عرض زمني لنارنيا (ذا كرونيكلز اوف نارنيا)، الفيلم الذي تغلب علي فيلم هاري بوتر في افلام الموسم الامريكي العام الماضي، هو فانتازيا قامت علي فانتازيا كتبها الاكاديمي والبريطاني كلايف ستيبل لويس (سي اس لويس 1898 ـ 1963) الاسد، الساحرة والخزانة وهو الفيلم الذي اخرجه اندرو ادامسون. الفيلم/ الرواية يوثق لمغامرات اربعة اطفال هم بيتر، سوزان، ادموند ولوسي، يقومون في ظل الحرب العالمية الثانية باكتشاف عالم فانتازي عبر خزانة في بيت ريفي، عالم نارنيا تسيطر عليه ساحرة بيضاء قاسية، عالم يطول فيه الشتاء كل العام ولكن بلا اعياد ميلاد. ويبدو الشتاء الابيض الطويل بمثابة اللعنة، فبدون مساعدة الحيوانات الناطقة خاصة الاسد الضخم اصلان تتم هزيمة الساحرة القاسية ويعود الربيع للمملكة السحرية. المغامرة السحرية التي صنعتها هذه المرة بالصورة ديزني يمكن قراءتها بناء علي انها اكثر من مستوي خاصة شخصية اصلان التي تحمل في الكثير من ملامحها صورة عن فكرة الفداء في المسيحية، فانبعاث الاسد يشير الي موت السيد المسيح عليه السلام وانبعاثه، الذي يضحي بنفسه للتكفير عن آثام الانسانية. وفي حالة نارنيا، ادموند الذي خان أخوته بسبب المنافسة للحصول علي وعد من الساحرة البيضاء علي الحلوي التركية. الفيلم مخلص جدا للنص والحيوانات التي تمت معالجتها بالكمبيوتر وتتحدث لغة انكليزية ريفية قريبة من الفضاء الذي عاشه لويس نفسه، وربما كانت المعالجة التي قدمها الفيلم لموت وانبعاث اصلان فيها مبالغة كبيرة مع ان لويس معروف في كتاباته الاعتذارية عن المسيحية، فتقدم اصلان/ الاسد نحو حتفه في المشهد الذي اعد له عند الطاولة الحجرية هو اعادة لمشهد مسيرة السيد المسيح نحو الصلب في فيلم ميل غيبسون آلام السيد المسيح . والنبرة الدينية في الفيلم جعلت مسؤولي الحملة الدعائية قادرين علي بناء حملتين الاولي موجهة نحو المشاهد العادي غير الديني او قل العلماني اما الثانية فهي دينية الطابع، خاصة ان كتاب نارنيا هو من الاعمال المقررة في بعض الكنائس الامريكية، لا سيما نوادي القراءة فيها، وبحسب مجلة ناشونال ريفيو فنارنيا هي مواصلة لمدارس الاحد ولكن بطريقة اخري . وتري مواقع دينية مسيحية ان سلسلة نارنيا يمكن قراءتها علي انها حكايات واقاصيص دينية. فالسلسلة الاولي من نارنيا ابن عم الساحر تصف العالم كمكان للشرور، اما الامير كاسبيان فهي تلخص الطريقة التي يتم فيها افساد واصلاح الدين، و في رحلة مسافر الفجر ، هنا الحديث عن التطهر والتعميد، اما الولد وحصانه فهي عن عملية التبشير بين الوثنيين وتحويلهم الي المسيحية، في الكرسي الذهبي حديث عن الهبوط الي قاع جهنم، وفي المعركة الأخيرة حديث عن ظهور الدجال والقيامة. ديزني، حتي قبل عرض الفيلم قامت باستهداف مرتادي الكنائس من خلال ما اسمته الترفيه المدفوع، وقامت بدعم عدد من اللقاءات في 140 كنيسة، كما ان السياسيين المحافظين قفزوا للعربة حيث اختار حاكم فلوريدا، جيب بوش، شقيق الرئيس الامريكي الرواية لتكون الكتاب موضوع برنامج القراءة العامة في كل الولاية. كل هذا مع ان لويس الاكاديمي، والكاتب الملتزم مسيحيا رفض الربط بين عالم القصة الخيالي واي مجاز له عن الواقع. ومع انه لا توجد اية مقاربة بين الشخصيات الخيالية للرواية ومثيل لها في الواقع الا ان لويس كان يري ان روايته قد تشكل المحفز لايقاظ الدوافع الدينية في الاطفال. نارنيا، الفيلم ايقظت معها اهتماما جديدا بحياة وايمان سي اس لويس الذي ولد عام 1898 في مدينة بلفاست في ايرلندا الشمالية، ومثل كل ابناء جيله تلقي تربية دينية تري في الايمان ومراقبة واجباته التزاما وواجبا، ولكن لويس في عمر الرابعة عشرة فقد اي اهتمام بالدين مع انه يذكر في مذكراته مفاجأة جوي (اشارة اخري لاسم زوجة الكاتب الثانية الامريكية جوي دافيدمان/ غريشام) انه مر بمرحلة تدين سريعة بعد وفاة والدته عام 1908. تحدث لويس بقسوة عن والده الذي وصفه اكثر من مرة بالبسيط، فقد كتب عن والده المحامي قائلا كان يتحدث بقسوة وتصرفاته ظالمة ولم تعد العلاقات بينهما الي مجاريها الا بعد سنين طويلة وبعد ان اصبح لويس محاضرا ومشرفا اكاديميا في جامعة اوكسفورد، وكان للعلاقة المتوترة مع والده اثر في وثوق العلاقة بين كلايف وشقيقه وارين حيث يتذكر عندما ارسلا لمدرسة داخلية عانيا فيها الكثير من المصاعب والمشاكل وفيها عادت للويس مشاكله المرضية التي رافقته عندما كان صغيرا، ونظرا للفصول العقابية التي كان يعقدها مدير المدرسة فقد قدمته عائلة للمحكمة، وكان الاطفال الذين يرسلون الي هذه المدرسة المتداعية والتي تشبه معسكر الاشغال الشاقة يكتبون في كل المرات لابائهم يرجونهم بانقاذهم من هذه المدرسة ـ السجن. وبحسب السيرة الذاتية التي صدرت حديثا بعنوان سي اس لويس: الولد الذي سجل نارنيا فلويس وجد عزاءه بفقدان الام من خلال الفانتازيا والاقبال علي قراءة كتب الحكايات الخيالية، قصص الحب والجنيات والمغامرات، وفي سن الخامسة عشرة اطلع علي كتاب السهم الذهبي لفريزر الذي يتحدث عن الاسطورة، ومن خلاله بدأ ينظر للمسيحية باعتبارها اسطورة شرقية عن موت وانبعاث الرب. وخلال دراسته في اوكسفورد، اولا كطالب وثانيا كمدرس ومحاضر في كلية ماغدلين التابعة للجامعة كان يعتبر نفسه شاكا في الدين. ولم يعد للاهتمامات الدينية الا في الثلاثينات من القرن الماضي بعد حوار من الحوارات التي كان يجريها مع صديقه الكاتب الاخر جي ار ار تولكين كاتب سيد الخواتم التي تسيدت افلام الفانتازيا في العام الماضي وقبله، وكان يلقي تولكين اسبوعيا في حانة من الحانات تجمعهما مع عدد اخر من اساتذة اوكسفورد. وما جمع لويس مع تولكين الكثيرـ فكلاهما فقد امه في الصغر، مع ان تولكين المولود في جنوب افريقيا لم يعرف اباه ابدا، وتلقي تعليما احسن من تعليم لويس في المدارس الداخلية، الا انهما يشتركان في الاهتمامات الادبية واللغات القديمة مثل الايسلندية والفنلندية وكذلك اللغات الانغلو ـ سكسونية، اما لويس فكان مأخوذا بالاساطير النورسية او الفايكنج، ومن ضمن الشلة الادبية التي كانت تلتقي في المسارح او بعد الفطور الذي كان يقدم في الجامعة صباحا هوجو دايسون حيث كانوا بعد الفطور يتمشون قليلا في ساحات اكسفورد قبل ان يذهبوا الي مكاتبهم ويبدأون اعمالهم الاكاديمية، التدريس والاشراف. حياة لويس الخاصة في اوكسفورد ملغزة فقد عاش مع سيدة تكبره باكثر من عشرين عاما، حيث التقاها بعد وفاة ابنها في الحرب العالمية الثانية، واسمها جاني مور وعاش معها في بيتها، وظلت العلاقة بينهما سرية، فقد رفض لويس مناقشة طبيعتها الا انه كان يوزع وقته بين مكتبه في جامعة اوكسفورد التي عين فيها اولا كمحاضر براتب قليل 200 جنيه في ذلك الوقت مما يعني انه كان دائما عرضة للمشاكل المالية، وبعد فترة عين محاضرا كاملا براتب وصل الي 500 جنيه مما يعني تحرره من عبء الاعتماد علي مساعدات والده المالية التي لم تنقطع خلال فترة دراسته وتدريسه المبكر في الجامعة. ويقترح عدد من كتاب سيرة سي اس لويس علاقة جنسية شاذة تمت بينه وبين جاني مور، بل ان ميكائيل وايت يقترح في السيرة الاخيرة ان لويس في مرحلة نضجه الاول مر بوجه من الاحلام المتوحشة والشاذة والتي جاءت من خلال صداقته الطويلة مع ارثر غريفيس صديق طفولته في بلفاست والذي كان شاذا لا يخفي شذوذه ولكن وايت يقول ان اهتمام لويس بهذا الجانب الشاذ لم يتعد الخيالات ولم يترجم علي الواقع. بقي لويس مع جاني مور التي تعرف عليها عندما كانت في الخامسة والاربعين وهجرها زوجها حتي وفاتها، وتحمل بعض اعباء الانفاق عليها وعلي ابنتها مورين، وعندما توفيت شعر بالوحدة والعزلة فقد كان في ذلك الوقت قد دخل مرحلة الخمسين والف الحياة الاكاديمية المملة خاصة في جامعة اوكسفورد العريقة. اما المرأة الثانية التي لعبت دورا مهما في حياة لويس فقد كانت الامريكية جوي دافيدمان، التي ماتت بالسرطان، جوي دافيدمان او غريشام، كما يشير اليها وايت في سيرته الاخيرة عن لويس امريكية، بدأت بمراسلة لويس في عام 1950 وحضرت لإنكلترا عام 1952 لمقابلته. كانت امرأة صغيرة الحجم، سمراء، صريحة، وكانت تري في لويس اعظم كاتب في عصره، وتعرفت عليه بعد ان اكد الكاتب حضوره الادبي والذي جاء متأخرا نوعا ما، وتحولت للمسيحية مع انها كانت يهودية غير ملتزمة بالدين. كانت جوي مفاجأة لكل اصدقائه ومثارا للجدل، وموضوعا للعديد من الكتب والمقالات وفيلم سينمائي ادي دور البطولة فيه انتوني هوبكنر ودبرا وينغر (ارض الظلال)، وقد تزوجت جوي لويس وهي في ايامها الاخيرة، حيث بارك القس الزواج ودعا لها بالشفاء. ومع ذلك كان الكثير من اصدقائه الانكليز، الذين لم يألفوا بعد التصرفات الامريكية يرون فيها امرأة غير مؤدبة فيما اعتبرها اخرون مخلصة، ومحبة للويس، ولا يختلف مؤيدوها ومعارضوها بشأن الاثر الذي تركته علي الكاتب. ولكن نقاد ومؤرخي سيرة لويس كثيرا ما طرحوا اسئلة حول طبيعة علاقاته مع المرأتين جاني وجوي، ويجد العديد منهم نوعا من التفسير في تعليقات والده البرت الذي قال ان ابنه طيب جدا، يقع في حبال اي صيد يلقي في طريقه . وقراء لويس الصغار لم يلاحظوا اي بعد ديني او مسيحي فيها، ولكن عندما يكبرون كانوا يكتشفون البعد الديني فيها. فمن الكتب التي حللتها اليسون لوري في مجلة نيويورك ريفيو اوف بوكس عودة لنارنيا الذي شاركت فيه نخبة من الكتاب المتعددي الهويات، ملحدين، مسيحيين، من اتباع الديانات الجديدة، ما بعد حداثيين وهواة، وكلهم امتدحوا وانتقدوا لويس في نفس المقام. وكان فيليب بولمان، الكاتب البريطاني، وأحد الكتاب المشهورين في عالم الفنتازيا، قد هاجم راوية لويس في مقال طويل نشرته له صحيفة ديلي تلغراف العام الماضي، واعتبر نارنيا بمثابة عمل دعائي ديني، وقال عنها انها مليئة بالسموم والقبح. فيما انتقد اخرون الطريقة التي صور فيها اصلان الاسد (كلمة تركية تعني الاسد)، وقالوا ان صورته في الرواية والفيلم التي تشبه صورة الملك الاسد في الفيلم المشهور تعبر عن مسيحية ذات عضلات ، فالسيد المسيح، يبدو في تمثيل الاسد قويا ورياضيا، بل انه يقوم بدور الرب الذي يخلق العالم ويدمره في المعركة الاخيرة ويبعثه من جديد، كما يري نقاد اخرون، فأصلان في الرواية يقول انه ابن امبراطور البحار كما اشار اخرون الي ان الابطال في روايات الصغار عادة ما يكونون صغيري الاحجام، فئران، قطط وارانب وليس اسودا. البعد الديني هو جانب اخر، من النقد الموجه للويس، والعنصرية هي جانب اخر، يطبعه، فلويس الذي لم يخف تأثره باحد كتاب الاستعمار سير هنري رايدر هاغرد المعروف برواياته الاستعمارية كان معجبا بكل شيء يمت الي الشمال اما الجنوب في راويته فهو محل التخلف، العبودية، والوثنية، يعيش فيه سكان يتنقلون في الصحراء ويعتمرون العمائم، فشعب كالورمينس التي تعني باللاتينية السود او الملونين يعيشون علي الجانب الاخر من مملكة نارنيا، وهم سكان عدوانيون بالطبيعة، ويكرهون الحيوانات، خونة، تسود في مجتمعاتهم العبودية والرق، ويمارسون عادة فداء البشر، اي قتلهم وهي الصورة التي نشأت في داخل الفكر الاستعماري عن الاخر المتوحش والبدائي، والتي فكك رؤيتها بنجاح الناقد الفلسطيني ـ الامريكي ادوارد سعيد. وكما تري لوري، فالاسد، الذي يرمز الي القوة والسوبرمان، يحمل في طياته بعدا سياسيا، عن الامبراطورية البريطانية، فقد كان الاسد هو شعار العلم البريطاني، ومن هنا فنارنيا قد تكون مجازا عن صعود وسقوط الامبراطورية البريطانية، والجنوب المعادي للتنور الاوروبي هو العالم الاسلامي، ولهذا فادموند الذي خان رفاقه/ اخوته كان يخون قيمه الدينية من اجل الحلوي التركية ، راحة الحلقوم ، في اشارة للدولة العثمانية التي لم تحظ بصور ايجابية في ادبيات القرون الوسطي وما بعدها الغربية. في جانب اخر، اشار اخرون الي ان لويس لم يكن ايجابيا في تصويره للبطلة الانثي في عمله هذا، فالفتاة او الملكة تأتي في الدور الثاني دائما بعد دور البطل، وقد يكون لويس معذورا لانه عاش بين الكتب وفي عالم ذكوري، عالم معزول عن العالم في ابراجه العاجية. وكما يشير وايت، فلويس لم يكن يهتم بالسياسة وهو حال زملائه ايضا، ولم يكن اهتمامهم بالاخبار وشؤون الساعة يتعدي النظر سريعا لجريدة التايمز التي كانت تتوفر في قاعة الطعام واثناء تناول الفطور. اما غير ذلك، فكان لويس مشغولا بالنقاشات الاكاديمية الجامدة التي لا علاقة لها بالعالم الواقعي. ان عزلة، لويس عن العالم لم تبدأ في اوكسفورد بل عندما اختار عالم الكتب، كبديل او هروب من العالم الواقعي، وهذا سببه الصدمة التي تركتها وفاة والدته عليه. ومن هنا يربط وايت بين تحول واهتمام لويس بالعالم الفتنازي الذي قرأه واقبل علي قراءته في مصادره الاولية وبين عام 1908، وهو عام وفاة والدته بالسرطان. بعد ظهور فيلم نارنيا صدرت عدة كتب تحاول البحث عن البعد الفكري والايديولوجي في الرواية التي لم تعجب صديق لويس تولكين، الذي قضي عقودا ثلاثة وهو يرسم عالم سيد الخواتم حيث حد جغرافيته وسكانه ولغاته العديدة معتمدا علي اهتماماته اللغوية التي اشرنا اليها سابقا، ولكن القراء خيبوا امل تولكين واعجبوا كثيرا برواية لويس التي وصفها بانها تجميع مشاهد، وعمل قليل الاهمية، لا يقاس بالاعمال الاكاديمية الاخري التي كتبها لويس مثل مجاز الحب وهي الدراسة التي حلل فيها مفهوم الحب في الاعمال الادبية الوسيطية حتي القرن السادس عشر، اضافة لعمله الاخر مسيحية ليس الا . نقاد تولكين، يرون انه اعاد خلق عالم وسيطي بكل صوره ورموزه، اما لويس في نارنيا، ففي الاطار العام، الزمان والمكان والمفاهيم وسيطية ولكنها نهائية، وليست محكومة بالمكان كما في حالة تولكين. ولكن سلسلة نارنيا، لها محدداتها خاصة علي القراء الاطفال، اذ انها تضع المرجعية دائما في الامل، والخلاص في يد الكبار، فالصغار لا يتحررون من سطوة الكبار، واصلان، الاسد يظل بمثابة البطل القدري الذي بيده الخلاص، وهو هنا في حضوره الجسدي وغيابه يمثل السطوة علي الابطال، وهي هنا تدعو القراء الي الاذعان لسطوة اصلان، وعندما يعود الاطفال من رحلتهم الخيالية الي العالم الحقيقي، لا يحملون من العالم الاخر، الا سطوة اصلان الذي سيعيش معهم. وهذا بعد ديني واضح، فالمؤمنون المسيحيون يقبلون علي قراءة اعمال لويس لانها تعلم الاطفال علي الاذعان لسلطة الدين، او السلطة الابوية التي يمثلها اصلان. بدأ لويس بكتابة سلسلة كتب نارنيا في عام 1948 وبدأت تظهر تباعا في الفترة ما بين عام 1950 ـ 1956، ويري وايت ان لويس اعتمد كثيرا في السلسلة علي مصادره من الاولي، اي تجربته الذاتية وطفولته، وعلي الرغم من ان النقاد اشاروا الي الكثير من العيوب في كتابة لويس، عدم التناسق والانسجام، التشوش، اللغة الغامضة والمملة في الكثير من سطور الرواية الا انها كمجموعة استطاعت تأكيد حضورها لدي القارئ العام بعد تعثر بسيط. وكما اشار لويس نفسه، فكل كتاب بدأ اولا بمحاولة كتابة قصة جيدة وبعدها كان يحضر العامل الديني او المسيحي. لويس كتب الاعمال هذه، وعلاقاته بالاطفال محدودة، وقد اقامها كما قلنا علي ذكرياته الاولي وقراءته ومع انجازه هذه السلسلة كان قد كتب اكثر من عشرة اعمال هي مساهمته الاكاديمية في مجال الادب. ومعها استطاع حجز مكانه في تاريخ الادب الانكليزي، كل هذا مع انه تأخر في تأكيد شخصيته الادبية ومحاولاته الشعرية الاولي لم تكن بمستوي ادت لاحتفال النقاد بها. ولكن لويس الذي بدأ استاذا مملا، وقاسيا علي طلابه، الذين ارادهم صورة عن انجازه الاكاديمي، استسلم اخيرا للواقع وقبلهم علي علاتهم، هو نفسه الكاتب الذي بدأ كاتب مقالات يكتب في كل شيء قبل ان يحدد خطه الاكاديمي. تلخص عبارات وايت في مفتتح كتابه الطريق الذي ساره لويس والطريقة التي تعامل فيها مع الالم، والفقدان، والتعويض عنه بالفتنازيا حيث يقول ان ما شكل فتوة لويس مشتق من احداث عام 1908 (وفاة والدته) فشخصيته صقلت بألم الفقد، التي تبعها المعاناة وحيدا، وكبت المشاعر، والحياة المثيرة للخوف في بيته في ليتل ليو (بلفاست) . وقد ادي كل هذا الي ان يخفي لويس الكثير من احلامه ومشاعره وعواطفه مع انه اصبح متحدثا جيدا وطبيعيا امام الطلاب وفي المناسبات العامة. وترك لقلمه فيما بعد القيام بالبوح بكل ما هو حزين ومثير في رواياته التي حملت طابع التبشير الديني او ما اسماه الراوية الاخلاقية . توفي لويس في عام 1963. * ناقد من اسرة القدس العربي ہہ اعتمدت هذه القراءة علي فيلم The Chronicles of Narnia: The Lion,The Witch and the Wardrobe من اخراج اندرو ادامسون. وعلي المقال الذي كتبته اليسون لوري في شهرية New York Review of Books ، جزء/53، عدد 2، شباط (فبراير) 2006، والسيرة الذاتية الجديدة عن سي اس لويس بعنوان C.S.Lewis: The Boy Who Chronicled NARNIA: A Biography. bY: Michael White, ABACUS, London, 2005" القدس العربي في 30 يناير 2006 |
الفيلم الايطالي «الصيف الذي كبرت فيه» دراســة عـمـيـقـة لاحـوال الـقـاصـريـن ترجمة- تيسير ابو شومر تدور احداث هذا الفيلم في نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي، في احدى القرى جنوب ايطاليا، ومباشرة يقدم لنا المخرج الشخصية الرئيسية في الفيلم، «ميشيل» صبي يبلغ من العمر «10» سنوات، والذي نراه يقوم بممارسة الالعاب الخطيرة امام مجموعة من اقرانه من اجل زرع الخوف والهلع فيهم، يتعمد مخرج الفيلم «جبرائيلي سلفاتوريس» ان يذكرنا بان سن الطفولة والبراءة ليس بالطويل من خلال مونتاج ذكي، ويصبح هذا الصبي «ميشيل» ابن الاعوام العشرة شابا يافعا، هذا التحول يقلب حياة «ميشيل» رأسا على عقب. بعيدا عن افلام المراهقين النمطية كالتي تدور احداثها في مدارس ثانوية او في الجامعات.. والمعروفة بسطحيتها السردية، والبعيدة عن الكتابة المتأنية المدروسة والتي لا تغوص في دراسة شخصيات افلامها من قريب او بعيد. ما سبق ذكره لا بد ان يتوقف المتابع لفن السينما كوننا امام عمل سينائي مختلف، غير مألوف، عميق في معالجته وطرحه السينمائي الآخاذ، اننا امام فيلم يحترم عقل وعين المشاهد. يتابع المخرج «جبرائيلي سلفاتوريس» في فيلمه «الصيف الذي كبرت فيه» بروية ودراسة عميقة للفترة ما بين سن المراهقة وسن الشباب متوقفا عند التحولات الملموسة من ناحية خطورتها بحيث يبدو لنا بان الفيلم يخاطب عالم المراهقين والراشدين خارج حدود شخوص فيلمه الايطالية. يعتبر هذا الفيلم الاكثر غرابة مقارنة مع سينما المراهقين، حيث نتلمس موهبة مخرج في تصميم المشهد السينمائي، اذ يتضمن الفيلم مشاهد تبدو كلوحات مرسومة بحرفية عالية الا ان اطارها شاشة السينما وليس اطار اللوحات الفنية المعروفة. يمزج المخرج في هذا الفيلم بين الحداثة والكلاسيكية في السينما حيث مشاهد الحركة المدهشة الى جانب مشاهد ذهنية وسط حياة الانغماس بالملذات والقلق في آن. مع بداية الفيلم ومنذ المشاهد الاولى يتبنى المخرج ديباجة شعرية بخلفية موسيقية محاكيا المأساة اليونانية القديمة والتي تتضمن حوارا بين ممثلين اثنين او مونولوج يؤديه ممثل واحد يقوم بعرض الاحداث التي تسبق حدث المأساة، او وصف لشخصيات سيكون لها دور هام في المسرحية، وقد قام «سلفاتوريس» بالاتكاء على هذه الديباجة ولكن سينمائيا يتضح لنا هذا عندما تبنى المخرج وجهة نظر الصبيان من حيث المواجهة او المقارنة بينهم وبين عالم الكبار والذي يصورهم المخرج اكثر انفعالا وعنفا. هنالك مشهد في الفيلم يظهر لنا بعض الحيوانات الاليفة لتأخذ طريقها بفطرية نحو عالم الاطفال، الا ان المخرج لم يوفق في اقحام هذا المشهد ولم يخدم فكرة الفيلم بحيث جاء فاترا وغير مبررا. عند الولوج في شخصية «ميشيل» نجده وقد هيأ نفسه لاداء الدور بعناية خاصة ان الشخصية التي يؤديها تعتمد على الظواهر الحسية القوية والعميقة خاصة مشاهد الخوف والفزع الامر الذي يجذب الانتباه لحالة التوتر والمقارنة بين الخير والشر، بين الخيال والواقع، وبين ما نريد ان نؤمن به وما نريد الايمان به، بالاضافة الى ابراز سلوكيات فئة عمرية محددة من خلال مشهد ذكي حيث يقوم احدهم بنثر بذور ذات لون اسود في الحقل ليبدو وكأنه ينثر بذور الخوف والرعب منتظرا حصاده يوما ما! لقد اختار المخرج «سلفاتوريس» هذه القصة مستلهما اياها من احداث حقيقية شهدتها ايطاليا في سبعينيات القرن الماضي، عندما شهدت مدينة ميلانو سلسلة من جرائم خطف القاصرين، ويذكر انه سبق لهذا المخرج ان رشح فيلمه «البحر المتوسط» لجائزة اوسكار كافضل فيلم اجنبي الا انه لم يحظ بها، والذي قام بدور البطولة فيه «كلوديو بيغاغلي»، كما اخرج فيلم «جنوب» عام 1993 قام باداء الدور الرئيسي فيه «سيلفيو اورلاندو» وفي العام 1997 اخرج فيلم «نيرفانا» من تمثيل الممثل المعروف «كريستوف لامبرت» و«ايمانويل سنيير». عن مجلة بريمير الفرنسية الرأي الأردنية في 30 يناير 2006 سعاد عامر: كنت أستحضر للا مريم أحمد نجيم من الدار البيضاء: نقل مخرج السمفونية المغربية" كمال كمال لأول مرة في تاريخ المغرب شخصية الأميرة إلى السينما، وجسدت الممثلة المغربية سعاد عامر دور أميرة تنتمي إلى الأسرة العلوية الحاكمة لمدة قرون في المغرب. في حوارها مع "إيلاف" تتحدث هذه الممثلة المبتدئة عن تجسيدها لشخصية الأميرة وتثير ظهور إعدادها للشخصية بصفة خاصة وللفيلم بصفة عامة، كما تقول إنها كانت تستحضر شخصية الأميرة للا مريم، أخت العاهل المغربي الملك محمد السادس، أثناء تجسيدها لشخصية الأميرة. شخصية "الشريفة"، نسبة إلى النسب الشريف، في فيلم "السمفونية المغربية"، قدمت بصورة إيجابية، فهذه الأميرة تتدخل لمساعدة فرقة موسيقية من المهمشين على إنجاز سمفونيتهم، وتطلب من أحد المسؤولين العسكريين مساعدة الفرقة بمنحها آلات موسيقية. إذا كانت صور أفراد العائلة الملكية في المغرب تنشر في الصحف وتبث ربورتاجات عن أعمالها الاجتماعية وأنشطتها في المجتمع في القناتين الأولى والثانية، فإن شخصية "الأميرة" ظلت مغيبة عن السينما، وهذه أول مرة تظهر فيها تلك الشخصية في السينما. ولم تعترض الرقابة على ذلك، كما أن المخرج لم يتلق أي ملاحظة في هذا الموضوع.
· كيف تلقيت خبر تقمصك لدور أميرة في فيلم "السمفونية المغربية"؟ في البداية تفاجأت، وذلك لصعوبة هذا النوع من الأدوار. · هل ترددت في قبول الدور؟ لا لم أتردد، فالمخرج اختارني وكان يعرف مسبقا أنني سأجيده، فأنا ممثلة أحاول أن أجسد أية شخصية تقترح علي. لقد تقبلت الأمر بشكل عادي، وهناك ممثلون كثر جسدوا شخصيات أمراء وأميرات في السينما العالمية، حاولت أن أستفيد منهم. · هل واجهت صعوبة بالنسبة لتجسيد الشخصية؟ لم أواجه صعوبات في تجسيد شخصية الأميرة، لأن لي ثقة في نفسي. · هل بحثت قبل وقوفك أمام الكاميرا عن تلك الشخصية ورافقت تصرفات الأميرات؟ طبيعي، لقد كنت أنتبه إلى طريقة تصرفات أثناء قيامهم أعمال اجتماعية وفي المناسبات الرسمية. اكتفيت بهذا ولم أبحث كثيرا عن الشخصية، لأنه في بلدي ألفت رؤية العائلة الملكية، لذا كانت في ذهني صورة عن تلك الشخصية. · من هي الأميرة التي حاولت أن تقلدي تصرفاتها؟ كانت الأميرة للا مريم، أخت العاهل المغربي الملك محمد السادس، كنت أتصورها أمامي أثناء تجسيدي لتلك الشخصية. · لاحظنا أن الفيلم لم يراع البروتوكول المعتمد من قبل العائلة الملكية؟ لا أعرف شيئا عن البروتوكول، لقد كان على المخرج أن ينتبه إلى ذلك ويرشدني. لقد اكتشفت أمورا جديدة في الفيلم لم أكن أنتبه إليها كطريقة تحية الجنرال. · وماذا عن اللباس؟ أنا من اختاره وأعترف أنه لم يكن في المستوى إنه لباسي الشخصي، لم يكن لباس الأميرات. وأعترف أنني لم أكن في مستوى أميرة في الفيلم، فأنا ممثلة لعبت دورا عرض علي، هذا كل في الأمر، أتمنى أن أكون عند حسن ظن الأميرة في المقام الأول وعند حسن ظن الجمهور. · أتعتقدين أن دورا مثل هذا سيفتح لك مجالا في حياتك الشخصية وفي حياتك المهنية؟ لا أعرف ذلك هذا مرتبط بالوقت والظروف. فأنا أعيش مرحلة انتقالية، إذ لم يكن لي حضور قوي في السينما المغربية، وهذا الدور ربما سيفتح أعين مخرجين آخرين كي ينادوا علي في أدوار جديدة، وهذا ما أتمناه. · في سياق المتمنيات، هل تتمين لقاء أميرة من الأميرات؟ لم لا، فهذا شرف كبير لي، إنني لا أحلم حتى بأن أراها يوما. فكل واحد منا يتمنى أن يلتقي الأميرة. موقع "إيلاف" في 30 يناير 2006
|
سي إس لويس و عرض زمني لنارنيا:
ابراهيم درويش* |