كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

جديد الموقع

 

كما العائد إلى حبيبته بعد غياب طويل، يطل محمد خان على القاهرة معشوقته الأثيرة من موقع الجوال الأعظم بين جدرانها. لا يبدو عصياً على الفهم، لماذا كان اختيار خان لوسط العاصمة تحديداً، موقعاً ومداراً لحكايات بناته الأثيرات. فموقع الوسط الذي لم يألف خان الحديث عنه مباشرة كانت له البطولة هذه المرة. وسط المدينة كان يمثل مدارات تقاطعية لمسارات أبطاله الذين حشرهم حشراً في مسيرته على التجوال داخلها، بدءاً من "طائر على الطريق"، حتى "كليفتي". كانت مسارات هؤلاء الأبطال المهمومين في احتكاكهم المباشر سيراً على الأقدام أو اتكاءً على أحد المقاهي، تؤرخ لغربة طالما درج خان على أسطرتها والعبث بها وعليها. عمارة "اللواء" بشارع "شريف" وسط العاصمة، في "طائر على الطريق"، كانت هي الذروة الدرامية المتأرجحة بين بطله وخياره بين سيدة وفتاة. على بابها ترك فتاة العاصمة الثورية، ليطارد طواحين هواء سيدة المخزون العاطفي المكبوت. كانت بطولاته تنحو دائماً إلى جعل المكان (وسط العاصمة)، مفصلاً خجولاً، لا يؤرخ به مركزاً روحياً لذاته. أكثر ما عناه أن يقدم ذلك الخواء في صباح باكر كما في "الحريف"، و"ضربة شمس"، عندما يخرج أبطاله من ليال طويلة من المغامرة المدينية على مشهد افتتاحي للقاهرة فجراً، ولميدان التحرير تحديداً حين ترفرف انتصارات بطله العادي دون أن يشوش عليها ضجيج الزحام التقليدي، حين تنعكس أعمدة الإنارة العمومية بإضاءة كابية على عمال البلدية وهم يغسلون شوارعها، بينما بطله الأثير يتعكز على "كرته" أو "الحبيبة". وكأن خان يدشن لمقولته الخالدة "القاهرة بالليل غير بالنهار" كما جاء على لسان بطله.

رمى خان نفسه أخيراً بين أركان وسط العاصمة، عبر بطلتيه الشابتين اللتين تعملان بمحلات وسط العاصمة. يقدم إيقاعاً جديداً لنطاقين انتقاليين لضواحي المدينة، حين ترتبط عضوياً بوسطها. الفتيات المستيقظات بقهر العمل الصباحي وهن يحجزن مقاعد المترو من محطة حلوان (جنوب القاهرة)، وهن يؤرخن لصداقة المكان منذ المشهد الأول. مهمشات على مواصفات الألفية الثالثة. لسن هند وكاميليا الخادمتين الهاربتين بأخلاق المهاجرين إلى أطراف المدينة. "جمانة" و"ياسمين" يمثلان الجيل الجديد من مهمشي قلب المدينة، الحالمتين بالملابس الفاخرة وابن الحلال في زمن عزّ فيه الزواج. تجمعهما وتفرّقهما ساحات وسط العاصمة في الصباح، لتجمعهما ليلاً على آيس كريم وتمشية مجانية. الطبقة الوسطى الدنيا، عالمه المفضل، لكنها بصبغة انهيارها الأخير الدامي. عاملة الكوافير التي تصفف أحلام البنات، بينما حلمها المؤجل قادر على العيش عبر علاقات عابرة مأزومة وتحايلية. فتاة "المول" التي تسرق من بوتيك مخدومتها ما يعوض أحلامها الطبقية المختنقة. وفيما المساحة بينهما تضيق لتخلق عالماً من التواطؤ النسوي الشفيف، ينقسمان فيما المساحة تتسع بين استراتيجيتين لإدارة الاحتياج العاطفي المختنق. نمطان استطاعت السيناريست "وسام سليمان" أن تنحتهما ببراعة من أدمن التأمل اليومي بعربة السيدات في خط حلوان/المرج. دفعتهما للحياة في أكثر اللحظات تأزماً، عندما يلعبن إحدى اللعبات العاطفية الشهيرة لبنات الجيل الجديد، لعبة بالمفهوم النفسي لعلاقات تستتر خلف المخاوف الأخلاقية الكاذبة، يلتقطها السيناريو في تتابع زمني يومي يبدأ من رنين جرس المنبه حتى انتهاء الليل، فيما النهار مشحون ومتقاطع مع تاريخ الشخصيتين. إحداهما ابنة تعيش مع أم عجوز تتخبط ليل نهار في ألزهايمر الأحلام الضائعة والحكايات المشوشة، والأخرى ابنة لعامل سكك حديد هجر أسرته لزوجة أكثر شباباً. عالم فتاتين محرومتين من الأنس الذكوري، متروكتين للشوارع الفسيحة والتخبط دون أحلام تتجاوز مدى اليوم الضبابي المعاش. تكملان لعبة العلاقات مع شابين من بقايا الحلم البرجوازي الصغير الساعي لتحطيم المدينة. أولهما مهاجر من الأرياف يدمن السهر والبدلة الرسمية لعمله في إحدى شركات الاتصالات، والثاني "طباخ" بأحد الفنادق. تتقاطع الثنائيات عبر الأيام المتتالية ليكشف خان عن مواطن الخلل والجمال الكامنين في وعي الجيل الجديد. الفتاتان تتواطئان على ميراث مشترك من الخيانات الشفيفة التي تجاوزتاها معاً. إحداهما تتخبط باندفاعيتها التي تخفي إحساساً بالهشاشة، والأخرى أجبن من أن تحدد مصير ازدواجها، وتصطدمان في مشهد مؤثر على رصيف المحطة عندما تتقاطع مصالحهما العاطفية فينكشف لهما كم الأورام النفسية في علاقتهما التي دشنت على التواطؤ.

خان يعرج بهذا السيناريو في مساحات جديدة على مشروعه السينمائي. فهو من جهة يقتحم بعين جديدة عوالم فتاتين من الطبقة الوسطى الدنيا، دون أن يسقط في مهانة التسطيح النسوي للمعالجة، أو دون السقوط المخل في فخ التنظير السياسي. هو يسجل إدانة في أحد المشاهد لحالات مثقفي المقاهي الجوالين حين يقدم شخصية الناقد على مقهى البستان وهو يقدم وصلة تنظيرية لفتاة حول "الشعر والجسد"، وينأى ببطلتيه من السقوط في أفخاخ وسط العاصمة ذات الدعاوي الثقافية. فالبطلة المهمشة ترفض دعوة "المثقف المنظر" لفتح الحوار بحيلة شديدة البساطة. كاميرا خان تتحرر من أسر المساحات الضيقة المختنقة، عندما تغلق العالم في وسط البلد على بطلتيه فقط في تجوالهما بين المحال، أو في لحاقهما بآخر مترو عند منتصف الليل. الكادر لا يتسع إلا لما هو معني بالإنساني في ذلك الرباعي، وربما لذلك كان اختياره للكاميرا المحمولة اللاهثة التي توافقت مع حميمية وجوه أبطاله، إلا أنها فشلت أحياناً في اللقطات الثابتة في تعظيم الشحنة الانفعالية، كما في مشهد حمام مطعم "لاتشيزا"، وهو ما لا يغفر لمدير تصوير بقامة كمال عبد العزيز،خروج بعض المشاهد out of focus. لكن أهم ما يميز خان قبل ذلك كله هو الاكتشافات المذهلة لمساحات جديدة في أداء منة شلبي وخالد أبو النجا وأحمد نجاتي وهند صبري على التوالي، وجاءت مشاهد أحمد بدير القليلة موحية ومؤثرة في دور "صاحب الكوافير".

خان كان كعادته لا يخفي ثقوب الروح المتسعة لكن، كعادته أيضاً، قادر على ترميمها بمحبة، سيراً على حكمة مشواره الدائمة "الحياة لابد أن تستمر، دون هزائم كبيرة، أو انتصارات جليلة، هي فقط تستمر...".

المستقبل اللبنانية في 5 فبراير 2006

 

ميزان الضمير

البحث عن السينما في مسقط رأس «باخ»

محمد سعيد

في رحلتي الخريفية إلي أوروبا بهرني المسرح الألماني وخاصة تلك المسارح المتخصصة في تقديم فن الأوبريت والمسرحيات الغنائية والموسيقية وفي المقابل لم ألحظ انتعاشا مماثلا للسينما الألمانية.. في مدينة ميونيخ عاصمة دولة بافاريا الحرة لاحظت انتعاشة مسرحية تصورت أن السينما أيضا سيكون لها حظ في هذه الانتعاشة الجماهيرية والفنية غير أنني وبمتابعة برامج دور العرض السينمائي ومعظمها تضم قاعات مختلفة وعلي مستوي عال من صلاحية المكان وصلاحية أجهزة العرض وجدت أن المعروض في أغلبه ينتمي إلي إنتاجيات السينما الأمريكية، وقلما أن تجد فيلما ألمانيا يحقق رغبتك في التعرف علي جديد هذه السينما العريقة.

وقد ذهبت إلي مدينة «لايبزج» أجمل وأكبر مدن هذه الولاية التي تقع في شرق ألمانيا وهي ولاية سكسونيا الحرة ومدينة لايبزج حتي وإن لم تصبح عاصمة لها، فالعاصمة هي مدينة «دريسدن» التي يقترب عدد سكانها من نصف مليون نسمة، وكانت هذه المدينة قد دمرت تماما في الحرب العالمية الثانية ولكنها استعادت رونقها بعد ذلك.

في لايبزج تغير كل شيء بعد الوحدة الألمانية فقد زرت المدينة خلال مهرجانها الشهير للأفلام القصيرة، الروائية والتسجيلية وقت أن كانت ألمانيا مقسمة حتي نهاية الثمانينيات بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية وقد عدت لزيارة المدينة فوجدت تغييرا في أسماء الشوارع والميادين جعلني أفقد بوصلة الاتجاهات وأنا أبحث عن دار عرض سينمائي فخم تابعت فيه أعمالا سينمائية ممتازة في الثمانينيات من إنتاج استوديو «ديفا» وكان يعادل هيئة السينما في مصر قبل اختفائها ومن أفلام هذه المؤسسة الألمانية التي اختفت أيضا بعد توحيد الألمانيتين رأيت فيلم «سولو صانو» من إخراج كونراد فولف وفيلم «الأبحاث» من إخراج رولاند جريف وفيلم «أسطورة باولا» إخراج هاينر كارو.

والسينما في ألمانيا وتلك الحالات القليلة في ولاية سكسونيا الحرة محظوظة بأماكن التصوير الخارجي ومواقع التصوير المختلفة وحيث وفرة في القصور التاريخية والحدائق والمتنزهات المصممة من خلال ذوق فني رفيع وأشهر هذه القصور قصر تسفينجر وقصر موريتسبرج وقصر المياه وقصر رامناو وحديقة بيلتيس وحديقة هايدناو وغيرها.

ومدينة لايبزج تشتهر بأكشاك الموسيقي التي تصدح في كل نهار عطلة لتسعد الصغار والكبار كما أن المدينة تشتهر أيضا بكونها مدينة للمعارض وتحظي بكثافة زيارة عالية لمن يحرصون علي المشاركة في معرضها الصناعي والتجاري الدولي ومن يزورون معرض الكتاب الذي تستضيفه المدينة ولا يقل في فخامته وتنوعه عن المعرض المماثل الذي يقام في مدينة فرانكفورت في ألمانيا أيضا.

أما أشهر أبناء مدينة لايبزج من المبدعين فهو الموسيقار العالمي يوهان سباستيان باخ وحيث يقام مهرجان موسيقي سنوي يخلد ذكراه ويحيي روائع موسيقاه وحيث تشارك في هذه العروض فرقة جيفاندهاوس الموسيقية وكورال تومانز تورال بأصوات طاقمه الذي يشجي المسامع، ويحقق متعة غنائية لمن يتابعون حفلاته.

ومن المعروف أن مدينة لايبزج مرشحة لاستضافة دورة الألعاب الأوليمبية في عام 2012 ومن المعروف أيضا أن ولاية سكسونيا الحرة هي أكبر الولايات الألمانية الشرقية ولها تاريخ صناعي عريق وبها منطقة مثلث دريسدون لايبزج كمنيتسي التي تعد القلب الصناعي لألمانيا ما قبل الحرب العالمية الثانية وقد عادت المنطقة بعد توحيد الألمانيتين وغياب ألمانيا الشرقية لعملية تحول هيكيلة في كل القطاعات ومرتبطة أيضا بالتطلعات المستقبلية في اهتمامات جامعات لايبزج وفرايبيرج ودريسدن.

وبعد طول بحث عن دور العرض التي تعرض أفلاما ألمانية مصحوبة بترجمة باللغة الإنجليزية، أوفق في الوصول إلي سينما حديثة متعددة القاعات تعرض الفيلم الألماني الفائز بجائزة الأكاديمية الأوروبية كأحسن فيلم روائي وهو فيلم «وداعا لينين»، المأخوذ عن قصة مايكل توتنبرج وقد أخرجه فولفجانج بيكر ومثل بطولته دانيال بروهال وهو ممثل شاب 19 عاما يلعب شخصية الفتي المنتمي إلي الجزء الشرقي من ألمانيا والذي كان يسمي قبل الوحدة جمهورية ألمانيا الديمقراطية.. وهذا الفيلم الذي اختير أكثر من مرة وعبر أكثر من جهة ليكون الفيلم الأوروبي الأفضل في سنوات بدايات الألفية الثالثة، وقد نجح هذا الفيلم أيضا عندما عرض في الولايات المتحدة الأمريكية.

تدور قصة هذا الفيلم الذي مازال يحقق نجاحا عند عرضه في دور السينما ولدي طرحه في أشرطة الفيديو أو عبر أسطوانات الـ سي دي في حول شخصية الفتي ألكس الذي يعيش مع والدته التي انفصلت عن والده في شقة بسيطة مساحتها لا تتجاوز 79 مترا مربعا في الجزء الشرقي من مدينة برلين في سنوات التقسيم والاحتلال الرباعي للمدينة، وقد جرت هذه الأحداث قبيل تحطيم السور مباشرة وفي وقت كانت الأم فيه عضوة نشطة في الحزب الشيوعي وتخلص لمبادئ ما كان يعرف وقتها بالاشتراكية العلمية، ولأن الأم مخلصة للمبادئ التي انهارت بانهيار السور وإنهاء الحرب الباردة، بين غرب وشرق أوروبا فقد أصيبت بانهيار نفسي تربت عليه أصابتها بأزمة قلبية ودخلت بعدها في غيبوبة لا تصدق ما يجري حولها وبعد ثمانية شهور أفاقت من الغيبوبة ليدخل ابنها الوحيد في حالة من الحيرة بين مشاعره كشاب يفرح أقرانه بسقوط السور ووحدة الألمانيتين وانتظار السخاء والرخاء القادم مع المد الرأسمالي والذي يبشر به ومن قبل سقوط السور راديو أوروبا الحرة. كانت حيرة الشاب تزداد مع شفاء الأم وتعرفها علي الواقع الجديد الذي أبرز أمام الابن تحديا جديدا وهو كيف يحمي وحيدها أمه من غزو الرأسمالية الاستهلاكية وبدايات من أمور تبدو بسيطة مثل مشروبات الكولا وشطائر البرجر وحتي اقتناء سيارة في فخامة المرسيدس.

كان هذا الفيلم المتقن في كتابته ومعالجته السينمائية وعناصره الفنية المختلفة مواجهة مهمة للواقع الألماني الذي مازال وبرغم مرور ما يقرب من خمسة عشر عاما علي انهيار السور يعاني من مظاهر مستجدة علي الحياة وكما كانت في شطري ألمانيا وميزة هذا الفيلم أيضا أنه يواصل المسيرة الألمانية السينمائية التي نجحت بجانب قدرتها علي التأثير في المشاهد الألماني في تحريك الإعجاب العالمي والذي عرفته ألمانيا في مهرجانات عندما تمكن السينمائيون الألمان من تحقيق نجاحات ملموسة ومنذ حصل المخرج فولكر شلوندورف علي جائزة السعفة الذهبية، في مهرجان «كان» عن فيلم «الطبلة الصفيح» المأخوذ عن رواية الأديب والروائي الألماني جونتر جراس وقد نال هذا الفيلم أيضا جائزة الأوسكار من هوليوود كأحسن فيلم أجنبي، وقد حصل أيضا المخرج «فيم فندور» علي جائزة السعفة الذهبية في مهرجان «كان» أيضا عن فيلمه «باريس تكساس» ومثلما حصد أيضا جوائز أخري في مهرجانات أخري عن فيلمه «السماء فوق برلين».

ومن مبدعي السينما الألمانية الذين حققوا جوائز وتقديرا عالميا المخرج فيرنر هيرتسوج عن فيلم الشخص المهووس «فيتسكارالدو» ومن المخرجات في السينما الألمانية بزغ نجم المخرجة مارجريت فون تروت من خلال أعمالها التي تخوض في بحار النظرة الانتقادية للأوضاع في ألمانيا، ومن أعمالها الشهيرة فيلم «الزمن الرصاص» والفيلم الذي يقدم رؤية مؤثرة للمرأة في ألمانيا وهو فيلم «روزا لوكسمبرج».

وأعرف من إريك فونك أحد المشتغلين بالمعالجات السينمائية في ميونيخ أن السينما بعد الوحدة عانت من بعض عمليات الدمج الصعبة غير أن إنتاج التليفزيون نجح في أن يخفف من صعوبات الإنتاج أمام الكثير من شباب الفنانين بتوجهاتهم المختلفة، غير أن أهم التحديات التي تواجه السينما الألمانية هي أيضا التي تواجه غيرها من الإنتاجيات السينمائية الأوروبية ويكفي التجول في المراكز التجارية الضخمة «المولات» التي تضم وفرة من دور العرض لنلحظ سيطرة الإنتاج الأمريكي الضخم علي أغلب المعروض وانكماش المعروض من الجنسيات الأخري سواء أكانت فرنسية أو بريطانية أو إيطالية، أو ألمانية وحتي النمساوية والمجرية وغيرها.

أما أهم الأفلام الألمانية التي حققت نجاحا تجاريا كبيرا مصحوبا بنجاح فني ونقدي خلال الحقبة الزمنية الأخيرة فمنها فيلم المخرج يوزيف فيلسماير «المضحكون»، والفيلم الكوميدي الاجتماعي «شتونك» الذي أخرجه هيلموت ديتل وتناول فيه بسخرية غاضبة اكتشاف المذكرات المزعومة للزعيم النازي أدولف هتلر عندما تصدت مجلة «شتيرن» لنشرها ثم اعتذرت للقراء عندما اكتشفت زيفها.

ولايزال للكوميديا الخفيفة في السينما الألمانية مناطق جذب مهمة في اهتمامات المتفرج الألماني بدليل نجاح أفلام مثل فيلم المخرجة دوريس دوريه «لا أحد يحبني» وفيلم زونكة فورتمان «المنفعل».

ولا يقتصر الاهتمام والجذب علي السينما الكوميدية فقط لأن هناك نجاحات ملحوظة أيضا في أفلام الحركة وأفلام الرعب مثل فيلم رومولد كار ماكرز، «صانع الموت» ومع هذه الأفلام هناك اتجاهات السينما التجريبية مثل فيلم «لولا تجري» من إخراج توم تيكفر وفيلم «شارع الشمس» للمخرج الذي بدأ مسرحيا وتحول للسينما لبياندر هاوسمان، كما قدمت المخرجة كارولين لينكس فيلمها «ليس في أي مكان في إفريقيا» وقد حصل هذا الفيلم علي جائزة الأوسكار كأحسن فيلم أجنبي.

لقد قبلت السينما الألمانية التحدي وكانت علي مستوي التحديات مثلما كان الشاب الكسندر علي مستوي التحدي الذي واجهه وهو يتابع إفاقة أمه من الغيبوبة في فيلم «وداعا.. لينين».

بدليل اجتذاب هوليوود لعدد من أشهر نجوم الإخراج في السينما الألمانية وحيث نجحوا في تقديم أهم الأعمال السينمائية الأمريكية الجديدة ومنهم المخرج فولفجانج بيترذن والمخرج رولاند إيمريش.

جريدة القاهرة في 7 فبراير 2006

في «ملاكي إسكندرية».. توليفة بوليسية و«شياكة» سينمائية وحضور لافت

عرض وتحليل: عماد النويري 

هذا فيلم يمثل مفاجأة (بالنسبة إليّ على الاقل) لانه جاء مختلفا عن المألوف والسائد، ويقدم توليفة جيدة الصنع الى حد كبير، ويمكن القول انه يمثل مغامرة فنية حقيقية ناجحة ساهم في صنع نجاحها قصة محبوكة، وسيناريو متماسك ومشوق، وتمثيل راق فيه الكثير من الجهد، وتصوير يديره فريق متفهم لطبيعة الموضوع، وإضاءة متناغمة، ومونتاج يعرف جيدا وظيفته، ثم إخراج يجمع كل تلك العناصر ليقدم واحدا من «أشيك» الأفلام التي قدمت خلال السنوات الخمس الماضية.

قضية وعشيقات القتيل

نحن امام جريمة قتل قد وقعت بالفعل ومن اول مشهد وكل الدلائل تشير إلى زوجة القتيل (غادة عادل) باعتبارها المستفيدة الكبرى من قتل زوجها (خالد زكي) الذي نعرف مع تطور الأحداث انه كان على وشك حرمانها من الميراث. ولكن المحامي الشاب (أحمد عز) يؤمن ببراءتها ويتبنى قضيتها ويتعاطف معها، وكما يبدو فانه يقع في حبائلها وحبها، ويحاول إقناع هيئة مكتب المحاماة الذي يعمل فيه بقبول قضيتها، لكن المحامي الكبير صاحب المكتب (سامح الصريطي) يرفض تبني القضية لإحساسه أنها قضية خاسرة.

ويقرر المحامي الشاب بعد مشاجرة مع المحامي الكبير صاحب المكتب الاستقالة ليبحث وحده عن أدلة براءة موكلته الزوجة الجميلة. ويبدأ المحامي في التقرب من ابن القتيل (محمد رجب) الذي يتضح انه تشاجر مع أبيه قبل أيام من جريمة القتل، كما يتضح انه كان في مكان الحادث يوم الجريمة. ويتقرب المحامي أيضا من سكرتيرة القتيل (نور) التي يتضح انها على علاقة مشبوهة مع الأب والابن، ونعرف أنها كانت إحدى عشيقات القتيل ثم صارت عشيقة للابن أيضا. وينجح المحامي الشاب في جمع الأدلة التي تدين السكرتيرة ويزج بها في السجن، ويستطيع الزواج بحبيبته الزوجة الشابة بعد تبرئتها.

تمر سنوات، وبطريق الصدفة يكتشف المحامي الشاب خيطا جديدا في القضية، حيث نعرف ان زوجته كانت طرفا في مؤامرة كبيرة شارك فيها صديقه المحامي (خالد صالح) وأيضا شقيق الزوجة (محمود عبد المغني)، ونتأكد ان الزوجة شاركت في جريمة القتل التي خرجت منها مثل الشعرة من العجين.

وتطلب الزوجة من زوجها المخدوع ان يسامحها، لكنه لايستطيع أن يخالف ضميره وقناعاته، فيطلب فتح ملف القضية من جديد.

تشويق وتوليفة صالحة

الفيلم (القصة والسيناريو) يقدم اذن توليفة صالحة للاستعمال الحركي البوليسي (الاكشن) ومثل هذه التوليفة تحتاج الى إخفاء المتهم الحقيقي حتى آخر لحظة، وتحتاج الى براعة في كتابة السيناريو، وتحتاج الى تقديم وتأخير بعض الأحداث، وتحتاج الى اكثر من متهم لهم مصلحة في جريمة القتل. وقد نجح محمد حفظي بامتياز في صياغة سيناريو مشوق عامر بالتشويق والإثارة على رغم استلهامه لحبكة فيلم «التحليل الأخير» الذي قام ببطولته ريتشارد غير وكيم باسنجر، واستطاع ان يقدم مشاهد قصيرة وحوارات قليلة قابلة للترجمة المرئية في حالة وجود مخرج متفهم لطبيعة الأحداث.

وهنا نشير الى ان كاتب السيناريو هو محمد حفظي الذي قدم من قبل بعض الأعمال التي حققت نجاحات على مستوى النقد وعلى مستوى شباك التذاكر، وكان من هذه الأعمال «السلم والتعبان» و«تيتو».

عناصر الفيلم وحضور لافت والفيلم (الفن) استطاع ان يقنعنا ويشد انتباهنا، فقد توفر للنص المكتوب مخرجة على دراية كافية بعناصر الفيلم المختلفة. فقد نجحت المخرجة ساندرا نشأت في ادراة الممثل وتوجيهه بالشكل المطلوب، واستطاعت ايضا ان تعيد اكتشاف العديد من الممثلين من خلال تقديمهم فى أدوار مختلفة.

فاحمد عز تفهم جيدا شخصية المحامي وقدم الأداء السهل الممتنع، وكان مقنعا في وقوعه في الغرام، وفي بحثه عن الأدلة، وكان مقنعا أيضا في صدمته في نهاية الفيلم.

وأدت غادة عادل دور الزوجة المتهمة المظلومة المجرمة باقتدار، لكن شخصيتها كانت تحتاج الى توضيح اكثر، وكان من المهم إبراز بعض نواياها الشريرة، وكان من المهم من خلال الأداء ان تجعلنا لا نتورط في التعاطف معها منذ البداية وحتى النهاية.

وقدمت نور دورا يحسب لها عندما نجحت تماما في تجسيد دور السكرتيرة الشريرة، وتحكمت ببراعة في أدواتها التمثيلية الداخلية والخارجية. ونجح خالد صالح في تقديم شخصية الصديق المخادع وكان له حضور لافت.

وفي حدود المرسوم قدمت الشخصيات الثانوية أدوارها بتمكن، ويمكن الإشارة إلى تفوق محمود عبد المغني وخالد زكي وسامح الصريطي وريهام عبد الغفور. وتفوق محمد رجب في تأدية شخصية الابن، فقد قدمها كممثل كبير في دور صغير.

استخدام ناجح للكاميرا

نجحت المخرجة في توظيف زوايا التصوير وتوظيف الإضاءة لتقديم تشكيلة جميلة للقطة السينمائية. وتحركت الكاميرا بكل إمكاناتها، ومن خلال اللقطات العامة والمتوسطة والقريبة، لسبر أغوار الشخصيات إضافة الى اختيار أماكن جديدة للتصوير. ونجحت المخرجة أيضا في استخدام لقطات الفلاش باك السريعة والمتوترة لسرد ما يهم من أحداث. ومن خلال إيقاع مونتاجي متفهم (منى ربيع) استطاعت المخرجة ان تحافظ على ايقاع لاهث يتلاءم تماما مع طبيعة الموضوع، ولم تكن هناك لقطات مجانية لا لزوم لها.

وعلى رغم ان الموسيقى التصويرية كانت حافلة بإيقاعات والحان غربية، الا انها ساعدت كثيرا على ابراز مشاهد الحركة وتصعيدها بالشكل المطلوب، على رغم اننا شعرنا احيانا ان هناك مبالغة في بعض المطارادات مثل مطاردة الموتوسيكل ومطاردة القطار ومطاردة الحفل الخيري.

لكن لا يمنع ذلك ان نصل الى قناعة باننا بصدد فريق عمل متعاون ومتكاتف لتجسيد رؤية مخرجة تعرف ما تريد، وتعرف كيف تتحكم في مفردات لغتها السينمائية.

فيلم « ملاكي اسكندرية» له مذاقه الخاص بين ركام انتاجات السينما فى الفترة الاخيرة ويستحق المشاهدة.

الحياة اللبنانية في 13 يناير 2006

 

سينماتك

 

محمد خان في "بنات وسط البلد"

أحلام تركض للحاق مترو الضواحي الأخير

هاني درويش

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك