السينما الإماراتية مصطلح لا يعترف به البعض، ولكن بالمقابل يجد اهتماما ملحوظا وحبا من مجموعة من الشباب والفتيات الذين مارسوا استمتاعهم بالفن السابع رغم وجود دوامة من العقبات والصعوبات التي لا تنتهي وتظهر لهم على الدوام. وهذه الصعوبات تتمثل في فقر التمويل ولا مبالاة المسؤولين بالأعمال التي يقدمونها وإحباطات النقاد. ورغم كل ذلك استطاع الإماراتيون أن يثبتوا خلال السنوات الماضية أنهم دخلوا للمجال بطريقة صحيحة وتسلقوا سلم السينما خطوة تلو الخطوة يرفعون راية حلمهم بصناعة قاعدة سينمائية ثرية، فهاهم يحصدون جوائز محلية وعربية وعالمية، إضافة إلى صورهم التي تحتضنها بعض الصحف الغربية، إلى جانب استحداث مسابقات ومهرجانات سينمائية في الدولة والبقية في الطريق. للوقوف على واقع السينما الإماراتية اليوم نتحدث مع مجموعة من السينمائيين عن الإحباطات والنجاحات والمتوقع. يشير مسعود أمر الله آل علي مدير مسابقة “أفلام من الإمارات” إلى واقع السينما الإماراتية اليوم فيقول: أعتقد أنه لدينا حركة جميلة تتولد في السينما بشكل عام والإنتاج بشكل خاص، إضافة إلى أن وجود ثلاثة مهرجانات فنية في الإمارات، استحدثت في وقت قصير من بعد قيام مسابقة “أفلام من الإمارات”، أسهم في تحريك الجو في الإنتاج السينمائي لدينا، فاليوم لدينا سنويا ما يقارب 70-80 فيلماً قصيراً، ومع وجود صالات كثيرة لعرض الافلام، في حين كانت السينما مغيبة في أواسط الثمانينات إلى أواسط التسعينات. ووجود هذه التجهيزات إلى جانب ظهور بعض المؤسسات التي تهتم بالسينما يخدم أيضاً الحركة السينمائية في الدولة، وأعتقد أن الإمارات تعتبر الاقوى بين دول الخليج الأخرى التي تأخذ منحى السينما بحركة أنيقة وبتطور منظم، رغم أنه وعلى صعيد الإنتاج ما زالت الحركة بطيئة، كما أنه لا توجد مؤسسات تدعم الشباب المهتمين بالسينما، فالأفلام المنتجة في الوقت الحاضر حالات فردية بحيث ان كل مخرج يدفع من أمواله الخاصة لإنتاج فيلمه، ومثل هذا العائق ومع غياب معهد أو كلية لتدريس السينما وليس الفيديو أو التلفزيون، فإن الوضع الحالي لا يساعد على دفع الحركة السينمائية الإماراتية بشكل أفضل نحو الامام، ولكن بشكل عام نحن متقدمون خطوة نحو الأمام عن الدول الأخرى في الوطن العربي. ويضيف: إنتاج 70 فيلماً سنوياً في الإمارات رقم جيد مقارنة مع دول لها عراقتها في الحركة السينمائية، وأعتقد أن الخطوات الحالية جميلة، لكنها محتاجة إلى دعم أكثر وتحتاج إلى تنظيم حتى لا تكون عشوائية، خاصة وأن المخرجين يتعبون عليها كثيرا كون ان الإنتاج الحالي من جيبهم الخاص، إضافة إلى أن وجود مهرجانات سينمائية في الدولة، مثل مهرجان دبي السينمائي وبهذا الحجم الكبير، يساعد الشركات على أن تفكر بشكل آخر، إذ إن كل شخص سيفكر بأنه سيجد مكاناً لعرض الفيلم الذي ساهم في إنتاجه ودعم ميزانيته. كما أن وجود مدينة دبي للاستوديوهات، والتي ستفتح أبوابها أمام المخرجين، يعتبر عملاً ايجابياً يثري الحركة السينمائية ويدفعها للأمام. وعن مسابقة أفلام من الإمارات يقول: الأهم بالنسبة لنا في المسابقة الآن هو الجودة، فعلى مدى السنوات الخمس الماضية كنا نفتش عن الكم، كما كنا نتغاضى عن بعض الشروط المتعلقة بجودة الفيلم وفكرته، لندفع الشباب للاهتمام بالمجال السينمائي لتطبيق أفكارهم على أرض الواقع، ولكننا في هذه السنة قررنا الاهتمام بالنوعية، لأنه على ما أعتقد أن خمس سنوات كافية لترسيخ مفهوم السينما، وأطمح أن تكون الافلام المقدمة لهذا العام أكثر جودة، وأظن انه على مدى السنوات الماضية كانت لدينا مجموعة افلام جيدة جدا، خاصة وأن بعضها استطاع أن يحصل على جوائز عديدة. ويتابع: الشباب الذين استمروا معنا منذ بداية دورة المسابقة وحتى اليوم، نضع عليهم أملا كبيرا فلعبة السينما تتوقف عليهم، لأننا نطمح أن نرى أفلاما جميلة تشارك في المسابقات والمهرجانات المحلية والخارجية، وتنقل صورة حسنة عن الإمارات وتغير الصورة السلبية عن المخرجين في الخليج، خاصة أن الفيلم أقوى وسيلة لعكس واقع أي مجتمع، ولنقل الصورة الحقيقية عن الإماراتي سواء عند العرب أم الغرب لأننا لسنا شعباً يشرب البترول من الصباح للمساء كما تعتقد بعض الشعوب. قلة الوعي صالح المرزوقي مخرج ومصمم جرافيكس يقول: لايخفى على الجميع القفزات الكبيرة التي نراها كل يوم من خلال تطور أعمال المخرجين الإماراتيين وهذا الأمر يدل على رغبة أكيدة في الارتقاء بالسينما الإماراتية لأقصى الحدود مما يبشر بمستقبل واعد لنا للوصول للعالمية ومنافسة أقطاب السينما العالمية. وبإمكاننا يوما ما ان نقود السينما العربية للمنافسة، بشرط تفعيل عملية الاهتمام بنا كشباب إماراتي واعد ومخرجين لنا رؤيتنا الفنية والقدرات المتميزة ونستطيع ومن خلال دعم أكبر من المؤسسات ذات الصلة ان نصل وبسهولة، والمهم في الامر أن نجد هذا الدعم والتسهيلات الكثيرة التي تنقصنا من ناحية التراخيص الإعلامية والامنية وكذلك الاجهزة الفنية التي تعنى بالسينما بشكل أساسي ومباشر. كذلك يجب ألا نغفل عن نقطة ان السينما الإماراتية الآن في مرحلة عنق الزجاجة إن صح التعبير، نظراً لأنها تجد الحماس والرغبة الكبيرة من قبل المخرجين الإماراتيين وبعض المهرجانات المحلية ومن جهة اخرى نجد التجاهل الأعظم من المؤسسات الإعلامية المرئية بشكل أساسي في نشر هذا النشاط الضخم. ويضيف المرزوقي: على الجانب الآخر نجد أن رجال الأعمال والشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية تمتنع بل وتقلل من قدر السينما ودورها في إخراج الهوية الإماراتية إلى خارج الحدود الإقليمية وتصل بها للعالمية، وأكبر دليل على ذلك أن السينما الأمريكية وكذلك الهندية أسهمت بشكل كبير في نشر ثقافات أمريكا والهند على نطاق شمل العالم بأجمله، فلماذا لا نجد المبادرة من هنا في دولة الإمارات ؟ لا اعتقد بأن الإمكانات المادية هي السبب ولكن قلة الوعي بأهمية السينما هي السبب الأول، لكننا سنستمر في محاولاتنا لعلمنا ويقيننا بأن السينما الإماراتية فريدة من نوعها بل ومن اجمل السينمات العربية على الأقل. نواة سينمائية ياسر القرقاوي منسق الفنون المسرحية والسينمائية في مجلس دبي الثقافي ومؤسس مجموعة “صقر الصحراء” السينمائية، يقول: الأفلام الحالية التي نشارك بها أغلبها أفلام مستقلة بذاتها، أي أنها بعيدة عن رقابة الحكومة والمؤسسات التجارية وليست تجارية، وهذا النوع من الأفلام أغلبها قصير، وهدفها غير ربحي، بل الهدف منها تكوين النواة السينمائية للإمارات، وعندما بدأنا العمل كان تعب المجموعة بالكامل يذهب لصالح المخرج ولم يجد هذا الامر قبولا بينا، فلم نحب أن يكون العمل باسم المخرج فقط، فأوجدنا المجموعات السينمائية وهي تعمل بشكل فريق مستقل، وممكن أن يتغير أعضاؤها من عمل لآخر. ويقول عن العوائق التي تواجههم: التمويل المادي الذي نفتقده لأفلامنا يعتبر من أكبر العوائق، فجميع الأفلام التي صنعناها أنفقنا عليها من جيوبنا، فمنذ بداية مشوارنا وإلى يومنا هذا والتمويل شبه معدوم، رغم أن كل شخص منا لديه التزاماته الخاصة وإعداد الفيلم يكلف مبلغاً كبيراً، فعندما يدفع شخص أربعين أو خمسين ألف درهم من جيبه الخاص وهو واثق من أن هذه الأموال ستحرق في العمل ولن ترجع له لأن أفلامنا ليست تجارية، حينها نصاب ببعض الاحباط. ويواصل: للأسف عندما نقدم عملا جديدا، نقابل بالإحباط والتحطيم بدلاً من التشجيع، رغم أنه أي انسان سيذهب للسينما أو يفتح قناة تلفزيونية ليشاهد فيلماً ما، ربما في نهاية المطاف لن يعجبه بالرغم من أن الفيلم ربما يكون كلف الملايين، فالخطأ وارد سواء في الأفلام الكبيرة أم الصغيرة، وما زلنا في بداية المشوار ويكفينا أن نسمع كلمة “الله يعطيكم العافية” وإذا لم نخطىء اليوم فمتى سنتعلم ؟ وإلى يومنا هذا لا أعتقد ان أحداً ما منحنا حقنا في الدولة بخلاف مسابقة “أفلام من الإمارات” كونها المتنفس الوحيد لأعمالنا وهي لقاء سنوي للمخرجين والممثلين والمؤلفين والمصورين وكل المهتمين بالسينما، أما عن مهرجان دبي السينمائي فمازال لم يمنحنا حقوقنا خاصة وأنه خصص خمس مشاركات إماراتية فقط للعرض فيه. ويضيف: ومن المؤسف بصراحة أن الأعمال الإماراتية تلقى قبولا واهتماما خارج حدود الدولة فقط، نحن بحاجة لقاعدة تحتضن مواهبنا وأعمالنا، ونسعى في المستقبل القريب لإنشاء جمعية للسينمائيين. هذه الرؤية المتشائمة لا يتبناها جميع السينمائيين، فهناك رضا لدى البعض عما تحقق، فهاني الشيباني مخرج وهو صاحب “حلم” أول فيلم طويل جماهيري يقول: قبل أربع أو خمس سنوات لم يكن لدينا صناعة سينمائية حقيقية في الإمارات، ولكن اليوم نرى أن الوضع اختلف كثيرا والسينما لدينا ارتقت خطوات جيدة في سلم الاحتراف، فأصبحت لدينا أفلام تطلب بالاسم للمشاركة في المهرجانات الخارجية، كما أن الاعلام بدأ يهتم بهذا المجال، وبدأ يظهر على السطح اهتمام المسؤولين والشيوخ لحضور العروض التي نقدمها، كما أن الناس بدأت تعي مفهوم السينما الإماراتية، وبدأ الأمر من باب الفضول وحب الاطلاع ليتحول إلى اهتمام والبحث عن آخر الأخبار، لكن حتى الآن لم يترجم هذا الاهتمام لواقع ينظم مسيرة السينما، فنحن بحاجة لصندوق لدعم السينما، بحيث تكون هناك خطة واضحة لدى الدولة، لنقل وجهة النظر الإماراتية للخارج عن طريق الاعمال المصورة، فالسينما الإماراتية تطورت وأصبحت تقدم عروضا مشرقة، ولكن المشكلة تكمن أن جميع الاعمال المطروحة تعتمد على جهود ذاتية، كما أننا نفتقد وجود معاهد لتدريس علوم السينما، وهذا الجانب لا يجب أن يترك للاجتهادات الفردية. عبدالحليم قائد مخرج وأول أفلامه قدمها عام 1989 يقول: قبل مسابقة “أفلام من الإمارات” كانت السينما ظاهرة نتجت بين هواة من الشباب أنتجوا مجموعة من الأفلام لمجرد الهواية، ولكنها ومع بدء المسابقة تحولت إلى واقع، إذ قام الشباب يتنافسون فيما بينهم لتقديم الأفضل، وتغيرت نظرتهم للأفلام، ومفهوم الفيلم القصير الذي كان مسيطرا على الاعمال المقدمة في السابق بدأ يتغير، فها نحن نرى تجارب لأفلام طويلة تجسدت على أرض الواقع، وهناك أيضا أفلام طويلة أخرى ستقدم في المستقبل القريب، كما أننا نرى أن مدينة دبي للاستوديوهات جاهزة لتمسك بزمام الأمور وتقدم ميزانية كبيرة لإنتاج الأفلام التي كلفت الشباب كثيرا في بداياتهم، كما أنها الزمت إحدى الشركات أن تأخذ عقود الأفلام وتدعمها مادياً، وأظن أنه خلال العشر سنوات القادمة سنشهد وضعاً جديداً للسينما، ويجب علينا أن نضع في رؤيتنا للسينما أن الافلام تنقسم لقسمين فني وتجاري وهو الذي يبحث عما يحبه الجمهور بغض النظر عن أهمية الفكرة وهو الفيلم الذي ينجح في النهاية. وعن العوائق التي تقف في وجه المهتمين بالسينما يقول: إلى جانب التمويل والدعم المادي، نحن بحاجة لاهتمام المسؤولين بنا، فعلى سبيل المثال مهرجان دبي السينمائي لم يمنح المخرجين الإماراتيين حقهم، فمن بين 15 فيلماً كان من المقرر عرضها اكتفوا بخمسة أفلام، رغم أنه من المفروض على الأقل أن يمنح 25 فيلماً فرصة العرض لأن أفلامنا ما زالت قصيرة، وعلى المهرجانات المحلية أن تهتم بالحركة السينمائية في الإمارات. “اهتمام” إلى جانب التمويل والدعم المادي، نحن بحاجة لاهتمام المسؤولين بنا، فعلى سبيل المثال مهرجان دبي السينمائي لم يمنح المخرجين الإماراتيين حقهم، فمن بين 15 فيلماً كان من المقرر عرضها اكتفوا بخمسة أفلام. الخليج الإماراتية في 3 فبراير 2006 |
فيلم الأسبوع.. «سجلات نارنيا» بقلم : يحيى القيسي من الواضح أن الاهتمام بإعادة إنتاج قصص الأطفال سينمائيا صار ملمحا للأفلام الهوليودية الجديدة، فبعد أن كانت حبرا على الورق، خرجت إلى الصورة في ظل التطور الهائل للتقنيات الكمبيوترية، بحيث غدا التفريق بين الخيالي والواقعي أمرا متعذرا، وقد أشرت في غير مقال إلى أفلام من هذا النوع مثل : الرجل الوطواط، مدينة الخطيئة، سوبرمان، هاري بوتر، وغيرها التي كانت في الأساس قصصا للأطفال أو الفتيان اليافعين، ولكن المفارقة أن الإقبال عليها من الكبار يفوق الصغار كونها تحفز الخيال، ومتقنة الإنجاز،وها نحن أمام سلسلة كتب تنتمي إلى الخمسينيات من القرن الماضي لمؤلفها سي.أس. لويس وهي بعنوان «سجلات نارنيا» أو «أحداث نارنيا»، التي جاءت في سبعة كتب أو أجزاء وقد اختار المخرج آندرو أدامسون أن ينجز منها واحدا هـــو The Chronicles of Narnia: The Lion, the Witch and the Wardrobe وقد جاء الفيلم في 139 دقيقة، وبدأت عروضه منذ فترة قصيرة في دور السينما العالمية والمحلية، ولاقى وما يزال إقبالا كثيفا، وأول ما يلاحظ المشاهد لهذا الفيلم تلك العوالم الغريبة التي نفضت عنها التقنيات الحديثة النقاب بحيث أصبحت متاحة دون أن يشعر المشاهد بأنها مصنوعة، وثمة مقولة لمؤلف «أحداث نارنيا» في العام 1959 أنه يخشى أن تتحول كتبه إلى أعمال سينمائية، وربما معه حق في ذلك الزمن المبكر قبل نصف قرن، فربما يستبدلون بحيواناته الأثيرة دمى أو أناس يلبسون فرواتهم، ويمثلون أدوارهم، ولكن لو رأى لويس قصصه في الفيلم الجديد بكل تلك الحرفية العالية في التعبير عن الشخصيات لربما أصيب بالدهشة..! يروي الفيلم حكاية أربعة أطفال (بيتر، سوزان، إدموند، لوسي) من لندن، وهي تتعرض للقصف العنيف من النازيين في الحرب العالمية الثانية، وكيف أن أمهم أرسلتهم بالقطار إلى بيت آمن في الريف بعيدا عن مناطق القصف ريثما تتبدل الأحوال، وهناك في الفيلا الواسعة للبروفيسور الغامض، تكتشف لوسي (جورجيا هيلني) خزانة للملابس تختبىء فيها أثناء لعبة الاستغماية، وتقودها إلى الخارج حيث «نارنيا» المنطقة الغريبة التي تعيش تحت وطأة الثلج، وتتعرف على كائن غير بشري نصفه الأسفل ينتمي إلى الماعز، وله شبه بالإنسان في نصفه الأعلى، ويدعى «فون»، وهو حسب الميثولوجيا أحد آلهة الحقول والقطعان عند الرومان، وتتطور الحكاية حين تعود لوسي إلى الخزانة من جديد، وفيما بعد تقود أخوانها الباقين إلى عالم نارنيا، وهو عالم يزخر بالعجائب، والغرائب، فثمة الساحرة البيضاء ( تيلدا سوينتون )وهي تتحكم بنارنيا وأهلها، وتسومهم العذاب، وتمثل هنا رأس الشر، أو لنقل الشيطان، بل جمدت أرضهم الجميلة لقرن كامل، ونتعرف أيضا على قندس وزوجته، وهما يتكلمان ولديهما وعي مثل البشر كما يبدو لنا، وهذا ينطبق على بقية الحيوانات مثل الأسد والذئاب والنسور فهي كلها متكلمة، وبالطبع يتم فرز قوى الشر وقوى الخير لتتصارع، وتحاول الساحرة إقناع إدموند (إسكندر كينيس) ليكون إلى جانبها، وتنجح لبعض الوقت مستغلة جشعه ليصبح أميرا، ونتعرف أيضا إلى الملك أصلان (الأسد) ويقوم بأداء صوته الممثل المعروف ليام نيسون، وهو هنا يمثل دور رأس الخير، الذي يجيش أتباعه للحرب الشاملة ضد الساحرة وقواها، من الحيوانات وأشباه الحيوانات التي ذكرت في الأساطير مثل القنطور ( نصفه بشري ونصفه حصان )ويبدو ليام نيسون هنا مجسدا بشكل أسد، فالأداء الصوتي مقنع كثيرا، ويبدو هذا الفارس القادم من أعماق القرون الوسطى، كما في فيلم «ملكوت السماء» حالا في جسد غير بشري، وربما هذا ينطبق أيضا على من قام بأداء الأصوات للقندس وزوجته، وللذئاب، وعلى كل حال نتعرف أيضا إلى نبوءة نارنيا التي تقول بأنها ستتحرر من الظلم وينتهي عصرها الجليدي حين يصلها اربعة من البشر يقودون المعركة النهائية ويعيدونها إلى السلام والاطمئنان، وهكذا يندمج الأخوة الأربعة في هذا الدور، وهم إضافة إلى لوسي، وإدموند، سوزان ( آنا بوبلويل )، وبيتر ( ويليام موسيلي ). وقبل التوغل في مجريات الأحداث، يبدو أصلان الأسد هنا كما يريده المخرج والمؤلف ممثلا لدور المسيح المنتظر، فهو يضحي بنفسه من أجل الأخطاء التي ارتكبها إدموند، ويموت ثم يبعث حيا ويقود المعركة النهائية ويقتل الساحرة، ويهزم جيشها، وهي هنا تبدو كما أشرت ممثلة للشيطان، أو الدجال الذي سيظهر آخر الزمان، حسب ما تنتظره الأديان السماوية، فهي تقود المسوخ من الحيوانات والبشر، وقائد جيشها يدعى المونيتور الذي يشبه الثور، ولديها قوة سحرية ظلامية قادرة على تحويل أعدائها إلى تماثيل، وعلى كل حال تبدو بفستانها الساتان بشرية الطابع، ولكنها ساحرة قد وضعت نفسها في خدمة الشر،وربما لهذا سيكون عليها أن تواجه بشرا مثلها من الأخيار في المعركة الفاصلة التي تتكاثف فيها الكائنات كلها من الطير والحيوانات والبشر. ولكن، وكما يحدث في كل الحكايات الموجهة للأطفال، وبعد جهد جهيد وخسارات، فإن الأخيار هو الذين ينتصرون ليعيدوا السلام إلى الأرض، أرض نارنيا هنا،حيث نرى الأشجار قد عادت إلى خضرتها وازينت ببهجتها، وزال عنها سحر الأشرار، ويصبح هؤلاء الفتية الأربعة ملوكا على أطرافها، وتبدو نارنيا أسطورة تركية أناضولية تم تحويلها لحكاية إنجليزية الطابع، ويبدو أن الحكايات البشرية متشابهة الطابع، وقادرة على الانتشار من بلد لآخر، والتحول إلى عناصر ذات طابع محلي في اللغة والأحداث والشخصيات، وهذا أمر جرى مع أعمال كثيرة، وأشير إلى «ألف ليلة وليلة» نموذحا. ولكن بعيدا عن الحكاية، كيف تم إنجاز مثل هذا العمل المذهل، ولا سيما معركته النهائية التي تعد عملا في غاية الروعة والإتقان، وكيف استطاعت التقنيات الكمبيوترية وأفكار الفنانين الخلاقة أن تجسد تلك الكائنات الميثولوجية، التي لا أساس لها إلا في خيال كتابها، لتصبح كائنات حية، وكيف تضافرت قوة الإخراج مع الأداء المقنع، لتصنع هذا الفيلم، الذي كما أشرت في البداية تزاحم عليه الكبار قبل الصغار ؟ تلك أسئلة يبدو أنها أصبحت متاحة الإجابة في ظل ما توصلت إليه السينما الأميركية تحديدا، والغربية عموما إلى تطوير في مجال المؤثرات البصرية والسمعية، فليس الأمر مقتصرا على بناء شخصيات غريبة، وتحريكها، وإنطاقها بحيث تشابه البشر، إنما أيضا إلى بناء مدن كاملة، وأشجار،وقصور، وأراض شاسعة، وكائنات تعمرها، وهذا سيقود في المستقبل القريب إلى إعادة أنتاج الأفلام التاريخية الضخمة، والتركيز على الأفلام الغرائبية إضافة إلى ما سبق إنجازه، وبناء الحضارات المنقرضة، وأحوالها، وهذا أمر يساهم في تطوير الأفلام الوثائقية بشكل فعال، كما أن المستقبل وما ينتظرنا من أحداثه سيكون متاحا أيضا بشكل أكثر إقناعا مما ورد في سلسلة أفلام «حرب النجوم» مثلا، وستظل هذه النوعية من الأفلام قادرة على جذب مشاهديها ممن تستهويهم لحظات من الخروج عن نمط الحياة اليومية المرهقة، إلى عوالم أكثر جمالا، وأقرب إلى الأحلام. الرأي الأردنية في 3 فبراير 2006 |
صناعها متفائلون بمستقبلها السينما الإماراتية.. حقيقة رغم المعوقات تحقيق: عزا الكعبي |