كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

جديد الموقع

 

في الحلقة الأولي من الحوار‏..‏ حكي لنا الفنان دريد لحام عن مشروعه الجديد وطفولته‏..‏وعلاقته بالسياسة‏,‏ وأثر هزيمة‏67‏ علي طموحه‏,‏ و كيف أعادت الهزيمة تشكيل الأحلام والوجدان‏..‏ وفي هذا العدد نستكمل الحلقة الثانية من الحوار‏.‏

·         ألم يدفعك الشعور بهزيمة‏..67‏ وماحدث لك من تغيرات إلي تقديم عمل فني عنها؟

نحن نحاول نسيان هذه الأحداث‏..‏ وتلك التجربة المريرة وإذا حاولنا تجسيدها فنيا تنقصنا البيانات الدقيقة والأفلام الوثائقية‏.‏ فالتعبير بالوقائع عن الأحداث هو أهم وأدق شكل فني‏,‏ وأعتقد أن العنصر نفسه هو سبب غياب العمل الفني عن انتصارات أكتوبر المجيدة‏.‏

·         ألا تري أن الفن لم يحتف بالقدر الكافي بانتصارات أكتوبر؟

مازال الوقت مبكرا لتقديم فيلم عن حرب أكتوبر‏.‏ فحتي الحرب العالمية الثانية لم تقدم عنها أفلام كثيرة رغم إنها استمرت خمس سنوات في حين أن حروبنا نفسها قصير‏..‏ ولكنني في الواقع أري أن التعبير الموثق عن هذه القضايا أهم بكثير من التعبير بالنيابة عنها فأجمل من استعراض العبور‏,‏ هو العبور نفسه الموثق بلحظة حقيقية فمن المؤكد أن هذا العبور العظيم قد تم تسجيله وتصويره لذلك لا يمكن أن تصل السينما إلي هذه العظمة من خلال التمثيل‏.‏

·         ألا تري أننا في أمس الحاجة إلي إنتاج هذا الفيلم؟

أنا ضد إنتاج أفلام درامية عن انتصارات أكتوبر لأن الأجيال الجديدة يجب أن تشاهد هذه اللحظات كما حدثت وكما صورت‏,‏ وليس من خلال مجرد تصوير عنها‏.‏

فقد طلب مني علي سبيل المثال أكثر من مرة تقديم أعمال عن المقاومة الوطنية في جنوب لبنان‏,‏ أو عن أطفال الحجارة ولكنني رفضت‏.‏

·         لماذا؟

لأنني أؤمن بأن الحقيقة أعظم بكثير مما سوف نقدمه‏,‏ ولو أنني استعنت بأعظم ممثلة في العالم لن تعطي الإحساس الصادق لسيدة عجوز تبلغ‏82‏ عاما من العمر في جنوب لبنان عام‏1982‏ وهي فاردة ذراعيها تستقبل دبابة إسرائيلية لتمنعها من المرور‏..‏ ولكنني أتمني أن أستلهم هذه الإرادة لتحقيق موقف فاعل‏,‏ ولكنه وإن كان سيقف دائما ضئيلا أمام هذه الإشراقة المبهرة‏.‏

·         ولكنك ترفض النضال بالقوة؟

هذا لا يعني أنني أرفض حمل السلاح للمواجهة‏,‏ ولكنه دائما ليس الوسيلة الفعالة للإقناع واسترداد الحقوق ولكننا كعرب نخطيء عندما نربط النضال بالعنف‏,‏ فمن الممكن أن أناضل بوردة‏.‏

·         ألا تري ضرورة تقديم عمل فني عن الانتفاضة؟

أنا مع قيام السينما التسجيلية بتوثيق الانتفاضة الباسلة في فلسطين المحتلة لتكون أرشيفا للأمة‏.‏

·         أراك تنحاز إلي المفاوضات كسلاح لاسترداد الحقوق؟

السلام منطق إنساني‏.‏ ونحن لا نسعي إلي تسييس الفن ولا نطالب بإنتاج أعمال فنية تحفز الناس للحرب والقتال ولكننا نسعي إلي سلام التوازن الحضاري والثقافي والأخلاقي‏.‏

·         بمعني؟

بمعني أن نبني أنفسنا من الداخل‏,‏ أي أنه السلام وليس الاستسلام‏,‏ وأعمالنا الفنية المطلوبة في الوقت الحاضر ينبغي أن تستصرخ فينا الضمير لسمو الأخلاق والبناء الثقافي والفكري‏,‏ وإعادة التوازن المفقود في المجتمعات العربية‏.‏

·         تحمل غصن الزيتون‏..‏ ولكن؟

نحن نسعي إلي السلام‏,‏ ولكن أي سلام؟ ما يحدث الآن يجرنا إلي الخلف‏,‏ وإن كنت أعتقد أن السلام قادم في النهاية‏.‏

·         هل السلام خيار سهل؟

لا‏..‏ بل إنني أعتقد أن السلام صعب كالحرب‏.‏

·         لماذا؟

لأنه في غياب التوازن تصبح الحرب انتحارا‏.‏ والسلام استسلاما ولا أقصد التوازن العسكري فقط‏.‏ ولكن التوازن في كل المجالات الثقافية والحضارية والأخلاقية والعسكرية أيضا‏..‏ ولكن غياب التوازن كارثة‏.‏

·         إذن فأنت تقبل التطبيع؟

قد أقبل بموضوع السلام كأمر واقع‏.‏ ولكنني ـ وعن نفسي ـ لا أستطيع التطبيع‏,‏ ربما أحفادي يستطيعون أما أنا فلا أستطيع بعد‏38‏ عاما من النضال والقضايا الوطنية أن أنسي في لحظة كل هذا التاريخ‏,‏ رغم أن المنطق يقول إنه لا يوجد في السياسة عدو دائم ولا صديق دائم‏.‏

·         إذن أين المشكلة؟

المشكلة أن العداء مع إسرائيل تاريخي‏.‏

·         أبحرنا كثيرا في عالم السياسة‏,‏ أليس لنا أن نعود إلي الفن؟

حتي ونحن نتحدث في السياسة كنا نتحدث في الفن‏.‏

·         كيف بدأ احترافك للمسرح؟

شاركت في مسرح الجامعة‏,‏ ولم أكن أنوي احتراف الفن إلا أنني احترفته بعد هزيمة يونيو‏1967‏ لكي أعبر عن مشاعري بعد الهزيمة خاصة وأننا كنا كشباب معبأين بشعور متناقض‏..‏ وممزقين لأننا كنا لا نعرف منذ طفولتنا سوي الغناء للنصر فقط‏.‏ ولم ننشد أبدا نشيدا للواقع‏,‏ فإذا بنا نفاجأ خلال ساعات بتدمير أحلام عاشت ما يقرب من‏30‏ عاما‏,‏ وفكرنا في التعبير عن ذلك من خلال المسرح‏.‏

·         وكيف حدث ذلك؟

بدأنا بشيء سميناه مسرح الشوك أو الصدمة وهو مسرح انتقادي‏.‏ وطني لا قي معارضة شديدة من السلطات ولكنه قوبل بتشجيع كبير من المواطنين‏,‏ وأتذكر أنه بعد تقديمه ـ لأول مرة ـ عام‏1969‏ نشأ نقاش حاد بين المسئولين وبين عدد من الأدباء والكتاب العرب‏,‏ ولولا المصريون الذين وقفوا بجوارنا لدخلنا السجن‏.‏

·         هل استمر هذا التوجه؟

لقد خلق هذا المسرح تيارا والتزمت بهذا التيار وبهذه النوعية من المسرح التي تستعرض مختلف القضايا الوطنية والسياسية من دون ديكورات أو ملابس خاصة فقدمت بعد ذلك بسنوات ضيعة تشرين وغربة وكاسك يا وطن وشقائق النعمان وكلها أعمال تناقش قضايا وطنية‏.‏

·         إذا كان هذا هو حديثك عن هزيمة يونيو‏.‏ فماذا يمثل لك انتصار أكتوبر؟

لي ولأي فنان عربي‏.‏ ولأي مواطن عربي‏,‏ لقد كانت صحوة لكل العرب فالوطن ليس قطعة أرض لها حدود‏.‏ ولكنها علاقة بين الإنسان والأرض‏,‏ وعندما تزول تلك العلاقة لا يصبح للوطن معني‏.‏

الشوك والحدود

·         وعلي المستوي الشخصي والفني‏..‏ هل نستطيع أن نعتبر فيلم الحدود بدايتك الثانية بعد مسرح الشوك؟

لا‏..‏ بل هو البداية الحقيقية‏.‏ فالحقيقة أن بدايتي السينمائية كانت سيئة جدا‏,‏ ولم أجد طريقي الحقيقي إلي السينما الجادة إلا من خلال الحدود ثم التقرير ثم كفرون وأخيرا الآباء الصغار‏.‏

·         وأين أفلامك العشرون السابقة علي هذه الأفلام؟

لا أعترف بها‏.‏ لا أراها أفلاما‏,‏ ولكنها مجرد صور متحركة‏.‏

·         لماذا؟

لأنها كانت لمجرد الضحك والتسلية‏.‏

·         ولماذا قدمتها إذن؟

لأنني في البداية لم أكن أفكر في قيمة العمل بقدر ما كنت أفكر في رؤية وجهي علي الشاشة واسمي علي أفيشات دور العرض‏.‏

·         وبعد الهزيمة‏..‏ والتحول؟

أصبح الموضوع بالنسبة لي أكثر حساسية فقد بدأنا في طرح أفكار جديدة مستمدة من واقعنا‏.‏ ومعبرة عن همومنا خاصة الأفكار التي تناقش علاقة الحاكم بالمحكوم‏,‏ وحرية المواطن‏,‏ والاعتماد علي القوة الذاتية‏.‏

وتتضح هذه الأفكار في أفلامي الأخيرة‏,‏ وفي مسرحية صانع المطر حيث أكدت علي أن قوة أية أمة لن تتحقق إلا باستخدامها لإمكانياتها الذاتية‏..‏ وبدون أن تستورد ذوات الآخرين‏,‏ لأن الأمة التي تستورد رغيفها تستورد قرارها‏,‏ ونحن أمة بدون قرار‏,‏ بل تملي علينا قراراتنا‏.‏

عودة إلي السياسة

·         أري إنك أنت الذي تعود بنا إلي السياسة مرة أخري؟

لست سياسيا ولكنني فنان وطني‏,‏ فالسياسة منهج عملي في سبيل الوطن‏,‏ ولكنها ليست الوطن‏,‏ وإذا عرض علي فيلم سياسي سأقول بكل تأكيد لا‏..‏ لأنني لا أفهم في السياسة ولا أحبها أما الوطن فأفهمه علي أنه أنا وأنت‏.‏

·         ألا تعتبر الحدود والتقرير وكاسك يا وطن من الأعمال السياسية؟

رغم احترامي لآراء من يقولون هذا‏,‏ إلا أنني أؤكد أنها من الأعمال الوطنية‏,‏ أن الجندي الذي يستشهد علي حدود الوطن دفاعا عنه‏,‏ إنما هو يستشهد حبا في هذا الوطن وليس لأسباب سياسية‏,‏ فإذا كان الاستشهاد لأسباب سياسية أصبح مرتزقا‏.‏

وفي فيلم الحدود عندما طالبت بالتواصل مع كل الأشقاء العرب كنت أقوم بعمل وطني‏,‏ وليس سياسيا‏,‏ وذلك من حقي كمواطن عربي‏.‏

·         كثيرا ما تهرب إلي الرمز في أعمالك‏..‏ فما هو موقف الرقابة منك؟

أنا متأكد من وجود الرقابة ولذلك أحاول أن أقدم حلولا لهذه القضية‏,‏ فأقدم أسماء لجغرافيا وهمية في الحدود مثلا قدمت قطعة أرض عربية غير مسماة بالرمز غربستان‏,‏ شرقستان وعموم ستان وهكذا استطعت تقديم الفيلم واستطاع المشاهد فهم ما رميت إليه ولم يستطع الرقيب أن يمنع الفيلم أو أن يصادره وذلك أفضل مما لو قلت هذه الحدود موجودة بين بلدين عربيين وسميتها‏..‏ لأنه في هذه الحالة سيمنع الفيلم من دخول هذين البلدين‏.‏

·         وأين مشاكلك مع الرقابة؟

لم تحدث لي أية مشاكل مع الرقابة‏..‏ ولكن أحيانا تحدث حالة من عدم الرضا غير أنني أحمد الله أن عدم الرضا هذا لم يصل بي أبدا إلي السجن‏.‏

·         لماذا؟

لأنني أقف دائما علي خط التماس بين غضب السلطة وبين حب الجماهير‏.‏

·     لكل مرحلة من العمر مذاق خاص وعلي مدار ما يقرب من‏40‏ عاما من الفن مررت بمراحل متعددة من مراحل الضحك إلي مرحلة النضال الوطني‏,‏ ثم أخيرا مرحلة الكفاح الإنساني أو الاجتماعي؟

عندما تصبح للفنان شهرة ما هنا عليه دين يجب أن يسدده ودوري الاجتماعي الآن هو الدين الذي حان موعد سداده فلابد أن أي فنان أو أي إنسان يحقق نجاحا وليس بالضرورة أن يكون فنانا فقط‏,‏ ربما تاجر بدأ صغيرا ثم أصبح صاحب ثروة فلابد أن يرد هذا الدين إلي وطنه وأهله‏.‏

من أجل ذلك أنا سعيد بأن يكون لي كفنان دور في حركة بناء المجتمع سواء عن طريق الاهتمام بالطفولة أم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية‏.‏

·         أخيرا‏..‏ قل لي‏..‏ بماذا تفسر شهرتك الكبيرة في مصر؟

شهرتي في مصر أعتبرها هدية من الشعب المصري الكريم وهي إن دلت علي شيء فإنما تدل علي مدي تعلقه بقضايا أمته العربية‏,‏ ولا يمكن أن أنسي يوم عرض فيلم الحدود في مصر فقد سبقت عرض الفيلم سمعة جيدة تؤيد ما طرح بداخله من أفكار‏.‏ ويومها تجمع الشباب أمام دار العرض يحيون الفيلم قبل مشاهدته‏..‏ وفي الواقع إنهم كانوا يحيون عنوانه‏,‏ ولم يكن هاجسهم جودة الفيلم من عدمها ولكنهم اهتموا أكثر بالفكر المتضمن بداخله وهو حس وطني عال المستوي أسعدني وهو ليس غريبا علي شعب مصر‏,‏ ولم يفاجئني‏,‏ إنما فوجئت أكثر بمدي الحماس في التعبير عن هذا الحس‏,‏ وبالتأكيد فكلنا رضعنا الفنون والثقافة من مصر ففيها تاريخ الفكر والأدب والصحافة والفن ويتساءل دريد وهو ينظر إلي ماء النيل الذي ينساب تحت أقدامنا ولا ينتظر الإجابة‏..‏ من منا لم يتتلمذ علي هذا التاريخ ولو عن بعد؟‏!*‏

الأهرام العربي في 21 يناير 2006

دريد لحام يعترف (1 ـ 2)‏

بدايـتي السينمائية سيئة جدا

أجري الحديث ــ الأمير أباظة 

دريد لحام يمثل حالة خاصة لا يمكن أن تتكرر بسهولة‏.‏ فهو الفنان العربي الوحيد الذي نجح كممثل ومخرج في تحقيق التواصل الحقيقي مع الجمهور في الشارع العربي عامة‏,‏ والمصري بصفة خاصة‏,‏ حتي إنه أصبح حالة خاصة في الوجدان المصري والعربي‏.‏ الطريف أن أحد المخرجين الكبار في سوريا قال لي ذات مرة‏:‏ إنكم في مصر لا تعرفون من سوريا غير دريد لحام الذي انتخبتموه ليمثل سوريا في قلوبكم‏.‏

وربما تكون هذه المقولة حقيقية‏,‏ لكنها ليست كل الحقيقة‏.‏

نعم دريد لحام تربع في قلوبنا علي مدي أكثر من‏35‏ عاما من الفن الجميل‏.‏ بدا مضحكا ثم فيلسوفا‏,‏ وتحول إلي مناضل بالكلمة والفن الجميل‏.‏

وفي حواره معالأهرام العربي فتح دريد قلبه للحديث عن السينما والسياسة‏,‏ وعذابات الطفولة والتي حولها لأفراح‏..‏ دريد لحام صاحب الرسالة التي أهلته لهذه المكانة في الوجدان المصري والعربي‏.‏

وإذا نسينا فلا يمكن أن ننسي موقفه عندما شعر بأن تعيينه سفيرا للنيات الحسنة يمكن أن يكون قيدا علي عروبته وقوميته‏.‏ فقرر وبمحض إرادته أن يخلع رداء السفارة لتقوم الجماهير العربية بتتويجه سفيرا للفن والنيات الحسنة الحقيقية في الوجدان العربي‏.‏

ولأن المرحلة الراهنة لا تحتمل التأويل‏.‏ ولأنه فنان كبير حفر اسمه بأحرف من ذهب في الوجدان العربي من خلال أعماله الفنية الوطنية‏.‏ ومواقفه القومية‏.‏ كان هذا الحوار‏,‏ خاصة بعد عودته إلي الوقوف أمام وخلف كاميرا السينما التي ابتعد عنها قرابة‏15‏ عاما‏,‏ منذ قدم آخر أفلامه كفرون‏,‏ عندما يتحدث دريد ستجد أن الحوار معه لن يكون في الفن فقط‏,‏ لكنه كما قال دريد لحام حوار في الوطنية‏.‏

فالوطنية عنده هي المرادف الحقيقي لكلمة سياسة‏.‏ فهو يمقت السياسة‏,‏ ولا يعمل بها‏,‏ لكنه مستعد لأن يضحي بحياته من أجل الوطن و الفن‏.‏

وفي أحد الفنادق الفاخرة المطلة علي نيل مصر الذي يعشقه كما تعشقه السيدة زوجته‏,‏ استقبلنا الفنان الكبير بابتسامته الطفولية الودود‏.‏

دريد أكد لنا خلال الحوار أنه شرب الفن من مصر ومن فنانيها الكبار ونجومها العمالقة‏.‏

·         في البداية‏..‏ تعود إلي السينما بعد غياب طويل بفيلم الآباء الصغار‏..‏ لماذا كان الابتعاد؟

منذ قدمت آخر أعمالي السينمائية كفرون عام‏1990‏ وأنا مهموم بالعمل السينمائي التالي‏,‏ ومع ذلك فأنا لا أتعجل في أعمالي‏,‏ فكرة الآباء الصغار تطاردني منذ سنوات‏,‏ إلي أن تم تنفيذه بإنتاج مصري‏,‏ رغم تصويره في سوريا‏,‏ وسوف يعرض قريبا وتشاركني بطولته الفنانة المصرية حنان ترك‏,‏ وكتب له السيناريو د‏.‏ رفيق الصبان‏,‏ وهو مصري سوري عن قصة وإخراج وتمثيل دريد لحام‏.‏

·         متي بدأت فكرة فيلم الآباء الصغار؟

الفكرة تراودني منذ فترة طويلة‏,‏ وقد كتبت القصة منذ أكثر من‏5‏ سنوات‏,‏ وعهدت بها إلي أكثر من كاتب سينمائي لكتابة السيناريو والحوار‏,‏ إلا أن المعالجات لم ترق إلي ما أصبو إليه حتي كتبه د‏.‏ رفيق الصبان وقمنا بإجراء بعض التعديلات التي وجدتها ضرورية للعمل‏.‏

وجميع مشاهده تم تصويرها في سوريا‏,‏ وشاركتني التمثيل فيه الفنانة حنان ترك من مصر‏,‏ والفنانة سلمي المصري من سوريا وأربعة أطفال‏.‏

·         هل اخترت الكوميديا لتقدم من خلالها رؤيتك لعالم الأطفال وقضاياهم؟

نعم‏..‏ وأحداث الفيلم تدور في إطار كوميدي اجتماعي حول قضية عكسية‏,‏ فالمفروض أن الأب يعمل من أجل تعليم الأطفال‏,‏ لكن القضية هنا معكوسة‏,‏ فالأطفال يعملون من أجل أن يستكمل الأب تعليمه‏.‏

·         كيف؟

الأب يعمل رقيبا في الشرطة‏,‏ كما يعمل سائق تاكسي في غير أوقات العمل من أجل زيادة دخل الأسرة‏,‏ إلا أن زوجته‏,‏ وتقوم بدورها الفنانة السورية سلمي المصري‏,‏ تصر علي أن يستكمل تعليمه من أجل الحصول علي ليسانس الحقوق لكي ينتقل إلي رتب الضباط‏,‏ ومن أجل ذلك يترك مهنته الإضافية‏,‏ وعندما تتوفي الزوجة يصر الأبناء علي أن يستكمل الأب دراسته‏,‏ فيعيشون في غرفة واحدة من أجل تأجير الغرفة الأخري لزيادة دخل الأسرة‏,‏ حيث تقطن بها فتاة مصرية تعمل باليونسكو فرع دمشق‏,‏ حنان ترك‏,‏ وتحدث الكثير من المفارقات‏.‏

ولا يفوتني أن أذكر أنه خلال تصوير الفيلم كانت حنان ترك أكثر من رائعة‏,‏ وبدت موهبتها الكبيرة‏,‏ وفرضت حبها علي الجميع‏.‏ فهي كوميديانة بالفطرة‏.‏

استبعاد

·     ترددت أقاويل كثيرة عن ترشيح الفنان فتحي عبدالوهاب للمشاركة في بطولة الفيلم‏,‏ إلا أن هناك أقاويل ترددت حول تدخل أحد كبار صناع السينما في مصر لاستبعاده من الفيلم‏..‏ أين الحقيقة؟

الحقيقة أنني سمعت كلاما جميلا جدا عن فتحي عبدالوهاب في أكثر من مناسبة‏,‏ ومن أكثر من شخصية‏,‏ وبالفعل تم ترشيحه للاشتراك في الفيلم لكي يقوم بدور طيار مصري مرتبط بالفتاة التي قامت بأداء دورها الفنانة حنان ترك‏,‏ وتقع بينهما خلافات تؤدي إلي فسخ الخطوبة بسبب الغيرة عليها مني ومن توطد علاقتها بالأولاد‏,‏ إلا أننا وجدنا أن وجود هذه الشخصية ربما تشتت ذهن المشاهد عن الخط الرئيسي للفيلم وتبعده عن القضية الرئيسية وهي عمالة الأطفال‏.‏ فكان القرار بإلغاء الشخصية‏,‏ ولم يتم استبعاد فتحي لأي سبب آخر‏,‏ وأرجو أن نلتقي قريبا في أعمال أخري‏.‏

الفنان الشامل

·         التمثيل والتأليف والإخراج‏..‏ ألا تري أنك تشتت نفسك؟

بدأت تجربة الإخراج في فيلم الحدود‏,‏ وكان ذلك لسبب هو أن قصة الفيلم جرت أحداثها معي‏.‏ فقد كنت في رحلة بين بيروت ودمشق والمسافة بينهما حوالي المائة كيلومتر‏,‏ وهناك طبعا حدود بين الدولتين‏.‏ وهناك دائما منطقة عازلة‏,‏ وكان الوقت ليلا والمطر ينهمر و الثلج أيضا‏,‏ وكنت ذاهبا إلي بيروت لإجراء بروفات مع الأخوين رحباني علي عمل مسرحي‏,‏ وفي هذه المنطقة العازلة التي يبلغ طولها أربعة كيلومترات انقلبت سيارتي وخرجت منها سليما‏,‏ والحمد لله‏,‏ ثم بدأت أطلب النجدة علي طريقة الأوتوستوب‏,‏ لكن السيارات العابرة كانت قليلة‏,‏ وكان من الصعب أن تتوقف إحداها‏,‏ ففي هذه المنطقة تجد المهربين والهاربين من العدالة ومن الجندية إلي غير ذلك‏,‏ واضطررت إلي السير عبر الجبال لكي أصل إلي أقرب نقطة شرطة لتساعدني‏,‏ وهنا خطر لي هذا الخاطر‏.‏ لو لم أكن دريد لحام‏,‏ أي كنت شخصا آخر غير معروف‏,‏ فماذا كان يفعل؟ وبدأت أعالج الفكرة مع محمد الماغوط‏,‏ لكن كانت هناك أشياء كما يقولون بين السطور‏,‏ ومن أجل ذلك حاولت أن أبحث عنها‏,‏ كما حاولت إبرازها من خلال الإخراج‏,‏ فقد كان الإخراج ضرورة بالنسبة لي في هذا الفيلم‏.‏

وأقول لك يا أخي إنني مخرج مستواه الفني دون الوسط‏,‏ لكنني أحاول أن أنقل أفكاري بأمانة وبساطة لكي تصل إلي الجمهور‏,‏ فكلما كنت أكثر بساطة‏,‏ استطعت أن تكون أكثر قربا ووصولا إلي رجل الشارع‏,‏ وهذا ما حاولت أن أقدمه أيضا من خلال فيلم الآباء الصغار عن الأولاد الذين يتسربون من التعليم لكي يعولوا أسرهم‏,‏ حيث شرحت القصة للكاتب د‏.‏ رفيق الصبان‏,‏ وبدأت أعالج الفكرة معه‏,‏ وقمت بإخراج الفيلم كي أبرز النقاط التي قلت عنها إنها بين السطور‏,‏ وشاركتني الفنانة حنان ترك التي قدمت دورا رائعا‏.‏

طفولة دريد

·         هل الفيلم له علاقة بدريد لحام الطفل؟

نعم فقد ظل هذا الموضوع يلح علي لسنوات طويلة‏,‏ ولأن المشاهد الوحيدة التي مازالت في ذاكرتي هي مشاهد عملي وأنا طفل صغير‏,‏ والفيلم يتناول قصص الأطفال الذين يمارسون أعمالا في مرحلة الطفولة‏,‏وسبب تأخيره أن القصة ظلت سنوات في أدراج الكاتب الكبير فاروق صبري لكي يكتب لها السيناريو والحوار‏,‏ لكنه مشغول‏,‏ لذلك عهدت بها إلي د‏.‏ رفيق لنقدم الفيلم الذي ستشاهدونه قريبا‏.‏

البحث عن الشهرة

·         كيف بدأت علاقتك بالفن؟

بدأت الفن باحثا عن الشهرة والأضواء والتألق؟

·         هل استمر هذا الوضع كثيرا؟

استمر حتي هزيمة يونيو‏1967‏ وكان عمري وقتها‏33‏ عاما‏.‏

·         ثم ماذا حدث؟

حدث التحول الكبير في حياتي كإنسان وفنان‏,‏ فجميعنا منذ طفولتنا المبكرة كنا نغني في المدارس نشيد بلاد العرب أوطاني نغني معا للوحدة العربية‏,‏ وللنصر العربي‏,‏ وكانت كل المسرحيات تبدأ بشكل ما وتنتهي بانتصار العرب علي العدو‏,‏ وكنا نصفق لهذا الانتصار المسرحي‏,‏ وننام علي حلم التفوق العسكري والفوز الساحق الذي ينتظرنا إلي أن جاء يوم‏5‏ يونيو‏.‏

في ظرف‏4‏ ساعات فقط ضاعت الأحلام‏,‏ وخلفت وراءها شرخا عميقا في وجداننا وعقولنا‏,‏ واهتزت ثقتنا بأنفسنا‏,‏ بل بالعروبة كمعني وقيمة‏.‏

·         حدثني بصراحة‏..‏ ماذا حدث لك شخصيا وقتها؟

أذكر أنني ظللت أهذي لمدة شهر كامل‏,‏ وأمشي في الشوارع وأنا غير مصدق لما حدث‏,‏ فقد أفقت من أحلام التحرير والانتصار والحياة الأفضل علي كذبة كبري وأدت كل ماضينا وحاضرنا وربما مستقبلنا أيضا‏.‏

·         وهنا كان التحول؟

نعم‏..‏ لقد فكرت في أن الفن يجب أن يبحث لنفسه عن دور في التوعية والتحريض وإيجاد متغيرات اجتماعية وسياسية وفكرية في المجتمع تتوافق مع الواقع‏,‏ وتبتعد عن الأوهام فبدأت مرحلة الالتزام الفني بكل القضايا العربية‏,‏ وبالطبع علي رأسها قضية الوحدة العربية‏.‏

·         وانقلبت كل الموازين؟

وكنت أنا أيضا ممن انقلبت موازينهم ثم جاءت حرب أكتوبر‏/‏ تشرين‏1973‏ فأحدثت تغييرا جديدا أكثر إيجابية‏,‏ فقد أصبح هناك انتصار علي الذات‏,‏ وبدأنا جميعا نتساءل عن سبب الهزيمة في يونيو والانتصار في أكتوبر؟

·         وما في رأيك الأسباب الحقيقية للهزيمة ثم الانتصار؟

في رأيي أن الجندي العربي لم يكن أبدا جنديا جبانا‏,‏ لذا فإنه لم يعد في عام‏1967‏ بهزيمة في الحرب‏,‏ لكنه عاد بهزيمة كان يحملها في داخله جعلته يذهب إلي الميدان مهزوما من الأصل‏.‏

·     إذن فقد شكلت هزيمة يونيو‏1967‏ منعطفا أثر في الطموحات والأحلام العربية‏,‏ لكن علي المستوي الشخصي هل كانت نقطة تحول في حياتك ومشوارك الفني؟

نعم‏..‏ حقيقة إن الأحداث السياسية في المحيط العربي وبالتحديدهزيمة يونية‏1967‏ هي نقطة التحول التي شكلت وجداني ونقلتني من مجرد فنان هاو إلي إنسان محترف يعشق تجسيد هذا الواقع أمام الناس من خلال الشاشتين الكبيرة والصغيرة‏,‏ وفوق خشبات المسارح‏.‏

·         هل تغيرت الأحلام والطموحات؟

في بداية‏1967‏ كنا شبابا حلمنا بالنصر والعزة العربية‏,‏ وجسدناها في كل أعمالنا المسرحية التي قدمناها علي مسرح الجامعة‏,‏ ثم جاءت هزيمة يونيو لتغير نظرتنا للأمور ولتصبح هذه النظرة أكثر واقعية‏,‏ وسأشرح لك ذلك‏.‏

كنا دائما نتغني بالعدد والكيف العربي‏,‏ والقوة العربية والعمق الإستراتيجي‏,‏ وأعترف بأن هذه الهزيمة قد شكلت وجداني وقادتني لتجسيد ذلك فنيا‏*‏

الأهرام العربي في 14 يناير 2006

 
سينماتك

 

بين غضب السلطة وحب الجماهير (2 ـ ‏2)‏

دريد لحام‏: ‏أقف علي خط التماس.. لست سياسيا‏..‏ ولكنني فنان وطني

أجري الحديث ــ الأمير أباظة

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك