بطء الإيقاع والتكرار والرتابة.. من أخطر الظواهر التي عانت منها الدراما المصرية في السنوات الأخيرة والتي جاءت نتيجة تكرار أسماء عدد كبير من المؤلفين والمخرجين والممثلين الذين تحولوا إلي عامل مشترك في معظم المسلسلات التي أنتجتها مدينة الإنتاج الإعلامي.. فالمسئولون في المدينة حرصوا علي أن يقتصر تعاملهم مع عدد محدد من المؤلفين وكتاب السيناريو والمخرجين وأيضا الممثلين ولذلك جاءت معظم أعمال المدينة التي بلغت 33 مسلسلا خلال الثماني سنوات الماضية من تأليف عدد محدد من الكتاب أمثال «مجدي صابر» و«مصطفي محرم» و«سلامة حمودة» و«محمد أشرف» و«سماح الحريري» و«محمد جلال عبدالقوي» وتجاهلت المدينة كتابا عمالقة أمثال «وحيد حامد» و«يسري الجندي» فلم تنتج لكل منهما سوي عمل واحد، وهناك كتاب آخرون لم تقترب منهم المدينة كالكاتب المخضرم «محفوظ عبدالرحمن» ونفس الأمر حدث مع المخرجين فهناك من تعاملت معهم المدينة في أكثر من عمل أمثال «مجدي أبوعميرة» و«إسماعيل عبدالحافظ» و«أحمد النقلي» و«رضا النجار». وهناك مخرجون لم يتم التعامل معهم كالمبدعة «إنعام محمد علي»، أما بالنسبة لاشتراك بعض الفنانين في أكثر من عمل فكان ظاهرة واضحة جدا وهناك عدد كبير من النجوم لم تقترب منهم المدينة في السنوات الماضية. المخرجة «إنعام محمد علي» رغم أنها واحدة من المخرجين المبدعين الذين قدموا أعمالا متميزة نالت إعجاب جماهير عريضة إلا أنها عندما تقدمت بمسلسل «مباراة زوجية» لمدينة الإنتاج الإعلامي منذ عامين لكي تقوم المدينة بإنتاجه إنتاجا مباشرا، كان الرد هو رفض إنتاج العمل لأنه لا يتضمن أسماء نجوم من الصنف الغالي. وتقول الكاتبة «نادية رشاد» مؤلفة مسلسل «مباراة زوجية» إنها ذهبت هي والمخرجة «إنعام» إلي المدينة بمسلسل «مباراة زوجية» ولكن المسئولين رفضوا قبول المسلسل، وعرضوا عليهما أن تتفقا مع منتج منفذ، لإنتاج هذا العمل ولكنهما اعتذرتا عن هذا. وقالت الكاتبة «نادية رشاد» إننا لا نقبل أن نكون تحت حصار فني ولذلك توجهنا بالمسلسل إلي قطاع الإنتاج الذي كان يسعي دائما لإنتاج هذا العمل خاصة أن المخرجة إنعام تعتبر «تميمة حظ» للتليفزيون وأنا كمؤلفة نادرة الكتابة، وبالفعل تم إنتاج المسلسل وخرج في أحسن صورة، ونجح بدون نجوم من ذوي الأجور الخرافية فأجر الفنان في الحلقة الواحدة لم يزد علي 5 آلاف جنيه. الكاتب «أبوالعلا السلاموني» أكد أنه لم يتعامل مع المدينة من قبل فهو يرفض أن يتم إنتاج عمل له وفقا لنظام المنتج المنفذ الذي أثبت فشله، وكان سببا في تدني مستوي الدراما المصرية فالمسألة أصبحت بالنسبة له تجارية بحتة لا تضع في حساباتها ما يقدم للجماهير. وأوضح «السلاموني» أن هذا النظام حوّل العديد من المبدعين إلي ترزية يفصلون السيناريو ليرضي النجم، وهذا شيء لا أقبله، كما أني أهتم في كتاباتي بالقضايا القومية والتاريخية، وبالطبع هذه الأعمال لم تلق قبول المنتج المنفذ، ولذلك لم أتقدم بأعمالي إلي المدينة، كما أن المدينة لم تطلب مني أعمالا درامية لتقوم بإنتاجها. أما الكاتب «يسري الجندي» فأكد أنه لم يتعامل مع مدينة الإنتاج الإعلامي إلا من خلال مسلسله الأخير «مصر الجديدة» وتم إنتاج المسلسل عن طريق الإنتاج المباشر، لأنه يرفض التعامل وفقا لنظام المنتج المنفذ السائد في المدينة. ويضيف «الجندي» أن تدني أعمالنا الدرامية لا يختص بمسألة تكرار الأسماء والوجوه، فعلينا ألا نشغل بالنا كثيرا بقضية مدينة الإنتاج وما حدث فيها ويجب أن نهتم بمراجعة آلية العمل الدرامي ككل، خاصة أن تكرار الأسماء والرتابة والملل سمة في كل أعمالنا وليست في الأعمال التي أنتجتها مدينة الإنتاج فمثلا في قطاع الإنتاج تم إنتاج أربعة مسلسلات ذات مضمون تاريخي وأحداث تاريخية تكاد تكون واحدة.. وهذا دليل علي تدهور هذه الصناعة وبالتالي فالعملية كلها تحتاج إلي مراجعة وإعادة نظر حتي نستعيد ريادتنا للدراما من جديد. الكاتب «وحيد حامد» لم يقدم سوي عمل واحد من إنتاج المدينة هو «اضحك الصورة تطلع حلوة» وكان هو نفسه المنتج المنفذ لهذا العمل، وعن سر عدم تعامله مع المدينة مرة أخري أكد «وحيد حامد» إن هذا العمل هو الوحيد الذي كان عندي وقتها ولم يوجد أمامي بعد ذلك أعمال أخري لكي أتقدم بها للمدينة. أما السيناريست «مصطفي إبراهيم» فأوضح أنه لم يقدم أعمالا من إنتاج مدينة الإنتاج الإعلامي طوال هذه السنوات، فرغم أنه قدم في تلك السنوات أعمالا قوية مثل «بنت من شبرا» و«وجع البعاد» إلا أنه لم يعرض عليه أحد التعامل مع المدينة، وكل أعماله كانت من إنتاج قطاع الإنتاج أو صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات. وأضاف «مصطفي إبراهيم» أنه يرفض التعامل بنظام المنتج المنفذ لأن المنتج المنفذ حول الدراما التليفزيونية إلي دراما المقالات، لأنه لا يهمه المستوي الفني، وكل ما يهتم به أن يكون ربحه 30% أو 40%، وهذا بعكس نظام المنتج المشارك الذي يبحث عن الجودة، لأنه يساهم بنسبة من ميزانية العمل ولذلك يكون حريصا علي جودة العمل الفني. الفنانة «سميرة عبدالعزيز» تعاملت مع المدينة في عمل واحد فقط، وعن أسباب ذلك تقول إن معظم أعمال المدينة يتم إنتاجها وفقا لنظام المنتج المنفذ الذي يكون هدفه الربح، ولذلك يختار نجم معين يطلب مبالغ غالية، ويضطر المنتج أن يعطيه معظم ميزانية العمل وهذا يأتي علي حساب أجور باقي الفنانين، فأنا مثلا واحدة من الفنانات، أجري معروف، ورغم أنه عرض علي أكثر من عمل من إنتاج المدينة ولكن للأسف المنتج يرفض إعطائي أجري كممثلة، وعذره أن النجم أخذ نصف الميزانية ويقول لي: «جامليني» وكأنه يشتري سلعة، وهذا الأسلوب يمثل إهانة لأي فنان، ولذلك فأنا اعتذرت عن عدم قبول العديد من الأدوار رغم أنها تناسبني، ولكني لا أتخيل أن يهين أحد كرامتي كفنانة، وتقول «سميرة عبدالعزيز» إن المنتج يلجأ في كثير من الأحيان إلي ممثلين غير قادرين علي الأداء الجيد، وذلك لأنهم سوف يقبلون أي أجر ومن هنا يأتي تدني مستوي أعمالنا الدرامية. وأكدت أن الكاتب «محفوظ عبدالرحمن» واحد من الكتاب الذين لم يتعاملوا مع المدينة لأنه منذ ثلاث سنوات لم يكتب دراما تليفزيونية كما أنه كان منشغلا بمسلسل «أم كلثوم» هذا إلي جانب أنه يرفض فكرة أن يكتب عمل درامي لنجم معين، وهذه السمة الغالبة في معظم أعمال المدينة، فمن المعروف أن «محمود أبوزيد» مثلا كتب ل «نبيلة عبيد» ومحمد أشرف يكتب ل «يسرا» وهكذا، فبعد سيطرة النجم علي العمل الدرامي أصبح النجم يملي شروطه علي العمل الفني حتي يليق به وبالتالي يصبح السيناريو حسب طلب النجم أو النجمة وهذا لم ولن يقبله «محفوظ» أبدا. كما تؤكد الفنانة «نهير أمين» أنها كانت تطلب من المسئولين في المدينة أن يسندوا إليها أي دور في أعمال المدينة لأنها كانت مستبعدة تماما رغم أنها فنانة لها تاريخها الفني ولكن للأسف فهي لم تشترك في أي عمل من أعمال المدينة طوال هذه السنوات وحتي إذا عرضت عليها أدوار ثانوية كان الأجر الذي يعرض عليها متدنيا للغاية وهذا جعلها ترفض ثلاثة أعمال وتقول «نهير» إن الممثل بعدما كانت له قيمة أصبح يهان ويعامل معاملة سيئة من المنتج الذي يتجه للإنتاج من أجل المكسب فحسب، وأنا لست ضد هذا، ولكن ضد جشع المنتجين. الأهالي المصرية في 17 يناير 2006
محمد فاضل: السينما المصرية حالياً تجارة وليست فناً أكد المخرج المصري محمد فاضل أنه قرر الابتعاد عن تقديم الأعمال السينمائية خلال السنوات الماضية حتى لا يعرض تاريخه الفني الممتد لما يزيد على الأربعين عاما للتشويه من خلال ما يتم تقديمه حاليا ويوصف زوراً بأنه أعمال سينمائية. قال المخرج المصري أثناء تصوير أحدث مسلسلاته بعنوان «المطعم» إنه لا يوجد في مصر حالياً فن سينمائي وأن المتاح عبارة عن تجارة سينمائية، مشيرا إلى أن السينما التي كانت في الماضي فنا راقيا تقوم عليه صناعة وتجارة رائجة، تحولت إلى تجارة فقط دون أي أثر للفن أو الصناعة. ودلل فاضل على قوله بالمعاناة السنوية لإيجاد فيلم مصري للمشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي أو غيره من المهرجانات الدولية، بالرغم من تسابق الأعمال المصرية فيما مضى على المشاركة في تلك المهرجانات لنيل جوائزها. وقال مخرج «طالع النخل» و«ناصر 65» و«كوكب الشرق» إنه أصبح يتحسر على حال السينما المصرية في السنوات العشر الماضية التي تدهور حجم وشكل الإنتاج السينمائي فيها وأصبح قاصرا على أعمال فئة بعينها من شباب الكوميديا دونا عن النجوم الكبار بحجة أن الكبار أصبحوا لا يصلحون مما أدى إلى اقتراب انهيار السينما. وحول أعماله الجديدة قال محمد فاضل إنه يجهز حاليا لتصوير مسلسل عن حياة الموسيقار الراحل سيد درويش كتبه يسري الجندي ويتناول سيرة حياة الموسيقار المصري ومدى نبوغه الموسيقي وتقديمه أعمالا خالدة مازال الكثيرون يرددونها حتى اليوم. وأضاف أن لديه مسلسلا آخر عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يسعى لتقديمة عقب الانتهاء من مسلسل سيد درويش وأنه سيتناول جوانب غير مطروقة من حياة عبد الناصر بخلاف ما تم تقديمه عن حياته في السينما أو التلفزيون. (د. ب. أ) البيان الإماراتية في 18 يناير 2006 |
بعد كل فيلم له هدية محمد اللبابيدي : كل أبطال السينما في خزائني جمال آدم أصحاب الهوايات النادرة يلفتون الانتباه إلى علاقتهم مع ما يهتمون به ويبحثون عنه، إلى درجة تستغرب كيف تصبح الهواية احترافا، وبدلا من أن تشغل وقت الفراغ لديهم تستهلك اليوم بأكمله، والعمر بحاله..! وقد لا يجدون مشكلة في ان يقضوا أياما لا تروي عطشهم، ومحمد اللبابيدي المولع بعالم الفن السابع، هو واحد منهم، إنه شغوف جدا بجمع ملصقات الأفلام السينمائية القديمة والجديدة. وقد اعتاد أصحاب صالات السينما الدمشقية على زيارة أسبوعية منه، يسألهم فيها عن الأفلام الحالية وعن الملصقات الجديدة، يأخذ منهم حاجته أو ينتظر وعدا حتى أسبوع آخر، وإذا سمع بملصق فيلم قديم في أي مكان يهرع إليه، ويطلبه من صاحبه بأي ثمن كان، ويتذكر أنه سافر أكثر من مرة إلى لبنان من أجل عيون ملصق فيلم قديم سمع عنه. يعترف اللبابيدي بأنه مهووس في صور وملصقات أفلام الفن السابع، دون ان يبرأ حتى الآن من هذا المرض الذي ألم به منذ أن كان في سن العاشرة، ولديه كما يقول ما يزيد عن ألفي ملصق لأفلام سينمائية قديمة وجديدة، وخزائنه مليئة بها تضم حكايا أفلام عتيقة منذ عام 1930 وحتى الآن، ولكن الأهم لديه. وهو ما يعتبره ثروة نادرة، هو مئتا ملصق لعدد من الأفلام النادرة الطريف هنا، أنه كان يعمل مساعدا لمدير بنك كبير في الشام،بعد حصوله على الليسانس في الحقوق، وقد قام هو بإنهاء خدمات عمله بناء على عدم تفرغه له وانشغاله بعالم الفن السابع.. هذه الموهبة تفتحت لديه عقب دخوله لأول فيلم سينمائي في صغره، وكان هذا في لبنان حينما كان يرافق خاله المولع بالسينما، وحالما خرج من أول عرض سينمائي شاهده الطفل ابن السنوات العشر، انتبه إلى الملصق الموضوع على باب الصالة وقد جمع الملصق أو «الصورة الكبيرة». كما سماها أول مرة بطلي العمل، ولشدة حبه للفيلم طلب الولد من خاله ان يأتي له بهذه الصورة حتى يريها لأولاد الحارة، ويفخر أمامهم بأنه كان في السينما، وهذا ما حدث فعلا فقد حمل الصبي معه تلك الصورة الكبيرة، وحلما بان يسعى للدخول في هذا العالم الجديد الذي أذهله وامسك به، وأصبح خاله لا يدخر له ملصقا دون أن يحمله إليه.. وصار كلما حضر فيلما يأخذ منه هدية وهذه الهدية متاحة له حتما بعد ان لاحظ أصحاب الصالات اهتمامه وولعه بتلك الأفلام، وحينما كبر كبرت معه تلك الهواية إلى درجة قادته لإقامة معرض كبير لتلك الملصقات. وقد حظي هذا المعرض الذي أقيم على هامش إحدى دورات مهرجان دمشق السينمائي، باهتمام جيد من قبل النقاد والضيوف الذين زاروا المعرض، لأن المادة الوثائقية النادرة الموجودة فيه أعادت الأذهان إلى تلك النوعية من الأفلام التي لم تعد موجودة الا في مخيلة من شاهدها، وفي معارض الأفلام السينمائية النادرة.. وحسب تعبيره فإن أول من يموت بعد انتهاء العرض السينمائي هو الفيلم ذاته لأسباب تتعلق بطبيعة المشاهدة وبالسينما، لذا لا بد للذاكرة من ان تحلق مع انتاجات عظيمة كتلك ولم تكن» لدى وسائل أكثر من حفظ ما يشير إلى هذا الفيلم أو ذاك وازددت ولعا بهذه الهواية إلى ان أخذت مني كل وقتي». بطبيعة الحال يعتني محمد بصوره الكبيرة تلك في مكان دافيء، بعيدا عن التلف الذي يمكن أن يطالها، وربما غلفها بالنايلون أيضا، وقام بتصويرها فوتوغرافيا وجمعها على سي دي، والأصل تم الاحتفاظ به.. والملفات الموجودة في حوزته هي لأفلام ايطالية وهندية واسبانية ومكسيكية وفرنسية ومصرية وغيرها. هواية غريبة يقوم بها محمد، يعترف بهذا ولكنها أقرب طريق له إلى عالم الخيالات الذي أحبه، وربما كانت تلك الملصقات الجسر الذي يصله بعالمه وبأفلامه التي قضى وقتا طويلا وهو يتابعها ويتعب من اجل الحصول على شيء منها، وهو يرغب ان يتم الحفاظ على هذه الثروة الموجودة بين يديه بطريقة تجعل منها وثيقة لجيل قادم ذلك. إن جمع أرشيف كهذا قلما يقوم به إنسان، وحتى الآن لا يوجد من قام بهذا العمل كما قال، وقد بحث طويلا عمن يحتفظ بملصق ما ولكنه لم يجد أحدا مما دفعه للاهتمام أكثر بالأفلام والمعلومات عنها. هو لا يعرف إلى أين سينتهي، أو ما مصير ما جمعه من مادة سينمائية ولكنه يدرك أنه قام بعمل توثيقي كبير حظي باهتمام المؤسسة العامة للسينما، ولقي إعجاب كل من رآها، ويوما ما إذا أتيح له رؤية أبطال هذه الأفلام في الحياة أو في الآخرة فهو واثق من أنهم سيشكرونه. البيان الإماراتية في 18 يناير 2006 |
مدينة الإنتاج الإعلامي تجاهلت مبدعي الدراما المصرية نجوي إبراهيم |