كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

جديد الموقع

 

ولدت السينما المصرية فناً للأجانب المقيمين ـ كجاليات ـ في مصر، أواخر القرن التاسع عشر. فرنسيون ويونانيون وأرمن هم أول من أداروا كاميرا سينمائية وسجلوا الدقائق الأولى لأول شريط سينمائي مصري، في الوقت الذي كانت فيه مصر تخطو بسرعة لافتة إلى العلمانية والليبرالية، وتخوض الكفاح الوطني ضد الاحتلال البريطاني والقصر الملكي المتحالف معه!

كان المناخ مهيأ لسينما لا تمس الدين من قريب أو من بعيد، سينما علمانية تماماً كالسينما الهوليودية والأوروبية، فإذا ظهر فيها شيخ معمم، فهو (مأذون) أتى يزور البيت لعقد قران أو لطلاق، أو هو مقرئ في عزاء أحد أصحاب الأدوار في الشريط السينمائي.

وظلت السينما المصرية لا يظهر فيها رجال الدين، ولا تتعرّض لأية أفكار دينية من أي نوع حتى بعد أن تم تمصير السينما في الثلاثينات. لقد حافظ صناعها المصريون على طابعها العلماني الأوروبي. حتى حين كانت الكاميرا تنتقل إلى الحارة الشعبية لتصور ما يجري فيها، كان أهل الحارة بعيدين تماما عن طرح أية فكرة أو شعار ديني!

وإلى العام 1950 ظلت السينما المصرية كذلك، حتى ظهر أول شريط سينمائي ديني هو "بيت الله الحرام"، ليتلوه 14 شريطاً كان آخرها "الشيماء" في العام 1973، وهي جميعاً أشرطة تتناول إما الدعوة النبوية الشريفة أو حروب الاسلام وانتصاراته، أو الخلفاء الراشدين، أو سير بعض المتصوفة وآل البيت!...

مرت الأشرطة كحصص تاريخ، أحبها الناس دون النقاد الذين رأوا في أغلبها تسطيحاً لفكرة الدين في الدراما. لكن ثمة انتباها جديداً طرأ على الفن السابع في تناوله لفكرة الدين. فبعد أن قدمت السينما الإسلام، أخذت في السبعينات تتناول الإسلاميين، وهي توسعت في تناولهم، حتى ظهرت سلسلة أشرطة سينمائية في التسعينيات مخصصة عن الإرهاب والإسلام السياسي، والطرح الإسلامي في الشارع المصري عموماً.

ومع حصول جماعة الاخوان المسلمين (المحظورة) على 88 مقعداً في البرلمان المصري (أي 20 بالمئة من جملة المقاعد)، توقع السينمائيون والمثقفون أمراً من اثنين: إما ظهور أشرطة تنتصر للإسلام السياسي أو تتعاطف معه، أو أشرطة تكشف هذا التيار وتعاديه، وهو ما ظهر على شريط "دم الغزال" الذي بدأ عرضه مع موسم عيد الأضحى واستمر إلى الآن.. وهو سيناريو لوحيد حامد، وإخراج محمد ياسين وبطولة نور الشريف ومنى زكي ونخبة من النجوم.

دم الغزال

يتناول هذا الشريط قصة حقيقية حصلت في مصر بين 1991 و1994، حين وقع حي شعبي عتيق من أحياء الجيزة الملاصقة للقاهرة (هو حي إمبابة) تحت سطوة شاب من الجماعات الإسلامية تحوّل إلى التطرف الديني ومن ثم حمل السلاح وفي رفقته "جماعته" التي استولت على الحي في ما يشبه الدولة المستقلة، وأخذوا يطبقون حدود الشريعة الإسلامية الجنائية ـ في الشارع، وفي وضح النهار ـ على سكان الحي حتى انتبهت الدولة لذلك، وحررت الحي واستعادت السيطرة عليه، وكان ذلك في ذروة صعود المد الإرهابي في مصر (شهد هذا المد ذروته بين أواسط الثمانينات ومذبحة الأقصر 1997,.).

الشريط يتناول هذه القصة ـ قصة أمير إمبابة، أو رئيس جمهوريتها كما يقول عنه أهل الحي في الشريط! ـ ويتخذ من الفتاة الجميلة البريئة (تلعب دورها منى زكي) رمزاً للحلم الوطني المجهض، حيث ينتهي مصيرها بالقتل، في قلب المعركة التي خاضها الأمن ضد أمير إمبابة الذي كان اتخذ من الفتاة درعاً بشرياً له!

الشريط يصور كذلك الوجه الآخر لامبابة ـ التي هي مصر عند وحيد حامد في هذا الشريط ـ ذلك الوجه الذي تسكنه السلبية، والخضوع للحصانة الدينية "أحد أبطال الشريط قال: كيف نقول لا لرجل يقول في وجهنا لا إله إلا الله؟"، والوقوع في رهبة الجماعة الخارجة عن القانون والمجتمع، ورهبة الأمن في الوقت ذاته!

الشريط جاء مزامنا لحصول "الاخوان" على نسبتهم الكبيرة هذه من مقاعد مجلس الشعب، وكأنه صرخة تحذير من صعود المد الديني في المجتمع، العدل المعمد بالدم، والتدين المكرس بالقهر والعنف، والطهارة المطبقة بنفي الآخر وحرق مكتبات نوادي الفيديو والمقاهي... هذا هو "دم الغزال" آخر الأشرطة التي تناولت الإسلاميين في مصر إلى الآن!

ثكلتك أمك!

لنعد إلى الوراء 50 عاماً مثلاً! أشرطة العصر النبوي والدعوة الإسلامية، تلك التي كانت خالية من أي دعاية سياسية، لم يقصد بها صناعها سوى تعريف الأجيال الناشئة بصفحات من تاريخ الإسلام. وثمة نقاد، مثل علي أبو شادي مثلاً، يقولون إن تزايد هذه الأشرطة في عصر ثورة تموز ـ يوليو 1952، سببه رغبة الدولة في تحجيم أثر المد الشيوعي في مصر والعالم العربي.

والحق أن هذه الأشرطة واكبت نشاط جماعة "الاخوان" في المجتمع المصري، ذلك النشاط الذي تزايدت وتيرته في الأربعينات والخمسينات (وقد جرى حل الجماعة بعد الثورة بعامين...)، ولا يبعد أن تكون الدولة زايدت على "الاخوان" بهذه الأشرطة مثلما زايدت بها على الماركسيين...

لكن الأداة كانت ضعيفة. فالأشرطة، فنياً، محدودة البصر والبصيرة، أشبه بحصص تاريخ صماء، واتخذ البعض من عباراتها سخرية، وهي تلك العبارات التي تتردد في حوارات هذه الأشرطة بالفصحى القديمة مثل "ثكلتك أمك" والقسم بـ"اللات والعزى" وما إلى ذلك، ولم يعد ثمة استخدام لهذه الأشرطة إلا للبث في المناسبات الدينية كعيد رأس السنة الهجرية أو المولد النبوي الشريف أو شهر رمضان وما إلى ذلك من مناسبات!

نشطاء وإرهابيون

لم تظهر شخصية المشتغل بالعمل السياسي ذي الشعار الإسلامي سوى في مطلع السبعينات، وثمة أشرطة في تلك المرحلة غصت بالعظات والنصائح الدينية، وصلوات أبطالها فضلاً عن الوازع الديني الذي يحركهم طوال الوقت. حتى عناوين الأشرطة الاجتماعية العادية صارت مغموسة بالشعار الديني في تلك الحقبة التي حصل فيها الصعود الجديد للإسلاميين خلال عصر السادات (كأشرطة: "حكمتك يا رب"، و"بالوالدين إحسانا"، "يا رب ولد"، "يمهل ولا يهمل"... وغيرها).

وفي شريط "الكرنك" ـ 1975 ـ عن رواية شيخ الأدب العربي نجيب محفوظ ظهر اسم "الاخوان" صريحاً لأول مرة، وإن كان من منطلق لا يبشر بهم على الإطلاق. فالطلاب أبطال الشريط تقبض عليهم جهة أمنية في عصر عبدالناصر بتهمة أنهم من الاخوان، وبعدها بأسبوعين تقبض عليهم بتهمة أنهم شيوعيون! وهو منطق ساخر لدى نجيب محفوظ من "العمى الأمني" في العصر الناصري.

وفي خوض الدولة معركة سافرة ضد الإرهاب في عقدي الثمانينات والتسعينات، تفاعلت السينما وهذه القضية التي كانت بالأمس من المحظورات. ولأن هذه النوعية من الأشرطة الجادة لا يقدم عليها سوى سيناريست حقيقي ومثقف، ولأن أغلب المثقفين المصريين هم من اليسار، بصورة أو بأخرى، فإن السينما المصرية خاضت معركة شرسة ضد الإرهاب، وضد النشطاء الإسلاميين حتى ممن لا يحملون السلاح، وضد مطلقي اللحى للتربح من ورائها!

عادل إمام قدم شخصية النصاب في شريطه "كراكون في الشارع" ـ 1987 ـ حيث يتعرض عادل لاحتيال رجل ذي لحية وعلامة صلاة في الجبين يبيعه شقة باعها من قبل بعقود مزورة لأكثر من شخص! وفي 1994 قدم إمام شريطه المباشر تماماً بعنوان "الإرهابي" الذي تناول قصة التصفية الجسدية للمفكر والكاتب الراحل فرج فودة ـ 1989 ـ ولعب إمام فيه دور الإرهابي. ثم قدم شريط "طيور الظلام" ـ 1996 ـ وظهرت فيه شخصية محام كان في شبابه ناصريا ثم تحول إلى محام للجماعات الدينية في مصر وظهرت عليه أعراض ثراء مفاجئ، ولعب دوره الممثل رياض الخولي وهو في الشريط صديق لعادل إمام وهو أيضاً محام لكنه عضو في الحزب الحاكم ومتورط بقضايا فساد، وأكد الشريط التحالف القائم على مصالح مشتركة بين الفساد والتطرف! ولم ينس عادل إمام تقديم شخصية صاحب الشعارات الإسلامية مرة أخرى في شريطه "النوم في العسل" ـ 1997 ـ والذي يبيع الناس أعشاباً يوهمهم بأنها تزيد في فحولتهم الجنسية!

وقدم نور الشريف ـ إلى "دم الغزال" ـ شريطاً آخر هو "دماء على الأسفلت"، ظهرت فيه شخصية الفقير الذي يحوله الفقر والإحباط إلى إرهابي... وهي شخصية ظهرت في أكثر من شريط أهمها "يا دنيا يا غرامي" لليلى علوي وإلهام شاهين وهالة صدقي الذي يتحول فيه شاب فقير وعاطل من شخص رومانتيكي إلى شخص إرهابي قاتل (لعب دوره الممثل أحمد سلامه).

الطريقة الإيرانية

مع صعود كتلة الاخوان إلى البرلمان، وتصدر الشعار الإسلامي لنقاشات كثيرة حالية في الشارع المصري، صار السينمائيون يطرحون السؤال : هل تتحول السينما المصرية إلى النموذج الإيراني؟

السينما الإيرانية قدمت أشرطة رائعة، لكن في ظل نظام رجال الدين، فلماذا لا تتكرر التجربة في مصر؟ غير أن الفارق كبير، فالاخوان لا يحكمون، وقطاع كبير لا يتوقع لهم التمكن من الحكم ذات يوم.

فهل يلعب الاخوان لعبتهم المفضلة؟ المصادرة، الحذف، التشهير، سواء بالكتاب أو الشريط السينمائي، أم يتراجعون عن ذلك ليصنعوا لذاتهم صورة جديدة سياسياً؟ والسؤال الفني الأهم: هل ثمة أشرطة أخرى في الأفق عن النشطاء الإسلاميين؟ وهل ستكون معهم أم ضدهم؟

وحيد حامد صاحب "دم الغزال" و"طيور الظلام" و"النوم في العسل" يقول: أتوقع مع الانفتاح السياسي المتحقق في مصر الآن المزيد من الأشرطة الجادة عموماً بعيداً عن القالب الكوميدي الغالب في الفترة الماضية. وهذه الأشرطة الجادة لا يمكن أن تتجاهل الإسلاميين، ليس بسبب صعود الاخوان، بدليل أني كتبت "دم الغزال" قبل عامين ونصف العام من الانتخابات الأخيرة للبرلمان، وإنما لأن التيار الإسلامي بتنويعاته حاضر في المجتمع بالفعل، رفضنا ذلك أم قبلناه!

لكن كيف ستكون هذه الأشرطة؟ الله أعلم. ربما تفاجئنا أشرطة بطلاتها محجبات وأبطالها لا تفارق المسبحة أيديهم مثلما في السينما الإيرانية، وأشرطة أخرى تهاجم الإسلاميين وتضربهم في مقتل، مع بقاء بعض الأشرطة الكوميدية الفارغة من أي مضمون: فهذا "الائتلاف السينمائي" يحكي واقعنا السياسي تماما، هذا الواقع الموزع بين تيار إسلامي وآخر مثقف ليبرالي وثالث انسحابي وعدمي، والأخير هو الغالب!

وعن "دم الغزال" يقول حامد: أردت عبر هذا الشريط أن أؤكد جذور الإرهاب في المشهد الحالي من خلال مفهوم "الحصانة الدينية". إنها أسهل حصانة يمكن للإنسان أن ينالها في مجتمع فقير ويائس ومحدود الثقافة، وعلاجها لا يمكن أن يكون أمنيا فقط، فالعلاج الأمني المجرّد (قتل منى زكي في الشريط، التي هي رمز الحلم بالغد)! وأنا على المستوى الشخصي أفكر جدياً في عمل سيناريو عن الكيفية التي وصل بها 88 من الاخوان إلى البرلمان... وأعتقد أن غيري ربما تناوشه الفكرة ذاتها!

الحساسية السينمائية

النجم عادل إمام يقول: لا أخشى من "الإخوان" على السينما. لن يمدوا لها يد العسف والاضطهاد لأنهم لا يريدون خلع أقنعتهم الآن على الأقل. والسينما التي أرى أنها بخير إلى الآن لن تنحاز لهم، وإذا انحاز لهم البعض فسيكون ذلك في إطار محدود، وتلك حرية تعبير لا يمكن أن نصادر عليها. هم أيضاً لن يستطيعوا المصادرة على أشرطة كثيرة ستهاجمهم، وعندي يقين أن هذه الأشرطة ستتوالد في الفترة المقبلة!

الخوف الحقيقي، يتابع إمام، يأتي من حساسية بعض رجال الدين. فأنا أرى في رقابتهم التي يضعونها سلاحاً على رقبة السينما أحياناً سلاحاً فاتكاً بهذا الفن. من المفترض أن يكون رجال الدين فوق كل ذلك. الفن مسألة أخرى لا تخضع لتقويم دور العبادة، ولا أحب مشهد شيخ أو قس يقف في محكمة ليطالب بحجب شريط سينمائي عن الجمهور!

ويضيف عادل إمام: إذا ظهرت أشرطة في مصر على غرار السينما الإيرانية فسيكون ذلك أمراً رائعاً، من ناحية كون الشريط الإيراني الآن شريطاً عالمياً، يكتسح المهرجانات الدولية، لكن الخطورة في تعميم هذا النموذج السينمائي كونه يحوم حول الدائرة ولا يقتحم مركزها، فسيطرته ستعني أننا نعود إلى الوراء!

الكاتب أسامة أنور عكاشة الذي قدم "دماء على الأسفلت" يقول: "دم الغزال" وغيره من الأشرطة، جاءت لتناقش صعود المد الديني في المجتمع المصري. وصعود الاخوان مجرد حلقة في هذا المد، أو موجة فيه، وربما تنشط أشرطة تهاجمهم في الفترة المقبلة، وسيكون لها دور جيّد في كشف ضعفهم السياسي وافتقارهم لأية برامج حقيقية. لكنها، فنياً، ستكون مجرد موجة كموجة أشرطة "المخدرات" أو "الاغتصاب" أو"الأكشن" أو غيرها من الموجات التي انقضت.

وإذا كان الإسلاميون طالوا الكتب بالمنع أو المصادرة فإنهم لا يستطيعون ذلك مع الأشرطة السينمائية، بخاصة في العصر الراهن الذي ما إن يمضي على الشريط أسبوع عرض واحد في دور السينما، حتى يكون الشبان التقطوه بكاميرات الجوال أو الكاميرات الرقمية (الديجيتال) الصغيرة. لن يستطيع هؤلاء منع انتشار الأشرطة حتى لو كانت تهاجمهم!

أيقونة الإرهابي

الكاتب لينين الرملي صاحب شريط "الإرهابي" يقول: ببساطة أردت أن أقول إننا منذ هزيمة حزيران ـ يونيو 1967 فقدنا المنهج العلمي في حياتنا، وأقصد هنا آلية التفكير العلمي. صار ممكناً لأية قوة تملك أدوات التحكم أن تتحكم بنا، على المستوى المحلي ـ كالاخوان في الشارع ـ أو على المستوى الإقليمي كأميركا. هذا النسيج الفني اشتغلت عليه في "الإرهابي" وأعتزم الاشتغال عليه في سيناريو سينمائي قادم، ومع وضوح الوجود الإسلامي في الشارع ـ إن جازت تسميته بالإسلامي ـ أعتقد أن هذه الأشرطة ستتزايد، لأن المثقف المصري أصابه خوف حقيقي من صعود هذا التيار. ولا أعتقد أن أحد صناع السينما المصرية ستراوده فكرة صنع شريط مؤيد لهذا التيار، إلا إذا أخذ "الإخوان" خطاً جديداً في الترويج لأنفسهم بالسينما، وهذا غير متوقع!

أما النجم نور الشريف فيقول: لا أعتقد أن العداء التقليدي بين التيارات السلفية والتقليدية وبين السينما سينقلب وداً في صورة شريط سينمائي، ولن يرضى "الاخوان" حتى عن الأشرطة التي نقدمها في السينما. لكن من المنطقي مع صعود المد الديني في المجتمع أن تظهر أشرطة تفند الظاهرة وتقيم حولها حواراً وطنياً بناء!

وأقترح على صناع الأشرطة القادمة ـ التي ربما تتحول إلى موجة سينمائية ـ أن يؤصلوا جذور الإرهاب، الصادرة من أرض العشوائيات والبطالة واليأس.

أنا قدمت هذا بوضوح في "دم الغزال"، كيف يصنع المجتمع التطرف؟ كيف أن انقطاع خدمات الدولة من مياه وكهرباء ومواصلات وعلاج عن حي عشوائي ربما يفضي إلى انقطاع هيبتها وسيادتها عن هذا الحي بالكامل. هذا جرس إنذار يجب أن تدقه السينما مئة مرة بوضوح وصوت عال، لأن السينما لن تقدم حلا للإشكالية، بقدر ما ستقدم طرحا للنقاش حولها يؤصل لها، ويعري جذورها. الفنان ربما يقدم السياسة كخلفية لأعماله لكنه لا يحترف العمل السياسي، وعلى من يعملون بالسياسة أن يكونوا في طليعة مشاهدي هذه الأشرطة!

المستقبل اللبنانية في 5 فبراير 2006

أسعده التكريم في مهرجان القاهرة السينمائي

وحيد حامد :

دم الغزال يطالب بالصحوة العامة 

القاهرة ـ «البيان»: في رحلة طويلة ممتدة منذ عام 76 قدم وحيد حامد أول أفلامه السينمائية «طائر الليل الحزين» مؤكداً رؤيته الفنية واهتمامه ككاتب سيناريو بقضايا المجتمع. وعلى مدار ثلاثين سنة تقريبا قدم خلالها أكثر من أربعين فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً تميزت جميعها بالجرأة الموضوعية، جعلته مستحقا للقب أفضل كتاب السيناريو في عدد من الاستفتاءات الجماهيرية، وركز وحيد حامد طوال مشواره الفني على نقد الفساد وكشفه خلال أفلامه، إلا أن فيلمه الأخير «دم الغزال» يأتي بمثابة صرخة توضح أن الفساد لم يعد قاصرا على شخصيات معينة سواء في قمة المجتمع أو بين طياته ولكنه أصبح ظاهرة شملت المجتمع كله.

والفيلم لم يكن فقط يطرح رؤى جديدة لمؤلفه، بل كان أيضا سببا في الهجوم عليه، لأنه رفض مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وفي هذا الحوار يوضح وحيد حامد رؤيته في «دم الغزال» ويدافع عن عدم اشتراك فيلمه في مهرجان القاهرة.

·         لماذا لم يشارك فيلمك «دم الغزال» في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي رغم تكريم المهرجان لك؟

ـ الفيلم لم يكن قد اكتمل عندما بدأ مهرجان القاهرة، ولم أكن لأبخل به عن مهرجان بلدي خاصة وأنني أكتب عن القضايا المصرية، ونجاحي تحقق من خلالها قبل كل شيء، أما تكريم المهرجان لي فأعتبره لمسة حضارية تسعد كل فنان ومبدع ساهم بعطائه وأفاد الناس، فالتكريم اعتراف بجهدى الفني.

·         قدمت أفلاما كثيرة ناقشت قضايا متعددة، فهل أنت راض عنها جميعاً؟

ـ أعتقد أن 80% من أفلامي جيدة وحصلت على جوائز مميزة، لكني مع ذلك أسقط من حساباتي خمسة أفلام، لن أذكرهم، وقد توهمت وقتها أنني قدمت شيئا مميزاً، لكن لم تكن توقعاتي في محلها، وعموماً نجاح الأفلام الأخرى يجعلني راضيًا عن مشواري الفني.

·         توجد قصة رواها لك الفنان الراحل أحمد زكي وما زلت متحفظاً عليها فما هي هذه القصة؟

ـ هي قصة حقيقية وقعت لأحمد زكي أثناء دراسته بالمدرسة الصناعية، وأنوي تقديمها سينمائياً، خاصة بعد أن شاهدت أداء «هيثم أحمد زكي» في فيلم «حليم» فسأعطيه الدور الرئيسي، والقصة كلها تدور في يوم واحد فقط.

·         كتبت سيناريو فيلم «عمارة يعقوبيان» والذي أخرجه ابنك «مروان» وحدثت بينكما مواجهة فنية، فماذا عنها؟

ـ يضحك قائلاً: اختلفت مع «مروان» كثيرا واتفقت معه قليلا، ويبدو أنه ضج مني فقال لي اسمع نحن في العمل لسنا أباً وابناً بل مخرج ومؤلف، وحينما شاهدت نسخة الفيلم أدركت نجاح مروان وشعرت بسعادة كبيرة، لكن شهادتي لصالحه ليست هي الفيصل، والمهم أن يستمر في نجاحه.

·         في فيلمك «دم الغزال» تعاملت مع الفساد باعتباره ظاهرة ضربت المجتمع كله، فما هي وجهة نظرك؟

ـ في أفلامي السابقة ركزت على شخصية واحدة كنموذج للفساد، مثل رجل الشرطة في فيلم «التخشيبة» و«ملف في الآداب» أو السياسي المنحرف في «الراقصة والسياسي» وهؤلاء كانوا يمثلون قمة المجتمع. كما قدمت نماذج للفساد في المؤسسات مثل «البريء» ورجال الأعمال الفاسدين، وغيرها.

لكن تحولات المجتمع جعلت بعض الصغار فاسدين فقدمتهم في «الإرهاب والكباب» و«طيور الظلام» وهي أفلام تستند بالسياسات العشوائية.

 

لكن في «دم الغزال» قدمت نموذجاً شاهدته ويجب أن نلتفت له، فقد ضرب الفساد في كل الاتجاهات وأعتبر الفيلم ناقوس خطر ليلتفت المجتمع يصحح أوضاعه.  

(خدمة وكالة الصحافة العربية)

البيان الإماراتية في 10 فبراير 2006

 

في «دم الغزال» شخصيات هامشية ورؤية حديثة

كتب محمود حربي: 

السيناريست وحيد حامد له موقف واضح من قضايا الارهاب التي اطلت برأسها على المجتمع المصري، وقد قدم قبل ذلك «الارهاب والكباب» و«طيور الظلام» و«القدم في العسل» وغيرها.

فيلم «دم الغزال» هو احدث معارك وحيد حامد ضد الارهاب وعلى رغم انه نزل الى دور العرض في فترة العيد وسط حشد كبير من الافلام مثل «فتح عينك»، و«ظرف طارق»، و«ديجا» و«حاحا وتفاحة» واغلبها افلام خفيفة، الا انه حظي بنسبة حضور معقولة ربما لوجود نجوم مثل نور الشريف ويسرا على رغم ان البطل الحقيقي في الفيلم منى زكي الغزال التي سال دمها في نهاية الفيلم في الصراع الدموي المسلح بين قوات الامن الحكومية والجماعات الارهابية في منطقة امبابة برئاسة ريشة الطبال.

الحقيقة

الفيلم في فكرته يمثل حدثا حقيقيا القى بظلاله على مصر في التسعينات وهذا ما اشارت اليه مقدمة الفيلم الذي يصور احد الافراح في حي امبابة الشعبي في الجيزة على النيل، ويجسد العلاقات بين الناس في هذه المناطق العشوائية العروس منى زكي والعريس الذي يُقبض عليه في ليلة الدخلة لان احد الحضور قدم إليه قطعة من الحشيش كتحية مثلما يحدث في افراح المناطق الشعبية.

قبل الدخول في تفاصيل الفيلم لا بد من الاشارة الى ان هذه المنطقة في التسعينات جسدت سيطرة الجماعات الارهابية على حياة الناس البسطاء وكان المجتمع المدني والاهلي هو الضحية الحقيقية في الصراع بين الحكومة وجماعات الارهاب وتحول طبال وراء راقصة في الافراح الى امير جماعة اسلامية وهذا ما اشار اليه تحديدا الرئيس مبارك في حوار له مع ابناء الجالية المصرية في الكويت في قصر بيان في التسعينات.

الفيلم يقدم تشريحا عميقاً لمجموعة العلاقات الانسانية لاهل هذا الحي الفقير خاصة نور الشريف (جابر عميش) الذي يهوى تربية الحمام وكان مشهورا بين ابناء الحي انه يملك ارضا زراعية لكنه في الحقيقة كان يتكسب من عملية نصب مشهورة في مصر وهي ان يقذف بنفسه امام احدى السيارات المحترمة ويأخذ المقسوم من السائق او الفتاة الصغيرة التي تقود السيارة.

حنان (الغزال) منى زكي يتصارع اثنان على الزواج بها ريشة الطبال (محمود عبدالغني) وامير الجماعة الارهابية فيما بعد والبلطجي (عمرو واكد)، عندما يتعرض ريشة الطبال للاهانة امام الناس من البلطجي يلجأ للمسجد وينضم إلى الجماعة الارهابية ويصبح واجهة لتنفيذ مخططات ارهابية وفي مشاهد لا تخطئها العين يقدم المخرج محمد ياسين وقائع حرق محلات الفيديو واجتماع مجلس شورى الجماعة وتطبيق حد قطع اليد على البلطجي في محكمة صورية عاجلة تجسد وقائع حدثت في اكثر من مكان ومنها ما اطلق عليه الجلد الصحراوي في مناطق اخرى.

وتهرب الغزال من الحارة حيث الفقر والحرمان لتعمل مع سيدة اعمال تدير ناديا صحيا (يسرا) او نادية صفوان، وتعيش الفراشة او الغزال بعض احلامها، لكن ريشة الطبال مازال يبحث عنها وذهب الى معلمته القديمة الراقصة وحاول ان يختلي بها دلالة على انه من الداخل فاسد لكن الجماعات استغلته لتحقيق اهدافها.

وعند عودة ريشة يتعرض لاحد كمائن الشرطة ويقتل افرادها، وعندما يحقق ضابط امن دولة مع صديق ريشة عن سبب معاونته للارهابي المجرم، قال بعفوية، ريشة هو رئيس جمهورية المنطقة، ونحن لا نرفض له طلب. (وهذا ما حدث على ارض الواقع في امبابة فقد اجبرت الجماعات الارهابية الناس على عدم اقامة الافراح او الغناء، وكانت تحكم على النساء والفتيات بارتداء الحجاب حتى المسيحيات اضطررن إلى ارتداء الحجاب داخل الحي خوفا من البطش).

وهذا ما جسده نور الشريف في تعبيره عن المهمشين بقوله لحظة الوفاة في الطريق، امام سيارة «انا مواطن مهمش، عمر ما كان ليه حتة ارض في البلد دي».

الفيلم جسد كيف كان البسطاء ضحية الرصاص المتبادل بين الحكومة والارهاب فعندما اجتمعت قيادات امن الدولة في محاولة للايقاع بالامير ريشة الطبال، طلب الضابط الكبير من يسرا استخدام منى زكي وقال لها «امن البلد فوق اي اعتبار» وجاءوا بالغزال الى منزلها القديم ووضعت الكمائن في الحي وجاء الطبال للغزال ليلاً وانطلق الرصاص من كل صوب وسال دم الغزال في ارض الحجرة الفقيرة ولم يحدد الفيلم هل هو رصاص الشرطة ام رصاص الارهاب وظل الارهابي طليقاً والشرطة تبحث عن طعم جديد لمقاومة الارهاب وعلى رغم ان احداث الفيلم جسدت ما حدث في التسعينات الا ان ما حدث في شرم الشيخ وطابا، يؤكد ان خلايا الارهاب مازالت موجودة وان المجتمع هو الضحية الاكبر في هذا الصراع.

جابر عميش (نور الشريف) كان دوره صغيرا مثلما دور صلاح عبدالله (عبدالقار) جرسون النادي الكبير، وكان جابر يعشق الغزال عذريا لانها يتيمة وهو غير متزوج وقال حين الوفاة: «انها الشمس التي ينتظرها ان تشرق وهي النور الذي يسعد به كل صباح».

الفيلم يعكس رؤية حديثه لاحداث قديمة وهي دم الغزال المراق بلا ثمن فالجاني قد يكون ارهابا او فقرا او نظاما متسلطا او فسادا وهذا ما وضح في فيلمه «طيور الظلام».

الفيلم من تأليف وحيد حامد (منتج منفذ) واخراج محمد ياسين وبطولة منى زكي، يسرا، نور الشريف، عمرو واكد، محمود عبدالغني، انتاج روتانا للانتاج والتوزيع ومدة الفيلم 95 دقيقة.

القبس الكويتية في 31 يناير 2006

 

سينماتك

 

في انتظار مرحلة ما بعد "الإرهاب والكباب"

فيلم "دم الغزال" يفتتح عهد السجال السينمائي في مصر

القاهرة ـ حمدي رزق

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك