخوين لوميار، مخترعي السينما، اذ قدم المهرجان مجموعة مدهشة من شرائط قصيرة من تحقيق الأخوين الفرنسيين في مصر، كما قدم أول الأفلام الملونة... وختم ذلك كله بفيلم مصري عن الأخوين لوميار لأحمد عاطف عنوانه «لوميار تاني مرة»... وهذا كله خلال عشرة أيام، عرفت كيف تضخ قاعات المهرجان بجمهور استثنائي متنبه متابع، كان ينكب على مشاهدة الأفلام ومناقشتها في وقت كانت مصر كلها مشغولة، من ناحية بمأساة العبّارة، ومن ناحية ثانية بجنون كرة القدم، قبل الفوز المصري الكبير. كان الحزن بالمأساة للشعب، وكان الهوس بالكرة للجمهور العريض... أما محبو الفن السابع فكان لهم نصيبهم من حب الحياة... أي من حب السينما.

الحياة اللبنانية في 17 فبراير 2006

 

"الحل بإيدك" ينقل النقاش السياسي الى الأطفال

ريما المسمار 

كانت حلقة مثيرة من "الحل بإيدك" قبل يومين على شاشة "نيو تي في". حول مذيعة البرنامج رانيا بارود تحلق سبعة أطفال (ستة صبيان وفتاة) لا تتجاوز أعمارهم الحادية عشرة و"تناقشوا" في الواقع السياسي الراهن. اول ما يلفت المشاهد الى الحلقة جرأة الأطفال وقدرتهم على التعبير عن انفسهم بدون خجل. ولكن ما يلفت أكثر هو تحول الحلقة صورة مصغرة عن النقاشات الدائرة في الوسط السياسي وبين السياسيين وزعماء الطوائف انفسهم. ينتمي كل طفل الى عائلة ذات هوى سياسي واضح باستثناء اثنين هما "نيكولا" و"توفيق" صُنِّفا "مستقلين". يمثل "نادر" تيار المستقبل بينما يتحدث "ايدي" باسم القوات اللبنانية. ويعلو صوت "شهاب" بآراء زعيم الطائفة الدرزية "وليد بك" وتصر الفتاة الوحيدة في الجلسة (لم أعد أذكراسمها) على لقب "السيد" عندما يلفظ أحدهم اسم حسن نصر الله، يساندها في المقلب الآخر "ممثل" التيار العوني (يسقط اسمه هو الآخر نسياناً). من المثير كيف ان كلاً من اولئك يتلبّس خطاب زعيمه او طائفته وحتى اسلوبه في الكلام. فنادر هو المتكلم بنبرة المطعون، يرد كل نقاش الى النقطة الاساسية لديه اي استشهاد الرئيس رفيق الحريري. يتحدث بثقة بالغة ويردد حججه بدون ادنى تفكير في امكانية دحضها. يثور بهدوء على الآخرين، لاسيما على الخارجين على خط 14 آذار، ولكنه سرعان ما يستكين الى ثقة دفينة بأن ما يقوله هو الصحيح المطلق. الفتاة المحجبة بالطبع التي تمثل حزب الله تردد "الثوابت": اسرائيل العدو، سلاح المقاومة وأهميته، أميركا شريكة اسرائيل وبالطبع موضوع الحلف المستجد بين الحزب والعماد عون. "ايدي" هادىء. لا يخفي حبه لـ"الحكيم" واعجابه به ويستعير منه بعض حركات يديه والتفاتة رأسه. اما ممثل التيار العوني فيجلس في مكانه ويصطاد من كلام زملائه النقاط التي يسائلها بنبرة المدرك عدم قدرة الآخر على الرد. لا يخبر عن نفسه بقدر ما ينتقد الآخرين ويرد كل سؤال موجه اليه الى الآخر بعد عكسه عليه. اما "شهاب" فله صفنات وليد جنبلاط وحركة عينيه وهدوؤه في ايصال كلماته مهما كانت الاخيرة مدوية. يصر الجميع على أهمية الحوار ولكن أحداً منهم لم يتمكن في نهاية المطاف من ايجاد نقطة ايجابية في خطاب "غريمه" عندما طلبت اليه مقدمة البرنامج فعل ذلك. لم تمر نقطة خلافية في الحياة السياسية من دون ان يأتي الأطفال على ذكرها في اشارة الي استقاء معلوماتهم من اهلهم ومن نشرات الاخبار من محطات تلفزة تنسجم واهواءهم السياسية في الغالب. وحدهما "نيكولا" و"توفيق" بدوا متحررين من أعباء التبعية السياسية والطائفية، الأخير بحكم براءة وبساطة مفقودتين لدي الآخرين المسيسين. و"نيكولا" كان الأكثر احساساً بمواطنيته متطرقاً الى امور من نوع مناهضة العنف ومراقبة ما تبثه محطات التلفزة.

لم تتوقف محتويات الحلقة عند ذاك الحد. ففي ريبورتاجات مصورة، عرض البرنامج وجهة نظر الاهل الذين تحدثوا عن اولادهم ولكنهم تحدثوا عن انفسهم من دون ان يدروا. لقد تجلى بوضوح تأثير البيت في تركيبة الأطفال الذهنية وعبء الطائفة والميل السياسي. حتى عندما طُلب الى الاطفال ان يرسموا لوحة تعبر عن نظرتهم الى لبنان، كانت الطائفة والهوى السياسي الغالبين الى جانب العلم اللبناني. ولم تفلح محاولات المذيعة في أخذ الحوار الى مساحات أخرى كالحديث عن هموم المواطن بعيداً من الطائفة والحزب. وحده "نيكولا"بدا مسكوناً بهواجس الفقر والجهل لدى الأطفال وكابوس المرض الذي يودي بحياة عشرات المتشردين.


صورة طبق الأصل عن الصراعات السياسية الآنية تجلت في حوار الأطفال فلم نعرف ما اذا كان الوضع الراهن منعكساً عليهم ام ان خطابهم الطائفي ذاك هو الذي سينعكس ابداً على مستقبلهم. لعل المشاهد انبهر لدقائق او أكثر بقدرات الأطفال على الكلام والتعبير لاسيما اننا مجتمعات لا تعتني بتربية الطفل على التعبير عن نفسه بحرية وجرأة. ولكنه من المحزن ان تكون القدرة على التعبير على النفس عند هؤلاء الاطفال ذاهبة في ذلك الاتجاه وان يفتقدوا ما هو ركيزة الحوار والتعبير الاساسية اي القدرة على الاستماع والنقاش وليس فقط بث الآراء.

المستقبل اللبنانية في 18 فبراير 2006

«الاقتباس»..البحث عن أشكال تفكيك الخطاب السينمائي

عمان- ناجح حسن 

يغوص الناقد والباحث السينمائي المغربي حمادي كيروم في كتابه «الاقتباس من المحكي الروائي إلى المحكي الفيلمي» الصادر حديثا عن سلسلة الفن السابع بدمشق بجدلية السينما والأدب والعلاقة التي تحكم المبدع السينمائي بألوان الاقتباس الأدبي إلى الشاشة.

يعرف كيروم صاحب أبحاث «تيمة السجن في الرواية العربية الحديثة» و«تحليل الخطاب الروائي» مفهوم الاقتباس على ضوء نظريات الفيلم الهوليودي بكونه ترجمة للغة الصورة باعتماد وسيط هو السيناريو الذي يشتغل كاتبه على مادة الرواية الأصل بعد شراء حقوقها ليصب فيها صور وتعابيره بعد إخضاع الأصل إلى تعديلات بالزيادة والنقصان.

ويشير المؤلف الذي سبق له تنظيم الملتقى الدولي للسينما والرواية في الدار البيضاء العام 1991 إلى دور كاتب السيناريو أثناء اشتغاله على العمل الأدبي كوسيط بين عالم الأدب الإيهامي والداخلي وعالم السينما الطبيعي والخارجي فهو يفكر بالصورة المرئية والأصوات المسموعة كالسينمائي تماما ويعمل على أن «يرى المخرج الكلمات» من هنا تأتي أهمية حضور الرؤية الإخراجية عند كاتب السيناريو وهي التي تميزه عن الكاتب الأدبي وتقربه من المخرج السينمائي.

يوزع الباحث كيروم فصول كتابه الخمسة على مجموعة من العناوين الفرعية تحت مسمى مبحث تناقش جميعها التعريف بأهمية المصطلح للاقتباس والمحكي الفيلمي وعناصرها الاستيتقية وأنواع الاقتباس من الحر والحرفي إضافة إلى مكونات المحكي الفيلمي من التلفظ والسرد السينمائيان والتبئير السينمائي والفضاء الزمني والسردي الذي تدور من حله الشخصيات والأحداث وكرنولوجيا المشاهد في تلقي خطاب فيلم «بداية ونهاية» لمخرجه صلاح أبو سيف بوصفه احد ابرز كلاسيكيات السينما العربية المستمدة أحداثه عن رواية الأديب نجيب محفوظ التي تحمل العنوان نفسه لما فيه بلاغة من النواحي الفكرية والجمالية ويكاد يكون النموذج الوحيد الذي يستحوذ على صفحات الكتاب بالدراسة والتحليل للصور والشخصيات وإبراز دور الراوي إضافة إلى ما يشتمل عليه الفيلم من ظواهر وإشارات ودلالات.

يوضح المؤلف حمادي كيروم الذي يضطلع بإدارة مهرجان الرباط السينمائي الدولي منذ العام 2000 الغاية الأساسية من إنجاز الكتاب الذي نال عليه درجة الدكتوراه هو الإجابة عن كيفية اشتغال الخطاب السينمائي من اجل ترجمة الخطاب الروائي مع محاولة إبراز النسق الصيغي لمكونات المحكي الفيلمي التي اعتمدها المخرج المصري أبو سيف من اجل اقتباس المحتوى الحدثي والتيمي لرواية «بداية ونهاية».

وقد سعى كيروم من خلال ثقافته بحقل الفلسفة أن يجد أكثر من تعريف وتحديد صيغ وطرق الاشتغال السردي للمحكي الفيلمي من المساهمة في تأسيس مقدمات أولية لنظرية علم السرد السينمائي داخل الصيرورة النقدية العربية كما انه حاول يبين بان الاقتباس مادة قائمة بذاتها ضمن «الأدب المقارن» وبالتحديد «الأدب السينمائي المقارن» الذي يمكن أن يكون في قادم الأيام حقلا معرفيا تعترف به الجامعات وتدرجه ضمن الدراسات المستقبلية غير أن المؤلف تحاشى بين حين وآخر المقارنة الحرفية بين الرواية والفيلم التي تظل سجينة نظرية الاقتباس الحرفي المرتكزة على الأمانة والخيانة بمعناها المباشر وبما انه لا يمكن المقارنة بين الرواية والسينما لاختلاف اللغة واختلاف السنن فانه يمكن المقارنة ضمنيا بين المحكي الروائي والمحكي الفيلمي وإنتاج المعنى .

يخلص الكاتب في دراسته الموسعة التي تجاوزت 400 صفحة من القطع الكبير أن صلاح أبو سيف بفيلمه «بداية ونهاية» لم يخن الرواية ولم يخن السينما وذلك لان موهبته الإبداعية مكنته من خلق نسق من التناظرات يعادل نسق التناظرات الذي استخدمته الرواية.

كما يستخلص الكتاب أيضا أن التعايش والتفاعل بين الرواية والسينما أصبح ضروريا ومستعجلا لان احدهما في حاجة الى الآخر فعلى السينما أن تستفيد من الرواية التي سبقتها وفتحت عوالم وتجارب إنسانية عميقة مما سيساعدها على الانعتاق من قبضة المفهوم التجاري الذي افقدها كثيرا من ميراثها الفني والفكري كما أن السينما بدورها استطاعت أن تقدم خدمات مهمة للكثير من الأعمال الروائية التي نفضت عنها غبار رفوف المكتبات وقدمتها الى جمهور عريض متنوع الثقافات لم يكن باستطاعته قراءتها بلغاتها الأصلية . ويحسب للسينما ايضا قدرتها على امتلاك تقنياتها الخاصة والمبتكرة في عوالم السرد مما ساعد الرواية على تجديد أساليبها وبالتالي جعلها تساير عصر الحكي بالصورة الذي يعتمد عناصر الفرجة المشهدية والابهار في وضعيات درامية داخل تقنيات بلاغية واستعارية سمعية ـ بصرية في لعبة ماهرة بين حدي الأمانة والخيانة يراد بها عملا إبداعيا يعادل أو يفوق العمل الأصلي.

كتاب «الاقتباس من المحكي الروائي الى المحكي الفيلمي» لمؤلفه حمادي كيروم إضافة مهمة لأدبيات السينما العربية وبراعة نادرة في التحليل والتفكيك النقدي المتين لتفاصيل فيلم مصري مثل «بداية ونهاية» ودراية حصيفة لما وراء الحكاية والصورة هي أحوج ما تكون إليه المكتبة العربية اليوم.

الحياة اللبنانية في 13 يناير 2006

 

سينماتك

 

مهرجان السينما الأوروبية في القاهرة يفتح الباب أمام التاريخ والسينما المستقلة...

أحوال العالم وماضي الفن السابع والجيل المصري الجديد ... المفاجئ

القاهرة – ابراهيم العريس

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك